مقدمة

إن الحداثة النسبية لتخصص يصعب الإحاطة به كلية إلا من خلال التعرف على شروط ولادته، وتطوره التاريخي، أو من خلال تعدد مناهجه ومدارسه، يجعل الأمر من الصعب تعريف هذا التخصص في بضع كلمات أو أسطر قليلة، ومن الأصعب أيضا تحديد موضوعه بدقة متناهية لا يرجع هذا إلى صعوبة أفكاره بقدر ما يرجع إلى طموحه الواسع وشموليته.من جهة أخرى فإن النجاح الذي يحققه هذا التخصص –والذي يسجله ببداهة تطور الأنثروبولوجيا وتأثيرها المباشر على الأبحاث التي تخص العلوم الإنسانية، أو كل تفكير حول الظواهر الاجتماعية، التاريخية، التربوية، وحتى السياحية....بذلك يميل علم الأنثروبولوجيا إلى ضرورة الشمول والربط بين العلوم المختلفة التي تخص الإنسان. فتنوعت دراسات الأنثروبولوجيا في الفترة الأخيرة بالرغم من مرور قرن وربع قرن على هاته الدراسة، حيث مست عدة مجالات مختلفة نظرا لتعدد تخصصاته ومجالاته في حياة البشر.ولقد عرفت الأنثروبولوجيا بأنها علم يهتم بدراسة الإنسان فهي ترتبط بالمجتمع الإنساني الذي توجد فيه حيث تعرض بنيته الأساسية والقيم السائدة فيه.وقد كانت بدايتها منذ العصور القديمة إلا أن الغربيين يردون أصلها إلى عصر النهضة الأوروبية. وقد قدمت هذه الكشوفات معلومات هامة عن الشعوب القاطنة في تلك البلاد، أدت تغيرات جذرية في الاتجاهات الفلسفية السائدة آنذاك عن حياة البشر وطبيعة المجتمعات الإنسانية وثقافتها وتطورها. وهذا ما أدى بالتالي إلى تطوير المعرفة الأنثروبولوجية، واستقلالها فيما بعد عن دائرة الفلسفة الاجتماعية.وبالتالي أصبح الهدف الرئيسي للأنثروبولوجيا هو توسيع فهمنا للإنسان وتعزيز التسامح و الاحترام المتبادل بين مختلف الثقافات والمجتمعات. إذ يعمل الأنثروبولوجيون على إجراء أبحاث ميدانية وجمع بيانات أولية من خلال المشاركة المباشرة في حياة الناس في مجتمعاتهم، مما يساعد في إلقاء الضوء على تجارب الإنسان والاختلافات الثقافية والاجتماعية بشكل عميق.