عموميات حول محاسبة التسيير

نشأة وتطور محاسبة التسيير

في منتصف القرن الثامن عشر وإلى غاية أواخر القرن التاسع عشر كانت الغالبية العظمى من المؤسسات ذات الحجم الصغير في السوق هي المرشد للقرارات الاقتصادية ونظام المحاسبة العامة هو المنتج الذى يسجل كافة العمليات التي تقوم بها المؤسسة ضمن التسجيلات المحاسبية ثم بعد ذلك أصبحت المحاسبة العامة قاصرة وعاجزة عن تلبية احتياجات ومتطلبات المؤسسة مع كبر حجمها في السوق خاصة بعد الأزمة الاقتصادية سنة 1929م وقد ترتب على حدوث هذا التطور عدم معرفة المؤسسة لتكاليفها ونواتجها الخاصة لكل منتج [3][1]، وهذا كله أدى إلى ظهور محاسبة التسيير وتطورها، وقد تطورت في أمريكا بمعدل أسرع من تطورها في أوروبا ألن معدل النمو الصناعي في الأولى كان أسرع منه في الثانية، كما تجدر الإشارة إلى أن أول كتاب صدر حول المبادئ الأولية لتحليل التكاليف كان عام 1878 في بريطانيا [4][2].

لقد كان للحرب العالمية الأولى والأزمة الاقتصادية الكبرى حتي سنة 1933م الأثر العميق في تطور محاسبة التسيير لدرجة أصبحت تمثل هذه الفترة مرحلة مستقلة من مراحل تطور هذا النوع من

المحاسبة، اتسمت بالتعاون المستمر بين رجال العلم والعمل ، وبعد الحرب العالمة الثانية ومع تقدم الصناعة واشتداد المنافسة بين المنتجين، ظهرت تحديات عديدة أمام المؤسسة تتمثل بالخصوص في تخفيض التكاليف كأداة لضمان البقاء2 وهذا ما أعطي أهمية أكبر للمحاسبة التحليلية داخل المؤسسة.

وفي الفترة الممتدة من (1950م-1960م) قام المحاسبون بدراسة بعض القرارات الإدارية التي تستخدم بيانات التكاليف مثل قرارات التسعير حيث تم إنشاء عدة نماذج محاسبية للعديد من هذه القرارات لتحديد التكاليف والإيرادات المناسبة التي يتوقع حدوثها عند اتخاذ تلك القرارات، وهذا أدى إلى توسيع نطاق اهتمام محاسبة التكاليف من تحديد تكلفة الإنتاج إلى خدمة القرارات الإدارية، مما دفع البعض إلى أن يطلق على محاسبة التسيير اسم "المحاسبة الإدارية".

ومع زيادة التطور والتشابك في العملية الإنتاجية ظهرت الأنظمة الحديثة للمحاسبة التحليلية مكملة للأنظمة التقليدية، وذلك من خلال الدراسة التي قام بها الباحثون حول استخدام النظام الجديد المسمى "نظام التكاليف على أساس الأنشطة (ABC)" ، "وهذه الدراسة ترجع إلى التجارب في استعمال هذه الطريقة منذ بداية الستينات وبالضبط سنة 1963م، إلى أن وصلت إلى دراسة " and Cooper م1987 سنة" Kaplan وتفتح التطورات الحديثة في محاسبة التسيير أفاقا جديدة أمام المحاسبين لخدمة الإدارة في بيئة التصنيع الحديثة، وذلك باستخدامها أساليب التحليل العلمي والأساليب الإحصائية والرياضية الحديثة، علاوة على استخدام العديد من أدوات تكنولوجيا المعلومات المعتمدة على استخدام الحاسبات الآلية والبرامج الجاهزة.

ونظرا لأهمية محاسبة التسيير المتزايدة في عصرنا الراهن فقد شمل تطبيقها كافة القطاعات الاقتصادية (الإنتاجية، التجارية، الخدمية والمالية)، فقد ساهمت العديد من الجمعيات والمنظمات المهنية والحكومية بدرجات متفاوتة في تطوير محاسبة التسيير ومن أهم هذه المنظمات ما يلى:

  • معهد المحاسبين الإداريين (IMA ) فقد ساهم هذا المعهد في تطوير الإجراءات والأساليب المتعلقة بالجانب التطبيقي لكل من محاسبة التسيير والمحاسبة الإدارية، ويقوم المعهد بإصدار دورية يطلق عليها المحاسبة الإدارية، ويقوم بتنظيم برامج للتعليم المستمر تغطى موضوعات عديدة في محاسبة التسيير والمحاسبة الإدارية؛

  • مجلس معايير محاسبة التسيير (CASB)الذى تأسس سنة 1970م فقد ساهم هذا المجلس في وضع معايير تتضمن توحيد وترابط أسس ومبادئ محاسبة التسيير الواجب إتباعها في الولايات المتحدة الأمريكية، ولمعايير هذا المجلس أهمية قانونية وخاصة في التعاقدات الحكومية؛

  • جمعية المحاسبة الأمريكية (AAA)التي كان لها دور كبير في تطوير مهنة محاسبة التسيير من خلال الموضوعات البحثية في نظرية المحاسبة ومحاسبة التسيير والمحاسبة الإدارية والضرائب وغيرها، وقد كان لهذه البحوث دورا كبيرا في تطوير المفاهيم والأسس والأساليب والإجراءات المتبعة في محاسبة التسيير.

  1. 3

    بويعقوب عبد الكريم، المحاسبة التحليلية، ديوان المطبوعات الجامعية، الساحة المركزية، بن عكنون، الجزائر، 1998، ص28.

  2. 4

    محمد عطية مطر وآخرون، نظرية المحاسبة واقتصاد المعلومات، دار حنين للنشر والتوزيع، الأردن، 1996، ص31

سابقسابقمواليموالي
استقبالاستقبالاطبعاطبعتم إنجازه بواسطة سيناري (نافذة جديدة)