ثالثا: العلاقة بين الأنثروبولوجيا وعلم النفس
1- مفهوم علم النفس
هو علم النفس الذي يدرس سلوك الإنسان بأوسع معنى لمصطلح السلوك بحيث يشمل نشاط الإنسان في تفاعله مع بيئته تعديلا لها حتى تصبح أكثر ملائمة له، أو تكثيفا ذاتيا معها حتى يحقق لنفسه أكبر توافق معها، والسلوك بهذا المعنى الشامل الواسع يتضمن ما هو ظاهر يمكن للآخر إدراكه كتناول الطعام والشراب والجري والفقر والاعتداء بالضرب والقيام بالأعمال والواجبات كما يتضمن ما هو غير مدرك إلا ما صاحبه مثل التفكير الصامت والتخيل والتذكر والأوهام والمخلوق والآمال والحزن والسرور والغضب.... وما إلى ذلك من انفعالات قد تصاحبها مظاهر مكشوفة يحسها الآخرون7[1].
يدرس علم النفس سلوك الأفراد بغية فهمه وضبطه والتنبؤ به وإمكانية تواجهه، ومحاولة التأثير بشكل مرغوب والاقتراب به من الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها ويسعى أيضا إلى الوصول إلى القوانين الأساسية التي تحكم سلوك الأفراد ونشاطهم من أجل مساعدتهم على التكيف السليم مع أنفسهم أو مع بيئاتهم بما يحقق الصحة النفسية للأفراد والجماعات والانتقال من الإمكانيات المتاحة لديهم وتوجيهها التوجيه السليم.وإن ما يهدف إليه علم النفس هو الوصول إلى المعرفة الدقيقة التي تساعد في تفسير العلاقة النظامية بين المتغيرات المختلفة للوصول إلى الإجابة على الأسئلة المطروحة، وبهذا يمكن حصر أهداف علم النفس بالفهم والضبط والتنبؤ.
2- الأنثروبولوجيا وعلاقتها بعلم النفس
يعرف علم النفس بأنه العلم الذي يهتم بدراسة العقل البشري والطبيعة البشرية، والسلوك الناتج عنهما، أي أنه مجموعة الحقائق التي يتم الحصول عليها من وجهة النظر النفسية وهذا يعني أنه العلم الذي يدرس سلوك الإنسان ويحاول فهمه وتفسيره.تشترك الأنثروبولوجيا مع علم النفس في دراسة مشكلات السلوك البشري، ومع ذلك فإننا نلاحظ علم النفس قد يظل لفترة طويلة من تاريخه يقصر اهتمامه على مشكلات السلوك الفردي في المقام الأول، على حين كان علماء الأنثروبولوجيا يميلون نحو وضع تعميمات عامة وجماعية وعلى الجماعات الإنسانية في ضوء الأسس الثقافية.والواقع أن العلاقات بين الأنثروبولوجيا وعلم النفس لم تصل إلى درجة التوثيق والعمق، إلا حينما بدأ علماء الأنثروبولوجيا يوجهون اهتمامهم للعلاقة بين الثقافة والفرد، حقيقة كانت هناك محاولات الأنثروبولوجيا خلال بداية القرن العشرين للاستفادة من علم النفس بطرق شتى على أساس اقتناعهم بأن هذا العلم كفيل بتزويدهم بحلول مقنعة لكثير من مشكلاتهم دون اللجوء إلى التاريخ الفرضي أو الظني.
