المحاكم الإدارية

الموقع: E-learning -Université de M'sila
المقرر: محاضرا في المنازعات الادارية / مطبوعة بيداغوجية / د.رداوي مراد
كتاب: المحاكم الإدارية
طبع بواسطة: مستخدم ضيف
التاريخ: Saturday، 23 November 2024، 6:40 PM

1. تمهيد

تعد المحاكم الإدارية إحدى هيئات النظام القضائي الاداري في الجزائر، وهي تشكل قاعدة هرم هذا النظام، تم استحداثها  كنتيجة للتوجه الجديد الذي سلكه المؤسس الدستوري في 1996 بتبنيه لنظام الازدواجية القضائية وتأسيس مجلس الدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الادارية.

ورغم ان الدستور لم ينص صراحة على تسمية المحاكم الإدارية، إلا أنه أشار اليها في معرض تعريفه لمجلس الدولة بنص المادة 152، وذلك تحت مسمى "الجهات القضائية الادارية"، أما التأسيس الفعلي للمحاكم الادارية فقد تم بموجب القانون 98-02، المؤرخ في 30 ماي [1]1998، حيث عرفها المادة الاولى منه بأنها: " ...جهات قضائية للقانون العام في المادة الادارية..."، ونقل اليها جميع اختصاصات الغرف الإدارية والغرف الإدارية الجهوية على مستوى المجالس القضائية (المادة 09).

لم يستكمل تنصيب المحاكم الإدارية في الجزائر الا بعد مرور أزيد من 10 سنوات من صدور القانون 98-02، وخلال هذه الفترة استمرت الغرف الادارية بالمجالس القضائية بممارسة اختصاصات المحاكم الادارية، وهذا تطبيقا للحكم الانتقالي المنصوص عليه في المادة 08 من القانون 98-02 .

المادة 08: بصفة انتقالية، وفي انتظار تنصيب المحاكم الادارية المختصة اقليميا، تبقى الغرف الادارية بالمجالس القضائية، وكذا الغرف الادارية الجهوية، مختصة بالنظر في القضايا التي تعرض عليها طبقا لقانون الاجراءات المدنية.

وعليه سنتناول في العناصر التالية،  الأساس القانوني للمحاكم الإدارية، وكذا تنظيمها واختصاصاتها.



[1] - قانون رقم 98-02، مؤرخ في 30 مايو 1998، يتعلق بالمحاكم الإدارية، ج.ر.ج.ج، عدد 37، مؤرخة في 16 جوان 2022. 


2. الأساس القانوني للمحاكم الإدارية

يؤسس النظام القانوني للمحاكم الادارية في الجزائر على مجموعة من النصوص الدستورية والقانونية والتنظيمية


2.1. الاطار الدستوري للمحاكم الإدارية

استمدت المحاكم الإدارية الجزائر أساس وجودها ومكانتها ضمن هيئات السلطة القضائية من نص المادة 179 من الدستور، حيث أن هذه الأخيرة قد ذكرتها بصريح العبارة بعد ان كانت المادة 152 من الدستور قبل التعديل تقتصر على  الإشارة إليها فقط بطريقة غير مباشرة تحت عبارة "الجهات القضائية الإدارية".


2.2. الاطار التشريعي للمحاكم الإدارية

يمكن استخلاص الاحكام المتعلقة بالمحاكم الإدارية  من 03 نصوص قانونية ، وهي:

-       القانون العضوي 22-10، المتعلق بالتنظيم القضائي، حيث أشار في مادته الرابعة[1] الى المحاكم الإدارية كجزء من النظام القضائي الإداري، وحدد تشكيلها وتنظيمها ضمن المواد من 32 الى 38، مع العلم أن هذا القانون العضوي قد ألغى القانون 98-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية.

-       القانون رقم 98-02 المؤرخ في 01 ماي 1998، المتعلق بالمحكم الإدارية (ملغى)، تضمن هذا القانون 10مواد تناول فيها مسألة تنظيم وتشكيل المحاكم الإدارية وتركيبتها البشرية. لم يطرأ أي تعديل على هذا القانون منذ اصداره في 1998 الى غاية الغائه سنة 2022 بموجب القانون العضوي 22-10. المتعلق بالتنظيم القضائي، وتجدر الملاحظة أن هذا الاخير  قد ابقى بموجب المادة 39 على سريان النصوص التطبيقية للقانون 98-02 الى غاية صدور النصوص التطبيقية الجديدة.

-       القانون 08-09، المتضمن قانون الاجراءات المدنية والادارية، المعدل والمتمم بالقانون 22-13، المؤرخ في 12 جويلية 2022، والذي نظم القواعد الاجرائية امام المحاكم الإدارية ضمن الكتاب الرابع، الباب الأول تحت عنوان" في الاجراءات المتبعة امام المحاكم الإدارية"، في المواد 800الى 900.

-       القانون 04-11، المتضمن القانون الأساسي للقضاء[2]، والذي يسري حسب المادة 02 منه على جميع القضاء بما فيهم قضاة المحكمة الإدارية .



[1] - المادة04: يشمل النظام القضائي الإداري مجلس الدولة والمـحاكم الإدارية للاستئناف والمـحاكم الإدارية

[2] - قانون رقم 04-11، مؤرخ في 06 سبتمبر 2004،ج.ر.ج.ج، عدد57 ، مؤرخة في 08 سبتمبر 2004، الصفحة 13


2.3. الاطار التنظيمي للمحاكم الادرية

باستقراء القانون 98-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية (ملغى)، نجد أنه قد أحال تنظيم مجموعة من المواضيع على التنظيم، وتتعلق هذه المواضيع بتحديد عدد الغرف والاقسام داخل المحكمة، وتنظيم كتابة الضبط، وكيفيات احالة القضايا المسجلة و/أو المعروضة على الغرف الإدارية للمجالس القضائية وكذا الغرف الإدارية الجهوية الى المحاكم الإدارية .

وبالرغم من أن القانون 98-02 قد الغي بموجب القانون العضوي 22-10، الا أن هذا الاخير قد ابقى –بصفة مؤقتة- على النصوص التنظيمية المتعلقة بالمحاكم الادارية، و بناء عليه يمكن حصر الاطار التنظيمي للمحاكم الإدارية في النصوص التالية:

-       المرسوم التنفيذي رقم 98-356 المؤرخ في 14 نوفمبر 1998 المحدد لكيفيات تطبيق احكام القانون رقم 98-02 المتعلق بالمحاكم الإدارية[1]، معدل بموجب المرسوم التنفيذي رقم 11-195 المؤرخ في 22 ماي 2011[2]، والذي رفع عدد المحاكم الإدارية الى 31 ثم 48 محكمة وحدد اختصاصها الاقليمي، ورفع الحد الادنى لعدد الغرف في كل محكمة الى غرفتين (02) على الأقل، بحيث يتم تحديدها بأمر  من رئيس المحكمة بعد أن كانت تحدد بقرار من وزير العدل.

-       المرسوم التنفيذي رقم 20-85، المؤرخ في 01 أفريل 2020، الذي يحدد كيفيات التسيير الإداري والمالي للمحاكم الإدارية[3].

-       المرسوم التنفيذي رقم 22-435، المؤرخ في 11ديـسـمـبـر 2022، الذي يـحـدد الاختصاص الاقليمي لـلــمحــاكم الإدارية للاستئناف والمـحاكم الإدارية[4]، تطبيقا لأحكام المادة 10 من القانون 22-07 المتضمن بالتقسيم القضائي، والذي رفع عدد المحاكم الإدارية الى 58 محكمة موزعة عبر كامل التراب الوطني.



[1] - ج.ر.ج.ج، عدد 85،  مؤرخة في 15 نوفمبر 1998، ص4.

[2] - ج.ر.ج.ج، عدد 29، لمؤرخة في 22 ماي 2011، ص10.

[3] - ج.ر.ج.ج، عدد 21، مؤرخة في 08 أبريل 2020، ص13.

[4] - ج.ر.ج.ج، عدد 84، مؤرخة في 14 ديسمبر 2022، ص4.


3. اختصاصات المحاكم الادارية

لدراسة مجال اختصاص المحاكم الإدارية ينبغي التطرق لاختصاصها النوعي ثم الإقليمي.


3.1. الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية

تعد المحاكم الإدارية جهات قضائية للقانون العام، تختص كدرجة أولى للتقاضي في المنازعات الإدارية، وهذا بنص المادة 31 من القانون العضوي 22-10 المتضمن التنظيم القضائي ،

المادّة 13 :المـحكمة الإدارية درجة أولى للتقاضـــــي في المادة الإدارية.

وبالتالي فإن دور المحاكم الادارية في الجزائر يقتصر على ممارسة الاختصاص القضائي فقط دون الاستشاري، وهذا خلافا للمحاكم الادارية في فرنسا التي  لها دور قضائي واستشاري أيضا فيما يخص القرارات التنظيمية واللوائح الصادرة عن الولاة .

وتستمد المحاكم الإدارية اختصاصها النوعي من ق.إ.م.إ، كما يمكن أن تكون مختصة بموجب نصوص خاصة، وهذا ما تضمنته بالتفصيل المادتين 800، 801 من ق.إ.م.إ، فالأولى اكدت الاختصاص  العام (الولاية العامة) للمحاكم الإدارية في جميع المنازعات الإدارية، وهذا على خلاف الجهات القضائية الإدارية الأخرى التي تمارس اختصاصا محدودا (استثناء على الولاية العامة)، في حين حددت المادة 801 الدعاوى التي تكون من اختصاص المحاكم الإدارية، واشارت في فقرتها الاخيرة على امكانية اختصاص هذه المحاكم بنزاعات اخرى بموجب نصوص خاصة.

المادة 800: " المحاكم الإدارية هي جهات الولاية العامة في المنازعات الإدارية، باستثناء المنازعات الموكلة إلى جهات قضائية أخرى.

تختص المحاكم الإدارية بالفصل في أول درجة بحكم قابل للاستئناف في جميع القضايا التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسـات العموميـة ذات الصبغة الإدارية أو الهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية طرفا فيها”.

 

المادة 801: " تختص المحاكم الإدارية كذلك بالفصل في:

- دعاوى إلغاء وتفسير وفحص مشروعية القرارات الصادرة عن:

- الولاية والمصالح غير الممركزة للدولة على مستوى الولاية؛

- البلدية .

- المنظمات المهنية الجهوية

- المؤسسات العمومية المحلية ذات الصبغة الإدارية .

2- دعاوى القضاء الكامل .

3- القضايا المخولة لها بموجب نصوص خاصة"".


3.2. الاختصاص الاقليمي للمحاكم الإدارية

اذا كان موضوع الاختصاص الاقليمي لا يثار  عندما يتعلق الامر بمجلس الدولة أو بالمحكمة الإدارية الاستئنافية بالجزائر العاصمة عندما تختص كأول درجة ، كون هذه الجهات تمارس اختصاصا وطنيا، فإن العدد الكبير للمحاكم الإدارية (58 محكمة) وتوزعها عبر كامل الاقليم الوطني تثير اشكالية توزيع الاختصاص بين هذه المحاكم، بمعنى تحديد المحكمة الإدارية التي تكون مختصة بالفصل في النزاع دون غيرها من المحاكم الادارية. 

لهذا فقد تدخلت السلطة التنظيمية لرسم حدود الاختصاص الاقليمي أو الجغرافي لكل محكمة ادارية، حيث  تضمن المرسوم التنفيذي 22-435 -في الملحق الثاني- قائمة البلديات التابعة لاختصاص كل محكمة ادارية، والتي هي في نفس الوقت البلديات التابعة لإقليم الولاية التي تقع في مقرها المحكمة الادارية.

من جهة أخرى،  تضمنت المادتين 803، 804 من ق.إ.م.إ  قواعد مرجعية تبين كيفية تحديد المحكمة الإدارية المختصة اقليميا في أي نزاع اداري (سيتم شرح هذه القواعد لاحقا)[1].



[1] - انظر: شرط الاختصاص القضائي، ص...


4. التنظيم الداخلي للمحكمة الإدارية

تتشكل المحكمة الإدارية من نوعين من الهياكل :قضائية و غير قضائية.


4.1. الهياكل القضائية للمحكمة الادارية

1- الأقسام والفروع

وفقا للمادة 34 من قانون التنظيم القضائي، تنظم المحكمة الإدارية في أقسام[1] (قسمين على الأقل)، يمكن أن تقسم بدورها إلى فروع (فرعين على الأقل)، ويتم تحديد عدد الأقسام والفروع  بموجب أمر من رئيس المحكمة الإدارية بعد استطلاع رأي محافظ الدولة، ويختلف عدد الأقسام من محكمة الى أخرى حسب طبيعة وحجم النشاط القضائي.

وحسب نص المادة 33 من قانون التنظيم القضائي 22-10، تفصل المحاكم الإدارية في القضايا المعروضة عليها بتشكيلة جماعية ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

2- النيابة العامة

نظمت النيابة العامة في المادة 36 من القانون رقم 22-10، إذ يتولى محافظ الدولة النيابة العامة بمساعدة محافظي دولة مساعدين.



[1] - تسمية الاقسام والفروع جاءت بتوصية من المحكمة الدستورية التي رأت أنه من الأنسب استعمال مصطلحات مناسبة لكل جهة قضائية من جهات القضاء الإداري حتى تكون منسجمة مع نظيراتها في القضاء العادي.

انظر: قرار رقم 1/ق.م د/رم د/22، مؤرخ في 10 ماي 2022، يتعلق بمراقـبة مـطابقة القانون العضـوي المتعلق بالتنظيم القضائي، للدستور، ج.ر.ج.ج، عدد 41، مؤرخة في 16 جوان 2022، ص05.


4.2. الهياكل غير القضائية

تظم المحكمة الادارية على غرار جميع الجهات القضائية الاخرى أمانة ضبط اشارت اليها المادة 11 من قانون التنظيم القضائي، ونظمها المرسوم التنفيذي 98-356 في المادتين 6 و7  .

المادة 11: تشمل كل جهة قضائية أمانة ضبط تحدد كيفيات تنظيمها وسيرها عن طريق التنظيم


5. تشكيل وسير المحاكم الإدارية

تتشكل كل محكمة إدارية من مجموعة من القضاة والموظفين،  وهم كالتالي:


5.1. قضاة المحكمة الإدارية

ميزت المادة 32 من قانون التنظيم القضائي بين فئتين من القضاة المشكلين للمحكمة الإدارية، وهما قضاة الحكم وقضاة محافظة الدولة.

 

المادة 32 : تتشكل المـحكمة الإدارية من:
قضاة الحكم:
رئيس،
 –
نائب رئيس أو نائبين اثنين (2) عند الاقتضاء،
 –
رؤساء أقسام،
رؤساء فروع، عند الاقتضاء،
 –
قضاة،
قضاة مكلفين بالعرائض،
 قضاة محضّري الأحكام.

قضاة محافظة الدولة:
محافظ دولة،
 محافظ دولة مساعد، أو محافظي دولة مساعدين اثنين (2)عند الاقتضاء

5.2. موظفو المحكمة الإدارية

الى جانب القضاء المشكلين للمحكمة الإدارية يوجد عدد من الموظفين من غير القضاة، نصت عليهم المادتين 6، 7 من المرسوم التنفيذي 98-356 وهم كتاب الضبط، ويسهر هؤلاء الموظفون على حسن سير مصلحة كتابة الضبط و يمسكون السجلات الخاصة بالمحكمة الإدارية و يحضرون الجلسات[1]، ويخضعون عند ممارسة مهامهم لإشراف رئيس أمانة الضبط تحت سلطة ورقابة محافظ الدولة ورئيس المحكمة

المادة 06[2]: تـســنـد كــتـابــة ضـبط المحــكـمــة الإداريـة إلى رئـيـس أمـانــة ضـبط ويــسـاعـده كــتـاب ضــبط، تحت ســلـطـة ورقابة محافظ الدولة ورئيس المحكمة الإدارية

وحسب المادة 07 من المرسوم التنفيذي المذكور أعلاه، يخضع كتاب ضبط المحكمة الإدارية الى القانون الأساسي الخاص بمستخدمي أمانات الضبط للجهات القضائية، وهو القانون الاساسي الذي تضمنه المرسوم التنفيذي رقم 08-409 المؤرخ في 24 ديسمبر 2008[3]، حيث يتضمن هذا الأخير أحكاما خاصة مطبقة على موظفي امانات الضبط للجهات القضائية تتعلق بحقوقهم وواجباتهم وشروط وكيفيات توظيفهم  وترقيتهم ونظامهم التأديبي، وهذا بالإضافة الى خضوعهم للأحكام العامة التي تضمنها القانون الأسي العام للوظيفة العمومية[4].


[1] - المادة 09 من المرسوم التنفيذي 98-356.

[2] - معدلة بموجب المرسوم التنفيذي 11-195.

[3] - ج.ر.ج.ج، عدد 73 مؤرخة في 28 ديسمبر 2008، ص 7

[4] - أمر رقم 06-03، مؤرخ في 15 يوليو 2006، يتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، ج.ر.ج.ج، عدد 46 مؤرخة في 16 جويلية 2006، معدل ومتمم بالقانون 22-22، مؤرخ في 18 ديسمبر 2022، ج.ر.ج.ج، عدد 85 المؤرخة في 19 ديسمبر 2022.