مرحلة القضاء المحجوز(القضاء المقيد 1799-1872)

  • شكلت هذه المرحلة بداية استقلال الادارة القاضية عن الادارة العاملة، من خلال اعتماد الفصل الوظيفي بين الموظف العامل، والموظف القاضي داخل الإدارة، بحيث تم  إسناد مهمة فحص المنازعات الإدارية إلى هيئات ادارية متخصصة ، غير ان حجز سلطة الحكم النهائي في المنازعات بقيت بيد السلطة الإدارية،  ففي القمة يمتلك رئيس الدولة سلطة الحكم في المنازعات الادارية بناء على اقتراح من مجلس الدولة ؛ وفي القاعدة ، يكون الحكم في بعض المنازعات من اختصاص مجلس المحافظة ، ولكن تحت ادارة الحاكم او المحافظ.
  • فابتداء من العام الثامن للثورة وضع نابليون اساس مجلس الدولة بمقتضى دستور 22 فريمير من السنة الثامنة (13 ديسمبر 1799)، حيث أنشأ بموجب المادة 52[1] منه مجلس الدولة كهيئة استشارية (على انقاض مجلس الملك المكون من كبار الشخصيات و الأمراء المقربين من الملك )، مهمتها تقديم المشورة للحكومة سواء في سن القوانين او مباشرة شؤون الإدارة او الفصل في المنازعات، هذا الدور  الاخير كان يمارسه مجلس الدولة من خلال تحضير الدعوى و اقتراح الحكم الذي يعرض على شكل تقرير على الجمعية العامة للمجلس، لتصدر هذه الأخيرة قرارها في الموضوع الذي يقدم لرئيس الدولة في شكل مشروع قرار، و تولت هذه المهمة لجنة المنازعات المتكونة من وزير العدل وعدد من النواب والمندوبين و رؤساء الدوائر بموجب مرسوم 11جوان  .1806و كان استحداث لجنة المنازعات و تنظيمها نقطة البداية لنشأة و ظهور مجلس الدولة بهيئة محكمة[2] ، وهذا ما ادي بالكثيرين الى اعتبار مجلس الدولة الذي أنشأه نابليون بونابرت ، رغم  دوره الاستشاري الثانوي، بأنه يشكل اللبنة الأولى للقضاء الإداري الفرنسي .
  • ونتيجة لإرساء مجلس الدولة لقواعد اجرائية ثابتة ومستقرة، أصبحت الادارة مجبرة في معظم الحالات على استشارته فيما يعرض عليها من منازعات، وأصبح رئيس الدولة يصادق باستمرار ودون اعتراض على مقترحاته، ثم جاء دستور 04 نوفمبر 1848 ليعتبره من بين السلطات العامة في الدولة وأصبح يصدر قرارات باسم الشعب.
  • خلال هذه المرحلة مر مجلس الدولة بعدة فترات كان دوره (القضائي والاستشاري) فيها يبرز ويقوى أحيانا ويخبو ويفنى أحيانا أخرى[3].
  • على المستوى المحلي تم انشاء مجالس محافظات بموجب قانون 17 فيفري 1800 كأجهزة قضائية ادارية، تقوم-تحت اشراف الحكام- بتسوية بعض النزاعات ذات الطابع المحلي كالضرائب والصفقات ومنازعات الاشغال العمومية والاملاك العامة، ومنازعات الجماعات المحلية ... . وقد  خضعت هذه المجالس لإعادة اصلاح بموجب مرسوم 06 جانفي 1926، والذي خفض عددا الى 22 مجلسا، ودعم استقلالها عن الادرة من خلال إلغاء خضوعها لرئاسة المحافظين، ثم تم التخلي عنا نهائيا في 1953 واستبدالها بالمحاكم الإدارية.


[1] - Article 52: « Sous la direction des consuls, un Conseil d’État est chargé de rédiger les projets de lois et de règlements
d’administration publique et de résoudre les difficultés qui s’élèvent en matière administrative. »

[2] - صاش جازية، مجلس الدولة في القضاء الجزائري، رسالة دكتورة في القانون كلية الحقوق ،جامعة يوسف بن خذة، الجزائر، 2007-2008، ص 17.

[3] - محمد صغير بعلي، مجلس الدولة ،دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2004 ، ص 23.

لقد أكملت 80% من الدرس
80%