المحاضرة الأولى: تقديم مدخل للإستراتيجية

تمهيد

1. تقديم مدخل الإستراتيجية

1.1.المدخل التقليدي

1.2.المدخل الحديث

1.3.تعريف الإستراتيجية


 

 

تمهيد:

      تواجه جل المؤسسات المالية والغير المالية في الوقت الراهن عدة تحديات في ظل ظهور التكتلات الاقتصادیـة ومنافسة الدولة وما إلى ذلك من التحديات التي تفرض علیها انتهاج استراتجيات مضادة، وبتالي البحث عن وضع تنظيم شامل لعملها قصد حماية نشاطها وضمان استمرارها والتقليل من المخاطر، وهنا تبرز الإستراتجية المالية كأحد أهم الأسالیب المتبعة التي تمثل حجر الزاوية في إعداد وتنفیذ استراتيجيات المؤسسة بحكم تنظيمها وضمانها لتحصیل التمويل اللازم واستغلاله ومن ثمّ المعرفة الدقيقة للوضعية المالية للمؤسسة والتي یتم على ضوئها تفعیل الخيارات الإستراتيجية.

     وباعتبار المال هو المورد الأكثر حساسية في عالم الأعمال،حيث  يعتبر التمويل شريان أو عصب حياة المؤسسات الاقتصادية، حيث يجب أن تضخ الأموال بدقة في القنوات المختلفة حتى تحقق الأهداف التشغيلية والإستراتيجية المسطرة من قبل المؤسسة، ولهذا فهي بحاجة إلى إستراتيجية مالية التي يعبر عليها من خلال خطط مالية طويلة الأمد، والإستراتيجية المالية هي جانب الإستراتيجية التي تدخل في نطاق الإدارة المالية، والتي سوف تشمل القرارات المتعلقة بالاستثمار والتمويل وأرباح الأسهم.

1.1. المدخل التقليدي للإستراتيجية

       استعملت كلمة إستراتيجية قديما في الاستعداد والتحضير للحرب بتحديد خطة حركات الجيش بشكل عام بغية تحقيق هدف معين.

      ومصدر الكلمة يوناني Strategos وتتجزأ إلى كلمتين Stratus : تعني الجيش، egos  تعني قيادة.

      ويمكن التمييز بين الإستراتيجية والتكتيك، فالإستراتيجية هي المسؤولة عن المجموع و الحرب ككل غير قابلة للتقسيم، في حين أن التكتيك هي حركة القوى في حضور العدو بميدان المعركة.

       ويعرف قاموس Webster's new world  الإستراتيجية بأنها علم تخطيط وترجمة وتوجيه للعمليات الحربية، وقد انتقل هذا المعنى إلى اقتصاد المؤسسة استفادة من تلك التجربة، وذلك للتشابه بين المجالين الاقتصادي والعسكري.

 

 

 

 

وتوضح لنا التعاريف الآتية النشأة العسكرية لمصطلح الإستراتيجية، وارتباطها الوثيق بالحروب حيث

عرفه :

Øالاستراتيجي الألماني فون كلاوزفتز بأنها: استخدام الاشتباك وسيلة للوصول إلى هدف الحرب، أو استخدام الصراع لفرض الهدف السياسي.

Øالفرنسي ليزي: عرفها بأنها فن إعداد الخطة وتوجيه الجيش في المناطق الحاسمة والتعرف على النقاط التي يجب التي يجب تحشيد اكبر عدد من القطاعات فيها لضمان النجاح في المعركة.

Øويعرفها البروفيسور الأمريكي كولن جراي: هي استخدام القوة العسكرية أو التهديد باستخدامها لتوفير الحاجيات السياسة.

       وبتمدد مصطلح الإستراتيجية إلى الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية بدأت تظهر وجهات نظر حول الإستراتيجية إذ يرى البعض ارتباطها بالقرارات التي يتم اتخاذها بغرض تحقيق أهداف معينة أما على مستوى عالم الأعمال فهناك العديد من الكتاب والباحثين قدموا مفاهيم حول الإستراتيجية، حيث يعرفها:

Ø  Ansoff: وهو أحد رواد الفكر الإداري بأنها  " تصور المنظمة عن العلاقة المتوقعة بينها وبين بيئتها بحيث يوضح هذا التصور نوع العمليات التي يجب القيام بها على المدى البعيد، والحد الذي يجب أن تذهب إليه المنظمة، والغايات التي يجب أن تحققها.

Ø  Chandler الإستراتيجية بأنها تحديد المنظمة لأهدافها وغاياتها على المدى البعيد، وتخصيص الموارد لتحقيق هذه الأهداف والغايات.

ØDrucker الإستراتيجية بأنها: عملية مستمرة لتنظيم وتنفيذ القرارات الحالية، وتوفير المعلومات اللازمة، وتنظيم الموارد والجهود الكفيلة لتنفيذ القرارات وتقييم النتائج بواسطة نظام معلومات متكامل وفعال.

2.1.المدخل الحديث للإستراتيجية

      بعد الحرب العالمية الثانية تغيرت العديد من المفاهيم كنتيجة لتغيير الأوضاع فتراجع المفهوم التقليدي للإستراتيجية، وتعرض للنقد لتركيزها على معيار التخطيط فقط.

فحسب رأي:Mintzberg الإستراتيجية هي "نمط أو نموذج معين يعبر عن تدفق القرارات والتصرفات.  فهي محصلة القرارات المخططة أو غير المخططة خلال الممارسة العملية للأهداف، حيث تتميز هذه القرارات بالتكامل، الدينامكية والمرونة، إن أي تغيير يحدث في البيئة المحيطة يؤدي إلى تغيير بعض أو كل أجزاء الإستراتيجية لكي تضمن التوافق والتكييف المستمر. وهي كذلك مزيج من تطبيق للقرارات المختلفة أو المنسقة من الإجراءات المالية الاقتصادية والتسييرية المتعلقة بالتنظيم الداخلي للمؤسسة أو المتصلة بتسيير المستخدمين، فهي خط عام لرسم المسار الشامل لعمل المؤسسة، وذلك عن طريق ترجمة أهدافها وبرامجها إلى واقع بتهيئة البديل المناسب لاتخاذ القرارات وتنفيذها. إن وضع إستراتيجية واضحة وثابتة يساعد في ضمان واستقرار عمل المؤسسة وضبط مسارها على خط واحد، باعتبار أن المؤسسة تعمل في محيط متقلب وأكثر تعقيدا، فهي تقوم بوضع خطط واستراتيجيات وتسهر على تنفيذها من اجل البقاء والحفاظ على أحسن مكانة، وذلك عبر نشاطها في إطار الزمن والمكان المحدد بين المنافسين في السوق. يرتبط مفهوم الإستراتيجية في المؤسسة، باستعمال وسائل محددة في نفس الإطار.

       تتميز الإستراتيجية بالمخاطرة وعدم التأكد من حركة المنافس، فهي تبنى على التوقعات وتقديرات

عن تلك الحركة لتصبح هذه الأخيرة بدورها تعتمد على توقعات الطرف المنافس عن حركة الطرف الأول

لتصبح كل إستراتيجية مبنية على تنبؤات متبادلة لرد فعل الأطراف المتعاملة في المحيط المحدد.

      بهذه الطريقة تصبح المؤسسة تتأثر وتؤثر في المحيط وتعتمد العملية الإستراتيجية على افتراضات وسيناريوهات عن الحركة المختلفة للعوامل المتداخلة والمشاركة في بناء الإستراتيجية ابتداء من السوق التكنولوجية، المحيط السياسي والاجتماعي وغيرها.

1.3.تعريف الإستراتيجية

     إن التطورات التي شهدها العالم في أواخر القرن الماضي وبداية القرن الجديد فضلا عن الوعي لحقيقة أن بيئة الأعمال تتغير باستمرار، وإن نجاح الأعمال يحتاج إلى التطور مع تلك المتغيرات فرضت على المؤسسات تحديات تنافسية باتجاه الحاجة إلى إستراتيجية إدارية تحقق مزايا المؤسسة.                وبتالي تبقى للإستراتيجية وضرورة صياغة تطبيقها وكفاءتها في مقدمة مهام الإدارة العليا، وبالتالي فإن نجاح الإدارة سيتوقف على اقتناعها بضرورة الاعتماد على إستراتيجية واضحة ومتكاملة من أجل التعامل مع عناصر بيئة الأعمال المعقدة ومتغيراتها.

Øالإستراتيجية، وأصلها (Stratégos)، كلمة إغريقية تعني فن الحرب، وهو ما يدل على أنها اصطلاح عسكري أصلا، ومعناه الخطة المرسومة لمواجهة العدو وهزمه، وبالتالي فإن مدلولها مرتبط بوجود خصمان متحاربان.

Ø الإستراتيجية مأخوذة أساسا من التنظيم العسكري، وتعرف بأنها فن استخدام القوة بما يجعلها أكثر فاعلية في تحقيق الأهداف السياسية، كما أنها أكثر استخداما في إدارة المؤسسات، حيث يعرفها المؤلفون على أنهها خطة شاملة على مستوى المؤسسة طويلة المدى يتم من خلالها تحديد الأساليب والوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف المرجوة، كما تتألف من خطط فرعية مرحلية تسهم في تحقيق التكامل بين أجزاء المنظمة.

Ø تعرف الإستراتيجية بأنها الوسيلة أو الطريقة Mean التي من خلالها تعمل المؤسسة على تحقيق أهدافها ورسالتها"، وبمعنى أوسع هي الوسيلة للوصول إلى النهاياتMeans to Ends،وهذه النهايات تتعلق بأهداف ورسالة المنظمة،و" تعرف الإستراتيجية أيضا بأنها الاتجاه البعيد للمنظمة"The long termdirection of organization، وبمعنى أشمل هي الاتجاه أو المجال الذي تتبناه المؤسسة على المدى الطويل الذي يحقق لها المزايا، من خلال ترتيب مواردها في ظل بيئة متغيرة، بغرض تحقيق أهداف أصحاب المصالح.

      نلاحظ غالبية التعريفات السابقة لمفهوم الإستراتيجية قد خضع إلى معالجات نظرية كثيرة انعكست في عدم اتفاق الباحثين على تعريف شامل ومحدد، فالبعض يطلقها على الأهداف المحددة ووضع البدائل المختلفة ثم اختيار البديل المناسب، والبعض استخدمها مرادفة لمفهوم السياسات أو الخطط وأهميتها في المنظمة، وعليه فقد ساهمت هذه المعالجات في تحديد مسؤوليات الإدارة العليا في توجيه أنشطة المنظمة وفق نسق واضح من آلية التخطيط وديناميكيته. وعلى الرغم من تعدد التعريفات المطروحة من قبل الباحثين إلا أنها لم تختلف كثيرا من حيث أن الإستراتيجية تتعلق بــ:

1.عملية وضع الأهداف التي تسعى المنظمة لتحقيقها وخاصة الأهداف طويلة الأجل.

2.تحديد الوسائل المناسبة لتحقيق تلك الأهداف وتخصيص الموارد اللازمة لذلك؛

3.اتخاذ القرارات حول حجم النشاطات ومجالات التوسع فيها؛

4.نمط التعامل مع الظروف المستجدة والمتغيرة ونمط التعامل مع التنافس؛

      يتضح مما سبق أن الإستراتيجية هي أطار لتنظيم وتنسيق الأفكار لمواجهة حالات المخاطر وعدم التأكد واستغلال الفرص المتاحة في البيئة الخارجية وتجنب نقاط الضعف ومواجهتها، وعليه يتوجب أن تكون إستراتيجية أي منظمة ملائمة مع أهدافها ومواردها وأوضاعها حيث أن أحد أهداف الإستراتيجية الشاملة لأية منظمة هي وضع تلك المنظمة في المكانة التي تستطيع من خلالها تنفيذ رسالتها و أهدافها بكفاءة وفاعلية.

 

 

 

 

أسئلة حول المحاضرة الأولى

س1: أعط تعريف خاص بك للإستراتيجية؟

س2: ما هو الجديد الذي جاء به المدخل الحديث للإستراتيجية؟

س3: ما الفرق بين الإستراتيجية والتكتيك؟


المحاضرة الثانية