Aperçu des sections

  • الفئة المستهدفة

    يستهدف هذا المقياس طلبة السنة الثالثة حقوق خاص

  • التعريف بالمقياس

    يتم دراسة مقياس القانون الدولي الخاص في السداسي الثاني موضوع الجنسية، وهو مقياس ينتمي الى الوحدة الأساسية

  • أهداف المقياس

    يهدف المقياس الى تعريف الطالب بالجنسية الجزائرية وأنواعها وشروطها  

  • المكتسبات القبلية

    على الطالب قبل دراسة المقياس أن يكون متمكن من:

    - مدخل علوم قانونية

    - القانون المدني

    - القانون الدستوري

  • محتوى المقياس

    يتضمن المقياس كل ما يتعلق بالجنسية المكتسبة

  • اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق التجنس

    جامعة محمد بوضياف المسيلة

    كلية الحقوق والعلوم السياسية

    قسم الحقوق

    . . .

    المقياس: القانون الدولي الخاص (الجنسية الجزائرية)

    السنة: الثالثة ليسانس حقوق (خاص)، السداسي السادس

    الفئة المستهدفة: طلبة السنة الثالثة ليسانس حقوق (قانون خاص).

    الحجم الساعي الأسبوعي: أربع ساعات ونصف (4,5)

    إعداد الدكتور: بوخروبة حمزة (أستاذ محاضر قسم "ب")

    عنوان الدرس: ماهية التجنس.

    الهدف العام للدرس: يتمثل الهدف العام للدرس في تحديد الطالب  المقصود بالتجنس كطريق لاكتساب الجنسية اللاحقة على الميلاد

    الاهداف الخاصة للدرس

    الهدف الأول: أن يتعرف الطالب على مفهوم التجنس من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية
    الهدف الثاني: أن يستنبط خصائص التجنس كنظام قانوني لاكتساب الجنسية

     الهدف الثالث: أن يحدد الطبيعة القانونية للتجنس


    مضمون الدرس:

    يعتبر التجنس من أهم أسباب اكتساب الجنسية اللاحقة على الميلاد في التشريعات المعاصرة، بحيث لا يخلو منها قانون خاص بالجنسية في العالم، وهو سبب عام لا يقتصر على طائفة دون الأخرى، كما هو الحال بالنسبة للزواج المختلط[1]، على اعتبار انّه الطريق العادي المفتوح أمام كل أجنبي يرغب في عضوية شعب الدولة، والتجنس عمل ارادي وتصرف قانوني يقتضي إرادة معلنة من جانب المعني بالأمر بعد تحقيقه لجملة من الشروط والاعتبارات المتطلبة قانونا، وقبول من جانب الدولة التي تتمتع السلطة المختصة فيها بالتقدير المطلق في منح الجنسية أو رفضها.

           وابراز ماهية التجنس كطريق لكسب الجنسية الجزائرية اللاحقة على الميلاد يقتضي بيان مفهومه (مبحث أول)، ومعرفة شروطه (مبحث ثان).


    المبحث الأول

    مفهــوم التجنس

    تنصب دراستنا في هذا المبحث على تحديد مفهوم التجنس كطريق لكسب الجنسية الجزائرية اللاحقة على الميلاد، ولا يتأتّى ذلك إلاّ من خلال تعريفه (مطلب أول)، ثم   محاولة استنتاج أهم خصائصه ومميزاته (مطلب ثان)، ثم تحديد طبيعته القانونية (مطلب ثالث).

    المطلب الأول

    تعـريف التجنس

    على غرار غالبية تشريعات الجنسية المقارنة سواء العربية منها أو الغربية لم يورد قانون الجنسية الجزائرية تعريفا صريحا للتجنس، مكتفيا بإدراجه في الفصل الثالث منه "اكتساب الجنسية الجزائرية" تحت عنوان "التجنس" وتحديد بعض أحكامه، وهو ما جعل من تعريفه مهمة فقهية صـرفة (فرع ثان)، لكن قبل التطـرق للتعاريف التي أوردها الفقه بخصوصه وجب التعريج أولا على المقصود منه من الناحية اللغوية (فـرع أول).

    الفــرع الأول

    التعريف اللغوي للتجنس

     يتميز المعنى اللغوي للتجنس[2] بعدم الدقة، حيث يعني في اللغة العربية التطبيع في جنس معين، أو تطبيع أحد الأفراد المنتمين إلى وحدة اجتماعية معينة بطابع وحدة اجتماعية أخرى بإدخاله ضمن أفرادها أو أعضائها ومعاملته على هذا الأساس، وليس هذا هو المقصود طبعا، إنّما يقصد به انتماء الفرد إلى دولة معينة، وفي اللغات الغربية يستمد أصله من المصطلح اللاتيني "Natura" الذي صار في اللغة الإنجليزية والفرنسية "Nature"، أي الطبيعة، والذي اشتق من لفظ الطبيعي"Naturel" أو الأصيل، فكأنّ التجنس هو تطبيع "Naturalisation" أو أقلمة فرد أجنبي[3] وجعله في عداد الأهل أو السكان الأصليين أو الطبيعيين للدولة[4].

    وتاريخيا يعود سبب تبني هذا الاصطلاح في فرنسا إلى عهد المماليك أو المدنيات القديمة، حيث كان يطلق على الوطنيين بالأصليين بالنسب والميلاد، فابتداء من القرن الرابع عشر ميلادي كان يجوز للملك أن يؤهّل الأجانب بواسطة خطابات بورجوازيه "lettres de Bourgeoisie" والتي أصبحت تسمى ابتداء من القرن الخامس عشر بخطابات التأصيل أو التطبيع "lettres de Naturalité" ليصبح بواسطتها الأجانب متأصلين يخضع بموجبها الاغنياء منهم الى الرسم على الأرباح، واستمر الوضع على هذا النحو إلى غاية صدور مرسوم بتاريخ 17/03/1809 الذي نص على أن رئيس الدولة هو من يمنح الأجنبي خطابات التجنس"lettres de Naturalisation"[5]، ومن هنا استقر مصطلح التجنس Naturalisation في اللغة الفرنسية وتطور هذا الاصطلاح من معنى تأصيل الأجنبي ليصبح يعني في الوقت الحاضر كسب الأجنبي لجنسية دولة أخـرى وبذلك يتبين أنّ الاصطلاح الفرنسي "Naturalisation" يعتبر أكثر توفيقا من نظيره في اللغة العربية "التجنس"[6].

    الفـرع الثاني

    التعريف الاصطلاحي للتجنس

    بظهور فكرة الجنسية بمعناها الفني المعروف في نهاية القرن الثامن عشر بدأت تتبلور هذه الفكرة بمفهوم اصطلاحي جديد يتفق وطبيعته كعمل سيادي للدولة، وبالرغم من تعدد التعريفات المقترحة للتجنس إلاّ أنّها تتفق جميعا في إبراز الخصائص الأساسية له ولعل من أهم التعريفات الفقهية التي قيلت في هذا الشأن ما يلي:

    عـرّفه الفقه العربي على أنّه:

    التجنس هو طريق لكسب الجنسية بمنحها من الدولة حسب تقديرها المطلق للأجنبي الذي يطلبها بعد استيفاء الشروط التي يتطلبها القانون[7].

    كما عرّف بأنّه طريق لكسب الجنسية الطارئة بعد فترة ممتدة من الولادة وكمال أهلية الطالب الأجنبي الذي يخضع لشروط عدة يتطلبها القانون بالتقدير المطلق للدولة المانحة[8].  

    ويعرّف أيضا على أنّه موافقة الدولة على منح جنسيتها لشخص أجنبي لا تربطه بها أية صلة قانونية عدا اقامته على ترابها، بناء على التماس منه وتوافر الشروط القانونية المطلوبة فيه وقطع صلته بجماعة دولته الأصلية، وعلى هذا الأساس تملك الدولة سلطة تقديرية مطلقة في اتخاذ قرارها بقبول أو رفض طلب التجنس، فيعرف الشخص قبل منحه الجنسية بـ (طالب التجنس)، وبعد منحه إياها بـ (المتجنس)، وتسمى الدولة التي توافق على منحها الجنسية (الدولة مانحة الجنسية)[9].   

    كما يعرّف على أنّه طريق من طرق اكتساب الجنسية بمنحها من الدولة بإجراء منها للفرد الذي يطلبها، يرتكز على عامل أساسي هو الإقامة العادية في إقليم الدولة دونما عامل آخر يربط الفرد بتلك الدولة مثل رابطة الدم من ناحية الأم المتمتعة بجنسية الدولة، أو عامل الميلاد على إقليمها[10]

    وعرّف أيضا على أنّه "كسب طارئ لجنسية جديدة يتم في تاريخ لاحق للميلاد بمقتضاه يتجرد الأجنبي في دولة ما من صفته الأجنبية، ويكتسب الصفة الوطنية، ويتم ذلك بإرادة معلنة من جانب الشخص، وقبول من جانب الدولة التي تتمتع السلطة المختصة فيها بالتقدير المطلق في منح الجنسية أو رفضها، وبعبارة أخري هو تلاقي إرادة الفرد والدولة على كسب الصفة الوطنية"[11].

    كذلك يعرّف التجنس بأنّه كسب جنسية الدولة كسبا لاحقا للميلاد بناء على الطلب المقترن بتوفر شروط معينة والذي تتمتع الدولة إزاءه بسلطة التقدير، فالتجنس منحة تلتمس وللدولة في شأنه حرية التقدير، بحيث يكون لها حق إجابة الطلب أو رفضه[12].

    ويعرف بعض الفقه الفرنسي التجنس على أنه: منح الجنسية من طرف الحكومة للأجنبي الذي يطلبها[13].

    أمّا الفقه الجزائري فقد عرّفه بعضهم على أنّه:

    "هو اكتساب الجنسية الجزائرية بعد طلبها من المعني بعد استيفائه لكافة شروط التجنس القانونية وموافقة السلطة المختصة"[14].

    ولعل ما يميّز كل التعاريف السابقة أنّها اظهرت التجنس كأحد طرق اكتساب الجنسية اللاحقة عن الميلاد، وبيّنت خاصية مهمة من خصائصه، وهي ضرورة وجود ارادة من جانب الفرد تتمثل في طلبه الجنسية بإرادته، وارادة من جانب الدولة حيث تمنح الجنسية حسب تقديرها المطلق، فضلا على أنّ هذه التعريفات تشير الى ضرورة توافر شروط معينة في طالب التجنس، الاّ أنّ هذه التعريفات تعد قاصرة لعدم اشارتها الى اثار التجنس في حياة الفرد وفي حياة أسرته[15].

    ومن أجل تلافي هذا النقص فقد تم تعريف التجنس على أنّه " أحد طرق اكتساب جنسية الدولة، بإرادة الدولة، وذلك اذا استوفى شروطا معينة يحددها قانون هذه الدولة ويترتب عليه آثارا مهمة على المتجنس وعلى أسرته وعلى الدولة التي منحته جنسيتها"[16].

    ومن خلال هذه التعريفات يمكن التمييز بن مفهومين للتجنس[17]:

    - مفهوم عضوي: يعرّف فيه على أنّه "نظام قانوني تضعه الدولة لتنظّم بمقتضاه كيفية منح الجنسية الوطنية لمن يطلبها من الأفراد الذين ينتمون بحسب الأصل إلى دولة أجنبية".

    - ومفهوم وظيفي، بمقتضاه يكون "التجنس عبارة عن المنح الإرادي للجنسية من قبل الدولة يكتسب به الفرد صفة تفيد انتسابه إليها".

    وتفاعل هذين المفهومين يؤدي إلى جعل التجنس طريقا وسبيلا لاكتساب شخص معين جنسية دولة معينة بناء على رغبته وطلبه الخاضع في كل الأحوال للسلطة التقديرية المطلقة لتلك الدولة، وذلك مقرون بتوافر جملة من الشروط تضعها هذه الأخيرة بإرادتها المنفردة بما يتماشى مع ظروفها السكانية ومصالحها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وفلسفتها المنتهجة في هذا المجال[18].


    المطلب الثاني

    خصـائص التجنس

    من خلال التعاريف السابقة لفكرة التجنس كسبيل وأساس لاكتساب الجنسية اللاحقة على الميلاد، يمكن استخلاص واستنباط مجموعة من الصفات والخصائص التي يتميز بها لعلّ أبرزها: أنّ التجنس نظام قانوني تضعه الدولة بإرادتها المنفردة (فرع أول)، وأنّه منحة من طرفها (فرع ثان)، وأنّ هذه المنحة تلتمس وتطلب من الشخص الراغب فيها (فرع ثالث)، اضافة الى أنّ له أثر فوري لا يرتد إلى الماضي (فرع رابع)، وذلك ما سنحاول تفصيله في الآتـي:

    الفـرع الأول

    التجنس نظام قانوني تضعه الدولة بإرادتها المنفردة

    من خلال مجمل التعاريف السابقة لفكرة التجنس يتضح أنّه نظام قانوني من خلق الدولة وبإرادتها المنفردة، ولا يمكن بأي حال اعتباره رابطة قانونية تنشأ بتلاقي ارادتي الدولة والشخص طالب التجنس، بل إنّ هذا النظام القانوني الموضوع سلفا والذي يتميز بالاستقلالية والديمومة يمكن أن تنشأ عنه روابط قانونية بين فردين أو أكثر دون أن يكون هو تلك الرابطة ذاتها، فهذه الرابطة القانونية تعتمد في وجودها على النظام القانوني الذي يظل خارجا عنها[19].

    وهذا هو حال التجنس الذي يعتبر نظام قانوني تنشئه الدولة بموجب تشريع وبإرادتها المنفردة فتحدّد شروطه واجراءاته ومختلف احكامه سلفا، وما على الافراد الذين يريدون الاستفادة منه الاّ ابداء رغبتهم في ذلك عن طريق طلب تجنس يوجه الى السلطات المختصة بمسائل الجنسية عموما في الدولة وذلك بعدما يكونوا قد حصّلوا كل الشروط القانونية المتطلبة لذلك، مع كل التأكيد على أنّ ابداء الرغبة من طرف الفرد من جهة واستجابة الدولة من جهة اخرى لا يؤدي بأي شكل من الاشكال الى وجود عقد بالمعنى الفني المتعارف عليه في القانون المدني، بل الى وجود صفة تسبغها الدولة تفيد انتماء الفرد اليها[20].     

    الفـرع الثانـي

    التجنس منحـة مـن الدولة

            معنى ذلك أنّ التجنس ليس حقا للفرد يثبت له بقوة القانون بمجرد توافر شروطه بل هو منحة تفضلية سيادية تجود بها الدولة على من يرغب في جنسيتها، فيخضع لتقديرها المطلق[21]، لذلك قال بعض الفقهاء[22] أنّ "la naturalisation est une décision de l'autorité public"، ومن ثمّ يكون لها خيار قبول منح جنسيتها بطريق التجنس، أو رفض ذلك رغم توافر كل الشروط التي يتطلبها القانون، فمصلحة الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي من تملي خيار التوسع في منح جنسيتها عن طريق التجنس أو التضييق منه، ولذلك فإنّ غالبية النصوص التشريعية المنظمة للتجنس تستخدم صيغة الجواز[23]، من ذلك نص المادة 10 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل المتمم بقولها  "يمكن للأجنبي الذي يقدم طلبا لاكتساب الجنسية الجزائرية..."، وهذه السلطة أمر لازم من وجهة نظر جانب كبير من الفقه لتمكين الدولة من تحديد عدد المتجنسين بما يتلائم مع سياستها المتبعة في هذا الشأن[24]، وتختلف السياسة المنتهجة في منح الدول لجنسيتها بطريق التجنس إلى عدة اتجاهات، فمن الدول من يتوسع في ذلك لاعتبارات معينة كالرغبة في الزيادة الكمية لعدد السكان فيها بسبب قلتهم أو لارتفاع نسبة الشيخوخة، أو لزيادة الموارد المالية بالنسبة لعديد الدول التي تشترط تقديم مبلغ مالي من الأشخاص الذين يرغبون في التجنس بجنسيتها على غرار إيرلندا وجمهورية الدومنيكان، ومنها من يجنس تلقائيا بمجـرد توافر الشروط القانونية اللازمة لذلك ومن دون طلب[25]، ومن الدول من تضيّق من مجال منح جنسيتها عن طريق التجنس إلى أبعد الحدود، كما توجد بعض الدول الأخرى التي تعتمد على الكيف في سياستها التجنيسية بحيث تخفّف من شروط التجنس بالنسبة لشريحة من الأفراد الذين تتوافر فيهم كفاءات معينة[26]، وقد ازدهر ذلك في عهد الوزير الفرنسي "كولبر" "Colbert" في القرن السابع عشر[27]، بل وهناك دولا أخرى تحدّد مسبقا بنص القانون عدد من يجوز منحهم جنسيتها عن طريق التجنس[28].

           ومهما يكن من أمر فإنّ ما من دولة إلاّ وتجيز التجنس قاصدة تحقيق أي الزيادتين أو تحقيقهما معا، مع اختلاف المجال لكل منهما حسب الحاجة، فالدولة المستوردة للسكان تعنى بالزيادة الكمية، وأما الدولة المصدرة للسكان فتنشد الزيادة الكيفية على حساب الكم.  

           ويترتب على اعتبار التجنس منحة من الدولة تخضع لسلطتها التقديرية المطلقة نتيجة هامة فحواها: أنّ الطعن في القرار القاضي برفض منح الجنسية بطريق التجنس على الرغم من توافر كل الشروط القانونية لذلك يعد غير مجد من الناحية الموضوعية قانونا، كل ذلك مالم يقم دليل على عدم مشروعية قرار الرفض استناد إلى إساءة استعمال السلطة، وهو أمر صعب جدا إثباته من الناحية الواقعية[29].

    الفـرع الثالث

    التجنس منحة تلتمس وتطلب

            يتطلب التجنس تعبير إرادي من جانب الفرد يفيد رغبته في دخول جنسية الدولة والانتماء إلى جماعتها الوطنية، فرغم أنّ التجنس يعتبر منحة تفضلية من الدولة كما سلف بيانه، إلا أنّه في مقابل ذلك لا يثبت من تلقاء نفسه بل يجب أن يطلب ويلتمس، كما لا يجـوز أن تفرض على الشخص جنسية معينة رغما عنه، فالاعتداد بالإرادة الصريحة للفرد في مجال الجنسية بصفة عامة يعتبر من قبيل القيود التي ترد على حرية الدولة في مجال تنظيم الجنسية ثم انّ التجنس رغبة تصدر من أفراد هم في الغالب يحملون جنسيات دول أخرى، ويهدفون إلى تغيير جنسياتهم، وهذا التغيير أصبح حقا معترفا به في المجتمع الدولي المعاصر[30]، وبالتالي فإنّ التجنس لا يتم الاّ باجتماع ارادتين، ارادة الفرد وارادة الدولة فالإرادة المنفردة وحدها لا تكفي، فالفرد بإرادته وحدها لا يستطيع الزام الدولة بمنحه جنسيتها، والدولة بإرادتها المنفردة لا تستطيع الزام الفرد بقبول هذه الجنسية[31]، وفي ذلك يقرّر القضاء في مصر أنّ "التجنس عمل إرادي من جانب الدولة تمنح به الجنسية، فلا يتم التجنس إلاّ بتوافق إرادتي الفرد والدولة"[32]، هذا ويتم التعبير عن الإرادة في صورة طلب يتقدم به الراغب في التجنس إلى السلطة المختصة في الدولة التي ينشد حمل جنسيتها ويشترط في التعبير أن يكون صريحا، فالتجنس لا يقع بطريقة ضمنية ولا يتم فرضه كما في الجنسية الأصلية، فهو ليس حقا لطالبه يحصل عليه بقوة القانون وإنّما هو منحة من الدولة يتعين عليه أن يطلبه منها[33].  

            وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك بعض القوانين تفرّق بين نوعين من التجنس في هذا الشأن، أولهما يسمى بالتجنس الإرادي، وهو التجنس الذي يجب أن يطلب من الفرد وفقا للخاصية محل الدراسة، وثانيهما يسمى بالتجنس التلقائي، وهو الذي يتم بدون حاجة إلى طلب من الشخص المعني، على غرار ما أخذ به قانون الجنسية الأرجنتينية لسنة 1954  في مادته التاسعة التي تنص على "الأجنبي الذي يكون قد أقام في الأرجنتين مدة خمس سنوات بصفة مستمرة ولا يتوفر في شأنه مانع من الموانع المنصوص عليها في المادة 11 يكسب الجنسية الأرجنتينية بالتجنس تلقائيا، ويجوز للأرجنتيني رفض التجنيس التلقائي" وهذا النوع من التجنس منتقد بشدة بسبب إهمال الإرادة الصريحة للفرد، على الرغم من منحه مكنة رفض هذا التجنس التلقائي[34].


    الفـرع الرابـع

    التجنس لا يرتد أثره إلى الماضي

            تثبت الجنسية المكتسبة لطالبها بطريق التجنس من تاريخ صدور القرار بمنحها من طرف السلطة المختصة في الدولة، ولا يرتد أثرها للماضي وذلك خلافا للجنسية الأصلية التي تكتسب فور واقعة الميلاد وبسببه، وإذا تمّ إثبات الميلاد في تاريخ لاحق فإنّ أثرها يرتد إلى تاريخ الميلاد[35].  

    وعليه فإنّ أهم خصائص ومميزات التجنس أنّه منحة تفضلية سيادية تجود بها الدولة على من يرغب في حمل جنسيتها، وتخضع لتقديرها المطلق وفقا لنظام قانوني مسبق تنشئه بإرادتها المنفردة، ولا يتم اعتباره بأي حال من الأحوال رابطة قانونية تنشأ بتلاقي إرادتين على أنّ ذلك لا يعني أبدا أنّ هذه الجنسية تثبت من تلقاء نفسها أو تفرض فرضا، بل يجب أن تطلب وتلتمس من طرف الراغب بها، الذي لا يمكن أن تثبت له إلاّ من تاريخ صدور قرار بذلك من الجهات المختصة في الدولة.

    المطلب الثالث

    الطبيعة القانونية للتجنس

    اختلف الفقه بخصوص تحديد الطبيعة القانونية للتجنس، فمنهم من ذهب الى اعتباره عقد يتم ابرامه بين الفرد والدولة (فرع أول)، ومنهم -وهو الاتجاه الراجح- من ذهب الى اعتباره نظاما قانونيا تضعه الدولة بإرادتها المنفردة (فرع ثان).


    الفـرع الأول

    التجنس عقد بين الفرد والدولة

    يذهب جانب من الفقه الى اعتبار التجنس عقد بين الشخص طالب التجنس والدولة المراد اكتساب جنسيتها بالشكل المتعارف عليه فنيا في القانون المدني، وذلك لكون أنّ الجنسية لا تثبت بمقتضى التجنس الاّ بطلبها والتعبير عن الرغبة الصريحة من جانب الفرد الذي يريدها، وارادة هذا الأخير غير كافية لوحدها، بل لا بد أيضا من ارادة تقابلها وهي ارادة الدولة صاحبة الجنسية المنشودة، وموافقتها على منح جنسيتها، فكأنّ التجنس عمل قانوني يقوم على التراضي جوهره توافق وتطابق ارادتين، ويرتّب أثرا قانونيا هو صيرورة الفرد عضوا في شعب الدولة[36].

    وقد استند جانب من الفقه الى هذا التحليل ليكيّف التجنس على أنه ذو طبيعة تعاقدية بل واعتباره عقدا حقيقيا بين الفـرد والدولة، فقد ذهب الفقيه الفرنسي "Frantz Despagnet" الى القول بأنّ "التجنس هو عقد حقيقي بين المتجنس الذي يطلب جنسية بلد معين، مع اشتراط تحمله لأعبائها، وبين الدولة التي تمنحها له، مع تعهدها بحمايته كأحد وطنييها" وينضم لهذا الرأي الأستاذ "رينيه فوانييه" " René VANIER" الذي كتب يقول أنّ "للتجنس طابع رضائي بحت فهو نوع من العقد، يستلزم الارادة المتبادلة لمن يطلبه والدولة التي تمنحه"[37]

                 وقد تعرض هذا الاتجاه الفقهي لانتقادات حادة لضعفه وفساد استدلاله ومجافاته للحقيقة القانونية، فالتجنس بمفهومه العضوي -والسالف التطرق اليه- نظام قانوني تضعه الدولة بإرادتها المنفردة لتنظّم بمقتضاه كيفية منح الجنسية الوطنية لمن يطلبها من الأفراد الذين ينتمون بحسب الأصل إلى دولة أجنبية[38]، ومهما يكن لإرادة الفرد دورا ومكانا في شأن التجنس فهي يقينا لا ترقى بأي حال من الأحوال الى مكانتها المتعارف عليها في النظرية العامة للعقد التي تضمنها القانون المدني.

                 ثم انّه وإن كان لا يوجد أحد ينكر دور ارادة طالب التجنس في اكتسابه للجنسية التي ينشدها، الاّ أنّه بالرغم من ذلك فإنّ هذا الدور يقتصر فقط على مجرد قبول الدخول في نظام قانوني سيادي ينبع من كيان الدولة وسيادتها، فدور ارادة الفرد هنا اشبه ما يكون بدور العمل الشرطي المتطلب توافره للاستفادة من نظام قانوني موضوع سلفا من الدولة[39].

                 واضافة لكل ذلك فإنّه لا يمكن تفسير الطلب الذي يقدّمه الأجنبي للمصالح المختصة لقبوله أو رفضه بأنّه قبول للإيجاب المعروض عليه من قبل الدولة التي يريد اكتساب جنسيتها، حتى نقول أنّه يبرم اتفاقا مع هذه الاخيرة لإضفاء صفتها عليه، وانّما هو مجرد اجراء شكلي يفيد من خلاله فقط الكشف عن شعوره الحقيقي ازاء شعب هذه الدولة ليصبح متمتعا بجنسيتها متى ايقنت بصدق هذا الشعور النابع منه[40].

           وأخيرا يبدوا جليا خطأ هذا الاتجاه فيما ذهب اليه وبالخصوص اذا ادركنا أنّ الفقه الذي يعتبر أنّ فكرة الجنسية ذاتها عقدا، عاد ليعترف أن التجنس عمل سيادي وتقديري للسلطة العامة وبالتالي يبتعد كلية عن فكرة العقد.

    الفـرع الثانـي

    التجنس نظام قانوني تضعه الدولة بإرادتها المنفردة

    يذهب الفقه الراجح[41] (وهو الاتجاه الذي نؤيده ونأخذ به) الى أنّ التجنس نظام قانوني تنشئه الدولة بإرادتها المنفردة ولا يتم اعتباره بأي حال من الأحوال رابطة قانونية تنشأ بتلاقي إرادتين، فنجد أنّ الدولة هي من تنظّم اكتساب الجنسية بطريق التجنس بواسطة تشريع، فيتم التحديد المسبق للشروط الواجب توافرها في طالب التجنس حسب ما تقتضيه مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتتوقف إرادة الأجنبي على مجرد إبداء رغبته في الحصول على جنسية تلك الدولة بتقديمه طلب لذلك بعدما يكون قد حصّل جميع الشروط اللازمة لذلك، وإبداء الرغبة أو الإرادة من جانب الفرد من جهة، واستجابة الدولة لذلك من جهة أخرى لا يؤدي بأي شكل من الأشكال إلى وجود عقد بالمعنى الفني بل إلى وجود صفة تسبغها الدولة تفيد بانتماء ذلك الفرد إليها، وانضمامه إلى جماعتها الوطنية، ثم إنّ التحديد المسبق للشروط اللازمة للتجنس عن طريق قانون لا يعد أبدا بمثابة إيجاب عام من الدولة موجه للكافة، كما كان يعتقد الفقه التقليدي الذي كيّف رابطة الجنسية على أنّها رابطة تعاقدية يترتب عليها التزامات متقابلة يصبح بمقتضاها طالب التجنس وطنيا ملزما بالأعباء التي تفرضها عليه هذه الصفة في مقابل مجموعة من الحقوق التي تكفلها له الدولة[42].

    وعليه فإنّ التجنس نظام قانوني تنشئه الدولة بإرادتها المنفردة، فتحدّد شروطه واجراءاته ومختلف احكامه سلفا، وما على الافراد الذين يريدون الاستفادة منه الاّ ابداء رغبتهم في ذلك عن طريق طلب يوجه الى السلطات المختصة بمسائل الجنسية عموما في الدولة.


     

     

     



    [1] أنظر فيما يلي: ص  160 وما يليها من هذه الرسالة.

    [2] يستعمـل المشرع المغربي في الفصل 11 وفصول أخرى من الظهير الشريف رقم 1.58.250 خاص بسن قانون الجنسية المغربية 

      مصطلح التجنيس بدل التجنس دون أن يكون لذلك دلالات مغايرة أو آثار مختلفة.

    [3] عرّف المشرع الجزائري الأجنبي في المادة 03 من القانون رقم 11-08 المؤرخ في 25/06/2008 ( المنشور في الجريدة الرسمية   

      للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، عـدد 36، 2008) يتعلق بشروط دخول الأجانب إلى الجزائر وإقامتهم بها وتنقلهم فيهـا

      بقوله " يعتبر أجنبيا كل فرد يحمل جنسية غير الجنسية الجزائرية أو الذي لا يحمل أية جنسية".

    [4] أحمد عبد الكريم سلامة، المبسوط في شرح نظام الجنسية، بحث تحليلي انتقادي مقارن، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة

      1993، ص ص 480-481؛ علي علي سليمان، مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري، الطبعة الخامسة، ديوان المطبوعات

      الجامعية، الجزائر، 2008، ص 195.

    [5] CF: Henri BATIFFOL, Paul LAGARDE, Droit international privé, 8 édition. Tom 1,Librairie générale de droit et de  jurisprudence, Paris, 1993, p 65. 

    [6] أعراب بلقاسم، القانون الدولي الخاص الجزائري، الجزء الثاني، تنازع الاختصاص القضائي الدولي، الجنسية، الطبعة الخامسة، دار

      دار هومه، الجزائر، 2008، ص 119.

    [7] عز الدين عبد الله، التجنس، دراسة مقارنة في القانون الوضعي، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة عين شمس

      مج 6، ع 1، 1964، ص 34.

    [8] سعيد يوسف البستاني، الجامع في القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 183.

    [9] غالب علي الداودي، المرجع السابق، ص 160.

    [10] عز الدين عبد الله، دراسات في القانون الدولي الخاص الكويتي، تشريع الجنسية الكويتية، مجلة مصر المعاصرة، مج 66، ع 361

      مصر، 1975، ص 303.

    [11] شمس الدين الوكيل، الموجز في الجنسية ومركز الأجانب، الطبعة الثالثة، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، 1968، ص 151.

    [12] محمد كمال فهمي، أصول القانون الدولي الخاص، الجنسية، الموطن، مركز الأجانب مادة التنازع، الطبعة الأولى، مؤسسة الثقافـة

      الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2006، ص 176.

    [13] CF: Mariel REVILLARD, Droit international privé et communautaire, pratique notariale, septième édition, Defrénois, paris, 2010, p 36.   

    [14] محمد سعادي، القانون الدولي الخاص وتطبيقاته في النظـام القانوني الجزائري، الطبعة الأولى، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، القبة

      القديمة، الجزائر، 2009 ، ص 254.

    [15] محمد السيد عرفة، القانون الدولي الخاص، المرجع السابق، ص 77.

    [16] المرجع نفسه، ص ص 77-78.

    [17] أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع السابق، ص  ص 482-483.

    [18] السيد عبد المنعم حافظ السيد، أحكام تنظيم الجنسية، الطبعة الأولى، مكتبة الوفاء القانونية، الاسكندرية، مصر، 2012، ص 190.

    [19] أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع السابق، ص 485.

    [20] زروتي الطيب، الوسيط في الجنسية الجزائرية، مرجع سابق، ص ص 327-328؛ وانظر أيضـا: أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع

      السابق، ص ص 485-486.

    [21] CF: Henri BATIFFOL, Paul LAGARDE, 8 éd, op.cit , p 173؛ 

    - وأنظـر أيضا: لحسين بن شيخ آث ملويا، قانون الجنسية الجزائرية، دراسة نظـرية وتطبيقية مقارنة، الطبعة الأولى، دار الخلدونية

       القبة القديمة، الجزائر، 2010، ص 82.

    [22] CF: Yvon Loussaourn, Pièrre Bourel, Droit international  privé, deuxième édition, Dalloz, Paris, 1980 , p 702. 

    [23] من ذلك أيضا نص المادة 04 من قانون الجنسية المصري الحالي بقولها "يجوز بقرار من وزير الداخلية منح الجنسية المصرية ...".

    [24] هـذا وقد عبّر القضاء في كثير من الدول على طابع المنحة الإرادية السيادية في التجنس، على غـرار ما قضت به محكمة القضاء

    الإداري المصرية في حكم لها صادر بتاريخ: 07/02/1956 قضية رقم 14، بقولها " أنّ التجنس يقوم على عمل إرادي من جانب  الدولة تمنح به الجنسية لطالبها"، وقد سبقت ذلك في حكم آخر لها بتاريخ: 26/12/1950 قضية رقم 437، بقولها "منح الجنسية   المصرية عن طريق التجنس أمرا جوازيا للحكومة إن شاءت منحته وان شاءت منعته، مما يدل على أنّها تملك في هذا الصدد سلطة   تقديرية لا تخضع لرقابة المحكمة مادام قرارها غير مشوب بإساءة استعمال السلطة"، وهو قول ردّدته المحكمة الإدارية العليا في   حكمها الصادر بتاريخ 13/04/1969؛ أنظر: أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع نفسه، ص ص 486-487.

         ومن ذلك أيضا حكم محكمة التمييز اللبنانية في قرار لها بتاريخ 25/05/1973 تحت رقم 65، حيث نص "إنّ التجنس هو إعطاء

      الجنسية منحة لأجنبي يطلبهـا"، أنظر: عكاشة محمد عبد العال، الوسيط في أحكام الجنسية، مرجع سابق، هامش رقم 1، ص 457.

    [25] من ذلك تشريع الجنسية الأرجنتينية لسنة 1954، حيث تقضي المادة 09 منه علـى "الأجنبي الذي يكـون قد أقام في الأرجنتين مدة  

    خمس سنوات بصفة مستمرة ولا يتوافر في شأنه مانع من الموانع المنصوص عليها في المادة 11 يكتسب الجنسية الأرجنتينية   بالتجنس تلقائيا"، أنظر: أعراب بلقاسم، المرجع السابق، هامش رقم 1، ص 118.

    [26] أحمد عبد عشوش، عمـر أبو بكـر باخشب، الجنسية والموطن ومركز الأجانب فـي دول مجلس التعاون الخليجي "مركز الأجانب"

      دراسة مقارنة، مطبعة وتجليد النسر الذهبي، القاهرة، بدون سنة نشر، ص 188.

    [27] عطار المختار، التجنيس في القانـون الدولي الخاص المغربي، المجـلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، كلية العلـوم القانونية   والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، المغرب، عدد 10، 1988، ص 91.

    [28] من ذلك نص المادة 07 من قانون الجنسية اليمني لسنة 1975 الذي سقّف الحد الأقصى لعـدد الأجانب الذين يمكن تجنيسهم ب 75

    شخص سنويا، وكذا نص المادة 04 من قانون الجنسية الكويتية الصادر في 1959 والمعدل بالقانون رقم 02 لسنة 1960 والتي تنص  والتي تنص على "ولا تمنح الجنسية الكويتية طبقا للأحكام السالفة الذكر لعدد يزيد عن خمسين شخصا في السنة الواحدة، وتؤلف لجنة  من الكويتيين تعين بقرار من رئيس دوائر الشرطة  والأمن العام، تكون مهمتها اختيار من تقترح منحهم الجنسية الكويتية فـي حدود هذا العدد من بين طالبي التجنس، وتراعي هذه اللجنة في اختيارها أن يكون طالب التجنس على كفاية فنية تحتاج إليها الكويت"، وكذا ما نصت عليه المادة 17 من القانون رقم 38 لسنة 2005 بشأن الجنسية القطرية والتي نصت على "لا تمنـح الجنسية القطرية طبقا   لأحكام المواد 2،3،4،5،6، من هذا القانون لعدد يزيد عن خمسين شخصا في السنة الواحدة".

    [29] أحمد محمد الهواري، المرجع السابق، ص ص 93-94.

    [30] تنص الفقرة 2 من المادة 15 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على "2- لا يجـوز حرمان شخص مـن جنسيته تعسفا أو انكار

      حقه في تغييرها".

    [31] سامي بديع منصور، أسامة العجوز، القانون الدولي الخاص، الطبعة الثالثة، منشورات زين الحقوقية، بيروت، لبنان، 2009، ص567.

    [32] حكم صادر عن محكمة القضاء الإداري في مصر مؤرخ في: 07/02/1956، وكذا قرار صادر عن محكمة التمييز اللبنانية رقم 65  

      بتاريخ: 25/05/1973، والذي قالت فيه "إنّ التجنس هـو إعطـاء الجنسية منحة لأجنبي يطلبها"، أنظـر: عكاشة محمد عبد العال

      الوسيط في أحكام الجنسية، مرجع سابق، ص 456.

    [33] جمال محمود الكردي، الجنسية في القانون المقارن، الطبعة الأولى، دار النهضة المصرية، القاهرة، 2005، ص 47.

    [34] عطار المختار، المرجع السابق، ص 92.

    [35] أحمد عبد عشوش، عمر أبو بكر باخشب، المرجع السابق، ص 186؛ صوفي حسن أبو طالب، الوجيـز في القانون الدولي الخاص  

      (فـي القانون المصري واللبناني)، الجـزء الأول (الجنسية، الموطن، مركز الأجانب)، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، 1972

      ص 195.

    [36] أنظر: محمد التغدويني، الوسيط في القانون الدولي الخاص، الطبعة الثالثة، مطبعة آنفو – برانت، فاس، المغرب، 2009، ص 140.

    [37] أنظر: أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع السابق، ص 484.

    [38] أنظر فيما سبق: ص 23.

    [39] أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع السابق، ص 484.

    [40] محمد التغدويني، المرجع السابق، ص 142.

    [41] من ذلك: زروتي الطيب، الوسيط فـي الجنسية الجزائرية، مرجع سابق، ص ص 327-328؛ محمد التغدويني، المرجع نفسه، ص

      ص 140-141 .

    [42] زروتي الطيب، الوسيط في الجنسية الجزائرية، مرجـع سابق، ص ص 327-328؛ أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع السابق، ص

      ص 485-486.


  • اكتساب الجنسية الجزائرية بطريق الزواج المختلط

    جامعة محمد بوضياف المسيلة

    كلية الحقوق والعلوم السياسية

                                                           قسم الحقوق

    . . .

    المقياس: القانون الدولي الخاص (الجنسية الجزائرية)

    السنة: الثالثة ليسانس حقوق (خاص)، السداسي السادس

    الفئة المستهدفة: طلبة السنة الثالثة ليسانس حقوق (قانون خاص).

    الحجم الساعي الأسبوعي: أربع ساعات ونصف (4,5)

    إعداد الدكتور: بوخروبة حمزة (أستاذ محاضر قسم "ب")

    عنوان الدرس: اجراءات واثار اكتساب الجنسية الجزائرية بطريق الزواج.

    الهدف العام للدرس: يتمثل الهدف العام للدرس في تعريف الطالب الاجراءات الواجب اتباعها  لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج بجزائري وكذا الاثار المترتبة على ذلك

    الاهداف الخاصة للدرس

    الهدف الأول: أن يتعرف الطالب على الاجراءات الواجب اتباعها  لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج بجزائري 
    الهدف الثاني: أن يتعرف الطالب على الاثار الفردية الجماعية المترتبة على الزواج بطرف جزائري

     

     
    مضمون الدرس:

    على غرار اكتساب الجنسية الجزائرية بطريق التجنس، فقد ألـزم المشرع الجزائري الشخص الراغب فـي اكتساب الجنسية الجزائرية بطريق الزواج المختلط والذي حصّل الشروط القانونية التي تطلبتها المادة 09 مكرر من قانون الجنسية الجزائرية المعدل والمتمم الزمـه المرور علـى جملة من الإجراءات الادارية اللازمة لتحقيق مبتغاه هذا (مبحث أول).

    هذا ويترتب على صدور قرار بالموافقة على طلب اكتساب الجنسية الجزائرية بطريق الزواج المختلط في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية نشوء مركز قانونـي للمسترد تتعلق به اثار قانونية وسياسية تخصه شخصيا، كما قد تتأثر به أسرته، كما قد يؤدي بطلان الزواج أو انحلاله الى التأثير على الجنسية المكتسبة بسببه (مبحث ثان). 


    المبحث الأول

    إجراءات اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج

    فرض قانون الجنسية الجزائرية المعدل على الأجانب (رجال ونساء) المتزوجين بجزائريين والذين تتوافر فيهم كل الشروط القانونية التي نصّت عليها المادة 09 مكرر من نفس القانون فرض عليهم المرور على مجموعة من الاجراءات الادارية الضرورية التي نصّت عليها المواد 25، 26، 27 و29 من نفس القانون من أجل منحهم الجنسية الجزائرية بسبب الزواج، فالمشرع الجزائري كما سلف بيانه اعتنق كأصل عام مبدأ استقلالية الجنسية في الأسرة، وبالتالي فإنّ الزواج بوطني لا يؤثر على الجنسية بشكل مباشر، بل يجب تقديم طلب مشفوع بالعقود والوثائق والمستندات التي تثبت استيفاء الشروط القانونية الـى وزارة العدل باعتبارها الجهة التي عهد لها القانون سلطة الفصل في ذلك الطلب.

    وتجدر الإشارة مسبقا الى أنّ المشرع الجزائري وحّد الإجراءات الإدارية المتبعة لاكتساب الجنسية الجزائرية سواء عن طريق الزواج أو التجنس، حيث نظّم ذلك في الفصل الخامس من قانون الجنسية الجزائرية المعدل والمتمم بموجب الأمر 05-01 تحت عنوان "الاجراءات الادارية"، دون أن يميّز في ذلك بين طرق الاكتساب المختلفة، وبما أنّنا تطرقنا بالتفصيل لهذا الموضوع في الباب الأول، تحت عنوان "اجراءات اكتساب الجنسية الجزائرية بطريق التجنس" فإننا نحيل الأمر الى ما تناولناه سابقا[1]، ونكتفي هاهنا بمختصر عن الموضوع مع التطرق الى بعض الاختلافات البسيطة التي تميز الاجراءات المتبعة بخصوص اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج، فنتطرق بداية الى الملف اللازم لذلك (مطلب أول)، ثم نتطرق الى موضوع الفصل في الطلب المقدم من الزوج الأجنبي لاكتساب الجنسية الجزائرية (مطلب ثان).


    المطلب الأول

    ملف طلب اكتساب الجنسية الجزائرية بطريق الزواج.

    توصلنا فيما سبق إلى أنّ المشرع الجزائري رتّب على الزواج المختلط الذي يكون أحد أطرافه جزائريا ابتداء أثرا غير مباشر في جنسية الطرف الآخر، من خلال امكانية منحه الجنسية الجزائرية اذا استوفى مجموعة الشروط القانونية التي تضمنتها المادة 09 مكرر من قانون الجنسية الجزائرية المعدل والتي سبق التطرق لها[2]، وعلّق ذلك على ارادة هذا الزوج الأجنبي، من خلال اشتراط تقدمه بطلب يعبّر فيه صراحة عن رغبته في اكتساب جنسية زوجه الجزائري الى وزارة العدل التي عهد لها المشرع الجزائري بالفصل في طلبات اكتساب الجنسية الجزائرية بصفة عامة سواء عن طريق الزواج المختلط أو التجنس أو الاسترداد، ويجب أن يشتمل هذا طلب على البيانات والمعلومات الضرورية التي تبيّن الحالة الشخصية والعائلية لطالب التجنس، ومصحوبا بالعقود والوثائق والمستندات التي من شأنها إثبات استيفاء الشروط القانونية اللازمة لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج، وذلك ما نصّت عليه المادة 25 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل والمتمم[3].

    ولعلّ أهم البيانات التي يجب أن يشتمل عليها طلب التجنس بالجنسية الجزائرية هي تحديد حالة الطالب العامة وحالته المدنية، من ذلك اسمه ولقبه واسم شهرته وتاريخ ومكان ميلاده، ومهنته، وجنسيته التي يحملها عند تقديم الطلب، ومحل اقامته بالجزائر ومدتها وتاريخ بدئها، وحالته العائلية، بذكر اسم زوجه الجزائري ولقبه وتاريخ ومكان ولادته ومهنته، وتاريخ الزواج، وكذا أسماء الأبناء وتاريخ ومكان ولادة كل منهم إن وجدو بالإضافة إلى اسماء الوالدين وتاريخ ومكان ولادة كل منهما، وجنسيتهما، كما يوضح في الطلب سبب رغبته في اكتساب الجنسية الجزائرية، ويبيّن إن سبق له وأن تقدم بطلب سابق ونتيجة ذلك، والأساس القانوني الذي يستند اليه في طلبه، ومن الدول من تشترط ضمن البيانات الضرورية تحديد ديانة الشخص[4].

    ويوقع على الطلب من المعني ويوجه إلى وزارة العدل، أو يوقع عليه أمام الموظف المختص بتلقيه الذي يثبت فيه أيضا تاريخ تقديمه واسمه ولقبه وصفته، مقابل إيصال بذلك يسلم لمقدمه، أو يرسل عن طريق البريد المضمّن مع الاشعار بالوصول.        

           هذا وتقضي المادة 25 من قانون الجنسية الجزائرية السالفة الذكر بوجوب أن يكون الطلب مرفقا بمجموعة العقود والوثائق والمستندات التي تثبت استيفاء الشروط القانونية اللازمة، والمقصود هنا هي الشروط التي تضمنتها المادة 09 مكرر من نفس القانون، وتضمن الموقع الالكتروني لوزارة العدل الجزائرية[5] تلك الوثائق والمستندات الواجب ارفاقها مع الطلب، والتي تتمثل في الآتي:

    - نسخة من عقد الميلاد.
    -
    نسخة من سجل عقد الزواج.
    -
    نسخة من صحيفة السوابق القضائية رقم 03.
    -
    شهادة الجنسية الجزائرية خاصة بالزوج أو الزوجة.
    -
    شهادة الإقامة رقم: 04 صادرة عن المصالح المختصة.
    -
    ثلاثة (03) صور فوتوغرافية لتحقيق الهوية.
    -
    شهادة عمل أو نسخة من السجل التجاري.
    -
    مستخرج من مصلحة الضرائب (شهادة عدم الخضوع للضريبة).

    كما أضافت المادة 27 في فقرتها الأولى من نفس القانون، إمكانية تقديم الأجنبي لطلب صريح يبدي من خلاله رغبته في تغيير اسمه ولقبه.

    هذا وتجدر الاشارة الى أنّ المادة 12 من قانون الجنسية الجزائرية لسنة 1963 كانت تشترط في المرأة الأجنبية التي تود اكتساب جنسية زوجها الجزائري ضرورة الاعلان صراحة عن تخليها عن جنسيتها السابقة[6]، كما تضمنت المادة 03 من قانون الجنسية الجزائرية لسنة 1970 شرط تقديم تصريح بالتخلي عن الجنسية الأصلية من طرف الاجنبي الذي طلب اكتساب الجنسية الجزائرية[7]، غير أنّ هذا القيد تمّ رفعه بموجب التعديل الذي مسّ قانون الجنسية الجزائرية الصادر بالأمر 05-01 وأصبحت الجزائر بموجبه لا تجد حرجا في تعدد الجنسيات.

    وتستطيع الجهات الادارية المختصة من خلال هذه الوثائق والمستندات التأكد من أنّ طالب الجنسية قد استوفى جميع شروط المادة 09 مكرر، وفي مقدمتها شرط زواج الأجنبي (رجل أو امرأة) من طرف جزائري والذي يثبت بنسخة من سجلات عقد الزواج أو عن طريق حكم قضائي في حالة عدم تسجيله، وكذا شهادة الإقامة التي تثبت الإقامة المعتادة والمنتظمة لمدة سنتين على الأقل قبل تقديم الطلب، بالإضافة إلى حسن السيرة والسلوك الذي يظهر من خلال صحيفة السوابق القضائية رقم 03، وأخيرا شهادة العمل أو نسخة من السجل التجاري التي تبرّر وسائل ارتزاق الزوج الأجنبي طالب الجنسية.

           وبعد استيفاء الملف لجميع الوثائق والمستندات اللازمة يوجه بمعية الطلب الى وزير العدل باعتباره الجهة المختصة بمادة الجنسية في الجزائر بناء على نص المادة 25 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل والمتمم إلى وزير العدل.

    المطلب الثانـي

    الفصل في طلب اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج

    بعد أن يقوم الزوج الأجنبي الراغب في اكتساب جنسية زوجه الجزائري بتقديم طلبه مدعما بالوثائق والمستندات اللازمة لدى وزارة العدل باعتبارها جهة الإدارة المختصة بشؤون الجنسية بصفة عامة، وبعد أن تقوم هذه الأخيرة بإجراءات التحقيق والتحري اللازمة في مثل هذا الشأن بغية التأكد من توافر الشروط المتطلبة قانونا والتي تضمنتها المادة 09 مكرر من قانون الجنسية الجزائرية المعدل، ولجهة الادارة في هذا الشأن سلطة تقديرية واسعة كفلها لها القانون، فلها إجراء عملية التحقيق والتحري فور تقديم الطلب، كما لها أن ترجئ ذلك للوقت الذي تراه مناسبا، وبخصوص المدة التي تترك لوزير العدل للفصل في الطلب فنشير أولا الى أنّ المادة 12 من قانون الجنسية الجزائرية لسنة 1963 كانت تقيّد الجهة المختصة بضرورة الفصل في الطلب في غضون ستة (06) أشهر من توجيه الطلب إلى وزير العدل، وإذا لم يصدر منها قرار برفض الطلب، فإنّ ذلك يعتبر قبولا ضمنيا شريطة أن لا يبطل أو يفسخ الزواج في هذه المدة[8].

    غير أنّ الأمر 05-01 المتضمن تعديل قانون الجنسية الجزائرية ألغى هذا الافتراض و لم يقيّد وزير العدل بمدة محددة يجب أن يبت خلالها في الطلب المرفوع إليه من طرف الزوج الأجنبي وإنّما ترك له المجال مفتوحا، وبالتالي استبعاد فرضية القبول الضمني بشكل مطلق، ومهما يكن من أمر فإنّه وفي كل الأحوال يجب أن يصدر رد صريح من طرف الوزير، على اعتبار أنّه ملزم قانونا بالفصل في الطلب واتخاذ القرار الملائم والذي لا يخرج مضمونه عن احدى الصور الاتية: عدم القبول أو الرفض، أو الموافقة.[9]

    فعدم القبول يكون حسب نص المادة 26/1 من قانون الجنسية الجزائري المعدل يكون في حالة عدم توافر شرط أو أكثر من الشروط التي تضمنتها المادة 09 مكرر من نفس القانون مع وجوب تعليل هذا القرار وتبليغه للمعني[10]، مع مكنة الطعن فيه بالإلغاء أمام مجلس الدولة على اعتبار أنّه قرار اداري صادر عن جهات ادارية مركزية، وذلك في المواعيد المعمول بها قانونا للطعن في القرارات الادارية حسب قانون الاجراءات المدنية والادارية[11] وطبعا فإنّ النتيجة التي تصدر في هذا الطعن في حالة تأسيسه تتوقف على الغاء القرار القاضي بعدم  قبول الطلب، دون أن يقضي بمنح الجنسية.

    أمّا قرار الرفض فهو الصورة التي تفصح فيها الجهة المختصة عن موقفها برفضها منح جنسيتها لطالبها ولو استوفى كل الشروط القانونية المتطلبة، وذلك بدون الحاجة لتعليل أو تسبيب قرارها، وبالتالي عدم جدارة الطالب للانضمام للجماعة الوطنية عن طريق قرار رفض يبلغ للمعني[12]، وهو تصرف نابع من السلطة التقديرية المطلقة لوزير العدل في هذا الشأن، وهذا القرار هو الآخر -تطبيقا للقواعد العامة- يجوز الطعن فيه أمام مجلس الدولة في الحالة التي تتعسف فيها جهة الادارة فتتجاوز حدود السلطة الممنوحة لها، لكن ذلك أمر يستلزم اثبات عدم مشروعية الباعث في القرار، وهو أمر من العسير جدا اثباته، ثم أنّه حتى لو افترضنا جدلا اثبات الدافع غير المشروع وبالتالي الغاء قرار الرفض قضائيا، فإنّ ذلك لا يغيّر من النتيجة شيئا مادام الطلب الجديد يبقى دائما خاضعا للسلطة التقديرية للجهة الادارية المختصة.

    كما يمكن أن يتمثل قرار وزير العدل في قبول الطلب وهو قرار إيجابي بالموافقة على منح الجنسية الجزائرية بطريق الزواج لطالبها، إذا تأكد من توافره على الشروط التي يتطلبها القانون واقتضت ذلك المصلحة العامة، واستوثقت من قابليته للاندماج في الجماعة الوطنية واقتنعت بجدارة المعني للاشتراك والانتماء إلى عضوية شعب الدولة[13].

    ويكون منح الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج حسب نص المادة 09 مكرر من قانون الجنسية الجزائري المعدل بموجب مرسوم، وإن كانت هذه المادة لم توضح طبيعة هذا المرسوم على غرار التجنس الذي يمنح بموجب مرسوم رئاسي حسب نص المادة 12 من نفس القانون، لكن مع ذلك نعتقد أنّ نوع المرسوم الذي ذكرته المادة هو مرسوم رئاسي لأنّ الأمر يتعلق في كلتا الحالتين بدخول شخص أجنبي في الجنسية الجزائرية.

    هذا ويمكن للمستفيد من اكتساب الجنسية الجزائرية بطريق الزواج المختلط أن يطلب تغيير اسمه ولقبه في مرسوم الاكتساب[14]، كما يمكن تغييرهما حتى بدون طلبـه عن طريق أمر من النيابة العامة[15]، ونعتقد أنّ هذه الحالة تكون اذا كان اسمه لا يمت بصلة للأسماء الجزائرية أو كان ينطوي على لكنة أجنبية تعيق اندماجه في المجتمع الجزائري تطبيقا لنص المادة 28 فقرة 02 من القانون المدني الجزائري التي تنص " يجب أن تكون الأسماء جزائرية وقد يكون خلاف ذلك بالنسبة للأطفال المولودين من أبوين غير مسلمين"، ثم يؤشر ضابط الحالة المدنية بيانات الزواج المختلط في سجلات الحالة المدنية.

    وتنتهي هذه الإجراءات في الحالة التي يكون فيها قرار وزير العدل بالموافقة على طلب الزوج الأجنبي بدخوله للجنسية الجزائرية بنشر هذا القرار في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وذلك ما تضمنته المادة 29 من قانون الجنسية الجزائرية[16].  


    المبحث الثاني

    آثار اكتساب الجنسية الجزائرية بطريق الزواج المختلط

    على غرار الآثار الفردية والجماعية التي تطرقنا لها في الفصل الثالث من الباب الأول لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق التجنس فإنّه يترتب أيضا على صدور قرار بالموافقة على دخول الزوج الأجنبي (رجل أو امرأة) في الجنسية الجزائرية بسبب الزواج من وطني أو وطنية على النحو السالف بيانه، نشوء مركز قانوني لهذا الزوج الأجنبي تتعلق به آثار قانونية وسياسية تخصّه شخصيا، كما قد تتأثر به أسرته، لذلك سنتناول في هذا المبحث الآثار الفردية لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج في (مطلب أول)، ثم الآثار الجماعية لهذا الاكتساب في (مطلب ثان)، ولا يفوتنا أن نعرّج على مسألة أثر بطلان عقد الزواج وانحلاله على الجنسية المكتسبة بسببه في (مطلب ثالث).

     

    المطلب الأول

    الآثار الفردية لاكتساب الجنسية الجزائرية بطريق الزواج

    يترتب على اكتساب الزوج الأجنبي (رجل أو امرأة) لجنسية زوجه الجزائري نتيجة الزواج المختلط صيرورة هذا الأجنبي وطنيا يتمتع بكافة الحقوق المدنية والسياسية المتعلقة بالصفة الجزائرية، فله حق التملك وتولي الوظائف العامة والانتفاع بكافة المزايا الصحية والاجتماعية، كما لا يجوز تسليمه الى دولة أجنبية اذا ارتكب جريمة[17]، ولا يجوز ابعاده عن اقليم الدولة، ويصبح القانون الجزائري هو قانونه الشخصي الواجب التطبيق على منازعات أحواله الشخصية، وينعقد الاختصاص للمحاكم الجزائرية بالنظر في المنازعات التي يكون فيها مدعي أو مدعى عليه، وذلك طبقا للمادتين 41 و42 من قانون الاجراءات المدنية والادارية الجزائري، كما منحه المشرع الجزائري مكنة تغيير اسمه ولقبه، وفي مقابل ذلك يتحمل كافة الأعباء والالتزامات الملقاة على عاتق الوطنيين كأداء الخدمة العسكرية ودفع الضرائب والرسوم وما الى ذلك[18]، كل ذلك من تاريخ اكتساب الجنسية الجزائرية بصدور المرسوم القاضي بقبول الطلب فـي الجريدة الرسمية اذ لا يمتد هذا الأثر الى الماضي أو الى تاريخ ابرام عقد الزواج[19]

           هذا ولا يختلف الأمر سواء كان الزوج الجزائري -والذي بسبب الزواج منه اكتسب الأجنبي الجنسية الجزائرية- جزائريا أصيلا أو مواطنا طارئا، فالنظام الذي يخضع له هذا الزوج الأجنبي واحدا من حيث الآثار، وذلك يقتضي وضعه في مصاف الجزائريين الأصلاء، والتسليم له بنفس المركز القانوني الذي يخضعون له فور صدور مرسوم الاكتساب في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية (وذلك فيما عدا الترشح لمنصب رئيس الجمهورية طبعا)[20].

    ولأنّ الصفة الوطنية التي يكتسبها الزوج الأجنبي بسبب ارتباطه برابطة الزوجية من طرف وطني تقتضي كقاعدة عامة المساواة بينه وبين سائر الجزائريين في الحقوق والواجبات، وبما أنّ المشرع الجزائري قد اعتبر اكتساب الزوج الأجنبي للجنسية الجزائرية بطريق الزواج كالتجنس تماما فيما يخص الاثار الفردية على اعتبار أن المادة 15 من قانون الجنسية المعدل والمتمم تضمنت الاثار الفردية لاكتساب الجنسية الجزائرية بصفة عامة بغض النظر عن طريقة الاكتساب، فإنّ كل ما سبق ذكره بصدد الآثار الفردية للتجنس يصلح هنا أيضا ونكتفي بالإحالة اليه[21].

    غير أنّه تجدر الإشارة الى أنّ المادة 09 مكرر من قانون الجنسية الجزائرية النافذ لم تشترط في الزوج الأجنبي الذي قدّم طلبا لاكتساب الجنسية الجزائرية التخلي عن جنسيته السابقة من أجل اجابته لطلبه، وعليه يغلب فرض ظاهرة تعدد أو ازدواجية الجنسية، وهو ما من شأنه حرمان هذا الأجنبي من تقلد عدد من المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية، لكن ذلك ليس بسبب كونه مواطنا جديدا يجب أن يخضع لفترة ريبة أو تجربة للتأكد من صدق نواياه وجدارته للانضمام الى الجماعة الوطنية، بل بسبب واقعة ازدواجية الجنسية في حد ذاتها، وهذا الحرمان ليس معلقا على فترة محددة بل يبقى ما دام لم يتنازل الزوج الأجنبي عن جنسيته السابقة، هذا وأحصى القانون رقم 17-01 المؤرخ في 10/01/2017 قائمة المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية التي يشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها[22].

    وإلى جانب هذه الآثار الفردية المقررة للزوج الأجنبي الذي اكتسب الجنسية الجزائرية بواسطة الزواج، هناك أيضا آثار جماعية تتعلق بأولاده نتطرق لها في المبحث الموالي.                   

    المطلب الثانـي

    الآثار الجماعية لاكتساب الجنسية الجزائرية بطريق الزواج

    في الحقيقة لا نقصد بالآثار الجماعية هنا أثر دخول الزوج الأجنبي (رجل أو امرأة) في الجنسية الجزائرية بسبب الزواج على زوجه، لأنّه أصلا يحمل الجنسية الوطنية، وبسبب ارتباطه به برابطة الزوجية اكتسب هذا الأجنبي الجنسية الجزائرية وعليه فإنّ المقصود من الآثار الجماعية لاكتساب الزوج الأجنبي للجنسية الجزائرية نتيجة لزواجه بطرف جزائري فقط أثرها على جنسية أولاده، سواء الذين يولدون له من زوجه الجزائري، أو الذين يولدون له من زواجه السابق بطرف غير جزائري، فهل يكتسب هؤلاء الأولاد الجنسية الجزائرية تبعا (لوالدهم أو والدتهم) الذي اكتسب الجنسية الجزائرية؟.    

    وعليه سنتطرق في هذا المبحث الى آثار اكتساب الزوج الأجنبي للجنسية الجزائرية على أولاده من زوجه الجزائري في (فرع أول)، ثم نتطرق الى آثار ذلك على أولاده من زواج سابق بطرف أجنبي في (فرع ثان).

    الفــرع الأول

    آثار اكتساب الزوج الأجنبي للجنسية الجزائرية بالنسبة لأولاده من زوجه الجزائري

    نظرا للأهمية البالغة لجنسية الطفل كونها تعبّر عن هويته وانتمائه، وتمثّل جزء من حالته المدنية، حيث نصّت اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل[23] في المادة 07/1 منها على:  "يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية ويكون له قدر الامكان الحق في معرفة والديه... وتعد هذه الاتفاقية بمثابة قانون دولي ملزم للدول التي صادقت عليها أو التي انضمت إليها فيما بعد، إذ تسمو على القانون الداخلي، فهي أولى بالتطبيق في حالة تعارض أحكامها معه، وذلك ما أكده الدستور الجزائري المعدل في المادة 150 منه[24].

    لكن هذه الاتفاقية لم تفرض على الدول اختيار أساس محدد لمنح الجنسية للطفل حيث ربطت ذلك بالوسائل المقررة في القانون الداخلي لكل دولة، فالأصل أنّ العبرة في تحديد جنسية الطفل نسبته لأحد أبويه أو كلاهما معا حسب معيار الدم[25]، أو على أساس رابطة الإقليم[26] فتمنح للطفل جنسية مكان ميلاده، وتختلف سياسة الدول التشريعية في تبني أحد المعياريين أو الجمع بينهما.

    وأمّا عن موقف المشرع الجزائري من المسألة فنجده لم يرتّب أي أثر على جنسية الأولاد من جرّاء اكتساب أحد والديهما للجنسية الجزائرية عن طريق الزواج، سواء في المادة 20 من قانون الجنسية لسنة 1963[27] أو المادة 17 من قانون الجنسية رقم 70-86[28] المعدل بموجب مادة 05-01، فبالرجوع الى نص المادتين نجدهما لم  تتطرقا سوى للآثار الجماعية لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق التجنس على الأولاد القصّر للمتجنس ولعل عدم ترتيبه لأي أثر على جنسية الأولاد من جرّاء اكتساب أحد والديهما للجنسية الجزائرية عن طريق الزواج المختلط مقصود، مادام أنّه في ظل الأمر 05-01 وعملا بمبدأ المساواة التامة بين الرجل والمرأة في نقل الجنسية للأولاد التي كرّسها المشرع الجزائري في هذا التعديل يكون قد فتح طريق ثبوت الجنسية الجزائرية الأصلية بمجرد الانتساب إلى أم جزائرية أو أب جزائري على حد سواء، فأصبحت الأم الجزائرية مثلها مثل الأب الجزائري تنقل جنسيتها الأصلية أو المكتسبة لأبنائها بصفة مطلقة سواء حصل الميلاد بالجزائر أو خارجها، فلم يعد يشترط أن يكون الزوج عديم أو مجهول الجنسية[29] فسواء كان الزوج أجنبيا أو وطنيا، وحتى ولو كان الطفل غير شرعي، فالعبرة بحمل أحد الوالدين للجنسية الجزائرية وقت ميلاد الطفل[30].

    وعليه فجنسية الأولاد الناتجين عن الزواج المختلط لا تطرح أي اشكالية على اعتبار أنّه ستثبت لهم الجنسية الجزائرية الأصلية بناء على حق النسب من جهة الأب أو الأم على حد سواء حسب الحالة[31].

    لكن قد يكون للزوج الأجنبي (رجل أو امرأة) الذي اكتسب الجنسية الجزائرية بسبب الزواج بطرف وطني أبناء من زوج أجنبي سابق قبل زواجه من الزوج الجزائري فهل يتبع هؤلاء الأبناء والدهم أو والدتهم في الجنسية الجزائرية؟، ذلك ما سنحاول بيانه والتفصيل فيه في المطلب الموالي:

    الفـرع الثانـي

    آثار اكتساب الزوج الأجنبي للجنسية الجزائرية بالنسبة لأولاده من زواج سابق بأجنبي

    باعتبار أنّ الأولاد الذين يولدون نتيجة الزواج المختلط بين زوج أجنبي (رجل أو امرأة) وطرف وطني يكونون بطبيعة الحال جزائريين أصلاء، استنادا الى نص المادة 06 من قانون الجنسية الجزائرية المعدّل والمتمم على النحو السالف بيانه في المطلب السابق فإنّ المقصود من الآثار العائلية لاكتساب هذا الزوج الأجنبي للجنسية الجزائرية أثرها فقط على جنسية الأولاد الذين يولدون له من زواجه السابق بطرف غير جزائري، والذي انقضى بفعل موت هذا الأخير أو طلاقه منه، فهل يكتسب هؤلاء الأولاد الجنسية الجزائرية تبعا (لوالدهم أو والدتهم) الذي اكتسب الجنسية الجزائرية؟.    

    نشير بداية الى أنّ المشرع الجزائري سكت عن تنظيم المسألة ولم يتناول حكمها في قانون الجنسية، ولا خلاف في أنّ الأبناء الراشدين لا يدخلون في الجنسية الجزائرية تبعا لوالدهم أو والدتهم المكتسبين للجنسية الوطنية لتعذر وصفهم بالتابعين، وما من سبيل أمامهم إن أرادوا اكتسابها إلاّ سلوك طريق التجنس العادي المتاح لكل الأجانب[32].

    ونفس الحكم ينطبق على الأولاد القصّر، فلا يمتد اليهم أثر اكتساب أحد والديهم للجنسية الجزائرية عن طريق الزواج، وذلك لأنّ المادة 17 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل والمتمم التي تناولت الآثار الجماعية لاكتساب الجنسية الجزائرية قصرت تلك الآثار على الأولاد القصّر للمتجنس بالجنسية الجزائرية طبقا للمادة 10 من نفس القانون دون أولاد مكتسبها عن طريق الزواج من زواج سابق بغير جزائري، وباعتبار أنّ قانون الجنسية هو قانون خاص يخضع للتفسير الضيق لا يجوز التوسع في تفسير أحكامه ولا القياس عليها وبالتالي فإنّ أولاد الزوج الأجنبي (رجل أو امرأة) الذي اكتسب الجنسية عن طريق الزواج لا يمتد اليهم أثر هذا الاكتساب سواء كانوا قصرا أو راشدين[33].

    وبالرجوع الى التشريعات المقارنة نجد أنّ جل قوانين الجنسية في المنطقة العربية لم تتعاطى مع هذه المسألة صراحة أو ضمنا، وبالتالي لم ترتّب هي الأخرى أي أثر جماعي لاكتساب الزوج الأجنبي لجنسياتها بسبب الزواج المختلط على أولاده القصر من زواج سابق بغير وطني[34]، ويبرّر جانب من الفقه هذا الاتجاه بانتفاء علة مد أثر اكتساب الجنسية بالزواج للأولاد القصر، فمن غير المعقول منح الجنسية الوطنية لأفراد لا تربطهم بهذا الوطن سوى جنسية أحد والديهم، ثم إنّ من شأن مد أثر اكتساب الجنسية عن طريق الزواج فتح الباب على مصراعيه أمام مشكلات تعدد الجنسية[35].

    هذا وذهب جانب آخر من الفقه[36] الى اتجاه آخر ونادى بضرورة مد أثر اكتساب أحد الزوجين للجنسية الوطنية بموجب الزواج الى أولاده القصّر من زواج سابق بطرف أجنبي خاصة في الفرض الذي يكون فيه والدهم الأجنبي متوفي، أو مطلق وكانوا يقيمون مع والدتهم أو والدهم في اقليم الدولة التي اكتسب جنسيتها، ويبرّر هؤلاء رأيهم هذا بتحقيق وحدة الجنسية في العائلة، وكذا مراعاة الجانب الإنساني في المسألة[37].

    وعليه فإنّ المشرع الجزائري لم يرتّب على اكتساب الزوج الأجنبي (رجل أو امرأة) للجنسية الجزائرية بسبب الزواج المختلط أي آثار جماعية قد تطال أولاده القصّر من زواج سابق بأجنبي، وذلك عكس ما فعله في حالة الاكتساب بموجب التجنس طبقا للمادة 10 من قانون الجنسية المعدل عندما مد أثر التجنس الى الأولاد القصّر بقوة القانون ومنحهم مكنة التنازل عن الجنسية الجزائرية في خلال سنتين من بلوغهم سن الرشد، لكن في المقابل فتح الباب على مصراعيه بالنسبة للأولاد الناتجين عن الزواج المختلط، وجعل مجرد الانتساب لأم أو أب جزائري أساس كاف لثبوت الجنسية الجزائرية الأصلية.

    لذلك ومراعاة للجانب الانساني، وتحقيقا لوحدة الجنسية في العائلة وماله من نتائج ايجابية على الأسرة الجزائرية، نهيب بالمشرع المشرع الجزائري أن يتدخل ويضيف فقرة أخرى في المادة 17 من قانون الجنسية يمد من خلالها أثر اكتساب احد الزوجين للجنسية الجزائرية بسبب الزواج الى ابنائهم القصر من زواج سابق، خاصة في الفرض الذي يكون فيه أحد أبوي هؤلاء القصر متوفيا، وكانوا يقيمون مع والدتهم أو والدهم في الجزائر ولا ضير أن يعلّق ذلك على مجموعة من الشروط تكفل حماية المصلحة الوطنية.             


    المطلب الثالث

    أثر بطلان الزواج وانحلاله على الجنسية الجزائرية المكتسبة بسببه

    قد يحدث وأن يتحصّل الزوج الأجنبي على الجنسية الجزائرية، ثم يتبين فيما بعد أنّ عقد الزواج الذي بسببه اكتسبها كان باطلا وتقرر ابطاله فيما بعد، فما مصير الجنسية الجزائرية المكتسبة في هذه الحالة (فرع أول)، كما قد تنحل رابطة الزوجية فيما بعد سواء لأسباب ارادية أو غير ارادية، فيطرح في هذا الشأن أيضا تساؤل مهم فحواه: ما تأثير ذلك على دوام واستقرار صفته الجزائرية (فرع ثان).

    الفـرع الأول

    أثر بطلان الزواج على الجنسية الجزائرية المكتسبة بسببه

    سبق وأن أكّدنا أنّه من بين أهم شروط اكتساب الزوج الأجنبي (رجل أو امرأة) للجنسية الجزائرية عن طريق الزواج بطرف وطني، أن يكون زواجهما قد انعقد صحيحا (قانونيا) سواء من حيث الشكل أو الموضوع طبقا للقانون المختص[38]، وتجدر الاشارة هنا أنّ المراد بصحة الزواج أو ببطلانه بشأن اكتساب الجنسية الجزائرية، هو ذلك الذي يتعين بحثه قبل الحصول الفعلي على الجنسية، لكن قد يحدث وأن يتحصّل هذا الزوج الأجنبي على الجنسية الجزائرية ثم يتبين فيما بعد أنّ عقد الزواج الذي بسببه اكتسبها كان باطلا وتقرر ابطاله فيما بعد بحكم نهائي لتخلف ركن الرضا، أو لكونه كان صوريا القصد منه الحصول على الجنسية فقط، فما مصير الجنسية الجزائرية المكتسبة في هذه الحالة؟.

    تجدر الاشارة بداية الى أنّ المشرع الجزائري لم يتطرق لهذه المسألة، فقد خلا قانون الجنسية من أي نص يحسم حكم هذه الحالة، وهو ما يشكّل فراغا تشريعيا، وازاء ذلك نرى أنّه من الأهمية بمكان التعرض لما عليه الوضع في القانون والفقه المقارنين علّه يوصلنا الى حل نأخذ به في القانون الجزائري.  

    اختلف القانون والفقه المقارنين فـي التعاطي مع هذه المسألة على النحو الآتـي تفصيله:

    - رتّبت العديد من قوانين الجنسية في البلدان العربية على بطلان الزواج الذي بموجبه منحت جنسيتها للزوج الأجنبي رتبت عليه أثرا مفقدا للجنسية، من ذلك: الفصل 16 من مجلة الجنسية التونسية[39]، والمادة 12/2 من قانون الجنسية المصرية[40]، والمادة 12/2 من قانون الجنسية السورية[41].

    وبرّر الفقه المؤيد لهذا الحكم بالتأكيد على أنّ الأصول الفنية والقواعد القانونية تقتضي بسحب الجنسية التي تم منحها بسبب زواج تبين فيما بعد أنّه باطل وتقرر ابطاله بحكم نهائي وبأثر رجعي، فما دام أنّ الأساس القانوني لاكتسابها أصبح منعدما، فعندئذ ينتفي السبب المنتج وينتفي معه بالتالي الأثر الذي يرتبه، وهذا الحل يستقيم مع المنطق السليم والمبادئ القانونية التي تقضي بأنّه "ما بني على باطل فهو باطل"، والبطلان بطبيعة الحال غير مرتبط بوقت معين، فهو منعدم الوجود أصلا على اعتبار أنّ البطلان يعدم الزواج ويجعله كأن لم يكن، وأثاره تنسحب إلى الماضي بحيث يعتبر كأن لم يكن أصلا وبالتالي انعدام السند القانوني الذي بموجبه تم اكتساب الجنسية[42]، وعليه اذا اكتسب الزوج الأجنبي الجنسية الوطنية بطريق الزواج من وطني أو وطنية ثم تقرر ابطال هذا الزواج فإنّه يستتبع ذلك زوال الجنسية بأثر رجعي[43].

    - وذهبت تشريعات أخرى الى عكس الأولى عندما لم تجعل من بطلان الزواج أثرا مفقدا لجنسيتها، من ذلك القانون الفرنسي الذي رتّب بموجب المادة 21-5 من القانون المدني الفرنسي[44] على عقد الزواج الظني "mariage putative"، (وهو العقد الباطل المنعقد بحسن نية من أحد أطرافه)، كل آثار العقد الصحيح بالنسبة لجنسية الزوج حسن النية وبالتالي عدم تأثير بطلان هذا الزواج على جنسية هذا الزوج التي اكتسبها بمقتضاه، لكن في مقابل ذلك وبمفهوم المخالفة لهذه المادة يترتب على بطلان عقد الزواج سحب الجنسية الفرنسية بأثر رجعي من الزوج سيء النية الذي أقدم على عقد هذا الزواج فقط بنية الحصول على الجنسية الفرنسية[45].

    وبالعودة لموقف المشرع الجزائري من المسألة، وبما أنّه سكت عن تنظيمها بمقتضى نص قانوني يفصل فيها، وعلى اعتبار أنّه اشترط صحة الزواج لاكتساب الجنسية الوطنية من جهة، وبالنظر للحلول التي كرّسها القانون المقارن على النحو السابق بيانه من جهة أخرى، نعتقد أنّه اذا صدر حكم قضائي نهائي وطني أو أجنبي معترف به في الجزائر يقضي ببطلان عقد الزواج الذي بموجبه اكتسب الزوج الأجنبي (رجل أو امرأة) للجنسية الجزائرية فإنّه يجب سحب هذه الجنسية بأثر رجعي، كون أنّ الأساس القانوني لاكتسابها أصبح منعدما فينتفي عندئذ السبب المنتج وينتفي معه بطبيعة الحال الأثر الذي يرتّبه، وهو حل نرى أنّه يستقيم مع المنطق السليم والمبادئ القانونية التي تقضي بأنّه "ما بني على باطل فهو باطل" لكن يجب حصر ذلك في خلال مدة زمنية محددة حتى لا تبقى المراكز القانونية لمكتسبي الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج مهددة لفترة زمنية طويلة، ولتكن تلك المدة سنتين من تاريخ نشر مرسوم الاكتساب، وذلك قياسا على سحب الجنسية الجزائرية الذي نظمته المادة


    13/1 من قانون الجنسية[46]، كما يجب تعليق سحب الجنسية الجزائرية من هؤلاء على استردادهم لجنسياتهم السابقة اذا كانوا قد تخلو عنها أو سحبت منهم، وذلك تفاديا لظاهرة انعدام الجنسية.

    وفي مسألة مشابهة لما سبق بيانه يطرح أيضا تساؤل آخر، عن مصير اكتساب الجنسية الجزائرية كأثر لزواج صوري من جزائري كان القصد منه فقط اكتساب الجنسية الجزائرية، فهل تلغى الجنسية بأثر رجعي في هذه الحالة؟.

           تصدى المشرع الجزائري للزواج المختلط الصوري في القانون 08-11 المتعلق بشروط دخول الأجانب الى الجزائر واقامتهم بها وتنقلهم فيها، وحارب هذه الظاهرة في المادة 48 منه[47] من خلال النص على معاقبة الأشخاص الذين يبرمون عقود زواج مختلطة فقط من أجل الحصول على بطاقة المقيم أو جعل الغير يحصل عليها، أو من أجل اكتساب الجنسية الجزائرية أو جعل الغير يكتسبها بعقوبة الحبس والغرامة إضافة إلى فرض بعض العقوبات التكميلية المتمثلة في المنع من الإقامة والمنع من ممارسة النشاط المهني أو الاجتماعي الذي ارتكبت المخالفة بمناسبته لمدة خمس سنوات على الأكثر، ولئن حاربت هذه المادة الزواج المختلط الصوري والذي يقصد من ورائه فقط الحصول على الجنسية الجزائرية، إلاّ أنّه في المقابل لم تتضمن صراحة حكم بإلغاء وسحب الجنسية، وكذلك خلا قانون الجنسية الجزائرية من الاشارة الى مثل هذا الحكم، وإن أمكن الاستناد الى نص المادة 13/1 من نفس القانون التي قضت بإمكانية سحب الجنسية الجزائرية اذا اكتشف فيما بعد استعمال وسائل الغش للحصول عليها[48]، وبالتالي سحب الجنسية الجزائرية بأثر رجعي من الزوج الأجنبي الذي اكتسبها بموجب عقد زواج صوري قصد من ورائه فقط كسب الجنسية الجزائرية.

           هذا الاتجاه هو ما ذهبت اليه محكمة النقض الفرنسية في حكم لها بتاريخ 20/11/1963 في قضية "Appieto" والتي كرّست من خلاله مبدأ مهم يقضي بإبطال الزواج الذي كان غرضه جني ثمرة أجنبية عن الحياة الزوجية، لغياب ركن الرضا ومفهوم "mariage simulé" الذي كرّسته محكمة النقض أقرّه أيضا القضاء الفرنسي الحديث، غير أنّه قيّده بوجوب أن تكون النتيجة الأجنبية عن العلاقة الزوجية التي يبحث عنها الزوجان هي الهدف الحصري من زواجهما، ويترتب على الحكم ببطلان هذا الزواج سحب الجنسية الفرنسية بأثر رجعي عن الزوج الأجنبي سيء النية، والذي كان هدفه من الزواج بفرنسي أو فرنسية فقط الحصول على الجنسية الفرنسية، وذلك تطبيقا لمفهوم المخالفة لنص المادة 21-5 من القانون المدني الفرنسي والسالف ذكرها[49].

    الفـرع الثانـي

    أثر انحلال الزواج على الجنسية الجزائرية المكتسبة بسببه

           قد تنحل رابطة الزوجية لأسباب ارادية كالطلاق والتطليق والخلع، أو لأسباب غير ارادية كالوفاة[50]، ويطرح في هذا الشأن أيضا تساؤل مهم فحواه: اذا اكتسب أجنبي الجنسية الجزائرية نتيجة لزواجه من جزائري أو جزائرية طبقا للمادة 09 مكرر من قانون الجنسية النافذ، ثم انحلت الرابطة الزوجية سواء بوفاة الطرف الجزائري أو بالطلاق منه فهل يؤثر ذلك على دوام واستقرار صفته الجزائرية بحيث تزول عنه مثلا تلك الصفة لزوال السند القانوني المتمثل في الزواج؟.

    مثلما لم يتطرق المشرع الجزائري لمسألة بطلان الزواج ومدى تأثيره عن الجنسية الجزائرية المكتسبة بسببه، فقد خلا قانون الجنسية أيضا من تنظيم مسألة انحلال رابطة الزوجية التي كانت سببا في كسب الطرف الأجنبي للجنسية الجزائرية فيما يخص أثرها على فقد هذه الجنسية[51]، لذلك نرى أنّه من الأوفق أيضا القاء نظرة عمّا جاء في القوانين المقارنة فيما يخص المسألة علّنا نهتدي الى حكم يمكن أن يأخذ به المشرع الجزائري.

           ترتّب بعض القوانين على انحلال الرابطة الزوجية فقد الزوجة لجنسيتها التي اكتسبتها بسبب الزواج بأحد مواطنيها، لزوال السند القانوني لذلك الاكتساب[52]، غير أنّ جل القوانين تقر كأصل عام بأنّ انحلال الزواج الصحيح المكسب للجنسية لا يؤدي تلقائيا الى فقد الجنسية مالم يتدعّم بتوافر شروط أخرى[53]، فهناك مثلا تشريعات تفقد الزوجة جنسيتها إذا استردت جنسيتها السابقة بعد انحلال الزواج أو اكتسبت جنسية جديدة، من ذلك: قانون الجنسية الكويتي[54]، قانون الجنسية البحرينية[55] وقانون الجنسية القطرية[56]، وفي المقابل إنّ الكثير من قوانين الجنسية وبخاصة العربية منها تجعل للزواج أثرا مفقدا لجنسيتها بالنسبة للوطنية التي تزوجت بأجنبي ودخلت في جنسيته طبقا للقانون الخاص بهذه الجنسية وتقضي تلك القوانين باسترداد الزوجة لجنسيتها الوطنية عند انحلال الزواج، مع اختلاف فيما بينها في شروط الاسترداد المقررة[57].

           وعليه نرى أنّ انحلال الرابطة الزوجية التي كانت سببا في كسب الزوج الأجنبي للجنسية الجزائرية لا يترتب عليه كأصل عام فقدانه للجنسية الوطنية، بيد أنّ الأمر ليس على اطلاقه، لذلك يجب أن يتدخل المشرع الجزائري بتنظيم المسألة ولا يتركها محل استفهام، خاصة في الفرض الذي يرجع فيه هذا الأجنبي الى بلده الأصلي ويقطع كل صلة تربطه بالجزائر، أو يكتسب جنسية دولة أخرى.

    وكخلاصة لهذا الباب فقد كرّس المشرع الجزائري بموجب الأمر رقم 05-01 المؤرخ في 27/02/2005 طريقا جديدا من طرق اكتساب الجنسية الجزائرية اللاحقة عن الميلاد وهو طريق "الزواج" بإدراجه لنص المادة 09 مكرر، والتي تبنى من خلالها لأول مرة مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في مجال تأثير الزواج على جنسية كل واحد منهما تأثيرا متساويا، ويعد هذا الموقف لقانون الجنسية الجزائرية الحالي في هذا الصدد موقفا فريداً من نوعه من بين أكثرية التشريعات العربية، فلا نجد مثيلا له سوى في قوانين معدودة، حيث يعامل قانون الجنسية الجزائرية الآن المرأة الجزائرية معاملة الرجل الجزائري إذ يجيز للأجنبي المتزوج من جزائرية أن يطلب اكتساب الجنسية الجزائرية أسوة بالمرأة الأجنبية التي تتزوج من جزائري والتي كان يحق لها ذلك وحدها دون الزوج الأجنبي، فكان بإمكانها بموجب قانون الجنسية لسنة 1963 الملغي أن تطلب اكتساب جنسية زوجها الجزائري إذا تحققت الشروط التي نصت عليها المادة 12 منه والتي سبقت الاشارة إليها، واشترط المشرع الجزائري لكي يؤثر الزواج المختلط على الجنسية مجموعة من الشروط، منها ما يتعلق بالزواج ذاته ومنها ما يتعلق بالإقامة بغية تحقيق عنصر الاندماج في الجماعة الوطنية، ومنها ما يهدف لحماية الجماعة الوطنية بأن لا يكون الأجنبي عالة على الدولة بفقره أو خلقه، ومهما يكن من أمر الاختلاف الفقهي حول الطبيعة القانونية للزواج، فقد حسم المشرع المسألة بنص تشريعي معتبرا الزواج طريق وأساس مستقل من أسس اكتساب الجنسية الجزائرية.

     



    [1] أنظر فيما سبق: ص 85 وما يليها.

    [2] أنظر فيما سبق: ص 216 وما يليها.

    [3] تنص المادة 25 من الأمـر رقم 70-86 المتضمن قانـون الجنسية الجزائرية المعـدل بموجب الأمر 05-01 على " ترفع طلبات

      اكتساب الجنسية الجزائرية أو التخلي عنها أو استردادها الى وزير العدل، مصحوبة  بالعقود وبالوثائق والمستندات التي تثبت استيفاء

      الشروط القانونية".

    [4] زروتي الطيب، الوسيط في الجنسية الجزائرية، مرجع سابق، ص 393؛ أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع السابق، ص 556.

      [5]  http://www.mjustice.dz             )23h00 (تمت زيارة الموقع بتاريخ: 31/08/2016 على الساعة:

    [6] نصت المادة 12 فقرة 02 من القانون رقم 63- 96 المتضمن قانون الجنسية الجزائرية على:

    " Elle devra déclarer expressément avant la célébration du mariage qu’elle répudie sa nationalité d’origine"..

    [7] نصت المادة 03 من الامر 70-86 المتضمن قانون الجنسية الجزائرية على "يشتـرط في اكتساب الجنسية الجزائرية تقديم تصريح

      بالتخلي عن الجنسية الأصلية، ويسري مفعول هذا التصريح من يوم اكتساب الجنسية الجزائرية".

    [8] نصت الفقرة الثالثة من المادة 12 من قانون الجنسية الجزائرية لسنة 1963 على:

    " La demande est adressée au ministre de la justice qui peut la rejeter.

       Faute de rejet dans un délai de 6 mois, la nationalité algérienne est acquise et prend effet à compter de la

       date du mariage à la condition que le mariage n’ait été ni annulé, ni dissous à la date de l’acquiescement

       exprès ou tacite du ministre de la justice".

    [9] راجع فيما سبق: ص 98 ما يليها.

    [10] وذلك ما نصت عليه المادة 26/1 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل بقولها " إذا لم تتوفر الشروط القانونية، يعلن وزير العدل، عدم

      قابلية الطلب بموجب مقرر معلل يبلغ الى المعني".

    [11] المواد من 829 الى 832 من قانون الاجراءات المدنية والادارية الجزائري.

    [12]  وذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 26 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل بقولها "ويمكن وزير العدل، رغم توافر الشروط

      القانونية أن يرفض الطلب بموجب قرار يبلغ الى المعني".

    [13] زروتي الطيب، الوسيط في الجنسية الجزائرية، مرجع سابق، ص ص 402-403.

    [14] نصت على ذلك الفقـرة الثانية من المادة 12 من الأمـر 70-86 المعـدل والمتمم بموجب الأمر 05-01 المتضمن قانون الجنسية الجزائرية بقولها " يمكن أن يغير لقب المعني واسمه، بطلب منه، في مرسوم التجنس".

    [15] نصّت على ذلك الفقرة الثالثة من المـادة 12 من الأمـر 70-86 المعدل والمتمم بموجب الأمـر 05-01 المتضمن قانون الجنسية

      الجزائرية بقولها " ... وعند الاقتضاء، تغيير الأسماء والألقاب بناء على أمر من النيابة العامة".

    [16] تنص المادة 29 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل على " تنشر المراسيم المتعلقة باكتساب الجنسية في الجريدة الرسمية للجمهورية

     الجزائرية الديمقراطية الشعبية وتحدث أثرها تجاه الغير ابتداء من تاريخ هذا النشر".

    [17] Dans ce sens voir : Jean-Marc THOUVENIN, op.cit, p 131 et s.

    [18] أنظـر: سعيد يوسف البستاني، الجنسية والقومية في تشريعات الدول العربية، مرجع سابق، ص 268؛ أحمد عبد الكريم سلامـة

      المرجع السابق، ص 660؛

    [19] كان كان قانـون الجنسية الجزائرية لسنة 1963 يمد أثر اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج إلى تاريخ ابرام عقد الزواج

      وليس تاريخ الموافقة على الطلب، وذلك ما تضمنته المادة 12/5 بقولها:

    « Faute de rejet dans un délai de 6 mois, la nationalité algérienne est acquise et prend effet à compter de la

       date du mariage à la condition que le mariage n’ait été ni annulé, ni dissous à la date de l’acquiescement

       exprès ou tacite du ministre de la justice ».

    [20] أنظـر بخصوص هذه المسألة واختلاف الفقه بشأنها: عكاشة محمد عبد العال، الوسيط فـي أحكام الجنسية، مرجع سابق، ص ص

      596-597.

    [21] أنظر فيما سبق: ص 108 وما يليها.

    [22] راجع فيما سبق: ص 139.

    [23] أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم 44/25 المؤرخ في: 20/11/1989 بدأت في التنفيذ بتاريخ: 02/09/1999

      وصادقت عليها الجزائر مع التصريحات التفسيرية بالمرسوم الرئاسي رقم 92/461 المؤرخ فـي 19/12/1992 (منشور بالجريدة

      الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رقم  91 المؤرخة في 23/12/1992).

    [24] تنص المادة 150 من دستور 1996 المعـدل بموجب القانون رقم 16-01 المؤرخ في 06/03/2016 على "المعاهدات الّتي يصادق

      عليها رئيس  الجمهوريّة، حسب الشّروط المنصوص عليها في الدّستور، تسمو على القانون".

    [25] ويقصد بحق الدم أن تثبت جنسية الدولة للمولود استناداً إلى أصـله العائلي: الأب أو الأم، أي ثبوت نسب المولود إلى أب وطني أو إلى أم

      وطنية؛ أنظر: جوتيار محمد رشيد، محمد جلال حسن، اشكاليات قانون الجنسية العراقي رقم 26 لسنة 2006 في مجال منح الجنسية

      وسحبها، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، جامعة كركوك، العراق، المجلد 02، العدد 07، 2013، ص 04.

    [26] يقصد بحق الاقليم كمعيار لمنـح الجنسية الأصلية، أن تقوم الدولة بمنـح جنسيتها لكل من يولد على اقليمها، وذلك دون النظر إلى الأصل

      الذي ينحدر  منه سواء كان أصل وطني أو أجنبي، فالعبرة بأرض الميــلاد وليست بالنسب، أنظر: علي هادي الشكراوي، فراس عبد

      الكريم البيضاني، روافد محمد علي الطيار، طرق اكتساب الجنسية في التشريع العراقي، دراسة مقارنة، مجلة المحقق الحلي للعلـوم

      القانونية السياسية، كلية القانون، جامعة  بابل، العراق، المجلد 08، العدد 03، 2016، ص 75.

    [27] تنص المادة 20 من القانون رقم 63-96 المتضمن قانون الجنسية الجزائرية على:

    « l’acte de naturalisation peut accorder la nationalité algérienne aux enfants mineurs de l’étranger naturalisé.

      Cependant ils ont la faculté de renoncer à la   nationalité algérienne entre leur dix-huitième et leur vingt et

      unième année ».

    [28] تنص المـادة 17 من قانون الجنسية الجزائرية رقم 70-86 المعـدل بموجب الأمر 05-01 على " الآثار الجماعية: يصبح الأولاد

      القصر لشخص اكتسب الجنسية الجزائرية بموجب المادة 10 من هذا القانون، جزائريين في نفس الوقت كوالدهم ...".

    [29] كان قانون الجنسية الجزائرية رقم 70-86 قبل التعديل يفرق وعلى نحو واضح بين الرجل والمرأة في مجال الجنسية الجزائرية، حيث  

    كانت العبرة في إضفاء الجنسية الأصلية  للأولاد هـي النسب مـن ناحية الأب بصفة مطلقة، واستثناء النسب من جهة الأم مع تقييده بشروط معينة، إذ كان يشترط أن يكون  الأب مجهول أو عديم الجنسية، ذلك ما نصت عليه المادة 06 فقرتين 2و 3 من نفس القانون.

    [30] أنظر: سالم عطية أمينة، أثر الزواج المختلط على الجنسية في ظل الأمر 05-01، المرجـع السابق، ص 58؛ جوتيار محمد رشيد  

      محمد جلال حسن، اشكاليات قانون الجنسية العراقي رقم 26 لسنة 2006 في مجال منح الجنسية وسحبها، المرجع السابق، ص ص

      05-06.

    [31] تنص المادة 06 من قانون الجنسية الجزائرية رقـم 70-86 المعدل بموجب الأمر 05-01 على " يعتبر جزائريا الولد المولود من

      أب جزائري أو  أم جزائرية".

    [32] أنظر في هذا المعنى: عكاشة محمد عبد العال، الوسيط في أحكام الجنسية، مرجع سابق، ص 599.

    [33] جبار صلاح الدين، المرجع السابق، ص 155.

    [34] مع ذلك فقد لامس الفقه والقضاء في لبنان هذه الحالة دون أن يرسى على حل لها، وقد انطلق الجهد من محاولة اسناد ومقاربة هـذه

    الحالة من حالة مشابهة وهي حالة الأولاد القصر لأم مات عنها زوجها وتجنست هي بالجنسية اللبنانية، حيث كانت المادة الرابعة من   هذا القانون قد أدخلتهم في الجنسية اللبنانية بالتبعية لتجنس أمهم، واستنادا الى ذلك هل يمكن ادخال الاولاد القصر للزوجـة الاجنبية  (من زواج سابق بأجنبي قد انقضى) الملتحقة بجنسية زوجها بفعل الزواج المختلط  معها في جنسيتها الجديدة قياسا على التحاق الابناء   الابناء القصر للأجنبية المتوفى عنها زوجها والتي تجنست بالجنسية اللبنانية بالتبعية لها؟، الاجابة على هذا التساؤل كان محل خلاف في الفقه والقضاء في لبنان بين رافض للقياس وبين قابل به فمن ينطلق من علة ما قررته الفقرة الثانية من المادة الرابعة يقبل بتبعية  هؤلاء وعلى العكس فمـن يرى عدم اللجوء الى هذه العلة فانه يقصر حكم المادة الرابعة على الابناء القصر للأجنبية التي مات عنها  زوجها وتجنست بالجنسية اللبنانية ويرفض من ثم اجـراء هذا القياس في الصورتين، وعليه يعود وضع هـذه المسألة في لبان ليلقي مع بقية المواقف العربية التي سكتت عن تنظيم المسألة، والتي تستدعي مستقبـلا الحاجة الـى هـذا التنظيم؛ أنظـر: سعيد يوسف البستاني، الجنسية والقومية في تشـريعات الدول العربية، مرجع سابق، ص ص  271-272.  

    [35] أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع السابق، ص 663.

    [36] على غرار: نور حمد الحجايا، المرجع السابق، ص 106.

    [37] Dans ce sens voir l’article 22-1 du code civil français qui dispose que « L'enfant mineur dont l'un des deux parents acquiert la nationalité française, devient français de plein droit s'il a la même résidence habituelle que ce parent ou s'il réside alternativement avec ce parent dans le cas de séparation ou divorce.

       Les dispositions du présent article ne sont applicables à l'enfant d'une personne qui acquiert la nationalité française par décision de l'autorité publique ou par déclaration de nationalité que si son nom est mentionné dans le décret ou dans la déclaration».

    [38] أنظر فيما سبق: ص 217 ما يليها.

    [39] ينص الفصل 16 من مجلة الجنسية التونسية على " في الصورة المنصوص عليها بالفصلين 13 و 14 تعتبـر المـرأة كأنها لم تكتسب

      الجنسية التونسية إذا صدر الحكم ببطلان زواجها عن محكمـة تونسية وكان حكمها غير قابل للتعقيب أو عن محكمة أجنبية أصبح حكمها

      قابلا للتنفيذ بتونس".

    [40] تنص الفقرة الثانية من المادة 12 من قانون الجنسية المصرية النافذ علـى "اذا كان عقد زواجها باطلا طبقا لأحكام القانون المصري

      وصحيحا طبقا لأحكام قانون الزوج ظلت من جميع الوجوه وفي جميع الأحوال مصرية...".

    [41] تنص الفقـرة الثانية من المادة 12 من قانون الجنسية السورية النافذ علـى "وإذا كان عقد الزواج باطـلا وفقًا لأحكام القوانين السابقة

      وصحيحًا طبقًا لأحكام القانون الناظم لعقد الزواج فإنها تظل متمتعة بجنسيتها".

    [42] زروتي الطيب، بمناسبة الأمـر 05-01، المتضمن تعديل وتتميم قانون الجنسية الجزائرية، مرجـع سابـق، ص 198؛ سالم عطية

      أمينة، المرجع، السابق، ص 62.

    [43] نور حمد الحجايا، المرجع السابق، ص 86.

    [44] تنص المادة 21-5 من القانون المدني الفرنسي على:

    « Le mariage déclaré nul par une décision émanant d'une juridiction française ou d'une juridiction étrangère dont l'autorité est reconnue en France ne rend pas caduque la déclaration prévue à l'article 21-2 au profit du conjoint qui l'a contracté de bonne foi ».

    [45] راجع في اختلاف موقف الفقه الفرنسي بخصوص هذه المسألة:

    - Yvon Loussaourn, Pièrre Bourel, 2 éd, op.cit. p 708.

    [46] نصت الفقـرة الأولى من المادة 13 من قانون الجنسية الجزائرية المعـدل والمتمم على "يمكـن دائما سحب الجنسية الجزائرية من

      المستفيد اذا تبين خـلال عامين (2) من نشر مرسوم التجنس في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، بأنه لم

      تكن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في القانون أو أنه استعمل وسائل الغش للحصوص على الجنسية".

    [47] تنص المادة 48 من القانـون رقم 08-11 المـؤرخ في 25/06/2008 المتعلق بشـروط دخول الأجانب الى الجزائر واقامتهم بها

      وتنقلهم فيها على "يعاقب  بالحبس من  سنتين (2) إلى خمس  (5) سنوات  وبغرامة  من  50.000 دج  إلى  500.000دج، القيام  بعقد 

      زواج  مختلط  فقط  من  أجل  الحصـول  على  بطاقة  المقيم  أو  جعـل  الغير  يحصـل  عليها أو  فقط  من  أجـل  اكتساب  الجنسية 

     الجزائرية  أو  جعل الغير  يكتسبها .

       ويعاقب  بنفس  العقوبات  قيام  أجنبي  بعقد  زواج مع  أجنبية  مقيمة  للغايات  نفسها .

        عندما ترتكب المخالفة من طرف جماعة منظمة تكـون عقوبتها الحبس لمـدة عشـر (10) سنوات وغرامـة من  500.000دج إلى

       2.000.000 دج ويتعرض  كذلك  مرتكبو المخالفة لمصادرة كل ممتلكاتهم أو جزء منها .

        يتعرض  الأشخاص  الطبيعيون  الذين  أدينوا بإحدى المخالفات المذكورة في هذه المادة للعقوبات التكميلية  الآتية :

                1- المنع من  الإقامة  بالإقليم  الجزائري  لمدة خمس (5) سنوات  على  الأكثر

             2- المنع من ممارسة  النشاط المهني أو الاجتماعي الذي ارتكبت المخالفة بمناسبته لمدة   خمس (5)  سنوات على  الأكثر" .

    [48] تنص المادة 13/1 من قانون الجنسية الجزائرية المعـدل على "يمكـن دائمـا سحب الجنسية من المستفيد اذا تبين خلال عامين (2)

      من نشر مرسوم التجنس في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، بأنه لم تكـن تتوفر فيه الشروط المنصوص

      عليها في القانون أو أنه استعمل وسائل الغش في الحصول على الجنسية".

    [49] نور حمد الحجايا، المرجع السابق، ص ص 90-91.

    [50] تنص المادة من قانون الأسرة الجزائرية المعدل على " تنحل الرابطة الزوجية بالطلاق أو الوفاة".

    [51] زروتي الطيب، بمناسبة الأمر 05-01، المتضمن تعديل وتتميم قانون الجنسية الجزائرية، مرجع سابق، ص 199.

    [52] على غرار قانون الجنسية اليمنية رقم 06 لسنة 1990، حيث تنص المادة 13 منه على "المـرأة التي اكتسبت الجنسية اليمنية بطريق

      التبعية لزوجها استنادا الى المادة (11) من هذا القانون، لا تفقد هذه الجنسية لمجـرد انتهاء الزوجية بشرط أن يكون قد مر على قيام

      الزوجية المذكورة أربع سنوات على الأقل منذ اكتسابها الجنسية اليمنية".

    [53] زروتي الطيب، الوسيط في الجنسية الجزائرية، مرجع سابق، ص 166.

    [54] تنص المادة 09 من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 المتضمن قانون الجنسية الكويتي المعدل على "إذا كسبت الزوجة الاجنبية

      الجنسية الكويتية وفقاً لأحكام المادتين السابقتين، فإنها لا تفقدها عند انتهاء الزوجية إلا إذا استردت جنسيتها الأصلية أو كسبت جنسية

      أخرى".

    [55] تنص المادة 07/2 من قانون الجنسية البحرينية لعام 1963 المعدل على " اذا اكتسبت امـرأة أجنبية الجنسية البحرينية بموجب الفقرة

      السابقة أو بموجب الفقرة (4) من المادة 6 من هذا القانون، فإنها لا تفقدها عند انتهاء الزوجية إلا إذا استـردت جنسيتها الأصلية أو

      كسبت جنسية أخرى ويمكن أن ترد لها جنسيتها البحرينية بأمر عظمة الحاكم إذا طلبت ذلك".

    [56] تنص المادة 09 من القانون رقـم 38 لسنة 2005 بشأن الجنسية القطـرية على " الزوجة التي اكتسبت الجنسية القطرية طبقاً لأحكام

      المادتين (5)، (8) من هذا القانون لا تفقدها عند انتهاء الزوجية، إلا إذا تزوجت بالمخالفة لأحكام القانون رقم ( 21 ) لسنة 1989 المشار

      إليه، أو استردت جنسيتها الأصلية، أو اكتسبت جنسية دولة أخرى".

    [57] زروتي الطيب، المرجع والموضع نفسه، ومن تلك القوانين: ما نصت عليه المادة 18 من قانون الجنسية السعودية التي نصت على:

      "يحق للمرأة العربية السعودية المتزوجة بأجنبي أن تسترد جنسيتها العربية السعودية عند انتهاء الزوجية بعد عودتها للإقامة في المملكة"،

      وتنص المادة 13/1 من قانون الجنسية المصرية على "كما تسترد الجنسية المصرية عند انتهاء الزوجية اذا كانت مقيمة في مصر أو

      عادت للإقامة فيها وقرّرت رغبتها في ذلك".


  • اكتساب الجنسية الجزائرية بطريق الاسترداد

    جامعة محمد بوضياف المسيلة

    كلية الحقوق والعلوم السياسية

    قسم الحقوق

    . . .

    المقياس: القانون الدولي الخاص (الجنسية الجزائرية)

    السنة: الثالثة ليسانس حقوق (خاص)، السداسي السادس

    الفئة المستهدفة: طلبة السنة الثالثة ليسانس حقوق (قانون خاص).

    الحجم الساعي الأسبوعي: أربع ساعات ونصف (4,5)

    إعداد الدكتور: بوخروبة حمزة (أستاذ محاضر قسم "ب")

    عنوان الدرس: ماهية استرداد الجنسية.

    الهدف العام للدرس: يتمثل الهدف العام للدرس في تعريف الطالب بالاسترداد كوسيلة لاكتساب الجنسية

    الاهداف الخاصة للدرس

    الهدف الأول: أن يحدد المقصود بالاسترداد
    الهدف الثاني: أن يتعرف الطالب على التكييف القانوني للاسترداد

     
    مضمون الدرس:

    يقصد بالاسترداد رخصة يمكن للشخص بمقتضاها أن يسترد جنسية مفقودة، وهو بهذه المثابة يعد عودة لاحقة الى جنسية سابقة، اذ يجيز للأفراد في حالات معينة العودة الى جنسياتهم التي سبق وان فقدوها، وذلك مراعاة لاعتبارات العدالة، على أن يظهر الشخص رغبته في ذلك.

    ولا شك أنّ فكرة الاسترداد لها جذورها التاريخية ولم تظهر فجأة، بل انّ لها جذور بعيدة تمتد الى القانون الروماني، هذا ويتقاطع مفهومها مع العديد من الانظمة القانونية الأخرى وبالخصوص فكرة رد الجنسية التي تقترب الى حد ما في معناها مع فكرة الاسترداد، فكلاهما تعني عودة الجنسية للشخص الذي سبق وأن فقدها.

    وأثارت مسألة التكييف القانوني لفكرة الاسترداد جدلا فقهيا كبيرا، سواء من خلال مدى اعتبارها سببا من أسباب كسب الجنسية اللاحقة عن الميلاد، أو بخصوص تحديد طبيعة الجنسية المستردة أهي جنسية أصلية أو مكتسبة، وتعدى الأمر ذلك الى الخلاف حول مسألة اعتبارها حقا للفرد أو منحة من الدولة.

    لذلك سنحاول تناول كل هذه المسائل في مبحثين، نتناول في (المبحث الأول) مفهوم الاسترداد، في حين نخصّص (المبحث الثاني) لمسألة التكييف القانوني له.


    المبحث الأول

    مفهــوم الاسترداد

    من المؤكد أنّ فكرة الاسترداد لها جذورها التاريخية ولم تظهر فجأة، ومن المؤكد أيضا أنّها تتقاطع وتتشابه في معناها مع العديد من النظم القانونية الأخرى لعل أبرزها الرد لذلك سنعرّج في هذا المبحث على أصل نظرية الاسترداد وأساسها (مطلب أول ثم نحاول إعطاء تعريف لها (مطلب ثان)، وبعدها نحاول وضع حد فاصل بين الاسترداد والرد عن طريق التمييز بينهما (مطلب ثالث).

    المطلب الأول

    أصل نظـرية الاسترداد وأساسها

    يرجع أصل نظرية استرداد الجنسية الى القانون الروماني الذي كان يعيد الجنسية وبأثر رجعي للشخص الذي فقدها بسبب الأسر حينما يسترد حريته، ثم تبناها القانون الفرنسي القديم واكمل بناء النظرية القانون المدني الفرنسي سنة 1804[1].

    ويقوم الاسترداد من منطلق تطبيق العدالة واعتبارات انسانية وتجنب الوقوع في حالة انعدام الجنسية التي يمكن أن يقع بها الشخص عندما يسد الباب في وجهه بعد فقد جنسيته بسبب اكتسابه جنسية أجنبية، لأنّ ذلك يتنافى والاعتبارات الانسانية التي تنادي بها اغلب القوانين وتراعيها نصوصها، فالاسترداد في غايته يسهّل ويحل الكثير من المشاكل التي يمكن أن يقع بها الشخص اذا ما حرم من استرداد جنسيته مثل عدم تأقلم الشخص مع المجموعة التي انتمى اليها باكتسابه جنسيتها، كما أنّ الاسترداد من شأنه تحقيق مصلحة الدولة من خلال فسح المجال أمام الوطني لاستعادة جنسيته وهو ما يساعد على المحافظة على كيانها في احتوائها وطنييها والمحافظة عليهم[2].

     

    المطلب الثاني

    تعــريف الاستـرداد

    هناك العديد من التعريفات الفقهية بالنسبة لفكرة الاسترداد كوسيلة لاستعادة واسترجاع الجنسية التي كان الشخص يتمتع بها من قبل وفقدها بسبب من الاسباب التي نص عليها القانون، لعل أبرز هذه التعريفات ما يلي:

    يعرّف بعض الفقه[3] الاسترداد بقوله "استرداد الجنسية يعني العودة الى الجنسية التي فقدها الشخص لسبب من الأسباب المنصوص عليها في القانون، والتمتع من جديد بالحقوق المتولدة منها".

    ويعرّف أيضا "استرداد الجنسية تقنيا هي العودة الى الجنسية السابقة، رغم ارتباطها بالجنسية التي جرى استردادها تبقى احدى حالات الجنسية اللاحقة فهي لا تنشأ بفعل الولادة وانّما بفعل عامل الاختيار"[4].

    ويعـرفه بعض الفقه[5] بقوله "الاسترداد أو استعادة الجنسية يعني "طلب أحد الوطنيين القدامى العودة الى التمتع بالجنسية بعد فقده لها، أو هو عودة لا حقة الى جنسية سابقة".

    يتضح من خلال هذين التعريفين أنّ استعادة الشخص لجنسيته السابقة يمكّنه من التمتع بالحقوق المترتبة على هذه الجنسية، باعتباره أصبح مواطنا له حقوق بعدما كان أجنبيا خلال فترة فقده لجنسيته، وأنّ التمتع بهذه الحقوق لا يكون بأثر رجعي.

    وعرّف جانب آخر من الفقه[6] الاسترداد بقوله "الاسترداد هو رخصة خولها القانون للشخص الذي فقد جنسية الدولة يجوز له بمقتضاها أن يسترد جنسيته المفقودة".

    ويعرّفه باحث آخر بقوله "الاسترداد هو العودة اللاحقة للجنسية السابقة، أي هو عبارة عن استئناف علاقة الشخص بالدولة التي كان يحمل جنسيتها قبل ان يفقدها"[7].

    كما تم تعريفه من آخر بقوله " استرداد الجنسية هو رجوع الفرد الى جنسيته التي زالت عنه بأي سبب من اسباب الفقدان"[8].

    ويعرّف أيضا "يعد الاسترداد عودة لاحقة إلى جنسية سابقة في حالات محددة بموجب القانون وذلك مراعاة لاعتبارات العدالة، على أن يظهر الشخص رغبته في ذلك"[9].

           ويتضح من خلال هذه التعاريف أنّ الاسترداد هو عودة الشخص لجنسيته السابقة التي فقدها بأحد أسباب الفقد المنصوص عليها قانونا، سواء كان هذا الفقدان بالاختيار أو بالتبعية وأنّ الغاية من الاسترداد هو رغبة المشرع في الحفاظ على كيان المجتمع من خلال تركه الباب مفتوحا أمام الوطني الذي يرغب في العودة لجنسيته، وأنّ هذا الاجراء يأتي من منطلق تطبيق العدالة واعتبارات انسانية، لعل أبرزها عدم الوقوع في حالة انعدام الجنسية خاصة في الفرض الذي يفقد فيه الوطني السابق الجنسية الأجنبية أيضا، ثم انّ الاسترداد في مرماه يسهّل ويحل الكثير من المشاكل التي يمكن أن يقع بها الشخص اذا ما حرم من استرداد جنسيته، مثل عدم تأقلمه مع المجتمع الذي ينتمي اليه باكتساب جنسته وفتح الباب أمامه من شأنه المساعدة في الحفاظ على كيان الدولة من خلال احتوائها وطنييها والمحافظة عليهم[10].

    وتتجسد الدوافع التي يقتضيها المنطق وتفرضها العدالة أيضا بالإضافة الى ما سبق والتي يقوم عليها الاسترداد في كون أنّه اذا كان تغيير الجنسية في أسسه محكوم بهجر الولاء الدائم للدولة فإنّ الاسترداد يؤسس على هجر أو تخفيف مبدأ العقاب الدائم أو التخلي النهائي عن الوطني السابق من قبل هذه الدولة، فلو كان فقد الجنسية بسبب ارادي فالدولة تعيد احتضان من يريد العودة اليها، واذا كان الفقد بسبب اكراهي فالدولة تفتح باب رد الاعتبار عن طريق رد الجنسية لمن فرّط بها أو قصّر في صونها والحفاظ عليها[11].

    كما يعرّف أحد الفقهاء[12] الاسترداد بقوله "استرداد الجنسية هو اجراء قانوني بمقتضاه يستعيد الشخص سابق جنسيته التي فقدها بسبب الارتباط العائلي غالبا، وذلك اذا زال السبب الذي كان وراء ذلك الفقد، وبه يتم الرجوع الى الجنسية في العادة بإعلان الارادة فقط، أو أحيانا بإعلان الارادة وموافقة الدولة".

    ويعرفه آخر بقوله "استرداد الجنسية هو رجوع الفرد اليها، والعودة بناء على طلبه بعد زوالها عنه، نتيجة لفقدها -غالبا- بسبب الارتباط العائلي، أو التخلي عنها واكتساب جنسية أخرى جديدة، وذلك اذا زال السبب الذي كان وراء الفقد"[13].

    ومن خلال هذين التعريفين تتضح لنا معالم استرداد الجنسية[14]:

    فمن ناحية أولى يكون فقد الجنسية الذي يسبق استردادها غالبا نتيجة لارتباط عائلي للفرد، كما هو الحال بالنسبة للزوجة أو الأولاد القصر الذين تجنس متبوعهم بجنسية دولة أجنبية الزوج أو الأب، وقد يكون الفقد نتيجة لعمل ارادي من جانب الفرد، كما هو الحال بالنسبة للوطنية التي تفقد جنسيتها نتيجة لزواجها بأجنبي.

    ومن ناحية ثانية فإنّ الاسترداد قد يعد حقا للفرد وذلك في معظم الأحيان التي يكون فيها الفقد الذي يسبقه ليس لإرادة الفرد دخل فيه، فتكون هنا العودة للجنسية منوطة بإرادة الفرد وحده، غير أنّ ذلك لا يمنع من أن يتوقف استعمال هذا الحق وفاعليته على موافقة الدولة في حالات معينة، وهنا يكون الاسترداد أشبه ما يكون بمنحة تفضلية من جانب الدولة على غرار التجنس[15]، وذلك ما ذهب اليه المشرع الجزائري في كل حالات الاسترداد ومهما كان سبب الفقد، فنص المادة 14 من قانون الجنسية المعدل والمتمم بدأ بكلمة "يمكن استرداد..."، مما يعني أنّ استرداد الجنسية الجزائرية متوقف دائما على موافقة السلطة المختصة في الدولة "وزارة العدل" بعد تقديم طلب من المعني بالأمر[16].

    المطلب الثالث

    التمييز بين الاستـرداد والـرد

    هناك العديد من المفاهيم التي قد تقترب كثيرا أو قليلا، بل وربما يحدث خلط إلى حد ما بينها وبين مفهوم الاسترداد، وخاصة فكرة رد الجنسية التي يتداخل مفهومها ومعناها بشكل كبير مع فكرة الاسترداد، وظهر في شأن التمييز بينهما اتجاهين فقهين اتجاه أول يفرّق بين الفكرتين ويبرّر موقفه بالعديد من الحجج والبراهين (فرع أول) واتجاه ثاني تبناه الفقه الحديث يذهب فيه الى عدم وجود أي فارق بين المصطلحين (فرع ثان وذلك ما سنبينه في الآتـي:

    الفـرع الأول

    الاسترداد والرد مفهومان مختلفان

    تعرف بعض التشريعات فكرة رد الجنسية[17] وتميّز بينها وبين الاسترداد[18]، ويميل جانب من الفقه[19] بدوره الى التمييز بين المصطلحين مقدّرا أنّ لكل منهما ميدانه، فالرد يقتصر على الحالات التي يتم فيها فقد الجنسية على سبيل العقاب، وذلك بتجريده منها عن طريق السحب[20] أو الاسقاط[21]، في حين ينصرف الاسترداد الى الحالات التي تزول فيها الجنسية بالتغيير والاختيار أو بحكم القانون[22].  

    ويظهر الفرق أيضا بين المصطلحين فيما ذهب اليه هذا الجانب من الفقه من أنّ الرد مجرد رخصة تقديرية للسلطة المختصة في الدولة، في حين يعتبر الاسترداد خيار متروك لإرادة الشخص، وبعبارة أخرى فإنّ الرد يتم بإجراء منفرد من الدولة، بينما لا يتم الاسترداد إلاّ بناء على ارادة الفرد ورغبته[23].

    وتتسع الهوة بين المعنيين عندما ينتقل هذا التمييز من الجانب الفقهي الى الجانب التشريعي، حيث عمدت العديد من تشريعات الجنسية الى تبويب الاسترداد تبويبا مستقلا عن الرد بنصوص متميزة تبرز الاختلاف بينهما من حيث الأسباب والشروط والاجراءات[24] وممّا يعمّق هذه الهوة أيضا أنّ بعض التشريعات الأخرى التي أخذت باسترداد الجنسية لم تشر لا صراحة ولا ضمنا الى رد الجنسية لمن جرّد منها[25].

    أمّا قانون الجنسية الجزائرية الفاعل فقد حدّد حالات الاسترداد في نص المادة 18 منه[26] دون أن يشير لا صراحة ولا ضمنا الى موضوع الرد، ولم تظهر نصوصه أية دلالات لرد الجنسية لمن جرّد منها.

    الفـرع الثانـي

    الاسترداد والرد مصطلحان مترادفان

           يذهب جانب من الفقه الحديث[27] الى القول بعدم وجود تفرقة بين استرداد الجنسية وردها فكلاهما عودة لاحقة لجنسية سابقة، فعودة الشخص الى جنسية الدولة التي فقدها هي واحدة سواء سميت ردا أو استردادا، فضلا عن ذلك فإنّ التفرقة لا يترتب عليها أية نتيجة باعتبار الأثر واحد وهو العودة للجنسية السابقة، "واذا كان هنالك فارق في اللغة بين هذين الاصطلاحين يقتضي أن يختلف موضع استعمال كل منهما تبعا لما اذا كان الشخص الذي ينظر اليه لدى الحديث عن معناها الاصطلاحي هو الفرد، أم الدولة، فما مثل ابتغاء تأثير هذا الفارق في وحدة مدلولها الاصطلاحي الا كمثل اختلاف وجهي العملة الواحدة الذي لا يمنع من وحدتها"[28].

                 ويضيف هذا الاتجاه أنّه في حالة الرد كما في حالة الاسترداد الأمر يتعلق باكتساب جنسية لاحقة عن الميلاد، وهو كسب يتم في كل الأحوال بناء على طلب من الراغب في العودة لجنسيته السابقة، ولا محل عندئذ بالقول بأنّ الرد يتم بإجراء منفرد من الدولة إذ في ذلك مساس بأصل مهم من أصول اكتساب الجنسية الطارئة والذي يجب أن تطلب فيه الجنسية[29].

    ويخلص هذا الجانب من الفقه بالقول أنّ الرد والاسترداد مترادفان، آثارهما واحدة ويعبّران عن معنى واحد، وهو العودة الى جنسية الدولة السابقة.


    المبحث الثانـي

    التكييف القانوني لفكرة الاسترداد

    اختلف الفقه والقانون بخصوص تحديد الطبيعة القانونية للاسترداد من خلال مدى اعتباره سببا من أسباب كسب الجنسية الطارئة (مطلب أول)، ولم يتوقف الخلاف بخصوص ذلك فقط بل تعداه الى مسألة تحديد طبيعة الجنسية المستردة (مطلب ثان).

    المطلب الأول

    الطبيعـة القانونية للاستـرداد

    اذا كان الاسترداد كما يقول البعض[30] هو "عودة لاحقة لجنسية سابقة" فإلى أي مدى يمكن اعتباره سببا من أسباب كسب الجنسية الطارئة؟.

    اختلف الفقه والتشريعات المقارنة حول مدى اعتبار الاسترداد سببا من أسباب الكسب الطارئ للجنسية، ويمكن التمييز في هذا الصدد بين اتجاهين، اتجاه أول يعتبر الاسترداد سببا من أسباب كسب الجنسية الطارئة (فرع أول)، واتجاه ثاني يذهب الى عدم اعتباره سببا لكسبها (فرع ثان)، وقد كان لهذا الخلاف تأثيرا على موقف المشرع الجزائري (فرع ثالث).

    الفـرع الأول

    الاسترداد سبب من أسباب كسب الجنسية الطارئة

    يذهب جانبا من الفقه[31] الى اعتبار الاسترداد سببا من أسباب الكسب الطارئ للجنسية ومبنى هذا النظر أنّ العودة اللاحقة لجنسية سابقة لا تزيل عن الشخص صفة الأجنبي في الفترة الممتدة ما بين فقده لجنسيته الأولى وعودته اليها، وإذا كان المعيار المعتمد الذي يفصل بين الجنسية الأصلية والجنسية المكتسبة يكمن في معرفة الوقت الذي تثبت فيه الجنسية فتكون أصيلة متى ثبتت بالميلاد ولو تأخر اثباتها لوقت متراخي، بينما تكون مكتسبة أو طارئة اذا لحقت بالشخص بعد ميلاده، وبناء على ذلك فإنّ من شأن اعمال هذا المعيار على الاسترداد أن يؤدي الى اعتباره طريقا من طرق اكتساب الجنسية اللاحقة عن الميلاد[32]

    ويرتكن أصحاب هذا الاتجاه بالإضافة الى ما سبق على مجموعة من الحجج الأخرى لتبرير موقفهم هذا، لعل من أهمها أنّ عودة الشخص الى جنسيته المفقودة بطريق الاسترداد وتوافر العناصر التي تؤهله لذلك لا تتوافر إلاّ فـي تاريخ لاحق عن الميلاد وهو المعيار الذي تم الاعتماد عليه للتفرقة بين الجنسية الأصلية والمكتسبة، ثم إنّ من شروط الاسترداد تقديم طلب من طرف الراغب في العودة لجنسيته السابقة من جهة وموافقة السلطة المختصة في الدولة من جهة أخرى، وهي بهذا الوصف جنسية مكتسبة بلا ريب، كما أنّه من المسلّم به أنّ الاسترداد لا يزيل الصفة الأجنبية في الفترة الممتدة بين فقد الجنسية واكتسابها، فليس للاسترداد أثر رجعي، والقول بوجوب مراعاة أنّ المسترد كان يتمتع بجنسية الدولة في السابق، تنحصر اثاره بتيسير شروط عودته الى جنسيته الأولى، وهو أمر سبق اتباعه بالنسبة للتجنس الخاص[33].

    ومن ناحية أخرى فإنّ عدم خضوع المسترد لجنسيته السابقة لفترة التجربة أو الريبة والتي في العادة يخضع لها الوطني الطارئ، فيحرم خلالها من مباشرة بعض الحقوق السياسية لا يمثّل فارقا جوهريا، والاستناد اليه لا يعد معيارا حاسما ولا فاصلا عند كل التشريعات، فاذا كان صحيحا أنّ هناك مجموعة من التشريعات وبخاصة العربية منها قد ميّزت بين اثار الدخول اللاحق على الميلاد في جنسياتها وبين اثار الاسترداد فأخضعت المتجنس مثلا الى فترة تجربة، بينما جعلت المسترد في منزلة الوطني الأصيل بمجرد استرداده لجنسيته السابقة، فإنّ الكثير من التشريعات الحديثة ومن بينها قانون الجنسية الجزائري[34] تجعل الوطني المتجنس في منزلة الوطني الأصيل من خلال تمكينه من التمتع بكافة الحقوق الملازمة للصفة الوطنية بمجرد التجنس وبدون اخضاعه لفترة تجربة مثله مثل مسترد الجنسية[35].

    ويخلص هذا الاتجاه فيما ذهب اليه بالقول أنّه وباعتبار أنّ الاسترداد ليس له أثر رجعي، فإنّ العودة اللاحقة لا تمحو عن الشخص صفته الأجنبية التي تثبت له في الفترة الممتدة بين فقده لجنسية السابقة واسترداده اياها، وعليه يلزم النظر للاسترداد بوصفه طريقا خاصا من طرق اكتساب الجنسية.

    الفـرع الثانـي

    الاسترداد ليس سببا من أسباب اكتساب الجنسية

    رغم كل تلك الحجج التي قدّمها أنصار الاتجاه الأول، الاّ أنّ معظم الفقهاء[36] لا يتفقون معهم فيما ذهبوا اليه في طرحهم، ويخصّصون للاسترداد دراسة لها ذاتيتها ولاحقة عن موضوع فقد الجنسية وذلك نظرا للفارق الجوهري بين الاسترداد والاكتساب اللاحق للجنسية، ويعتبرون أنّ الاسترداد من الناحية الفنية ليس طريقا لاكتساب الجنسية على اعتبار أنّ اكتساب الجنسية معناه الحصول على جنسية جديدة بشروط معينة لم يسبق للشخص أن تمتع بها، وأنّ اكتساب الجنسية يخضع دائما لموافقة الدولة، في حين أنّ الاسترداد يفترض سبق تمتع المسترد للجنسية المستردة التي يتوقف استعادتها على زوال سبب فقدها دون تطلب الشروط العادية والمعروفة لاكتساب الجنسية، وهو غالبا متوقف على ارادة المعني بالأمر، ومن هنا يظهر أمران يفترق باجتماعهما الاسترداد عن الطرق العادية لاكتساب الجنسية، وهما[37]:

    -       سبق تمتع الشخص بجنسية الدولة ثم فقدها.

    -       وجود اعتبار يقتضي تيسير عودته اليها بغير الطرق العادية لاكتساب الجنسية، ودون حاجة لتوافر الشروط الواجب توافرها في مختلف هذه الطرق.   

    ويضيف أصحاب هذا الاتجاه أنّه يوجد كذلك بين الاسترداد والاكتساب فارق جوهري آخر، اذ أنّه وخلافا للاسترداد يفترض الدخول الطارئ عدم وجود انتماء سابق الى جنسية الدولة التي يدخل فيها، فالمسترد كان وطنيا والطارئ أجنبيا، ولذلك تختلف شروط الدخول في الجنسية المكتسبة عن الاسترداد، ويترتب على هذا الفارق اثارا مهمة منها خضوع الوطني الطارئ لفترة تجربة يحرم خلالها من مباشرة بعض الحقوق السياسية، بينما يتمتع من استرد جنسيته السابقة بكافة الحقوق المتعلقة بالصفة الوطنية من تاريخ استعادته اياها شأنه في ذلك شأن الوطني الأصيل ومن دون المرور بفترة تجربة[38].

    ويختم هذا الاتجاه موقفه بالقول أنّه وعلى الرغم ممّا ورد من آراء تحاول أن تظهر أنّ الاسترداد من طرق اكتساب الجنسية الطارئة، فإنّ ما جرت عليه اراء اغلبية الفقهاء وما أظهرته التبويبات المعتمدة في التشريعات يؤكد على أنّ الاسترداد يأخذ أوصافا مستقلة عن سبل اكتساب الجنسية اللاحقة عن الميلاد، ولا يمكن أن يشكّل طريقا من طرقها، ولهذا فهو يأخذ موقعه وذاتيته كموضوع لاحق عن موضوع فقد الجنسية[39].

    واذا كان هذا هو موقف الفقه من مسألة تحديد الطبيعة القانونية للاسترداد، فما موقف المشرع الجزائري من كل ذلك؟.


    الفـرع الثالث

    موقف المشـرع الجزائـري

    يبدو أنّ المشرع الجزائري قد اعتنق الاتجاه الأول الذي يرى أنّ الاسترداد طريق مستقل من طرق الاكتساب اللاحق للجنسية، فاسترداد الجنسية الجزائرية هو من ضروب اكتساب الجنسية اللاحقة على الميلاد، غاية ما هنالك أنّنا بصدد اكتساب سبق لصاحبه التمتع بالجنسية الجزائرية، وهو وصف قائم في طالب الاسترداد تنعكس آثاره وحسب على التخفيف والتيسير من الشروط التي بمقتضاها يمكنه العودة الى الجنسية الجزائرية وبالرغم من أنّ عبارات نص المادة 14 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل والمتمم والتي نظمت الاسترداد لا تدلّل صراحة على ذلك، إلاّ أنّ ورودها ضمن الفصل الثالث الذي جاء تحت عنوان "اكتساب الجنسية الجزائرية" لا يدع أي مجال للشك في أنّ المشرع الجزائري قد اعتبر الاسترداد من طرائق اكتساب الجنسية الجزائرية الطارئة، وذلك ما نعتقده ونؤيده بجانب الكثير من رجال الفقه في الجزائر[40].

    المطلب الثانـي

    طبيعـة الجنسية المستـردة

    كما سبق بيانه لم يقتصر الخلاف بين الفقهاء حول الطبيعة القانونية للاسترداد، بل تعداه لتحديد طبيعة الجنسية المستردة أهي جنسية أصلية أم مكتسبة؟، وهو ما سنحاول معالجته في هذا المطلب.

    انطلاقا من نص المادة 14 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل والمتمم والتي تنص على "يمكن استرداد الجنسية الجزائرية بموجب مرسوم لكل شخص كان متمتعا بها كجنسية أصلية وفقدها، وذلك عن طريق تقديم طلب بعد 18 شهرا على الأقل من الاقامة المعتادة والمنتظمة في الجزائر".

    يتبيّن لنا أنّ قانون الجنسية الجزائرية لم يحسم مسألة تحديد الطبيعة القانونية للجنسية الجزائرية المسترجعة بطريق الاسترداد، ما اذا أمكن اعتبارها جنسية مكتسبة، أم أنّ الشخص حينما يسترد جنسيته يستردها بوصفها جنسية أصلية بالصورة التي كان يتمتع بها من قبل؟.

    إنّ الاجابة على هذا التساؤل أثار خلافا فقهيا حادا سواء في الجزائر أو خارجها وانقسم في شأن ذلك الى اتجاهين، اتجاه أول يرى أنّ طبيعة الجنسية المكتسبة تتحدد بالنظر لنوع الجنسية المفقودة (فرع أول)، واتجاه ثاني يرى أنّ الجنسية المستردة تكون دائما مكتسبة (فرع ثان).

    الفـرع الأول

    طبيعة الجنسية المكتسبة تتحدد بالنظر لنوع الجنسية المفقودة

    يري جانب من الفقه[41] أن طبيعة الجنسية المستردة تكون بالنظر الى نوع الجنسية التي كان يحملها الشخص قبل فقده اياها، وعليه فإنّه بالنظر الى نص المادة 14 من قانون الجنسية الجزائرية الفاعل والسالف بيانه والذي يقصر استرداد الجنسية الجزائرية على الجزائريين الأصلاء، فإنّ طبيعة الجنسية الجزائرية المستردة تكون أصلية، وقد انطلق هذا الرأي الفقهي من كون أنّ الاسترداد يرد الى الشخص الجنسية التي كان متمتعا بها قبل حصول هذا الفقدان على اعتبار أنّ الاسترداد "هو عودة لاحقة لجنسية سابقة"، والجنسية السابقة ها هنا هي الجنسية الأصلية، ومن ثم لا يوجد هنا اكتساب لجنسية جديدة على اعتبار أنّ المسترد ليس أجنبيا بالمعنى المنصوص عليه في قانون الجنسية، كما أنّه لا يخضع لفترة الريبة أو التجربة التي يخضع لها المتجنس بالجنسية الجزائرية[42].


    الفـرع الثانـي

    الجنسية المستردة تكون دائما مكتسبة

    يرى اتجاه ثان من الفقه[43] أنّ طبيعة الجنسية المستردة هي دائما جنسية مكتسبة ويستند في وجهة نظره هذه الى أنّ منح هذه الجنسية متوقف على مجموعة من الشرائط التي تتنافى مع طبيعة الجنسية الأصلية، فالاسترداد يتوقف على ابداء المعني بالأمر الرغبة في استرداد جنسيته عن طريق تقديمه لطلب بذلك يعبّر فيه صراحة عن رغبته تلك، وعلى موافقة السلطة المختصة (وزارة العدل) على هذا الطلب، كما أنّ الشخص لا يعتبر مستردا لجنسيته السابقة إلاّ من تاريخ نشر المرسوم المانح للاسترداد، ومعلوم أنّ هكذا شروط لا محل لها في الجنسية الأصلية التي لا تتطلب تعبير الشخص عن رغبته فيها بل تفرض عليه فرضا وتسند له منذ ولادته، كما أنّ اسنادها له لا يخضع لتقدير وزارة العدل ولا ينبني على نشر مستند أو وثيقة رسمية أو أي مرسوم[44].    

    ونحن بدورنا نميل لهذا الاتجاه الثاني ونؤيده فالجنسية الجزائرية المستردة هي جنسية مكتسبة بلا ريب يتوقف منحها على تقديم طلب من الشخص الذي ينشد الاسترداد وعلى مطلق تقدير وزارة العدل في اجابته لطلبه، واذا كان الاسترداد لا يخضع لنفس الشروط التي يخضع لها اكتساب الجنسية، فإنّ الأمر لا يغيّر من طبيعتها المكتسبة في شيء ما دامت هذه الشروط نفسها تختلف بين طرق اكتساب الجنسية المختلفة، وما يدعّم رأينا هذا هو أنّ المشرع الجزائري أدرج الاسترداد في الفصل الثالث من قانون الجنسية المعدل والمتمم والذي جاء تحت عنوان "اكتساب الجنسية الجزائرية"، وهو موقف لا يدع أي مجال للشك للدلالة بأنّ المشرع قد اعتبر الاسترداد سبيل وأساس مستقل لاكتساب الجنسية اللاحقة عن الميلاد، وعليه فإنّ طبيعة الجنسية الجزائرية المستردة هي جنسية مكتسبة لا أصلية.

    كذلك يثور تساؤل في غاية الأهمية حول مدى اعتبار استرداد الجنسية حق للفرد أم منحة من جانب الدولة؟

    اختلف الفقه ازاء الاجابة على هذا التساؤل، وانقسم في شأن ذلك الى اتجاهين على النحو الآتي بيانه:

    الاتجاه الأول: يرى جانب من الفقه أنّ الاسترداد هو حق مقرر للشخص وبالتالي يتعين الحصول عليه بمجرد توافر بعض الشروط من بينها ابداء رغبته في العودة الى جنسية الدولة التي فقدها من قبل، أي أنّ الاسترداد يتم بقوة القانون، وبخاصة في الفروض التي يرجع فيها الفقد لسبب لا دخل لإرادة الشخص فيه، وذلك دون توقف على تقدير ملائمة عودة دخول الشخص في جنسية الدولة مرة أخرى من عدمه من جانب السلطات المختصة بمسائل الجنسية في الدولة[45].

    الاتجاه الثاني: على خلاف الاتجاه الأول يذهب جانب آخر من الفقه الى اعتبار الاسترداد منحة من جانب الدولة، وينبغي لذلك أن يتوقف على مشيئتها وسلطتها التقديرية وهو في ذلك كالتجنس تماما، لا سيما في الفروض التي يفقد فيها الشخص جنسيته بناء على رغبته وبإرادته وموافقته، لكن لا ينبغي أن يفهم من ذلك أنّ الاسترداد يفرض على فاقد الجنسية فرضا بل يتعين أيضا أن يبدي هذا الأخير رغبته في العودة الى جنسيته السابقة عن طريق تقديم طلب بذلك[46].

                 وبالرجوع الى موقف المشرع الجزائري من المسألة نجده قد تبنى الاتجاه الثاني عندما اعتبر الاسترداد منحة من طرف الدولة حيث علّق استرجاع الجنسية الجزائرية عن طريق الاسترداد بالنسبة للشخص الذي كان يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية، على موافقة وزارة العدل التي لها في شأن ذلك مطلق السلطة التقديرية في إجابة المعني بالأمر الى طلبه من عدمه، وذلك ما يظهر من خلال مستهل نص المادة 14 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل والمتمم بقولها "يمكن استرداد...".

     

    وكملخص لهذا الفصل نجد أنّ المشرع الجزائري –ورغم الغموض الذي يكتنف نص المادة 14 من قانون الجنسية الفاعل- الاّ أنّ كل الدلائل توحي بأنه قد جعل من الاسترداد طريقا خاصا ومستقلا لاكتساب الجنسية الجزائرية اللاحقة عن الميلاد، من خلال تمكينه كل شخص كان يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية وفقدها بسبب من الأسباب التي تضمنتها الفقرات 01، 02 و03 من المادة 18 من قانون الجنسية الجزائرية المعدل والمتمم من أن يسترد جنسيته الجزائرية المفقودة كجنسية مكتسبة لا أصلية، وذلك بعد توافر جملة من الشروط القانونية المتطلبة لذلك، وتقديمه طلب الى وزارة العدل التي لها في سبيل ذلك سلطة تقديرية مطلقة في اجابته لطلبه من عدمه.


     

     



    [1] صوفي حسن أبو طالب، المرجع السابق، ص 294.

    [2] أنظر: وسام توفيق عبد الله، خليل ابراهيم محمد، المرجع السابق، ص 03.

    [3] غالب علي الداودي، القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 256.

    [4] سامي بديع منصور، الوسيط في القانون الدولي الخاص، تقنية وحلول النزاعات الدولية الخاصة، الطبعة الأولى، دار العلـوم العربية

      بيرت، لبنان، 1994، ص 243.

    [5] صلاح الدين جمال الدين، القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 193.

    [6] هشام علي صادق، الجنسية المصرية، مرجع سابق، ص 138.

    [7] عبد الرسول عبد الرضا جابر شوكة، الاسترجاع حالاته (الرد والاستـرداد) وموقف المشرع العراقي، 2012، ص 1، بحث منشور على الموقع الآتي: http://www.uobabylon.edu.iq/uobcoleges/lecture.aspx?fid=7&lcid=31956

    [8] جابر ابراهيم الراوي، المرجع السابق، ص 74.

    [9] رعد مقداد محمود، الأحكام القانونية لاسترداد الجنسية العراقية دراسة في قانون الجنسية العراقية رقم (26) لسنة 2006 بالمقارنة مع

      بعض تشريعات الجنسية العربية، مجـلة المحقق الحلي للعلـوم القانونية والسياسية، جامعـة بابل، العراق، المجلد 7، الاصـدار 2

      2015، ص 294.

    [10] وسام توفيق عبد الله، خليل ابراهيم محمد، استـرداد الجنسية فـي القانون العراقـي والمقارن، مجلة جامعة تكريت للعلـوم القانونية

      والسياسية، العراق، المجلد 2، العدد 20، 2013، ص 06.

    [11] سعيد يوسف البستاني، الجنسية والقومية في تشريعات الدول العربية، مرجع سابق، ص 309.

    [12] أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع السابق، ص 803.

    [13] السيد عبد المنعم حافظ السيد، المرجع السابق، ص 429.

    [14] أحمد عبد الكريم سلامة، المرجع نفسه،، ص ص 803-804.

    [15] أنظر في هذا المعنى: عامر محمود الكسواني، المرجع السابق، ص 229-231.

    [16] أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص 229.

    [17] يعرف رد الجنسية بأنه "اجـــراء قانونـي بمقتضاه تعيد الدولة الــى الشخص الجنسية الوطنية، التـي حرمته منهــا أو نزعتها عنه سحبا أو

      اسقاطا، اذا اختفى سبب الحـرمان، ورأت صلاحية الانضمام مـرة أخرى الى عضوية شعبها"، أنظـر: أحمد عبد الكريم سلامة، المرجــع

      السابق، ص 827؛ كما يعـرف أيضــا على أنه "رخصة خولهـــا القانون للسلطة المختصة بتوقيــع عقاب سحب الجنسية أو اسقاطها عــن  

      الوطنـي الذي ارتكب ما يوجب توقيع هــذا العقاب، بمقتضاها يتم رفـع العقاب عن الشخص وتعـاد له جنسيته التـي سحبت منه أو اسقطت  

      عنه وذلك لظــروف معينة تبـــرر ذلك"، أنظر: جمال محمود الكردي، المرجع السابق، ص 116.

    [18] من ذلك قانون الجنسية المصرية نص على الاستـرداد في المـواد: 11/2، 13، 14 منه، بينما تطرق الى الرد في المادة 18 منه.

    [19] من ذلك هشام على صادق، الجنسية المصرية، مرجع سابق، ص 139؛عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص، مرجع سابق ص 470

      وما يليها؛ صوفي حسن أبو طالب، المرجع السابق، ص 288.

    [20] يعرف سحب الجنسية على أنّه "اجراء قانوني تحــرم أو تنزع بمقتضاه الدولة الجنسية على الشخص الذي اكتسبها فـي تاريـخ لاحـق على

      الميلاد بالتجنس أو بالزواج، وذلك خــلال مدة معينة من اكتسابه لهــا اذا ثبت سوء خلقه، أو خطورته على أمن الدولة، أو عــدم امانته في  

      تحصـله علــى الجنسية"، أنظــر: أحمد عبد الكريم سلامــة، المرجع السابق، ص 744؛ كمـــا تم تعــريفه أيضــا "أي السحب" علــى أنه

      "جــزاء يوقـــع علـى الوطنـي الطارئ خــلال فترة الريبة، أي خــلال الفترة التالية لاكتساب الجنسية والمحــددة قانونا"، أنظـــر: حفيظة

      السيد الحداد، الموجز فــي الجنسية اللبنانية ومركز الأجانب، مرجع سابق، ص221؛ وقد جعـل المشرع الجزائري السحب جــزاء يوقــع

      علــى كل وطني طارئ في خلال سنتين من نشــر مرســوم التجنس اذا تبين عـدم توافــر الشــروط القانونية المتطلبة لذلك، أو انه تحايـل

      مـن اجــل اكتساب الجنسية الجزائرية، وذلك ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 13 من قانون الجنسية الجزائرية النافذ بقولها: "يمكن

      دائمــا سحب الجنسية مــن المستفيد اذا تبين خـــلال عامين (2) من نشــر مرســوم التجنس فــي الجريدة الرسمية للجمهــورية الجزائرية

      الديمقراطية الشعبية، بأنه لم تكن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في القانون أو أنه استعمل وسائل الغش للحصول على الجنسية".

    [21] يعرف الاسقاط على أنه "الاسقاط هو عبارة عن عقوبة توقعها الدولة على من يحمل جنسيتها بنزعها منه، ولما كان هـذا الاجراء خطيرا

      لكونه لا يسري فقط على من يحمل الجنسية المكتسبة، وانما يسـري على أيضــا على المتمتع بالجنسية الأصلية، كما أنّ اللجــوء اليه غير

      محدد بزمن اذ يمكـن اللجوء اليه في كل وقت فان الفقه ينصــح بالتقليل من الحالات التي يلجأ فيها اليه"؛ أعــراب بلقاسم، المرجع السابق

      ص 227.

    [22] أنظر: حفيظة السيد الحداد، مدخل الى الجنسية ومركز الأجانب، مرجع سابق، ص 239؛ وأنظر أيضا: قصي محمد العيون، شرح أحكام

      الجنسية بالإضافة الى أحكام محكمة العـدل العليا فـي مسائل الجنسية، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمـان، الأردن، 2009

      ص ص 98-99.

    [23] وسام توفيق عبد الله، خليل ابراهيم محمد، المرجع السابق، ص 11.

    [24] من ذلك قانون الجنسية الكويتية الفاعل، الذي نظم الاسترداد في المواد: 11/2، 12، في حين نظّم الرد في المادة 15 منه.

    [25] من ضمنها قانون الجنسية المغربية الذي نظــم الاستــرداد (استرجاع الجنسية) فـي الفصـل 15 منه، بينمــا لم يتطــرق الى الــرد، كذلك

      قانون الجنسية وجوازات السفر الاماراتي الذي نظم الاستـرداد في المـواد 17 و 18 منه، بينما لم يتعـرض الى الرد.

    [26] تنص المادة 18 من الأمـر رقم 70-86 المعدل بموجب الأمـر 05-01 والمتضمن قانون الجنسية الجزائرية على "يفقد الجنسية

      الجزائرية:

    1-     الجزائري الذي اكتسب عن طواعية في الخارج جنسية أجنبية وأذن له بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية،

    2-     الجزائر، ولو كان قاصر، الذي له جنسية أجنبية أصلية وأذن له بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية،

    3-     المرأة الجزائرية المتزوجة بأجنبي وتكتسب جـراء زواجها جنسية زوجها وأذن لها بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية،

    4-     الجزائري الذي يعلن تخليه عن الجنسية الجزائرية في الحالة المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 17 أعلاه".

    [27] من بينهم: هشام صادق، عكاشة محمد عبد العال، حفيظة السيد الحداد، الجنسية ومركز الأجانب، مرجع سابق ، ص ص253-254.

      وكذا: قصي محمد العيون، المرجع السابق، ص 99.

    [28] أنظر: عكاشة محمد عبد العال، الوسيط في أحكام الجنسية، ص 605.

    [29] أنظر في هذا المعنى: هشام صادق، عكاشة محمد عبد العال، حفيظة السيد الحداد، المرجع نفسه، ص 253.

    [30] من ذلك: عكاشة محمد عبد العال، الوسيط في أحكام الجنسية، مرجع سابق، ص 601؛ عبد الرسول عبد الرضا جابر شوكة، المرجع

      السابق، ص 01.

    [31] من ذلك في الفقه المصري: هشـام صادق، عكاشة محمد عبد العال، حفيظة السيد الحـداد، المرجع السابق، ص 251؛ سامي بديع

      منصور، المرجع السابق، ص 243، هـشام علي صادق، الجنسية المصرية، مرجع سابق، ص 139؛ شمس الدين الوكيل، المرجع

      السابق، ص 197؛ ابراهيم احمد ابراهيم، المرجع السابق، ص 242 وما يليها؛ وفـي الفقه الجزائري: بن عياد جليلة، بعوني خالد

      المرجع السابق، ص 109، أعراب بلقاسم، المرجع السابق، ص229؛ ومن ذلك أيضا في الفقه الفرنسي:

    - Henri BATIFFOL, Paul LAGARDE, Droit international privé, 8 édition, op.cit, p 142.  

    [32] محمد السيد عرفة، القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 109؛ هشام علي صادق، القانون الدولـي الخاص، الجنسية – تنـازع

      الاختصاص القضائي- تنازع القوانين، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، مصر، 2004، ص 142.

    [33] وسام توفيق عبد الله، خليل ابراهيم محمد، المرجع السابق، ص 08.

    [34] أخذ المشرع الجزائري بعد تعديله لقانون الجنسية بموجب الأمـر 05-01  بالاتجاه الذي يضع المتجنس والوطني الأصيل على كف

      المساواة من خلال تمكينه من التمتع بكل الحقوق المتعلقة بالصفة الجزائرية؛ أنظر فيما سبق: ص 130 وما يليها.

    [35] هشام صادق، عكاشة محمد عبد العال، حفيظة السيد الحداد، المرجع السابق، ص ص 251-252.

    [36] من بينهم: محمد السيد عرفة، القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 110؛ سعيد يوسف البستاني، الجنسية والقومية في تشريعات الدول العربية، مرجع سابق، ص 312، السيد عبد المنعم حافظ السيد، المرجـع السابق، ص 428؛ حسنين ضـياء نـوري الموسوي استرداد الجنسية (دراسة مقارنة في قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006)، مجـلة القادسية للقانون والعلـوم السياسية، جامعة القادسية، العـراق، المجلد 4، العدد 2، 2011، ص 249، صلاح الدين جمال الدين، القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 194؛ الشنيوي نورة غزلان، القانون الدولي الخاص المغربي، الجزء الأول، بحث في  النظرية العامة للجنسية المغربية مع اخر المستجدات الطبعة الثانية، مطبعة الورود، المغرب، 2010، ص 129.

    [37] عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص ص 232-233.

    [38] جمال محمود الكردي، المرجع السابق، ص ص 106-107.

    [39] وسام توفيق عبد الله، خليل ابراهيم محمد، المرجع السابق، ص 09.

    [40] على غرار: زروتي الطيب، الوسيط في الجنسية الجزائرية، المرجع السابق، ص 442؛ بن عياد جليلة، بعوني خالد، المرجع السابق

      ص 109.

    [41] من ذلك: محمد التغدويني، المرجـع السابق، ص 160؛ حسن الهـداوي، المرجع السابق، ص 193، موسى عبود، المرجع السابق

      ص 56.

    [42] أنظر في هذا المعنى: أحمد زوكاغي، أحكام القانون الدولي الخاص في التشريع المغربي، الجنسية، الطبعة الأولى، دار توبقال للنشر

      الدار البيضاء، المغرب، 1992، ص 71؛ وانظر أيضا: محمد التغدويني، المرجع نفسه، ص 159.

    [43] من ذلك: زروتي الطيب، الوسيط فـي الجنسية الجزائرية، مرجـع سابق، ص 444؛ أعـراب بلقاسم، المرجع السابق، ص 229؛

      بوجنانة عبد القادر، المرجع السابق، ص 504؛ أحمد زوكاغي، المرجـع السابق، ص 71؛ هشـام صادق، عكاشة محمد عبد العال

      حفيظة السيد الحداد، المرجع السابق، ص 284.

    [44] أحمد زوكاغي، المرجع نفسه، ص 71.

    [45] عامر محمود الكسواني، المرجع السابق، ص 228؛ عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 470.

    [46] جمال محمود الكردي، المرجع السابق، ص 108.