أولا-العلاقة بين الأنثروبولوجيا والفلسفة
1- مفهوم الفلسفة
أ-لغة
يعود معناها إلى لفظين يونانيين وهما فيلو وتعني المحبة و صوفيا الحكمة، فيكون المعنى أن الفلسفة هي محبة الحكمة.
2-علاقة الأنثروبولوجيا بالفلسفة
من حيث النشأة
إن دراسة تاريخ الفلسفة يعيدنا إلى بدايات بعيدة في الزمن كما أننا لا نستطيع أن نحمي الماضي حتى وان حاولنا كون أن علم الفلسفة يبحث في الإنسان ، يدرس مشاكله و قضاياه و هذا لا يتنافى مع علم الأنثروبولوجيا الذي يعتبر علم يدرس الإنسان كذلك. - عودتنا إلى بوادر الفلسفة الأولى تأخذنا إلى ميلاد الفلسفة على يد الإغريق أو اليونان.وعلى الرغم من بداية الفلسفة لم تحدث فجأة ولم تأت من الشيء، فقد سبقتها الميثولوجيا والشعر الملحمي والمسرحية وغيرها من الفنون الأدبية، ولكن من خلال الشعر الملحمي استطاع أن يعطي معنى للوجود. والملامح التي أضفاها على الوجود جعلته يمسك بطرف خيط الوجود ويفهم مغزاه، وبالتالي استطاع أن يواجه الأحداث التي ألمت به ويعرف كيف يتصرف إزاءها.2[2]
من حيث الموضوع
تعتبر الفلسفة والأنثروبولوجيا علمان يشتركان قطب مهم ألا وهو الإنسان، وهذا يجرنا إلى أنه توجد علاقة تربطهما في الموضوع.يتخذ الفلاسفة من المشكلات التي تمس مختلف نواحي الحياة موضوعا لنشاطهم الفكري، فقديما اهتم هؤلاء بمحاولة فهم طبيعة الكون، فمثلا تصور اليوناني "طاليس" thales أن أصل الكون هو الماء ما دامت الحياة تتوقف على هذا العنصر الحيوي، في حين اعتقد فيلسوف آخر وهو أمدوقليس ambdoklise أن كل الأشياء ترجع إلى العناصر الطبيعية الأربعة، وهي:الماء، الهواء، النار، التراب، وأن محرك هذه العناصر قوتان هما الحب والكره.وإلى جانب الاهتمام بطبيعة الأشياء والكون، اهتم الفلاسفة كذلك بمحاولة فهم طبيعة الإنسان، وقد كان سقراط من السباقين لذلك من خلال مقولته الشهيرة: "أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك".مؤكدا أن الحقيقة ليست مجرد أمر فردي مثلما تصور السفسطائيون الذين اعتبروا أن الإنسان مقياس الأشياء كلها، إذ آمن سقراط بالعقل كعنصر مشترك بين جميع الناس وكمقياس لحقيقة تغير أحكامه ونتائجه بتغير الظروف.ولو أردنا أن نحصر المواضيع الفلسفية لوجدنا أن الفلاسفة يبحثون في 4 مشكلات (قضايا)، وهي:1- مشكلات المعرفة: وتشمل الابستمولوجيا نظرية المعرفة والمنطق وفلسفة العلوم واللغة.2- مشكلات الوجود: أو الواقع، وتشمل الميتافيزيقا، الوجود، وعلم الكونيات.3- مشكلات القيم: وتشمل مبحث القيم، وفلسفة الجمال، وفلسفة الأخلاق وفلسفة الدين.4- مشكلات المجتمع: وتشمل الفلسفة الاجتماعية والاقتصادية والفلسفة السياسية.وهذه المشكلات كلها متشابكة ومتداخلة فيما بينها، ووظيفة الفلسفة أن تجعل من هذا التنوع تناسقا في صورة فهم كلي للعالم ولذلك تسمى الفلسفة عند القدماء بالعلم الكلي أو علم العلوم.
من حيث المنهج
إن العلاقة بين منهج علم الفلسفة وعلم الأنثروبولوجيا علاقة ترابط، تظهر في أن الفلسفة مناهجها متعددة حسب اختلاف الفلاسفة ومذاهبهم، والأنثروبولوجيا تعتمد على عدد من المناهج والتي تستخدمها انطلاقا من تعدد فروعها.إن التفكير الفلسفي يمتاز بالمنهجية والبعد عن العفوية، حيث يتميز المنهج الفلسفي بمراحل وخطوات محددة يضعها الفيلسوف نفسه، والمناهج الفلسفية تختلف باختلاف الفلاسفة أو المذاهب الفلسفية، وكأمثلة عن ذلك نذكر: المنهج الشكي عند ديكارت، المنهج الظواهري عند هوسرل، المنهج التحليلي عند رسل....إلخ، إلا أنه تبقى تشترك في صفة واحدة ألا وهي أن كل تلك المناهج ذات طابع تأملي-عقلي-نقدي.