الاهتمام بالدراسات الإقليمية، وبالذات العلاقات الدولية الإقليمية أخذ
يتزايد مع ظهور الموجة الجديدة من الإقليمية أو ما يعرف بالإقليمية الجديدة NowRegionalism
كما تعبر عنها ظاهرة الكتل الاقتصادية، فمع ظهور الإقليمية الجديدة بشكل مواز
ومتزامن مع ظاهرة العولمة أخذت أبرز العلاقات الدولية بعدا إقليميا واضحا حيث تأكد
أن أغلب العلاقات والتفاعلات العالمية تتم ضمن أطر إقليمية وبالذات داخل الكتل
الاقتصادية العملاقة وبين الدول الأعضاء في هذه الكتل، الأمر الذي ضاعف من أهمية
وضرورة التركيز على دراسة أنماط العلاقات والتفاعلات التي تحدث داخل النظم
الإقليمية ضمن إطار العلاقات الدولية الإقليمية.
لم يعد الأمر إذن مجرد اهتمام بدراسة خصوصية العلاقات التي تربط بين النظم
الإقليمية والنظام العالمي هل هي علاقة تبعية كاملة أم هي علاقة تأثير متبادل وبأي
درجة، بل أصبح الاهتمام متركزا على دراسة الطبيعة الداخلية للعلاقات الدولية
الإقليمية في الأقاليم المختلفة، والتعرف على خصائص وأنماط التفاعلات التي تحدث
داخل كل نظام إقليمي، والعوامل التي تتحكم في تلك التفاعلات، ومعرفة الكيفية التي
ترتبط بها النظم الإقليمية بالنظام العالمي.
التعرف على هذا كله في حاجة إلى منهاجية علمية لتحليل هذه التفاعلات لمعرفة
إلى أي مدى تتشابه العلاقات الدولية للأقاليم مع بعضها، ولماذا تتمايز العلاقات
الدولية بين الأقاليم، ولماذا تتمايز العلاقات الدولية داخل الإقليم الواحد من
مرحلة تاريخية إلى أخرى.
الوصول إلى مثل هذه المنهاجية يقود بدوره إلى صياغة منهج لتحليل العلاقات
الدولية الإقليمية المقارنة، ويساعد في الوقت ذاته، على فهم تفاعلات المستويات
المختلفة في النظام العالمي، ومنها العلاقة بين النظم الإقليمية المختلفة، ماذا
يحكم هذه العلاقات، وكيف تتطور وفي أي اتجاه، والعلاقة بين كل من هذه النظم وقيادة
النظام العالمي لمعرفة حدود الترابط والاختراق والتبعية، وأسباب تباين درجة ومستوى
اختراق النظام العالمي للأقاليم، ومن ثم فهم أسباب وحدود الترابط أو التبعية، وسبل
النهوض بتطوير العلاقات الدولية الإقليمية، ومن ثم النهوض بالنظام العالمي ككل.
لقد
أورد المختصون في الدراسات الإقليمية عدة مقارنات لتحليل مختلف مظاهر العلاقات
الإقليمية، المتسمة عادة بالتعقد والديناميكية والتشابك مع تفاعلات وتأثيرات
النظام الدولي والمصالح القومية الداخلية للدول المشكلة للنظام، وكما أن للنظام الدولي
عناصر وجوانب يدرس من خلالها، كهيكل النظام، ووحدات النظام وقيم النظام، فإن
أخصائيي الإقليمية حاولوا من جهتهم وضع أسس نظرية يتم من خلالها تحليل مختلف جوانب
العلاقات الدولية الإقليمية في نظام إقليمي ما.