أساسيات المعاملات المالية الإسلامية
Aperçu des sections
-
-
Forum
-
أساسيات المعاملات المالية الإسلامية (أولى ماستر مهني تخصص مالية وصيرفة إسلامية)
الدكتور بدروني عيسى أستاذ محاضر أ
aissa.bedrouni@univ-msila.dz
-
-
-
عنوان الماستر: التمويل والصيرفة الإسلامية
السداسي: الأول
اسم الوحدة: وحدة التعليم الأساسية
اسم المادة: أساسيات المعاملات المالية الإسلامية
الرصيد: 6
المعامل: 3
أهداف التعليم: سيكون الطالب قادرا على استنباط الأحكام الشرعية للمعاملات المالية في الشريعة الإسلامية متمكنا من قراءة وتحليل الآراء الشرعية المختلفة والنظر فيها، بما يمكنه من بناء قاعدة شرعية مناسبة توفر له استيعابا لمختلف المواد المدرسة خلال التكوين في هذا التخصص. وهو ما من شأنه أن يخدم العملية التكوينية للطالب بالتعرف على تلك القواعد التي تفرق العمل المالي الإسلامي عن التقليدي.
المعارف المسبقة المطلوبة: يفترض حصول الطالب على معارف مسبقة حول المعاملات المالية، والقضايا الشرعية للمعاملات المالية.
محتوى المادة:
مصادر التشريع في الفقه الإسلامي.
القواعد الأساسية للمعاملة المالية الشرعية .
طبيعة وأنواع العقود في الفقه الإسلامي.
المعاملات المالية المعاصرة.
طرق استنباط الحكم الشرعي.
شروط صحة ووجوب المعاملة المالية.
التكييف الشرعي لمعاملات المصارف الإسلامية .
التكييف الشرعي لعقود الودائع المصرفية .
التكييف الشرعي لعقود الاستثمار والتمويل المصرفية .
الاختلافات الفقهية وآثارها العملية على النشاط المصرفي الإسلامي.
العقود المستحدثة في المالية الإسلامية .
-
-
-
المحور الأول
مصادر التشريع في الفقه الإسلامي.
المحور الثاني
القواعد الأساسية للمعاملة المالية الشرعية.
المحور الثالث
طبيعة وأنواع العقود في الفقه الإسلامي.
المحور الرابع
المعاملات المالية المعاصرة.
المحور الخامس
طرق استنباط الحكم الشرعي.
المحور السادس
شروط صحة ووجوب المعاملة المالية.
المحور السابع
التكييف الشرعي لمعاملات المصارف الإسلامية.
المحور الثامن
التكييف الشرعي لعقود الودائع المصرفية.
المحور التاسع
التكييف الشرعي لعقود الاستثمار والتمويل المصرفية.
المحور العاشر
الاختلافات الفقهية وآثارها العملية على النشاط المصرفي الإسلامي.
المحور الحادي عشر
العقود المستحدثة في المالية الإسلامية .
-
-
-
تتميز المالية الإسلامية بأنها نظام مالي واقتصادي واجتماعي وتكافلي في آن واحد، يحل من الناحية الشرعية الطيبات ويحرم الخبائث. وهو أيضا نظام اقتصادي عادل لكل مستخدميه، سواء أكانوا مسلمين أم غير ذلك. كما أن في المالية الإسلامية تقدير عادل للعمل المبذول سواء أكان عملا يدويا أو عملا فكريا وتعد المصارف الإسلامية وشركات التأمين التكافلي من أهم ركائز المالية الإسلامية، إذ يجب عليهما التقيد بالقيم التي ذكرناها أعلاه.
وكل تجارة وصناعة يخالف العبد فيها حكم الكتاب والسنة فليست بتجارة ولا صناعة حلال، وإن كان الاسم موجودا، لعدم المعنى الذي تصح به الأسماء في الحكم، لأن وجود الأسماء فارغة لا يغني مع عدم صحة المعاني...، فإذا كان ما يسميه الجاهلون تجارة وصناعة، وما يسميه المستحلون بيعا وشراء ومعاملة، وهو غير موافق للعلم، فليس ذلك بتجارة ولا صناعة ولا معاملة، ولا يستحل به أكل الحلال، لأنه باطل، واسمه عند العلماء خيانة وخلابة، أو غيلة، أو حيلة، أو مخاتلة. وهذه أسماء محرمة للمكاسب، لفساد معانيها، وعدم حقائقها، يتعلق عليها أحكام مذمومة، لا يحل بها أخذ المال. والله أعلم.
-
-
-
1. مصادر التشريع الأصلية
مصادر الدين الأصلية التي ترجع إليها جميع العقائد والمقاصد والأحكام تتمثل في الوحيين: الكتاب والسنة. وذلك مقتضى ربانية الدين الإسلامي، أن أركانه مبنية على نصوص معصومة منزلة من السماء، تتمثل في آيات القرآن الكريم، ونصوص السنة النبوية الصحيحة.
قال الإمام الشافعي رحمه الله:" ولا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما سواهما تبع لهما " انتهى."جماع العلم" (11).
2. مصادر التشريع التبعية
استنبط العلماء من المصدرين الأصليين للتشريع أصولا أخرى يمكن بناء الأحكام عليها، أطلق عليها بعض العلماء -تجوزا-اسم " مصادر الشريعة " أو " مصادر التشريع الإسلامي"، وهي: الإجماع والقياس.
قال الإمام الشافعي رحمه الله:" وليس لأحد أبداً أن يقول في شيء: حَلَّ ولا حَرُم إلا من جهة العلم، وجهة العلم:الخبر في الكتاب أو السنة، أو الإجماع، أو القياس " انتهى."الرسالة" (39).
وقال ابن تيمية رحمه الله: "إذا قلنا الكتاب والسنة والإجماع، فمدلول الثلاثة واحد، فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة، فليس في المؤمنين إلا من يوجب إتباع الكتاب، وكذلك كل ما سنَّه الرسول صلى الله عليه وسلم فالقرآن يأمر بإتباعه فيه، والمؤمنون مجمعون على ذلك، وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون، فإنه لا يكون إلا حقا موافقا لما في الكتاب والسنة" انتهى."مجموع الفتاوى" (7/40).
وقال الدكتور عبد الكريم زيدان :"المقصود بمصادر الفقه: أدلته التي يستند إليها ويقوم عليها، وإن شئت قلت:المنابع التي يستقي منها، ويسمي البعض هذه المصادر بـ " مصادر الشريعة " أو " مصادر التشريع الإسلامي "، ومهما كانت التسمية فإن مصادر الفقه ترجع كلها إلى وحي الله، قرآناً كان الوحي أو سنة، ولهذا فإننا نرجح تقسيم هذه المصادر إلى : مصادر أصلية ، وهي : الكتاب والسنة . ومصادر تبعية أرشدت إليها نصوص الكتاب والسنة، كالإجماع والقياس " انتهى."المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية" (ص/153).
أما غير هذه المصادر الأربعة: كقول الصحابي،والاستحسان، وسد الذرائع،والاستصحاب،والعرف، وشرع من قبلنا، والمصالح المرسلة،وغيرها، فقد اختلف العلماء في حجيتها وصحة الاستدلال بها، وعلى القول بحجيتها – كلها أو بعضها – فهي تابعة للكتاب والسنة وراجعة إليهما.
والله أعلم.
-
-
-
هناك زمرة من الضوابط والقواعد الفقهية تتعلق بفقه المعاملات، منها العام ومنها الخاص بالمعاملات المالية. ولقد تولت المجامع الفقهية المعاصرة كمجمع الفقه الإسلامي وما يشبهها من الهيئات كهيئة المحاسبة للمؤسـسات المالية الإسلامية إصدار الأحكام الخاصة بالمعاملات المالية المعاصرة بعد دراستها وتحليلها لتوضيح الجائز منها والغير جائز من خلال القواعد الفقهية، وذلك لكي يسهل على الناس عموما والمهتمين خصوصا ضبط المعاملات الماليـة الخاصة بهم. فلقد قال عمر رضي الله عنه: (لا يبِع في سوقِنا إلا من قد تفَقَّه في الدينِ)[1].
1. مفاهيم أساسية
القاعدة: هي
- الأساس، وهو ما يرفع عليه البنيان.
- حكم كلي، أو قضية كلية.
- حكم كلي ينطبق على جزئياته ليتعرف أحكامها منه، أو قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها.
القاعدة الفقهية: هي
- حكم شرعي عملي كلي (كل العلماء) أو أغلبي (أغلبهم) يتضمن مسائل من بابين فأكثر.
- حكم شرعي عملي عام.
الضابط الفقهي: عبارة عن حكم شرعي عملي كلي يتضمن مسائل من باب واحد
الفرق بين الضابط والقاعدة: أن القاعدة تجمع فروعا من أبواب شتى، والضابط يجمعها من باب واحد.
القواعد الأصولية: هي عبارة عن أدلة عامة، يتوصل بها إلى استنباط الأحكام.
بخلاف القواعد الفقهية التي تعبر عن أحكام عامة، والهدف الأساس منها ضبط المسائل متحدة العلة تحت حكم كلي، على أن منها ما يصلح دليلا.
2. القواعد العامة
ويتمثل في القواعد الكلية التي لا تختص باب من الأبواب، وإنما تدخل في جميع الأبـواب الفقهيـة، ويتم الاقتصار فيها على مجالات تطبيقها في المعاملات المالية.
تندرج فيه القواعد التي لها فروع كثيرة، ومن هذا القبيل القواعد الخمس الكبرى تشكل نظريات واسعة، تدخل تحتها قواعد فرعية أخرى: الأمور بمقاصدها، اليقين لا يزول بالشك، المشقة تجلب التيسير، الضرر يزال، العادة محكمة.
1-2. الأمور بمقاصدها
أصل هذه القاعدة الحديث المشهور الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الْأَعمالُ بِالنياتِ)[2].
ومعنى هذه القاعدة ": أن حكم الأمور بمقاصد فاعلها، أي: "أن الحكم الذي يترتب على أمر يكون على مقتضى ما هو المقصود من ذلك الأمر". قال ابن القيم رحمه الله (النية روح العمل ولبه وقوامه، وهو تابع لها، يصح بصحتها ويفسد بفسادها)[3].
وممن قال بتأثير النية في المعاملات المالكية والحنابلة، يقول الشاطبي: (كل من ابتغى في تكاليف الشريعة غير ما شرعت له فقد ناقض الشريعة، وكل من ناقضها فعمله في المناقضة باطل، فمن ابتغى في التكاليف ما لم تـشرع له، فعمله باطل)[4].
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والعادات، كما هي معتبرة في التقربات والعبادات، فتجعل الشيء حلالا أو حراما، وصحيحا أو فاسدا، أو صحيحا من وجه فاسـدا من وجه، كما أن القصد في العبادات يجعلها واجبة ومستحبة أو محرمة، أو صحيحة أو فاسدة)[5].
ويقول ابن القيم رحمه الله: (إن الاعتبار في العقود والأفعال بحقائقها ومقاصدها دون ظـواهر ألفاظهـا وأفعالها ... وقاعدة الشريعة العامة التي لا يجوز هدمها أن المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والمعـاملات كما هي معتبرة في التقربات والعبادات، فالقصد والنية والاعتقاد يجعل الشيء حـلالا أو حرامـا، وصـحيحا أو فاسدا، وطاعة أو معصية[6].
القاعدة تـشمل مختلف فروع المعاملات فهي تجري في كثير من الأبواب الفقهية مثل المعاوضات والتمليكات الماليـة والإبـراء، وتجري في الوكالات، والضمانات، والأمانات والعقوبات[7]، وهي الفاصلة في كنايات العقود مثـل: "كنايـات البيع والهبة والوقف والقرض والضمان والحوالة والوكالة والإقالة[8].
مثال: فمثلا لو اشترى العنب بقصد الأكل أو التجارة جاز، وإن اشتراه بقصد أن يعصره خمرا أو يبيعه ممن يعصره خمرا لم يجز.
ومما انتشر في الواقع الإسلامي المعاصر من التعـاملات والعقود التي يختلف مقصودها عن شكلها الظاهري، ومن هذه العقود[9]:
الودائع المصرفية، فحقيقة هذه المعاملة أنها قرض مضمون بفائدة محددة سلفا، ومـا دامـت الوديعـة مضمونة فلا يمكن أن تكيف شرعا على أنها وديعة، وإنما هي قرض، فإذا حددت لها فائدة مشروطة سلفا كانـت قرضا ربويا محرما.
البيع بالتقسيط: كما تجريه البنوك الربوية بالاتفاق مع الجهات القائمة بالبيع كوكـالات الـسيارات، فمثل هذا البيع الذي ينص فيه على الفائدة مفصولة عن الثمن الحال لا يسمى بيعا بالتقسيط، وتسميته بهذا الاسم لا يخرجه عن حقيقته الشرعية أنه عملية مداينة ربوية، لأن باقي الثمن وقعت فيه الزيادة بعد أن اسـتقر في ذمـة المشتري.
التورق المنظم: الذي تنظمه بعض البنوك الإسلامية، وهو في حقيقته ومقصوده قرض ربوي، لأن البيـع لا يكون مقصودا للبنك، والشراء لا يكون مقصودا للعميل، وإنما قصد العميل الحصول على النقد أو تسديد دينه لدى البنك، وقصد البنك الاسترباح من وراء حاجة العميل أو تحصيل دينه الذي على العميل، وإنما ألبست العملية شكل التورق للفرار من الحكم الشرعي، ولذلك لا يجري فيها قبض فهو بعينه بيع العينة المحرم.
2-2. لا ضرر ولا ضرار
أصل هذه القاعدة الحديث الذي رواه جمع من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ضرر ولا ضِـرار[10].
قال ابن عبد البر: معنى (لا ضرر) أي لا يدخل على أحد ضررا لم يدخله على نفسه، ومعـنى (لا ضـرار) أي لا يضار أحد بأحد[11].
من أدلة هذه القاعة أيضا قوله تعالى: (لا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا). البقرة، آية 231.
ومن القواعد التي تندرج تحت هذه القاعدة[12]:
- الضرر يدفع بقدر الإمكان: فيحق للقاضي منع المدين من السفر بناء على طلب الدائن حتى يوكل وكيلا عنه بالخصومة، ولا يصح منه عزل هذا الوكيل مادام مسافرا منعا لضرر الدائن.
- الضرر يزال: ومن فروع هذه القاعدة: الرد بالعيب، جميع أنواع الخيار، وثبوت الخيار للمسترسل، والنهي عن الاحتكار، والتسعير عند فساد السوق وغير ذلك من الأحكام التي تزيل الضرر.
- الضرر لا يزال بمثله: وهذه القاعدة تعتبر ضابطا يحكم عمل القاعدة السابقة، ويضع حدا لمجـال عملها حتى لا تتعداه إلى ما يسبب ضررا عكسيا.
- يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام.
- الضرر الأشد يدفع بالضرر الأخف.
- درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
إن مجال تطبيق هذه القاعدة في أبواب المعاملات المالية واسع، ومن أمثلة تطبيقها:
مسألة تلقي السلع والركبان المنهي عنه في الحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (ولَا تلَقَّـوا السلَع حتى يهبطَ بِها إِلَى السوقِ)[13]. وقال أيضا: لَا تلَقَّوا الركْبانَ)[14].
ويحرم تلقي أصحاب البضائع في الشارع، أو في الدور والفنادق وغيرها قبل دخولهم الأماكن المعدة، لعرض السلع وبيعها في الأسواق، في قول جمهور العلماء، لما فيه من الخداع والتغرير بالبائع، والإضرار بأهل السوق، لمـا فيها من إغلاء على أهل الأسواق التي هي أعم نفعا للمسلمين، والضعيف الذي لا يقدر على التلقي[15].
تحريم الاحتكار لما يحتاج الناس إليه من السلع لما فيه من الإضرار بهم. الأصل أن يبيع المرء سلعته متى شاء، فإن نزلت بالناس حاجة، ولم يوجد عند غيره طعام، أجبر على البيـع لرفع الضرر عن الناس. لكن يجبر على البيع بسعر الوقت أو المثل. ويتفق الفقهاء على أن الاحتكار بـالقيود الـتي اعتبرها كل منهم محظور، لما فيه من الإضرار بالناس، والتضييق عليهم[16].
مسألة ما يطرأ على العقود من ظروف طارئة، مما يرجع على أحد المتعاقدين بالضرر الكبير والخـسائر الجسيمة. كأن يوقع الطرفان عقد مقاولة على إنشاء مبنى معين، ويتفقان على الثمن المقابـل، ثم يفاجـأ الطـرف المسئول على التنفيذ بارتفاع شديد في الأسعار بسبب من الأسباب الطارئة، مما يترتب عليه خسارة كبيرة. ومثـل ذلك قد يحدث في عقود الاستيراد والتصدير.
وقد ناقش مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة 1402هـ هذه القضية تحـت قاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، وقاعدة (الضرر يزال)، وقاعدة (الضرر يدفع بقدر الإمكان). وقرر ما يلي:
في العقود المتراخية التنفيذ –كعقود التوريد والتعهدات والمقاولات – إذا تبدلت الظروف التي تم فيها التعاقد تبدلا غير الأوضاع والتكاليف والأسعار تغيرا كبيرا بأسباب طارئة عامة لم تكن متوقعة حين التعاقد، يلحق بالملتزم خسائر جسيمة، دون إهمال أو تقصير منه، فإنه يجوز تعديل الحقوق والالتزامات بصورة توزيع القـدر المتجـاوز للمتعاقد من الخسارة على الطرفين المتعاقدين، كما يجوز فسخ العقد إذا كان فسخه أصلح وأسهل، مـع تعـوض عادل للملتزم له يجبر له جانبا معقولا من الخسارة التي تلحقه في العقد. وتعتمد هذه الموازنات رأي أهـل الخـبرة والاختصاص[17].
ومنها أيضا البيع للمسترسل بسعر يخالف سعر السوق، التسعير بما لا يضر الباعة، بيع النجش... وغيرها من المسائل التي لا يعنا ذكرها في هذا المقام.
3-2. اليقين لا يزول بالشك
ومعنى القاعدة أن ما علم ثبوته بيقين وجودا أو عدما لا يرتفع بمجرد الشك، بل إن الأمر المتيقن لا يرتفـع إلا باليقين.
وتستند هذه القاعدة إلى أدلة من السنة النبوية منها: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا شك أحدكم في صـلَاتِهِ فلم يدرِ كَم صلى ثَلَاثًا أَم أَربعا فَلْيطْرح الشك ولْيبنِ على ما استيقَن)[18].
ويتفرع عن هذه القاعدة قواعد كثيرة من أهمها[19]:
- قاعدة الأصل بقاء ما كان على ما كان.
- قاعدة الأصل براءة الذمة.
- قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة، فالأصل في جميع الأشياء الإباحة، فلا ينتقل عن هـذا الأصـل اليقيني إلا بيقين، ولا تثبت الحرمة إلا بدليل، ولا تثبت بالشك لأن اليقين لا يزول بالشك.
- قاعدة الأصل في العقود والشروط الإباحة والصحة.
- قاعدة لا عبرة للدلالة في مقابل التصريح.
هناك مجالات كثيرة لتطبيق هذه القاعدة وما تفرع عنها، ومن المجالات المتعلقة بأبواب المعاملات المالية:
لو اشترى أحد شيئا ثم ادعى أن به عيبا وأراد رده، واختلف التجار أهل الخبرة في كونه عيبـا فلـيس للمشتري رده، لأن السلامة هي الأصل المتيقن فلا يثبت العيب بالشك[20].
لو ادعى المقترض دفع الدين إلى المقرض، أو ادعى المشتري دفع الثمن إلى البائع، أو ادعى المستأجر دفع الأجرة إلى المؤجر، وأنكر المقرض أو البائع أو المؤجر كان القول قول المنكرين مع اليمين، أي أن هذه الديون بعد ثبوتها تعتبر باقية في ذمم الملتزمين بها ما لم يثبتوا الدفع؛ لأنها كانت مستحقة عليهم بـيقين، واليقين لا يزول بالشك.
لو تبين بالمبيع عيب بعد القبض، فزعم البائع حدوثه عند المشتري، وزعم المشتري حدوثه عند البـائع، فإنه يعتبر حادثا عند المشتري، فليس له فسخ البيع حتى يثبت أنه قديم عند البائع.
فيما إذا ادعى رجلٌ على رجلٍ أنه اشترى منه زريعة وزرعها فلم تنبت، فإن وجد من تلك الزريعة بقية فإنها تجرب، فيعرف صدق المشتري من كذبه، فيجب له إذا عرف صدقه الرجوع بقيمة العيب إن لم يكن البائع مدلسا، وبجميع الثمن إن كان مدلسا، ولا يجب له شيء إذا عرف كذبه، فإن لم يبق منـها ما تجرب به كُلِّف المبتاع أن يثبت أنه زرعها في أرض تربة تنبت فلم تنبت، فإذا أثبت ذلك كان الأمر فيه على ما تقدم من الرجوع بجميع الثمن أو بقيمة العيب، وإن لم يثبت ذلك حلف البائع على العلـم أنه ما علم أنها لا تنبت وبرئ. فاليقين لا يزول بالشك[21].
4-2. العادة محكمة
قد لاقت هذه القواعد ما لم تخالف الشرع أو العقد القبول باتفاق الفقهاء على مختلف مذاهبهم. ومـن العادات والأعراف ما لها أهمية كبيرة في المعاملات المالية، فقد كان للعرب بيوع وشركات ومـضاربات أقرهـا الإسلام بعد أن أبطل منها ما فيه أكل أموال الناس بالباطل، كالربا بنوعيه (النسيئة والفضل)، بيوع الغرر.
ومن أدلة هذه القاعدة ما كان شائعا قبل الإسلام من البيوع، فأقرها بعد تهذيبها ومنها: بيع السلم، استثناء بيع العرايا من بيع المزابنة، بيع الجزاف فالأصل في بيع الجزاف منعه ولكنه خفف فيما يشق علمه من المعـدود، أو قل جهله في المكيل والموزون، المضاربة، الإجارة، المزارعة، المساقاة، فلو تأملنا هذه العقود وجدناها متماشية مع الأعراف التي كانت سائدة، ونابعة من حاجات الناس آن ذاك[22].
ويتفرع عن هذه القاعدة قواعد وضوابط تدل على سعة أطراف هذه القاعدة وإن كانت متقاربة الدلالـة والمعاني، نذكر منها[23]:
- استعمال الناس حجة يجب العمل بها.
- إنما تعتبر العادة إذا اطردت أو غلبت.
- المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
- المعروف بين التجار كالمشروط بينهم.
- التعيين بالعرف كالتعيين بالنص.
من بين المسائل والقضايا التي يؤثر فيها العرف وتعامل الناس:
أجر السمسار إذا لم يحدد بالاتفاق فإنه يخضع للعرف بين التجار، وهذا ما يجري في عقود الإيجار والبيع لدى مكاتب العقارات، فالعرف أن المكتب العقاري يأخذ العمولة من المستأجر.
من المسائل الاقتصادية المرتبطة بالعرف ما تقرر في قرارات وفتاوى الهيئات والمجامع من اعتبـار تقييـد البنك لعملية مبادلة العملات في حساب المشتري يأخذ حكم القبض، فما جرى عليه عرف المصارف في مبادلة النقد بالنقد تقابضا[24]. وهذا ما سمي بالقبض الحكمي، ومما يعد من القبض الحكمي أيضا قبض المستفيد للـشيك المصرفي، الدفع بالبطاقة الائتمانية، إيداع المدين لمبلغ الدين في حساب الدائن بطلبه أو رضاه وتبرأ ذمـة المـدين بذلك. لأن الأصل في تحديد كيفية قبض الأشياء العرف، ولهذا اختلف القبض في الأشياء بحسب اختلاف أعراف الناس.
يحق للبنك في عقود المرابحة أن يضيف المصاريف التي تعارف التجـار علـى إضـافتها إلى الأثمـان، كمصاريف التخزين، النقل، الجمارك، وغيرها، ويعبر عن سعر السلعة عند ذلك بما وقفت على البنك.
3. القواعد الخاصة بعقود المعاوضات وعقود التبرعات
.1-3 القواعد الخاصة بعقود المعاوضات
عقود المعاوضات تشمل عقود البيوع والإجارات والهبات المشروط فيها الأعواض وما شابه ذلك. والقواعد والضوابط فيها كثيرة، لكن سنقتصر على قاعدتين مهمتين لاشتمال مجال تطبيقهما على كثير من المعاملات المالية المعاصرة.
1-1-3. الأصل في العقود الإباحة
هذه القاعدة لها ارتباط وثيق بالقاعدة (الأصل في الأشياء الإباحة)، والمقصود من هذه القاعدة أن الأصل في البيوع وجميع المعاوضات المالية الحل والإباحة، فلا يحرم منها إلا ما قام الدليل على تحريمه، وما لم يرد الـدليل بتحريمه فيبقى على أصل الحلال. فكل عقد إذا لم يكن به ما يحرم شرعا، ولم يقم دليل على تحريمه من الكتاب أو السنة أو الإجماع، حكم بإباحته وحله، وذلك لبقائه على الأصل ولعدم وجود ما ينقله عن هذا الأصل الذي هـو الحل والإباحة، أما الحرام فهو استثناء من الأصل.
وعلى هذا الأصل، فإن أي عقد مستجد في الحياة المعاصرة مما لم يتطرق إليه الفقهاء من قبل يكون مقبـولا شرعا إذا لم يتصادم مع دليل شرعي من الكتاب أو السنة أو الإجماع، أو القياس وكان مما اقتضته مصالح النـاس العامة ولم يشتمل على مفسدة راجحة. ومن أمثلة البيوع المستحدثة:
إباحة البيع بالتقسيط: إذا لم يقع في صورة تجعله عقدا ربويا، كأن ينص فيه على الفائدة مفصولة عن ثمن السلعة. وهو أن تشتري سلعة بسعرٍ زائدٍ على ثمنها نقدا حالا من أجل الأجل للتقسيط، فالأصـل فيـه الحـل والإباحة حتى يقوم دليل التحريم، وزيادة الثمن إنما هي من أجل التأخير.
المرابحة للآمر بالشراء: وهو بيع المؤسسة إلى عميلها (الآمر بالشراء) سلعة بزيادة محدودة على ثمنـها أو تكلفتها بعد تحديد تلك الزيادة (ربح المرابحة) في الوعد. وتسمى المرابحة المصرفية لتمييزها عن المرابحة العاديـة. وتقترن المرابحة المصرفية بتأجيل الثمن مع أن هذا التأجيل ليس من لوازمها.
والمرابحة للآمر بالشراء جائزة إذا وقعت على سلعة بعد دخولها في ملـك المأمور (البنك) وحيازتها ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المتفق عليه سابقا. ودليل المشروعية هو عموم الأدلة الـتي تقضي بإباحة البيع، ولم يقم دليل على استثنائها من الإباحة. بشرط أن لا تتحول العملية في جوهرهـا إلى مجـرد توفير المال للعميل الذي لا يقدر على شراء السلعة مقابل ربح معلوم، أو أن يكون قائما على أساس الإلزام بالوعد للعاقدين، وهو من التطبيقات الخاطئة التي تجريها بعض المصارف.
عقد المقاولة: وهو من العقود التي انتشرت في العصر الحديث، فالمقاول هو أن يتعهد بالقيام بعمل معين مستكمل لشروط خاصة كبناء بيت أو إصلاح طريق وتوضح التفصيلات له في عقد يوقعه المتعاقدان.
وعقد المقاولة قد يتعهد فيه المقاول بصنع شيء على أن يقدم رب العمل له المادة ويقوم هو بالعمل فقـط، وقد يتعهد فيه بالعمل والمادة معا، فالعقد في الصورة الأولى إجارة في الفقـه الإسـلامي، وفي الـصورة الثانيـة استصناع. وقد تم تعريف هذا العقد من قبل مجمع الفقه الإسلامي الدولي، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ووضع تفاصيل هذا العقد، وضوابطه الشرعية التي تحميه من الانزلاق.
عقد الإستصناع: وهو عقد على بيع عين موصوفة في الذمة مطلوب صنعها، ولا يجوز عقد الإستصناع إلا فيما تدخله الصنعة وتخرجه عن حالته الطبيعية.
وهناك صيغة جديدة في العرف المعاصر تسمى (الإستصناع الموازي)، وهو الذي تقوم به المصارف والبنوك الإسلامية يتم من خلال إبرام عقدين منفصلين أحدهما مع العميل يكون فيه المصرف صانعا، والآخر مع الصناع أو المقاولين يكون فيه المصرف مستصنعا، والغالب أن يكون أحدهما حالا (وهو الذي مع الصناع أو المقاولين) والثاني مؤجلا (وهو الذي يكون مع العميل).
ويختلف الإستصناع عن المقاولة بأن المقاولة إجارة إذا اقتصرت على العمل وكانت المـواد مـن العميـل (المستأجر)، أما إذا شملت المقاولة عمل المقاول وتقديم المواد منه فهي استصناع.
ويختلف الإستصناع عن السلم بأن الإستصناع عقد على عين موصوفة في الذمة اشترط فيها العمـل، فـلا يجري إلا فيما يتطلب صناعة، أما السلَم فهو عقد على عين موصوفة في الذمة لم يشترط فيها العمل.
الإجارة المنتهية بالتمليك:
وهي صورة خاصة للإجارة يعمل بها في المصارف والبنوك الإسلامية، وهـي إجارة يقترن بها الوعد بتمليك العين المؤجرة إلى المستأجر في نهاية مدة الإجارة أو في أثنائها، ويتم التمليك بإحدى الطرق التالي:
1 وعد بالبيع بثمن رمزي، أو بثمن حقيقي، أو وعد بالبيع في أثناء مدة الإجارة بأجرة المدة الباقيـة، أو بسعر السوق.
1 وعد بالهبة.
1 عقد هبة معلق على شرط سداد الأقساط.
وفي حالات إصدار وعد بالهبة أو وعد بالبيع أو عقد هبة معلق بمستندات مستقلة، لا يجوز أن يذكر أنهـا جزء لا يتجزأ من عقد الإجارة المنتهية بالتمليك.
ومن العقود المستحدثة التي تندرج في مجال قاعدة (الأصل في العقود الإباحة) كثيرة جدا يضيق المكـان لذكرها والتفصيل فيها، نذكر منها: المواعدة في الصرف، مسألة الشرط الجزائي، المشاركة المتناقـصة، المـشاركة المنتهية بالتمليك، الشركات ذات النشاط المشروع في الأصل وتتعاطى أنشطة غير مشروعة، القـبض الحكمـي، البورصة، بيع الاستجرار.... فأثر هذه القاعدة لا يقف عند حد استحداث معاملة من المعـاملات الـتي لم تكـن موجودة من قبل، بل يجوز الاستفادة من المعاملات الحديثة التي هي من نتاج الكفار، فيقبل منها مـا لـيس فيـه مصادمة للشرع نصا أو قياسا، ويرفض منها ما كان مخالفا للشرع.
2-1-3. الغرر الكثير يفسد العقود دون يسيره
هذه القاعدة من نوع الضوابط الفقهية لاختصاصها بباب المعاملات المالية، وهي من أهـم قواعـد فقـه المعاملات المالية وركائزها، وأصل هذه القاعدة حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليـه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر.
وهي أصل عظيم من أصول كتاب البيوع، ويدخل فيه مسائل كثيرة غير منحصرة كبيع الآبق، والمعدوم، والمجهول، وما لا يقدر على تسليمه، وما لَم يتم ملـك البـائع عليه ... ونظائر ذلك وكل هذا بيعه باطل لأنه غرر.
والغرر: ما يكون مستور العاقبة، والمعنى الإجمالي للقاعدة أن الغرر إذا كان كثيرا فهو الغرر المنهي عنـه، وهو مفسد للعقود، لأنه يفضي للتراع، أما إذا كان يسيرا وتابعا غير مقصود فإنه لا يفسد العقود، لأنه يـصعب الاحتراز منه ولا تكاد تخلو منه البيوع. يقول النووي في هذا الصدد: الأصل أن بيع الغرر باطل لهذا الحـديث، والمراد ما كان فيه غرر ظاهر يمكن الاحتراز عنه، فأما ما تدعو إليه الحاجة ولا يمكن الاحتـراز عنـه كأسـاس الدار، ونحو ذلك فهذا يصح بيعه بالإجماع. ويقول ابن عبد البر: ولا يكاد شيء من البيوع يسلم من قليل الغرر فكان معفو عنه.
وإلى جانب هذا النص العام الذي ينهى عن الغرر، وردت نصوص خاصة تنهى عن بعض البيوع لما فيها من الغرر أو لمآلها إلى الغرر، ومنها: النهي عن بيع الملامسة والمنابذة والحصاة، النهي عـن بيـع الحَبلـة والمـضامين والملاقيح، النهي عن بيع الثمر قبل بدو الصلاح، النهي عن بيع اللبن في الضرع، والنهي عن بيع عسبِ الفحل، وغيرها من البيوع التي تتضمن الغرر الفاحش المؤدي إلى التراع بين العاقدين.
وضابط الكثرة والقلة في الغرر من الأمور النسبية التي تختلف لاختلاف الزمان والمكان، ولهذا فلـيس مـن السهل وضع حد فاصل بين الغرر الكثير الذي يؤثر في العقد، والغرر اليسير الذي لا يؤثر، وهـذا هـو سـبب
اختلاف الفقهاء في مسائل الغرر.
ويمكن أن يجعل هذا الأصل معيارا في فحص الكثير من المسائل المعاصرة، ومن أمثلـة العقـود المـستحدثة المشتملة على الغرر:
عقد التأمين التجاري: وقال أكثر العلماء بتحريمه لأنه عقد معاوضة يلتزم فيه المؤمن (شركة التأمين) بأن يدفع للمستأمن (العميل) مبلغا متفقا عليه عند وقوع الخطر مقابل أقساط دورية يدفعها المستأمن، وذلك لما فيه من الغرر الكثير الفاحش الذي لا يغتفر لأنه يشتمل على أنواع الغرر الأربع (الوجود-الحصول-مقـدار التعـويض-الأجل)، فالمؤمن قد يحصل على قسط واحد ثم تقع الكارثة، وقد يحصل على عشرة أقساط ثم تقع الكارثة، وقـد يحصل على جميع الأقساط ولا تقع الكارثة في مدة التأمين فلا يخسر شيئا.
أوراق اليانصيب: وهو أن يدفع مبلغا صغيرا ابتغاء كسب النصيب الذي هو المبلغ الكبير، فهـي غـير جائزة لأنها قمار، وتشتمل على الغرر الفاحش، وأكل المال بالباطل.
المضاربة على فروق الأسعار في البورصة: فهي ضرب من القمار والرهان أيضا، فهي ليست من البيع في شيء وإنما أكل المال بالباطل. ولأنه بيع ما لا يملك، فالبيع والشراء يتكرر على السلعة الواحدة دون قبض حقيقي، فهي غير جائزة شرعا لأنها تشتمل على بيع الشخص ما لا يملك اعتمادا على أنه سيشتريه فيما بعد ويـسلمه في الموعد، وهذا منهي عن شرعا وهو من أنواع الغرر.
ومن الغرر المغتفر ما يجري في بعض المطاعم والفنادق الكبيرة من أن المشتري يأكل مشاء بقـدر مـشاء بثمن واحد بغض النظر عن مقدار الطعام الذي تناوله، فالقياس لا يجوز هنا للجهالة والغرر، ولكنه يجوز ذلك هنا لأن الجهالة يسيرة والغرر مغتفر لجريان العرف والتعامل بذلك، وكذلك استئجار السيارات.
2-3. القواعد الخاصة بالتبرعات
1-2-3. يغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضات من الغرر والجهالة
التبرعات تشمل الهبة، والصدقة، والوصية، والإعارة، والقرض، والكفالة....، وغيرها من العقود الـتي في معنى التبرع وأساسها والمعروف والإحسان، فمثل هذه العقود لا يؤثر فيها الغرر والجهالة، لأن المتـبرع عليـه لا يلحقه أي ضرر بسبب ذلك، لأنه لم يدفع عوضا يستحق العدل والعلم بالمعوض عنه.
قال القرافي: إن هذه التصرفات لا يقصد بها تنمية المال، بل إن فاتت على من أحسن إليه بها لا ضرر عليه فإنه لم يبذل شيئا، بخلاف غيرها إذا فات بالغرر والجهالات ضاع المال المبذول في مقابلته، فاقتضت حكمة الشرع منع الجهالة فيه، أما الإحسان الصرف فلا ضرر، فاقتضت حكمة الشرع وحثه على الإحسان التوسعة فيه بكـل طريق بالمعلوم والمجهول.
ومن أهم التطبيقات المعاصرة في المعاملات المالية لهذه القاعدة عقد التأمين التعاوني، فهو من عقود التـبرع على تفتيت الأخطار فيغتفر فيه الغرر والجهالة، لأنه لا يقصد به المعاوضة، بل يقـصد بـه التـضامن والتعـاون والاشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحا من أموال غيرهم، وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر.
وقد اتفق المعاصرون والمجامع الفقهية على جواز التأمين التعاوني من حيث المبدأ إلا إذا تعاملت شـركته أو إدارته بالمحرمات مثل الربا ونحوه.
2-2-3. لا يتم التبرع إلا بالقبض
إن مجرد العقد في التبرعات كالأوقاف والهبات والإعارات والصدقات وغيرها لا يثبت الملك فيها للمتـبرع له إلا بعد القبض، ولا ضمان على المتبرع، فالقبض هو المتمم للعقد في مجال التبرعات، وإذا لم يقع القبض صـار
العقد اللفظي لا أثر له. أما إذا كان التبرع مضافًا لما بعد الموت كالوصية فإنه لا يشترط فيها القبض علـى رأي الجمهور، لأن طبيعة عقد الوصية تبرع مضاف لما بعد الموت لذا لا يشترط فيها القبض، وقال المالكية بثبوتـه في بمجرد العقد، ولأنه عقد لازم ينقل الملك فلم يقف لزومه على القبض كالبيع.
والدليل على ثبوت هذه القاعدة: ما روي عن أبي بكر وعمر وابن عباس ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم أنهم قالوا: لا تتم الصدقة إلا بالقبض.
إن عقد التبرع لو تم بدون قبض لثبت للمتبرع له مطالبة المتبرع بالتسليم، وبالتالي يصبح العقد عقد ضمان وهو تغيير للمشروع. ولأنه عقد إرفاق يقتضي القبول فافتقر إلى القبض.
ويتفرع عن هذه القاعدة: الهبات لا تتم إلا بالقبض، إذا توفي الواهب أو الموهوب له قبل القبض تبطل الهبة.
والضابط أن ما كان القبض فيه من مقتضى العقد وموجبه فإنه يلزمه من غير قبض، كالبيع والإجارة والصداق والخلع، وما كان القبض فيه من تمام العقد فلا يلزم إلا بالقبض، كالرهن لا يلزم من جهة الراهن إلا بإقباضه، وكذلك الهبة لا تملك إلا بالقبض.
هذه هي أهم القواعد والضوابط التي لها علاقة بالمعاملات المالية التي تعرضت لها في هذا البحـث، وأهـم المسائل المعاصرة التي تم تقريرها كتطبيق على تلك القواعد والضوابط، إلا أنه هناك قواعد وضوابط كثيرة لها صور كثيرة من النوازل المعاصرة في باب المعاملات والعقود المالية تركتها اختصارا، كالقواعد الحامية للسوق، مثـل لا: يحتكر إلا خاطئ، التسعير يدور مع المصلحة وجودا وعدما، النجش حرام، وغيرها.
والقواعد الحاكمـة علـى الربا، مثل: لا يباع الكالئ بالكالئ، لا يحل بيع وسلف، كل قرض جر نفعا فهو ربـا، وغيرهـا ؛ والقواعـد المنظمة للضمان والأمانات، مثل: على اليد ما أخذت حتى تؤدي، الجواز الشرعي ينافي الضمان، الخراج بالضمان، وغيرها من القواعد والضوابط التي يضيق المقام بذكرها، مما يجب على المتخصصين في هذا المجال، وخاصة أصحاب الهيئات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية في معرفتها لربط المفاهيم والقواعد والضوابط بالتطبيق العملي، كما تعينهم في توضيح الاستفسارات المالية المعاصرة وبيان المشروع منها، وتكون قادرة على تقديم نماذج عمليـة مـن المعاملات المالية التي تقوم على أساس مرجعية فقهية مرنة قابلة للتطبيق، وتستوعب مستجدات العصر. فإنه للنظـر في المستجدات والنوازل الفقهية يجب استخلاص القواعد والضوابط التي هي كليات تنبني عليها فروع، فـالفروع تتجدد وتتبدل بينما الكليات ثابتة لا تتغير.
[1] - الترمذي، أبواب الصلاة، 220.
[2] - البخاري، بدء الوحي، 1.
[3] - إعلام الموقعين لأبي عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، 1973، 3/123.
[4] - الموافقات للشاطبي إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي، تحقيق عبد الله دراز، دار المعرفة، بيروت، 2/333.
[5] - إعلام الموقعين لابن القيم 3/95.
[6] - إعلام الموقعين لابن القيم 3/95.
[7] - شرح القواعد الفقهية لأحمد بن الشيخ محمد الزرقا، صححه وعلق عليه مصطفى أحمد الزرقا، دار القلم، دمشق، 1989 ص 47.
[8] - الأشباه والنظائر للسيوطي، ص 49.
[9] - إسماعيل خالدي، الضوابط والقواعد الشرعية للمعاملات المالية الإسلامية، الهيئة الشرعية للبنك الكويتي التركي، 2011، ص 8.
[10] - ابن ماجة، الأحكام، 16؛ المسند للإمام أحمد بن حنبل، مؤسسة قرطبة، مصر، 1/313، الإمام مالك، الأقضية، 30.
[11] - الاستذكار لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر، تحقيق سالم محمد عطا، دار الكتب العلمية، بيروت 2000، 7/191.
[12] - إسماعيل خالدي، الضوابط والقواعد الشرعية للمعاملات المالية الإسلامية، الهيئة الشرعية للبنك الكويتي التركي، 2011، ص 9.
[13] - متفق عليه، رواه: البخاري، البيوع، 71؛ مسلم، البيوع، 12.
[14] - متفق عليه، رواه: البخاري، البيوع، 64 ،68؛ مسلم، البيوع، 11.
[15] - الاستذكار لابن عبد البر، 6/524؛ روضة الطالبين لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي، المكتب الإسلامي، بيروت 1405، 3/413، المغني لعبد الله بن أحمد بن قدامه المقدسي، دار الفكر، بيروت 1405، 4/152.
[16] - البحر الرائق شرح كتر الدقائق لزين الدين بن نجيم، دار المعرفة، بيروت، 8/370؛ التاج والإكليل لمختصر خليل لأبي عبد الله محمد بن يوسف المواق، دار الفكر، بـيروت 1977، 4/380؛ الروضة للنووي، 3/411؛ المغني لابن قدامه، 4/154؛ المحلى بالآثار لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، تحقيق عبد الغفار سـليمان البنـداري، دار الكتب العلمية، بيروت 7/572.
[17] - القرار الرابع لمجمع رابطة العالم الإسلامي في الدورة الرابعة عشرة، يناير 1995.
[18] - مسلم، المساجد، 51.
[19] - إسماعيل خالدي، الضوابط والقواعد الشرعية للمعاملات المالية الإسلامية، الهيئة الشرعية للبنك الكويتي التركي، 2011، ص 12.
[20] - شرح القواعد الفقهية للزرقا، ص 83.
[21] - القاضي عياض وولده محمد، مذاهب الحكام في نوازل الأحكام، تحقيق: محمد بن شريفة، دار الغرب الإسلامي، بيروت ،1997ص ص 263-264.
[22] - حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لمحمد عرفة الدسوقي، تحقيق محمد عليش، دار الفكر، بيروت، 3/20.
[23] - إسماعيل خالدي، الضوابط والقواعد الشرعية للمعاملات المالية الإسلامية، الهيئة الشرعية للبنك الكويتي التركي، 2011، ص 14.
[24] - الفتاوى الاقتصادية لبيت التمويل الكويتي، 1/35.
-
يأتي هذا الكتاب الذي بين أيدينا خطوة مهمة نحو تعميق الفهم الفقهي لدى المختصين في الأمور المالية من أساتذة وطلاب، وهو خطوة مهمة أيضا في بناء الأساس المكين لكتاب تدريسي مخصص لطلبة كليات الاقتصاد والإدارة، ليقوم به المعهد أو مؤسسة علمية أخرى، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
إن هذا الكتاب أحد مخرجات الاجتماعات المباركة لرؤساء أقسام الاقتصاد والاقتصاد الإسلامي بجامعات المملكة التي انطلقت عام 1405هـ ، والتي نوقش في إحداها – الاجتماع - 11موضوع تدريس مادة القواعد الفقهية. آمل أن يكون الكتاب إضافة علمية جديدة لمكتبة الاقتصاد الإسلامي.
-
-
-
1. تعريف العقد
لغة: العقد في لغة العرب: معناه الربط (أو الإحكام والإبرام) بين أطراف الشيء.
اصطلاحا: ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع، يرتب آثاره فيما عقد من أجله. والإيجاب: ما صدر ابتداء من أحد العاقدين، والقبول: ما صدر ثانيا من الآخر على وجه الرضا لكلام الأول. فإذا قال شخص لآخر بعتك هذا الجهاز بـ 100 دج، كان هذا الكلام إيجابا، وإذا قال الآخر: قبلت أو اشتريته بما ذكرت، كان هذا الكلام قبولا. ويترتب على ذلك أن يملك البائع الثمن، وأن يملك المشتري الجهاز.
2. الألفاظ المرتبطة بالعقد
ترتبط بالعقد ألفاظ أساسية، وهي:
- الالتزام: الالتزام بما جاء في العقد.
- التصرف: ويشمل الأقوال والأفعال، وهو أعم من العقد.
- العهد والوعد: الأمان والموثق والذمة.
3. مقومات العقد
تعتبر مقومات العقد مكوناته الأساسية، والتي لا قيام للعقد من دونها، كالإيجاب والقبول، والعقل والمحل والعاقدين.
.1-3 الإيجاب والقبول
تحقيقا للرضى، وهو أمر نفسي خفي يصعب تحديده، وقد يكون الإيجاب والقبول لفظا أو كتابة أو إشارة أو فعلا. ويشترط هنا:
- وضوح الدلالة ومعرفة القصد من صيغ الإيجاب والقبول، وتوافقها مع نوع العقد.
- الجزم في صيغة العقد، بعيدا عن التسويف أو صيغ المواعدة أو التردد.
- التوافق الصريح أو الضمني (يستنتج ضمنيا) على محل العقد.
- اتصال القبول بالإيجاب في مجلس العقد، أو خلال زمن العقد.
2-3. محل العقد
محل العقد هو الشيء (المعقود عليه) الذي تظهر وتثبت فيه آثار العقد وأحكامه. وتختلف طبيعة هذا
المحل باختلاف أنواع العقود. وله شروط.- أن يكون قابلا لحكم العقد ومقتضاه، فلا يصح عقد الرهن مثلا على الخضروات مقابل الدين، لأن طبيعة المحل لا تتفق مع حكم الرهن المتمثل باحتباسها طوال أجل الدين.
- أن يكون موجودا حين العقد، أو ممكن الوجود فلا يصح العقد إذا كان المعقود عليه معدوما.
- أن يكون معينا معلوما أو قابلا للتعيين بعيدا عن الجهالة والغرر المؤديان إلى النزاع والخلاف.
- أن يكون المحل مقدورا على تسليمه.
3-3. العاقدان (طرفا العقد)
العاقدان هما كل من يتولى العقد إما:
- أصالة كأن يبيع أو يشتري لنفسه.
- وكالة كأن يعقد نيابة عن الغير بتفويض منه في حياته.
- ولاية كمن يتصرف خلافة عن الغير في شؤون صغار بعد وفاته بإذن منه أو من قبل الحاكم.
لكي تترتب على العقد آثاره فإنه يشترط في العاقدين الشروط التالية:
الأهلية: أن يكون العاقد بالغا، عاقلا، مميزا، راشدا، وعليه لا ينعقد العقد إذا كان أحد العاقدين
صغيرا أو مجنونا، أو محجورا عليه لسفه وغير ذلك.الولاية: أي أن يكون للعاقد سلطة تمكنه من تنفيذ العقد وترتيب آثاره عليه. وهذه السلطة تكون
بالأصالة، أو النيابة أو القضاء.الرضا والاختيار: الرضا قصد الفعل دون أن يشوبه إكراه أو خداع أو تدليس، والاختيار هو القصد
إلى أمر متردد بين الوجود والعدم فهو داخل في قدرة الفاعل بترجيح أحد الجانبين على الآخر.4. أقسام العقود
هناك أقسام عدة للعقود، ويستخلص هذا التعدد من خلال:
- اختلاف طبيعة العقد ونوعه، مثلا: اجتماعي أو اقتصادي.
- اختلاف آثار العقد المترتبة على الالتزام بين أطراف العقد.
- اختلاف الأغراض التي شرع من أجلها العقد.
- اختلاف الأسس أو الموضوع المستهدف من العقد.
- اختلاف خصائص ومميزات العقد.
- اختلاف المقاصد والأحكام.
ومن أقسام العقود ما يلي:
عقود التبرعات: وهي التي يجري فيها التمليك دون مقابل وتقوم على أساس المنحة والمعونة من
أحد الطرفين للآخر كالهبة، والإعارة.عقود المعاوضات: وهي العقود التي تقوم على أساس إنشاء واجبات متقابلة بين المتعاقدين يأخذ فيها
كلا الطرفين مقابلا كما في البيوع والإيجارات.عقود المشاركات: وهي العقود التي يجري فيها الاشتراك في رأس المال وربحه، أو في ربحه فقط
كشركات المضاربة أو الشركات المساهمة.عقود التوثيقات: وهي العقود التي تهدف إلى توثيق حقوق المدينين وضمان وصولها إليهم كعقد
الكفالة والحوالة5. انتهاء العقد وأسبابه
انتهاء العقد إما أن يكون اختياريا أو ضروريا. ولكل هذه الصور أسباب وأحكام.
6. بعض القواعد الفقهية المنظمة للعقود
من القواعد الفقهية المنظمة للعقود، والمقررة في الإسلام قولهم:
- العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني.
- الأصل في العقود اللزوم.
- المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
- الجهالة توجب فساد العقود إذا كانت ُمفضية إلى نزاع مشكل.
- وسائل الحرام حرام.
- المشقة تجلب التيسير.
- البيع بالتراضي.
- الديون إنما تقضي بأمثالها.
- اليقين لا يزول بالشك.
- لا ضرر ولا ضرار.
- الأمور بمقاصدها
-
Fichier
مرجع خاص بالعقود والمعاملات المالية المعاصرة
-
-
-
على الرغم من بساطة أنواع صيغ التمويل الإسلامي نظريا، فإنها قد تصبح أحيانا مركبة في الواقع، ويرجع ذلك إلى أن بعض المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية دأبت باستخدام الهندسة المالية على تركيب أو تشكيل أدوات جديدة انطلاقا من مجموعة من الأدوات التمويلية وذلك تلبية لرغبات عملائها اللامتناهية وغير المحدودة.
1. تصنيف الأدوات المالية الإسلامية الاستثمارية
التصنيف الأنسب لأدوات التمويل الإسلامي الاستثمارية، والذي يتوافق مع التحليل المالي لهذه الأدوات، هو التصنيف على الأساس الذي تقوم عليه: أي أدوات تقوم على أصول وأدوات تقوم على المشاركة في الربح والخسارة وأوراق مالية
2. المرابحة
يمكن تقسيم البيع باعتبار الثمن إلى بيع مساومة، وبيع أمانة.
أما بيع المساومة: فهو البيع بالثمن الذي يتفق عليه المتعاقدان دون النظر إلى الثمن الأول.
وأما بيع الأمانة: فهو بيع مبناه على أمانة البائع في الإخبار عن الثمن الأول الذي ملك به السلعة. وهذا
هو سبب تسميته، وهو أنواع ثلاثة:بيع التولية: وهو البيع بمثل الثمن الأول، أي برأس المال بغير ربح. فكأن البائع جعل المشتري يتولى مكانه في المبيع. فإن كان البيع لجزء من المبيع بحصته من رأس المال دون ربح، فهو الإشراك.
بيع الوضيعة (الحطيطة): وهو البيع بمثل الثمن الأول مع انتقاص مقدار معلوم من الثمن، أي حطه.
بيع المرابحة: هو نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربحيشترط في بيع المرابحة التالي:
- أن يكون الثمن الأول الذي يشتري به البائع مرابحة (المصرف مثلا) السلعة معلوما للمشتري الثاني (العميل).
- أن يكون الربح معلوما لأنه جزء من الثمن، ويحدد الربح إما بنسبة مئوية من تكلفة السلعة محل العقد (مثلا %10من سعر الشراء،) أو مبلغ مقطوع ويتفقان عليه قبل الشراء.
تنقسم بيوع المرابحة في التطبيق إلى نوعين: 2مرابحة عادية ومرابحة مصرفية (مرابحة للآمر بالشراء)
بيع المرابحة العادية: هو الذي يشترط فيه أن يكون المبيع مملوكا للبائع. وتمارس البنوك الإسلامية هذا النوع من البيوع عن طريق شركاتها التابعة أو عن طريق الشركات التي يدخل فيها البنك مع عملائه.
بيع المرابحة للآمر بالشراء: ويقصد به اتفاق تبيع بموجبه المؤسسة المالية الإسلامية للعميل بسعر التكلفة إضافة إلى هامش ربح متفق عليه أصلا من نوع معين تم شراؤه وحيازته من قبل المؤسسة المالية الإسلامية بناء على وعد (غير ملزم) بالشراء من العميل. البنك لا يمتلك السلعة وقت التفاوض والاتفاق المبدئي.
الشكل التالي يشرح آلية ومراحل بيع المرابحة للآمر بالشراء.
3. التورق
التورق لغة هو طلب الورق أي الدراهم، حيث تعني كلمة ورق دراهم الفضة.
أما اصطلاحا فيمكن تعريفه على أنه شراء سلعة معينة وإعادة بيعها لطرف ثالث (لغير البائع) بغرض الحصول على نقد (ورق-تورق).
تنقسم تطبيقات التورق المعاصرة إلى: التورق العادي والتورق المصرفي.
فالتورق العادي هو كما تم تعريف التورق أعلاه.
التورق المصرفي: هو نوع من التمويل يمكن عملاء البنوك من الحصول على النقد بطريقة مشروعة بدلا من اللجوء للقروض التقليدية (الربوية)، حيث يمكن أن يقوم المصرف بشراء أو تمويل السلعة المطلوبة، ومن ثم بيعها للعميل زائدا ربحا محددا، ثم يقوم ببيعها لصالح عميله وإضافة المبلغ لحسابه، وفيما بعد يمكن أن يقوم العميل بدفع مبلغ الشراء نقدا أو بالتقسيط. أي هو تحصيل النقد بشراء سلعة من البنك وتوكيله في بيعها وقيد ثمنها في حساب المشتري.
ويتم حاليا إتمام التورق عن طريق عقد المرابحة، حيث تنفذ صيغة التمويل بالتورق (في بعض المؤسسات المالية الإسلامية) وفقا للآلية الآتية:
- يتقدم المتورق (طالب النقد) إلى المؤسسة المالية الإسلامية (مصرف إسلامي مثلا) طالبا التمويل بصيغة التورق ويحدد المبلغ الذي هو في حاجة إليه ويستوفي البيانات المطلوبة.
- تقوم المؤسسة المالية الإسلامية بدراسة طلبه والقيام بمجموعة من الإجراءات المصرفية المختلفة ومن أهمها: الضمانات وحدود السقف الائتماني والمقدرة على السداد ونحو ذلك.
- ثم تنتهي الدراسة إما بالقبول أو بالرفض، وفي حالة الموافقة يتم ما يلي: يقوم المتورق بالتوقيع على عقد الوعد بالشراء، وتقديم الضمانات المطلوبة، كما يقوم -في بعض العقود-بالتوقيع على توكيل المصرف بالبيع نيابة عنه وقد يدفع مبلغا يسمى ضمان الجدية.
- تقوم المؤسسة المالية الإسلامية بشراء السلعة نقدا من مصدرها، وتتملكها وتحوزها في ضوء المبلغ المطلوب للمتورق.
- تقوم المؤسسة المالية الإسلامية ببيع هذه السلع المشتراة إلى المتورق بالأجل (بصيغة المرابحة لأجل.
- يطلب المتورق من المؤسسة المالية الإسلامية أن تبيع السلعة نقدا لحسابه، وقد يتولى هو عمليه البيع بنفسه.
- في حال كون المؤسسة المالية هي من قامت ببيع السلعة (بحسب التوكيل من المتورق) فإنها تقوم بإيداع قيمة المبيع في الحساب الجاري للمتورق بعد أن تخصم منه: المصاريف الفعلية والعمولات وربح المرابحة، ونحو ذلك من الأعباء التي تحمل عليه حسب الاتفاق.
- إذا تولى العميل (المتورق) عملية البيع بنفسه، فإنه سيحصل على حاجته من النقد مباشرة.
- يقوم المتورق بسداد أقساط المرابحة حسب الاتفاق، وتطبق عليه شروطها.
والصيغة السابق شرحها تسمى (التورق المنظم)، وقد أثارت بعد انتشار تطبيقها الكثير من الانتقادات، ويشير البعض إلى انطوائها على حيلة على الربا، وهو ما جعل البعض يحرمها.
شروط التورق المصرفي
- لا يمكن للمصرف أن يقوم ببيع السلع (نقدا أو أجلا) للعميل قبل شرائها.
- يمكن أن يتم الشراء نقدا او مؤجلا أو على أقساط، وهذا لا يؤثر في صحة العقد شريطة أن يكون الثمن محددا ومعلوما لكلا الطرفين عند توقيع عقد البيع.
- يجب أن تكون السلعة التي سيشتريها العميل موجودة في مخازن البائع في لحظة إتمام عملية البيع، ويفضل أن يقوم المشتري بمعاينتها بنفسه للتأكد من تواجدها.
- يمكن للعميل توكيل المصرف لبيع السلعة التي اشتراها بدلا منه، إلا ان التوكيل يجب أن يحصل عند توقيع العقد أو بعده، ولا يجوز أن يشترط المصرف توكيله ببيع السلعة في العقد، حيث أن العقد والوكالة مختلفان عن بعضهما.
- يجب ان يتم دفع قيمة السلعة كاملة، ولا يمكن للمصرف أن يقوم بإتمام عملية البيع للعميل قبل قبض ثمنها كاملا.
- في حالة وجود العديد من السلع في المخازن التابعة للمصرف، فإنه يلزم أن يتم تحديد السلعة التي سيتم بيعها للعميل في كل مرة، وعند بيعها لطرف آخر فإنه يجب أن يتم تحديدها أيضا تحديدا واضحا لا لبس فيه.
- يجب أن يمكن المصرف عميله من قبض السلع إن طلب ذلك، وأن ينقلها إلى أي مكان يشاء أو بيعها لمن شاء مباشرة أو توكيلا، كما أنه يمكن أن يوكل المصرف عنه في ذلك إذا شاء.
4. السلم والسلم الموازي
السلم (الأصلي) (ويسمى كذلك السلف) هو بيع موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلا (في مجلس
العقد).أركان السلم هي:
- العاقدان: وهما المسلم وهو المشتري في عقد السلم، والمسلَم إليه: وهو البائع للسلعة المؤجلة في عقد السلم أي الذي يستلم رأس السلم مقدما من المشتري.
- المعقود عليه: المسلَم فيه: هو السلعة موضوع عقد السلم. ورأس مال السلم: هو سعر السلعة التي تكون محلا لعقد السلم.
- الصيغة: الإيجاب والقبول.
يتم تنفيذ عقد السلم مع السلم الموازي والذي يسمى كذلك بالسلم المنظم في المؤسسات المالية على النحو التالي:
طلب التمويل: ويشمل:
- مواصفات وكمية السلعة موضوع السلم.
- الثمن المقترح لهذه السلعة في ضوء المعلومات المتاحة ومقدار التمويل.
- بعض المستندات المتعلقة بالعميل.
- ميعاد وشروط التسليم ومكانه.
دراسة جدوى طلب التمويل: بالتركيز على:
- التحقق من صحة البيانات والمعلومات الواردة عن العميل.
- دراسة السلعة وسوقها موضوع السلم من ناحية المخاطر والقابلية للتسويق.
- دراسة النواحي الشرعية للسلعة موضوع السلم.
- دراسة ثمن الشراء ونسبة الربح.
- دراسة الضمانات والكفالات المقدمة من العميل.
- دراسة إمكانية التسويق وتنفيذ السلم الموازي.
إبرام عقد السلم: في حالة الموافقة من قبل المصرف على تنفيذ العملية، يحرر عقد بيع السلم بين المصرف (المشتري) والعميل (البائع). ويقوم المصرف بدفع الثمن كاملا في مجلس العقد ليستفيد منه البائع ويغطي به حاجاته المالية المختلفة (تمويل نشاط زراعي أو إنتاج منتج معين،) والبائع يلتزم بالوفاء بالسلعة في الأجل المحدد.
تسلم البضاعة: بعد الانتهاء من الإنتاج يقوم البائع (المتعامل) بتسليم البضاعة للمصرف وفق الشروط المتفق عليها وعندما يتسلم المصرف السلعة يكون لديه ثلاثة خيارات وهي:
- الخيار الأول: يتسلم المصرف السلعة في الأجل المحدد ويتولى تصريفها وبيعها من خلال إدارة التسويق الموجودة لديه حالا أو آجلا، وإذا كان هناك شركة تسويق تابعة للمصرف يمكن البيع له.
- الخيار الثاني: يوكل المصرف المسلم إليه (البائع / المتعامل) ببيع السلعة نيابة عنه مقابل أجر محدد مسبقا على أساس أنه أكثر تخصصا ودراية بسوق السلعة.
- الخيار الثالث: السلم الموازي وهو عقد سلم يلتزم فيه المسلم (المشتري) في العقد الأول بتسليم سلعة موصوفة في الذمة تنطبق مواصفاتها على السلعة التي يكون قد اشتراها في عقد السلم الأول (الأصلي) ليتمكن من الوفاء بالتزامه دون أي ربط بين العقدين.
5. الإستصناع والإستصناع الموازي
الإستصناع لغة: طلب عمل الصنعة.
الإستصناع هو عقد يشترى به في الحال شيء مما يصنع صنعا يلتزم البائع بتقديمه مصنوعا بمواد من عنده بأوصاف مخصوصة، وبثمن محدد.
والإستصناع عند الجمهور صورة من صور عقد السلم فتثبت فيه شرائط هذا العقد، أما عند الأحناف فهو
عقد مستقل له أحكامه الخاصة واختلفوا في كونه: مواعدة أو معاقدة.
الإستصناع الموازي: هو الذي يتم بين المؤسسة المالية في عقد الإستصناع (الأصلي) الأول بصفة كونها بائعا، وبين صانع آخر يتولى صنع الشيء بمواصفات مشابهة للمصنوع المتفق عليه في العقد الأول، بصفة كون المؤسسة المالية مستصنعا من الباطن، ويتولى صنع الشيء بمقتضى الإستصناع الموازي، دون أن يكون هناك أي ارتباط بين العقدين، فلا توجد علاقة حقوقية أو مالية بين المشتري النهائي الفعلي وبين الصانع البائع الفعلي.
وضع الأحناف ثلاثة شروط إذا لم تتوفر جميعها أو بعضها فسد العقد، وتلك الشروط كما يلي:
- بيان جنس المصنوع ونوعه وقدره وصفته.
- أن يكون مما يجري فيه التعامل بين الناس كالمصوغات، والأمتعة، ووسائل النقل.
- ألا يكون فيه أجل، وإن جعل فيه أجل صار العقد سلما حيث يلزم فيه شروط السلم، وهي: قبض البدل في المجلس، وأنه لا خيار لأحد العاقدين إذا سلم الصانع المصنوع على الوجه الذي شرط عليه في العقد، وإن كان هناك من يرى أن هذا ليس بشرط، والعقد استصناع على كل حال سواء حدد فيه أجل أو لم يحدد، لأن العادة جرت بتحديد الأجل في الإستصناع، فيكون شرطا صحيحا.
أركان عقد الإستصناع ثلاثة، وهي:
- العاقدان: وهما الصانع والمستصنع (طالب الصنعة).
- المعقود عليه: وهما المحل (المصنوع) والثمن.
- الصيغة: وهي الإيجاب والقبول.
تمر عملية الإستصناع مع الإستصناع الموازي بالمؤسسات المالية الإسلامية بعدة خطوات يمكن تلخيصها فيما يلي:
- عقد الإستصناع: يعبر المشتري عن رغبته لشراء السلعة، ويتقدم للمؤسسة المالية بطلب إستصناعه بسعر معين يتفق على طريقة دفعه مؤجلا أو مقسطا، والمؤسسة المالية تلتزم بتصنيع السلعة المعينة وتسليمها في أجل محدد متفق عليه.
- تقوم المؤسسة المالية بعقد استصناع ثاني مع مؤسسة لصنع السلعة ذات مواصفات مطابقة لما طلبه العميل، وتكون المؤسسة المالية هنا مستصنعة (مع مراعاة أن يكون هذا الأجل أقل من الأجل الذي التزمت فيه بتسليم الأصل للعميل المستصنع في العقد الأول).
- تسليم وتسلم السلعة: البائع يسلم المبيع المستصنع إلى البنك مباشرة أو إلى جهة أو مكان يحدد البنك في العقد. المؤسسة المالية تسلم المبيع المستصنع إلى المشتري الذي يكون من حقه التأكد من مطابقة المبيعات للمواصفات التي طلبها في عقد الإستصناع الأول. ويظل كل طرف مسؤولا تجاه الطرف الذي تعاقد معه.
لاحظ أن المؤسسة المالية في العقد الأول تلعب دور الصانع، بينما هي في العقد الموازي مستصنع. ويشترط لصحة العقد الثاني ألا يتم ربطه بالعقد الأول، وإلا وقعت المؤسسة المالية في محظور شرعي وهو إجراء عقدين في عقد واحد.
6. الإجارة
الإجارة لغة مشتقة من الأجر، وفعلها أجر، وتأتي بمعنى الكراء على العمل.
والإجارة اصطلاحا هي تمليك منافع مباحة مدة معلومة بعوض، أو هي عقد على منفعة مباحة معلومة مدة معلومة من عين معلومة أو موصوفة في الذمة، أو عمل بعوض معلوم، وهذا التعريف شامل لكل تعريفات الإجارة الواردة في المذاهب الفقهية الأخرى.
يبرم عقد الإيجار بين طرفين أحدهما يسمى المؤجر والآخر يسمى المستأجر، ويتعين أن تكون إرادتهما صحيحة خالية من العيوب كافة (كالغلط والتدليس والإكراه،) وأن تتوفر لديهما أهلية التأجير والاستئجار (الأهلية اللازمة للقيام بأعمال الإدارة).
تشمل أركان عقد الاجارة ما يلي:
- العاقدان: وهما المؤجر والمستأجر.
- العوضان: وهما الأجرة من المستأجر، والمنفعة من المؤجر.
- الصيغة: وهي ما يصدر من المتعاقدين مما يدل على تمليك المنفعة والعوض.
للإجارة عدة تطبيقات منها الإجارة التشغيلية (العادية)، وفيها يكون لدى المؤسسة المالية الأصل الذي تريد تأجيره، والاجارة التمويلية (المنتهية بالتمليك) وفيها تقوم المؤسسة المالية باقتناء الأصل بناء على طلب العميل (المستأجر) باستئجارها، وهي في حقيقتها بيع مستتر بإجارة، لهذا تسمى بيع الإيجار أو البيع التأجيري. والإجارة المنتهية بالتمليك صورة مستحدثة من صور التمويل في ضوء عقد الإجارة، وفي إطار صيغة تمويلية تسمح بالتيسير على الراغب في اقتناء أصل رأسمالي، ولا يملك مجمل الثمن فورا.
7. الجعالة
الجعالة مصدر مشتق من الفعل (جعل).
الجعالة هي أن يجعل الرجل للرجل أجرا معلوما ولا ينقده إياه، على أن يعمل له في زمن معلوم أو مجهول مما فيه منفعة للجاعل -على خلاف في هذا-على أنه إن أكمله كان له الجعل وإن لم يتمه فلا شيء له مما لا منفعة للجاعل إلا بعد تمامه.
وأكثر الفقهاء يبحثونها في كتبهم مع الإجارة لشدة الترابط بينهما حيث كل منهما عقد على عمل مباح مقابل عوض.
ولعقد الجعالة أركان لابد من توافرها لصحة العقد، وهي كالآتي:
- الجاعل: أن يكون بالغا عاقلا رشيدا، أن يكون مختارا فلا يصح العقد إن وقع من مكره على التعاقد به
- المجعول له (العامل): أن يكون مميزا -أن يكون أهلا للعمل
- الجعل: أن يكون الجعل (الأجرة) مالا معلوما مباحا مقدورا على تسليمه.
- المنفعة: كون المنفعة معلومة حقيقة، مما يباح الانتفاع بها شرعا (أن تكون مما يُعلم وقوع الانتفاع.
- العمل: أن يكون مما فيه منفعة للجاعل -أن يكون مما فيه كلفة.
- الصيغة: تنعقد الجعالة بالإيجاب الموجه لمعين أو للجمهور، سواء صدر باللفظ، أو الكتابة، أو أي وسيلة تدل على طلب العمل والالتزام بالجعل، ولا يشترط قبول العامل.
في التطبيق، يمكن للمؤسسة المالية أن تأخذ صفة العامل في عقد الجعالة وذلك بتعاقدها على العمل لصالح الغير، سواء قامت بالعمل بنفسها أو بمن تتعاقد معه في جعالة أخرى وتكون من قبيل الجعالة الموازية، ما لم يُشترط عليها أن تقوم هي بالعمل، مع التأكيد على وجوب عدم الربط بين الجعالتين.
كما يمكن أن يكون للمؤسسة في عقد الجعالة صفة الجاعل لمن يقدم العمل لها، سواء كانت هي المستفيدة منه أو كان للوفاء بالتزام منها بجعالة لصالح الغير (الجعالة الموازية،) مع مراعاة عدم الربط بين الجعالتين.
8. المشاركة
ويقصد بعمليات المشاركة، التعاقد بين اثنين فأكثر على العمل للكسب بواسطة ما يقدمونه من رأس مال مشترك على أن يقسم ما يحصل من الربح بينهم.
يعتبر البنك شريكا لطالب التمويل، ويتفق معه على توزيع الأرباح المتوقعة بينهما على أساس حصول البنك على حصة مقابل تمويله، وحصول الشريك على حصة مقابل تمويله وعمله وإدارته للعملية، وأن يتم التوزيع على أساس تحديد حصة الشريك مقابل الإدارة فتخصم من الأرباح أولا ثم يوزع الباقي بين الطرفين حسب نسبة حصة كل منهما في التمويل، أما في حالة الخسارة فيتحمل كل طرف بنصيبه حسب نسبة حصص التمويل، وبطبيعة الحال يكون الشريك قد بذل جهده وعمله دون أن يحصل على مقابل ذلك لعدم وجود أرباح.
ويمكن تقسيم أنواع المشاركات كما تقوم بها المؤسسات المالية الإسلامية إلى:
المشاركة الثابتة (الدائمة أو طويلة الأجل): وفي هذا الشكل تبقى لكل طرف من الأطراف حصص ثابتة في المشروع مع مرور الوقت.
المشاركة المتناقصة (المشاركة المنتهية بالتمليك): يقوم المصرف ببيع جزء من حصته دوريا (كل سنة مثلا) إلى الشريك (العميل) حتى تؤول ملكية الشركة أو المشروع كلية للشريك في نهاية المدة المتفق عليها.
المشاركة المتغيرة: هي البديل عن التمويل بالحساب الجاري المدين حيث يتم تمويل العميل بدفعات نقدية حسب احتياجه ثم يتم أخذ حصة من الأرباح النقدية.
المشاركة المباشرة: ويدخل فيها البنك الإسلامي شريكا في عمليات تجارية أو استثمارية مستقلة عن بعضها البعض، حتى بالنسبة للمشروع الواحد وتختص بنوع أو عدد معين من السلع. وقد تؤول ملكية هذا النوع من المشاركة إلى الشريك إذا رغب في شراء نصيب البنك بموجب عقد جديد.
المشاركة في رأس مال مشروع: تسمى المشاركة التشغيلية في رأس مال المشروع أو المساهمة في تمويل رأس مال المشروع حيث يقوم البنك بتقييم أصول الشريك ليحدد حجم التمويل الذي سيقدمه، ويشترط ألا تقل مساهمة الشريك عن نسبة معينة (مثلا %15) من جملة رأس مال المشروع الذي سيتم تشغيله، هذا وفي المجال الصناعي فإن البنك لا يشترط على الشريك تقديم أي مساهمة مالية، إذ أن مساهمته في هذه الحالة تكون هي الأصول التي تم تقييمها وتمثل حصة الشريك، بالإضافة إلى جهده الإداري.
9. المضاربة
تعرف المضاربة بأنها: عقد على الاشتراك في الربح الناتج عن مشروع يكون المال فيه من طرف (يسمى صاحب المال أو رب المال) والعمل من طرف آخر (يسمى المضارب).
ويمكن تعريفها على أنها نوع من المشاركة العادلة بين المال والعمل (الجهد) يسمح فيها لرأس المال بأن يأخذ نصيبا من الربح المحقق. كما يسمح لصاحب الجهد كذلك بأن يأخذ نصيبا من الربح نتيجة عمله في المال، فإذا حدثت الخسارة وكان دون تعمد ولا تقصير من العامل فإن كل طرف يخسر من جنس ما قدمه.
تشمل أطراف المضاربة باتفاق الفقهاء (وقد عد أكثر الفقهاء هذه الأطراف كلها أركانا للمضاربة): رب المال، المضارب، رأس مال المضاربة، عمل المضارب، الربح الذي يتحقق فيها، صيغة المضاربة.
تحرص المصارف الإسلامية حرصا شديدا على المواظبة في التعامل بصيغة المضاربة لأنها تقوم على التآلف الحقيقي بين من يملكون المال وليس لديهم الخبرة أو الوقت لتشغيله وبين من يملكون الجهد والخبرة والوقت الكافي غير أنه لا مال لهم أو أن طاقتهم الإنتاجية تفوق ما لديهم من مال، ففي هذه الصيغة تتجلى المشاركة بين المال والعمل لذلك فالعلاقة بين المصرف وعميله هي علاقة شريك لشريكه، وليست علاقة دائن ومدين. ،1وما يميز هذا الأسلوب عن باقي الأساليب الإسلامية في عملية التمويل هو المخاطرة الكبيرة (المخاطر الأخلاقية،) لأن المصرف يقوم بتسليم ماله للمضارب الذي يتولى مهمة العمل والإشراف، ولا يكون ضامنا إلا في حالة التقصير أو التعدي. كما أنها قسمان:
المضاربة المطلقة: هي التي تتم دون قيود، بأن يدفع صاحب المال (المصرف مثلا،) المال مضاربة من غير تعيين العمل والمكان والزمان وصفة العمل ومن يعامله المضارب. ونظرا لصعوبة استثمار الأموال وفق هذه الصورة وحرصا على أموالها فإن المصارف في الوقت الراهن لا تتعامل بهذه الصيغة.
المضاربة المقيدة: وتكون مقترنة ببعض القيود، بأن يدفع المصرف مثلا مالا إلى شخص آخر، على أن يعمل به في بضاعة معينة، أو في بلدة معينة، أو في سوق معينة، أو في وقت معين، أو لا يتعامل مع شخص معين. وعلى هذا، يجوز أن يشترط رب المال على المضارب ألا يتجر في سلع لا تحقق في ُعرف السوق حدا معينا من الربح.
10. المزارعة
والمزارعة لغة: مفاعلة من الزرع وهو الإنبات. تقول: زرع الحب يزرعه زرعا، أي بذره، والمزارعة هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها.
يشترط لصحة عقد المزارعة الشروط التالية: العاقدان، الزرع، المزروع، الحصة، الأرض، المعقود عليه (إما منفعة عامل، أو منفعة أرض) والأجل.
- أهلية المتعاقدين (صاحب الأرض والعامل عليها) من النواحي القانونية والفنية والسلوكية.
- أن تكون الأرض صالحة للزراعة، مع تحديدها وبيان ما يزرع فيها.
- بيان مدة الزراعة.
- أن يكون الناتج بين الشريكين مشاعا بين أطراف العقد، وبالنسبة المتفق عليها.
- يجب تحديد نصيب كل الطرفين.
- بيان من يقدم البذر من الطرفين، لأن المعقود عليه يختلف باختلاف البذر. فإذا كان من قبل صاحب الأرض كان المعقود عليه منفعة الأرض، وإذا كان من قبل العامل فالمعقود عليه منفعة العمل.
- بيان نوعية المزارعة، أي نوع المحصول الذي سيزرع
يمكن تصور العديد من أشكال عقد المزارعة بحسب ما يوفره طرفا العقد: الأرض، والبذر، والآلة والعمل.
تمويل المصرف الإسلامي للمزارعة هو نوع من المشاركة بين طرفين:
- الطرف الأول: يمثله المصرف الإسلامي باعتباره مقدم التمويل المطلوب للمزارعة
- الطرف الثاني: يمثله صاحب الأرض أو العامل (الزارع) الذي يحتاج إلى تمويل.
11. المساقاة
المساقاة في اللغة: مفاعلة من السقي، يقال: سقى الزرع إذا صب عليه الماء، وساقى فلان فلانا نخله: إذا دفعه إليه واستعمله فيه، على أن يعمره ويسقيه، ويقوم بمصلحته ويكون له من ريع ذلك جزء معلوم.
نوع شركة على أن تكون الأشجار من طرف والتربية من طرف آخر وأن يقسم الثمر الحاصل بينهما.
يشترط لصحة عقد المساقاة الشروط التالية:
- أن يكون رب الأرض وعامل المساقاة من أهل العقد.
- أن يكون الزرع معلوما.
- أن يكون الخارج لهما. فلو شرطا أن يكون الخارج كله لأحدهما فسدت المساقاة.
- أن تكون حصة كل واحد منهما مشاعا معلوم القدر.
- التخلية بين الأرض وعامل المساقاة.
- أن تكون المساقاة على شجر ثابت له ثمر يجنى مع بقاء أصله، فإن لم يكن الشجر ثابتا، أو لم تكن له ثمرة ينتفع بها، فلا تجوز المساقاة عليه.
- أن تكون المساقاة على شجر كبير يمكن أن يثمر. إذ الغاية من المساقاة هي وجود الثمرة التي ينتفع بها المالك والعامل، فإذا عقدت المساقاة على شجر، أو نخل صغير لا يمكن أن يثمر. إلا بعد سنوات طويلة، فإن الهدف الذي من أجله تمت المساقاة غير موجود، فتكون المساقاة غير صحيحة.
- أن يكون محل المساقاة معلوما. بحيث يكون الشجر معلوما للعامل، إما بالرؤية، أو بالوصف المنضبط، ذلك أن عقد المساقاة مستثنى من القواعد التي تمنع ما فيه جهالة وغرر، فلا بد من رؤية الشجر عند إبرام العقد، أو وصفه وصفا منضبطا يزيل الجهالة، ويقلل احتمال الغرر.
تطبيق المساقاة في المصارف الإسلامية يعتبر نوعا متخصصا من المشاركة في القطاع الزراعي، بين طرفين:
الطرف الأول: يمثله المصرف الإسلامي الذي يقوم بتمويل مشروعات مياه الشرب أو مشروعات الري واستصلاح الأراضي لزراعتها وتطويرها باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ومن ثم إدارة مشروعات المياه والري على مبدأ الربحية التجارية.
الطرف الثاني: يمثله صاحب البستان أو الشريك القائم عليه بالسقي والموالاة بخدمته حتى تنضج الثمار. وقد يكون الطرف الثاني طالب التمويل الذي يمتلك أرضا ويرغب في تطويرها وزراعتها باستغلال مياهها الجوفية أو نقل المياه إليها من موقع يتميز بغزارة مياهه.
12. الصكوك (الأوراق المالية) والمحافظ والصناديق الاستثمارية
الصكوك والمحافظ الاستثمارية يمكن أن تقوم على الأصول المذكورة سابقا.
وقد أطلقت المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية على الصكوك الإسلامية اسم (صكوك الاستثمار) تمييزا لها عن الأسهم وسندات القرض، وعرفتها بأنها:
وثائق متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في ملكية أصول مشروع معين أو نشاط استثماري خاص وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله.
وعرفها مجمع الفقه الإسلامي الدولي بأنها: أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس المال إلى حصص متساوية، وذلك بإصدار صكوك مالية برأس المال على أساس وحدات متساوية القيمة، ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصا شائعة في رأس المال وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه.
13. تطبيقات
في كل عقد من العقود التالية، يوجد خطأ في التطبيق، المطلوب تحديد الخطأ وتصحيحه:
1. في عقد مرابحة مصرفية لشراء سيارة، سدد البنك الإسلامي قيمة السيارة، وطلب من العميل استلام السيارة من الوكيل مباشرة على أن يقوم بسداد الأقساط المستحقة كل شهر.
2. في عقد مرابحة مصرفية لشراء آلة نسيج، اتفق البنك على أن الوعد الذي تقدم به العميل ملزم له، وأنه متى ما اشترى البنك الآلة، التزم العميل بشرائها منه.
3. في عقد تورق قام المتورق بشراء سلعة معينة من شركة البيع بالتقسيط (دفع سعرها على أقساط)، وأعاد بيعها لنفس الشركة نقدا.
4. تعاقد بنك إسلامي مع عميل على شراء 20طنا قمح سلما، بسعر 1000 دج للطن الواحد، التسليم
بعد شهر، على أن يعطي البنك الثمن للعميل عند استلام القمح.5. دخل شخصان في عقد مضاربة، أحدهما بالمال (رب المال) والآخر بالجهد والعمل (المضارب). من المتوقع تحقيق إيرادات سنوية مقدارها 50ألف دج سنويا، وقد اتفق الطرفان على أن يأخذ البنك مبلغ 30ألف دج والباقي يكون للعميل، أما الخسارة فيتم تحملها بالتساوي بين الطرفين.
6. دخل مصرف مع عميل في عقد مشاركة، نسبة مساهمة البنك %80الباقي مساهمة من العميل. اتفق البنك مع العميل على اقتسام الأرباح بحسب نسبة مساهمة كل طرف، ولا يتحمل البنك أية خسارة في حال تحققها.
7. في عقد إجارة تمويلية، يدفع العميل أقساط الإجارة الشهرية للبنك، وعند انتهاء مدة السداد تنتقل ملكية الأصل المؤجر بعقد بيع بسعر رمزي إلى المستأجر (العميل).
8. في عقد إجارة تشغيلية اتفق العاقدان (المؤجر والمستأجر) على أن يكون تحمل تكاليف صيانة الأصل المستأجر من طرف المستأجر.
9. في عقد إجارة تمويلية، يدفع العميل أقساط الإجارة الشهرية للبنك، وعند انتهاء مدة السداد تنتقل ملكية الأصل المؤجر مباشرة إلى المستأجر (العميل).
10. تعاقد تاجر مع مزارع على شراء 400طن من الشعير سلما والتسليم يكون في تاريخ مستقبلي غير محدد، كما أن دفع قيمة البيع يكون لحظة استلام الكمية المحددة من الشعير.
11. تعاقد طرفان على الدخول في عقد مشاركة، وكانت مساهمة الطرف الأول %40والطرف الثاني .%60 تم الاتفاق على أن يتم اقتسام الأرباح بالتساوي % 50لكل طرف والخسائر يتحملها الطرف الأول.
12. في عقد مضاربة اتفق العامل مع صاحب المال على أن يكون اقتسام الأرباح وتحمل الخسائر بينهما بالتساوي.
13. في عقد مشاركة اتفق الطرفان (أ) و(ب) على أن يكون نصيب الطرف (أ) هو 12000 دج سنويا، والباقي هو من نصيب الطرف (ب).
14. في عقد سلم موازي بين بنك وتاجر على تسليم التاجر ما مقداره 12قنطار من الشعير، أكد البنك للعميل (التاجر) أنه لن يلتزم بتسليم الكمية إلا في حالة استلامه تلك الكمية من المزارع الذي دخل معه سابقا في عقد سلم أصلي.
15. عقد مشاركة بين طرفين (أ) و(ب.) تمثلت مساهة الطرف (أ) في معدات إنتاج وعقار، بينما مساهمة (ب) تتمثل في دين على شخص ثالث سيقوم بتحصيله بعد شهر. واتفق الطرفان على اقتسام الأرباح والخسارة حسب مساهمة كل طرف.
16. دخل مقاول في عقد استصناع مع شخص ما على بناء مسكن خلال مدة سنتين، والسداد يكون على أقساط، وقد اشترط المقاول أن يكون توفير المواد الأولية اللازمة للمشروع من طرف المستفيد (الشخص.
-
Fichier
مرجع خاص بالعقود والمعاملات المالية المعاصرة
-
-
-
-
-
-
-
الكتب
سامي إبراهيم السويلم، مدخل إلى أصول التمويل الإسلامي، معهد الاقتصاد الإسلامي، مركز النشر العلمي بجامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية، 2011.
علي أحمد الندوي، المدخل إلى قواعد الفقه المالي، معهد الاقتصاد الإسلامي، مركز النشر العلمي بجامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية، 2010.
إسماعيل خالدي، الضوابط والقواعد الشرعية للمعاملات المالية الإسلامية، الهيئة الشرعية للبنك الكويتي التركي.
عبد الكريم أحمد قندوز، المالية الإسلامية، صندوق النقد العربي، 2019.
المواقع:
https://www.amf.org.ae/ar
-
-
-
Devoir
يطلب من الطلبة إنجاز بحث حول أساسيات المعاملات المالية الإسلامية (لا يتعدى 15 صفحة)، يرسل عن طريق موودل.
يشتطرق البحث إلى أهم نقاط العناصر التالية:
مصادر التشريع في الفقه الإسلامي.
القواعد الأساسية للمعاملة المالية الشرعية.
طبيعة وأنواع العقود في الفقه الإسلامي.
المعاملات المالية المعاصرة.
طرق استنباط الحكم الشرعي.
شروط صحة ووجوب المعاملة المالية.
التكييف الشرعي لمعاملات المصارف الإسلامية.
التكييف الشرعي لعقود الودائع المصرفية.
التكييف الشرعي لعقود الاستثمار والتمويل المصرفية.
الاختلافات الفقهية وآثارها العملية على النشاط المصرفي الإسلامي.
العقود المستحدثة في المالية الإسلامية .
ترسل البحوث قبل يوم 11 مارس 2021
يمكن الإشتراك في إنجاز البحث (ثلاثة طلبة على الأكثر)
-