المنهج الموضوعي المادي:
يتـم وفق هذا المنهج استبعاد قواعد الإسناد في مجال العلاقات الدولية التجارية على أساس أنّ هناك قواعد موضوعية مادية تحتوي على حلول للعلاقات الاقتصادية والتجارية على الصعيد الدولي؛ وعلى هذا الأساس إذا عرض على القاضي الوطني نزاع يتعلق بالعلاقات القانونية التي تتناول التجارة الدولية فإنّه مطالب بالرجوع لهذه القواعد وتطبيقها مباشرة على المسألة المطروحة عليه، وهذا المنهج ليس وليد العصر الحالي في مضمونه بل تعود جذوره للعهد الروماني، عندما كان القانون يطبق عندهم على الأصلاء فقط، بينما يطبق قانون الشعوب على الأجانب باعتبار قواعده قواعد موضوعية(13)[1].
وقد ساعد على انتشار هذا المنهج تطور التجارة الدولية وحاجة المتعاملين فيها إلى تنظيم أنفسهم واتحادهم في المسائل المتعلقة بالتجارة الدولية، وحتى الدول أصبحت تخضع للمعطيات الجديدة، بعدما أصبحت تبرم عقودا مثل التي يبرمها الأشخاص الطبيعيون في التجارة الدولية، مما ساعد على رسوخ بعض القواعد الموضوعية واستقرارها في أواسط المشتغلين بالتجارة الدولية، نتيجة عدم صلاحية القوانين الداخلية لحكمها، إلى جانب ما سبق فقد أسهم كذلك قضاء التحكيم الذي اعتمدته الدول في إنشاء قواعد موضوعية يرجع إليها مباشرة عند نشوء نزاع يتعلق بالتجارة الدولية، وفيما يلي عرض لأنواع قواعده وخصائصها(14)[1]:
ب-1-أنواع قواعده: هناك قواعد موضوعية ذات أصل تشريعي؛ يعود أصلها إلى التشريعات الداخلية وتكثر عادة في موضوع الاستثمار، أو المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتي تتعلق بتنظيم جانب من جوانب التجارة الدولية، وهناك قواعد موضوعية ذات أصل قضائي؛ منها ما يعود للقضاء الوطني، مثلما استقر عند غالبية الدول صلاحية شرط التحكيم واستقلاله في حماية العقود المتعلقة بمصالح التجارة الدولية، ومنها ما يرجع للقضاء الدولي أو التحكيم التجاري.
ب-2-خصائص قواعده:
- قواعد مباشرة أي أنّ الصلة بين القاضي والقانون مباشرة.
- القواعد الموضوعية لها خصوصية التجارة الدولية.
- كما أنّها طائفية من جهة تخص أشخاص التجارة الدولية وتعرفها الدول الأكثر تقدما كالدول الأوروبية، ومن جهة أخرى نوعية تشمل عدّة أنواع من القواعد؛ كتجارة الحبوب، الصوف، الجلد، ...
- إضافة إلى ذلك فهي تلقائية؛ أي قواعد خرجت من مجتمع معين توفرت فيه شروط خاصة دون التقيد بالرسمية المعروفة لسن القوانين الداخلية.