يعتبر مقياس القانون المدني من المقاييس الرئيسية بالنسبة لطلبة السنة الثانية حقوق؛ حيث تنظم نصوصه المعاملات المدنية الخاصة للإنسان باعتباره فردا في المجتمع؛ سواء ما تعلق بعلاقاته الأسرية أو ما تعلق بعلاقاته المهنية والطائفية -في البلدان متعددة الطوائف-ويعد بمثابة الشريعة العامة لجميع القوانين الخاصة كالقانون التجاري، وقانون العمل وقانون الأسرة، والقانون الدولي الخاص، والعقاري...، مع ملاحظة أن تنظيم القانون المدني في الجزائر وغيرها من البلدان العربية يقتصر على المعاملات المدنية ذات الطابع المالي دون الطابع الشخصي؛ حيث تخصص لهذه الأخيرة فروع مستقلة (قانون الأسرة، قانون الأوقاف) تستمد أصولها من الديانة الإسلامية ونقصد بها علاقات الخطبة الزواج، انحلال الرابطة الزوجية، النيابة الشرعية، المواريث وعقود التبرعات...

وبالرجوع للقانون المدني الجزائري فقد صدر بموجب الأمر رقم: 75-59 المؤرخ في: 26 سبتمبر 1975م، وقد كان مقسما على أربعة كتب؛ تضمن الكتاب الأول بتطبيق القوانين وآثارها كما بين أحكام الأشخاص الطبيعية والاعتبارية، أمّا الكتاب الثاني فقد اهتم بأحكام الالتزامات والعقود، في حين نظم الكتاب الثالث الحقوق العينية الأصلية، أما الكتاب الرابع فخصص للحقوق العينية التبعية، وقد عرف القانون المدني الجزائري عدّة تعديلات في الآونة الأخيرة كان أبرزها تعديل سنة 2005م؛ وذلك بالقانون رقم: 05-10 المؤرخ في: 20 جوان2005م، والذي تضمن تعديلا لبعض الأحكام المتعلقة بالالتزامات والعقود، وكذا تعديل سنة 2007م (القانون رقم: 07-05) المؤرخ في 13 ماي 2007م والذي أضاف وعدّل من بعض الأحكام المتعلقة بالإيجارات.

 أمّا فيما تعلق بهذا المقياس فسنتناول فيه نظرية الالتزام بداية بجزئها الأول والمتعلق بمصادر الالتزام؛ حيث أفرد المشرع الجزائري الكتاب الثاني من القانون المدني لأحكام الالتزامات والعقود مقسما إيّاه إلى أحد عشره بابا؛ خصص ستة أبواب منها لنظرية الالتزام الباب الأول منها حدد فيه المشرع مصادر الالتزام؛ والمتمثلة في: القانون، العقد، الإرادة المنفردة، العمل المستحق للتعويض، أشباه العقود، أمّا الباب الثاني مخصص لآثار الالتزام، الباب الثالث متعلق بالأوصاف المعدلة لأثر الالتزام، الباب الرابع خصص لحالات انتقال الالتزام حوالة الحق وحوالة الدين، الباب الخامس لحالات انقضاء الالتزام الوفاء الانقضاء بما يعادل الوفاء، الباب السادس مخصص لإثبات الالتزام.

وسنتطرق في السداسي الأول حسب البرنامج الخاص بالسنة الثانية حقوق إلى دراسة: مصادر الالتزام؛ وفيه محاور: أولها الإطار المفاهيمي لنظرية الالتزام، وثانيها القانون كأول مصدر للالتزام، ثم العقد كمصدر للالتزام، ثم الإرادة المنفردة، ثم العمل المستحق للتعويض، ثم أشباه العقود (تماشيا مع تقسيم وتنظيم وتسمية المشرع الجزائري لها).