المحور الأول: مدخل لعملية البيع وإدارة المبيعات

    لقد أصبح البيع من المهن الصعبة التي تتطلب الكثير من المهارات والتي يجب أن تتوفر لدى الاشخاص القائمين عليه، نظرا للاختلافات الكبيرة في صفات من يتعاملون معهم، وما يتطلبه ذلك من معلومات، تساعد في فهم حاجاتهم، والقيام بها على أكمل وجه.

    سنتطرق من خلال هذا الفصل إلى مفهوم نشاط البيع ومقارنته بالتسويق، أهمية وأهداف عملية البيع، مراحل العملية البيعية، أنواع البيع.

الفرع الأول: مفهوم نشاط البيع ومقارنته بالتسويق

    عرفت ممارسة عمليات البيع منذ آلاف السنين. وتشير الآثار القديمة المكتشفة عن إنسان ما قبل التاريخ أنه مارس الشراء والبيع في مختلف السلع والخدمات. كما تشير العديد من الكتابات القديمة، وهي طلبات بيع ومستندات تجارية إلى أن الناس في العصور القديمة كانوا قد ابتكروا وشبكات تجارية معقدة ومارسوها. لقد مكن اكتشاف النقد حوالي سنة 600 (ق م) الناس من بيع سلعهم بدلا من مقايضتها.ونتيجة لكل هذه التغيرات والتطورات توسعت عمليات البيع والشراء.

    سنتناول في هذا الجزء أهم المفاهيم المتعلقة بعملية البيع، ومقارنته بنشاط التسويق

1-تعريف عملية البيع

     يقدم الداعية الإسلامي المعاصر فضيلة الدكتور - محمد راتب النابلسي- في تعريف البيع والشراء لغة فيقول: البيع مطلق المبادلة، أصل النشاط المعاشي للإنسان القديم المبادلة، ومعنى البيع في اللغة مطلق المبادلة، في الحقيقة الإنسان عندما يشتري شيئ أو حاجة ما لو لم يرَ أن هذه الحاجة أثمن من ثمنها لما اشتراها، وأن البائع لو لم يرَ أن هذا الثمن أثمن منها لما باعها، حينما تشتري سلعة تتوهم أو تعلم أنها أثمن من ثمنها، وحينما تبيع حاجةً تتوهم أو تعلم أن ثمن هذا الشيء الذي تبيعه أثمن منه، من هنا يتم البيع والشراء. وقد عرفه بعض علماء اللغة فقالوا: إعطاء المثمن وأخذ الثمن، هذه مثمن أي ثمنت، وضع لها ثمن، إعطاء المثمن وأخذ الثمن، هذا تعريف الراغب الأصفهاني للبيع. أما الشراء فهو إعطاء الثمن وأخذ المثمن، أما شرعاً فنقل الملك بعوض جائز من إنسان إلى إنسان بثمن، يجوز قبضه وحيازته والانتفاع به. في اللغة العربية يبيع بمعنى يشتري ويبيع، ويشتري بمعنى يبيع ويشتري، فهذان الفعلان يتناوبان بالمعنيين التاليين، يسمى البيع شراءً ويسمى الشراء بيعاً، فنقول باعه الشيء وباع منه أي اشترى منه، يشري نفسه أي يبيع نفسه (محمد ، 2024).

 

البيع في مجال التسويق يشكل جزء من مزيج الاتصالات التسويقية، أين تكون هناك علاقة شخص مع شخص. عكس الإعلان في وسائل الإعلام بحيث يكون اتصالا غير فردي وذو اتجاه واحد مع مجموعات من العملاء المستهدفين، إذن البيع هو تبادل شخصي بين البائع والعميل وجها لوجه، أو عن طريق الهاتف...الخ (ARMSTRONG. G., KOTLER. P, 2013, P403)

-      يختلف الكثير في اعطاء تعريف لعملية البيع، فمنهم من يعتقد أنها: ( محمد الصيرفي، 2011، ص21)

-        فن اقناع العملاء بالعملية الشرائية.

-        العرض المقنع للسلع والخدمات بالطريقة التي تدفع العملاء إلى الشراء.

-        تلك العملية التي تسعى إلى تحقيق أقصى اشباع للعميل في حدود قدراته الشرائية. وهي تلك المجهودات الشخصية أو غير الشخصية التي تبذل لحث العميل المرتقب على تقبل فكرة لها أهميتها عند البائع.

-      البيع هو: "تلك المجهودات والأنشطة الشخصية وغير الشخصية التي تهدف إلى حث العميل أو العميل المرتقب لشراء سلعة أو خدمة ومساعدته على تقبلها، ولها أهمية تجارية لدى البائع، ويشمل البيع الشخصي، التحدث الشفوي مع عميل أو أكثر لعقد صفقة البيع، أما الجهود غير الشخصية هي تلك التي تتم بطريقة غير شفوية شخصية وذلك من خلال الإعلان أو أية وسائل أخرى تهدف إلى تنشيط المبيعات" (سعد على ريحان المحمدي، 2014، ص27).

-      البيع هو: "عملية تبادل بين طرفين هما البائع والعميل، وتشمل صفقة تجارية لسلعة أو خدمة، وهي جزء لا يتجزأ من عملية التسويق" (سيد سالم عرفة، 2009، ص13).

-      البيع هو: "تلك المجهودات الشخصية (البيع الشخصي) أو المجهودات غير شخصية (أشكال البيع الأخرى)، والتي تهدف إلى جذب عملاء حاليين أو مرتقبين لإثارة حاجاتهم لشراء سلع أو الحصول على خدمات معينة تقدمها المؤسسة "(أمين عبد العزيز حسنى، 2001، ص269).   

من خلال هذه التعاريف يمكن أن نستنتج أن البيع هو كافة المجهودات والإجراءات التي من خلالها تتم عملية التبادل بين البائع والعميل.

2-البيع بين العلم والفن: من الأسئلة الشائعة حول العملية البيعية، هل البيع علم أم فن؟ أي هل يولد البائع أم يصنع؟ العلم هو مجموعة المعارف الموضوعية والخالية من التحيز والميول ولها قواعد ونظريات يمكن تطبيقها في أي مكان متى توافرت الظروف المناسبة للتطبيق (محمد الصيرفي،2011، ص22). أما الفن فهو مجموعة المهارات والقدرات والمواهب الفردية الناتجة عن الخبرة. ومن المناسب القول أن عملية البيع يمكن تعلمها، فهناك الكثير من المعاهد والمؤسسات التعليمية التي تقوم بعمل العديد من البرامج التدريبية من أجل اكساب المتدربين المهارات والخصائص التي يجب توافرها في القائم بعملية البيع (محمد عبدة حافظ، بدون سنة نشر، ص ص 14-15).

هناك من يتحدث عن فلسفة وهي أن المهارات الحياتية هي مهارات البيع ومنهم الكاتب شيلي ولكر (Shelly Walker)، حيث يقول: "أحب فن البيع، أحبه. أول مرة عندما دخلت مجال المبيعات، كان شيء واحد تمنيت أن أتعلمه بسرعة وهو زيادة قدرتي في البيع وأيضا زيادة قدرتي في الحياة، لأن مهارات البيع هي المهارات الحياتية يقال أن: "كل شخص ولد ليكون بائعا ! " أنا لم أقرأ أو أسمع في نشرات الأخبار المسائية، من سيدة أنجبت رجل مبيعات، محاميا أو طبيبا، أو مختلس أو محتال...؛ بل كل شيء فينا هو من خلال الخيارات والمهارات التي يتم تعلمها، وبالتالي مهارات البيع هي المهارات الحياتية (htt2). 

ليس معنى ذلك أن الأفراد الذين لا يتعلمون لا يمكنهم القيام بعملية البيع، فقد ينجح هؤلاء في عملية البيع وحتى عقد صفقات بيعية، ولكن بالصدفة (محمد عبدة حافظ، بدون سنة نشر، ص15). جانب العلم في وظيفة البيع يتمثل في اعداد ميزانية المبيعات، تقييم أداء رجال البيع، تحديد الأهداف البيعية، تحديد حجم القوة البيعية، اختيار رجال البيع وتدريبهم. أما جانب الفن فيتمثل في مهارات عرض السلع والخدمات، مهارة الاقناع، وغيرها من المهارات الكثيرة والمتنوعة التي يحتاجها البائع لكي يرضي عملائه (محمد الصيرفي، 2011، ص23).

من خلال ما سبق من آراء، نستنتج أن البيع هو علم وفن، أي لكي نكون بائعين يجب علينا أن نتزود بالمعارف والمبادئ والأسس التي تمكننا من تفهم سلوك العملاء وتصرفاتهم ثم علينا أن نتسلح بالمهارات والقدرات والمواهب، وذلك بالتدريب والتعلم والممارسة، إذن رجل البيع يُصنع ما دام مستعد لبذل الجهد المطلوب لبلوغ هدفه.

3- مفهوم التسويق

أ- تعريف بيتر دراكر:(Peter Drucker) يقدم محمد الصغير جيطلي نقلا عن بيتر دراكر التعريف التالي للتسويق "التسويق يعمل على بلوغ الهدف الرئيسي للمؤسسة وهو تحقيق أقصى مردودية لاستثماراتها، وهو أفضل وسيلة للربح المرغوب فيه على المدى الطويل، بالإضافة إلى أنه عملية تكييف المنتجات دوما مع حاجات العميل"

يركز بيتر دراكر في هذا التعريف على الهدف الأساسي من وراء تسويق المؤسسة لمنتجاتها، ألا وهو تحقيق أقصى مردودية للاستثمار، كما أنه أفضل وسيلة يمكن أن تستخدمها المؤسسة لتحقيق الربح المرغوب فيه على المدى الطويل، وبذلك يؤكد تعبير المدى الطويل أن التسويق هو استراتيجية تتبناها المؤسسة بغية تحقيق أهدافها. كما يبرز هذا التعريف ميزة أساسية للتسويق وهي عملية تكييف المنتجات وخصائصها مع ما يحتاج إليه العميل ويرغب فيه، أي على المؤسسة إنتاج ما يشبع حاجات العملاء ويلبي رغباتهم.

ب- تعريف كوتلر(Phillip Kotler): التسويق هو: "نشاط أفراد موجه لإشباع الحاجات وتلبية الرغبات من خلال عملية المبادلة ". "المشتري" العميل والبائع قد يكون اتصال شخصي أو غير شخصي، فهي تمكن العميل من طرح أسئلة حول المنتجات والحصول على معلومات إضافية في الحال من طرف البائع.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   

الفرع الثاني: أهمية وأهداف عملية البيع والتحديات التي تواجهها في بيئة الأعمال المعاصرة
سنقوم في هذا الفرع بتلخيص أهم النقاط التي تتمثل في أهمية عملية البيع وأهدافها وتحدياته

1-أهمية عملية البيع: ويمكن تلخيص أهمية البيع في النقاط التالية: (سيد سالم عرفة، 2009، ص14)تقديم جزء واحد من جميع الأنشطة والأعمال للتسويق.تدعم كل ما تحتاج إليه برامج التسويق من معلومات يتم تجميعها.تعمل إدارة المبيعات على البحث والاستقصاء عن حاجات ورغبات العملاء.
تعمل إدارة المبيعات على جمع كل الطرق والمهام الـتي تستخدمها المؤسسات البيعية ومن ثم العاملون معها

في مجموعة واحدة. معرفة ما هو سليم أو غير سليم للقيام بكافة الأعمال والنشاطات الفكرية التي تساعد على تدفق السلع والخدمات من المنتج إلى العميل

2- الهدف من العملية البيعية: ويمكن تلخيص أهداف البيع في النقاط التالية: (محمد السيد البدوي الدسوقي، 2007، ص 40)

·       زيادة مخزون العميل من صنف أو أكثر من منتجات المؤسسة.

·       إدخال منتج جديد للعميل.

·       زيادة المساحة المخصصة لمنتجات المؤسسة.

·       القيام بعرض ترويجي من المؤسسة لمكان أفضل.

·       زيادة مبيعات الشركة.ت

·       تحقيق هدف رجل البيع وبالتالي المؤسسة.

 3-التحديات التي تواجهها العملية البيعية في بيئة الأعمال المعاصرة: من المعروف أن العمليات البيعية في المؤسسات تواجه تحديات داخلية وخارجية متجددة خاصة مع إدارة علاقات العملاء، وذلك بسبب التغير المستمر في العوامل البيئية الكلية.على سبيل  المثال قد تحتوي التحديات الداخلية ما يعرف بتكامل أتمتة الأدوات المستخدمة من قبل إدارة البيع في هذه المؤسسة أو تلك ودرجة التنسيق والتعاون الموجودة مع نظام إدارة علاقات العملاء. يضاف إلى ذلك أن قوى البيع عليها مهمة تعلم واستخدام ما توفره الثورة المعلوماتية الجديدة من ممارسات عصرية خاصة بالأداء التسويقي والمالي. على الصعيد الخارجي فإنه من المعروف أن المؤسسات تتنافس على الاحتفاظ بالعملاء وجذب مزيد منهم من خلال عرض سلع تدرك على أنها ذات جودة عالية. ومن المعروف أن نظام علاقات العملاء يعمل باستمرار لجمع أكبر كميات ممكنة من البيانات والمعلومات وبجودة مرتفعة حول عملائها ومن ثم فإنها- نظام إدارة علاقات العملاء- تشكل رافدا أساسياً للجهات التي تعمل على تطوير استراتيجيات جذابة ومقنعة للتعامل مع العملاء في الأسواق المستهدفة (محمد ابراهيم عبيدات، 2012، ص237).الحقيقة أن إدارة القوى البيعية في المؤسسات تستطيع التعاون والتنسيق مع نظام إدارة علاقات العملاء من أجل توفير المعلومات حول العملاء وسلوكياتهم واتجاهاتهم وبما يفيد الاستراتيجية البيعية، يضاف إلى ذلك أن المناخ التعاوني والتنسيقي بين الجهتين (المبيعات ونظام إدارة علاقات العملاء) هو الذي يؤدي إلى تطوير وتحسين عملهما وبما يحقق الأهداف المنوطة لهما من قبل إدارة المؤسسة (محمد ابراهيم عبيدات، 2012، ص ص 237-238).
       عموما العمل في مجال التجارة يحتاج إلى الصبر وقوة في صنع القرار التجاري خصوصا في البيع والشراء، والدخول في الأسواق التجارية يحتاج إلى الصبر وسعة البال، ومن الأمثال الشعبية في مجتمعنا (هذا الميدان يا حميدان)، فالتحديات والتغيرات الاقتصادية والمالية أصبحت تلعب دورا هام في تحديد المستويات الاجتماعية التي يعيشها الفرد في المجتمع 
(إمتياز نادر، 2009، ص62).

الفرع الثالث: خطوات عملية البيع
     إن تنظيم مراحل البيع وفقا لأسس عملية سليمة، قد يوصل سريعا إلى الأهداف المنشودة، وفيما يلي تصنيفات مختلفة لعملية البيع:

التصنيف الأول: التصنيف على أساس إجراء مقابلة بيعية: يمكن تقسيم هذا التصنيف إلى ستة خطوات، وهي: (طلعت أسعد عبد الحميد، 1999، ص ص 25-26)

أ-البحث عن العملاء: هذه المرحلة تمثل المرحلة الأولى في عملية البيع، حيث تشير إلى بحث رجل البيع عن العملاء المرتقبين للسلع والخدمات التي يتعاملون فيها.

ب-التحضير: يقوم البائع بتنمية معارف عملائه عن السلع والخدمات التي سيقومون بشرائها.

ج-الإقناع بالمقابلة: في هذه المرحلة المواجهة وجها لوجه مع العميل المرتقب، وتشير إلى الوقت اللازم لإقناع العملاء بالشراء الفعلى أي التمهيد للمقابلة البيعية.

د- المقابلة البيعية: إن المقابلة البيعية تمثل فرصة كبيرة للعميل للتعرف على كل المعلومات الخاصة بالمنتج الذي يتعامل معه، ونجد أن المقابلة البيعية يجب أن تحقق بيانات المنتجات الموجودة، وأن تحقق المنتجات الرضا والإشباع، وأن تكون المنتجات أفضل من منتجات المنافسين بالإضافة إلى أن الفوائد المترتبة على عملية البيع أكثر من التكلفة، وأن العميل هو المستفيد من العملية البيعية. بصورة عامة المقابلة البيعية تمثل عملية الاتصال المباشر بين البائع والعملاء، وهي تمثل أساسا كبيرا في نجاح عملية البيع.

ه-إتمام عملية البيع: إن إتمام عملية البيع هي المرحلة النهائية والمنطقية المترتبة على المراحل الأخرى السابقة، ونجد أن إتمام عملية البيع بنجاح يعتمد على مدى نجاح البائع في البحث والتحضير لعملية البيع، وهي تمثل الخطوة الفعلية لعملية البيع.و-التسليم: بعد أن تتم عملية البيع يتم نقل ملكية السلع المشتراة من البائع إلى العميل وهي المرحلة النهائية في عملية البيع.



آخر تعديل: Wednesday، 17 January 2024، 1:17 PM