المحور الأول: مفاهيم وعموميات في علم الصرف
I –المحور الأول: مفاهيم وعموميات في علم الصرف.
1-الأهداف الخاصة للمحور الأول.
2-التعريف بعلم الصرف وميزانه لغة واصطلاحا
3-موضوع علم الصرف
1-الأهداف الخاصة للمحور الأول:
عند الانتهاء من المحور الأول سيكون الطالب قادرا على:
1- على مستوى المعرفة والتذكر: يتوقع من الطالب في هذا المستوى أن يستعيدوا المعلومات من الذاكرة (المكتسبات القبلية) حيث يقوم الطلاب بحفظ التعريفات المرتبطة بموضوع علم الصرف ويتم إعطاءهم أسئلة اختبارية من متعدد، ويطلب منهم الإجابة عليها، كما يمكن إعطائهم أسئلة الفراغات هدفها استحضار ما لديه من مكتسبات قبلية تتعلق بتعلم علم الصرف ومحاوره
2- على مستولى الاستيعاب: يتعرف الطالب على مختلف الأوزان الفعلية والاسمية التي جردها النحاة، وتلخيص مختلف مراحل ميدان الصرف، حيث يتم تكليف الطلبة بمجموعة من البحوث
3- على مستوى التطبيق: يتعرف الطالب على مختلف الأوزان الصرفية، وعلى مجال اشتغال علم الصرف والصعوبات التي تكمن في فهم المادة اللغوية من خلال العودة للمراجع، ثم يطلب من الطلاب عمل بحوث مصغرة حول هذه المراجع التي تحتوي مادة علمية في الصرف العربي وطرقه.
2-التعريف بعلم الصرف وميزانه لغة واصطلاحا
أ-الصرف لغة:
لفظة الصرف في اللغة تفيد التغير والتحول أي رد الشيء عن وجهه، وهو ما يتفق مع التدبر والتوجيه، ومنه قوله تعالى: }وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ{[1]، أي تغيرها بمعنى أنها تارة تأتي بالرحمة وتارة تأتي من الجنوب وتارة تأتي من الشمال.[2]
ب-الصرف اصطلاحا:
بما أن موضوع علم الصرف هو الكلمة، فإنه في الاصطلاح هو «التغير الذي يتناول صيغة الكلمة وبنيتها لإظهار ما في حروفها من أصالة وزيادة أو صحة وإعلال أو غير ذلك»[3]، بالدراسة القائمة على الكلمة بمعزل عن السياق فيتناول مكوناتها الصوتية بالبحث، أفيها صوت زائد، أم فيها صوت ناقص، أم فيها صوت تبدل به صوتا آخر، كما يدرس تقلباتها من صيغة إلى صيغة، وبهذا يعرف جامد الأفعال من متصرفها، أو جامد الأسماء ومشتقاته.
وفي علم اللغة الحديث يقابل التصريف مصطلح Morphologie ويعرف بأنه فرع من علم القواعد يبحث في تركيب الكلمات من حيث السوابق واللوائح والجذور، ويطلق على ما يهتم به علم التصريفMaphcmc مورفيم وتجمع على مورفيمات، فهو فوق هذين التعريفين ميدانه الكلمة وما يحدث فيها من تغير Leg وقلب وإبدال وحذف وإدغام وأصالة وزيادة.[4]
ج-الميزان الصرفي:
ما الميزان الصرفي إلا قواعدا وضعها علماء الصرف لمعرفة أصول حروف الكلمة من حيث عدد حروفها (ثلاثية، أو رباعية، أو خماسية) ولما كان أكثر كلمات العربية ثلاثيا جعل علماء الصرف أصول الكلمات ثلاثة أحرف-أي أن الانطلاق كان من الفعل الثلاثي المجرد الماضي-وقابلوها عند الوزن بالفاء والعين واللام، فقابلوا أولها بالفاء وسموه فاء الكلمة، وسموا الحرف الثاني عين الكلمة والحرف الثالث لام الكلمة.[5]
وفي هذا الصدد يتساءل الدارس ما السبب الذي دفع اللغويون إلى اختيار هذه الحروف (ف، ع، ل) دون غيرها كـ (ط، ق، ج) حروفا للميزان؟
استقصى اللغويون حروف العربية جميعها فوجدوا الفاء والعين واللام أكثرها ملائمة للتعبير عن الميزان وذلك للأسباب التالية[6]:
أ- إن التغير يكثر في الأفعال والأسماء المتصلة بها كاسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وغيرها من المشتقات، والمادة اللغوية التي تعبر عن الفعل هي (فَعَلَ).
ب- إن مادة فَعَلَ تضم جميع الأحداث، فكل حدث ارتبط زمن يسمى فعلا، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾.[7]
ج- إن مخارج الأصوات (الحروف) الرئيسية ثلاثة فقط هي: (الحلق ووسط الفم، والشفتان)، وأن حروف الميزان الثلاثة يمثل كل منهما مخرجا من المخارج، فالعين من الحلق واللام من وسط الفم، والفاء من الشفتين، لهذه الأسباب الثلاثة مجتمعة اُخْتِيرتْ هذه الحروف دون سواها، وهذا يعني أن اختيارها لم يكن عشوائيا.
وكلمات العربية، ما بين جامد ومشتق، ومبني ومعرب، وعربي ومعرّب، ومجرد ومزيد... تبلغ الملايين؛ فإذا عالج الباحث كلمةً منها، أو كلمتين، أو بضع كلمات، فمن الهيّن عليه ذِكرُها وذكر حروفها، حرفاً حرفاً.
وذلك كأن يقول مثلاً: إن الحرف الأول من فِعْل [نصر] وهو النون، مفتوح في الماضي، والحرف الثاني منه، وهو الصاد مفتوح في الماضي، مضموم في المضارع والأمر... ثم ينتقل إلى المزيدات منه والمشتقات... فإذا تم له ذلك انتقل إلى مادة أخرى نحو: فرح - كسر... وهكذا.
كل ذلك، يُكرِّر حروف الكلمة في أحوالها المختلفة، ما امتد البحث. وقد لا يكون هذا مستحيلاً، ولكنه يدنو من المستحيل، حين يدور البحث حول عشر من الكلمات أو عشرات، أو حول مفردات اللغة كلها. وتلك - لعمري - مشقة لا تطاق!!
ولقد تخطّى أولئك الأئمة العظماء هذه العقبة الكأداء، بأن وضعوا لمفردات اللغة كلها ميزاناً واحداً، مؤلفاً من ثلاثة أحرف، هي الفاء والعين واللام: [ف ع ل].
فالحرف الأصلي الأول من كل كلمة في العربية - اسماً كانت أو فعلاً - يسمونه: فاء الكلمة. والحرف الثاني منها يسمونه: عين الكلمة. والحرف الثالث يسمونه: لام الكلمة.
ودونك من ذلك أمثلة تطبيقية ثلاثة للإيضاح، هي: [شرب ضحك سخر]. فإذا أرادوا أن يبحثوا في هذه الكلمات الثلاث مثلاً، لم يقولوا: الشين من شرب، والضاد من ضحك، والسين من سخر. ولا الراء من شرب، والحاء من ضحك، والخاء من سخر. ولا الباء من شرب، والكاف من ضحك، والراء من سخر. وإنما يقولون: فاء هذه الكلمات وعينها ولامها. هذا عن الثلاثي.
وأما الرباعي الأصليّ الحروف - اسماً كان أو فعلاً - نحو: [دَحْرَج، ودِرْهَم]، فقد زادوا في آخر ميزانه لاماً، أي: جعلوه: [ف ع ل ل] ليكون الميزان على قدّ الموزون. وعلى هذا، فـ [دَحْرَج] وزنه: [فَعْلَل]، و[دِرْهَم] وزنه: [فِعْلَل].
فإذا كان الموزون خماسيّاً أصليّ الحروف، زادوا في آخر ميزانه لامَيْن، أي: جعلوه: [فَ عَ لْ لَ ل = فعلَّل]. وعلى هذا يكون وزن [سفرجل]: فَعَلَّل.
وهكذا نشأ في علوم العربية مصطلح (الوزن والموزون والميزان، وفاء الكلمة وعينها ولامها).
واستكمالاً لما بسطنا القول فيه عمداً - ابتغاء الإيضاح - لا مفرّ من الانتباه للمسائل التالية، كلما أردنا أن نزن كلمة.
أولاً: أن كل حرف ليس من أصل الكلمة الموزونة، إذا زدته عليها، وَجَبَ أن تزيد مثله بعينه في الميزان أيضاً.
فإذا زدت ألفاً في الموزون زدت ألفاً في الميزان، وإذا زدت تاءً هنا زدت تاءً هناك، وإذا زدت ألفاً وسيناً وتاءً في هذه الكفة زدت ألفاً وسيناً وتاءً في الكفة الأخرى.
3-موضوع علم الصرف:
يقرّ علماء اللغة الذين درسوا علم الصرف دراسة موضوعية قائمة على أسس عقلية تجريدية أن علم الصرف ميدانه الكلمة، فما هي الكلمة؟ وأي كلمة من الكلمات يدرسها علم الصرف؟
1-الكلمة:
الكلمة معطى لساني تندرج في المستوى الثالث بعد كل من.[8]
- المستوى الصفر ! الصفات المميزة للأصوات.
- المستوى 1 ! الحروف.
- المستوى 2 ! الدوال.
- المستوى 3 ! الكلم أو الكلمات.
فالكلمة بهذا الاعتبار لا يمكن أن نعتبرها أصغر قطعة يصل إليها التحليل وتدل على معنى، وهي تحلل إلى عنصرين دالين هما: المادة الأصلية والوزن على الأقل، وليس للمادة الأصلية والوزن وجود محسوس، بل هما كيانان اعتباريان يجردهما المحلل بالمقابلة بين أجزاء الكلام، هذا «على الأقل بالنسبة للأسماء المتمكنة والأفعال المتصرفة»[9]، وهما موضوع علم الصرف العربي، وهذا شرط مخرج للحروف وشبهها مثل الأسماء المبنية كالضمائر وأسماء الاستفهام، وأسماء الشرط، والأفعال الجامدة مثل: عسى، وليس، وإليك تفصيل ذلك:
2-الكلمات التي لا يشتغل عليها علم الصرف
أ-الأسماء المبنية:
الضمائر كلها:
الضمائر كلها مبنية بناءً لازما، فبنى بعضها على السكون مثل: ذهبوا، ويبنى آخر على الضم مثل: ذهبتُ، ويبنى ثالث على الفتح مثل: أَنْتَ، ويبنى رابع على الكسر مثل: أَنْتِ.
أسماء الشرط:
كلها مبنية بناءً لازما ما عدا (أيّا) فهي معربة تقول: أَيُّ يجتهدُ يَنْجَحْ، أيا تَقْرأْ تَسْتفِدْ.
أسماء الاستفهام:
كلها مبنية بناءً لازما ما عدا (أيّا) فهي معربة تقول (أي) اسم اسمك.
الأسماء الموصولة:
كلها مبنية بناءً لازما ما عدا (أيّا) فهي معربة تقول جاء أيهم هو أفضل، رأيت أيُّهم هو أفضل، ويستثنى من الأسماء الموصولة (اللذان واللتان)، فهما معربان إعراب المثنى.
أسماء الإشارة:
كلها مبنية بناءً لازما ما عدا (هذين، وهاتين) فهما معربان إعراب المثنى... .[10]
ب-الأفعال الجامدة:
وهي أفعال لا تأتي منها إلا صيغة واحدة مثل: (ليس وعسى)، فلا يمكن أن تتحول صيغتهما من الماضي إلى المضارع إلى الأمر.
ج-الحروف:
الحروف لا يصح فيها التصريف ولا الاشتقاق لأنها مجهولة الأصول، وإنما هي كالأصوات (صه ومه) ونحوها، فالحروف لا تمثل بالفعل (أي بالميزان) وهو الفاء والعين واللام، لأنها لا يعرف لها اشتقاق، فلو قال قائل: ما وزن هل أو قد أو حتى أو هلاّ ونحو ذلك لكانت مسألة محالاً.[11]
[1] - سورة البقرة، الآية 164.
[2] - ينظر: محمد فضل السامرائي، الصرف العربي أحكام ومعاني، ط1، دار ابن كثير، بيروت، لبنان، 2013، ص09.
[3] - المرجع نفسه، ص09.
[4] - ينظر: صالح سالم الفاخري، تصريف الأفعال والمصادر والمشتقات، د.ط، عصمة للنشر والتوزيع، القاهرة، 1996، ص26.
[5] - ينظر: فاضل السامرائي، الصرف العربي أحكام ومعاني، ص11.
[6] - ينظر: عبد العال سالم، تصريف الأفعال والمصادر والمشتقات، ص46.
[7] - سورة المؤمنون، الآية 4.
[8] - خولة طالب الإبراهيمي، مبادئ في اللسانيات، ط2، دار النهضة، حيدرة، الجزائر، 2006، ص95.
[9] - المرجع نفسه، ص96.
[10] - ينظر: محمد الأنطاكي، المحيط في أصوات العربية وصرفها ونحوها، ص ص389، 391.
[11] - ينظر: ابن جني، المصنف، ج1، ط1، تحقيق: إبراهيم مصطفى، عبد الله أمين، دار المعارف، القاهرة، 1954، ص7.
روابط بعض المراجع للدعم
https://archive.org/details/sd_820
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82-
%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D9%81%D9%8A-pdf
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D9%87-%D9%88%D8%B5%D9%81%D9%8A%D9%87-%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%8A%D9%87-%D8%AF-%D9%87%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%86%D9%87%D8%B1-%D9%85%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%84-pdf