غلب طابع البداوة على حياة سكان الجزيرة العربية فعاشت قبائلهم التي قام عليها نظامهم الاجتماعي حياة الترحال والتنقل طلبا للرعي وعلى الرغم من أن تلك القبائل كانت في نزاع دائم فيما بينها وغزومستمر لبعضها البعض الا أنها كانت على صلاة جيدة بجيرانها ولا سيما في المجال التجاري وكانت أغراض التربية البدنية في العصر الاسلامي دينية ودنيوية، وكانوا يهدفون إلى إعداد الفرد لعمل الدنيا والآخرة، وجاء في القران الكريم " وأتبع فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا ".

    وأوصى الرسول الكريم محمد (ص) " ليس الشديد بالصرع وانما الشديد من يملك نفسه عند الغضب " وبهذا يبين الرسول الاعظم يجب التحكم بالانفعالات والتحلي بالروح الرياضية اثناء اللعب، وجاء بعد الرسول الخلفاء الراشين الذين اكدوا على ممارسة الرياضة من اجل الصحة العامة وفي سبيل اكتساب المسلم اللياقة البدنية ووضعها في سبيل الجهاد في سبيل الله، لذلك عني المسلمون بعلوم الدين والشريعة كما عنوا بعلوم اللسان والتاريخ والجغرافية والكيمياء الطب.

    ومن ناحية أخرى ادرك المسلمون أهمية الصلة مابين الجسم والعقل لذا عنوبالجسم والترببية البدنية لاكتساب اللياقة البدنية الضرورية سواء كان الغرض العسكري اوالصحي اوالترويحي والاجتماعي، وقد شدد العلماء المسلمون على عدم ارهاق الجسم في سبيل العلم وطالبوا بأعطاء الجسم فترة راحة رياضية ليستطيع العقل استيعاب العلوم كما أدرك المربون المسلمون أن طبيعة الطفل أن يكون نشيطاً كثير الحركة، وجاء في اراءه محمد بن أحمد الغزالي " 450 هـ -1059 م "، ينبغي على على التربية بصورة عام تكون بتربية الصبيان النواحي البدنية الى جانب التعليم العقلي والفكري ومن الادلة التي توضح هذا الاهتمام قول سعد الله بن جماعة دعوته الى عدم الاسراف في الطعام.

    ومن هنا نرى اهتمام العرب بتربية الناشئ وخاصة للاعداد البدني وقد اقيمت المدرسة النظامية في ذلك الوقت التي اسست سنة 1067 ميلادية وكانت تحوي امكان خاصة لسكن الطلاب وطعامهم اضافة الى نظام الهيئة التدريسية وقد تأثرت فيه الكثير من الجامعات الاوربية .

·        فلسفة التربية البدنية في العصر الإسلامي:

تتصف فلسفة التربية البدنية الإسلامية بالحيوية لانها فلسفة علمية فهي لا تضيع كثيرا من الوقت في مهاترات فكرية وجدلية وانما تعتمد الى نظام قيمي واضح يعبر عن أثار الممارسة الرياضة التي عرفها السلف الصالح وأدركها وحث عليها بشدة وتحاول توظيفه وتطبيقه وهي تتلمس أطر التربية الإسلامية وأهدافها واساليبها واسسها وتميز المسلمون عن من سبقهم في ان هدف التربية عندهم لم يكن دنيويا محضا كما كان عند اليونان والرومان مثلا ولم يكن دينيا كما كان عند المسيحيين وانما كان غرضهم دينيا ودنيويا معا وكانويرمون الى اعداد المرء لعملي الدنيا والاخرة.

ولم يغفل الإسلام نصيب الطفل والمرأة وحقهما في التربية البدنية فقد دعى الدين الإسلامي الى تعليم الأولاد بعض أنواع الرياضة منذ الطفولة وكفل للمرأة نصيبها في اللعب واللهووبما ينسجم مع تعاليم الدين ومبادئه وقيمه.

ولقد اهتم القرآن بالمحافظة على جسم الإنسان سليماً قوياً ، ليكون الجسم أداة  تمكن الإنسان من اتقان عبادة الله تعالى والتوجه إليه بصدق وإخلاص والتربية البدنية بمفهومها الواسع تشمل حفظ قوام الجسم ، بتنميته ، ووقايته وعلاجه اما التربية البدنية من منظور اسلامي فهي عملية حفظ وتنمية الجانب البدني ، ليقوم بدوره الذي خُلق لأجله ، والمتمثل في:  تحقيق العبودية لله تعالى ، وما يترتب على ذلك من الاستعانة بهذا البدن على أداء العبادات ، كالصلاة والصيام والحج والجهاد في سبيل الله ، وما قد يتطلبه من تعلم بعض المهارات البدنية ، للدفاع عن الضروريات التي هي الدين والمال والنفس والعرض والعقل وما يعني أن التربية البدنية بصفتها هذه يمكن أن تكون تربية فاعلة غايتها بناء الفرد والمجتمع .

·        -الألعاب الرياضية عنــد العرب

1- الفروسية

    للفروسية والفرسان مكانة متميزة للعرب في العصر الجاهلي والعصر الاسلامي كان الدفاع الضعيف والانتصار للمرأة والشهامة، وكان العرب يعلمون ابنائهم ركوب الخيل عند بلوغة الثامنة من العمر ويتدربون على فن الفروسية حتى اشتهر الكثير منهم وضربت بهم الامثال ومنهم: - " ربيعة بن كرم،عامر بن مالك ، وعامر بن الطفيل، عمر بن كعب، وأمية بن حرثان الكناني ...الخ " وعندما جاء الاسلام أوجب تعليم الفروسية لاطفال المسلمين، وقسم المسلمون الفروسية الى: -

·        ركوب الخيل والكر والفر.

·        الرمي بالقوس.

·        المطاعنة بالرماح .

·        المداورة بالسيوف.

وكان على الفارس ان يتعلم هذه الانواع الاربعة .

2- الــرمي

    اعطى العرب اهمية للتدريب ومزاولة رمي السهام والرماح لانه يشكل سلاحاً رئيسياً في صيدهم وحربهم وقد حث الرسول محمد (ص) على الرمي، وكانت اصول الرمي عند العرب مقسمه الى خمسة اقسام هي: القبض على القوس، العقد، المد، النظر، والاطلاق وأركان الرمي هي:  السرعة، شدة الرمي، الاصابة، الاحتزار، وقد مارس العرب الرمي للسهام في مسابقاتهم وقسم الى: " مسابقة الرمي لابعد مسافة، مسابقة اصابة الهدف

3-المبارزة: - كان العرب في الجاهلية يتدربون على النزال والمقارنة والمبارزة بالسيف من نعومة اظفارهم للدفاع عن كيانهم ضد الاعداء وبعد ظهور الاسلام زاد الاهتمام المسلمون بالمبارزة بالسيف وتطوير اساليبة، وتعتبر المبارزة بالسيف من احب رياضة للعرب في العصر الجاهلي والعصر الاسلامي.

5- الرمح: - كان العرب يصنعون من قناة في رأسها حرب حادة والقناة غالباً من الخشب البردي القوي، وكان يستعمل من قبل المشاة والفرسان وافضل الرماح لديهم هي الرماح الطويلة ويسمونها" السمر العوالي" .

6- مسابقة المشي: - مارس العرب مسابقة المشي وكانت تحتل لديهم مكانه متميزة.

7- مسابقة الإبل:- عرف العرب هذا الضرب من المسابقات ومازالت تمارس  حتى الوقت الحاضر في الجزيرة العربية.

8- المصارعة: - عرف العرب المصارعة منذ قديم الزمان

·        تقرير علماء الإسلام للرياضة وأثرها الايجابي:  اقر علماء الإسلام الرياضة وأثرها الايجابي، ومنهم الإمام ابن القيم، الذي تحدث عن الأثر الايجابي للرياضة على صحة الإنسان حيث يرى أن الحركة هي عماد الرياضة، وهي تخلص الجسم من رواسب وفضلات الطعام بشكل طبيعي، وتعود البدن الخفة، والنشاط، وتجعله قابلاً للغذاء، وتصلب المفاصل، وتقوي الأوتار والرباطات، وتبعد جميع الأمراض المادية، وأكثر الأمراض المزاجية، إذا استعمل القدر المعتدل منها في دقة، فكل عضوله رياضة خاصة يقوى بها، وأما ركوب الخيل، ورمى النشاب، والصراع، والمسابقة على الأقدام، فرياضة البدن كله، وهى قالعة لأمراض مزمنة.

كما جاءت سنة الرسول الأعظم بكثير من الأحاديث التي يدعونا فيها إلى إيلاء الجسد العناية اللازمة كما في الحديث ( ان لربك عليك حقاً ، وان لبدنك عليك حقاً ، وأن لأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه) أوكما في أحاديث أخرى ترى في قوة المسلم أفضلية وقربى من الله (المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف في كل خير).

ولم ينسى السلف الصالح الإقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام أوالنقل عنه ففي الحديث المنسوب الى عائشة رضي الله عنها ( سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته فلما أرهقني اللحم سابقني فسبقني فقال صلى الله علية وسلم هذه تبلك) دلالة قطعية وواضحة في حث الرسول عليه الصلاة والسلام في ممارسة الأنشطة البدنية لما في ذلك من فوائد بدنية وصحية تتوافق مع الفهم الإسلامي للإعتناء بالبدن .

- ولم يغفل خليفة رسول الله عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهوالذي عرف بالقوة والشدة من أن يوجه الشباب التوجيه الصحيح فقد قال لاحد الشباب الناسك وقد احنى رأسه علامة الخشوع والتبتل" إرفع رأسك وأصلح قامتك لا تمت علينا ديننا أماتك الله " اوكما روي عنه رضي الله عنه " علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل"

في كل ما سبق نلاحظ اهتمام الاسلام ورسالته العظيمة في الحث على التوازن ما بين الجسد والروح والعقل كمكملات ومتممات للشخصية البشرية .

·        صور النشاط الرياضي في الإسلام

- يمكن تحصيل الرياضة في الفهم الإسلامي بوسيلتين , الاولى من خلال العبادات التي يلتزم بها المسلم كالصلاة , الصيام , الوضوء , الحج والجهاد .والثانية من خلال الممارسة المباشرة كركوب الخيل والمسابقة على الأقدام , الصيد , الرماية والسباحة .

Modifié le: mardi 9 janvier 2024, 17:08