المحاضرة الأولى: مفهوم علم النفس
1- تعريف علم النفس
أ- التعريف اللغوي:
يعني باللغة الإنجليزيةpsychology مشتق من الكلمة اليونانية القديمة psyche وتعني العقل أو الروح والكلمة logos وتعني دراسة. والكلمتان معا تعني دراسة العقل. ولهذا فمفهوم علم النفس يتكون من مفهومين فرعيين هما العلم والنفس.
ب- التعريف الاصطلاحي:
جيمس سولي عرفه في كتابه المجمل في علم النفس انه العلم الذي يهتم بالحوادث الداخلية.
أما فونت 1988 و الذي يعتبر الأب المؤسس لعلم النفس فعرفه على أنه العلم الذي يبحث في الخبرة الداخلية للفرد أي في الإحساس والمشاعر والإرادة.
2- مراحل نشأة علم النفس:
- مرحلة التفكير البدائي
أو الخرافي:
هي مرحلة التفكير الأولي أو الخرافي منذ وجود الإنسان على الأرض، وهي عبارة عن تراكمات لمعارف الحضارات القديمة، ضمت مجموعة من الأفكار والاجتهادات البعيدة عن طريقة التفكير العلمي الحديثة بعضها مستند إلى الخبرة وبعضها خاطئ مستند إلى الوهم والخرافة، حيث حاول الإنسان التفكير في نفسيته وتفسير أسباب تصرفاته ومن بين أفكار هذه المرحلة نجد:-استطلاع الهيئة حيث كان بعض القدامى يعتمدون على مظهر الفرد الخارجي أو هيئته للتنبؤ بطبيعته.-دراسة الأرواح الشريرة حيث كان بعض القدامى يفسرون من خلالها السلوك غير السوي.-تفسير المنجمين القدامى حيث كانوا يستطلعون السماء بحثا عن إجابات، فموقع النجوم في وقت الولادة يحدد طبع الطفل الوليد.- كان يعتقد بعض القدامى بوجود كائن صغير يسيطر على أعمالنا يسكن الجسم ويتحكم فيه، يكون أحيانا شريرا قاسيا وأحيانا خيرا طيبا، وكان يترك الجسم أحيانا ولا يعود إليه وهو تفسيرهم لظاهرة الموت.
- مرحلة التفكير الفلسفي:
في هذه المرحلة تم تفسير الظواهر الغامضة من منظور فلسفي حيث كان ينسب المفكرون حدوث كافة الظواهر الغامضة في حياة الإنسان إلى وجود الروح، والذي أدى إلى ظهور اتجاهين لتفسير هذه الظواهر هما المثالي والمادي، كما أن في هذه المرحلة تشكلت معارف تجريبية أولية حول العمليات العقلية المعرفية كالإحساس والإدراك والذاكرة والغضب والإرادة وغيرها. . ومن أبرز المفكرين في هذه المرحلة سقراط، أبقراط، أفلاطون وأرسطو.
- مرحلة التفكير العلمي واستقلال علم النفس:
مع انتقال المعارف والعلوم إلى أوروبا وبزوغ فجر النهضة في البلدان الأوروبية ظهرت أفكار أكثر تحديدا وتركيزا فيما يتعلق بقضايا الطبيعة والمجتمع عامة وبموضوع علم النفس خاصة، متأثرين بما حدث من تطور في العلوم الدقيقة (الرياضيات والفيزياء والكيمياء) والعلوم البيولوجية والطبية وظهور الكثير من النظريات والأفكار الدقيقة، ولعل من الإسهامات المباشرة لكثير من العلوم في استقلال علم النفس نجد:
- علم الأحياء: حيث تعتبر نظرية النشوء والارتقاء (دارون) وفكرة أن الفرق بين الإنسان والحيوان في الدرجة وليس في النوع دافعا لدراسة الطبيعة البشرية بدراسة السلوك الحيواني والتأكيد على أهمية الطرق الموضوعية في دراسة علم النفس وقد وضع دارون بذلك الأساس لعلم النفس الحيواني.
- القياس والتجريب وتأسيس المخابر: تأثرا بالعلوم الطبيعية التي تعتمد على التجريب والقياس حاول الباحثون تأسيس مخابر نفسية واستبدلوا الطريقة الكيفية بالطريقة الكمية وبالتالي الاعتماد على الملاحظة العلمية في دراسة المسائل النفسية حيث أخضع علم النفس الظواهر التي يدرسها لمناهج موضوعية مستعينا بالآلات والأجهزة والاختبارات، كما أصبحت التجارب ضرورية للبحث في هذا العلم وعلى سبيل المثال يعتبر وليام فونت أول من أسس مخبرا نفسيا في أوروبا عام 1879 حيث اهتمت بدراسة الإحساسات والتمييز بينها والإدراك والانتباه وزمن رد الفعل ثم زاد انتشار المخابر في ألمانيا والو.م.آ وفرنسا.
3- أهداف علم النفس:
- الوصف: يحاول عالم النفس عادة قبل تفسيره وتعديله للظاهرة النفسي، ووصفها بأوصاف كمية أو نوعية دقيقة بهدف الإحاطة بأبعادها ومتغيراتها، ويقصد بالوصف تحديد كيفية تصرف الفرد وتفكيره وشعوره استجابة للمواقف المختلفة أو هو العملية التي يتم من خلالها تصنيف وتبويب الأحداث والسلوكات وعلاقتها المختلفة. ومن الأمثلة على الأسئلة التي يطرحها عالم النفس المهتم بتحقيق هدف الوصف ما يلي:ماهي أشكال الرابطة التعلقية التي يشكلها الطفل مع مقدم الرعاية؟ هل يختلف أسلوب اللعب عند الذكور عنه عند الإناث؟
- التفسير: لا يكتفي عالم النفس بمجرد تصنيف الظواهر كما تحدث ووصف الأحداث كما تقع، بل يحاول اكتشاف العلاقات التي تقوم بين هذه الأحداث وهذه الظواهر، فوصف الظاهرة مهما كان دقيقا لا يؤدي إلى فهمها ، وعليه يحقق عالم النفس الهدف الثاني من أهداف العلم وهو الفهم عندما يفسر السلوك ويحدد العوامل التي تؤثر فيه. ولذلك يعرف الفهم والتفسير على انهما عملية ربط أو إدراك العلاقات بين الظاهرة المراد تفسيرها والأحداث والظواهر التي تلازمها أو تسبقها.
- التنبؤ: ويقصد به الاستفادة من النتائج التي توفرت لدينا حول الظروف أو الظواهر التي تسبب حدوث الظاهرة أو تلازمها، في إمكانية التنبؤ بحدوث الظاهرة مرات متعددة كلما توفرت الظروف مرات أخرى والعكس الصحيح، أو هو توقع حدوث الظاهرة عند معرفة أن الظواهر ذات الصلة بها حدثت أو سوف تحدث. وهذا يعني أن التنبؤ يساعدنا في زيادة فهمنا للظاهرة النفسية لكونه جزءا من عملية اختبار الفروض وصحة المعلومات عن الظاهرة.
- التحكم: عندما ينجح علماء النفس في تفسير السلوك وفهمه يصبح بإمكانهم ضبط هذا السلوك وتوجيهه في قنوات مقبولة اجتماعيا. إذ أن الضبط يحدث نتيجة للتفاعل المستمر بين الفهم والتنبؤ بالظواهر النفسية فتزداد قدرتنا على الضبط كلما ازدادت قدرتنا على التنبؤ، كما أن قدرتنا على التحكم في الوقت نفسه اختبار لدقة وصحة تنبؤاتنا وفهمنا للظاهرة النفسية.