التخصيص الدولي كأساس لقيام التبادل التجاري الدولي

"يقوم التبادل أساسا على مبدأ التخصيص الدولي، حيث تتخصص كل دولة من الدول في إنتاج سلعة أو مجموعة من السلع وتبادلها مع غيرها من الدول، فكما يتخصص الأفراد كل واحد منهم في حرفة معينة كذلك البلدان تتخصص في انتاج سلعة أو سلع معينة."

لا تستطيع أي دولة أن تنتج كل ما تحتاجه من سلع وخدمات وإنما يقتضي الأمر أن تتخصص في انتاج السلع التي تؤهلها ظروفها الطبيعية والاقتصادية والبشرية لإنتاجها ثم تبادلها بمنتجات دول أخرى لا تستطيع إنتاجها داخل حدودها أو أنها تستطيع ولكن بتكلفة مرتفعة جدا مقارنة بسابقتها، وبذلك يمكن القول بأن التخصص بين الدول هو الأساس القوي لقيام التبادل الدولي، حيث سيؤدي إلى

زيادة الدخل الوطني للدول المشتركة في هذا التبادل وبالتالي زيادة مداخيل الأفراد وارتفاع مستوى رفاهيتهم الاقتصادية وتتمثل أهم العوامل الرئيسية المؤثرة على قيام وتشكيل هيكل التخصص الدولي، ومنها ما يلي:

التفاوت في الموارد الطبيعية

 حيث تختلف دول العالم اختلافا شاسعا فيما تمتلك من موارد طبيعية، وهذا ما يؤدي إلى اختلاف التخصص من دولة إلى أخرى حسب هذا التفاوت في الموارد الطبيعية. فهناك دول تتوفر بها أراضي زراعية مما يجعلها تتخصص في إنتاج بعض المحاصيل الزراعية، وهناك دول بها حقول البترول فتخصص في انتاج النفط وهكذا مع بقية الدول.

التفاوت في القوى البشرية

وفرة الأيدي العاملة في بعض الدول المكتظة بالسكان قد تؤدي إلى زيادة عرض العمالة وبالتالي انخفاض الأجور، وهذا ما يؤدي إلى تفوق هذه الدول في إنتاج بعض السلع ذات الكثافة العالية لعنصر العمل هذه الأخيرة لا تتطلب مهارة فنية كبيرة، أما الدول الأخرى التي تعاني قلة في عرض القوة العاملة وتعاني من ارتفاع الأجور، فإنها ستخصص في انتاج السلع ذات الكثافة الرأسمالية الكبيرة (السلع التي لا تباع للمستهلك النهائي بل تدخل في انتاج سلع أخرى مثل صناعة الآلات والمعدات وصناعة وسائل النقل المتخصصة مثلا، أي هي سلع غير واسعة الاستهلاك).

التفاوت في حجم رؤوس الأموال

سيؤدي تمتع بعض الدول برصيد ضخم من رؤوس الأموال إلى تخصصها في انتاج

السلع ذات الكثافة الرأسمالية طالما أن المقومات الأخرى لهذه الصناعات متوفرة لديها، أما بالنسبة للدول التي تعاني من ندرة نسبية لرأس المال فإنها ستخصص في بعض الصناعات البسيطة ذات الكثافة العملية، ورغم أهمية رأس المال في مجال التخصص الدولي فقد أصبح من الممكن التغلب على ندرة رأس المال عن طريق الاستثمارات الأجنبية، لذا تسعى الدول التي تعاني من العجز في رأس المال إلى جلبه من الخارج واستغلاله في مشروعات التنمية.

نفقات النقل

تلعب نفقات النقل دورا هاما في التجارة الدولية، فهي أحد العوامل المؤثرة في التوطن الدولي للصناعات، فالتوطن يتم إما بالقرب من المادة الخام أو بالقرب من الأسواق أو بالقرب من مواد الطاقة الوقود أو القوة الكهربائية وقد ساعد النقل على قيام التخصص الدولي بتوسيعه لدائرة السوق أمام منتجات الدول المختلفة، وبعض الدول يمكنها أن تخصص في انتاج سلع معينة ولكن الارتفاع في تكلفة نقل هذه السلع للعالم الخارجي يفقدها ميزة هذا التخصص.

الفرق في الأسعار

يؤثر الاختلاف في نفقات الانتاج (تكلفة عوامل الانتاج) تأثيرا مباشرا على أسعار السلع سواء في السوق الداخلي أو الخارجي. ولهذا فإن الأساس المبدئي لقيام التجارة الخارجية يكاد ينحصر في فروق الأسعار بين السلع المنتجة محليا والسلع المستوردة من الخارج، فالمستهلك الرشيد يسعى إلى الشراء من أرخص الأسواق حتى يتمكن من تحقيق أقصى إشباع ممكن أما المنتج فإنه يرغب في بيع منتجاته في أغلى الأسواق.