Enrolment options

جامعة محمد بوضياف بالمسيلة

قسم العلوم الاقتصادية

محاضرات في مقياس المالية الدولية (السنة الثالثة: نقدي و بنكي)

للأستاذ: محادي سالم

 

مقدممة عامة

إن انهيار نظام بريتين وودز مع بداية عقد السبعينيات أدى إلى إحداث تغيرات جذرية كان لها انعكاساتها على الاقتصاد العالمي ككل، حيث تنامت اليبرالية الجديدة وتراجع دور الدولة وانقضى عصر ثبات أسعار الصرف وتصاعد ت نزعة الحمائية وبرزت المديونية واتسعت رقعة الركود الاقتصادي ليصل الى معظم الدول الرأسمالية المتقدمة بسبب تراجع معدلات نمو التجارة العالمية.

و مع تنامي ظاهرة العولمة بعد انتهاء الحرب الباردة و إنهيار الإتحاد السوفياتي وإنشاء المنظمة العالمية للتجارة وتوسيع عضوية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي, شهدت السنوات الأخيرة تطوراً كبيراً في المبادلات التجارية وتنامياً متسارعاً في الاستثمارات الخارجية وتزايداً في الروابط الاقتصادية بين مختلف دول العالم حيث ارتفعت التدفقات الرأسمالية العابرة للحدود بين عام 1970 وعام  2000، من 3 % تقريبا إلى 17 %من الناتج المحلي الإجمالي فيما يخص إقتصاديات الدول المتقدمة ومن الصفر تقريبا إلى نحو 5 %من الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة للاقتصاديات النامية. بمعنى زيادة كبيرة لحصة المعاملات المالية الدولية في الناتج المحلي الإجمالي لمعظم دول المعمورة, خاصة الدول المتقدمة والصاعدة. وقد رافق كل هذه التطورات تعاظم و نمو درجة التدويل، في إطار نمط الإنتاج الرأسمالي بشكل واسع و الذي كان له علاقة وثيقة بالتوسع الهائل الذي حدث في نشاط الشركات المتعددة الجنسيات والتي تمثل حاليا المكونات الرئيسية للاقتصاد العالمي. إن التوسع الكبير الذي عرفته التجارة الدولية يفسر كذلك بمساهمة ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والمواصلات في التخفيض المعتبر لتكاليف التعاملات الخارجية مما أدى إلى نمو هائل في درجة اندماج وتوسع أسواق المال العالمية وتزايد إعتماد اقتصاديات الدول على بعضها البعض نتيجة تخفيف القيود على الصرف والمعاملات المالية الدولية. وقد صاحب تطور وازدهار التجارة الدولية, تطور موازي وبوتيرة أسرع للعمليات المالية الدولية لأن الدول والشركات بحاجة متزايدة إلى تسوية مدفوعاتها التجارية وتمويل استثماراتها المحلية والخارجية.

 

نتناول في إطار هذا المقياس, مختلف مواضيع المالية الدولية والتي احتوتها الفصول الآتية:

الفصل الاول :  مفهوم المالية الدولية وتطور النظام المالي الدولي

الفصل الثاني: ميزان المدفوعات

الفصل الثالث: آليات معالجة الإختلال في ميزان المدفوعات

الفصل الرابع: سوق الصرف الأجنبي

الفصل الخامس: تقنيات التسوية المالية في الأسواق الدولية

الفصل الاول :  ماهية المالية الدولية وتطور النظام النقدي الدولي

المبحث الأول: ماهية المالية الدولية

مفهوم المالية الدولية

المالية الدولية هي فرع من فروع العلوم المالية والنقدية والتي تهتم بدراسة العلاقات المالية والنقدية بين مختلف دول العالم. إن هذا المصطلح يتكون من كلمتين، حيث تشير كلمة المالية إلى ندرة المعروض من رأس المالي وكلمة الدولية تشير إلى أن حركة رأس المال تأخذ طابعا دوليا أي أن إنتقال رأس المال بمختلف أشكاله يتجاوز الحدود السياسية للدول.

وتتمثل الوظيفة الاساسية للمالية الدولية في نقل رؤوس الاموال من مناطق الفائض الى مناطق العجز بتدخل وسطاء ماليين (مصارف و شركات تامين والأسواق المالية...الخ) و ذلك بحثا عن اعلى نسبة حدية من العائد المشروع او المحرم لان في مواقع الفائض نسبة العائد تكون منخفضة نسبيا بينما في مناطق العجز, احتمال العائد  يكون افضل. بهذه الطريقة يمكن تحقيق الاستخدام الامثل لراس المال في التوظيفات الاكثر انتاجية و ربحية على الصعيد الدولي.

تقسيمات  حركة رؤوس الاموال الدولية

تنقسم التحركات الدولية بصفة عامة إلى تحركات رسمية وتحركات خاصة.

 التحركات الرسمية: ويقصد بها تلك القروض الربوية التي تعقد بين حكومات الدول المقرضة وحكومات الدول المقترضة أو إحدى هيئاتها العامة أو الخاصة، كما تشمل التحركات الرسمية تلك القروض التي تعقد بين الحكومات المقترضة والمنظمات الدولية والإقليمية ومتعددة الأطراف، وعلى ذلك فإن التحركات الرسمية تأخذ أحد الأشكال التالية:  قروض ربوية حكومية ثنائية؛ قروض ربوية دولية متعددة الأطراف؛ قروض ربوية إقليمية متعددة الأطراف.

التركات الخاصة: ويقصد بها كل القروض الممنوحة من جهات خاصة أو أفراد ومؤسسات إلى حكومات الدول الأجنبية أو المؤسسات العامة أو الخاصة بها، ويأخذ هذا النوع من التحركات أحد الأشكال التالية: تسهيلات الموردين؛ تسهيلات أو قروض ربوية مصرفية؛ سندات ربوية في الأسواق الدولية؛ الاستثمار المباشر والمحفظة الاستثمارية.

أهمية التمويل الدولي

تختلف أهمية التمويل الدولي بين الدول المتلقية لرأس المال والدول المقرضة لرأس المال, كل حسب الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها.

أهمية التمويل الدولي بالنسبة للدول المتلقية: عموما تكمن أهمية التمويل الدولي بالنسبة للدول المتلقية لرأس المال فيما يلي:

-تدعيم برامج وخطط التنمية المستدامة؛

- رفع مستوى معيشة السكان وتحقيق الأمن الإقتصادي؛

- مواجهة العجز في موازين المدفوعات وسد الفجوة بين الاستثمارات المطلوبة والمدخرات المحققة.

أهمية التمويل الدولي بالنسبة للدول المانحة: تكمن أهمية التمويل الدولي بالنسبة للدول المانحة لرأس المال فيما يلي:

 - تحسين صورة الدولة المانحة أمام المجتمع الدولي واظارها كدولة تحارب الفقر في العالم؛

- حماية مصالح بعض القطاعات الإنتاجية بالداخل كالقطاع الزراعي الذي ينتج كميات كبيرة ويؤدي عدم تصدريها إلى انخفاض أسعاره وإصابة المنتجين بأضرار جسيمة، ولهذا يمكن التخلص من هذه الفوائض السلعية عن طريق القروض الربوية والمساعدات؛

- إستفادة الدولة المانحة للقروض الربوية من خدمات النقل والتأمين والدراسات التقنية الخاصة بالمشاريع الممولة لصالح شركاتها.

 

 

مميزات الاقتصاد العالمي المعاصر وعلاقتها بالمالية الدولية

إن من أبرز مميزات الاقتصاد العالمي المعاصر هو تزايد وزن و اهمية المبادلات الخارجية بين مختلف دول العالم حيث شهدت المبادلات التجارية الدولية نموا بمعدلات تزيد عن ضعف معدلات نمو الاقتصاد العالمي و هو ما ادى الى زيادة حصة قطاع باقي العالم في الناتج الداخلي الخام للدول الصناعية و الصاعدة خاصة. هذا التطور الكبير للتجارية الدولية صاحبه نموا موازيا للمعاملات المالية الدولية بحكم ان الدول و الشركات ملزمة بتسوية مدفوعاتها التجارية و تمويل استثماراتها الاجنبية المتنامية بفعل الانفتاح الواسع و المتزايد لمعظم دول العالم على بعضها البعض و تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات من خلال الاستثمار الاجنبي المباشر و غير المباشر و تضاعف عمليات تحويل الارباح من الدول المستضيفة الى دول الأم بالإضافة الى التدفقات المالية الدولية على شكل قروض و تسديدها بفوائدها الربوية.

المبحث الثاني: تطور النظام النقدي والمالي الدولي

النظام المالي والنقدي الدولي عبارة عن مجموعة من القواعد والآليات والمؤسسات المرتبطة بتنظيم الأوضاع النقدية والمالية على المستوى الدولي بما يكفل تمويل حركة التجارة الدولية المتعددة الأطراف وتحقيق نمو الاقتصاد العالمي والاستقرار في العلاقات الاقتصادية الدولية.

النظام المالي الدولي الكفء هو ذلك النظام الذي يحقق تمويلا مناسبا للنظام التجاري الدولي تكلفة و كما و توقيتا و يحافظ على استقرار النظام النقدي الدولي و يساهم في التنسيق بين هذه الانظمة بالشكل الذي يسمح بتحقيق النمو و تعظيم الرفاهية على المستوى العالمي.

النظام النقدي والمالي الدولي خلال مرحلة برتين وودز

      قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية في سنة 1944 حيث بات انتصار الحلفاء على دول المحور مسألة وقت, اجتمع ممثلوا الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة و 42 دولة أخرى في مقاطعة برتين وودز ( ولاية نيوهامبشير الأمريكية ) بهدف اقامة النظام النقدي الدولي الجديد الذي يتم اتباعه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية حيث اتفق الحضور على المقترح الأمريكي المتضمن انشاء المؤسستين الدوليتين المتمثلتين في البنك الدولي و صندوق النقد الدولي على حساب خطة الاقتصادي البريطاني الشهير كينز الذي طلب بانشاء اتحاد المقاصة الدولي يتولى خلق سيولة دولية مبنية على عملة عالمية محايدة تدعى البنكور.  ان المقترح الأمريكي  قد مهد لسيطرة الدولار الأمريكي على المعاملات الدولية بحيث أن تسوية هذه الأخيرة تكون حصريا بالعملة الأمريكية و ذلك طبعا بفضل النظام النقدي الدولي المصادق عليه في برتين وودز و هو نظام معيار الصرف بالذهب حيث حددت الولايات المتحدة سعر الذهب ب 35 دولار للأوقية و تقوم الدول الأخرى بتحديد سعر صرف عملاتها مقابل الدولار الأمريكي و ضمنيا بالذهب شريطة أن تلتزم الولايات المتحدة  باستبدال الدولار الأمريكي المحتفظ به من طرف بقية دول العالم بما يعادله من الذهب حسب السعر المتفق عليه (35 دولار للأوقية) عند مطالبة هذه الأخيرة بذلك دون أي قيود أو حدود. و قد تعهدت الدول الأخرى بأن تتدخل في أسواق العملات الدولية للمحافظة على سعر صرف عملاتها من أن يتحرك بأكثر من 1/ الى أعلى أو الى أفل من سعر التعادل و في حدود شريط التذبذب, فان سعر صرف تلك العملات يتحدد حسب قوى العرض و الطلب.

       و لقد استمر العمل بنظام برتين وودز من نهاية الحرب العالمية الثانية في سنة 1944 الى غاية انهياره في 15 أوت 1971 بسبب العجز المستمر في ميزان مدفوعات الولايات المتحدة و الذي مر بثلاث مراحل خلال الفترة التي ساد فيها نظام برتين وودز. امتدت المرحلة الأولى من سنة 1944 الى سنة 1949 و تميزت بفائض ميزان مدفوعات الولايات المتحدة بفضل استفادتها من الحرب العالمية الثانية حيث خرجت منها منتصرة و بأقل الأضرار و ساهمت بنسبة كبيرة في اعادة اعمار أوروبا ( مشروع مارشار). عرفت المرحلة الثانية الممتدة من سنة 1950 الى سنة 1957 عجز طفيف في ميزان مدفوعات الولايات المتحدة حيث تمكنت اليابان و الدول الأوروبية من بناء احتياطاتها الدولية من الدولار. و المرحلة الثالثة و الأخيرة ( 1958-1970) اتسمت بعجز حاد في ميزان مدفوعات الولايات المتحدة بسبب استمرار تدفق رؤوس الأموال الى الخارج بوتيرة أسرع من الفترة السابقة و ارتفاع معدل التضخم بسبب ضخ كميات كبيرة من الدولارات لتمويل حرب الفيتنام اذ بلغ حجم الدولارات المحتفظ به أجنبيا و رسميا في سنة 1970 ما مقداره 40 بليون بعدما كان حجمه 13 بليون في سنة 1949 كما انخفض احتياطي الولايات المتحدة من الذهب ليبلغ ما يعادل 11  بليون دولار في سنة 1970 بعدما كان حجمه يقدر ب 25  بليون دولار في سنة 1949. وقد حاولت الولايات المتحدة الالتزام بتعهدها بعدم تخفيض قيمة الدولار لتصحيح الاختلال الذي أصاب ميزان مدفوعاتها و تبنت بدلا من ذلك عدة سياسات و لكن باءت جميعها بالفشل ( الاحتفاظ بأسعار الفائدة الربوية القصيرة الآجل عند مستوى مرتفع لتثبيط خروج رؤوس الأموال الى الخارج و تشجيع الصادرات و فرض حواجز على الواردات و فرض رقابة مباشرة على حركة رؤوس الأموال و تخفيض مستوى النفقات العسكرية). و بعد فشل الولايات المتحدة كذلك في اقناع دول الفائض ( خاصة اليابان و ألمانيا) من رفع قيمة عملاتهم, أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك نيكسون عن القرار التاريخي في 15 أوت 1971و المتمثل في عدم قابلية تحويل الدولار الى الذهب و بالتالي انهيار نظام برتين وودز.

 تنبأ روبيرت تريفين ( Robert TRIFFIN) بانهيار نظام برتين وودز

في بداية الستينات حينما وضع نضريته المسماة بتناقض تريفين و التي فحواها أن الاحتياطات العالمية يجب أن تنموا بشكل منسجم مع نمو التجارة الدولية و التي كانت تنموا بمعدلات تزيد بأضعاف عن معدلات نمو الاقتصاد العالمي و عليه, يجب على الولايات المتحدة صاحبة عملة الاحتياطي العالمي أن تحقق عجزا دائما في ميزان مدفوعاتها لتمكين بقية دول العالم من بناء احتياطاتها من الدولار و لكن من جهة أخرى, فان العجز المتواصل في ميزان مدفوعات الولايات المتحدة يصاحبه تزايد الشكوك في قدرة هذه الأخيرة على الايفاء بتحويل مطلوباتها الخارجية الى الذهب بالسعر المتفق عليه في برتين وودز(35 دولار للأوقية). هذه التناقضات التي بينها روبيرت تريفين في نظريته و التي من غير الممكن الجمع بينها, ستؤدي حتما الى طريق مسدود و هو ما حدث بالضبط حيث لم تتمكن الولايات المتحدة من الحفاظ على استمرارية نظام برتين وودز.

    الى جانب المحاولات الفاشلة للولايات المتحدة بهدف انقاض نظام برتين وودز من الانهيار, سعى صندوق النقد الدولي بدوره لتحقيق تلك الغاية من خلال استحداث حقوق السحب الخاصة و ذلك بالتخصيص الأول في عام 1970بهدف مساندة الدولار باعتمادها كاحتياطي عالمي. في البداية كانت الوحدة من حقوق السحب الخاصة مساوية للدولار الواحد ثم ارتفعت قيمتها مقابل الدولار بسبب انخفاض قيمة هذا الأخير في سنة 1973 و منذ سنة 1974, أصبحت قيمة الوحدات من حقوق السحب الخاصة مرتبطة بسلة من العملات العالمية الرئيسية مع اعادة النظر في أوزانها في السلة كل خمس سنوات وذلك حسب قوة اقتصاد تلك الدول ومكانتها في التجارة الدولية. تعرف حقوق السحب الخاصة بأنها قيود دفترية في سجلات صندوق النقد الدولي و هي غير مسنودة بالذهب أو عملة من العملات حيث أن دول أعضاء الصندوق اتفقوا على أن استخدامها يكون فقط من طرف البنوك المركزية لتصحيح الاختلال في موازين المدفوعات. و قد تكللت محاولة صندوق النقد الدولي بالفشل بسبب الاستحداث المتآخر لحقوق السحب الخاصة بعد فوات الآوان حيث أصبح نظام برتين وودز على وشك الانهيار.

الاجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية للحفاظ على استمرارية نظام برتين وودز

تتمثل الاجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية للحفاظ على استمرارية نظام برتين وودز "Bretton woods" في النقاط التالية:

-       الاحتفاظ بأسعار الفائدة الربوية القصيرة الآجل عند مستوى مرتفع لتثبيط خروج رؤوس الأموال الى الخارج,

-       تقديم اعانات لتشجيع الصادرات,

-       حماية المنتجات الوطنية بفرض حواجز جمركية و غير جمركية على الواردات,

-       فرض رقابة مباشرة على حركة رؤوس الأموال,

-       تخفيض الميزانية المخصصة للقطاع العسكري لتمويل الحروب التي تشنها الولايات المتحدة في اطار الحرب الباردة,

-       محاولة اقناع دول الفائض ( خاصة اليابان و ألمانيا) من رفع قيمة عملاتهم

-       محاولة اقناع دول العالم بتخفيض قيمة الدولار,

-       استحداث حقوق السحب الخاصة بواسطة صندوق النقد الدولي وذلك بهدف مساعدة الدولار.

       يعود فشل الاجراءات المذكورة سابقا في الحفاظ على استمرارية نظام برتين وودز الى عدة أسباب, نذكر أهمها فيمايلي:

-       العجز المستمر في ميزان مدفوعات الولايات المتحدة ,

-       ارتفاع الدولارات المحتفظ بها في خارج الولايات المتحدة خاصة من قبل دول الفائض حيث بلغ حجمها في سنة 1970 ما قيمته 40 بليون بعدما كان حجمه فقط 13 بليون في سنة 1949 و هذا يعني أن التزامات الولايات المتحدة تجاه باقي العالم تثاقلت بحكم أنها تعهدت في اتفاقية برتين وودز بتحويل الدولارات المحتفظ بها في الخارج الى الذهب بدون قيود و لاحدود حين يطلب منها ذلك,

-       انخفاض احتياطي الولايات المتحدة من الذهب حيث بلغ حجمه ما يعادل 11 بليون دولار في سنة 1970 بعدما كان حجمه ما قيمته 25  بليون دولار في سنة  1949 بمعنى أن امكانيات الولايات المتحدة في تحويل الدولارات المحتفظ بها في الخارج الى الذهب بدون قيود و لاحدود قد تقلصت كثيرا خاصة و أن انخفاض احتياطي الولايات المتحدة من الذهب رافقه ارتفاع حجم الدولارات المحتفظ بها في الخارج,

-       حتمية أن تنموا الاحتياطات العالمية من الدولار بشكل منسجم مع نمو التجارة الدولية و التي كانت تنموا بمعدلات تزيد بأضعاف عن معدلات نمو الاقتصاد العالمي و عليه, يجب على الولايات المتحدة صاحبة عملة الاحتياطي العالمي أن تحقق عجزا دائما في ميزان مدفوعاتها لتمكين بقية دول العالم من بناء احتياطاتها من الدولار و لكن من جهة أخرى, فان العجز المتواصل في ميزان مدفوعات الولايات المتحدة يصاحبه تزايد الشكوك في قدرة هذه الأخيرة على الايفاء بتحويل مطلوباتها الخارجية الى الذهب بالسعر المتفق عليه في برتين وودز(35 دولار للأوقية)

-       الاستحداث المتأخر لحقوق السحب الخاصة حيث لم يأتي الاصدار الأول إلا في عام 1970 حينما قرب نظام برتين وودز من الانهيار.

النظام النقدي والمالي الدولي بعد برتين وودز

    بعد انهيار نظام برتين وودز دخل العالم في حالة الذعر و انتشرت المضاربة في أسواق الصرف الأجنبية على نطاق واسع مما استوجب تحول النظام النقدي الدولي من فترة أسعار الصرف الثابتة نسبيا الى فترة أسعار الصرف العائمة المدارة حيث يستلزم من السلطات النقدية التدخل في أسواق الصرف الأجنبية لتلطيف التقلبات القصيرة الآجل في أسعار صرف عملاتها دون التأثير في اتجاهاتها الطويلة الآجل. ان الاعتراف الرسمي بهذا النظام كان بمناسبة اجتماع صندوق النقد الدولي في جاميكا سنة 1976 حيث تم الاتفاق على انهاء دور الذهب النقدي و الاحتفاظ بدوره كأصل من أصول الاحتياطات الدولية و أوكل دور التدخل في أسواق الفوركس للبنوك المركزية قصد الحفاظ على استقرار العملات مع السماح للدول باختيار سعر صرف عملاتها بحرية ما لم يكن ذلك معطلا للأطراف الأخرى في التجارة الدولية. ان من بين التعديلات التي جاءت به اتفاقية جاميكا, تعهد دول أعضاء صندوق النقد الدولي بالتعاون للحفاظ على استقرار أسعار الصرف حيث يتم استنادها الى حقوق السحب الخاصة أو العملات الدولية الرئيسية, بالاضافة الى اعتماد حقوق السحب الخاصة كأصل أساسي في النظام النقدي الدولي الجديد و تفعيل دورها في توفير السيولة الدولية. بالرغم من تقلص دور الدولار في النظام النقدي المعوم الا أنه حافظ على كونه أكثر العملات استعمالا في المعاملات الدولية و أكثرها استعمالا كاحتياطات دولية.

ان من أهم مميزات النظام النقدي الدولي بعد برتين وودز, تبني دول العالم  عدة أشكال من أنظمة أسعار الصرف حيث أن بعض الدول تقوم بتعويم عملاتها من دون توجيه و تدخل السلطات النقدية يكون في أضيق الحدود اذ تتحدد قيمة تلك العملات حسب العرض و الطلب في أسواق الفوركس مثل الولايات المتحدة و دول الاتحاد الأوروبي. و البعض الأخر من الدول, اتبع نظام أسعار صرف موجهة جزئيا مع تمتعها ببعض من المرونة مثل كندا و اليابان و العديد من الدول النامية في حين أن بقية دول العالم  تقوم بتثبيت عملاتها بعملة دولية رئيسية أو سلة من العملات الدولية مثل الدول الصغيرة.

محاولة إصلاح نظام بروتن وودز

قام الرئيس الأمريكي "نيكسون" في 15 أوت 1971 بالإعلان عن وقف قابلية تحويل الدولار إلى ذهب، وفرض ضريبة تقدر ب 10 % على الواردات الأمريكية إلى غاية توصل البنوك المركزية الأجنبية لاتفاق يقضي بإعادة تقييم عملاتها عند مستويات أعلى.

وفي ديسمبر 1971 تم التوصل لاتفاق بتخفيض قيمة الدولار الأمريكي مع العملات الأجنبية بحوالي 8 % ومعها تم إلغاء ضريبة 10 %  مع الإبقاء على إلغاء قابلية تحويل الدولار إلى ذهب، وتم تخفيض سعر صرف الدولار الأمريكي مع الذهب إلى مستوى 1 أونصة ذهب يساوي 38 دولار أمريكي ثم خفضت مرة أخرى في فيفري 1973 ب 10 %  بحكم استمرار هجمات المضاربة على تخفيض قيمة الدولار مع الذهب، التي دفعت في مارس 1973 إلى الإعلان عن التخلي عن نظام الصرف الثابت والتوجه نحو تعويم أسعر الصرف.

 

المبحث الثاني: ميزان المدفوعات

مفهوم ميزان المدفوعات

ميزان المدفوعات هو بيان إحصائي يلخص المعاملات بين المقيمين وغير المقيمين خلال فترة معينة، يتألف من: حساب السلع والخدمات، الحساب الرأسمالي و الحساب المالي. يسجل لكل معاملة في ميزان المدفوعات_ وفق نظام القيد المزدوج _ قيدان: مدين ودائن، حيث يكون مجموع القيود الدائنة يساوي مجموع  القيود المدينة .كما يمكن تعريفه على كشف مالي يعرض فيه جميع المبادلات الإقتصادية والمالية للمقيمين وغير المقيمين  في بلد ما خلال فترة زمنية معينة عادة ما تكون سنة. حيث ينشأ عنها حقوق لتلك الدولة على العالم الخارجي أو ديون أو التزامات عليها مقابل العالم الخارجي نتيجة للمبادلات الإقتصادية والتحويلات الخارجية.

مفهوم المقيم وغير المقيم

يعتبر الشخص الطبيعي أو المعنوي (مثل فروع الشركات) مقيما إذا أقام في الدولة المستضيفة لمدة لا تقل عن السنة بغض النظر عن جنسيته. فالإقامة تختلف عن الجنسية, لذا فإن العمال والطلبة الأجانب الذين يزاولون عملهم ودراستهم في الجزائر لفترة تزيد عن السنة يعتبرون مقيمين. وإذا كانت الفترة أقل من السنة, فيعتبر هؤلاء غير مقيمين.

أهمية ميزان المدفوعات

تتجلى أهمية ميزان المدفوعات في النقاط التالية:

-         ميزان المدفوعات يعتبر من اهم المؤشرات الاقتصادية و احدى ادوات التحليل المساعدة على معرفة الوضع الاقتصادي لدولة ما تجاه العالم الخارجي,
- هيكل المعاملات الاقتصادية في ميزان المدفوعات يعكس قوة الاقتصاد الوطني و درجة تكيفه مع التغيرات الحاصلة في الاقتصاد الدولي,

-         موازين المدفوعات لعدة سنوات يبين اثر السياسات الاقتصادية المنتهجة من طرف الحكومة على هيكل التجارة الخارجية و مدى تطور البنيان الاقتصادي,

-         يعتبر اداة مساعدة للتخطيط و توجيه العلاقات الاقتصادية الخارجية,

-         يعكس مدى اندماج الاقتصاد الوطني في الاقتصاد العالمي من خلال مساهمة قطاع باقي العالم في تكوين الناتج الداخلي الخام.

تقسيمات ميزان المدفوعات

يمكن تقسيم بنود ميزان المدفوعات إلى ما يلي:

1.    الحساب الجاري: يعتبر من أهم مكونات ميزان المدفوعات ويشمل المعاملات المنظورة )الميزان التجاري( والمعاملات غير المنظورة(ميزان الخدمات) وكذا حساب التحويلات من جانب واحد.

الحساب الجاري= مجموع الصادرات من السلع والخدمات – صافي التحويلات بدون مقابل ( من وإلى الخارج).

\

2.حساب رأس المال: يضم هذا الحساب جميع المعاملات الدولية التي تتضمن إنتقال رأس المال، سواء كانت أصول حقيقية أو مالية، يترتب عنها التزامات تجاه الدولة أو حقوق ، فهي مدينة في الحالة الأولى، و دائنة في الحالة الثانية. و يميز عادة بين نوعين من المعاملات الرأسمالية طويلة الأجل وقصيرة الأجل.

أسباب الاختلال في ميزان المدفوعات

يحدث الإختلال في أقسام معينة من ميزان المدفوعات وغالبا ما يكون الإختلال في الحساب الجاري حيث ينعكس ذلك بصفة سلبية على الاقتصاد الوطني بانخفاض قيمة العملة المحلية في سوق الصرف الأجنبي بسبب العرض المتزايد للعملة المحلية بمستويات تفوق طلب الأجانب عليها. ولمعالجة الإختلال, تلجأ الحكومات إلى استخدام أدوات السياسات النقدية والمالية والتجارية.

و هناك عدة أسباب تقف وراء إصابة ميزان المدفوعات بالاختلال وفيما يلي نقوم بسرد أهم هذه الأسباب:

1. التقييم الخاطىء لسعر صرف العملة المحلية :

إن التقييم الخاطىء لسعر صرف العملة المحلية سواءا بأكبر أو أقل من قيمتها الحقيقية يؤثر على توازن ميزان المدفوعات. فعندما يكون سعر صرف العملة المحلية أكبر من قيمتها الحقيقية، ترتفع أسعار السلع المحلية من وجهة نظر الأجانب وينجر عن ذلك تراجع الطلب الخارجي عليها و بالتالي حدوث اختلال في ميزان المدفوعات.

وعندما يكون سعر صرف العملة أقل من قيمتها الحقيقية, فإن ذلك يحفز ارتفاع الصادرات مما يؤدي أيضا إلى حدوث اختلال في ميزان المدفوعات.

 2. أسباب هيكلية:

كثيرا ما يحدث الإختلال في ميزان المدفوعات لأسباب هيكلية مرتبطة بمؤشرات الإقتصاد الوطني بصفة عامة وبهيكل التجارة الخارجية بصفة أخص. ويعتبر هذا النوع من الأسباب المؤدية إلى إختلال ميزان المدفوعات, أكثر الأسباب المتعلقة  بعجز موازين مدفوعات الدول النامية. بالفعل, فإن أغلب إقتصاديات الدول النامية تعاني من ضعف قدراتها الإنتاجية وإفتقارها للأساليب الفنية المتطورة وهذا ما يؤدي إلى ضخامة وتنوع وارداتها بينما صادراتها باتت محصورة في سلعة أو سلعتين أساسيتين( زراعية أو معدنية أو طاقوية) علما أن أسعار هذا الصنف من السلع في الأسواق الدولية تتسم بكثرة التقلب واتباعها في الغالب منحى تنازلى مع مرور السنوات. إن أسعار أكثر صادرات الدول النامية من السلع الزراعية والمعدنية والطاقوية تتأثر في الأسواق العالمية بعوامل تتحكم فيها الدول المتقدمة مثل إكتشاف مواد طاقوية جديدة تغنيهم تدريجيا عن المواد التقليدية ( كاستعمال المفاعلات النووية و biocarburant  ( مما يؤدي إلى تراجع الطلب عليها وبالتالي انخفاض أسعارها.

3. أسباب دورية:

المعروف عن النظام الاقتصادي الرأسمالي أنه يمر بتقلبات اقتصادية دورية بتوالي فترات الانكماش والرواج حيث يسود خلال فترات الانكماش, انخفاض الطلب مؤديا إلى تقلص الإنتاج و تفشي البطالة، مما ينعكس على تراجع الواردات وقد يؤدي ذلك إلى حدوث فائض في الميزان التجاري في حالة استقرار الصادرات أو انخفاضها بنسبة أقل من معدل انخفاض الواردات. بينما يحدث العكس تماما في فترات الرواج حيث  ترتفع الواردات مما قد يؤدي إلى عجز في ميزان المدفوعات.

للإشارة, فإن هذه التقلبات الدورية لا تظهر في نفس الفترة في جميع الدول، كما أن حدتها تتفاوت من دولة إلى أخرى وأما انتقالها فيكون من الدول ذات اقتصاديات متقدمة ووزن في والتجارة الدولية إلى الشركاء التجاريين الأكثر انفتاحا على الاقتصاد العالمي وذلك عن طريق مضاعف التجارة الخارجية.

3. الظروف الطارئة:

المقصود بالظروف الطارئة, تلك الظروف الاستثنائية كالكوارث الطبيعية و الحروب والاكتشافات العلمية الباهرة المؤثرة على أساليب الإنتاج بشكل عميق. وتعتبر هذه الحالات عرضية يصعب  التنبؤ بها وقد تؤدي إلى حدوث اختلال في ميزان مدفوعات البلد كما في حالة فهذه الحالات ستؤثر علي صادرات البلد المعني الشيء الذي ينجم عنه انخفاض في حصيلة هذه الصادرات المقدرة بالنقد الأجنبي وخصوصا عندما يصاحب دلك تحويلات رأسمالية إلى خارج القطر مما يؤدي إلى حدوث عجز في ميزان المدفوعات.

4.    أسباب أخرى :

من الأسباب الأخرى التي قد ينشأ عنها اختلال في ميزان المدفوعات كانخفاض الإنتاجية في الدول النامية نتيجة قلة أدوات الإنتاج لذلك تقدم هذه الدول على برامج للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية يزداد فيها استيرادها من الآلات و التجهيزات الفنية و مستلزمات الإنتاج و غيرها من سلع التنمية لفترة طويلة و تهدف هده البلدان من هدا إلى رفع مستوى الاستثمار الذي غالبا ما يتجاوز طاقتها من الادخار الاختياري ، و يترتب عن هدا التفاوت بين مستوى الاستثمار و مستوى الادخار اتجاه نحو التضخم ، و هو اتجاه مزمن إذ أنه يزداد سنة بعد سنة و نتيجة لهذا التضخم و نظرا لزيادة واردات هذه الدول المتطورة فإنها تعاني عجزا دائما أو مزمنا في ميزان مدفوعاتها و تمول هذه الواردات بقروض طويلة الأجل معقودة  مقدما 

طريقة التسجيل أو القيد في ميزان المدفوعات:

        يعتمد إعداد ميزان المدفوعات وتسجيل العمليات فيه على طريقة القيد المزدوج حيث أن المعاملات الخارجية مع باقي العالم يتم تسجيلها مرتين في جانبي ميزان المدفوعات (أي مرة في الجانب الدائن و أخرى في الجانب المدين) حيث أن الجانب الدائن يكون بإشارة موجبة (+) والجانب المدين يكون بإشارة سالبة (-) و بالتالي تتعادل قيمة مجموع الجانبين الدائن والمدين في جميع الحالات وهذا ما يفسر تواجد ميزان المدفوعات في حالة توازن مستمر من الناحية المحاسبية.

و يسجل في جانب الدائن, جميع المعاملات التي تسمح للدولة تحصيل إيرادات ويتضمن هذا الجانب ما يلي:

- الصادرات من السلع و الخدمات,

 - التحويلات من طرف واحد (مثل المساعدات والهدايا الممنوحة من الخارج(,

- رؤوس الأموال المتأتية من الخارج.

و يسجل في جانب المدين, جميع المعاملات التي تلزم الدولة بمدفوعات إلى العالم الخارجى ويتضمن هذا الجانب المعاملات التالية:

- الواردات من السلع و الخدمات,

- التحويلات من طرف واحد (مثل المساعدات والهدايا المقدمة للخارج(,

- رؤوس الأموال القصيرة والطويلة الأجل المتجهة نحو الخارج.

مثال توضيحي: إن استيراد الجزائر للقمح من الأرجنتين يكون له تأثير على كلا الجانبين في ميزان المدفوعات وهما ميزان السلع الذي يصير مدينا وحساب الاحتياطات الأجنبية الذي يصبح دائنا بقيمة البضاعة المستوردة. ونظرا لتأثير المعاملات الخارجية مع باقي العالم على جانبي ميزان المدفوعات, فإن هذا الأخير يكون متوازنا بصفة دائمة من الناحية الحسابية.   

ومن الناحية الحقيقية, يكون ميزان المدفوعات في حالة إختلال حيث  يحقق فائضا عندما يكون مجموع الجانب الدائن أكبر من مجموع الجانب المدين ويحقق عجزا حينما يكون مجموع الجانب الدائن أقل من مجموع الجانب المدين. ويتم تسوية الاختلال بواسطة التحركات في عناصر الاحتياطات الدولية من الذهب والعملات الاجنبية في حساب التسوية وينجم عنه خروج الذهب النقدي للخارج أو نقص الاصول الاجنبية المملوكة للمواطنين في حالة العجز. إن استمرار العجز في ميزان المدفوعات لسنوات يؤدي إلى تدهور مستوى الاحتياطات الدولية للدولة المعنية مما يضطرها إلى تقييد وارداتها أو الاقتراض من الخارج.

 أما في حالة الفائض, فإن التسوية تؤدي إلى دخول الذهب النقدي للداخل أو زيادة الاصول الاجنبية المملوكة للمواطنين مما يساهم في تحسين مستوى الاحتياطات الدولية للدولة المعنية ولكن استمرار الفائض في ميزان المدفوعات لفترة طويلة يؤدي إلى تجميد وتعطيل جزء من الدخل الوطني على شكل ذهب نقدي لا يتم توظيفه أو استثماره وبالتالي عدم الاستفادة من المداخيل التي قد يسمح بتحقيقها.

مبدأ تسجيل المعاملات الخارجية في ميزان المدفوعات

ان تسجيل المعاملات الخارجية في ميزان المدفوعات يخضع لمبدأ " تزايد السيولة" و هذا يعني ان العناصر المسجلة في اعلى الميزان تكون الاقل سيولة ثم تزيد سيولة العناصر كلما اتجهنا نحوا سفل الميزان لذى يتم تسجيل على التوالي من اعلى الميزان الى اسفله : الاصول الحقيقية ثم الاصول المالية ثم الاصول النقدية.

دقة تسجيل عمليات التجارة الخارجية في ميزان المدفوعات

     ان دقة تسجيل عمليات التجارة الخارجية في ميزان المدفوعات ترتبط بمايلي:

-       ان درجة تطور الأجهزة الفنية الجمركية و كفاءة العنصر البشري في النظام الجمركي بمقدورهما تغطية جل العمليات التجارية الخارجية و احصائها بشكل جيد,

-       الاستقرار الأمني الذي يحول دون حركة التجارة غير المشروعة (التهريب).

 

أقسام ميزان المدفوعات

يتم تقسيم ميزان المدفوعات إلى أقسام مستقلة يضم كل منها نوعا متميزا من المعاملات الاقتصادية ذات الطبيعة المتشابهة أو ذات الأهداف المتقاربة.

 1. الحساب الجاري : يعتبر من أهم مكونات ميزان المدفوعات ويضم جميع المعاملات الاقتصادية المرتبطة بالإنتاج والدخل الوطني. ويضم هذا الحساب الرئيسي, حسابين فرعيين هما:

1.1‌. الميزان التجاري: والذي ينقسم بدوره إلى الميزان أو الحساب التجاري السلعي والميزان التجاري الخدمي.

1.1.1. الميزان التجاري السلعي: تسجل فيه عناصر التجارة المنظورة أي كافة السلع التي تتخذ شكلا ماديا ملموسا. يشمل هذا الميزان على مجموع الصادرات والواردات من السلع المادية التي تمر عبر الحدود الجمركية حيث تسجل الصادرات في الجانب الدائن والواردات في الجانب المدين.

وإذا كانت الصادرات ˂ الواردات يتحقق فائض في الميزان التجاري. و إذا كانت الصادرات ˃ الواردات يتحقق عجز في الميزان التجاري

2.1.1. الميزان التجاري الخدمي:  تسجل فيه عناصر التجارة غير المنظورة بمعنى تدوين كافة الخدمات المتبادلة بين الدول مثل النقل والسياحة والتأمين ودخول العمل وعوائد رأس المال.

و تسجل الصادرات من الخدمات في الجانب الدائن (مدفوعات الأجانب لشركات النقل الوطنية، انفاق الأجانب على السياحة في الداخل), في حين أن تسجيل الواردات من الخدمات يكون في الجانب المدين ( مدفوعات المواطنين لشركات النقل أو مدفوعات المواطنين لأغراض التعليم  أو مدفوعات الفوائد الربوية على القروض الأجنبية).

بصفة عامة, فإن القيد في ميزان المدفوعات يخضغ للقاعدة التي فحواها أن كل عملية يترتب عليها طلب العملة الوطنية وعرض عملة بلد آخر تقيد في جانب الدائن أو جانب الأصول وكل عملية يترتب عليها عرض العملة الوطنية وطلب العملة الأجنبية تقيد في جانب الخصوم أو جانب المدين.
و بالتالي, فإن كل معاملة تسمح بزيادة دائنية الدولة أو نقص مديونيتها تسجل في جانب الأصول وكل عملية تسمح بزيادة مديونية الدولة ونقص دائنيتها تسجل في جانب الخصوم.
2.1. حسـاب التحويـلات الأحاديـة:

المقصود بالعمليات من جانب واحد تلك التحويلات التي تكون بين الدول بدون مقابل مثل المساعدات والهبات والتعويضات التي يتم ادراجها في حساب التحويلات الاحادية الجانب الذي يعتبر أحد الحسابات الفرعية لحساب العمليات الجارية.

و يضم هذا الحساب على كافة المعاملات الاقتصادية التي تتم بين المقيمين وغير المقيمين والتي ينجم عنها تحويل موارد حقيقية أو حقوق مالية من الدولة إلى بقية دوال العالم دون أي مقابل. ويتضمن هذا الحساب بندين، الأول مخصص لللهبات والتعويضات الخاصة والثاني مخصص للهبات والتعويضات العامة. والمقصود بالتعويضات تلك المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية كالتي أبرمت بين دول الحلفاء ودول المحور بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

 2. حساب رأس المال (العمليات الرأسمالية( : يعتبر الحساب الرئيسي الثاني لميزان المدفوعات ويسجل فيه حركات رؤوس الأموال بين الدولة وبقية دول العالم والتي تعكس التغيرات الحاصلة في أصول المقيمين وخصوصهم تجاه غير المقيمين.
و بالتالي تدخل في هذا الحساب جميع العمليات التي تمثل تغيرا في مراكز الدائنية والمديونية للدولة لأن معاملات الدولة مع الخارج لا تقتصر على تجارة السلع والخدمات فقط بل هناك حركات رؤوس الأموال التي تنتقل من بلد إلى آخر والتي تنقسم إلى نوعين: تحركات رؤوس الأموال طويلة الآجل وتحركات رؤوس الأموال قصيرة الآجل.

 1.2. تحركات رؤوس الأموال طويلة الأجل: وتتمثل في تحركات رأس المال التي تتعدى مدتها السنة مثل القروض الربوية الطويلة الأجل والاستثمارات المباشرة واستثمارات المحفظة المالية (كالأسهم والسندات). ويتم تدوين في جانب الدائن العمليات التي يترتب عليها دخول النقد الأجنبي للدولة والمتمثلة في:

- القروض الربوية الأجنبية الطويلة الأجل الممنوحة للدولة,

- أقساط سداد القروض الربوية الوطنية الطويلة الأجل من طرف الأجانب,

- استثمارات المحفظة المالية للأجانب داخل الوطن,

- الاستثمار الأجنبي المباشر في الداخل.

ويدون في جانب المدين العمليات التي يترتب عليها خروج النقد الأجنبي من الدولة (أي مدفوعات للخارج) والمتمثلة في:

- القروض الربوية الوطنية الطويلة الأجل الممنوحة للخارج،

- أقساط سداد القروض الربوية الأجنبية الطويلة الأجل من طرف الدولة،

- استثمارات المحفظة المالية الوطنية في الخارج,

- الاستثمار الوطني المباشر في الخارج.

2.2. تحركات رؤوس الأموال قصيرة الآجل: وتتمثل في تحركات رأس المال المتنقلة من داخل الوطن إلى الخارج وفي الاتجاه المعاكس (أي من الخارج إلى داخل الوطن) والتي تقل مدتها عن السنة مثل الودائع المصرفية والعملات الأجنبية والأوراق المالية القصيرة الأجل والقروض الربوية القصيرة الأجل.

3.2. حساب التسوية: يتم تسوية المدفوعات عن طريق العملات الأجنبية أو الذهب النقدي وكذا الودائع الجارية وحقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي.

3.1. حساب السهو والخطأ (أو حساب التعديلات)

يستعمل بند للسهو و الخطأ من أجل موازنة ميزان المدفوعات من الناحية المحاسبية (التساوي بين جانبي المدين والدائن) حيث أن ضرورات الأمن القومي للدول تؤدي الى عدم الإفصاح عن مشترياتها العسكرية لذلك يتم ادراجها في بند للسهو والخطأ كما يستعمل هذا الأخير كذلك عند الخطأ في تقييم السلع والخدمات لأن التسجيلات في الجانب الدائن والمدين قد لا تكون متماثلة والفرق بينهما يمثل القيمة التي تسجل في هذا الحساب. و يعود سبب عدم تماثل مجموع المبالغ الدائنة ومجموع المبالغ المدنية في ميزان المدفوعات إلى تعدد مصادر المعلومات المعتمدة في إعداده.

شكل مبسط لميزان المدفوعات

دائن

مدين

1.    الميزان أو الحساب الجاري

-       صادرات السلع والخدمات

-       عوائد الاستثمارات إلى الداخل

-       تحويلات من جانب واحد إلى الداخل (هبات، تعويضات، هدايا..الخ)

-       واردات السلع والخدمات

-       عوائد الاستثمارات إلى الخارج

-       تحويلات من جانب واحد إلى الخارج (هبات، تعويضات، هدايا..الخ)

2.    ميزان أو حساب رأس المال

واردات رؤوس الأموال قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل

صادرات رؤوس الأموال قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل

3.    ميزان أو حساب التسويات الرسمية

-       السحب من احتياطي العملات الأجنبية

-       صادرات الذهب

-       الاقتراض من الخارج

-       زيادة احتياطي العملات الأجنبية

-       واردات الذهب

-       تقديم القروض للخارج

المصدر: ألفت ملوك. محاضرات مقرر "التجارة الزراعية الدولية" المستوى الرابع (شعبة الاقتصاد الزارعى وشعبة العلوم الاقتصادية والاجتماعية الزراعية(, ص 3.

أنواع الإختلالات في ميزان المدفوعات:

توجد عدة أشكال من الاختلال, سواء كان ميزان المدفوعات في حالة فائض أو حالة عجز و تنقسم إلى قسمين رئيسيين وهما : الاختلال المؤقت والاختلال الدائم(أو الهيكلي).

1.الاختلال المؤقت: ينقسم بدوره إلى عدة أنواع وهي: الاختلال الطبيعي والاختلال الموسمي والاختلال الدوري.

أ.الاختلال الطبيعي: وهو الاختلال الذي يحصل في الغالب نتيجة ظروف طبيعية قاهرة تؤثر على استمرارية المصانع والأراضي على الإنتاج ومن ثم تدفع لتراجع صادرات البلد المعين إلى مستوى يجعل من ميزان المدفوعات يعاني من العجز.

 ب. الاختلال الموسمي: يتوقف على المدة التي حدث فيها الاختلال و يمس خاصة الدول التي لها محاصيل موسمية أو منتجات موسمية. ففي فصل الشتاء مثلا يزيد الطلب على البترول و الغاز, مما يِؤدي إلى ارتفاع أسعاره بالشكل الذي يسمح للدول المصدرة له الاستفادة من تزايد قيمة الصادرات الذي قد يدفع غالبا لتسجيل حالة فائض في ميزان المدفوعات، لكن عند تقلص الطلب على المنتجات الطاقوية يتلاشى الفائض المسجل سابقا تدريجيا ويتحول ميزان المدفوعات إلى حالة عجز أحيانا حيث أن مواجهة هذا الإختلال يتطلب من المسؤولين في الإقتصاد المعني تنويع الصادرات للحفاظ على مستوى مستقر من المداخيل لا تتأثر بالدورة الموسمية.

 جـ. الاختلال الدوري : يرنبط هذا النوع من الإختلال بالأنظمة الرأسمالية خلال فترات الرواج و الكساد والتي تنعكس أثارها على ميزان المدفوعات، فهو يحقق عجزا تارة ويحقق فائضا تارة أخرى و هذا الفائض أو العجز يطلق عليه الإختلال الدوري نسبة إلى الدورة الاقتصادية، و مثل هذا النوع من الإختلال يمكن علاجه عن طريق اتباع السياسات الظرفية النقدية و المالية التي يمكن أن تكون سياسات توسعية أو انكماشية تبعا لوضعية الدورة الإقتصادية.

2.الاختلال الدائم(أو الهيكلي): يعتبر الإختلال في ميزان المدفوعات دائما أو هيكليا حينما يمتد لعدة سنوات بسبب ديمومة أسبابه. ويعد الإختلال الدائم بمثابة الإختلال الناتج عن وضعية الهيكل الإقتصادي لدولة ما والتي تحول دون تمكنه من تحقيق التوازن في ميزان مدفوعاته كـ: غياب رؤية إقتصادية واضحة على المدى البعيد وعدم نجاعة السياسات الإقتصادية العامة والقطاعية المتبعة, ضعف التسيير وانعدام التنسيق والتكامل بين مختلف الإدارات العمومية, نقص الإستثمار المنتج للثروة بسبب غياب العوامل المحفزة وانتشار البيروقراطية وفساد الأنظمة السياسية وعدم ولاء الشعوب لأوطانها, ضعف التكنولوجية في عملية الإنتاج نتيجة تخلف الإبتكار وتهميش مجال البحث والتطوير. هذه الأسباب وأخرى تتطلب إعادة هيكلة الإقتصاد عن طريق مباشرة اصلاحات عميقة وحقيقية من شأنها أن تعطي ثمارها في المدى الطويل وبالتالي تصحيح الإختلال في ميزان المدفوعات. وفي حالة عدم قدرة الدولة المعنية على إيجاد الحلول الجوهرية لهذا النوع من الإختلال, فإن ذلك يؤدي لا محالة إلى إستنزاف احتياطاتها من العملات الدولية والذهب واضطرارها للتوجه نحو الاقتراض الربوي الخارجي مع كل ما يحمله من مخاطر ويجره من عواقب مؤلمة على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي.

بعض مؤشرات محاسبة المدفوعات الدولية

مجموع الواردات                 -             مجموع الصادرات   -    رصيد الميزان التجاري =

- مؤشر تغطية الصادرات للواردات= مجموع الصادرات/ مجموع الواردات × 360 يوم

- مؤشر الانفتاح= مجموع الصادرات/ الناتج الداخلي الخام × 100

مؤشر الانفتاح يعكس مدى اندماج اقتصاد دولة ما في الاقتصاد العالمي وكلما زادت قيمته كان ذلك دليل على انفتاح اكبر للدولة على العالم الخارجي. وتعد سنغافورة و تايوان  و هونغ كونغ الدول الاكثر انفتاحا حيث يقدر مؤشر الانفتاح في سنغافورة على سبيل المثال بأكثر من 190  في سنة 2013.

- مؤشر الكثافة النسبية للصادرات و الواردات:

                                                                   (1ن)  IIRB= (Vij*V)/(Vi*Vj)

   حيث: Vij يمثل حجم المبادلات الثنائية بين الدولتينi و j

           V يمثل حجم التجارة الدولية                                             

           Vi يمثل حجم المبادلات الدولية بين الدولة i و باقي العالم

           Vj يمثل حجم المبادلات الدولية بين الدولة j و باقي العالم

 

هذا المؤشر يوضح مستوى المبادلات التجارية بين الدولتينi و j مقارنة بوزنهما في التجارة الدولية و يستعمل لإبراز المستوى الذي وصلت اليه التكتلات الاقليمية من حيث درجة تكاملها.

 

 

تمارين حول ميزان المدفوعات

تمرين (01):  اليك المعطيات الخاصة باقتصاد دولة ما في سنة معينة (الوحدة: مليار دولار):

مجموع الصادرات= 239 , مجموع الواردات = 176 , رصيد الحساب الجاري= -41,5,

الناتج الداخلي الخام= 1428.

المطلوب: - حساب مؤشر رصيد الميزان التجاري و مؤشر تغطية الصادرات للواردات و مؤشر الانفتاح؟

-       التعليق على النتائج المتحصل عليها؟

 

تمرين (02): اليك قيم مؤشر الكثافة النسبية للصادرات و الواردات للجزائر مع بعض الدول:

الدول

السنوات

فرنسا

الصين

تونس

2002

3,71

0,29

4,89

2004

3,44

0,37

4,55

2006

2,86

0,32

3,36

2008

2,74

0,49

7,21

2010

2.78

0,61

7,51

  المطلوب: - اكتب علاقة هذا المؤشر مبرزا ما تمثله كل المتغيرات فيه و فيما يستعمل ؟

التعليق على تطور قيمة المؤشر خلال الفترة ( 2002/2010) بالنسبة لجميع الدول ؟

حل التمرين (01):  المعطيات الخاصة باقتصاد دولة ما في سنة معينة:

مجموع الصادرات= 239 , مجموع الواردات = 176 , رصيد الحساب الجاري= -41,5

مجموع الواردات                 -             مجموع الصادرات            رصيد الميزان التجاري =

                    = 239-176= 53 مليار دولار

التعليق: نلاحظ ان رصيد  الميزان التجاري في حالة فائض ولكن هذا لا يدل على ان جميع معاملات الدولة المعنية مع باقي العالم   في حالة جيدة لان الميزان التجاري ما هو إلا جزء من ميزان المدفوعات الذي  يضم كذلك ميزان العمليات احادية الجانب و ميزان مداخيل عوامل الانتاج وحساب العمليات المالية و ميزان راس المال وبالتالي وضعية ميزان المدفوعات تتحدد بمجموع ارصدة حساباته الجزئية. ان قيمة ميزان العمليات الجارية يشير الى انه في وضعية عجز(-41.5) ولتحديد وضعية ميزان المدفوعات يجب معرفة رصيد العمليات المالية  ورصيد ميزان راس المال.

 مؤشر تغطية الصادرات للواردات= مجموع الصادرات/ مجموع الواردات × 360 يوم

                                  = 489 يوم

 

 التعليق: نلاحظ انه بالرغم من ان واردات الدولة المعنية معتبرة وتقدر ب 176 مليار دولار إلا ان حصيلة صادراتها تسمح لها بتغطية كل وارداتها في السنة المعنية وجزء من واردات السنة المقبلة و المقدرة بأكثر من 4 اشهر اي 129 يوم.

 

مؤشر الانفتاح= مجموع الصادرات/ الناتج الداخلي الخام × 100

               = 16,74%

التعليق: مؤشر الانفتاح يعكس مدى اندماج اقتصاد دولة ما في الاقتصاد العالمي وكلما زادت قيمته كان ذلك دليل على انفتاح اكبر للدولة على العالم الخارجي. نلاحظ ان قيمته تعادل  16,74بمعنى ان جزء لاباس به من انتاج الدولة المعنية موجه لتلبية الطلب الخارجي اي ان اقتصاد هذه الدولة مندمج نسبيا في الاقتصاد العالمي إلا انه مقارنة بالدول الاكثر انفتاحا مثل سنغافورة و تايوان  و هونغ كونغ فيعد   اقتصاد الدولة المعنية اقل انفتاحا ( يقدر مثلا  مؤشر الانفتاح في سنغافورة بأكثر من 190  في سنة 2013).                                                         

 

حل التمرين (02): 

- علاقة مؤشر الكثافة النسبية للصادرات و الواردات مبرزا ما تمثله كل المتغيرات فيه :

                                                                   (1ن)  IIRB= (Vij*V)/(Vi*Vj)

   حيث: Vij يمثل حجم المبادلات الثنائية بين الدولتينi و j

           V يمثل حجم التجارة الدولية                                             

           Vi يمثل حجم المبادلات الدولية بين الدولة i و باقي العالم

           Vj يمثل حجم المبادلات الدولية بين الدولة j و باقي العالم

 

هذا المؤشر يوضح مستوى المبادلات التجارية بين الدولتينi و j مقارنة بوزنهما في التجارة الدولية و يستعمل لإبراز المستوى الذي وصلت اليه التكتلات الاقليمية من حيث درجة تكاملها. تشير احصائيات سنة 2000 ان قيمة هذا المؤشر قدرت ب 60,2 في الاتحاد الاوروبي و ب 22,3 في رابطة الاسيان و ب 19,9 في المركيسور و لا تتعدى 3,1 في اتحاد المغرب العربي.

 

- التعليق:

* بالنسبة لتطور المؤشر بين الجزائر و فرنسا, فنلاحظ ان قيمته في سنة 2002 اكبر من الواحد (3,71) بمعنى ان المبادلات التجارية بين الدولتين ( خاصة الصادرات الفرنسية الى الجزائر) اكثر بأربعة اضعاف تقريبا من المستوى الذي كان من المفروض ان تبلغها بناءا على وزن و مكانة اقتصاد الدولتين في التجارة الدولية. قيمة المؤشر انخفضت باستمرار طيلة الفترة (2002-2008) و هذا راجع من جهة الى بروز شركاء جدد للجزائر منافسين لفرنسا في السوق الوطنية مثل الصين و تركيا و كوريا الجنوبية و من جهة اخرة الى تدهور العلاقات السياسية بين البلدين. نستخلص ان التقارب الجغرافي و العلاقات التاريخية (الاحتلال) يفسران مستوى التجارة البينية بين الدولتين. ( 2 ن)

* بالنسبة لتطور المؤشر بين الجزائر و الصين, فنلاحظ ان قيمته اقل من الواحد طيلة الفترة (2002-2010) بمعنى ان المبادلات التجارية بين اقل من المستوى الذي كان من المفروض ان تبلغها بناءا على وزن و مكانة الاقتصاد الصيني في التجارة الدولية. قيمة المؤشر ارتفعت باستمرار طيلة الفترة السابقة حيث كانت الصين تمثل في سنة 2002 ثامن مورد للجزائر لتصبح المورد الثاني لها في سنة 2010 بعد فرنسا.

 

* بالنسبة لتطور المؤشر بين الجزائر و تونس, فنلاحظ ان قيمته مرتفعة و السبب ليس مستوى المبادلات التجارية البينية بينهما و لكن هذا راجع الى صغر حجم اقتصاد الدولتين في التجارة الدولية حيث ان في سنة 2010 اين شهد المؤشر اعلى قيمة له في الفترة  (7,51) بلغت الصادرات الجزائرية الى تونس 392 مليون دولار و وارداتها من نفس الدولة قدرت 536 مليون دولار.

 

المبحث الرابع: أسواق الصرف الأجنبي

المفاهيم الأساسية لسعر الصرف الأجنبي:

تعريف سعر الصرف rate Exchange :هو عدد الوحدات من عملة معينة مثال اليورو التي تدفع من أجل الحصول على وحدة واحدة من العملة الأجنبية مثل الدولار.

طرق تسعير العملات: يوجد طريقتين لتسعير العملات: التسعير المباشر والتسعير غير المباشر.

 الأنواع الأساسية لسعر الصرف:

-       سعر الصرف الاسمي: هو عدد الوحدات من العملة الأجنبية للحصول على وحدة واحدة من العملة المحلية أو عدد الوحدات من العملة المحلية للحصول على وحدة واحدة من العملة الأجنبية، كما يمكن وجود سعرين اسميين في نفس الوقت، سعر الصرف الاسمي الرسمي يتم استعماله في المعاملات الرسمية وسعر الصرف الموازي، ويتم تداوله في سوق الصرف الموازية، ويتغير سعر الصرف الاسمي يوميا.

-       سعر الصرف الحقيقي: يعبر سعر الصرف الحقيقي عن القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية، فهو يبين عدد الوحدات من المنتوجات الأجنبية اللازمة لشراء وحدة واحدة من السلع المحلية، وكلما كان سعر الصرف الحقيقي قريب من سعر الصرف الاسمي، كلما كان معدل التضخم منخفض، كما أنه يفيد المتعاملين الإقتصاديين في اتخاذ قراراتهم.

-       سعر الصرف التوازني: هو ذلك السعر الذي تحدده قوة العرض والطلب عندما يحدث التساوي التام بين الكمية المطلوبة والكمية المعروضة من إحدى العملات بصرف النظر عن أثر المضاربة وحركات رؤوس الأموال غير العادي.

سوق الصرف الأجنبي FOREX :يعرف سوق الصرف األجنبي Exchange Foreign Market بأنه الإطار التنظيمي الذي يقوم فيه الأفراد والشركات والبنوك بشراء وبيع العملات الأجنبية وفق عمليات صرف فورية وعمليات صرف آجلة

أنظمة الصرف الثابت: يمكن أن نميز بين الأنظمة التالية لسعر الصرف

-       نظام الصرف الثابت: لابد أن نميز بين نظام الصرف الثابت على أساس الذهب القائم إلتزام الدول بربط عملتها بوزن معين من الذهب ويترتب على احتفاظ كل دولة بسعر للذهب، أن يتحقق سعر ثابت للعمالت المختلفة ببعضها البعض ... ونظام سعر الصرف الثابت القابل للتعديل: يقوم نظام بروتن وودز على قاعدة قابلية تحويل الدولار إلى ذهب فقط من ناحية وعلى تثبيت أسعار الصرف العملات الأخرى بالنسبة للدولار الأمريكي، ويسمح هذا النظام للدول بتغيير السعر الاسمي لعملتها في حدود 10 %في حالة وجود عجز في ميزان المدفوعات دون اشتراط موافقة صندوق النقد الدولي، لذا يعتبر نظام بروتن وودز في الأساس نظام قائم على تثبيت سعر الصرف مع قابلية التعديل لضمان استقرار أسعار الصرف مع توفير قدر من المرونة.

-       .نظام الصرف المرن: انهيار نظام الصرف الثابت بعد قرار الرئيس الأمريكي نيكسون رسميا في عام 1971 عن التخلي عن قابلية تحويل الدولار إلى ذهب وينقسم نظام سعر الصرف المرن بدوره إلى: نظام سعر الصرف المرن المدار (التعويم المدار): يقوم هذا النظام على أساس إعطاء قدرا كبيرا من المرونة لأسعار الصرف وفي نفس الوقت تتدخل البنوك المركزية في أسواق الصرف بيعا وشراء للعملات الأجنبية من أجل تفادي التقلبات الحادة في القيم الخارجية لها ونظام التعويم الحر والذي بموجبه يتم في هذه الحالة تحديد سعر صرف عملة البلد في سوق صرف حرة باستمرار حسب تقلبات العرض والطلب، بصفة حرة دون تدخل السلطات، والتي قد تتدخل عند الضرورة للحيلولة دون المبالغة في المضاربات والحفاظ على النظام في المعاملات المصرفية.

سياسة سعر الصرف وأهدافها

 هي مجموع الإجراءات والتدابير المتخذة من قبل السلطات النقدية والمالية والتجارية قصد إحداث أثر على الإقتصاد، ومن أجل ضمان استقرار أسعار الصرف، حيث تسعى سياسة سعر الصرف كمختلف السياسات الأخرى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التي تصب في مصلحة الإقتصاد الوطني:

أ‌-     مقاومة التضخم: يؤدي التحسين في سعر الصرف إلى انخفاض في مستوى التضخم المستورد وتحسن في مستوى تنافسية المؤسسات ففي المدى القصير يكون لانخفاض تكاليف الاستيراد أثر إيجابي على انخفاض مستوى التضخم، وتسمى هذه الظاهرة بالحلقة الفاضلة للعملة القوية، وتم اعتمادها كأساس للسياسة المناهضة للتضخم التي تبنتها فرنسا انطلاقا من سنة 1983.

ب‌- تخصيص الموارد: يؤدي سعر الصرف الحقيقي، الذي يجعل الإقتصاد أكثر تنافسية إلى تحويل الموارد إلى قطاع السلع الدولية للتصدير، وهذا ما يعمل على توسيع قاعدة السلع الدولية بحيث يصبح عدد كبير من السلع قابلا للتصدير وبالتالي يقل عدد السلع التي يتم استيرادها، ويزيد إنتاج السلع التي كانت تستورد محليا، إحلال الواردات والسلع التي يمكن تصديرها كما ينعكس أثر تغيير سعر الصرف الحقيقي في إعادة تخصيص الموارد في أسواق عوامل الإنتاج، إذ يؤدي انخفاضها إلى زيادة استخدام عنصري العمل و رأس المال في قطاع التصدير وفي الصناعات المنافسة للاستيراد.

ت‌- توزيع الدخل: يؤدي سعر الصرف دورا هاما في توزيع الدخل بين الفئات أو بين القطاعات المحلية، فعند ارتفاع القدرة التنافسية لقطاع التصدير التقليدي (مواد أولية، زراعية) نتيجة انخفاض سعر الأموال في الوقت الذي تنخفض فيه القدرة الشرائية للعمال، وعند انخفاض القدرة التنافسية الناجمة عن انخفاض سعر الصرف الاسمي وارتفاع سعر الصرف الحقيقي فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع القدرة الشرائية للأجور في الوقت الذي تنخفض فيه ربحية الشركات العاملة في قطاع السلع الدولية، فتقلص استثماراتها، ويهدف تقليص الآثار السلبية الناجمة عن سعر الصرف التنافسي يلجأ أصحاب القرار أحيانا إلى اعتماد أسعار صرف متعددة مثل سعر صرف للصادرات التقليدية، سعر صرف للواردات الغذائية ...الخ

ث‌- تنمية الصناعة المحلية: يمكن للسلطات النقدية تخفيض أسعار الصرف من أجل رفع القدرة التنافسية للصناعة المحلية وتشجيع التصدير ونجحت هذه السياسة في ألمانيا عام 1948 حيث قامت السلطات النقدية بتخفيض سعر الصرف العملة المحلية مما شجع التصدير، كما اعتمدت السلطات النقدية عطاء قدرة تنافسية اليابانية سياسة تخفيض العملة لحماية السوق المحلي من النافسة الخارجية وا للمنتوجات اليابانية في الأسواق العالمية ما بين 1970-1990 وتحت الضغوطات الواليات المتحدة الأمريكية، غيرت السلطات سياستها بإعادة تقييم سعر الين، إلا أن الفوائض التجارية استمرت في التزايد وساهم هذا التحسين للين في اعتبار الاستثمارات اليابانية هي الأفضل في الخارج كما حاولت سابقا السلطات الفرنسية إبقاء العملة الفرنسية منخفضة نسبيا لتشجيع المنتوجات الوطنية ورفع الصادرات  الفرنسية نحو الخارج.

ج‌-   إدارة أزمات سعر الصرف: يحدث هذا النوع من الأزمات عندما تتعرض عملة بلد ما لهجوم مضاربي عنيف ، يؤدي إلى انخفاض قيمتها انخفاضا كبيرا أو إلى إكراه السلطات الحكومية لهذا البلد على الدفاع عن عملتها عن طريق إنفاق جانب كبير من احتياطاتها الدولية أو عن طريق رفع أسعار الفائدة عليها بشكل حاد ومنه فإن إدارة أزمات سعر الصرف عملية إدارية تقوم على التخطيط بهدف التنبؤ بالأزمات والتعرف على أسبابها الداخلية والخارجية، وتحديد الأطراف الفاعلة والمؤثرة فيها، واستخدام كل الإمكانيات والوسائل المتاحة للوقاية من الأزمات أو مواجهتها بنجاح بما يحقق الاستقرار ويتجنب التهديدات والمخاطر، مع استخلاص الدروس واكتساب خبرات جديدة تحسن من أساليب التعامل مع الأزمات في المستقبل.

ح‌-  مواجهة تحديات الدولرةDollarization : الدولرة تشير الى العمالت االجنبية المستخدمة في وهي ظاهرة شائعة، حيث إن نصف البلدان المنفذة لبرامج 15 االقتصاد المحلي وليس الدوالر األمريكي التصحيح التي دعمها صندوق النقد الدولي خالل الفترة )1988-1998 ،)بلدانا تنتهج نظام الدولرة. ا منها يعتبر مدول ار بدرجة كبيرة، ومنه فإن الدولرة حسب تعريف صندوق النقد ً زيادة على ذلك فإن كثير الدولي هي: "األخذ بنظام الدوالر، وهي حيازة المقيمين لجزء كبير من أصولهم في شكل أدوات مقومة دواردو بورنزستاين بالدوالر". وحسب أندروبيرغ وا )Borensztein Eduardo et Berg Andrew )فإن الدولرة هي: "االستخدام التلقائي في بلد ما للدوالر األمريكي إلى جانب عملته المحلية في معامالته المالية". وذلك ألن الدو الر هو: عملة الربط األساسية في العالم، عملة االحتياطي األساسية للبنوك المركزية، أكثر من العمالت استخدام في السوق العالمي للصرف األجنبي، عملة التقييم األساسية للسلع الدولية مثل النفط والذهب ...الخ، أكثر العمالت غير الوطنية تفضيال من قبل الشركات واألفراد

خ‌-  مواجهة حرب العملات war currency The :مصطلح حرب العمالت أول من أصله علميا هو األمريكي من أصل صيني سونغ هونغ بنغ في كتابه العمالت حيث أشار إلى استخدام الدول لسعر الصرف كسياسة إقتصادية وحرب العمالت ليست ظاهرة حديثة، بل هي تشير إلى التخفيض التنافسي سه بعض الدول لزيادة صاد ارتها وتقليل مستورداتها من أجل تقليص العجز التجاري أوالً الذي تمار ، لخلق مزيد من فرص العمل للعاطلين عنه ومنه فغن ً ا سعي ً وتحريكا لالستثمار في الدول المخفضة ثاني حرب العمالت هي تلك الحرب القائمة على استخدام العمالت كسالح نقدي لمواجهة التقلبات العالمية في دارة أزمات سعر الصرف. أسعار صرف العمالت األساسية وا د- حل معضلة الملحمة المستحيلة أو المثلث الصعب Triangle Uneasy An :المتعلق بأهداف السياسة اإلقتصادية المتعارضة ويمثل هذا المثلث أهداف السياسات اإلقتصادية المتعارضة والمتمثلة في: - التوازن الخارجي Balance Internal؛ - التوازن الداخلي Balance External؛ - تحرير التجارة Liberalisation Tarde. معناه يعالج هذا المثلث مشكلة تحقيق األهداف اإلقتصادية الداخلية لدولة ما دون أن تضحي بمكاسبها من التجارة الدولية أو تعاني من عدم التوازن في مي ازن المدفوعات. وقد جاء تحليل مندل فليمينغ Mundell-Fleming في ما يخص منحنى ميزان المدفوعات BP هو تحليل ضمن أدبيات اإلقتصاد الكلي الدولي، حيث يعالج الطلب الكلي في إقتصاد مفتوح مع تمديد نموذج )LM-IS )إلى حالة اإلقتصاد المفتوح مع إدخال عالقة جديدة تعرف بوصفها Curve Payments of Balance مع العلم أن روبرت مندل Mundell Robert حاصل على شهادة نوبل لإلقتصاد سنة .1999.

أدوات سياسة سعر الصرف: تستعمل السلطات العديد من الأدوات  والسياسات لتنفيذ سياسة سعر الصرف وأهم هذه األدوار:

أ. تعديل سعر صرف العملة: يعتبر التخفيض في قيمة العملة الوطنية قرار تتخذه السلطات النقدية، مضمونة تدنية قيمة العملة الوطنية، حيث يهدف أساسا إلى إعادة التوازن في المي ازن المدفوعات وأثار التخفيض مرتبطة أساسا بأهمية المبادلات الخارجية، وكذا الهيكل الإقتصادي للبلد المعني، فالدول تقوم بتغير قيمة عملتها الوطنية فهذا يعني أنه أصبح بالإمكان الحصول عليها بمقدار من العملة الأجنبية أقل عادة النظر في قيمة العملة كان يعتبر كإجراء عادي لكنه استثنائي ال يمكن اتخاذه في حالة العجز األساسي في المدفوعات. إن عملية تخفيض العملة » Bévaluation ،» تتم بصورة متعمدة بعد اتخاذ القرار من طرف السلطات اإلقتصادية وتكون هذه العملة في إطار نظام سعر صرف ثابت هذا عكس االنخفاض » Dépréciation ،» الذي يحدث تلقائيا نتيجة لتضارب قى العرض والطلب في السوق وتتم هذه العملية في إطار نظام سعر صرف عائم، إذ أن الحديث عن التخفيض يجعلنا نشير إلى عملية دفع قيمة العملة أو إعادة التقويم » Réévaluation » التي هي عملية عكسية بالنسبة لعملية التخفيض.

ب. استخدام احتياطات الصرف: ويتم هذا عن طريق تدخل السلطات النقدية في سوق الصرف للحد من تغيره أو تقلب سعر الصرف سواء ببيع العمالت الصعبة التي تحتفظ بها مقابل العملة المحلية للحد من انهيار أو انخفاض قيمة عملتها والعكس في حالة ارتفاع قيمة العملة عن الحد الذي ترغب فيه السلطات النقدية بشراء العمالت األجنبية مقابل العملة المحلية ويتوقف تطبيق هذه الوسيلة على حجم احتياطي الصرف للدولة.

ج. استخدام سعر الفائدة الربوي: عندما تريد السلطات النقدية تحسين العملة المحلية تلجأ إلى رفع معدل الفائدة الستقطاب رؤوس األموال األجنبية الباحثة عن أعلى عائد وبالتالي ارتفاع الطلب على العملة المحلية مما يساهم في تحسين قيمة العملة المحلية لجأت فرنسا إلى هذا األسلوب عندما رأت أن الفرنك أضعف من المرك وهذا برفع معدالت الفائدة في فرنسا أعلى من المعدالت الموجودة في ألمانيا.

د. الرقابة على الصرف: تعتبر الرقابة على الصرف أداة فنية تستخدم لتحقيق العديد من األغراض التي تخدمها مثل هذه السياسة، ويأتي في مقدمة هذه األغراض المحافظة على قيمة مرتفعة للعملة الوطنية وذلك بتقنين الكمية المحدودة المعروضة من النقد األجنبي ما بين مصادر الطلب المختلفة عليها ًضا مما يسمح باإلبقاء على سعر الصرف مرتفع للعملة الوطنية. كما أن من أهدا الرقابة على الصرف أي منع خروج رؤوس األموال من الدولة بما يؤدي إلى عجز في ميزان مدفوعاتها الخارجية، كذلك فإن من أهداف الرقابة على الصرف، وخاصة في الدول النامية الحد من الواردات غير الضرورية التي تميل الطبقات الغنية إلى استيرادها والتي ال تساهم في تنمية اإلقتصاد القومي. هذا باإلضافة إلى عزل اإلقتصاد القومي عن الخارج حتى يمكن تحقيق سياسة العمالة الكاملة في الداخل دون خشية االختالل في التوازن الخارجي للدولة. كما يمكن أن يكون الغرض من الرقابة على الصرف هو الحصول على إيرادات لخزانة الدولة، فضال عن تخفيف العبء المالي الواقع على الدولة وهي بصدد تسوية ديونها الخارجية الباهظة. ،إن المراقبة المباشرة على عمليات الصرف من قبل السلطانية النقدية حتى يتمتع سعر الصرف بحرية الحركة، ففي النظام العائم يترك تحديد أسعار الصرف بين العمالت إلى قوى السوق، 16 وتتوقف مدى تقلبات سعر الصرف على الكميات المعرضة والمطلوبة من الصرف األجنبي.

ه. إقامة سعر الصرف متعدد: يمكن تطبيق نظام الصرف المتعدد في حالة احتكار الدولة لعمليات بيع وشراء العملة الصعبة فيمكن اعتماد نظام ثنائي أو أكثر لسعر الصرف بوجود سعرين أو أكثر لسعر صرف العملة، أحدهما مغالى فيه ويتعلق بالمعامالت الخاصة بالواردات الضرورية أو األساسية أو واردات القطاعات المرد دعمها وترقيتها، آما السلع المحلية الموجهة للتصدير أو الواردات غير األساسية فتخضع لسعر الصرف العادي، ويهدف نظام أسعار الصرف المتعدد إلى تخفيض آثار حدة التقلبات في األسواق وتوجيه السياسة التجارية لخدمة بعض األغراض المحددة.

العوامل المحددة لاختيار سياسة الصرف الأجنبي: هناك نوعين أساسيين من أنواع سياسة سعر الصرف هي سياسة الربط وسياسة التعويم وقد قدم اإلقتصادي Heller.R عدة عوامل قد تساعد في اختيار الدول النامية بين سياسة الربط وسياسة التعويم وهي:

أ. درجة الانفتاح على العالم الخارجي: وهنا يجب أن تقوم بإتباع سياسة الربط أو التثبيت، آما اإلقتصاد األقل انفتاحا فقد يالئمه إتباع سياسة التعويم.

ب. درجة تنوع هيكل الإنتاج والصادرات: كلما زادت درجة تنوع هيكل اإلنتاج الوطني سواء من السلع الموجهة للتصدير أو الموجهة للسوق المحلية، كلما قل تعرض اإلقتصاد الوطني لصعوبات ميزان المدفوعات، لذلك ثقل الحاجة إلى إجراء تصحيح سعر الصرف ويفضل إتباع نظام أسعار الصرف الثابتة أو سياسة الربط، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن ارتفاع درجة التركيز في هيكل اإلنتاج في عدد قليل من السلع يعرض اإلقتصاد كما هو الحال في أغلب الدول النامية، لتقلب مستمر في حصيلة الصاد ارت فيكون من المالئم في هذه الحالة إتباع سياسة التعويم على أساس إعطاء قد ار من المرونة لسعر الصرف ليسهل عملية تصحيح االختالل الذي قد ينتج عن النقص المفاجئ في حصيلة الصادرات.

ج. درجة تكامل سوق أرس المال المحلي مع أسواق رأس المال الدولي: وتقاس بنسبة ما تحتفظ به البنوك من أصول مالية أجنبية إلى العرض النقدي المحلي وأيضا بدرجة اإلحالل بين األصول المالية المحلية واألصول المالية األجنبية، وكلما ارتفعت درجة حرية التعامل في السوق المالي المحلية، كلما كان من األفضل اختيار سياسة ا في جذب رؤوس ً ا هام ً التعويم حيث تلعب التغي ارت في سعر الصرف دور األموال التي تعمل على تصحيح االختالل في ميزان المدفوعات الذي ينتج عن المعامالت الجارية، آما بالنسبة لإلقتصاد الذي يتميز بانخفاض درجة تكامل سوق أرس المال المحلي مع األسواق المالية الدولية، فإنه يفضل اختيار سياسة الربط أو التثبيت. د( معدل التضخم النسبي: غالبا ما يفضل إتباع سياسة تثبيت أسعار الصرف بين الدول التي تتقارب فيما بينها معدالت التضخم بينما يفضل إتباع سياسة تعويم أسعار الصرف بين الدول التي تتباين فيها معدالت التضخم.

ه. الأهمية النسبية للمصادر الداخلية والخارجية لالختالل في ميزان المدفوعات: حينما تكون أغلب مصادر اختالل ميزان المدفوعات ترجع ألسباب خارجية كاالنخفاض المفاجئ في الطلب األجنبي للصادرات مثال، فإنه يفضل اختيار سياسة تعويم أسعار الصرف آما إذا كانت أغلب الصدمات التي يتعرض لها اإلقتصاد من مصادر داخلية فإنه يفضل إتباع سياسة ربط أسعار الصرف.

و. قيمة مرونات التجارة الخارجية: قد يكون اختيار سياسة أسعار الصرف المعومة ملائما إذا كانت مرونة الطلب الأجنبي على الصادرات والطلب المحلي على الواردات ومرونة العرض المحلي للصادرات منخفضة كما هو الحال في غالبية الدول النامية، حيث يصبح تغير سعر الصرف والاعتماد على السياسات الأخرى البديلة لتصحيح الاختلال كالسياسة المالية والنقدية الانكماشية.

ز. تأثير تغير الصرف على كل من الاستعاب والعرض النقدي المحليين: اختيار سياسة تغير سعر الصرف الملائمة يعتمد على مدى استجابة كل من الاستعاب المحلي والقيمة الحقيقية للعرض النقدي للتغيرات في سعر الصرف، وكلما ارتفعت درجة استجابة تلك المتغيرات للتغير في سعر الصرف خلال الأجل القصير والمتوسط فإنه يفضل إتباع سياسة تعويم سعر الصرف، آما إذا كانت التغيرات في سعر الصرف قليلة التأثير على الاستعاب المحلي أو العرض النقدي فإنه يفضل تثبيت سعر الصرف إتباع السياسات التصحيحية البديلة.

 العوامل الفنية المؤثرة على أسعار الصرف الأجنبي  

تتمثل العوامل الفنية المؤثرة على أسعار الصرف الأجنبي فيمايلي:

ظروف سوق الصرف الأجنبي: و المتمثلة في التقارير و تصريحات كبار المسؤولين و المنظمات الدولية و سائر المعلومات و الاشاعات حيث تؤثر هذه العناصر على أسعار الصرف الأجنبي بدرجات متفاوتة و ذلك حسب تجاوب المتعاملين معها. فأحيانا تكون ردود أفعال متعاكسة للمتعاملين تجاه نفس الحدث و تطوراته و هذا راجع الى النظرة  الخاصة لكل متعامل و قراءتهم الشخصية للحدث.

قوة المتعاملين التفاوضية: تعتبر خبرة و مهارة المتعاملين من العوامل الفنية المؤثرة على أسعار الصرف الأجنبي حيث تكسبهم قوة تفاوضية كبيرة. ان قدرة  المتعاملين على استطلاع أحوال السوق المستقبلية  والقيام بتوقعات صحيحة حول اتجاه أسعار العملات تسمح لهم باتخاذ القرارات الصائبة التي تخدم مصالحهم حسب أوضاعم في أسواق الصرف الأجنبي حيث كلما أدى مجموع قرارات المتعاملين في سوق الفوركس الى زيادة الطلب على عملة ما, كلما أثر ذلك بصفة ايجابية على قيمتها.

ظروف الأسواق الأخرى: يمكن للظروف السائدة في الأسواق المالية مثلا و التغيرات الحاصلة فيها التأثير على أسعار العملات في أسواق الصرف الأجنبي من خلال تأثيرها على عرض و طلب العملات. بنفس الطريقة يمكن للظروف السائدة في أسواق السلع و الخدمات أن تؤثر على أسعار الصرف الأجنبي من خلال تأثيرها على عرض و طلب العملات.  

عدد و حجم المعاملات: حيث كلما ازدادت سرعة دوران العملة و حجم الكميات المطلوبة منها, كلما أثر ذلك بصفة ايجابية على قيمتها و العكس صحيح.

طريقة التعرف على رموز العملات في اسواق الفوركس

للتعرف على رموز العملات في اسواق الفوركس نتبع الطريقة التالية: الحرفين الاول و الثاني يشيران الى الدولة صاحبة العملة و الحرف الاخير يشير الى اسم العملة  مع بعض الاستثناءات و الهدف من ذلك التمييز بين العملات التي تحمل نفس التسمية لأكثر من دولة مثل الدولار الامريكي و الكندي و الاسترالي....الخ.                   

USD: united States Dollar                                                     

CAD: Canadian Dollar

AUD: Australian Dollar

 

العوامل المؤثرة على اسعار الصرف

العوامل المؤثرة على اسعار الصرف

نوع العامل

اثره على اتجاه اسعار الصرف

فترة التنبؤ

حساب العمليات الجارية

اساسي

ارتفاع رصيده الفائض له اثر ايجابي على قيمة العملة لأنه دليل على زيادة الطلب على العملة المعنية من طرف غير المقيمين.

متوسطة و طويلة المدى

قوة المتعاملين التفاوضية

فني

هذا العامل مرتبط بخبرة و مهارة المتعاملين التي تمكنهم من القيام بتوقعات صحيحة حول اتجاه اسعار العملات مما يسمح لهم بأخذ قرارات تخدم مصالحهم و كلما ادت هذه القرارات  الى زيادة الطلب على عملة ما كلما اثر ذلك بصفة ايجابية على قيمتها.

قصيرة المدى

الناتج المحلي الاجمالي

اساسي

ارتفاع قيمته له اثر ايجابي على قيمة العملة لأنه دليل على زيادة الطلب على العملة المعنية من طرف غير المقيمين نتيجة ارتفاع معدل نمو اقتصاد الدولة صاحبة العملة.

متوسطة و طويلة المدى

 

العوامل المؤثرة على اسعار الصرف

نوع العامل

اثره على اتجاه اسعار الصرف

فترة التنبؤ

معدل التضخم

اساسي

ارتفاعه له اثر سلبي على قيمة العملة لأنه دليل على زيادة العرض النقدي و انخفاض القدرة الشرائية.

متوسطة و طويلة المدى

الميزان التجاري

اساسي

ارتفاع رصيده الفائض له اثر ايجابي على قيمة العملة لأنه دليل على زيادة الطلب على العملة المعنية من طرف غير المقيمين.

متوسطة و طويلة المدى

عدد و حجم المعاملات

فني

حيث كلما ازدادت سرعة دوران العملة و حجم الكميات المطلوبة منها كلما اثر ذلك بصفة ايجابية على قيمتها.

قصيرة المدى

وكالات التنقيط المالي

  تتمثل مهمة وكالات التنقيط المالي في تنقيط الشركات و الدول من حيث مدى قدرتها على تسديد ديونهم في الآجال المحددة. توجد علاقة متينة بين العلامة الممنوحة من طرف وكالات التنقيط المالي و درجة المخاطرة, بمعنى أنه كلما كانت العلامة التي تتحصل عليها الشركات محل التنقيط مرتفعة كلما كان وضعها المالي في يسر و احتمال الافلاس ضئيل و متدني ( مثلا العلامة AAA تمثل أعلى علامة و يقابلها 0,05% احتمال الافلاس ) الاأن هذا الاحتمال الضعيف جدا تحقق في العديد من المرات ( مثل ما حدث لشركة VIVENDI Universel التي أعلن عن افلاسها بعد أسبوعين من حصولها على العلامة AAA ) مما يؤكد عدم موضوعية التنقيط المالي الذي تقدمه تلك الوكالات حيث لا يعكس دائما الوضعية المالية الحقيقية للمعني بالتنقيط.

     ان الحصول على التنقيط الجيد يسمح للمعني بالاقتراض بسهولة و بمعدلات ربوية منخفضة و تسهيلات تمويلية أخرى. ان عدم موضوعية التنقيط المالي يعود الى عوامل متعددة, أبرزها:

-       احتكار السوق العلمية للتنقيط من طرف وكالات التنقيط الأمريكية المعروفة بالأخوات الثالث,

-       عدم شفافية عملية التنقيط و عدم موضوعية بعض المعايير المعتمدة في التنقيط,

-       المقابل الذي تتحصل عليه وكالات التنقيط المالي يدفعه المعني بالتنقيط مما يدفع وكالات التنقيط المالي الى منح علامة جيدة بالرغم من الوضعية المالية المزرية للمعني بالتنقيط,

-       غياب المسؤولية القانونية لوكالات التنقيط المالي مما لا يسمح لسلطات الضبط فرض عقوبات ردعية على وكالات التنقيط المالي عند تأكد التجاوزات.

   

 نظرة فلاديمير بوداربسكي " Vladimir VODAREVSKI " حول أزمة الرهن العقاري "Subprime " و كيف تورطت فيها وكالات التنقيط المالي:

       أزمة الرهن العقاري هي الأزمة التي ظهرت في الولايات المتحدة ثم انتقلت أثارها الى الكثير من دول العالم و سببها قروض الرهن العقاري التي منحتها البنوك الربوية الأمريكية للمقترضين الذين لا تتوفر فيهم الشروط الضرورية و الضمانات الكافية من أجل اقتناء السكنات. هذه القروض صنفت في فئة القروض ذات المخاطرة العالية و بهدف التخلص منها, قامت البنوك الربوية الأمريكية بتوريقها الى أوراق مالية تدعى CDO ( Collateralized Debt Obligation) حينما تعرض المقترضين الى صعوبات في تسديد أقساط القروض لأن في البداية كانت قيمة الأقساط المطلوب منهم تسديدها منخفضة ثم ترتفع تدريجيا مع مرور الوقت و قد ازددات تلك الأقساط ارتفاعا نظرا لارتفاع معدلات الفائدة الربوية المتغيرة لقروض الرهن العقاري بسبب الارتفاع العام لمعدلات الفائدة الربوية في الولايات المتحدة حينما قرر البنك الفيدرالي الأمريكي برفع نسبتها من 1 الى 5/ بين 2004  و 2006.

تعتبر الأوراق المالية CDO من المنتجات السامة للهندسة المالية ذات درجة مخاطرة عالية حيث سعت البنوك الربوية الأمريكية بواسطتها نقل المخاطرة العالية لقروض الرهن العقاري الى أطراف أخرى في مختلف دول العالم عبر قناة الأسواق المالية العالمية.

حسب فلاديمير بوداربسكي, فان وكالات التنقيط المالي قامت بتقييم سيئ للأوراق المالية CDO         و وضعت فخا للمتعاملين في الأسواق المالية حيث اعتبرتها قليلة المخاطرة و هي في الحقيقية أوراق مالية سامة. ان وكالات التنقيط المالي انحرفت عن القواعد و الضوابط المتعارف عليها في هذا المجال اذ أنها -حسب نفس الكاتب- قامت بادراج الأوراق المالية CDO في نفس الفئة كما أنها قامت بتنقيطها بنفس الطريقة التي تنقط بها المنتجات المالية البسيطة في حين أن CDO عبارة عن منتجات مالية مركبة و المنطق يفرض اتباع طريقة أخرى تتماشى مع طبيعة تلك الأوراق المالية. هذا الانحراف في التقييم أدى الى منح تنقيط جيد للأوراق المالية CDO و هو ما أوقع المستثمرين في سوء التقدير للعمليات المالية التي أجروها حيث أنهم أقدموا على شراء الأوراق المالية CDO بأعداد كثيرة جدا مسترشدين في ذلك بالتنقيط السيئ و المضلل لوكالات التنقيط المالي. يتمثل الخطأ الثاني الذي ارتكبته وكالات التنقيط المالي عن قصد في عدم أخذ بالحسبان لمعيار مهم في تلك الفترة و هو الارتفاع المذهل لسوق العقار في الولايات المتحدة حيث ارتفعت الأسعار بنسبة كبيرة جدا فترة قصيرة و بالرغم من أن الأوراق المالية CDO مستندة لأسعار السكنات التي تم شراءها بقروض الرهن العقاري, علما أنه كلما ارتفعت أسعار العقار بنسبة كبيرة جدا و في فترة وجيزة, كلما كان احتمال انهيارها كبير و بالتالي ارتفاع مخاطرة المستثمرين الذين اشتروا الأوراق المالية CDO بحكم أن أسعار السكنات تمثل الضمان لتلك القروض الربوية. ان هذا الخطر لم يتم تقديره بالشكل المطلوب من طرف وكالات التنقيط المالي حيث أن طريقة التنقيط لا تتضمن على الاطلاق احتمال انهياره أسعار السكنات. يتمثل الانزلاق الأكثر خطورة الذي وقعت فيه وكالات التنقيط المالي في تنقيطها لأوراق مالية شاركت في صناعتها مع البنوك الربوية المعنية و تحصلت على أتعابها من تلك البنوك و بالتالي فهي مرغمة على تقديم تنقيط جيد لضمان نجاح عملية التخلص من الأوراق المالية CDOفي الأسواق المالية و نقل خطورتها الى أطراف أخرى. بالاضافة الى أن الخطر المرتبط بمعدلات الفائدة الربوية المتغيرة لقروض الرهن العقاري و التي سبق     و أن وضحنا وجه المخاطرة التي تضمنتها, لم يتم كذلك أخذه بعين الاعتبار و بالشكل المطلوب من طرف وكالات التنقيط المالي و ذلك يمثل عنصر أخر من العناصر التي تثبت مدى مسؤولية وكالات التنقيط المالي في الأزمة المالية العالمية لسنة 2008 و تورطها الصارخ فيها جنبا الى جنب مع  البنوك الربوية المعنية التي خرقت حدود القواعد و الضوابط المصرفية اذ تجرأت على تحمل مخاطرة كبيرة جدا خاصة بعدم التسديد, سعيا منها لتحقيق أكبر قدر من الأرباح من خلال منحها لقروض الرهن العقاري لفئة واسعة من الأمريكان تعاني من أزمة السكن و لكن ذوي الدخل المحدود و الذين لا تتوفر فيهم الضمانات الكافية لقبول طلباتهم للحصول على قروض لشراء السكنات و هو ما يعتبر تعدي صريح و فاضح على أسس العمل المصرفي الذي وضعته هذه المؤسسات الربوية.


Self enrolment (Student)