للائتمان المصرفي دور كبير في السياسة النقدية في الاقتصاد الحديث، ولما كان الإسلام يحارب الربا دون هوادة كان لابد لأنصار التمويل الإسلامي من إيجاد طرق مبتكرة وفعالة تحل محل التمويل الربوي المشوه لدور النقود والمضر بالعدالة في تخصيص الموارد بين الجمهور، وفي هذا الفصل سنتعرف على المنهج الذي اتبعه أنصار التمويل الإسلامي في التأصيل للبديل المالي الإسلامي من النص إلى التطبيق المؤسسي.

لقـد سـبق الإسـلام العولمـة بعالميتـه المتِزنـة القائمـة علـى العدل الـذي شمـل حمايـة الإنســان والحيــوان والنبــات قبـل أكثـر مـن 1442 عام. وتنســحب غايــة العــدل علــى عمليــة التمويــل وأطرافهــا، من خلال الصدق والأمانة، وهذا ما يقلل مـن المخاطـر وخاصـة منهـا المخاطـر الائتمانيـة، ويـزداد أثـر ذلـك ومفعولـه إذا توافـر قضـاء سـريع وفعــال.

يطلـق مصطلـح التمويل الإسـلامي علـى علـوم التمويل عندمـا يتـم تناولهـا مـن وجهـة نظـر إسـلامية، وقـد تبلـورت مفاهيـم هـذا التمويل مـن الناحيتـين النظريـة والتطبيقيـة.

إن اهتمـام مصـارف ومؤسسـات ماليـة عالميـة بنمـاذج الصيرفـة الإسـلامية وتبـني نهجهـا يمثـل تطـوراً عمليـاً لهـذا الاقتصـاد الواعـد، يدعمـه في ذلك نشـوء مؤسسـات عالميــة تصــدر معايــير المحاســبة والمراجعــة لمؤسســاته الماليــة لتمــارس أنشــطتها بصيـغ شـرعية وإسـلامية مضبوطـة ضمـن سـوق المـال العالمـي.

إن دراسـة الضوابـط الشـرعية للمعامـلات أمـر ضـروري وهـام تحاشـيا للوقـوع في أخطـاء قـد تـؤدي إلى الحـرام المنهـي عنـه، وقـد حـذر عمـر بـن الخطـاب رضـي الله عنـه مـن ذلـك قائلا: لا يبيـع في سـوقنا إلا مـن يفقـه وإلا أكل الربـا شـاء أم أبـى. ويلاحـظ أن عمـر رضـي الله عنـه قـد خاطـب البائـع، لأنـه الطـرف الأهـم في السـوق وبانضباطـه ينضبـط المشـتري وغـيره. لذلـك فتعلـم فقـه المعامـلات منـوط بجميـع أطـراف السـوق وخاصـة البائـع منهـم.