ثانيا: أركان النظام الجبائي
رغم اختلاف الأنظمة الجبائية من دولة إلى أخرى ومن عصر لآخر، وحتى داخل الدولة نفسها من فترة لأخرى، إلا أن المسلم به هو قيام النظم الجبائية على ركنيين أساسين هما الهدف، والوسيلة الفنية والتنظيمية ، الأمر الذي يوضح أن أركان النظام الجبائي هي ثلاثة: الأول منها يتمثل في هدف النظام الجبائي المحدد لأهداف السياسة المالية و الضريبية المتعبة في الدولة (1)، الركن الثاني يتمثل في الأداة الفنية التي تعتبر وسيلة لازمة لتحقيق أهداف السياسة المالية والضريبية (2)، أما الركن الثالث فيتمثل في الأطار التشريعي والقانوني المحدد لطريقة العمل الخاصة بالنظام الضريبي (3).
1: هدف النظام الجبائي
هو مجموعة الأهداف والغايات التي يسعى النظام الجبائي لتحقيقها، وهي مشتقة من أهداف السياسة المالية المتبعة في الدولة ، وهي تتمثل في تغطية النفقات العامة للدولة من الناحية المالية، ومعالجة الاختلالات و اللاتوازنات التي تحدث نتيجة عدم العدالة في توزيع الدخل، و تشجيع الاستثمار والادخار لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية .
تختلف أهداف النظام الجبائي من نظام ضريبي إلى آخر، ففي الدول الرأسمالية المتقدمة؛ اعتبرت الضريبة مصدر تمويلي أو أداة مالية لتغطية النفقات العامة، غير أن دورها هذا قد تحول بعد الأزمة الاقتصادية لعام 1929 إذ أصبحت وسيلة للتدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية و السياسية. أما في الدول الرأسمالية النامية فقد تجلت أهداف الضريبة في خلق مناخ ملائم للتنمية و زيادة متوسط الدخل القومي، و تشجيع الاستثمار والادخار، وفرض الضرائب التي تحد من الإنفاق الاستهلاكي الزائد. كما اعتبرت في الدول الاشتراكية أداة من أدوات التوجه الاقتصادي من جهة، والرقابة على الإنتاج لكفايته من جهة أخرى .
2: وسيلة النظام الجبائي
هي مجموعة الصور الفنية للضريبة، التي تمثل وسائلا لتحقيق سياسة النظام الجبائي ، الذي تختلف وسائله في الدول الاشتراكية عن الدول الرأسمالية، ذلك أن هذه الأخيرة تختار وسائلها الفنية بما يسمح لها من تحقيق أقصى حصيلة ضريبية تتميز بالثبات من جهة والمرونة من جهة أخرى، كالحد من الإعفاءات أو زيادة نسبة ضريبية معينة، أو استحداث ضريبة جديدة، الأمر الذي يجعل العدالة الاجتماعية تعتبر هدف ثانوي بعد وفرة الحصيلة الضريبية. أما الدول الاشتراكية فأنها تجعل من الوسائل الفنية أداة لتحقيق المرونة والكفاية في التمييز بين السلع الضرورية والسلع الكمالية، والدخول المرتفعة والدخول المنخفضة، وهذا هو الأمر الذي جعلها تولي اهتماما كبيرا بالجانب الاجتماعي والجانب الاقتصادي .
3:التشريع الجبائي
يشمل التشريع الجبائي مجموعة التشريعات و القوانين الضريبية، والقرارات التنفيذية والمذكرات التفسيرية، التي تمثل اجراءات وطرق عمل النظام الجبائي وأجهزته في تحقيق أهدافه ، لأن التشريع الجبائي هو عبارة عن صياغة لمبادئ وقواعد السياسة الضريبية، لذلك يشترط فيه أن تتم صياغته بشكل جيد لسد منافذ التهرب والغش الضريبي من جهة، ومراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية للدولة من جهة أخرى، لأن التشريعات الجبائية يجب أن تكون مرنة ، كما تشترط فيها بعض التشريعات أن تكون صادرة من ممثلي الشعب حتى لا يتعرض الأفراد إلى هيمنة السلطات العامة .