النظام النقدي الدولي في ظل قاعدة الذهب

يبين هذا النظام وجود العلاقة الثابتة بين قيمة الوحدة النقدية والمقدار الثابت من الذهب، بحيث تتعادل القوة الشرائية لوحدة النقود مع القوة الشرائية للذهب، وقد ساد في معظم الدول المتقدمة، حيث كان يتميز بالاعتراف الجماعي له. وبريطانيا هي أول من أقرته في عام1816، ثم تبعتها بعد ذلك العديد من الدول خلال النصف الأخير من القرن التاسع عشر، وظل أكثر النظم النقدية انتشارا حتى عام 1914. أصبح يعرف باسم قاعدة الذهب، حيث يتم بموجبه قياس القيم الاقتصادية، حيث أن قيمة الوحدة النقدية تساوي وزنا معينا من الذهب.

  1. مراحل تطور نظام الذهب:

    لقد عرف نظام الذهب ثلاث مراحل عبر تطوره، ارتبطت بالمستجدات التي كانت تطرأ وتجعل كل مرحلة مواتية للظروف الجديدة، ويمكن ذكر أهمها فيما يلي: (4)[1]

    • نظام المسكوكات الذهبية

    • نظام السبائك الذهبية

    • نظام الصرف بالذهب

  2. انهيار النظام الذهبي:

بالرغم من أن قاعدة الذهب استطاعت التعايش مع ظروف الحرب العالمية الأولى والتغيرات الاقتصادية التي حدثت بعدها إلا أنها لم تستطع تحمل الكساد العظيم، فباقتراب نهاية العشرينيات كانت اقتصاديات الدول الصناعية تتجه نحو الركود، وكان للكساد الأمريكي عام 1929 آثارا على اقتصاديات جميع أركان العالم. وجاءت الضربة القاضية لقاعدة الذهب الدولية عام 1931 حينما أخذ المودعون يسحبون أرصدتهم من البنوك النمساوية التجارية الكبيرة، تم انتشر الفزع إلى البنوك الألمانية، فقامت الحكومة بفرض قيود على الصرف، ثم تبعتها في ذلك دول أخرى، وفي مقدمتهم إنجلترا التي قامت بتعويم عملتها، فتبعتها دول تربطها علاقات تجارية ومالية وأيضا عملاتها مرتبطة بالإسترليني، فظهر في عام 1932 ما سمي '' منطقة الإسترليني''. وبعد وقت قليل من تعويم إنجلترا للجنيه الإسترليني تخلت الدول الاسكندينافية عن قاعدة الذهب، ولم يعد هناك من الدول التي تربط عملتها بالذهب سوى الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا وفرنسا وبلجيكا وهولندا، وبدأت هذه الدول التي عرفت ''بكتلة الذهب'' في مواجهة التدفقات للخارج من احتياطاتها الذهبية برفع الرسوم الجمركية وتضييق الحصص لضغط الواردات.

وعندئذ توقفت قاعدة الذهب عن العمل كنظام نقدي دولي فعال، وكان العديد من العملات غير قابل للتحويل والعديد منها عائما، فشاعت عملية تخفيض قيمة العملات بين الدول التي حافظت على أسعار الصرف الرسمية، وأصبحت الآلية التي يتم من خلالها موازنة ميزان المدفوعات غير مقبولة لدى الدول، مما تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن الذهب عام 1933.

فرغم كل ما تميز به معيار الذهب من استقرار للأسعار على المستويين الداخلي والخارجي ومحافظته على القيمة الحقيقية للنقود، إضافة إلى ارتباط الذهب بالنقود الورقية كغطاء إصدار يمنحها الثقة ومساهمته في تطور ونمو التجارة الدولية فقد تم التخلي عنه تزامنا مع الحرب العالمية الأولى وأزمة الكساد.

وبعد انتهاء الكساد واقتراب الحرب العالمية الثانية شعر معظم المراقبين أن العودة للأوضاع المضطربة التي سادت في الثلاثينيات لن يكون مقبولا، وكان شعورهم أنه من الضروري تصميم نظام نقد دولي يضمن قابلية التحويل للعملات والاستقرار النقدي، ولعبت الرغبات دورها في تشكيل نظام بروتون وودز للنقد الدولي الذي تم تبنيه بنهاية الحرب العالمية الثانية. (5)[2]