محاضرات في قانون الإجراءات الجزائية المجموعة الأولى الدكتور عبدلي حمزة
Topic outline
-
-
Forum
-
بطاقة التواصل ومعلومات المقياس:
- اسم ولقب الأستاذ: عبدلي حمزة
- البريد الإلكتروني: hamza.abdelli@univ-msila.dz
- كلية: الحقوق والعلوم السياسية
- القسم: الحقوق
- المستوى الدراسي: سنة ثانية ليسانس (جذع مشترك)
- السداسي: الثاني
- السنة الجامعية: 2022/2023
- عنوان المقياس:قانون الاجراءات الجزائية (محاضرات)
- الرصيد: 4
- المعامل: 3
- الحجم الساعي: 3 ساعات.
- الفئة المستهدفة: دروس موجهة إلى طلبة السنة الثانية جذع مشترك ليسانس حقوق
- المكتسبات (المتطلبات القبلية):
- المعارف المكتسبة والتكوين القاعدي للطالب في النظرية العامة للجريمة
- القدرة على توظيف الدروس المتعلقة بالجريمة وكيفيات متابعتها طبقا لقانون الاجراءات الجزائية.
- الهدف العام للمادة التعليمية:
- إثراء معارف الطالب فيما يتصل بقانون الاجراءات الجزائية وشروط قيام الدعوى العمومية والتحقيق فيها ومعرفة مألات القضية الى المحاكمة .
- أهداف التعلم (المهارات المراد الوصول إليها):
- تأهيل الطالب الى تكوين في مجال متابعة الجرائم منذ مرحلة البحث والتحري والاستدلال الى مرحلة الحكم ومابعد الحكم والطعون وتنفيذه .
- التقويم التشخيصي:
- ما هي أهم عناصر البحث والتحري عن الجرائم؟
- اذكر طرق تصرف وكيل الجمهورية في محاضر الجريمة فيما يخص الدعوى العمومية؟
- ما هي اوامر قاضي التحقيق؟
- ما هي اجراءات المحاكمة حسب تصنيف الجرائم ومرتكبيها؟
- اذكر طرق الطعن في الاحكام الجزائية؟
- أهم دروس هذا المقياس
المحور الأول: الاطار المفاهيمي للدعوى العمومية.
- مفهوم الدعوى العمومية
- النيابة العامة
- الدعوى المدنية بالتبعية
المحور الثاني: البحث والتحري والاستدلال
- الضبطية القضائية
- محاضر البحث والتحري والاستدلال
- الاختصاص المكاني والزماني
- الاختصاص النوعي
المحور الثالث: التحقيق الابتدائي
- اوامر قاضي التحقيق
- التصرف في ملف التحقيق
المحور الرابع: المحاكمة والطعون
- محكمة الجنح والمخالفات
- محكمة الأحداث
- محكمة الجنايات
- الطعون الجزائية
-
-
-
مقدمة:
لا شك في القول بأن جميع المجتمعات المعاصرة يجب أن تسن وتسود فيها قواعد قانونية تعمل على تنظيم العلاقات بين مكونات الدولة الحديثة من أفراد ومؤسسات.
ولعل قانون الإجراءات الجزائية أحد اهم النصوص التشريعية في المنظومة القانونية للدولة ،بما يكتسي من أهمية تتعلق بجهود المجتمعات في مكافحة الجريمة والعيش في كنف الأمن والاستقرار وضبط علاقات المواطنين و حماية المجتمع
ناهيك عل أن هذه الجهود في عقاب المجرمين يجب أن لا تؤدي إل انتهاك حريات وحقوق الاخرين، حيث يعمل قانون الإجراءات الجزائية عل ضبط إجراءات التحقيق والمحاكمة ووضع ضمانات للمهتم في الدفاع عن نفسه وعدم انتهاك حقوقه المشروعة، مع الوصول إلى أدلة الإدانة والبراءة.
كما أن قانون الاجراءات الجزائية يهدف إلى تفصيل أحكام سير المتابعة الجزائية والشكليات والوسائل الواجب اتباعها من أجل قيام المحاكمة وتوقيع الجزاء.
بحيث لا معنى لتجريم الفعل إن لم يكن هناك جزاء رادع عند إتيانه ، بعد التثبت من وقوع الجريمة عن طريق إجراءات و قواعد محددة ، تبين الجهات المختصة في ضبط هذه الجرائم و إثباتها بالطرق التي حددها القانون في ذلك و السلطات و الصلاحيات الممنوحة لها للقيام بالمهام المنوطة بها في هذا الإطار وصولا لمعرفة إستحقاق الجاني للجزاء الجنائي من عدمه ، و الذي يختلف من جريمة إلى أخرى حسب درجة الأفعال المكونة للركن المادي و الظروف المقترنة بها.
و لذلك سنتناول في هذه المحاضرات شرحا لقانون الإجراءات الجزائية من حيث شروط قيام الجرائم والمحاكمة والاثبات.
مبحث تمهيدي: قانون الإجراءات الجزائية (المفهوم و النظام الاجرائي)
يجدر بنا قبل أن نتطرق للمحاضرات المتعلقة بقانون الإجراءات الجزائية، أن نعطي لمحة عن المفهوم وموقف المشرع الجزائري من الأنظمة الإجرائية حيث نتناول في المطلب الأول مفهوم قانون الإجراءات الجزائية وفي المطلب الثاني الأنظمة الاجرائية المقارنة والمشرع الجزائري
المطلب الأول: مفهوم قانون الإجراءات الجزائية
الفرع الأول: المفهوم
يعرف قانون الإجراءات الجزائية على أنه هو مجموعة قواعد قانونية تحدد السبل و القواعد المقررة للمطالبة بتطبيق القانون على كل من أخل بنظام الجماعة بارتكابه لجريمة جناية أو جنحة أو مخالفة، فيحدد الأجهزة القضائية و الشبه القضائية و اختصاصاتها و الإجراءات المتبعة في المراحل الاجرائية المختلفة التي تهدف جميعها إلى الوصول الي الحقيقة المنشودة، و هي تطبيق القانون على من خرق أحكامه بمخالفة أوامره نواهيه، عن طريق الإجراءات الأولية أو الاستدلالية التي يقوم بها جهاز الضبطية القضائية و عن طريق الدعوى العمومية التي تحركها و تباشرها النيابة العامة [1]
وبالتالي يعتبر قانون الإجراءات الجزائية عنصر أساسيا في العقاب على الجريمة من خلال تنظيم كيفيات البحث و الاستدلال والتحقيق الابتدائي و مختلف الإجراءات التي تمر بها الدعوى تمهيدا للمحاكمة ثم تبين قواعد الإجراءات الجزائية كيفيات سير اجراءات المحاكمة و صدور الأحكام و الطعن فيها.
الفرع الثاني: تطبيق قواعد قانون الإجراءات الجزائية
طبقا لمبدأ إقليمية القوانين بصفة عامة فإن قانون الإجراءات الجزائية يسري عليه هذا المبدأ فهو يسري على الجرائم التي ترتكب على الإقليم الوطني ناهيك على أنه ذو علاقة بقانون العقوبات حيث نصت المادة 03 منه على أنه يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أرجاء الجمهورية كما يطبق على الجرائم التي ترتكب في الخارج إذا كانت تدخل في اختصاص المحاكم الجزائية الجزائرية طبقا لقانون الإجراءات الجزائية ".
المطلب الثاني:
الأنظمة الاجرائية المقارنة والمشرع الجزائري
أخذت معظم التشريعات الاجرائية المقارنة باتجاهات معينة في نظمها الإجرائية وهي النظام الاتهامي و النظام التفتيشي
الفرع الأول: النظام الاتهامي
يعتبر النظام الاتهامي اقدم الأنظمة الاجرائية و هو أبسطها حيث تكون الدعوى العمومية فيه مبارزة بين خصمين يقفا أمام القاضي متساوين، واحد يتهم و الآخر يحاول دفع التهمة عن نفسه بتقديم أدلة براءته ، و يقتصر دور القاضي على أن يكون حكما بينهما و يسود النظام الاتهامي الأنظمة الأنجلوسكسونية و الأنظمة المتأثرة بها. [2]
وبذلك فإن المتهم يقع عليه عبئ إثبات براءته و عليه أن يبحث بنفسه و أن يقدم للقاضي الأدلة التي ينفي بها الاتهام عن نفسه، و أن الدعوى تقدم مباشرة إلى المحكمة دون المرور بمرحلة التحقيق و ان إجراءات المحاكمة تكون علانية وشفاهية و في حضور الخصوم،ـ و أن القاضي يحكم في الدعوى وفق عقيدته الذاتية اي وفقا لمبدأ اقتناع القاضي المعروف حاليا [3]
ولعل هذا راجع إلى كون التحقيق الابتدائي و المحاكمة يحكمها مبدأ العلانية في التشريعات التي تأخذ بالنظام الاتهامي و يرجع أصل ذلك إلى مبدأ تغليب ضمانات المتهم على مصلحة التحقيق.
الفرع الثاني: النظام التفتيشي
و يعرف أيضا بنظام التحري والتنقيب وهو نظام يتبع من حيث ظهوره تاريخيا النظام الإتهامي، و هو يقوم على أفكار و قواعد تختلف في جوهرها و أسسها عن افكار النظام الاتهامي، فالخصومة فيه تعني الوصول إلى الحقيقة دون التقيد بطلبات خصومها و ما يبدونهم من ادلة وهي ملك للدولة اي أن الاتهام في النظام التفتيشي أصبح من اختصاص القاضي لا يحتاج فيه لشكوى من المجني عليه[4]
الفرع الثالث: موقف المشرع الجزائري
تأثرت كثير من التشريعات بالنظام المختلط في مرحلة مهمة في الأخذ بأحد النظامين، وقد نشأت هذه المرحلة في ظل نظام التحري والتنقيب، وتهدف إلى التحضير للدعوى، وقد كانت في مرحلة سابقة لا تهدف إلا لجمع الأدلة دون مراعاة ضمانات الحرية، إلا أنه تحت تأثير تطور النظام الاتهامي وارتفاع مبادئ الحرية والعدل أمكن المزج بين نظام التحري و التنقيب و النظام الإتهامي في صورة نظام مختلط، يجمع بين هدف جمع الدليل و هدف حماية ضمانات المتهم في الدفاع و الحرية. [5]
وباستقراء مواد قانون الإجراءات الجزائية نجد أن المشرع الجزائري مزج بين النظامين فنجد الأسس التي يقوم عليها النظام الاتهامي تارة ونجد الأسس التي يقوم عليها النظام التفتيشي تارة أخرى، و يتجلى ذلك من خلال العناصر التالية،
- وجود الأصل العام في تحريك الدعوى العمومية المنوط بالنيابة العامة رغم وجود الحق في تحريك الدعوى العمومية من طرف المتضرر.
- الفصل بين جهات الحكم و الاتهام.
- وجود مبدأ العلنية و الحضورية أثناء مرحلة المحاكمة.
الباب الأول:
الدعاوى الناشئة عن الجريمة
تنشأ عن كل جريمة بمختلف أصنافها أضرار ناتجة عن السلوك الإجرامي الذي أتاه المتهم وتنقسم هاته الأضرار إلى ضرر عام وضرر خاص.
ولما كان من المسلم به هو وجوب استيفاء المتضرر لحقه، فإن القانون جعل ذلك عن طريق الدعوى القضائية.
فبالنسبة للضرر العام فهو ما أصاب المجتمع جراء هذه الجريمة من عدم استقرار و انتشار للأفعال المجرمة قانونا والتي تهدد كيان الفرد والمجتمع، هنا تنشأ الدعوى العمومية ضد الفاعل للمطالبة بتوقيع العقاب على المتهم من طرف النيابة العامة التي تمثل المجتمع.
بالنسبة للضرر الخاص فإنه يلحق الفرد في ماله أو سلامة جسمه و ينشأ له الحق في المطالبة بتعويض عن الضرر الذي لحق به من خلال الدعوى المدنية بالتبعية.
وهو ما سندرسه بالتفصيل في هذا الباب وإن كانت هاته الدعوى الأخيرة لا تشمل جميع الجرائم كما سيأتي بيانه.
الفصل الأول
مفهوم الدعوى العمومية وخصائصها
وفيه نتناول مفهوم الدعوى العمومية وتمييزها عن الدعوى المدنية باعتبارها أداة لمعاقبة الفاعل عن ارتكبه طبقا للقانون، فنخصص المبحث الأول إلى تعريف الدعوى العمومية وتمييزها عن الدعوى المدنية بالتبعية والمبحث الثاني: خصائص الدعوى العمومية
المبحث الأول: تعريف الدعوى العمومية وتمييزها عن الدعوى المدنية بالتبعية
حيث نتناول في هذا المبحث مفهوم الدعوى العمومية وتبيان اختلافها مع عناصر الدعوى العمومية، من خلال المطالب التالية:
المطلب الأول:
تعريف الدعوى العمومية
نصت المادة الأولى مكرر على أن " الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات يحركها ويباشرها رجال القضاء أو الموظفون المعهود إليهم بها بمقتضى القانون، كما يجوز أيضا للطرف المتضرر أن يحرك هذه الدعوى طبقا للشروط المحددة في هذا القانون ".
تهدف الدعوى العمومية إلى المطالبة بتوقيع العقاب على مرتكب الجريمة وتعتبر بحسب الأصل النيابة العامة هي صاحبة الإختصاص في تحريك الدعوى العمومية باسم المجتمع و لحسابه[6].
ونصت المادة 29 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع و تطالب بتطبيق القانون و هي تمثل أمام كل جهة قضائية...".
حيث ذكرت المادة السابقة الذكر الدعوى العمومية و من يباشرها و يمثلها و لم تعرفها.
حيث تعرف الدعوى العمومية على أنها " الطلب الموجه من الدولة ( النيابة العامة ) إلى القضاء لإقرار حقها في العقاب ضد متهم معين عن طريق إثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى هذا المتهم ". [7]
المطلب الثاني:
الفرق بين الدعوى العمومية و الدعوى المدنية بالتبعية
تتميز الدعوى العمومية عن الدعوى المدنية بالتبعية بأهم الاختلافات التالية:
أولا- الدعوى العمومية هدفها توقيع العقاب على المجرم و المتمثل في العقوبات السالبة للحرية أو الغرامة أو المصادرة، أما الدعوى المدنية بالتبعية فغايتها طلب التعويض عن الضرر الذي لحق بالفرد من هذه الجريمة.
ثانيا- كل الجرائم تنشأ عنها دعاوى عمومية لمعاتبة المجرم و العكس غير صحيح حيث يمكن أن تشمل الجريمة على الدعوى العمومية و الدعوى المدنية بالتبعية أو تقتصر على الدعوى العمومية فقط مثل جرائم التسول مع استقلالية الدعويين عن بعض.
المبحث الثاني:
خصائص الدعوى العمومية
نتطرق في هذا المبحث الى خصائص الدعوى العمومية، التي تميزها وتعطي لها بعض الخصوصية عند مباشرتها من خلال المطالب التالية:
المطلب الأول: خاصية العمومية
حيث أن الدعوى العمومية لها مميز أساسي يتمثل في أنها ملك للمجتمع لاستيفاء الحق العام في عقاب المجرم تحقيقا للمصلحة العامة و استقرار الدولة من خلال الجزاء المستحق الذي يقره قانون العقوبات لكل جريمة.
فالدعوى العمومية تباشرها النيابة العامة كسلطة قضائية في الدولة بغض النظر عن السماح بتحريك إجراءاتها في حالة الإدعاء المباشر بواسطة المتضرر من الجريمة.
فالصفة العمومية للدعوى الجنائية متعلق بصاحب الحق في هذه الدعوى لا بصفة القائم بتحريكها. [8]
المطلب الثاني: خاصية الملائمة
تنص المادة 36 فقرة 03 على أنه " يقوم وكيل الجمهورية بما يأتي ... مباشرة أو الأمر باتخاذ الشكاوى و البلاغات و يقرر في أحسن الآجال ما يتخذ بشأنها و يخطر الجهات القضائية المختصة بالتحقيق أو المحاكمة للنظر فيها أو يأمر بحفظها بمقرر يكون قابلا دائما للمراجعة و يعلم به الشاكي و / أو الضحية إذا كان معروفا في أقرب الآجال و يمكنه أيضا أن يقرر إجراء الوساطة بشأنها ... ".
فيتبين من خلال هذه المادة أن للنيابة العامة حرية النظر في ملائمة الإجراءات لمختلف الجرائم أو عناصرها و اتخاذ ما تراه مناسبا و استكمال السير في الدعوى أو حفظ القضية فيمكن للنيابة العامة أن لا ترى حاجة لتحريك الدعوى العمومية أصلا غير أنها إذا قامت بتحريك الدعوى العمومية فإنها تفقد مبدأ الملائمة و لا يمكن لها التصرف في الدعوى لأنها أصبحت لدى القضاء " التحقيق أو الحكم ".
و يبقى لها دائما الحرية في إبداء أي طلبات أو طلب إجراء معين في كافة مراحل التحقيق من أجل إظهار الحقيقة. [9]
المطلب الثالث:
خاصية التلقائية
بالإضافة إلى حرية اختيار النيابة العامة في اتخاذ الإجراءات الملائمة في الدعوى العمومية فإن هناك تلقائية في اتخاذ هذه الإجراءات متى وصل خبر وقوع الجريمة إلى علمها فيكون تحريك الدعوى العمومية تلقائيا ما لم يفرض القانون قيدا على تحريكها بشكوى من المجني عليه أو طلب من جهة معينة أو إذن.
المطلب الرابع:
خاصية عدم قابلية الدعوى العمومية للتنازل
و تتمثل هذه الخاصية في أنه عندما يتم تحريك الدعوى العمومية فإنها تدخل تحت السلطة القضائية من جهات التحقيق و غرفة الاتهام و جهات الحكم فتصبح هاته الأخيرة هي الأساس في تقرير الحكم فيها بما يحقق الحق العام للمجتمع في الأمن و الاستقرار مع بقاء الحرية لسلطة النيابة العامة في تقديم ملاحظات أو طلبات كتابية تراها لازمة لتطبيق القانون في القضية.
الفصل الثاني
الدعوى العمومية والنيابة العامة
حيث نتناول في هذا الفصل القائم بتحريك الدعوى العمومية وهي النيابة العامة كطرف اصلي.
المبحث الأول : النيابة العامة
ونتطرق إلى المفهوم والهيكلة في المطلب الأول، ونخصص المطلب الثاني الى الخصائص
المطلب الأول: المفهوم و الهيكلة
الفرع الأول: تعريف النيابة العامة
لم يعرف قانون الإجراءات الجزائية النيابة العامة و لكن نص على صلاحيتها واختصاصاتها.
حيث نصت المادة 29 منه على أنه " تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع و تطالب بتطبيق القانون و هي تمثل أمام كل جهة قضائية و يحضر ممثلها المرافعات أمام الجهة القضائية المختصة و يتعين أن ينطق بالأحكام في حضوره كما تتولى العمل على تنفيذ أحكام القضاء و لها في سبيل مباشرة وظيفتها أن تلجأ إلى القوة العمومية كما بضباط و أعوان الشرطة القضائية "
وقد عرفت بأنها جهاز قضائي جنائي أنيط به تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها أمام القضاء الجنائي. [10]
وقد سمي أعضاء النيابة العامة بالقضاء الواقف إشارة إلى أن هؤلاء يقفون عند ممارسة وظائفهم خلافا لقضاء الحكم الذي يظل جالسا عند المحاكمة. [11]
ولا يتميز أعضاء النيابة العامة عن القضاة بصفة عامة باعتبارهم يحملون نفس التكوين في المدرسة العليا للقضاء ثم يوزعون على المحاكم باعتبارهم نيابة عامة أو قضاة حكم و غير ذلك.
الفرع الثاني: هيكلة النيابة العامة
نصت المادة 02 من القانون 04-11 المتضمن القانون الأساسي للقضاء على أن " سلك القضاء يشمل قضاة الحكم و النيابة العامة للمحكمة العليا و المجالس القضائية و المحاكم التابعة للنظام القضائي العادي ".
والنيابة العامة في مختلف درجات التقاضي على مستوى المحكمة الابتدائية ، المجلس القضائي و المحكمة العليا.
أولا: النائب العام
حيث يوجد على مستوى المحكمة العليا نائب عام و النائب العام المساعد الأول و النواب العامون المساعدون و يمثل النيابة العامة لدى المجالس القضائية النائب العام و يساعده في ذلك نائب عام مساعد أو أكثر حيث تنص المادة 33 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " يمثل النائب العام النيابة العامة أمام المجلس القضائي في مجموعة المحاكم و يباشر قضاة النيابة الدعوى العمومية تحت إشرافه و يعمل النائب العام على تنفيذ السياسة الجزائية التي يعدها وزير العدل ".
غير أن النيابة العامة على مستوى المجالس القضائية لا تربطها أي علاقة رئاسية بالنيابة العامة الموجودة على مستوى المحكمة العليا لأن التسلسل الهرمي للنيابة العامة يبدأ على مستوى المجلس القضائي ثم المحكمة و أن سلطة وزير العدل على النيابة العامة تكون مباشرة على النائب العام على مستوى المجلس القضائي ففي هذا الصدد تنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " يسوغ لوزير العدل أن يخطر النائب العام بالجرائم المتعلقة بالقانون العام كما يسوغ له فضلا عن ذلك بأن يباشر أو يعهد مباشرة متابعة أو يخطر الجهة القضائية المختصة بما يراه م لائما من طلبات كتابية ".
ثانيا: وكيل الجمهورية
بالنسبة للمحكمة فإن النيابة العامة تمثل من طرف وكيل الجمهورية ووكيل جمهورية مساعد أو أكثر.
فيمثل وكيل الجمهورية النائب العام لدى المحكمة بنفسه أو بواسطة احد مساعديه و هو يباشر الدعوى العمومية في دائرة المحكمة التي بها مقرر عمله. [12]
وبذلك نجد أن النائب العام يشرف على عمل وكلاء الجمهورية على مستوى المحاكم التابعة للمجلس القضائي [13]، فهو ممثل للنائب العام في سلطة المتابعة و الاتهام و قد عددت المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية اختصاصات وكيل الجمهورية بقولها : يقوم وكيل الجمهورية بما يلي :
- إدارة نشاط ضباط و أعوان الشرطة القضائية في دائرة اختصاص المحكمة، و له جميع السلطات و الصلاحيات المرتبطة بصفة ضباط الشرطة القضائية.
- مراقبة تدابير التوقيف للنظر.
- زيارة أماكن التوقيف للنظر لمرة واحد على الأقل كل ثلاثة (03) أشهر، و كلما رأى ذلك ضروريا.
- مباشرة أو الأمر باتخاذ الإجراءات اللازمة و التحري عن الجرائم المتعلقة بالقانون الجزائي.
- المحاضر و الشكاوي و البلاغات و يقرر في أحسن الآجال ما يتخذ بشأنها و يخطر الجهات القضائية المختصة بالتحقيق أو المحاكمة للنظر فيها أو يأمر بحفظها بمقرر يكون قابلا دائما للمراجعة، ويعلم به الشاكي أو الضحية إن كان معروفا في أقرب الآجال و يمكنه أيضا أن يقرر إجراء الوساطة بشأنها.
- إبداء ما يراه لازما من طلبات أمام الجهات القضائية المذكورة أعلاه.
- الطعن عند الاقتضاء في القرارات التي تصدرها بكافة طرق الطعن القانونية .
- العمل على تنفيذ قرارات التحقيق وجهات الحكم.
المطلب الثاني : خصائص النيابة العامة
تحكم النيابة العامة مجموعة من المبادئ الخاصة بها من أجل تحقيق أهدافها في حماية استقرار و أمن المجتمع و هي:
الفرع الأول: وحدة النيابة العامة
النيابة العامة ككل هي جزء لا يتجزأ من أجل وحدة تمثيلها للمجتمع فوجود النائب العام لدى المجلس القضائي و وكلاء الجمهورية على مستوى المحاكم لا يعتبر تجزئة لعمل النيابة العامة بل هو كل متكامل ، فالنائب العام له الحق في أن يحرك و يباشر الدعوى العمومية بنفسه ضد أي شخص قانوني كان و في أي مكان في نطاق اختصاصه أو يكلف أحد النواب العامون المساعدون أو وكلاء الجمهورية بذلك.
كما يترتب عن هذه الوحدة أن الإنابة بين أعضاء النيابة أو تمثيل بعضهم البعض جائز قانونا عكس الاستقلالية التي يتميز بها قضاة الحكم، حيث يمكن أن يقوم بالاتهام النائب العام ويكمل الإجراءات الناب العام المساعد و يطعن في الإجراءات و الأوامر وكيل الجمهورية على مستوى المحكمة و لذلك الصحيح أن أعضاء النيابة العامة من الناحية القانونية بمثابة شخص واحد فذاتية الأعضاء تذوب في الوظيفة التي تنهض بها النيابة العامة، مما يترتب عليه أن كل ما يقومون به أو يقولونه لا يصدر عنهم بأسمائهم و إنما باسم النيابة العامة بأسرها[14]
وقد نصت المادة 33 من قانون الإجراءات الجزائية على " يمثل النائب العام النيابة العامة أمام المجلس القضائي و مجموعة المحاكم، و يباشر قضاة النيابة الدعوى العمومية تحت إشرافه، يعمل النائب العام على تنفيذ السياسة الجزائية التي يعدها وزير العدل و يرفع له تقريرا دوريا عن ذلك ".
فالنائب العام يعتبر رأس النيابة العامة على مستوى المجلي القضائي و دائرة اختصاصه و تحت إشراف وزير العدل.
الفرع الثاني: التبعية التدرجية
رغم أن النيابة العامة تتمتع بسلطة الملائم فيما تراه مناسبا من إجراءات يجب اتخاذها في القضية المطروحة أمامها إلا أن هذا لا يمثل استقلاليتها بل هو جزء وصفة من أعمالها بحيث أن السلطة السلمية و التدرجية هي الأصل في عمل النيابة العامة.
فهي تشكل هرما أعلاه وزير العدل ثم النائب العام ثم وكلاء الجمهورية وفي ذلك نصت المادة 30 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " يسوغ لوزير العدل أن يخطر النائب العام بالجرائم المتعلقة بقانون العقوبات كما يسوغ له فضلا عن ذلك أن يكلفه كتابة بأن يباشر أو يعهد مباشرة متابعات أو يخطر الجهات القضائية المختصة بما يراه ملائما من طلبات كتابية ".
و بذلك يباشر قضاة النيابة الدعوى العمومية تحت إشراف النائب العام و الذي بدوره يكون تحت إشراف و تبعية لوزير العدل ن فيلزم ممثلو النيابة العامة بتقديم طلبات مكتوبة طبقا للتعليمات التي ترد لهم عن طريق التدرجي. ([15])
ناهيك على أن لوزير العدل سلطة المساءلة التأديبية و توجيه الإنذار لأعضاء النيابة العامة، حيث نصت المادة 22 من قانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ في 06/04/2004 المتضمن القانون الأساسي للقضاء على أنه " يباشر وزير العدل الدعوى التأديبية أمام المجلس الأعلى للقضاء في تشكيلته التأديبية " ونصت المادة 71-01 من على أنه " يمكن لوزير العدل أن يوجه إنذار للقاضي دون ممارسة دعوى تأديبية ".
الفرع الثالث: استقلالية النيابة العامة
يعتبر مبدأ استقلالية السلطة القضائية من أهم المبادئ الراسخة في مختلف الأنظمة القانونية المقارنة و في التشريع الجزائري أيضا و بما أن النيابة العامة تعتبر جزءا من السلطة القضائية حيث تنص المادة 02 من القانون 04-11 المتضمن القانون الأساسي للقضاء على أنه " يشمل سلك القضاء قضاة الحكم و النيابة العامة للمحكمة العليا و المجالس القضائية و المحاكم التابعة للنظام القضائي العادي ".
و نظرا لأن عمل النيابة يتمثل في حماية الحق العام فهي مستقلة في إطار عملها عن قضاة الحكم و غير ملزمة اتجاههم بأي مسؤولية ، كتلقي طلبات أو توجيه إجراءات منها ، حتى أن سلطة التحقيق لا يجوز لها أن تجري تحقيقا إلا بموجب طلب من وكيل الجمهورية لإجراء التحقيق حتى ولو كان ذلك بصدد جناية أو جنحة متلبس بها. ([16])
غير أن هذه الاستقلالية لا تخرج عن الإطار القانوني الذي ينص على الإشراف و التبعية من السلطة السلمية، فللنائب العام وحده سلطة في توجيه إنذار لعضو النيابة، و إن كانت هذه التبعية لا أثر لها باعتبار النيابة العامة وحدة متكاملة لا تتجزأ ، بل أن لها الحرية في إبداء ما تراه.
الفرع الرابع: عدم رد عضو النيابة العامة
يعتبر حق رد القاضي من أهم ضمانات المحكمة العادلة و الرد هو طلب التنحي عن نظر القضية لوجود صلة قرابة أو تبعية للقاضي مع أحد أطراف الدعوى و كل ما حددته المادة 554 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على " يجوز كلب رد أي قاضي من قضاة الحكم للأسباب التالية :
1- إذا كانت ثمة قرابة أو نسب بين القاضي أو زوجة أو بني أحد الخصوم في الدعوى أو زوجة أو قرابة حتى درجة ابن العم الشقيق أو ابن الخال الشقيق ضمنا
ويجوز مباشرة الرد حتى في حالة الطلاق أو وفاة الزوج إذا كان على علاقة مصاهرة بأحد الخصوم حتى الدرجة الثانية ضمنا .
2- إذا كانت للقاضي مصلحة في النزاع أو لزوجه أو للأشخاص الذين يكون وصيا أو ناظرا أو قيما عليهم أو مساعدا قضائيا لهم أو كانت للشركات أو الجمعيات التي يساهم في إدارتها و الإشراف عليها مصلحة فيه .
3- إذا كان القاضي أو زوجه قريبا أو صهرا إلى الدرجة المعينة آنفا للوصي أو الناظر أو القيم أو المساعد القضائي على أحد الخصوم أو لمن يتولى تنظيم أو إدارة أو مباشرة أعمال شركة تكون طرفا في الدعوى .
4- إذا وجد القاضي أو زوجه في حالة تبعية بالنسبة لأحد الخصوم و بالأخص إذا ما كان دائما أو مدينا لأحد الخصوم أو وارثا أو مستخدما أو معتادا ..... أو معاشرة المتهم أو المسؤول عن الحقوق المدنية أو المدعي أو كان أحد منهم وارثه المنتظر .
5- إذا كان القاضي قد نظر القضية المطروحة كقاض أو كان محكما أو محاميا فيها أو أدلى بأقواله كشاهد على وقائع الدعوى .
6- إذا وجدت دعوى بين القاضي أو زوجه و أقاربهما أو أصهارهما على عمود النسب المباشر و بين أحد الخصوم أو زوجه أو أقاربه أو أصهاره على العمود نفسه ".
7- إذا كان للقاضي أو لزوجه دعوى أمام المحكمة التي يكون فيها أحد الخصوم قاضيا.
8- إذا كان للقاضي أو زوجه أو أقاربهما أو أصهارهما على عمود النسب المباشرة نزاع مماثل للنزاع المختصم فيه أمامه بين الخصوم.
9- إذا كان بين القاضي أو زوجه و بين أحد الخصوم من المظاهر الكافية الخطورة ما يشتبه معه في عدم تحيزه في الحكم .
بل ألزم القانون كل قاض يعلم بقيام سبب من أسباب الرد السابق لديه أن يصرح بذلك لرئيس المجلس القضائي بدائرة الاختصاص حي يزاول مهنته و لرئيس المجلس القضائي أن يقرر ما ذا كان ينبغي عليه عن نظر الدعوى . ([17])
غير أن كل ما تقدم لا يسري على عضو النيابة العامة حيث نصت المادة 555 من قانون الإجراءات الجزائية على عدم جواز رد رجال القضاء أعضاء النيابة العامة .
ويعود هذا إلى أن النيابة العامة طرف خصم في القضية و ليس مقررا فيها مثل قاضي الحكم و قاضي التحقيق.
فالإجراءات و الأوامر التي يصدرها تتعلق بمجال البراءة أو الإدانة بل متعلقة بكيفيات استفاء حق المجتمع و تحقيق العدالة.
و لقاضي الحكم من بعد ذلك تحديد ما إذا كان المتهم بريئا أو مدانا باقتراف أفعاله.
الفرع الخامس: عدم مسؤولية عضو النيابة العامة
تعتبر النيابة العامة خصما في الدعوى العمومية غير أنها لا تمثل أي مسؤولية أو كلبا للتعويض أو المصاريف بسبب أعمالها، كأوامر الإيداع أو التفتيش و غيرها، مثل ما هو مقرر الخسارة أحد الخصوم الدعوى و تحمله المصاريف القضائية خارج إطار الدعوى العمومية.
غير أن عدم المسؤولية ليس مطلقا حيث ورد استثناء إذا كان ما صدر عن النيابة العامة خطأ مهنيا فيكون تحت طائلة المسؤولية التأديبية في إطار مبدأ التبعية التدرجي .
و إن كان هناك مساءلة بالتبعية لعضو النيابة في الإطار العام عن الخطأ القضائي.
حيث نصت المادة 531 مكرر قانون الإجراءات الجزائية على أنه " يمنح للمحكوم عليه المصرح ببراءته بموجب هذا الباب أو لذوي حقوقه تعويض عن الضرر المادي و المعنوي الذي تسبب فيه حكم الإدانة ... ".
غير أنها لا ترقى إلى مساءلة عضو النيابة العامة عن أعماله و إنما تتصل بالخطأ القضائي على مستوى مرفق العدالة بصفة عامة.
المبحث الثاني
تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها
يعتبر تحريك الدعوى العمومية أول مرحلة تمر بها الدعوى العمومية وتستمر إجراءات متابعتها من طرف النيابة العامة إلى غاية صدور الحكم فيها فتحريكها أو رفعها أو مباشرتها كل هذه المصطلحات تعبر عن كافة مراحل الدعوى العمومية، و تنطلق هذه الإجراءات بمجرد وصول خبر وقوع الجريمة إلى الضبطية القضائية أو النيابة العامة ما لم يكن هناك حفظ للدعوى من طرف النيابة العامة.
المطلب الأول: أصحاب الحق في تحريك ورفع ومباشرة الدعوى العمومية
الفرع الأول: تحريك الدعوى العمومية
يعتبر تحريك الدعوى العمومية أول إجراء تقوم به النيابة العامة أو الطرف المتضرر للبدء في إجراءات إقامة الدعوى العمومية أمام التحقيق أو الحكم حيث نصت المادة الأولى مكرر من قانون الإجراءات الجزائية " الدعوى العمومية بتطبيق العقوبات يحركها و يباشرها رجال القضاء أو الموظفون المعهود إليهم بها بمقتضى القانون، كما يجوز أيضا للطرف المضرور أن يحرك هذه الدعوى طبقا للشروط المحددة في هذا القانون "
أولا/ تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة
وبذلك فإن النيابة العامة تعتبر الطرف الأصلي في الدعوى العمومية مع منح القانون سلطة تحريكها أيضا للطرف المتضرر.
فالنيابة العامة متى علمت بالجريمة قامت بتحريك الدعوى العمومية ضد مرتكبيها من أجل استفاء حق المجتمع في العقاب سواء كان الشخص معلوما أو مجهولا.
لأن الحق الأصلي في تحريك الدعوى العمومية بصفة عامة في جميع الجرائم المقررة في قانون العقوبات يعود للنيابة العامة ، متى وصل خبر وقوع الجريمة إلى علمها بأي وسيلة أو طريقة كانت ، ومن أهم وسائل علم النيابة العامة مايلي:
1/ التبليغ:
نصت المادة 32 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه" يتعين على كل سلطة نظامية و كل ضابط أو موظف عمومي يصل إلى علمه أثناء مباشرة وظيفته ، خبر جناية أو جنحة إبلاغ النيابة العامة بغير تواني ، وأن يوافيها بكافة المعلومات ويرسل إليها المحاضر و المستندات المتعلقة بها "، ملزمة بذلك كل الأشخاص المذكورين بنص هذه المادة بإبلاغ النيابة العامة بكل جريمة وقعت بمناسبة ممارسة أعمال وظيفته وأن يتم اطلاعها على كامل تفاصيلها مدعمة بمحاضر أو مستندات تعلقت بها.
و يتمثل التبليغ في كل بيان يقدم للنيابة العامة للإخبار عن جريمة وقعت أو على وشك الوقوع ، ولا يشترط في البلاغ أن يكون بشكل معين أو بطريقة أو أسلوب خاص ، فقد يكون شفويا أو تحريريا[18].
كما يمكن أن يكون التبليغ أيضا من أحد الأشخاص العاديين إذا علم بالجريمة أو شاهدها من خلال إطلاع النيابة العامة عنها بأي وسيلة كانت.
لأن التبليغ عن الجرائم من قبل الأفراد جائز لتحريك الدعوى العمومية بالنسبة للجرائم التي لا تتطلب الشكوى لرفع الدعوى العمومية عنها[19].
2/ شكوى المتضرر من الجريمة
حيث يصل علم وقوع الجريمة للنيابة العامة في هذه الحالة عن طريق شكوى من المتضرر الجريمة
و الشكوى هي تبليغ من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه إلى السلطات العامة عن جريمة معينة وقعت عليه[20]، وتتمثل هذه السلطات العامة في الضبطية القضائية و النيابة العامة.
ولم يشترط القانون أن تأخذ الشكوى شكلا معينا ، فيمكن أن يتقدم بها المتضرر شفاهة أو كتابة .
كما لايمكن أن يؤدي التنازل عنها إلى انقضاء الدعوى العمومية، إلا إذا كانت من الجرائم التي يشترط فيها تقديم شكوى من طرف المتضرر لتحريك الدعوى العمومية.
فطالما وصل خبر وقوع أحد هذه الجرائم إلى علم النيابة العامة ، تقوم بتحريك الدعوى العمومية تلقائيا ، إذا كانت الشكوى ليست شرطا لازما للمتابعة.
ورغم ذلك نجد أن شكوى المتضرر لا تحرك بالضرورة الدعوى العمومية ، إذ يمكن للنيابة العامة أن تصدر قرارا بالحفظ يؤدي إلى عدم تحريك الدعوى العمومية.
حيث أن هذه الأخيرة تتمتع بسلطة الملائمة حسب المادة 36/5 التي نصت على أنه" يقوم وكيل الجمهورية بتلقي المحاضر و الشكاوى و البلاغات و يقرر ما يتخذ بشأنها ، ويخطر الجهات القضائية المختصة بالتحقيق أو المحاكم للنظر فيها أو يأمر بحفظها بمقرر يكون قابلا دائما للمراجعة ، ويعلم بها الشاكي و/أو الضحية إذا كان معروفا في الأجال".
وبذلك تتمتع النيابة العامة بالسلطة التقديرية في تحريك الدعوى العمومية أو حفظها.
ثانيا/ تحريك الدعوى العمومية من طرف المتضرر
حيث أعطى القانون الحق في تحريك الدعوى العمومية لضحية الفعل الإجرامي فيمكن له أن يقوم بتحريك الدعوى العمومية بإدعاء مدني أمام قاضي التحقيق [21] طبقا لما نصت عليه المادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية " يجوز لكل شخص متضرر من جناية أو جنحة أن يدعي مدنيا بأن شكواه أمام قاضي التحقيق المختص ".
حيث يعود أصل الحق في تحريك الدعوى العمومية إلى النيابة العامة كما ذكر سابقا، حسب نص المادة1/1 من ق.إ.ج وإستثناءا يجوز للمتضرر تحريك الدعوى العمومية ، للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه جراء إحدى تلك الجرائم ، حيث نصت المادة 1/2 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " كما يجوز أيضا للطرف المضرور أن يحرك هذه الدعوى طبقا للشروط المحددة في هذا القانون ".
ويتم ذلك حسب القواعد العامة في قانون الإجراءات الجزائية بطريقتين و هما: الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق أو التكليف المباشر للحضور أمام المحكمة.
وبالتالي فإن للطرف المتضرر طريق الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق طبقا لنص المادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية، ويكون الإدعاء المدني مقبولا و صحيحا في هذه الحالة إذا توافرت فيه الشروط التالية:
§ أن يدفع المتضرر الذي يحرك الدعوى العمومية لدى كتابة ضبط المحكمة المبلغ المقدر من طرف قاضي التحقيق مالم يكن حاصلا على المساعدة القضائية.
§ أن يختار موطنا بدائرة إختصاص المحكمة التي بها قاضي التحقيق بموجب تصريح لدى هذا الأخير ، مالم يكن له إقامة بدائرة إختصاصها.
الفرع الثاني: رفع الدعوى العمومية أمام جهات الحكم أو من طرف قاضي الحكم
1-رفع الدعوى من طرف المضرور:
يمكن أن يتخذ المتضرر من الجريمة طريق التكليف المباشر للحضور أمام المحكمة للمتهم طبقا لنص المادة 337 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية " يمكن للمدعي العام أن يكلف المتهم مباشرة بالحضور أمام المحكمة في الحالات التالية :
- عدم تسليم الطفل.
- انتهاك حرمة المنزل.
- القذف .
- إصدار صح بدون رصيد .
وفي الحالات الأخرى ينبغي الحصول على ترخيص النيابة العامة للقيام بالتكاليف المباشرة بالحضور.
ينبغي على المدعي المدني الذي يكلف متهما تكليفا مباشرا بالحضور أمام المحكمة أن يودع مقدما لدى كاتب الضبط المبلغ الطي يقدمه وكيل الجمهورية .
و أن في ورقة التكليف بالحضور عن اختيار موطن له بدائرة المحكمة المرفوعة أمام الدعوى ما لم يكن بدائرتها، و يترتب البطلان على مخالفة شيء من ذلك.
2- رفع الدعوى العمومية في جلسات الحكم
وتتعلق هذه الحالة بجرائم الجلسات و التي يأتيها الأشخاص أثناء سير جلسات المحاكمة حيث منح التشريع حق رفع الدعوى العمومية لرؤساء جلسات الحكم من أجل الحفاظ على هيبة المحاكمة و السير الحسن لمرفق العدالة فعند وقوع الفعل المجرم أثناء الجلسة لرئيسها أن يحرك الدعوى العمومية مباشرة.
الفرع الثالث: مباشرة الدعوى العمومية و السير فيها
يقصد بمباشرة الدعوى العمومية هو القيام بجميع الإجراءات و الأعمال المتخذة حتى فترة التحقيق إلى مرحلة محاكمة المتهم و هي على خلاف تحريك الدعوى العمومية من اختصاص النيابة العامة وحدها دون الطرف المتضرر من الجريمة. [22]
فبذلك جميع الإجراءات ابتداء من تحريك الدعوى العمومية أو تكليف المتهم بالحضور بغية الوصول إلى تطبيق القانون حيث نصت المادة 29 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع و تطلب بتطبيق القانون و هي تمثل أمام كل جهة قضائية و يحضر ممثلها المرافعات أمام الجهة القضائية المخصصة بالحكم، و يتعين أن يطق بالأحكام في حضوره ، كما تتولى العمل على تنفيذ أحكام القضاء و لها في سبيل مباشرة وظيفتها أن تلجأ إلى القوة العمومية ، كما تستعين بضباط و أعوان الشرطة القضائية.
المطلب الثاني:
القيود الواردة على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية
كأصل عام يعتبر تحريك الدعوى العمومية من اختصاص النيابة العامة غير ان المشرع أحاط بعض الجرائم بسياج من الحدود اعتبرت قيودا على حرية النيابة العامة في هذا الصدد و تتمثل هذه القيود في التالي"
الفرع الأول: الشكوى
تعرف الشكوى كقيد إجرائي على أنها " البلاغ الذي يقدمه المجني عليه إلى النيابة العامة أو احد أحد رجال الضبط القضائي، أو السلطة العامة في حالات محددة في خلال مدة معينة وغرضه تحريك الدعوى العمومية عن جريمة وقعت عليه، أخضعها المشرع لقيد الشكوى وذلك بهدف التوصل إلى عقاب مرتكبها[23].
والشكوى هي تبليغ من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه إلى السلطات العامة عن جريمة معينة وقعت عليه[24]، وتتمثل هذه السلطات العامة في الضبطية القضائية والنيابة العامة.
ولم يشترط القانون أن تأخذ الشكوى شكلا معينا، فيمكن أن يتقدم بها الأفراد شفاهة أو كتابة، فقد تتضمن والمؤسسات قد تتضمن معلومات وبيانات سرية متعلقة بهم.
والجرائم التي يشترط فيها القانون تقديم الشكوى نص عليها على سبيل الحصر
الفرع الثاني: الطلب
و يقدم الطلب من هيئة عامة مجنى عليها فالمشرع يستلزم الشكوى عند ما يرى أن الجريمة تمس مصلحة فردية و يستلزم الطلب عندما يرى أن الجريمة تمس مصلحة هيئة أو سلطة عامة في الدولة.
الفرع الثالث: الإذن
يراد بالإذن ان تحصل النيابة العامة على موافقة السلطة التشريعية على اتخاذ اجراءات المتابعة الجزائية ضد عضو من أعضائها عند وقوع جريمة منه.
و الحكمة من اشتراط الإذن في هذه الحالة هي رغبة المشرع في أن يحفظ لأعضاء السلطة التشريعية استقلالهم في قيامهم بأعمالهم ، فهذا الإذن ضمانة لهؤلاء الأعضاء حتى يطمئنوا إلى أداء واجباتهم دون أي خوف، فأساس الإذن ليس مصلحة المجني عليه، كما هو الحال في الشكوى و الطلب و إنما المصلحة العامة المتعلقة بحسن سير المجالس النيابية و لذلك فهي من النظام العام فلا يجوز لمن قررت لصالحه هذه الضمانات ان يتنازل عنها .[25]
ومن هذه الفئات ما نص عليه الدستور أعضاء المجلس الشعبي الوطني و أعضاء مجلس الأمة.
[1] د. عبد الله أوهابية، شرح قانون الإجراءات الجزائية " التحري و التحقيق"، دار هومه للنشر و التوزيع ،الجزائر الطبعة الثانية ، 2011، ص 05.
[3] د. محمد حزيط، مذكرات في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، دار هومه، الجزائر، طبعة الثالثة، 2008، ص 4.
[5] د. طارق أحمد فتحي سرور، الحماية الجنائية لأسرار الأفراد في مواجهة النشر، دار النهضة العربية، مصر، 1991.، ص21.
[6] الدكتور علي شملال ، السلطة التقديرية للنيابة العامة في الدعوى العمومية "دراسة مقارنة"، دار هومه للطباعة و النشر ،الجزائر ،طبعة 2009،ص206.
[7] أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، الكتاب الأول، الأحكام العامة للإجراءات الجنائية، الإجراءات السابقة للمحاكمة، إجراءات المحاكمة، دار النهضة العربية، مصر، الطبعة 10، المطورة، 2016ن ص 215.
[13] تجدر الاشارة أن هناك نظم قانونية مقارنة تقسم النيابة العامة إلى نيابات متخصصة مثل التشريع المصري الذي ينص على نيابة الأموال العامة مثلا أو التشريع السوداني الذي ينص على نيابة متخصصة في جرائم المستهلك
[18] د.عبد الله العكايلة ، الوجيز في الضبطية القضائية "دراسة مقارنة" ، دار الثقافة للنشر و التوزيع، الأردن ،الطبعة الأولى 2010، ص110.
[19] د.عادل عبد العال خراشي ، ضوابط التحري و الإستدلال عن الجرائم ، دار الجامعة الجديدة للنشر، مصر ، طبعة 2006، ص124.
[20] د. علي شملال، الجديد في شرح قانون الإجراءات الجزائية، الكتاب الأول، الاستدلال و الاتهام، دار هومه، الجزائر الطبعة الثالثة، 2017، ص122.
[21] و طبقا لنص المادة 83 يأمر قاضي التحقيق بعرض الشكوى على وكيل الجمهورية لإبداء رأيه و لا يجوز له أن يقدم لقاضي التحقيق بطلب عدم إجراء التحقيق ما لم تكن الوقائع لأسباب تمس الدعوى العمومية نفسها غير جائز قانونا متابعة التحقيق من أجلها أو كانت الوقائع حتى على فرض ثبوتها لا تقبل قانونا أي وصف جزائي.
كذلك يتعين على المدعي طبقا للمادة 75 من قانون الإجراءات الجزائية الذي يحرك الدعوى العمومية إذا لم يكن قد حصل على المساعدة القضائة أن يودع لدى قلم الكتاب المبلغ المقدر لزومه لمصاريف الدعوى و إلا كانت شكواه غير مقبولة و يقدر هذا المبلغ بأمر من قاضي التحقيق.
[23] د. إبراهيم حامد طنطاوي، قيود حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية، الجزء الأول البشكوى، الطبعة الأولى 1994، بدون دار نشر
[24] د. علي شملال ، السلطة التقديرية للنيابة العامة في الدعوى العمومية "دراسة مقارنة، المرجع السابق، ص122.
-
Assignment
اذكر مفهوم الدعوى العمومية؟
ماهي صلاحيات النيابة العامة؟
ميز بين الدعوى العمومية والدعوى المدنية بالتبعية؟
تكلم عن طرق رفع الدعوى المدنية بالتبعية؟
-
Google Meet™ for Moodle
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
-
-
المبحث الثالث:
انقضاء الدعوى العمومية
بعد تحريك الدعوى العمومية ضد المتهم يمكن ان تطرأ أسباب تؤدي إلى انقضاءها حيث نصت المادة 06 من قانون الإجراءات الجزائية " تنقضي الدعوى العمومية الرامية إلى تطبيق العقوبة بوفاة المتهم و بالتقادم و العفو الشامل و بإلغاء قانون العقوبات و بصدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي ".
غير أنه إذا طرأت إجراءات أدت إلى الإدانة و كشفت على ان الحكم الذي قضي بانقضاء الدعوى العمومية مبني على تزوير أو استعمال مزور، فإنه يجوز إعادة السير فيها، و حينئذ يتعين اعتبار التقادم موقوفا منذ اليوم الذي صار فيه الحكم أو القرار نهائيا إلى يوم إدانة مقترف التزوير أو استعمال المزور.
تنقضي الدعوى العمومية بتنفيذ اتفاق الوساطة و بسحب الشكوى إذا كانت شرطا لازما للمتابعة.
كما يجوز ان تنقضي الدعوى العمومية بالمصالحة إذا كان القانون يجيزها صراحة .
و عليه فالأسباب تنقسم إلى أسباب عامة و خاصة.
المطلب الأول: الأسباب العامة
الفرع الأول: الوفاة
من الطبيعي ان تكون الوفاة سببا رئيسيا لانقضاء الدعوى العمومية نظرا لعدم وجود الشخص الذي تباشر ضده الإجراءات غير ان القرار الصادر في هذه الحالة يختلف ما إذا كان حدوث الوفاة قبل تحريك أو رفع الدعوى العمومية اي أن القرار يصدر من النيابة العامة و هو قرار بحفظ الأوراق بسبب الوفاة أما إذا كان حدوث الوفاة بعد وصول الدعوى العمومية إلى جهات التحقيق سواء قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام فإنه يصدر أمر أو قرار بألا وجه للمتابعة حسب الحالة.
و إذا كانت الدعوى على مستوى المحاكمة و لم يصدر فيها حكم بات فإن قاضي الحكم يصدر حكما بانقضاء الدعوى العمومية بسبب وفاة المتهم.
أما في حالة صدور حكم بات يقضي بالعقوبة السالبة للحرية و العقوبة المالية فإن العقوبة السالبة للحرية يوقف تنفيذها و اما الغرامة فنها تسدد من تركة الهالك.
غير أن آثار الوفاة لا تمتد إلى الشركاء و الفاعلين الأصليين والمحرضين نظرا لشخصية المتابعة الجزائية.
كذلك لا تنقضي الدعوى المدنية حيث يمكن مطالبة ورثة المتوفي بالتعويض.
الفرع الثاني: التقادم
يعرف التقادم على أنه مرور الزمن أو المدة التي يحددها المشرع ابتداء من تاريخ وقوع الجريمة أو من تاريخ آخر إجراء من إجراءات التحري أو التحقيق دون إتمام باقي اجراءات الدعوى ودون ان يصدر فيها حكم ، مما يؤدي إلى انقضاء حق المجتمع في اقامة هذه الدعوى.
و تختلف مدة التقادم حسب تصنيف الجرائم المتبع من المشرع جنايات أو جنح أو مخالفات.
حيث نصت المادة 07 " تتقادم الدعوى العمومية في مواد الجنايات بانقضاء عشر سنوات كاملة تسري من يوم اقتراف الجريمة إذا لم يتخذ في تلك الفترة أي إجراء من اجراءات التحقيق أو المتابعة ".
فإذا كانت قد اتخذت اجراءات في تلك الفترة فلا يسري التقادم إلا بعد عشر سنوات كاملة من تاريخ آخر إجراء.
و كذلك الشأن بالنسبة للأشخاص الذين لم تتناولهم أي إجراء من اجراءات التحقيق أو المتابعة .
ونصت المادة 08 على " تتقادم الدعوى العمومية في مواد الجنح بمرور ثلاث سنوات كاملة ويتبع في شأن التقادم الأحكام الموضحة في المادة 07 .
غير أن هذه المدد يجب ان لا يشوبها أي انقطاع و إلا كان سريان مدة التقادم من يوم الانقطاع و من الإجراءات التي تقطع مدة التقادم جميع اجراءات التحقيق كسماع الشهود أو تفتيش المساكن ... " .
كما أن التقادم في الدعوى العمومية يؤثر على جميع المساهمين فيها نظرا لأن التقادم لا يعني الأشخاص بل يعني الجريمة و مرور زمن على ارتكابها ، ولا يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية.
غير ان هناك استثناء على هذا الأصل بحيث أن المشرع استثنى بعض الجرائم من التقادم.
حيث نصت المادة 08 مكرر " لا تنقضي الدعوى العمومية بالتقادم في الجنايات و الجنح الموصوفة بأفعال إرهابية و تخريبية و تلك المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الرشوة أو اختلاس الاموال العمومية "
ولم يخفي جانب كبير من الفقه القانوني تحفظه على التقادم الجنائي وعداءه تجاهه إلى الحد ةالذي لم يتردد معه في المطالبة بإلغائه منكرا بذلك الاعتراف بأي أساس يرتكز عليه، فقد اعترف جانب كبير من هذا الفقه بأن التقادم يفيد بصفة خاصة المجرمين الأقل أهمية، وأحيانا أيضا الأكثر خطورة[1].
الفرع الثالث: العفو الشامل
و يصدر العفو الشامل عن السلطة التشريعية من خلال قانون يقضي بالعقوبة بنزع صفة التجريم من الأفعال أو على الأحكام التي تقضي بالعقوبة التي صدرت في حق المتهم و كذلك يمكن ان يصدر العفو الشامل بموجب مرسوم رئاسي و ويؤدي في كلتا الحالتين إلى انقضاء الدعوى العمومية و يسري على كافة المساهمين دون ان يسري على الدعوى المدنية.
الفرع الرابع: إلغاء النص التجريمي
طبقا لمبدأ الشرعية في ان عدم وجود تجريم يستدعي عدم وجود العقاب و بذلك فإن إلغاء التجريم عن الفعل الذي قام به المتهم قبل صدور حكم نهائي في الدعوى العمومية يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية سواء له أو للمساهمين معه و يمكن للضحية " الطرف المدني " ان يطالب بالتعويض على أسس الخطر امام القاضي المدني.
الفرع الخامس: صدور حكم نهائي في الدعوى
و يكون الحكم نهائيا عندما يستنفذ هذا الحكم جميع الطرق العادية و غير العادية من معارضة و استئناف و طعن بالنقض.
و هذا أمر طبيعي باعتبار ان المتهم أخذ جزاءه و لا يمكن الحديث مرة أخرى على الدعوى العمومية.
المطلب الثاني:
الأسباب الخاصة لانقضاء الدعوى العمومية
و يقصد هنا بالأسباب الخاصة أنها تشمل على الخصوص بعض الجرائم دون الأخرى و هذه الأسباب هي.
الفرع الأول: الوساطة
نصت المادة 06/3 من قانون الإجراءات الجزائية على " ... تنقضي الدعوى العمومية بتنفيذ اتفاق الوساطة ... ".
و قد نص المشرع على اجراءات الوساطة في المواد 37 مكرر إلى 37 مكرر 9 من قانون الإجراءات الجزائية
و الوساطة هي اجراء مبني على تحريك الدعوى العمومية من طرف وكيل الجمهورية سواء طلبها الضحية أو المتهم أو وكيل الجمهورية من أجل تصالح الأطراف ويشترط في ذلك
1- ان تكون الجريمة من بين الجرائم التي يجيز فيها المشرع الوساطة وهي:
- جرائم السب و القذف.
- التهديد.
- ترك الأسرة.
- الاعتداء على الحياة الخاصة.
- الوشاية الكاذبة.
- الامتناع العمدي عن تقديم النفقة.
- عدم تسليم طفل.
- اصدار شيك بدون رصيد.
- الاستلاء بطريق الغش على أموال الإرث قبل قسمتها.
- التخريب أو الإتلاف العمدي لأملاك الغير.
- جرائم التعدي على الملكية العقارية والمحاصيل الزراعية.
- الضرب والجروح الغير عمدية و بدون سبق الإصرار و الترصد أو استعمال السلاح.
- استهلاك مأكولات أو مشروبات أو الاستفادة من خدمات أخرى عن طريق التحايل.
- جميع المخالفات المنصوص عليها في قانون العقوبات.
2- ان تكون الوساطة مقدما في محضر مكتوب يبين الوقائع و الهوية و الأطراف و اتفاقهم عل قبولهم الوساطة.
3- يهدف اتفاق الوساطة إلى تعويض مالي و جبر الضرر أو أي اتفاق آخر يرغب الأطراف دون مخالفة للنظام العام أو القانون.
الفرع الثاني: انقضاء الدعوى العمومية بسحب الشكوى
ويسري هذا الأمر على الجرائم التي يشترط فيها القانون أصلا شكوى لتحريك الدعوى العمومية
حيث نصت المادة 06/من قانون الإجراءات الجزائية على أنها سحب الشكوى سبب من أسباب انقضاء الدعوى العمومية.
الفرع الثالث: انقضاء الدعوى بسبب الصلح
يشتمل أيضا مجموعة من الجرائم على الخصوص التي تكون عقوبتها الغرامة فقط، مثل بعض المخالفات التي نص عليها قانون حماية المستهلك و عادة تهدف هذه المخالفات إلى تحقيق الربح، فالمشرع قام بفرض غرامة الصلح بنقيض ما أراده المخالف من تحقيق ربح مالي حيث تنقضي الدعوى العمومية بتسديد غرامة الصلح حيث نصت المادة 381 من قانون الإجراءات الجزائية " قبل تكليف بالحضور امام المحكمة يقوم عضو النيابة العامة المحال عليه محضر مثبت لمخالفة بإخطار المخالف بأنه مصرح له بدفع مبلغ على سبيل غرامة مساو للحد الأدنى المنصوص عليه قانونا لعقوبة المخالفة ".
الفصل الثاني:
الدعوى المدنية التبعية
بوقوع الجريمة ينشأ حقان هما حق المجتمع في الحماية و الاستقرار وابعاد الجرائم عنه من خلال عقاب الجاني لردع غيره عن محاولة المساس بأمنه و سلامته و من أجل ذلك يتم تحريك الدعوى العمومية.
و ينشأ حق آخر و هو حق المتضرر الطرف المدني في الحصول على التعويض عن الضرر اللاحق به وهنا الوسيلة هي الدعوى المدنية التبعية.
المبحث الأول:
عناصر الدعوى المدنية التبعية
نصت المادة 02 من قانون الإجراءات الجزائية " يتعلق الحق في الدعوى المدنية للمطالبة بتعويض الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة بكل من اصابهم شخصيا ضرر مباشر تسبب في الجريمة "
ولا يترتب على التنازل عن الدعوى المدنية إيقاف أو إرجاء مباشرة الدعوى العمومية و ذلك مع مراعاة الحالات المشار إليها في الفقرة 03 من المادة 06.
المطلب الأول:
سبب الدعوى المدنية التبعية
السبب الرئيسي في الدعوى المدنية التبعية هو وجود ضرر وقع على الطرف المدني نتيجة هذه الجريمة بحيث يجب توافر الشروط التالية:
1- وقوع الجريمة: أي يستلزم وجود فعل مجرم قانونا قد وقع على الضحية و ان يكون هذا الفعل مكتمل الأركان ( الشرعي و المادي و المعنوي ).
2- وجود ضرر: بحيث يجب ان تكون هناك علاقة سببية بين فعل الجريمة و الضرر الناتج عنها.
3- وجود إدانة بالجريمة: فالقاعدة أنه كلما قضت المحكمة الجزائية بالبراءة في الدعوى العمومية وجب عليها الحكم بعدم الاختصاص في الدعوى المدنية إلا أذا كان القانون يجيز لها بنص صريح بأن تقصي بتعويض المدعي المدني رغم حكمها ببراءة المتهم من الجريمة إليه كما هو الحال في حوادث المرور فالمادة 08 من الأمر رقم 74-15 المعدل بالقانون 88-31 تجيز في حالة استثنائية لمحكمة الجنح بأن تقضي بتعويض ضحايا حوادث المرور حتى و لو قضت ببراءة المتهم المتسبب في الحادث لعدم حصول خطأ من جانبه باعتبار ان المسؤولية في حوادث المرور تقوم على الضرر و ليس على الخطأ وهذا ما يسمى بالمسؤولية بلا خطأ .[2]
ويرى جانب من الفقه في إطار القول بأن الجريمة هي أساس الدعوى المدنية هو الذي يفسر ويكشف على أن الدعوى المدنية المنظورة أمام القضاء الجنائي ليست دعوى مدنية خالصة وإنما هي دعوى ذات موضوع مزدوج مدني وآخر جنائي، فهي دعوى ذات طبيعة مختلطة[3].
المطلب الثاني:
موضوع الدعوى المدنية التبعية
تهدف الدعوى المدنية للحصول على ما يلي:
1- التعويض المالي: و يعتبر هذا الهدف هو أهم الطلبات للحصول على تعويض عن الضرر الذي أصاب الضحية و يخضع هذا التعويض لمبدأ أن القاضي لا يمكن أن يحكم بأكثر مما طلب منه بحيث أن السلطة التقديرية تعود للقاضي فإذا طلب الضحية الطرف المدني تعويضا مبالغا فيه رده القاضي إلى الحد المقبول .
2- إعادة الحال إلى ما كان عليه: و يكون هذا الهدف في الجرائم التي مست بالأوضاع الظاهرة مثل الاعتداء على المحاصيل الزراعية و الملكية العقارية بحيث يجب إعادة الحال لما كان عليه
3- التعويض المعنوي: يكون هذا التعويض في الجرائم الماسة بالاعتبار و الشرف مثل طلب الضحية نشر الحكم في الصحف أو بأي وسيلة إعلامية أخرى.
المطلب الثالث:
أطراف الدعوى المدنية التبعية
اولا – المدعي: و بطبيعة الحال هو المتضرر من الجريمة سواء كان المجني عليه نفسه أو ورثته إذا كان الضرر يمتد إليهم.
ثانيا – المدعى عليه: و قد يكون أحد هؤلاء:
1- المتهم: وهو الذي تم تحريك الدعوى العمومية أو إذا كانوا مساهمين فيكون التعويض بالتضامن .
2- المسؤول المدني: تهدف الدعوى المدنية التبعية إلى الحصول عن تعويض من الشخص المسؤول عن الضرر شخصيا غير أنه في بعض الأحيان أجاز القانون أن يكون هناك شخص مسؤول عن التعويض أو يستلزم ذلك مثل القضايا ضد الأحداث حيث يدخل الولي عن الحدث المسؤول مدني.
حيث يمكن مقاضاة المسؤول المدني أمام المحكمة الجزائية متى كان مسؤولا مسؤولية حفظ ورعاية وإدارة عن الشخص المرتكب للجريمة كمسؤولية الأب أو الأم عن أفعال ابنها الذي لم يبلغ سن الرشد الجنائي[4].
3- الورثة: تنقضي الدعوى العمومية عند وفاة المتهم أما الدعوى المدنية التبعية فإنها لا تنقض و تبقى سارية ضد ورثة المتهم للحصول على التعويض في حدود الأملاك التي تركها مورثه .
المبحث الثاني:
مباشرة الدعوى المدنية التبعية
تباشر الدعوى المدنية التبعية من حيث اللجوء إلى القضاء الجنائي أو القضاء المدني
المطلب الأول:
مباشرة الدعوى العمومية أمام القضاء الجنائي
تنص المادة 03 من قانون الإجراءات الجزائية " يجوز مباشرة الدعوى المدنية مع الدعوى العامة في وقت واحد أمام الجهة القضائية نفسها .
وتكون مقبولة أي كان الشخص المدني أو المعنوي المعتبر مسؤولا مدنيا عن الضرر.
و كذلك الحال بالنسبة للدولة و الولاية و البلدية أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري في حالة ما إذا كانت غاية دعوى المسؤولية ترمي إلى التعويض عن ضرر سببه مركبة.
تقبل دعوى المسؤولية المدنية عن كافة أوجه الضرر سواء كانت مادية أو جثمانية أو ادبية مادامت ناجمة عن الوقائع موضوع الدعوى الجزائية "
فحينما تكون المحكمة الجنائية مختصة أصلا لابنظر الدعوى المدنية المرفوعة اليها بطريق التبعية، أي أن تكون ناشئة عن الجريمة[5].
و بذلك فإن للمتضرر من الجريمة الحق في طلب تعويض المدني مباشرة من القاضي الجزائي المرفوعة أمامه الدعوى العمومية باعتبار المدني قاعدة التبعية حيث أن كلما كانت اجراءات تحريك الدعوى العمومية صحيحة كانت الدعوى العمومية بالتبعية صحيحة فقبولها مرتبط بقبول الدعوى العمومية .
غير أنه في حالة الحكم بالبراءة أو انقضاء الدعوى العمومية لوفاة المتهم فإنه يجب على المتضرر أن يلجأ للمحكمة المدنية باستثناء إذا كانت البراءة تستند إلى وجود مانع من موانع العقاب و المسؤولية فإن القاضي الجنائي يعتبر مختصا .
كما يستثنى من قاعدة التبعية انقضاء الدعوى العمومية بعد رفع الدعوى المدنية حيث يبقى القاضي الجنائي مختصا.
المطلب الثاني:
مباشرة الدعوى أمام القاضي المدني
نصت المادة 04 من قانون الإجراءات الجزائية " يجوز أيضا مباشرة الدعوى المدنية منفصلة عن الدعوى العمومية
غير أنه يتعين أن ترجئ المحكمة المدنية الحكم في تلك الدعوى المرفوعة أمامها لحين الفصل نهائيا في الدعوى العمومية إذا كانت قد حركت ".
حيث ان للمتضرر الخيار بين القاضي الجزائي و المدني لكن مع إعمال قاعدة الجزائي يوقف المدني حيث يجب أن تؤجل المحكمة المدنية الفصل إلى حين الفصل في الدعوى العمومية.
المطلب الثالث:
انقضاء الدعوى المدنية بالتبعية
تنقضي الدعوى المدنية بانقضاء الدعوى العمومية في الجرائم التي تستلزم شكوى إذا تنازل المتضرر عن شكواه عدم مطالبته بالتعويض و كذلك فإن موضوع الدعوى المدنية التبعية هو التعويض عن الضرر الناتج للمضرور من الجريمة و لورثته في ذمة المدعى عليه المتهم أو المسؤول المدني أو ورثتهما ، فهو حق من ناحية و التزام من ناحية أخرى، و لذلك فإن الدعوى المدنية للمطالبة بهذا الحق تنقضي بأسباب انقضاء الالتزامات المنصوص عليها في القانون المدني، وهذه هي الأسباب الأصلية لانقضاء الدعوى المدنية التبعية، و هكذا الدعوى المدنية بأسباب انقضاء خاصة بها و مستقلة عن اسباب انقضاء الدعوى العمومية و من الأسباب الأصلية لانقضاء الدعوى المدنية ما يلي:
1- صدور حكم نهائي من المحكمة المدنية ففي هذه الحالة تنقضي الدعوى المدنية انقضاء طبيعيا.
2- سقوط الدعوى المدنية بأسباب السقوط العامة التي تنقضي بها التزامات مثل الوفاة، المقاصة، اتحاد الذمة ( اندماج صفة الدائن و المدين ) الإبراء، التقادم، المسقط، وقد تناولتها على التوالي في المواد 258، 297، 304، 305، 308 من القانون المدني.
3- تنازل المضرور عن حقه في المطالبة بالتعويض أي أن المضرور من الجريمة يتنازل عن إقامة الدعوى المدنية و المطالبة بالتعويض بعد أن لحقه ضرر من الجريمة ، كما يتنازل المضرور من الجريمة بعد أن أقام دعواه أمام المحكمة المختصة. [6]
الباب الثاني
مرحلة البحث والاستدلال والتحقيق الابتدائي
لهذه المرحلة ضرورة عظمى لأنها تعتبر تمهيدا لتحريك الدعوى العمومية من خلال جمع كل العناصر و الأدلة من طرف أشخاص الضبط القضائي ، التي تيسر للنيابة العامة إتخاذ ما تراه بشأنها لتكون بذلك تهيئة لها لإستخدام سلطاتها في تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها أو عدم ملاءمة تحريكها.
الفصل الأول: البحث والاستدلال
تعتبر هذه المرحلة المرحلة الأولية لانجاز الدعوى العمومية و يقوم بهذه المرحلة عناصر الضبطية القضائية تحت إشراف النيابة العامة ووفق إجراءات حددها قانون الإجراءات الجزائية في إطار الاختصاصات المخولة لهم.
المبحث الأول:
الضبطية القضائية الهيكلة و الاختصاص
يعتبر جهاز الضبطية القضائية أحد الوسائل المهمة لمكافحة الجرائم سواء تعلق الأمر بمهام الضبط الوقائي أو مهام الضبط القضائي من خلال التواجد الدائم لحماية و سلامة أمن الأشخاص و الممتلكات.
ويضم جهاز الضبطية القضائية: ضباط الشرطة القضائية/ أعوان الضبط القضائي، والموظفون و الأعوان المنوطة بهم.
المطلب الأول:
ضباط الشرطة القضائية
أوكل المشرع في قانون الإجراءات الجزائية لأشخاص الضبط القضائي مهمة البحث و معاينة الجرائم الواردة في قانون العقوبات لجمع العناصر و الأدلة عنها ، حيث نصت الفقرة03 للمادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " ....و يناط بالضبط القضائي مهمة البحث و التحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات ، و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ما دام لم يبدأ فيها بتحقيق قضائي".
وتتمثل مرحلة البحث و التحري المنوطة بالضبط القضائي في مجموعة من الإجراءات الأولية التي تسبق تحريك الدعوى العمومية ، الهدف منها جمع المعلومات التي تخص جريمة وقعت ، حتى تتمكن النيابة العامة أن تقرر إستنادا إلى تلك المعلومات تحريك الدعوى العمومية من عدمه[7].
ويقصد بالاستدلال أو البحث و التحري عن الجرائم تلك الإجراءات التي تتم بمعرفة الضبطية القضائية حال وقوع الجرائم، وتسمى كذلك بعملية التقصي حول الجريمة، وتتخذ خلال مرحلة البحث و التحري عن الجرائم مجموعة من الإجراءات تهدف إلى الكشف عن الجرائم ومرتكبيها وضبط الأدلة و الأشياء التي لها علاقة بالجريمة وبفاعلها[8].
وتعرف أيضا مرحلة البحث و التحري المنوطة بالضبط القضائي، على أنها مجموعة من الإجراءات الأولية التي تسبق تحريك الدعوى العمومية ، الهدف منها جمع المعلومات التي تخص جريمة وقعت ، حتى تتمكن النيابة العامة أن تقرر إستنادا إلى تلك المعلومات تحريك الدعوى العمومية من عدمه[9].
وبالتالي لهذه المرحلة ضرورة مهمة لأنها تعتبر تمهيدا لتحريك الدعوى العمومية من خلال جمع كل العناصر و الأدلة من طرف أشخاص الضبط القضائي ، التي تيسر للنيابة العامة إتخاذ ما تراه بشأنها لتكون بذلك تهيئة لها لإستخدام سلطاتها في تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها أو عدم ملاءمة تحريكها.
وتنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية " يتمتع بصفة ضباط الشرطة القضائية
1- رؤساء المجالس الشعبية البلدية .
2- "ضباط الدرك الوطني.
3- الموظفون التابعون للأسلاك الخاصة للمراقبين و محافظي و ضباط الشرطة للأمن الوطن
4- ضباط الصف الذين أمضوا في سلك الدرك الوطني 03 سنوات على الأقل و تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل حافظ الأختام ووزير الدفاع الوطني بعد موافقة لجنة خاصة.
5- الموظفون التابعون للأسلاك الخاصة للمفتشين و حفاظ و أعوان الشرطة للأمن الوطني الذين أمضوا 03 سنوات على الأقل والذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الداخلية و الجماعات المحلية بعد موافقة لجنة خاصة.
6- ضباط و ضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن الذين تم تعيينهم خصيصا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير الدفاع و وزير العدل "
المطلب الثاني:
أعوان الضبط القضائي والموظفون الموكلة لهم بعض أعمال الضبط القضائي
نصت المادة 19 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " يعد من أعوان الضبط القضائي موظفو مصالح الشرطة و ضباط الصف في الدرك الوطني و مستخدمو المصالح العسكرية للأمن الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية "
ويشمل الضبط القضائي[10] المنصوص عليه في هذه المادة ضباط الشرطة القضائية و أعوان الضبط القضائي و الموظفون و الأعوان المنوط بهم قانونا بعض مهام الضبط القضائي.
وذلك طبقا المادة 27 منه التي نصت على أنه "يباشر الموظفون و أعوان الإدارات و المصالح العمومية بعض سلطات الضبط القضائي التي تناط بهم بموجب قوانين خاصة وفق الأوضاع ، وفي الحدود المبينة بتلك القوانين"
وبهذا النص نجد أن المشرع بالإضافة إلى ضباط الشرطة القضائية ، أناط بأعوان قمع الغش التابعين للوزارة المكلفة بحماية المستهلك ، مهمة البحث و معاينة المخالفات و الأفعال التي تعتبر جرائم تمس بالمصالح المادية و المعنوية للمستهلك. وكذلك الحال بالنسبة لأعوان الجمارك في معاينة الجرائم الجمركية الماسة بالاقتصاد الوطني مفتشي الغابات ومفتشي العمل أيضا.
ويخضع هؤلاء الأعوان للتبعية و الإشراف المزدوج ، فهم يخضعون للسلطة الرئاسية لجهازهم الأصلي ، ويخضعون لجهاز النيابة العامة بإعتبارها جهة إدارة وإشراف عليهم[11].
وقد أحسن المشرع صنعا في هذا الصدد ، حينما قام بتخصيص موظفين و أعوان بالإضافة إلى أشخاص الضبط القضائي المحددين في قانون الإجراءات الجزائية وأناط بهم بعض مهام الضبط القضائي بغرض البحث و التحري عن الجرائم التي تحتج الكثير من التخصص والتفرغ ، مسايرا بذلك معظــم التشريعات لتخفيف العبئ على الضبطية القضائية التي تختص بجميع الجرائم.
لوجود طرق ووسائل خاصة متبعة في بحث و معاينة بعض الجرائم الجمركية والاستهلاكية وغيرها ، تستلزم في كثير من الأحيان دراية فنية و تقنية مثل أجهزة القياس والتحاليل و أخذ العينات...
وبذلك يكون الأعوان المتخصصون في وظيفتهم المناط بهم الضبط القضائي في الجرائم المتعلقة بها ، أكثر إلماما بإستعمالاتها و تقنياتها من أشخاص الضبط القضائي المحددين في القواعد العامة بقانون الإجراءات الجزائية.
لذلك نجد أنه في الواقع العملي قد تركت في الغالب الأعم إلى هؤلاء الأعوان مهام الضبط القضائي المنوطة بهم فيما يتعلق بمباشرة وظائفهم .
ولكن هذا لا ينفي بقاء الإختصاص العام لضباط الشرطة القضائية للقيام بمهام الضبط القضائي للبحث و التحري عن مثل هذه الجرائم الذي نصت عليه المادة 12/3 من قانون الإجراءات الجزائية.
لأن صلاحيات البحث و التحري المنوطة ببعض الموظفين و الأعوان بموجب القوانين الخاصة نظرا لطبيعة وظائفهم مثل قانون الجمارك و قانون حماية المستهلك و قانون العمل...تكون ذو اختصاص خاص بنوع محدد من الجرائم على سبيل الحصر[12].لا يمكن أن تسلب الإختصاص العام بالبحث والتحري المنوط بضباط الشرطة القضائية.
وهذا ماأكدته المحكمة العليا في قرار لها [13] ، الذي نص على أنه " من المقرر قانونا أنه يمكن لعون الجمارك و ضباط و أعوان الشرطة القضائية معاينة و بحث الجرائم الجمركية ، و من ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا للقانون.
ولما كان من الثابت في قضية الحال ، أن محضر رجال الدرك الذي عاين جريمة الحيازة للبضائع المهربة قانوني و يتضمن الأدلة الكافية ، فإن قضاة الموضوع بقضائهم براءة المتهم يكونوا قد خالفوا القانون.
ويجب أن يكون لهؤلاء الموظفين تفويض بالعمل طبقا للأحكام التشريعية و التنظيمية السارية المفعول و الذي يحدد مهامهم و سلطاتهم و كذا الإختصاص الإقليمي و النوعي المنوط بهم.
أداء اليمين أمام المحكمة التي يقيمون إداريا في دائرة إختصاصها و التي لا تجدد طيلة مدة مباشرة الأعوان مهام وظائفهم ، مالم يكن هناك إنقطاع نهائي عن الوظيفة.
كما يجب على الأعوان في إطار ممارسة مهامهم أن يعرفوا بوظيفتهم و كذا تقديم تفويضهم بالعمل ، و المعمول به في هذا الإطار أن يقوم العون المكلف ببيان تفويضه بالعمل ، بإستظهار البطاقة المهنية الخاصة به و التي تحتوي على هوية وصفة الأعوان
المبحث الثاني:
اختصاصات الضبطية القضائية
اعط المشرع للضبطية القضائية عديد الاختصاصات من أهمها:
المطلب الأول: الاختصاص النوعي والمكاني
من ناحية الإختصاص النوعي، نجد أن ضباط الشرطة القضائية لهم الإختصاص بالبحث و التحري عن جميع الجرائم وذلك لأن لهم الإختصاص العام في جميع الجرائم المقررة في قانون العقوبات دون التقيد بأي نوع منها.
ويقصد بالإختصاص النوعي إلتزام القائم بالضبط القضائي بنوع الجرائم التي يجوز له فيها مباشرة إجراءات الإستدلال ، فإذا كان هذا الإختصاص محدود تعين عليه إلتزام حدوده ، فلا يجوز أن يتخذ إجراءات في شأن جريمة لا يختص بها[14].
حيث أن ضباط الشرطة القضائية، يتلقون الشكاوي و البلاغات و يقومون بجمع الاستدلالات و إجراء التحقيقات الابتدائية، و كل ما تتطلبه الجرائم المحقق فيها من إيضاحات و إجراءات من أجل تكوين ملف يتعلق بها باعتبار أن هاته الأعمال هي واجب قانوني على موظفي الشرطة عند ممارسة مهام الضبطية القضائية.
وفي هذه الحالة يتلقون شكاوى من الأفراد والمؤسسات نتيجة تعرضهم لأفعال تشكل جرائم بمفهوم قانون العقوبات.
حيث نصت على ذلك المادة 18 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها " يتعين على ضباط الشرطة القضائية أن يحرَروا محاضراً بأعمالهم و أن يبادروا بغير تمهل إلى إخطار وكيل الجمهورية بالجنايات و الجنح التي تصل إلى علمهم .
وعليهم بمجرد إنجاز أعمالهم أن يوافوهم مباشرة بأصول المحاضر التي يحررونها مصحوبة بنسخة منها مؤشر عليها بأنها مطابقة لأصول تلك المحاضر التي حرروها، وكذا بجميع المستندات و الوثائق المتعلقة بها، وكذلك الأشياء المضبوطة ... "
حددت المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية الأشخاص الذين يتمتعون بصفة ضابط الشرطة القضائية ، حيث أن لهم الاختصاص العام في البحث و التحري في جميع الجرائم المقررة في قانون العقوبات حسب نص المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية.
حيث يقوم ضباط الشرطة القضائية بجمع كل ما يتعلق بالعناصر و الأدلة التي تساهم في إثبات الجريمة وإسنادها إلى فاعلها ويخضع ضباط الشرطة القضائية في هذا الشأن للرقابة المزدوجة ، رقابة رئيسه المباشر و رقابة غرفة الاتهام التي لها صلاحيات توقيع الجزاءات ذات الطبيعة التأديبية[15].
كما أنهم يخضعون طبقا لنص المادة 12/2 من قانون الإجراءات الجزائية في مباشرة أعمالهم و إختصاصاتهم للنيابة العامة ، بإعتبارها جهة الإدارة و الإشراف عليهم ، غير أن إشراف النيابة العامة على ضباط الشرطة القضائية يتعلق فقط بما يقوم به هؤلاء من أعمال تتعلق بالدعوى العمومية[16].
حيث يقوموا ضباط الشرطة القضائية في هذا الشأن بجميع التحريات اللازمة عن الجريمة و إتخاذ مايرونه مناسبا من إجراءات في حدود ما يسمح به القانون[17].
أما من حيث الإختصاص المكاني فإنه يكون لضباط الشرطة القضائية سلطة مباشرة إختصاصات الضبط القضائي طبقا لنص المادة 16 من قانون الإجراءات الجزائية في حدود إختصاصهم المحلي الذي يباشرون فيه وظائفهم المعتادة ، وبذلك لا يجوز لهم مباشرة أعمال الضبط القضائي خارج دائرة هذا الإختصاص[18]
المطلب الثاني:
واجب السرية الملقى على عاتق الضبطية القضائية
ضباط وأعوان الضبط القضائي، ملزمون بعدم إفشاء الأسرار طبقا للشريعة العامة للوظيفة العمومية، وهي نصوص الأمر 06-03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، وكذلك القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالأمن الوطني الصادر بموجب المرسوم التنفيذي رقم 10-322[19]، حيث نصت المادة 16 منه على أنه " دون الإخلال بأحكام قانون العقوبات يتعين على موظفي الشرطة الالتزام بالسرّ المهني سواء تعلق الأمر بالوقائع أو بالمعلومات أو بالوثائق التي اطلعوا عليها أثناء تأدية مهامهم أو بمناسبتها ... ".
وكذلك نص القرار المؤرخ في 12/12/2017، المحدد لقانون أخلاقيات الشرطة[20]، في المادة 15 منه " على موظف الشرطة الالتزام بالسر المهني وهو ملزم بالإمتناع عن كشف معلومات أو وقائع أو وثائق اطلع عليها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبتها..."
حيث نصت المادة 110 من قانون الإجراءات الجزائية " تكون إجراءات التحري والتحقيق سرية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك و دون إضرار بحقوق الدفاع.
كل شخص يساهم في هذه الإجراءات ملزم بكتمان السرّ المهني بالشروط المبينة في قانون العقوبات و تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها فيه ... ".
فنجد أن مراحل الاستدلال و التحري و البحث عن الجرائم و ما يتصل بها من معلومات كلها تعتبر سرية بالنسبة للضبطية القضائية[21].
ولا يكون الالتزام بالسرّ الوظيفي قاصرا على إجراءات الاستدلال و التحري والبحث عن الجرائم فقط، حيث يمتد ذلك ليشمل إجراءات التحقيق عندما يقوم بها أعضاء الضبطية القضائية و ذلك بناءا على الإنابة القضائية طبقا لما نصت عليه المادة 138 من قانون الإجراءات الجزائية، بقولها" يجوز لقاضي التحقيق أن يكلف بطريقة الإنابة القضائية أي قاض من قضاة محكمته أو أي ضابط من ضباط الشرطة القضائية المختصة بالعمل في تلك الدائرة أو أي قاض من قضاة التحقيق بالقيام بما يراه لازما من إجراءات التحقيق في الأماكن الخاضعة للجهة القضائية التي يتبعها كل منهم.
ناهيك على سرية إجراءات التحري و إجراءات التحقيق في الإنابة القضائية، فإنه من البديهي أن التبليغات و الشكاوي التي ترد إلى موظفي الشرطة بشأن الجرائم المختلفة و جميع الإيضاحات المتعلقة بها من البديهي أن تكون تحت غطاء السرّية.
غير أن ذلك لا يمتد إلى الأخبار المتعلقة بوقوع جريمة في مكان ما و في زمان ما و التي هي معروفة لعامة الناس أو ذكرت في إحدى الصحف أو القنوات التلفزيونية.
كما أن التزام موظفي الشرطة بالسرّ المهني يستمر حتى بعد انتهاء الخدمة من جهاز الأمن الوطني[22].
- الإجراءات المستثناة من السرّية المطلقة للضبطية القضائية:
- إجراءات التفتيش:
إن إجراءات التفتيش التي نصت عليها المادة 44 من قانون الإجراءات الجزائية، لا تمتاز بالسرّية التامة التي ذكرت سابقا بالنسبة لموظفي الشرطة القائمين بذلك، نظرا لأن القانون نفسه يستلزم وجود أشخاص لا ينتمون لسلك موظفي الشرطة، أثناء القيام بعملية التفتيش.
ويمكن القول من خلال ما تقدم أن موظفي الشرطة يلتزمون بالسرّية المطلقة اتجاه جميع المعلومات التي تصل إلى علمهم بمقتضى وظيفتهم التزاما مطلقا سواء تعلق الأمر بإجراءات التحري و الاستدلال في الجرائم أو ما تحتويه البلاغات و الشكاوي المقدمة لهم من طرف الأفراد أو كان ذلك بسبب الإنابة القضائية.
غير أن هذا الالتزام المطلق بالسرّية قد تخف حدته في حالتين كما ذكرنا سابقا المتعلقة بالتفتيش سواء في مواجهة أحد أطراف القضية أو أحد الأفراد الخارج عن نطاق القضية أو الجريمة أصلا، حينما يكلفه الطرف الأصلي بتمثيله و حضور عملية التفتيش.
غير أنه ومع ما ذكر سابقا، من استثناء على الالتزام بالسرّية المطلقة اتجاه إجراءات التفتيش، فإنه لا ينطبق بأي حال من الأحوال على وثيقة أمر التفتيش بذاتها، حيث يجب أن يبقى أمر و إذن التفتيش الصادر عن النيابة العامة في السرّية و لا يتم إفشاءه إلا لشخص الصادر ضده و إلا اعتبر موظف الشرطة مفشيا و مرتكبا لجريمة إفشاء الأسرار.
[1] د. عبد التواب معوض الشوربجي، أساس التقادم، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية ، ةمصر طبعة 1998، ص 16
[4] د. الطيب اللومي، الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي، بحث مقدم المؤتمر الثالث للجمعية المصرية للقانون الجنائي حول حقوق المجني عليه في الإجراءات الجنائية، 12-13 مارس 1989، دار النهضة العربية ص 335.
[13] القرار الصادر في 06/12/1992 ، الغرفة الجزائية ، المحكمة العليا ، المجلة القضائية ، العدد04/1993 ، ص274.
[18] غير أنه طبقا لنص الفقرة 02 من المادة 16 من قانون الاجراءات الجزائية يجوز لهم في حالة الاستعجال أن يباشرو مهمتهم في كافة دائرة اختصاص المجلس القضائي الملحقين به و كذلك في كافة الاقليم الوطني ، اذا ما طلب منهم أداء ذلك من وكيل الجمهورية ، ويتعين عليهم في هاتين الحالتين أن يخبروا وكيل الجمهورية الذي يباشرون مهمتهم في دائرة اختصاصه.
[19] المرسوم التنفيذي رقم 10-322 المؤرخ في 22 ديسمبر 2010 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة للأمن الوطني، الجريدة الرسمية، العدد 78، الصادر بتاريخ 26 ديسمبر 2010، ص 04.
[20] القرار الوزاري المحدد لقانون أخلاقيات الشرطة، الصادر بتاريخ 12/12/2017، الجريدة الرسمية، عدد 8، الصادرة يتاريخ 07/02/2018.
[21] الضبطية القضائية هي مجموعة من الموظفين العامين حددهم المشرع على سبيل الحضر بموجب نصوص قانونية خاصة، أناط بهم مرحلة البحث والتحري عن الجرائم ومرتكبيها، التي من خلالها تتمكن النيابة العامة من التصرف في نتائج الاستدلال، إما بحفظها أو إجراء وساطة بشأنها أو تحريك الدعوة العمومية من خلالها كل ذلك حسب تقدريها لأكثر تفصيل د. علي شملال، التحقيق والمحاكمة، المرجع السابق، ص 14 وما يليها.
[22] الفقرة 02 من المادة 17 من المرسوم التنفيذي رقم 10-322 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالأمن الوطني.
-
Assignment
صنف الضبطية القضائية حسب المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية؟
من هم الموظفين الموكل لهم بعض الضبطية القضائية؟
تكلم عن الاختصاص المكاني والزماني للضبطية القضائية؟
تكلم عن الاختصاص النوعي للضبطية القضائية؟
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
-
-
الفصل الثاني:
التحقيق الابتدائي
بعد تحريك الدعوى العمومية بالطرق التي تطرقنا لها آنفا، تأتي مرحلة التحقيق الابتدائي من أجل التركيز على جمع أهم الأدلة سواء للبراءة أو الإدانة.
ويقوم بهذه المرحلة قاضي التحقيق وغرفة الاتهام، أو الاكتفاء بأعمال قاضي التحقيق حسب الحالة.
المبحث الأول: مفهوم التحقيق الابتدائي وخصائصه
المطلب الأول: مفهوم التحقيق الابتدائي
يعرف التحقيق الابتدائي على أنه " عمل قضائي يضم في ثناياه مجموعة من الإجراءات تتخذها سلطة التحقيق وموضوعها الجريمة الواردة في الطلب الافتتاحي أو في شكوى المدعي المدني، و الهدف منه كشف الحقيقة بصدد هذه الجريمة و التحقيق في مدى نسبتها إلى المتهم بغية إحالة الدعوى العمومية إلى المحكمة المختصة في حالة رجحان أدلة الإدانة أو إصدار أمر بأن لا وجه للمتابعة [1]
وبالتالي يمكن القول أن التحقيق الابتدائي هو المرحلة الثانية التي تمر بها الدعوى العمومية ذات أهمية في سير المحاكمة و الحكم بالبراءة أو الإدانة، بما تحتويه من أدلة حول الجريمة موضوع الحكم.
المطلب الثاني:
خصائص التحقيق الابتدائي
يتميز التحقيق الابتدائي بعدة خصائص هي:
الفرع الأول: الكتابة
حيث يستلزم التحقيق الابتدائي تدوين كل أعمال قاضي التحقيق من استجواب و سماع و غير ذلك من أجل إعداد ملف كامل حول القضية و إعدادها سواء للنظر فيها من جديد على مستوى غرفة الاتهام أو النظر فيها من طرف قضاء الحكم.
حيث تنص المادة 68 على أنه " يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة بالتحري عن أدلة الاتهام و أدلة النفي.
و تحرر نسخة عن هذه الإجراءات و كذلك عن جميع الأوراق ويؤشر كاتب التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية المنتدب على كل نسخة بمطابقتها للأصل ..."
الفرع الثاني: سرية التحقيق
تعتبر السرية من أهم الخصائص التي تميز مرحلة التحريات الأولية على مستوى الشرطة القضائية وكذا مرحلة التحقيق الابتدائي حيث تنص المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " تكون إجراءات التحري والتحقيق سرية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ودون الإضرار بحقوق الدفاع.
كل شخص يساهم في هذه الإجراءات ملزم بكتمان السر المهني بالشروط المبينة في قانون العقوبات وتحت طائلة العقوبات المنصوص عليها فيه.
غير أنه تفاديا لانتشار معلومات غير كاملة أو غير صحيحة أو لوضع حد للإخلال بالنظام العام يجوز لممثل النيابة العامة أو لضباط الشرطة القضائية بعد الحصول على إذن مكتوب من وكيل الجمهورية أن يطلع الرأي العام بعناصر موضوعية موضوعية مستخلصة من الإجراءات، على أن لا تتضمن أي تقييم للاتهامات المتمسك بها ضد الأشخاص المتورطين."
ولهذه الأهمية و خطورة أعمال التحقيق، نص المشرع على سرية إجراءات التحقيق، حيث نجده قد أحاط كافة مراحل التحقيق بالسرّية لما تحتويه من أسرار يدلي بها المتهمون أو الشهود أو الضحايا أثناءها.
وألزمت كل شخص يساهم في هذه الإجراءات بما فيهم أمناء الضبط بالالتزام بعدم إفشاء الأسرار في إطار المادة 301 من قانون العقوبات المعدل والمتمم.
كما يشمل نص المادة المتعلق بسرية التحقيق كل موظف اتصل بإجراءات التحقيق سواء كان يحمل صفة أمين الضبط أو موظف طالما أنه يعمل لدى مرفق القضاء، ولا يهم أن يكون هذا الاتصال سواء كان داخل مرفق القضاء أو خارجه باعتبار أمين الضبط يمكن أن يباشر انتقالات و معاينات مع القاضي.
حيث نصت المادة 04 من المرسوم التنفيذي رقم 08-409 المتضمن القانون الأساسي الخاص بمستخدمي أمانات الضبط للجهات القضاء[2] على أنه " يؤدي مستخدمو أمانات الضبط عملهم عند الحاجة خارج المدة القانونية للعمل و أثناء أيام الاستراحة القانونية لاسيما ما تعلق بعقد الجلسات و إجراء التحقيقات و السماع والتقديمات وكذا عند الانتقالات و المعاينات وبصفة عامة عندما يقتضي عمل القاضي ذلك "،
ولعل أهم المحطات التي يتصل بها أمين الضبط بإجراءات ومعلومات القاضي هي مرحلة التحقيقات، حيث يشترط في كاتب الضبط عدم إفشاء المعلومات و البيانات التي اطلع عليها بحكم وظيفته.
فحماية الحياة الشخصية للأفراد وأسرارهم الخاصة سبب كاف لفرض واجب المحافظة على السرّ ، وهو من بين الالتزامات الملقاة على كافة أعوان الدولة، فهو مطالب بحماية سر الوقائع و المعلومات المتعلقة بالمصلحة العامة من جهة و ما يتعلق مباشرة بالمصالح الخاصة للأفراد من جهة أخرى [3]
كما نجد أن سرية التحقيقات تعتبر ضرورة ملحة في مختلف مراحل التحقيق من أجل عدم الكشف عن أسراره والمعلومات التي تعتبر حاسمة في مصير الدعوى لتحقيق السير الحسن لمرفق القضاء و إحقاق العدل بين المواطنين من جهة.
ومن جهة أخرى حماية المصلحة الخاصة لأطراف التقاضي من خلال عدم البوح بأسرار حياتهم الخاصة أو أسرار وظيفتهم و كل المعلومات التي من شأنها المساس والتأثير على حقهم في الخصوصية.
كما تعتبر السرّية إجراءا ضروريا لضمان استجماع الأدلة، ذلك أن المتهم الذي يعرف ما يتخذ ضده من إجراءات التحقيق قد يعمل على إفسادها، كما أن إجراء التحقيق في حضور الجمهور من شأنه أن يشل تصرفات المحقق في استخلاص الأدلة[4].
- المقصود بسرية التحقيق: يقصد بإجراءات التحقيق المشمولة بالسرّية كل الإجراءات القضائية التي تمارسها سلطات التحقيق بالشكل المبين في النصوص القانونية، بغية التثبت في جريمة ارتكبت وجمع أدلتها، لتحديد مدى كفايتها في إحالة المتهم إلى المحاكمة أو الأمر بأن لا وجه للمتابعة[5].
لذلك يحظر على أمين الضبط وسائر موظفي الجهات القضائية أن يذيعوا أسرار القضايا و الأوراق والمعلومات التي تحتويها جداول القضايا، والدفاتر و الأوراق الرسمية[6].
فإذا كانت العلانية تجعل المتهم بمنأى عن التلفيق ضده وتمكنه من أن يحسن دفاعه، و عن طريقها يطلع الرأي العام على الجريمة و فاعلها و الإجراءات التي تمت فيها تعتبر ضمانا قويا للحريات الشخصية، فإن هذه المزايا قد يوجد معها احتمال ضياع الأدلة و التأثير على الشهود و بالتالي إفلات الفاعلين و الشركاء الأمر الذي لا يحتمل حصوله إذا كان التحقيق سريا[7].
ويمكن القول أيضا بخصوص ضرورة إضفاء طابع السرّية على مختلف إجراءات التحقيق هو أن مبدأ سرية التحقيق عامل مهم من العوامل التي تعزز مبدأ قرينة البراءة باعتبار أن الأصل هو براءة المتهم.
فعدم التقيد بواجب الكتمان من طرف أمناء الضبط أو موظفي الجهة القضائية قد يؤدي إلى المساس بهذا المبدأ الدستوري[8].
والجدير بالذكر أيضا في هذا الصدد أن المقصود بالسرّية هنا هي كل المعلومات التي تحتويها إجراءات التحقيق مثل سؤال الشهود واستجواب المتهم وإجراءات القبض والتفتيش، والمعاينة والخبرة، كما يشمل موضوع هذه الإجراءات ما تتضمنه من معلومات و وقائع وما تسفر عنه من نتائج[9].
الفرع الثالث: الفصل بين سلطة الاتهام والتحقيق
حيث تختلف التشريعات المقارنة من حيث تحديد السلطة المختصة بالتحقيق الابتدائي فبعض التشريعات تجمع بين سلطتي الاتهام و التحقيق و تضعهما في يد النيابة العامة مثل المشرع المصري و هناك تشريعات تفصل بينهما مثل المشرع الجزائري[10]
حيث نجد أن هناك فصل بين أعمال وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق في نفس الجريمة فهذا الأخير يتولى التحقيق فيها بعد أن تم توجيه الاتهام و إحالة الملف عليه من طرف وكيل الجمهورية، وهناك حياد لقاضي التحقيق اتجاه أطراف الدعوى .
المبحث الثاني:
جهات التحقيق الابتدائي
ونتناول في هذا المبحث قاضي التحقيق في المطلب الأول ثم غرفة الاتهام في المطلب الثاني.
المطلب الأول:
قاضي التحقيق
يعتبر قاضي التحقيق أحد أعضاء الهيكل القضائي يعين من أعضائه كقاضي تحقيق وتناط به الاختصاصات طبقا للمادة 68 من ق إ ج، لاتخاذ جميع اجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة بالتحري عن أدلة الاتهام و النفي
غير أنه لا يجوز لقاضي التحقيق أن يجري تحقيقا إلا بموجب طلب من وكيل الجمهورية لإجراء التحقيق حتى ولو كان ذلك بصدد جناية أو جنحة متلبس بها، طبقا للمادة 67 من قانون الإجراءات الجزائية.
وجدير بالذكر أيضا، أن لوكيل الجمهورية ان يعين في القضية الواحدة أكثر من قاضي تحقيق حسب خطورة القضية و حاجاتها إلى ذلك[11]
ويتميز قاضي التحقيق بالحياد عن سلطة الاتهام، و بذلك فهو لا يخضع لأي سلطة سلمية غير أنه يجوز رده.
حيث نصت المادة 71 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه" يجوز لوكيل الجمهورية أو المتهم أو الطرف المدني لحسن سير العدالة طلب تنحية الملف من قاضي التحقيق لفائدة قاضي آخر من قضاة التحقيق.
يرفع طلب التنحية بعريضة مسببة إلى رئيس غرفة الاتهام و تبلغ إلى القاضي المعني الذي يجوز له تقديم ملاحظاته الكتابية.
يصدر رئيس غرفة الاتهام قراره في ظرف 30 يوما من تاريخ ايداع الطلب بعد استطلاع رأي النائب العام ويكون هذا القرار غير قابل لأي طعن".
الفرع الثاني:
طرق اتصال قاضي التحقيق بالملف
يمكن لقاضي التحقيق أن يتصل بملف الدعوى بطريقتين هما: الطلب الافتتاحي من النيابة العامة أو الإدعاء المدني.
- أولا: الطلب من وكيل الجمهورية: نصت المادة 67 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " لا يجوز لقاضي التحقيق ان يجري تحقيقا إلا بموجب طلب من وكيل الجمهورية لإجراء تحقيق حتى ولو كان ذلك بصدد جناية أو جنحة متلبس بها، ويجوز ان يوجه الطلب ضد شخص مسمى أو غير مسمى.
ولقاضي التحقيق سلطة اتهام كل شخص ساهم بصفته فاعلا أو شريكا في الوقائع المحال تحقيقها إليه.
فإن وصلت لعلم قاضي التحقيق وقائع لم يشر إليها في طلب إجراء التحقيق تعين عليه أن يحيل فورا إلى وكيل الجمهورية الشكاوى أو المحاضر المثبتة لتلك الوقائع .
ويعرف الطلب الافتتاحي على أنه " الأداة والوسيلة الإجرائية الوحيدة بيد النيابة العامة لاتصالها بجهات التحقيق والادعاء أمامها، رغم أنه ليس هو الإجراء الوحيد لانعقاد اختصاص قاضي التحقيق واتصاله بالدعوى العمومية[12]
ثانيا: الإدعاء المدني: نصت المادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية على " يجوز لكل شخص متضرر من جناية أو جنحة أن يدعي مدنيا بأن يتقدم بشكواه أمام قاضي التحقيق المختص ".
الفرع الثالث: اختصاصات قاضي التحقيق
حيث نتناول في هذا الفرع الاختصاص الشخصي لقاضي التحقيق و الإقليمي و النوعي .
أولا – الاختصاص الشخصي: كقاعدة عامة يختص قاضي التحقيق بالنظر في كل الدعاوالمرفوعة ضد جميع الأشخاص المتهمين فيها و في كافة الجرائم متى قدم له الطلب الافتتاحي بذلك أو إدعاءمدنيأمامه مدني أمامه .
غير أنه لطبيعة بعض الأشخاص و بحكم وظائفهم فإنه لا يمكن لقاضي التحقيق ان يحقق معهم و في جرائمهم مثل جرائم التي تختص بها المحاكم العسكرية.
ثانيا – الاختصاص النوعي: يعتبر التحقيق الابتدائي من السلطة التقديرية الممنوحة لوكيل الجمهورية في طلبه من عدمه
غير أن المشرع قيدهم بنص المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية حيث اعتبر التحقيق الابتدائي وجوبي في مواد الجنايات و أما مواد الجنح يكون اختيارا ما لم تكن ثمة نصوص خاصة أما بالنسبة للمخالفات فيخضع لنفس السلطة التقديرية .
ثالثا – الاختصاص المحلي: نصت المادة 40 من قانون الإجراءات الجزائية على " يتحدد اختصاص قاضي التحقيق محليا بمكان وقوع الجريمة أو محل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في اقترافها أو بمحل القبض على أحد هؤلاء الأشخاص حتى ولو كان هذا القبض قد حصل لسبب آخر ".
يجوز تمديد الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق إلى دائرة اختصاص محاكم أخري عن طريق التنظيم في جرائم المخدرات و الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، و الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم تبييض الأموال و الإرهاب و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف.
و الأصل أنه لا أفضلية لقاضي التحقيق على آخر إلا بالأسبقية في رفع الدعوى إليه، لذلك ينبغي على قاضي التحقيق المختص وفقا لماكن وقوع الجريمة، إذا ما عرضت عليه الدعوى أن لا يتسرع في إصدار أمر بالتخلي لصالح قاضي تحقيق آخر مختص وفقا لمعيار مكان إقامة وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق الذي يراد التخلي لصالحه، تفاديا لنشوب تنازع سلبي في الاختصاص المحلي. [13]
المطلب الثاني:
الأعمال التي يتولاها قاضي التحقيق
عند التطرق إلى أعمال قاضي التحقيق فإننا نستند إلى المادة 68 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على " يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة بالتحري عن أدلة الاتهام و أدلة النفي ... "
لأن الهدف من التحقيق الابتدائي هو كشف الحقيقة عن ظروف الجريمة و ملابساتها في حالة الإدعاء ضد شخص معلوم أو الكشف عن مرتكبيها في حالة الادعاء ضد شخص مجهول، و في كلا الحالتين فإن قاضي التحقيق يتخذ كافة الإجراءات الكفيلة ليس فقط لجمع الادلة ضد المتهم بل للكشف عن الحقيقة و لو كانت لصالح المتهم بارتكاب الجريمة.[14]
غير أن هاته السلطات الممنوحة لقاضي التحقيق للقيام بأعماله يجب ان تكون محاطة بسياج حماية الحقوق و الحريات و التي تتعلق بضمانات المتهم أثناء التحقيق حتى لا تكون سببا في المساس بحقوق المتهم و حرياته التي يكفلها له الدستور، و تتمثل أعمال قاضي التحقيق فيما يلي:
الفرع الأول: الاستجواب و المواجهة
ونص عليه القسم الخامس من قانون الإجراءات الجزائية من المواد 10 إلى 108 و يعتبر الاستجواب من بين العناصر الأساسية في اعمال قاضي التحقيق لما يتضمنه من إجراءات أثناء المثول الأول للمتهم من إحاطته علما بالوقائع المنسوبة إليه والتأكد من هويته و تلقي أقواله و اختيار محام له و غير ذلك ، و يعتبر هذا الاستجواب اثناء المثول الأول .
غير أنه في المثول الثاني يجب الاستعانة بمحامي و حضوره جلسة الاستجواب حيث نصت المادة 102 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " لا يجوز سماع المتهم او المدعي المدني أو إجراء مواجهة بينهما إلا بحضور محاميه أو بعد دعوته قانونا ما لم يتنازل صراحة عن ذلك".
يستدعي المحامي بكتاب موصى عليه يرسل إليه بيومين على الأقل قبل استجواب المتهم أو سماع الطرف المدني حسب الحالة.
يمكن أيضا استدعاء محامي الأطراف شفاهة و يثبت ذلك بمحضر.
ويجب ان يوضع ملف الإجراءات تحت طلب محامي المتهم قبل كل استجواب بأربع وعشرين ساعة على الأقل كما يجب ان يوضع تحت طلب محامي المدعي المدني قبل سماع أقواله بأربع و عشرين ساعة على الأقل .
وقد أتاح المشرع أيضا لوكيل الجمهورية حضور الاستجواب و مواجهتهم بسماع أقوال المدعي المدني أو توجيه الأسئلة [15]
أما بالنسبة لمواد الجنايات فيجوز لقاضي التحقيق إجراء استجواب إجمالي قبل اقفال التحقيق[16]
الفرع الثاني: الإنابة القضائية
تعتبر الإنابة القضائية استثناءا من الأصل هذا الأخير الدي هو من اختصاص قاضي التحقيق، حيث سمح المشرع لقاضي التحقيق ان ينيب غيره في أحد اجراءات التحقيق و جمع الأدلة.
وقد نصت المادة 138 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " يجوز لقاضي التحقيق ان يكلف بطريقة الإنابة القضائية أي قاض من قضاة محكمته أو أي ضابط من ضباط الشرطة القضائية المختص بالعمل في تلك الدائرة أو أي قاض من قضاة التحقيق بالقيام بما يراه لازما من إجراءات التحقيق في الأماكن الخاضعة للجهة القضائية التي يتبعها كل منهم".
ويجب الذكر في الإنابة القضائية نوع الجريمة موضوع المتابعة و تؤرخ و توقع من القاضي الذي أصدرها و تشهر بختمه.
ولا يجوز أن يأمر فيها إلا باتخاذ إجراءات التحقيق المتعلقة مباشرة بالمعاقبة على الجريمة التي تنصب عليها المتابعة ".
فالأصل أن إجراءات التحقيق الابتدائي هي من اختصاص قاضي التحقيق يمارسها بنفسه، غير أن ظروف القضية و طبيعتها، قد لا تسمح لقاضي التحقيق بالقيام بكافة إجراءات التحقيق لوحده، أو أن مقتضيات السرّعة تتطلب منه أن يلجأ إلى ندب غيره للقيام ببعضها عن طريق إنابة قضائية متى دعت الضرورة ذلك، فالإنابة القضائية كإجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي قد يلجأ إليها قاضي التحقيق بعد اتصاله بالدعوة بهدف جمع الأدلة و الكشف عن الحقيقة، ولحسن سير التحقيق الابتدائي أجاز المشرع لقاضي التحقيق أن يندب أحد القضاة أو أحد ضباط الشرطة القضائية للقيام بإجراء معين بدلا عنه عن طريق إنابة قضائية[17].
الفرع الثالث: الانتقال للمعاينة
نصت المادة 79 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه" لا يجوز لقاضي التحقيق الانتقال إلى أماكن وقوع الجرائم لإجراء جمع المعاينات اللازمة أو للقيام بتفتيشها ويخطر بذلك وكيل الجمهورية الذي له الحق في مرافقته و يستعين قاضي التحقيق دائما بكاتب التحقيق و يحرر محضر بما يقوم به من إجراءات ".
و المعاينة كإجراء من إجراءات التحقيق يترك أمر تقدير مدى ضرورته للمحقق و إذا بادر قاضي التحقيق بإجراء المعاينة وجب عليه الانتقال لمكان ارتكاب الجريمة و إجراء المعاينة قبل زوال آثار الجريمة أو تغيير معالم المكان، خوفا من ضياع الحقيقة إذا تباطأ المحقق بالانتقال.[18]
الفرع الرابع: سماع الشهود
نصت المادة 88 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " يستدعي قاضي التحقيق أمامه بوساطة أحد أعوان القوة العمومية كل شخص يرى فائدة من سماع شهادته ... "
و يتعين على كل شخص استدعي بواسطة أحد أعوان القوة العمومية لسماع شهادته ان يحضر و يؤدي اليمين ( المادة 89 من قانون الإجراءات الجزائية ).
و يطلب من الشهود قبل سماع شهادتهم عن الوقائع ان يذكر كل منهم اسمه و لقبه وعمره و حالته و مهنته و سكنه و تقرير ما إذا كان له قرابة أو نسب للخصوم أو ملحق بخدمتهم أو إذا كان فاقدا للأهلية و ينوه في المحضر عن هذه الأسئلة و الأجوبة.
و يؤدي كل شاهد و يده اليمنى مرفوعة بالصيغة التالية " أقسم بالله العظيم أن أتكلم بغير حقد و لا خوف و أن أقول كل الحق و لا شيء غير الحق ".
وتسمع شهادة القصر إلى سن السادسة عشر بغير حلف اليمين [19]
الفرع الخامس : التفتيش
نصت المادة 81 من قانون الإجراءات الجزائية على " يباشر التفتيش في جميع الأماكن التي يمكن العثور فيها على اشياء يكون كشفها مفيدا لإظهار الحقيقة "
والتفتيش المقصود هنا هو التفتيش كإجراء قضائي وليس استدلالي عندما يتم خلال مرحلة التحقيق الابتدائي سواء تولاه قاضي التحقيق شخصيا أو تولاه ضابط الشرطة القضائية بإذن أو بإنابة من قاضي التحقيق ففي كلتا الحالتين يعتبر التفتيش إجراء قضائي لأنه تم بعد اتصال قاضي التحقيق بالدعوى و اتخذ – التفتيش – كإجراء من اجراءات الرامية إلى جمع الأدلة خلال مرحلة التحقيق الابتدائي .[20]
ويثور التساؤل حول شرعية الدليل إذا تم ضبطه ويتعلق بجريمة اخرى غير التي صدر فيها الإذن بالتفتيش حيث نجد أن كثيرا من التشريعات المقارنة تجعل هذا الدليل غير شرعي ولا يستند إليه في الجريمة المكتشفةصدفة، غير أن قانون الإجراءات الجزائية في الجزائر نص على أنه " إذا اكتشف د ليل و لو كان بمناسبة جريمة أخرى فإنه يعتبر شرعي " .
ومن الطبيعي ان التفتيش ينتج عنه ضبط اشياء تتعلق بالجريمة ومن ثم حجزها، و إذا كان إجراء التحقيق يتوجب البحث عن مستندات فإن لقاضي التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية المنوب عنه وحدهما الحق في الاطلاع قبل ضبطها مع مراعاة ما تقتضيه ضرورة التحقيق . ( المادة 84 من قانون الإجراءات الجزائية).
الفرع السادس : تعيين الخبراء
نصت المادة 143 على أنه " لجهات التحقيق أو الحكم عندما تعرض لهما مسألة ذات طابع فني ان تأمر بندب خبير إما بناءا على طلب النيابة العامة، و إما من تلقاء نفسها أو من الخصوم ".
و إذا رأى قاضي التحقيق أنه لا موجب للاستجابة لطلب الخبرة فعليه ان يصدر في ذلك أمرا مسببا في أجل 30 يوما من تاريخ استلامه الطلب .
المطلب الرابع: أوامر قاضي التحقيق
إلى جانب اعمال قاضي التحقيق التي تم تناولها نجد أن المشرع قد أسند لقاضي التحقيق عدة صلاحيات من أجل الكشف عن الأدلة و الوصول إلى الحقيقة و من أجل ممارسة هاته الصلاحيات أعطى له الحق في إصدار الكثير من الأوامر وهي:
الفرع الأول : الأمر بالقبض
هو ذلك الأمر الذي يصدر إلى القوة العمومية بالبحث عن المتهم و سوقه إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجري تسليمه و حبسه . [21]
ونصت المادة 121 من قانون الإجراءات الجزائية يستجوب المتهم خلال ثمان و أربعين 48 ساعة من اعتقاله فإن لم يستجوب ومضت هذه المهلة دون استجوابه يقتاد أمام وكيل الجمهورية الذي يطلب من القاضي المكلف بالتحقيق و في حالة غيابه ،أي قاضي آخر من قضاة الحكم ليقوم باستجوابه في الحال و إلا أخلي سبيله.
كل متهم ضبط بمقتضى أمر بالقبض و بقي في مؤسسة عقابية أكثر من ثمان و أربعين 48 ساعة دون ان يستجوب اعتبر محبوسا تعسفيا.
كل قاض أو موظف أمر بهذا الحبس أو تسامح فيه عن علم يتعرض للعقوبات المتعلقة بالحبس التعسفي.
و إذا قبض على المتهم خارج دائرة اختصاص قاضي التحقيق الذي اصدر الأمر سيق المتهم في الحال إلى وكيل الجمهورية التابع له محل القبض عليه كي يتلقى التنبيه في المحضر.
و يقوم وكيل الجمهورية بغير تمهل بإخطار القاضي الذي أصدر أمر القبض و يطلب نقل المتهم ، فإن تعذر نقله في الحال فعلى وكيل الجمهورية أن يعرض الموضوع على القاضي الآمر.
الفرع الثاني :الأمر بالإحضار
الأمر بالإحضار هو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية لاقتياد المتهم و مثوله أمامه على الفور. (المادة 110 قانون الإجراءات الجزائية )
ويتم وفق الشروط التالية:
1- ذكر نوع و مواد القانون المطبق عليها.
2- ذكر هوية المتهم.
3- تاريخ الأمر والتوقيع عليه من القاضي.
الفرع الثالث: الأمر بالإيداع في المؤسسة العقابية
ويقصد به ذلك الأمر الذي يصدره القاضي إلى المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية باستلام وحبس المتهم و يرخص هذا الأمر أيضا بالبحث عن المتهم و نقله إلى مؤسسة إعادة التربية اذا كان قد بلغ من قبل.
ويبلغ قاضي التحقيق هذا الأمر للمتهم، و يتعين ان ينص عن هذا التبليغ بمحضر الاستجواب. [22]
ويتميز الأمر بالإحضار عن الأمر بالقبض فيما يلي: [23]
1- الأمر بالإحضار و الأمر بالقبض قيدان من حرية المتهم الذي بصدور أحدهما في حق من وجه إليه يكون ملزما بالمثول أمام قاضي التحقيق.
2- يتميز الأمر بالإحضار و الأمر بالقبض في ان كلاهما إجراء قضائي لا يمكن لقاضي التحقيق اتخاذ إحداهما إلا بعد إخطار وكيل الجمهورية و يرسل بمعرفته و هو من يقوم بتنفيذه.
3- إذا كان الأمر بالإحضار يتفق مع الأمر بالقبض في أن كلاهما يؤدي إلى القبض على المتهم و تقييد حريته و لو مؤقتا إلا ان الأمر بالقبض يتضمن شقين لتنفيذه: الشق الأول هو أمر إلى القوة العمومية للقبض على المتهم و اقتياده إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر، و الشق الثاني و هو أمر إلى رئيس المؤسسة العقابية لاستلام المتهم و حبسه لمدة لا تزيد عن 48 ساعة ليتم خلالها استجوابه و تقرير ما يتخذ بشأنه ، أما الأمر بالإحضار فيتضمن تنفيذ شقا واحدا و هو أمر للقوة العمومية بالقبض على المتهم و اقتياده أمام قاضي التحقيق مصدر الأمر لسماع أقواله و اتخاذ ما يراه بشأنه.
4- الأمر بالإحضار يصدر عن وكيل الجمهورية ضد مشتبه فيه خلال مرحلة جمع الاستدلالات أو البحث و التحري طبقا للمادة 110/3 و المادة 48 من قانون الإجراءات الجزائية ، وقد يصدره قاضي التحقيق ضد متهم رفض الامتثال للاستدعاء الموجه له أثناء التحقيق الابتدائي اما الأمر بالقبض فلا يتصور صدوره إلى من قاضي التحقيق أثناء التحقيق في الدعوى ضد متهم يوجد في حالة فرار أو مقيما خارج إقليم الجمهورية، و يخطر على وكيل الجمهورية إصدار أمر بالقبض مهما كانت الأسباب أو المبررات.
5- يتضمن كل من أمر بالإحضار و القبض مجموعة من البيانات الإلزامية يجب توفرها في كل منهما كنوع الجريمة و النص القانوني الذي يعاقب عليها، والهوية الكاملة للمتهم و اسم القاضي الذي أصدره وتوقيعه و ختمه ويؤشر عليه وكيل الجمهورية.
الفرع الرابع: الرقابة القضائية
نصت المادة 25 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية على " يمكن لقاضي التحقيق ان يأمر بالرقابة القضائية إذا كانت الافعال المنسوبة على المتهم قد تعرضه لعقوبة الحبس أو عقوبة أشد و تلزم الرقابة القضائية للمتهم، أن يخضع بقرار من قاضي التحقيق إلى التزام أو عدة التزامات و هي كالآتي "
1. عدم مغادرة الحدود الإقليمية التي حددها قاضي التحقيق إلا بإذن هذاالاخير.
2. عدم الذهاب الى بعض الأماكن التي المحددةمنطرف قاضي التحقيق.
3. المثول دوريا أمام المصالح و السلطات المعنية من طرف قاضي التحقيق.
4. تسليم كافة الوثائق التي تسمح بمغادرة التراب الوطني أو ممارسة مهنة أو نشاط يخضع إلى ترخيص إما إلى أمانة الضبط أو مصلحة أمن يعينها قاضي التحقيق مقابل وصل.
5. عدم القيام ببعض النشاطات المهنية عندما ترتكب الجريمة اثر ممارسة او بمناسبة ممارسة هذه النشاطات و عندما يخشى من ارتكاب جريمة جديدة.
6. الامتناع عن رؤية الأشخاص الذين يعينهم قاضي التحقيق أو الاجتماع ببعضهم.
7. الخضوع إلى بعض إجراءات فحص علاجي حتى و إن كان بالمستشفى لاسيما بغرض إزالة التسمم.
8. إيداع نماذج الصكوك لدى كاتبة ضبط المحكمة بحيث لا يجوز استعمالها إلا بناء على ترخيص من قاضي التحقيق.
9. المكوث في إقامة محمية يعينها قاضي التحقيق و عدم مغادرتها إلا بإذن منه ، يكلف قاضي التحقيق ضباط الشرطة القضائية بمراقبة تنفيذ هذا الالتزام و بضمان حماية المتهم
لا يؤمر بهذا الالتزام إلا في الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية و لمدة أقصاها ثلاثة (03) اشهر قابلة للتمديد مرتين 02 لمدة أقصاها ثلاثة (03) اشهر في كل تمديد ،
يتعرض كل من يفشي معلومة عن مكان تواجد الإقامة المحمية للمتهم يتعرض للعقوبات المقررة لجريمة إفشاء التحقيق.
10. عدم مغادرة مكان الإقامة إلا بشروط و في مواقيت محددة.
كما يجوز لقاضي التحقيق أن يأمر باتخاذ ترتيبات من اجل وضع المتهم تحت المراقبة الالكترونية للتحقق من مدى تقيد المتهم بالالتزامات رقم 1 و 2 و 6 و 9 و 10 المذكورة أعلاه.
الفرع الخامس: الحبس المؤقت
الاصل في فترة التحقيق ان يبقى المتهم حرا دون أي قيد سواء الحبس المؤقت أو الرقابة القضائية باعتبار ان قرينة البراءة هي مبدأ دستوري و أن هذا المتهم لازال بريئا و بالتالي لا يمكن الانتقاص من حقوقه و لعل أهم الحقوق المقدسة للإنسان هي الحرية ، غير أن هذا الأصل يرد عليه استثناء تمليها ظروف كل متهم على حدى فكلما كانت هذه الحرية عائقا أمام جلسات التحقيق للوصول إلى الحقيقة و أدلة الإدانة و البراءة كان لقاضي التحقيق أن يأمر بالحبس المؤقت من أجل إتمام إجراءات التحقيق على أكمل وجه.
وقد نصت المادة 23 على أنه يبقى المتهم حرا أثناء إجراءات التحقيق القضائي .
غير أنه إذا اقتضت الضرورة اتخاذ اجراءات لضمان مثوله أمام القضاء يمكن اخضاعه لالتزامات الرقابة القضائية.
إذا تبين ان هذه التدابير غير كافية يمكن بصفة استثنائية ان يؤمر بالحبس المؤقت ..."
لذلك يجب ان يؤسس أمر الوضع في الحبس المؤقت طبقا لنص المادة 123 مكرر على معطيات مستخرجة من ملف القضية.
ورغم الانتقادات الموجهة للحبس المؤقت، فإن جانب من الفقه يرى أنه يحقق الردع العام بالنسبة للأشخاص الذين يرتكبون جرائمهم نتيجة عدم احتياط، كمكا هو الوضع في جرائم القتل والإصابة الخطأ، فهذه الجرائم قد تحدث بالمجتمع أضرارا بالغة دون أن تكشف عن خطورة إجرامية كبيرة لدى مرتكبيها، وبالتالي قد يتبين للقاضي أنه ينبغي توقيع عقوبة الحبس قصير المدة على الجاني نزولا على مقتضيات العدالة واعتبارات للردع العام[24].
الفرع السادس: الأمر بالإفراج
يعتبر الإفراج هو أحد أسباب انقطاع مدة الحبس المؤقت و قد يكون هذا الإفراج وجوبيا أو اختياريا أو بناء على طلب.
أولا - الإفراج الوجوبي: و حالاته هي:
1- نص المادة 121 التي قضت بالإفراج الإلزامي عن المتهم الذي اودع بمؤسسة إعادة التربية تنفيذا لأمر القبض و لم يتم استجوابه خلال مدة 48 ساعة المحددة.
2- في الجرائم الجنحية و المتهم مقيم في الجزائر و حد عقوبتها الأقصى 3 سنوات و نتجت عنها وفاة انسان أو أدت إلى إخلال ظاهر بالنظام العام و لم يكمل قاضي التحقيق إجراءاته بعد مرور شهر واحد حيث يجب إخلاء سبيله وجوبيا و لا يتم تجديده.
3- انقضاء المدد القصوى المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية الجنايات و الجنح أو صدور أمر بأن لا وجه للمتابعة.
ثانيا – الإفراج الجوازي ويكون في الحالات التالية :
1- عدم وجود مبررات لبقاء المتهم في الحبس المقت .[25]
ثالثا – الإفراج بناءا على طلب ويكون في الحالات التالية:
1- طلب من وكيل الجمهورية حيث يجوز لوكيل الجمهورية طلب الإفراج في كل وقت و على قاضي التحقيق ان يبت في ذلك خلال ثمان وأربعين ساعة من تاريخ طلب الإفراج و عند انتهاء هذه المهلة ، وفي حالة ما إذا لم يبت قاضي التحقيق يفرج على المتهم في الحين.
2- يجوز للمتهم أو محاميه طلب الإفراج من قاضي التحقيق في كل وقت مع مراعاة الالتزامات المنصوص عليها في المادة 126 و يتعين على قاضي التحقيق أن يرسل الملف في الحال إلى وكيل الجمهورية ليقدم طلباته في الخمسة (05) أيام التالية كما يبلغ في نفس الوقت المدعي المدني بكتاب موصى عليه لكي يتاح له إبداء ملاحظاته
وعلى قاضي التحقيق ان يبت في الطلب بقرار خاص مسبب خلال مدة لا تتجاوز ثمانية (08) ايام على الأكثر من إرسال الملف إلى وكيل الجمهورية فإذا لم يبت قاضي التحقيق في الطلب في المهلة المحددة في الفقرة 03 فللمتهم أن يرفع طلبه مباشرة إلى غرفة الاتهام لكي تصدر قرارها فيه بعد الاطلاع على الطلبات الكتابيةالتي يقدمها النائب العام وذلك في ظرف ثلاثين (30) يوما من تاريخ الطلب . ( المادة 127 من قانون الإجراءات الجزائية)
الفرع السابع: أوامر التصرف في التحقيق:
و تكون هذه الأوامر بعد انهاء قاضي التحقيق من كل الإجراءات و يرسل الملف إلى وكيل الجمهورية لتقديم طلباته خلال 10 أيام ليكون أمام قاضي التحقيق أمرين يتعلقان بالمتهم وهما : الأمر بأن لا وجه للمتابعة أو الأمر بالإحالة.
أولا – الأمر بأن لا وجه للمتابعة: تنص المادة 163 على أنه " إذا رأى قاضي التحقيق ان الوقائع لا تكون جناية أو جنحة أو مخالفة أو أنه لا توجد دلائل كافية ضد المتهم أو كان مرتكب الجريمة ما يزال مجهولا أصدر أمر بألا وجه لمتابعة المتهم.
ويخلى سبيل المتهمين المحبوسين مؤقتا في الحال رغم استئناف وكيل الجمهورية ما لم يكونوا محبوسين لسبب آخر "
ويبت قاضي التحقيق في نفس الوقت في شأن رد الأشياء المضبوطة ويصفي حساب المصاريف و يلزم المدعي المدني بها، إن وجد في القضية مدعي مدني ، غير أنه يجوز ان يعفى المدعي المدني حسب الحالة من المصاريف كلها أو جزء منها بقرار خاص مسبب.
ويعتبر قرار بألا وجه للمتابعة قرارا قضائيا يمكن استئنافه أمام غرفة الاتهام سواء من طرف وكيل الجمهورية أو من الطرف المدني.
ثانيا – الأمر بالإحالة: ويعتبر قرار الإحالة نتيجة حتمية لوجود أدلة مقنعة و كافية بإدانة المتهم جراء أعمال قاضي التحقيق التي قام بها .
فعندما يرى القاضي ان الوقائع تكون مخالفة أو جنحة أمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة و إذا كان المتهم محبوسا مؤقتا بقي محبوسا إذا كانت العقوبة هي الحبس ( المادة 164 من قانون الإجراءات الجزائية)
ويلاحظ ان قاضي التحقيق غير ملزم بالتكليف الذي يعطيه وكيل الجمهورية أو المدعي المدني للواقعة الإجرامية فإذا ما تبين له أن الواقعة الواردة بالطلب الافتتاحي أو بشكوى المدعي المدني هي جنحة السرقة، فله أن يعيد تكييفها إلى جنحة خيانة الأمانة ، كما لقاضي التحقيق سلطة تغيير الوصف القانوني للواقعة الاجرامية من جناية إلى جنحة، كأن يتهم وكيل الجمهورية مجموعة من لأشخاص بجناية السرقة الموصوفة، و يرى قاضي التحقيق بأنها سرقة بسيطة لأنها تحتوي على ظرف مشدد دون توافرها على ظرف ثاني كما تقتضيه المادة 353 من قانون العقوبات التي تشتر توافر ظرفين (مشددين) على الأقل لتغيير وصفة جنحة السرقة البسيطة إلى جناية السرقة الموصوفة .[26]
الفرع الثاني: استئناف أوامر قاضي التحقيق
أجاز المشرع من خلال قانون الإجراءات الجزائية استئناف اوامرقاضي التحقيق من خلال شروط محددة سواء بالنسبة لوكيل الجمهورية أو للمتهم أو محاميه أو الطرف المدني .
و الاستئناف طريق قانوني من طريقمنطرقالطعن مقرر لأطراف الخصومة ، وكيل الجمهورية و المتهم والمدعي المدني ، للطعن في أوامر قاضي التحقيق لدى جهة عليا هي غرفة الاتهام ، والطعن بهذا المفهوم يعتبر إعادة للتحقيق و تجديدا له، باعتبار أن غرفة الاتهام – الموجودة على مستوى كل مجلس قضائي – درجة ثانية للتحقيق أو درجة عليا له[27]
أولا – استئناف وكيل الجمهورية: لوكيل الجمهورية الحق أن يستأنف أمام غرفة الاتهام جميع أوامر قاضي التحقيق.
و يكون هذا الاستئناف بتقرير أمانة ضبط المحكمة و يجب أن يرفع في ثلاثة (03) أيام من تاريخ صدور الأمر .
مع مراعاة احكام المادة 163 أعلاه من رفع الاستئناف من النيابة العامة يبقي المتهم المحبوس مؤقتا في حسبه حتى يفصل في الاستئناف و يبقى كذلك في جميع الأحوال إلى حين انقضاء ميعاد استئناف وكيل الجمهورية ، إلا إذا وافق وكيل الجمهورية على الإفراج عن المتهم في الحال. ( المادة 170 من قانون الإجراءات الجزائية)
ثانيا – استئناف المتهم أو وكيله: للمتهم أو لموكله الحق في رفع استئناف أمام غرفة الاتهام بالمجلس القضائي عن الأوامر المنصوص عليها في المواد 6 مكرر 4 و 69 مكرر و 74 و 123 مكرر، و 125 ، و 125 مكرر 1، و 125 مكرر، و 125 مكرر 2، و 127، و 143 ، و 154.
ثالثا – الاستئناف من طرف المدعي المدني: حيث يمكن للمدعي المدني ان يستأنف بعض أوامر التحقيق خلال 03 أيام من تاريخ التبليغ:
المبحث الثالث:
غرفة الاتهام
تعتبر غرفة الاتهام جهة أصلية في الهيكل القضائي وهي مختصة كجهة تحقيق من الدرجة الثانية في الجرائم التي تشكل جناية من جهة و استئناف أوامر التحقيق ومراقبة أعمال الضبطية القضائية من جهة ثانية .
المطلب الأول:
تشكيلة غرفة الاتهام و الإجراءات أمامها
نصت المادة 176 على أنه" تشكل في كل مجلس قضائي غرفة اتهام واحدة على الأقل و يعين رئيسها و مستشاروها لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير العدل " و كذلك المادة 177 " يقوم النائب العام أو مساعدوه بوظيفة النيابة العامة لدى غرفة الاتهام أما وظيفة أمين الضبط الجلسة فيقوم بها أحد أمين الضبط المجلس القضائي ".
الفرع الأول: تشكيل غرفة الاتهام
يباشر رئيس غرفة الاتهام مهامه و في حالة وجود مانع لديه فإن السلطات الخاصة به تمنح لقاضي من قضاة الحكم بقرار من وزير العدل ( المادة 202 من قانون الإجراءات الجزائية ).
و يراقب رئيس غرفة الاتهام و يشرف على مجرى اجراءات التحقيق من تطبيق في جميع مكاتب التحقيق بدائرة المجالس و يتحقق بالأخص من تطبيق شروط الفقرتين الخامسة و السادسة من المادة 68 ويبذل جهده في أن لا يطرأ على الإجراءات أي تأخير بغير مسوغ ( المادة 203 من قانون الإجراءات الجزائية ).
الفرع الثاني: الإجراءات و انعقاد الاختصاص لغرفة الاتهام
تتصل غرفة الاتهام بالدعوى عن طريق استئناف أوامر قاضي التحقيق سواء من طرف النيابة العامة أو من طرف المتهم و محاميه أو المدعي المدني باعتبارها جهة استئناف.
و قد تتصل غرفة الاتهام وينعقد اختصاصها عندما ينتج عن التحقيق وصف الجناية على الجريمة فيأمر بإرسال ملف الدعوى إلى النائب العام لعرضه على غرفة الاتهام باعتبارها جهة تحقيق من الدرجة الثانية.
و في بعض الأحيان ينعقد الاختصاص لغرفة الاتهام عند عدم البت في بعض الطلبات من طرف قاضي التحقيق.
فطبقا لنص المادة 127 نجد أنه " إذا لم يبت قاضي التحقيق في الطلب في المهلة المحددة في الفقرة 03 فللمتهم أن يرفع طلبه مباشرة إلى غرفة الاتهام لكي تصدر قرارها فيه بعد الاطلاع على الطلبات الكتابية المسببة التي يقدمها النائب العام، و ذلك في ظرف 30 ثلاثين يوما من تاريخ الطلب، و إلا تعين تلقائي الإفراج عن المتهم ما لم يكن قد تقرر إجراء التحقيقات المتعلقة بطلبه كما أن لوكيل الجمهورية الحق في رفع الإفراج إلى غرفة الاتهام ضمن نفس الشروط. "
المطلب الثاني: مراقبة أعمال الضبطية القضائية
حيث تختص غرفة الاتهام بمراقبة كل ما يتعلق بمهام الضبطية القضائية التي يقوم بها ضباط الشرطة القضائية أو الموظفين و الاعوان المنوطة بهم بعض المهام الضبط القضائي.
وتنص الماجة 207 في هذا الصدد على أنه " يرفع الأمر لغرفة الاتهام إما من النائب العام أو من رئيسها عن الاخلالات المنسوبة لضباط الشرطة القضائية في مباشرة وظائفهم ولها ان تنظر في ذلك من تلقاء نفسها بمناسبة نظر قضية مطروحة عليها ".
يتم إعلان النائب العام العسكري المختص إقليميا إذا تعلق الأمر بضباط الشرطة القضائية للدرك الوطني.
غير ان غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء الجزائر تعتبر صاحبة الاختصاص وحدها، إذا تعلق الأمر بضباط الشرطة القضائية للمصالح العسكرية للأمن و تحال عليها القضية من طرف النائب العام لدى نفس المجلس القضائي بعد رأي النائب العام العسكري المختص إقليميا الذي يبديه في أجل 15 خمسة عشر يوما من إخطاره.
[1] د. شملال علي، الجديد في شرح قانون الاجراءات الجزائية، الكتاب الثاني، التحقيق و المحاكمة، دار هومه، الجزائر، ط3، 2017، ص 15
[2] المرسوم التنفيذي رقم 08-409 المؤرخ في 24-12-2008 المتضمن القانون الأساسي الخاص بمستخدمي أمانات الضبط للجهات القضاء، الجريدة الرسمية العدد 73، الصادر بتاريخ 28-12-200، ص8.
[3] طاهري حسين، أخلاقيات مهنة أمناء الضبط والموظفين بالمحاكم والمجالس القضائية ومجل الدولة، دار هومه للطباعة والنشر، الجزائر، 2006، ص31.
[4] د. مجدي محب حافظ، مجدي محب حافظ، الحماية الجنائية لأسرار الدولة، دراسة تحليلية لجرائم الخيانة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر ، ص 120.
[5] د. جمعة أحمد علي دياب، الحماية الجزائية لسرية التحقيق الابتدائي، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة عين شمسي، 1999، ص 75.
[6] طاهري حسين، المرجع السابق، ص 32.
[7] د. علي شملال، الجديد في شرح قانون الإجراءات الجزائية، الكتاب الثاني (التحقيق والمحاكمة)، المرجع السابق، ص18.
[8] نصت المادة 57 من دستور 1996 المعدل والمتمم على أنه " كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته في إطار محاكمة عادلة تؤمن له الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه".
[9] سامان عبد الله عزيز، المسؤولية الجنائية، الناشئة عن افشاء الأسرار المهنية دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، مصر، طبعة 2015، ص 221.
[10] د. شملال علي، المرجع السابق، ص 21،22.
[11] - المادة 70 من قانون الإجراءات الجزائية.
[12] د. شملال علي، المرجع السابق، ص 34-35.
[13] د. شملال علي، المرجع السابق، ص 37.
[14] د. شملال علي، المرجع السابق، ص 49.
[15] المادة 106 من قانون الإجراءات الجزائية
[16] - المادة 108 من قانون الإجراءات الجزائية
[17] د. علي شملال، الجديد في شرح قانون الإجراءات الجزائية، الكتاب الثاني التحقيق و المحاكمة، المرجع السابق، ص 67.
[18] - د. عبد الله أوهابية، المرجع السابق، ص 357.
[19] - المادة 93 من قانون الإجراءات الجزائية
[20] د. علي شملال، المرجع السابق، ص 61.
[21] - المادة 119-1 من قانون الإجراءات الجزائية
[22] المادة 117 من قانون الإجراءات الجزائية
[23] د. علي شملال، المرجع السابق، ص 81،82.
[24] د. شريف سيد كامل، الحبس قصير المدة في التشريع الجنائي الحديث، دار النهضة العربية، مصر، طبعة 1999، ص 10.
[25] - المادة 126 من قانون الإجراءات الجزائية
[26] د. علي شملال، المرجع السابق، ص 105.
[27] د.عبد الله أوهايبية، المرجع السابق، ص 456.
-
Assignment
اذكر اومر قاضي التحقيق؟
تكلم عن صور تصرف قاضي التحقيق في ملف الدعوى؟
ماهي اجراءات الطعن في اوامر قاضي التحقيق؟
اذكر طرق توصل قاضي التحقيق بالدعوى؟
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
-
-
الباب الثالث: مرحلة المحاكمة
المحاكمة هي المرحلة الأخيرة من سير الدعوى العمومية، من أجل الفصل فيها وتحديد أسس الإدانة أو البراءة للمتهم الذي مر على المراحل السابقة المتمثلة في البحث والتحري والتحقيق حسب الحالة.
فيصبح القضاء مؤهلا ليقول كلمته الفاصلة فيها بالاعتماد على الإجراءات السابقة ومدى سلامتها من العيوب وإعدادها لعناصر الدعوى[1].
ولا يقتصر الأمر على هذه الأدلة التي أوجدتها الضبطية القضائية أو سلطة التحقيق بل يتعداها إلى عمل قاضي الحكم في استخلاص وإيجاد أدلة أخرى للإدانة أو البراءة.
الفصل الأول
انعقاد الاختصاص للمحاكم في المسائل الجزائية
لجهات الحكم الجزائية الحرية في كامل التصرفات المتصلة بالدعوى العمومية المحالة عليها غير أنها يجب أن تتم وفقا لقواعد الاختصاص، والإحالة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية وعليه سنتناول هذا المبحث في المطالب التالية:
- المبحث الأول: جهات الحكم الجزائية.
- المبحث الثاني: قواعد الاختصاص في المسائل الجزائية.
المبحث الأول:
جهات الحكم الجزائية
يعتبر تقسيم جهات الحكم الجزائي، ذا علاقة وطيدة بتقسيم الجرائم الذي اعتمده المشرع الجزائري في قانون العقوبات، حيث أن المادة 27 منه نصت على أنه " تقسم الجرائم تبعا لخطورتها الى جنايات وجنح ومخالفات وتطبق عليها العقوبات المقررة للجنايات والجنح أو المخالفات ".
ومن الضروري معرفة الجهة القضائية التي يناط بها نسبة الفعل الإجرامي والقيام به للمتهم والعقاب عليه أو نفي ذلك لتقرير البراءة.
وبذلك كل من ارتكب جناية أو جنحة أو مخالفة كان لابد من أن يكون هناك جهة قضائية جعل المشرع اسمها مشتقا من هذا التصنيف، محكمة الجنح والمخالفات ومحكمة الجنايات الابتدائية ومحكمة الجنايات الاستثنائية.
غير أنه وبالنظر لبعض الفئات خصص المشرع جهات حكم جزائية تعنى بها مثل محكمة الأحداث والقضاء العسكري ولذلك نقسم هذا المطلب الى:
المطلب الأول: المحاكم الجزائية ذات الاختصاص العام
المطلب الثاني: المحاكم الجزائية ذات الاختصاص الاستثنائي
المطلب الاول: المحاكم الجزائية ذات الاختصاص العام
هي المحاكم المختصة أصلا بنظر الدعاوى العمومية والفصل فيها مالم يوجد نص خاص بنفي عنها هذا الحق، وهي محكمة الجنح والمخالفات والغرفة الجزائية بالمجلس القضائي ومحكمة الجنايات الابتدائية ومحكمة الجنايات الاستئنافية، والغرفة الجزائية وغرفة الجنح والمخالفات بالمحكمة العليا.
الفرع الاول: محكمة الجنح والمخالفات: -درجة أولى للتقاضي -
وهي القسم الجزائي كأحد الأقسام التي تتكون منها المحكمة الابتدائية، حيث يتم النظر في الجرائم التي يرتكبها الأشخاص البالغون سن الرشد الجزائي وتتصف بالجنحة والمعاقب عليها بالحبس من شهرين إلى خمس سنوات أو بغرامة تزيد عن 20.000 دج.
وكذلك تختص بالجرائم التي تصنف مخالفات ويرتكبها الأشخاص البالغون سن الرشد الجزائي وتتصف بالمخالفة والمعاقب عليها بالحبس أقل من شهرين أو بغرامة من 2000 الى 20000 دج.
وتتشكل المحكمة من قاضي واحد، يساعده كاتب الضبط ويقوم بوظيفة النيابة العامة وكيل الجمهورية أو مساعده[2].
كما تختص المحكمة المطروحة أمامها الدعوى العمومية بالفصل في جميع الدفوع التي يبديها المتهم دفاعا عن نفسه مالم ينص القانون على غير ذلك[3]، وبذلك فإن محكمة الجنح والمخالفات تنظر في جميع الجرائم بصفة عامة إلا مااستثني بنص خاص سيتم التطرق له في الجزء المخصص له.
الفرع الثاني: الغرفة الجزائية بالجلس القضائي – محكمة استئنافية – درجة ثانية للتقاضي-
تعتبر الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي، درجة ثانية ومحكمة استئنافية للأحكام الصادرة عن محكمة الجنح والمخالفات في المحاكم الابتدائية، وتتشكل من ثلاثة قضاة ويباشر النيابة العامة النائب العام بالمجلس أو أحد مساعديه، ووجود كاتب للجلسة[4].
غير أنه يشترط في الأحكام المستأنفة أمام الغرفة الجزائية أن تكون فاصلة في الموضوع، حيث لا يقبل استئناف الأحكام التحضيرية أو التمهيدية[5].
المطلب الثاني: محكمة الجنايات الإبتدائية ومحكمة الجنايات الاستئنافية
الفرع الأول: محكمة الجنايات الإبتدائية:
قبل التعديل الدستوري لسنة 2016 بالنسبة للجنايات، وجدت محكمة جنايات واحدة ابتدائية ونهائية، غير أنه وبعد التعديل الدستوري 2016، نصت الفقرة الثانية من الدستور على أنه" .....يضمن القانون التقاضي على درجتين في المسائل الجزائية ويحدد كيفيات تطبيقها"، حيث أصبحت باسم محكمة جنايات إبتدائية.
حيث توجد على مستوى كل مجلس قضائي، وتختص بالفصل في الأفعال المرتكبة من الأشخاص البالغون سن الرشد الجزائي والموصوفة جنايات والمعاقب عليها بالإعدام - السجن المؤبد - السجن المؤقت المدة تتراوح بين 5 سنوات 20 سنة، ما عدا في الحالات التي يقرر فيها القانون حدود أخرى قصوى ".
وكذا الجنح والمخالفات المرتبطة بها، والمحالة عليها بقرار نهائي من غرفة الإتهام، دون سواه من الاتهامات[6].
وتتشكل من قاضي برتبة مستشار بالمجلس القضائي على الأقل رئيسا، ومن قاضيين مساعدين وأربعة محلفين، باستثناء الجنايات المتعلقة بالإرهاب والمخدرات والتهريب حيث تتشكل من القضاة فقط، مع تعيين قاضي احتياطي أو أكثر لكل جلسة من جلساتها[7].
وتعتبر محكمة الجنايات تجسيد لمصطلح المحكمة الشعبية طالما أن عدد المحلفين أصبح أربعة بعد سنة 2017، بحيث عدد المحلفين يفوق عدد القضاة.
الفرع الثاني: محكمة الجنايات الاستئنافية
طبقا للتعديل الدستوري لسنة 2016، صدر القانون رقم 17-07 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية والذي نص على وجود محكمة جنايات استئنافية تختص بالفصل في استئناف الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات الابتدائية وتوجد على مستوى كل مجلس قضائي.
وتتشكل من قاضي برتبة رئيس غرفة بالمجلس القضائي على الأقل رئيسا، ومن قاضيين مساعدين وأربعة محلفين باستثناء الجنايات المتعلقة بالإرهاب والمخدرات والتهريب حيث تتشكل من القضاة فقط.
الفرع الثالث: المحكمة العليا
تعتبر المحكمة العليا قمة القضاء الجزائي، يطعن أمامها بالنقض في الأحكام والقرارت طبقا لما جاء في نصوص قانون الإجراءات الجزائية بالمادة 495 منه وما يليها، غير أنها ليست محكمة موضوع تنظر في الوقائع والأفعال المرتكبة صحة أو عدما، بل هي محكمة قانون أي مدى مراعاة الجهات القضائية الدنيا لتطبيق صحيح القانون على القضايا المطعون فيها بالنقض أمام المحكمة العليا.
فإذا كان هناك تطبيق خاطئ للقانون على وقائع القضية، يتم الغاء القرار المطعون فيه وإحالته من جديد لإعادة الحكم في القضية أمام تشكيلة أخرى، مع مراعاة بعض الاستثناءات في هذا الشأن سيتم تناولها في الجزء المتعلق بإجراءات المحاكمة.
وتتشكل المحكمة العليا من الغرفة الجزائية وغرفة الجنح والمخالفات، وتتشكل كل غرفة من 3 مستشارين على الأقل.
المبحث الثاني: المحاكم الجزائية ذات الاختصاص الاستثنائي
وهي المحاكم المختصة بنظر الدعوى العمومية بناء على نص قانوني خاص بذلك، يتعلق بطبيعة بالأشخاص التي ترتكب الجرائم، وهي كالآتي:
المطلب الأول: قسم الأحداث على مستوى المحكمة الابتدائية
يوجد قسم الأحداث على مستوى المحكمة الابتدائية، حيث ينظر في الجرائم التي يرتكبها الأحداث وهم الأشخاص الذين لم يبلغوا سن الرشد الجزائي 18 سنة كاملة، بتعريف نص المادة 2 وهو أن "الطفل" : كل شخص لم يبلغ الثامنة عشر (18) سنة كاملة، يفيد مصطلح "حدث" نفس المعنى في قانون حماية الطفل[8].
ويتشكل قسم الأحداث من قاضي الأحداث رئيسا، ومن مساعدين محلفين اثنين، ويقوم وكيل الجمهورية أو أحد مساعديه بمهام النيابة. يعاون قسم الأحداث بالجلسة أمين ضبط. يعين المساعدون المحلفون الأصليون والاحتياطيون لمدة ثلاث (3) سنوات بأمر من رئيس المجلس القضائي المختص، ويختارون من بين الأشخاص الذين يتجاوز عمرهم ثلاثين (30) عاما والمتمتعين بالجنسية الجزائرية والمعروفين باهتمامهم وتخصصهم في شؤون الأطفال. ويختار المساعدون المحلفون من قائمة معدة من قبل لجنة تجتمع لدى المجلس القضائي،[9]
وينظر قسم الأحداث في كافة الجرائم التي يرتكبها الحدث، جنح ومخالفات وجنايات غير أن هذه الأخيرة تكون على مستوى قسم الأحداث بالمحكمة مقر المجلس القضائي.
تجدر الإشارة أن إجراءات المحاكمة بالنسبة للأحداث تم الغاؤها من قانون الإجراءات الجزائية في المواد 442 الى غاية 494 وأصبحت الإجراءات المتبعة ينص عليها قانون حماية الطفل.
مع ضرورة انعقاد الجلسات بشكل سري، أما النطق بالحكم فيكون علني طبقا لنص المادة 89 من قانون حماية الطفل.
المطلب الثاني: غرفة الأحداث على مستوى المجلس القضائي
تعتبر درجة ثانية للتقاضي في قضايا الأحداث تستأنف فيها ما صدر عن قسم الأحداث بالمحكمة الابتدائية.
وتتشكل غرفة الأحداث من رئيس ومستشارين اثنين (2)، يعينون بموجب أمر من رئيس المجلس القضائي من بين قضاة المجلس المعروفين باهتمامهم بالطفولة و/أو الذين مارسوا كقضاة للأحدث، يحضر الجلسات ممثل بالنيابة العامة وأمين ضبط.[10]
وتشترك مع قسم الأحداث من حيث أنها تخضع للإجراءات المنصوص عليها في قانون حماية الطفل، عكس الجرائم الأخرى التي تخضع لقانون الإجراءات الجزائية.
المطلب الثالث: القضاء العسكري
الفرع الأول: المحاكم العسكرية
ورغم أنه مستقل عن القضاء المدني بصفة تامة إلا أنه يبقى تحت رقابة المحكمة العليا طبقا لقانون القضاء العسكري[11]، ويختص في نظر الجرائم التي يرتكبها المستخدمين العسكريين والمدنيين التابعين لوزارة الدفاع الوطني، ويمكن أن تكون جهات حكم في جرائم المدنيين اذا ارتكبت طبقا للشروط التي نصت عليها المادة 25 من قانون القضاء العسكري.
وتتشكل المحكمة العسكرية من قاضي بصفة رئيس لديه رتبة مستشار بمجلس قضائي على الأقل ومساعدين عسكريين اثنين في مواد الجنح، أما بالنسبة للجنايات فيضاف لهذه التركيبة قاضيين عسكريين اثنين.
وتضم المحكمة العسكرية نيابة عسكرية وغرف تحقيق وكتابة ضبط طبقا لنص المادة 05 من قانون القضاء العسكري المعدل والمتمم.
الفرع الثاني: مجلس الاستئناف العسكري
نصت المادة 04 من قانون القضاء العسكري على أنه" تنشأ محكمة عسكرية ومجلس استئناف عسكري على مستوى كل ناحية عسكرية"، فيعتبر درجة ثانية للتقاضي تستأنف أمامه أحكام المحكمة العسكرية لنفس الناحية.
ويضم جهة حكم ونيابة عامة عسكرية وغرفة اتهام وكتاب ضبط ويتكون المجلس من قاضي بصفة رئيس لديه رتبة رئيس غرفة بمجلس قضائي على الأقل ومساعدين عسكريين اثنين بالنسبة للجنح وبالنسبة للجنايات يضاف لهذه التركيبة قاضيين عسكريين اثنين.
الفصل الثاني:
قواعد الاختصاص في المسائل الجزائية
من أهم شروط المحاكمة هو اختصاص الجهة القضائية القائمة بها، فلا يتصور صدور حكم يرتب أثارا قانونية دون وجود اختصاص للجهة القضائية التي أصدرته.
ويعتبر هذا الشرط جوهريا لصحة الحكم الجزائي، حيث أن مرحلة المحاكمة تبدأ من انعقاد الاختصاص للجهة القضائية وتنتهي بصدور الحكم منها.
وقد وضع المشرع معاييرا وقواعد تحدد الاختصاص في مختلف الجرائم توزعت بين الاختصاص الشخصي والاختصاص النوعي والاختصاص المكاني.
المبحث الأول: الاختصاص الشخصي والاختصاص النوعي
المطلب الأول: الاختصاص الشخصي
ويتحدد هذا الاختصاص على أساس مرتكب الجريمة القائم بالركن المادي للجريمة، وذلك من خلال التالي:
- أولا: العسكريون ومن في حكمهم:
حيث يحاكم العسكريون والمدنيون التابعون لوزارة الدفاع الوطني الذين ارتكبوا أفعالا يجرمها القانون أمام المحاكم العسكرية كجهات اختصاص بالمعيار الشخصي، دون الجهات القضائية العادية.
كما يمكن أن يمتد هذا الاختصاص الشخصي إلى المدنيين العاديين وفقا لنص الماد 25 من قانون القضاء العسكري التي نصت على أنه" تنظر الجهات القضائية العسكرية في المخالفات الخاصة بالنظام العسكري، المنصوص عليها في الكتاب الثالث من هذا القانون ويحال اليها كل فاعل اصلي للجريمة وكل فاعل مشترك أخر وكل شريك في الجريمة سوآءا كان عسكريا أم لا......"
ثانيا: الأحداث
وهم مرتكبي الجرائم الذين لم يبلغوا سن الرشد الجزائي 18 سنة كاملة طبقا لنص المادة 02 من قانون حماية الطفل، حيث يعتبر قسم الاحداث مختصا بمحاكمة هؤلاء الأطفال.
المطلب الثاني
الاختصاص النوعي
حيث تختلف الجهة القضائية، باختلاف وصف الجريمة وذلك من خلال التالي:
- الفرع الأول: الجنح والمخالفات:
تكون من اختصاص قسم الجنح والمخالفات بالمحكمة الابتدائية كدرجة أولى، وهو ما نصت عليه المادة 328 من ق.ا.ج والمجلس القضائي كدرجة ثانية، والطعن فيها بالنقض أمام المحكمة العليا وفق شروط المادة 495 496 من ق.ا.ج.
الفرع الثاني: الجنايات
وينعقد الاختصاص بنظر الجنايات وكذا الجنح والمخالفات المرتبطة بها، لمحكمة الجنايات الابتدائية كدرجة أولى للتقاضي، ومحكمة الجنايات الاستئنافية كدرجة ثانية، كما يطعن فيها بالنقض أمام المحكمة العليا وفق شروط المادة 495 496 من ق.ا.ج
الفرع الثالث: قسم الأحداث:
ويختص بكافة أوصاف الجرائم سواءا تعلق الأمر بالجنايات أو الجنح أو المخالفات متى كان مرتكبها الطفل الذي لم يبلغ سن الشد الجزائي[12]
الفرع الرابع: المحاكم العسكرية:
وتختص بنظر جميع الأفعال المجرمة، في القانون العام والمخالفات العسكرية مادام ارتكبها عسكريون أو من في حكمهم وارتكاب جرائم عسكرية من مدنييين نص عليها قانون القضاء العسكري.
المبحث الثاني
الاختصاص المحلي
أو بالأحرى الاختصاص الإقليمي للجهات القضائية، حيث يرتبط هذا المعيار بمكان وقوع الفعل الاجرامي لتحديد الجهة المختصة بالنظر فيه، فيكون بمكان وقوع الجريمة، أو مكان إقامة المتهم، أو مكان القبض على المتهم.
المطلب الأول: الجهات القضائية العادية
ويقصد بذلك نشوء الفعل المجرم في دائرة اختصاص إحدى المحاكم التي ذكرناها سابقا، فبالنسبة لمحكمة الجنايات يتحدد الاختصاص طبقا لهذا المعيار في إقليم المجلس القضائي[13].
مع امتداد الاختصاص لهذه المحكمة للجنح والمخالفات اذا كان هناك ارتباط بالجناية المطروحة أمامها[14]
وبالنسبة للجنح نصت الفقرة 1 من المادة 329 ق.إ.ج على الاختصاص الإقليمي لمحكمة الجنح والمخالفات وفقا للأماكن الثلاثة بمكان وقوع الجريمة، أو محل إقامة المتهم أو شركائه، أو مكان القبض عليهم، مع استثناء في بعض الحالات يكون الاختصاص في مكان حبس المتهم وفق شروط الماد 552 و553 من ق.ا.ج.
كما يكون هناك استثناء حيث يمتد الاختصاص طبقا لنص المادة 329 في جرائم المخدرات و الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية و الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم تبييض الأموال و الإرهاب و الجرائم الخاصة بالتشريع الخاص بالصرف.
وبالنسبة للمخالفات نصت الفقرة 4 من المادة 329 ق.إ.ج على الاختصاص الإقليمي للمخالفات بمكان وقوع المخالفة، أو محل إقامة المتهم.
المطلب الثاني: الجهات القضائية الاستثنائية
بالنسبة لقسم الأحداث يحدد الاختصاص الإقليمي لقسم الأحداث بالمحكمة التي ارتكبت الجريمة بدائرة اختصاصها أو التي بها محل إقامة أو سكن الطفل أو ممثله الشرعي أو محكمة المكان الذي عثر فيه على الطفل أو المكان الذي وضع فيه.[15]
بالنسبة للمحاكم العسكرية يكون الاختصاص المحلي في إقليم اختصاص المحكمة العسكرية التي وقعت فيها الجريمة أو التي تم فيها القبض على المتهم أو التي تخضع لها الوحدة التابع لها المتهم
المبحث الثالث: الاثبات في المسائل الجزائية
إذا انعقد الاختصاص للمحكمة الجزائية في نظر الدعوى العمومية كان على القاضي الجزائي أن يثبت علاقة الأفعال المجرمة للمتهم، من أجل إدانته وإلا كان بريئا منها.
حيث تنص المادة 56 من الدستور الجزائري على أنه " كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته، في إطار محاكمة عادلة تؤمن له الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه ".
فيجب إقامة الدليل أمام القضاء على وقوع الجريمة واقترافها من المتهم من أجل تحميله مسؤولية ارتكابها.
ويعرف الإثبات على أنه " إقامة الدليل لدى السلطات المختصة على حقيقة واقعية ذات أهمية قانونية وذلك بالطرق التي حددها القانون ووفق القواعد التي أخضعها لها " [16]
وتجدر الإشارة إلى أن القاضي لا يتقيد فقط بالأدلة التي قدمتها النيابة العامة لإثبات التهمة أو ما قدمه المتهم لدرء التهمة عنه، بل يتعدى ذلك إلى البحث واتخاذ كل وسيلة من شأنها إضافة أدلة أو تأكيد ونفي ما هو موجود.
ورغم ذلك لا يجوز له أن يثبت حكمه الجزائي بأدلة لم تعرض في الجلسة وتناقش من أطراف الدعوى العمومية، وذلك وفقا لنص المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية التي نصت على أنه " يجوز إثبات الجرائم بأي طريقة من طرق الإثبات، ماعدا الأحوال التي ينص فيها القانون على غير ذلك، وللقاضي أن يصدر حكمه تبعا لاقتناعه الخاص ولا يسوغ للقاضي أن يبني قراره إلا على الأدلة المبينة له في معرض المرافعات والتي حصلت المناقشة فيها حضوريا أمامه ".
وبذلك فإن للقاضي الجزائي دور ايجابي في سير الدعوى من أجل التحري عن الحقيقة وفي سبيل ذلك فإن للقاضي حرية الاقتناع بالدليل وأن يفاضل بينهما متى كانت هذه المفاضلة سبيلا لإظهار الحقيقة.
ولعل وسائل الاثبات من أكثر المواضيع تطورا نظرا لتطور التكنولوجيا في العصر الحديث، وسنتناول في هذا البحث : الاعتراف، الشهادة، المعاينة، الخبرة، القرائن، المحررات.
المطلب الأول
الإعتراف
الفرع الأول: ماهية الاعتراف
كلمة الإعتراف مشتقة من الفعل اعترف، والاعتراف بالشيء أي الإقرار به، و يقال اعترف بذنبه أي أقر به، و اعترفته سألته عن خبر ليعرفه. [17]
ولم يعرف المشرع الجزائري الإعتراف حيث نصت المادة 213 من قانون الاجراءات الجزائية على أنه " الإعتراف شأنه كشأن جميع عناصر الإثبات يترك لحرية تقدير القاضي".
ويمكن أن نعرفه بأنه" قول نابع عن المتهم يذكر فيه صحة ما نسب إليه من تهم، وقد يكون بأي وسيلة كانت طالما أنها معبرة عن اعترافه دون شك أو تأويل".
الفرع الثاني: شروط الاعتراف
يشترط في الإعتراف ليكون دليلا أمام الجهات القضائية الشروط التالية:[18]
- أن يكون صريحا لا غموض فيه مثل تصالح المتهم مثلا مع المجني من أجل تعويض معين.
- أن لا يكون صادرا عن متهم مجنون حتى ولو كان غير ذلك وقت الجريمة.
- أن لا يكون تحت تأثير مخدر أو مسكر أو إكراه مادي أو أدبي لأنه يبطل الإعتراف.
- ينبغي أن يكون بطريقة صحيحة وبرضى المتهم، وعلى القاضي عندئذ تقدير قيمة الاعتراف في أن يطابق بينه وبين باقي الأدلة الأخرى.
المطلب الثاني
سماع الشهود
ونتطرق في هذا المطلب إلى مسألة الشهادة وبيان ماهيتها وشروطها.
الفرع الأول: مفهوم الشهادة
الشهادة هي الإخبار بما شاهده، وهي الخبر القاطع ويقال: شهد الرجل على كذا، وشهد لزيد بكذا، أي أدى ما عنده من شهادة. [19]
فيمكن للقاضي أثناء سير الدعوى العمومية أن يطلب سماع أي شخص يرى أنه قادر على إفادة المحكمة بحقيقة الأفعال المجرمة المعروضة أمامه.
وتعرف الشهادة على أنها إقرارات صادرة من شخص ما، لديه معلومات توصل إليها بحواسه الشخصية، وتفيد في الإثبات أو في الفصل في موضوع الخصومة الجزائية، وبالرغم من أهميتها إلا أنها لم تعد دليلا ملزما بعد أن أخذت القوانين الحديثة بمبدأ حرية القاضي في تكوين عقيدته، غير أنها بقيت في صدارة أدلة الإثبات في المادة الجزائية[20].
وتحتل الشهادة مقاما هاما بين وسائل الاثبات الجنائية التي يستعين بها القاضي في كشف النقاب عن الحقيقة وبها تتحقق شفوية المرافعة التي تعد من أهم ضمانات المحاكمة العادلة[21]
ومفهوم سماع الشهود"هو سماع أقوال من أشخاص غير أطراف الدعوى العمومية من أجل التصريح بما تم مشاهدته والوقوف عليه فيما يتعلق بارتكاب الافعال المجرمة".
الفرع الثاني: إجراءات و شروط سماع الشهود
أولا: إجراءات استدعاء الشاهد
يمكن للقاضي الجزائي عندما يرى ضرورة لسماع شخص أن يستدعيه و يكلفه بالحضور أمام المحكمة لسماع أقواله كشاهد وهو ملزم بالحضور وحلف اليمين وأداء الشهادة.[22]
ويجوز للجهة القضائية بناء على طلب النيابة العامة معاقبة كل شاهد يتخلف عن الحضور أو يمتنع عن حلف اليمين أو أداء الشهادة ويجوز لها أيضا لدى تخلف شاهد عن الحضور بغير عذر تراه مقبولا أن تأمر بناء على طلب النيابة العامة أو من تلقاء نفسها باستحضاره إليها على الفور بواسطة القوة العمومية لسماع أقواله. [23]
ثانيا: شروط أداء الشهادة
حلف اليمين من طرف الشهود قبل أدائهم الشهادة وفي حالة كان الشاهد قاصرا لم يكمل السادسة عشر أو محكوم عليه بالحرمان من الحقوق الوطنية، فإنه يسمع بغير حلف اليمين كما يعفى أيضا أصول المتهم و فروعه و زوجه و إخوته و أخواته و أصهاره على درجته من عمود النسب من حلف يمين الشهادة، وتؤدي الشهادة شفويا أو بطريقة يمكن التعبير عنها بما عاينه الشاهد كما يجوز للشاهد بصفة استثنائية الاستعانة بمستندات بترخيص من القاضي. [24]
يجب أن تتمحور الشهادة حول ما علمه الشاهد من مشاهدته لارتكاب الأفعال المجرمة وليس من سماعه عنها، أو تحريف أقواله لأي سبب كان، حتى لا يعاقب على جريمة الزور.
وجريمة الزور هي تغيير الشاهد للحقيقة عمدا في الأقوال التي يؤديها في مجلس القضاء بعد حلف اليمين تغييرا من شأنه تضليل القضاء[25].
إذا تبين من المرافعات شهادة الزور لأقوال شاهد للرئيس أن يأمر إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب النيابة العامة أو أحد الخصوم هذا الشاهد بأن يلزم مكانه ويحضر المرافعات و أن لا يبرح مكانه لحين النطق بقرار المحكمة، وفي حالة مخالفته هذا الأمر يأمر الرئيس بأن يقتاد الشاهد بواسطة القوة العمومية بغير تمهل إلى وكيل الجمهورية الذي يطلب افتتاح التحقيق معه. [26]
وقد أوجب المشرع على كل شخص استدعي لسماع شهادته الحضور وحلف اليمين و أداء الشهادة، وإذا تخلف جاز لقاضي التحقيق بناءاً على طلب وكيل الجمهورية استحضاره جبرا بواسطة القوة العمومية و الحكم عليه بغرامة مالية ما لم يبدي أعذارا حقيقة ومدعمة بما يؤيد صحتها، كما لا يجوز للشاهد أن يمتنع رغم حضوره عن أداء اليمين أو الإدلاء بشهادته[27].
كما أن الأصل في أداء الشهادة أمام القضاء عند استجماع شرائطها أنه واجب يقتضيه الوصول إلى التعرف على وجه الحق في المنازعات و في ثبوت الإتمام أو نفيه، ولا يعفى الشاهد من الإدلاء بكل ما يعلم إلا في الأحوال الخاصة التي بينها القانون[28]،
ولذلك نصت الفقرة 03 من المادة 182 من قانون العقوبات المعدل والتمم على أنه" يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى 05 سنوات وبغرامة من 20 ألف إلى 100 ألف أو بإحدى هاتين العقوبتين ... كل من يعلم الدليل على براءة شخص محبوس احتياطيا أو محكوم عليه في جناية أو جنحة، ويمتنع عمدا عن أن يشهد بهذا الدليل فورا أمام سلطات القضاء أو الشرطة، و مع ذلك فلا يقضي بالعقوبة على من تقدم من تلقاء نفسه بشهادته و إن تأخر في الإدلاء بها ... ".
ونظرا لأهمية الشهادة كدليل إثبات في المجال الجزائي، فإنه إذا تعذر على شاهد الحضور انتقل إليه قاضي التحقيق لسماع شهادته، أو اتخذ لهذا الغرض طريقة الإنابة القضائية فإذا تحقق من أن شاهدا قد أدعى كذبا عدم استطاعته الحضور جاز له أن يتخذ ضده الإجراءات المنصوص عليها قانونا[29].
وللأهمية فإن المشرع حدد بدقة إجراءات الإدلاء بالشهادة وشروطها والمتطلبات الواجبة قانونا لصحتها[30].
المطلب الثالث
المعاينة
تعتبر المعاينة أحد أدلة الإثبات التي تكتسي أهمية بالغة نظرا لأنها تؤدي إلى الوقوف على واقع الأفعال المجرمة وأثارها ومسرح الجريمة وقوفا مباشرا لا مجال فيه للتأويل، لإعطاء صورة واضحة بما يتم معاينته من أدلة الجريمة.
الفرع الأول: مفهوم المعاينة
المعاينة لغة أي الرؤية والابصار بالعين، ومنه عاينه معاينة وعيانا ورآه بعينه، أي لم أشك في رؤية إياه. [31]
وتعرف المعاينة على أنها" إجراء يتطلب اثبات حالة الأمكنة والأشياء والأشخاص ووجود الجريمة، وهي إجراء لا يتضمن إكراه أو اعتداءا على حرمة الأشياء والأشخاص.[32]
وتعرف المعاينة ايضا بأنها" دليل مباشر أو عام باعتبار أن المحقق يلمس بنفسه العناصر المادية التي تفيد في كشف الحقيقة".
وقد نصت المادة 235 من قانون الإجراءات الجزائية على المعاينة بقولها " يجوز للجهة القضائية إما من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب النيابة العامة أو المدعي المدني أو المتهم أن تأمر بإجراء الانتقالات اللازمة لإظهار الحقيقة ويستدعي أطراف الدعوى ومحاموهم لحضور هذه الانتقالات".
الفرع الثاني: إجراءات المعاينة
- يجب أن تكون الانتقالات إلى مسرح الجريمة ومعاينتها مباشرة من أجل الحصول على أدلة تثبت الاتهام أو تثبت الإدانة من خلال إثبات الحالة الحقيقية للأشخاص أو الأماكن أو الأشياء المتعلقة بالجريمة.
- يمكن أن يستند القاضي إلى المعاينة التي قامت بها الضبطية القضائية أو قاضي التحقيق، غير أنه إذا لم تكن كافية أو لم يقتنع بها جاز له طلب المعاينة من جديد لتكوين أفكار واضحة أو انطباعات مادية ذات أهمية في الجريمة.
المطلب الرابع
الخبرة
الخبرة أو عمل الخبراء هو أحد أدلة إثبات الجرائم أو نفيها للتحقق من نسبة الجريمة للمتهم أو براءته منها.
الفرع الأول: مفهوم الخبرة
الخبرة لغة بكسر الخاء العلم بالشيء، وأخبره نبأه واستخبره سأله عن الخبر وطلب أن يخبره. [33]
ويعرف عمل الخبرة على أنه " هو كل شخص له دراية خاصة بمسألة من المسائل فيلجأ إلى الخبرة كلما قامت في الدعوى مسألة يتطلب حلها معلومات خاصة، لا يأنس المحقق أو القاضي من نفسه الكفاية العلمية أو الفنية لها، فيحتاج الحال لتعيين سبب الوفاة أو معرفة تركيب مادة مشتبه في أنها مخذرة أو سامة أو مغشوشة أو تحقيق كتابة مدعى بتزويرها " [34]
وبذلك يمكن القول أن الخبرة هو التحليل والتقييم الفني والتقني من شخص مؤهل لمشتملات الجريمة وموافاة القاضي بخلاصة في مسألة يصعب على هذا الأخير الالمام بها.
الفرع الثاني: إجراءات الخبرة
- يمكن للقاضي أن يندب خبيرا ولو كان هناك خبير آخر قد وضع خبرته المتعلقة بالجريمة طالما لم يقتنع القاضي بالخبرة الأولى.
- الاجراءات المتبعة في الخبرة و شروطها، من طرف القاضي الجزائي هي نفسها المتبعة من طرف جهات التحقيق طبقا للمواد 143 إلى 156 من قانون الإجراءات الجزائية.
- يجب مناقشة الخبرة المنجزة على الجريمة أمام أطراف الدعوى خلال الجلسة وإلا لم تصلح كدليل للإثبات.
المطلب الخامس
القرائن
الفرع الأول: مفهوم القرائن
القرائن لغة مأخوذة من الاقتران، وقارن الشيء بالشيء ربطه به وضمه إليه. [35]
ويمكننا أن نعرف القرائن على أنها استنتاج الصلة بين أمر مجهول من أمر معلوم قد يكون قطعي الدلالة أو ظني الدلالة.
وينبغي التفرقة بين القرائن و شهادة الشهود لأن الإثبات في الأولى غير مباشر، باعتباره استنتاج واقعة من أخرى، أما الثانية فالأصل فيها أنها تنصب على نفس الواقعة المطلوب اثباتها.[36]
الفرع الثاني: أنواع القرائن
- القرائن القانونية : وهي الأمور والوقائع والأحكام المستمدة من نصوص تشريعية صريحة فهي قطعية الدلالة، ويجب على جميع أطراف الدعوى الإحتكام لها فهي تثبت واقعة أو أمرا لا يمكن المنازعة فيه أو الاختلاف في شأنه، ومثال ذلك إدعاء المتهم بأنه لا يعلم بأن الفعل المرتكب مجرم قانونا، مع وجود قرينة قانونية تتمثل في صدور النص التجريمي في الجريدة الرسمية وهو دلالة على العلم بالقانون.
أو صغر سن المتهم أو جنونه الذي يدل على عدم التمييز وقد تكون قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس مثل قرينة براءة المتهم فهو قانونا بريء إلى أن يثبت العكس.
- القرائن القضائية: وهي استنباط يترسخ في ذهن القاضي من واقعة أو أمر معلوم للحكم في الواقعة المجهولة المطروحة أمامه من خلالها يعمل القاضي بذكائه وخبرته من أجل إثبات التهمة أو براءة المتهم، ومثال ذلك ظهور علامات للثراء على موظف عمومي دون إثباته مصدر ذلك، فهو قرينة على اختلاسه للأموال العمومية.
المطلب الخامس
المحررات والمحاضر والأدلة الكتابية
تعتبر المحاضر والمستندات الكتابية وسائل لإثبات الجريمة وهي إحدى الوسائل التي يأخذ بها القاضي الجزائي، طالما أن له الحرية في تكوين عقيدته.
الفرع الأول: ماهية المحررات والمحاضر والأدلة الكتابية
بالمقارنة بالإثبات في المسائل المدنية، والذي يعتبر الدليل الكتابي فيها أحد وسائل الاثبات الرئيسة لأن أطراف العقد يثبتون أفعالهم بموجب هذه المستندات الكتابية، فإن هذه النوع من الأدلة لم يكن كذلك في المسائل الجزائية باعتبار أن الجريمة يمكن أن تحدث فجأة ولا يمكن تحضير الدليل قبلها، غير أنه يمكن والحال كذلك أن يكون الدليل الكتابي هو أساس ارتكاب الجريمة مثل التزوير في المحررات واستعمال المزور فيعتبر هو الجريمة في حد ذاته.
الفرع الثاني: أنواع الأدلة الكتابية
و يتمثل أهمها في مايلي:
- المحررات والمستندات الكتابية للمتهم: في كثير من الأحيان تعتبر هذه الأدلة الكتابية دليلا قاطعا على ارتكاب الجرائم مثل التزوير في محرر رسمي أو انشاء واستعمال محرر أو مستند يؤدي إلى انتحال صفة الغير، فمثل هذه الأدلة يجب على القاضي استعمالها كوسيلة من وسائل اثبات التهمة إن لم يطعن فيها بالتزوير أو تنتفي التهمة عن فعل تحريرها.
- محاضر التحقيق والاستدلالات: وهذه المحاضر تعتبر من أهم الأدلة الكتابية التي يعتمد عليها القاضي الجزائي في موضوع أدلة الإثبات.
ويعرف المحضر على أنه محرر يدون فيه الموظف المختص بنفسه أو بواسطة مساعديه و تحت إشرافه [37].
ولا يكون للمحضر أو التقرير قوة الاثبات إلا إذا كان صحيحا في الشكل ويكون قد حرره واضعه أثناء مباشرة أعمال وظيفته، وأورد فيه موضوعا داخل في نطاق ما قد رآه أو سمعه أو عاينه بنفسه. [38]
وتتمثل هذه المحاضر في:
- التقارير: وهو وسيلة اخبار يعتمد عليها أعون الضباط القضائي لإعلام رؤسائهم بصفة أولية عن الوقائع والأفعال التي تشكل جرائم.
- محاضر جمع الاستدلالات: وهي المحاضر التي يحررها من لهم صفة ضابط الشرطة القضائية، عكس التقارير التي يمكن أن تصدر من الأعوان وتتضمن هذه المحاضر إجراءات البحث والتحري والوقائع المنسوبة للمتهم حيث يتعين على ضباط الشرطة القضائية أن يحرروا محاضر بأعمالهم وأن يبادروا بغير تمهل إلى إخطار وكيل الجمهورية بالجنايات والجنح التي تصل إلى علمهم وعليهم بمجرد انجاز أعمالهم أن يوافوه مباشرة بأصول المحاضر التي يحررونها مصحوبة بنسخة منها مؤشر عليها بأنها مطابقة للأصل لتلك المحاضر التي حرروها وكذا بجميع المستندات والوثائق المتعلقة بها [39]
- محاضر التحقيق الابتدائي: تعتبر أعمال ومهام قاضي التحقيق وما تسفر عنه من نتائج والتي تدون في محاضر التحقيق، أهم وسائل الاثبات للقاضي الجزائي لإدانة المتهم أو تبرئته، حيث يحرر ضمنها جميع الإجراءات وكذلك جميع أوراق ومستندات التحقيق، ويؤشر كاتب التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية على كل نسخة بمطابقتها للأصل.
- محاضر التحري الخاصة: في كثير من الأحيان ترتكب أفعال مجرمة تكون في دائرة الإختصاص العام لضباط الشرطة القضائية، وأيضا في اختصاص فئة خاصة من الموظفين، أناط بهم المشرع صفة الضبطية القضائية، غير أن محاضرهم تعتبر في ادلة كتابية خاصة، في جرائم خاصة وفق قوانين خاصة يعتمد عليها القاضي الجزائي بصدد نظره هذه الجرائم مثل أعوان قمع الغش ومفتشي العمل وأعوان الجمارك وغيرهم.
المبحث الرابع:
الطعن في الأحكام الجزائية
يعتبر الطعن حقا من الحقوق المقررة لأطراف الدعوة سواء المتهم أو وكيل الجمهورية أو الضحية وتختلف هذه الطرق من طرق عادية و طرق غير عادية.
المطلب الأول: الطرق العادية للطعن
الفرع الأول من أجل إعادة المعارضة
نصت المادة 409 من قانون الإجراءات الجزائية على أن " يصبح الحكم غيابيا كأن لم يكن بالنسبة لجميع ما قضي به قرر المتهم معارضة في تنفيذه و يجوز ان تنحصر هعذه المعارضة فيما قضى به الحكم من الحقوق المدنية ".
وبذلك فإن المعارضة تؤدي إلى طرح الدعوة من جديد أمام المحكمة التي صدر منها الحكم، تلغي المعارضة الصادرة من المتهم الحكم الصادر غيابيا حتى بالنسبة لما قضى به في شأن طلب المدعي المدني ( 413 من قانون الإجراءات الجزائية ).
ويسري ميعاد المعارضة بعشرة (10) أيام بعد تبليغ المتهم به.
ومن آثار المعارضة ان لا يوقف تنفيذ الحكم الغيابي بحيث يصبح كأن لم يكن لأن المحكمة ستنظر في الدعوى من جديد بشرط حضور المتهم في تاريخ انعقاد الجلسة .
المطلب الثاني – الاستئناف
إن سريان مدة الاستئناف تكون مهلة (10) أيام اعتبارا من يوم النطق بالحكم الحضوري و إذا كان قد صدر غيابيا أو حضوري اعتباري فإنها تسري من تاريخ تبليغ الشخص.
و في حالة استئناف أحد الخصوم في المواعيد المقررة يكون للخصوم الآخرين خمسة (05) أيام أخرى لرفع الاستئناف.
ومن آثار الاستئناف مثله مثل المعارضة يوقف تنفيذ الحكم المستأنف.
غير أن هناك استثناءات على هاته القاعدة نصت عليها المواد 254 و 365 و 419 من قانون الإجراءات الجزائية.
المطلب الثالث: الطعن بالنقض
نصت المادة 495 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه يجوز الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا في:
أ- قرارات غرفة الاتهام الفاصلة في الموضوع أو الفاصلة في الاختصاص أو التي تتضمن مقتضيات نهائية ليس في استطاعة القاضي أن يعدلها.
ب- أحكام المحاكم و قرارات المجالس القضائية الفاصلة في الموضوع في آخر درجة في مواد الجنايات و الجنح أو المقضى فيها بقرار مستقل في الاختصاص أو التي تنهي السير في الدعوى العمومية.
ج- قرارا المجالس القضائية الفاصلة في الاستئناف الذي تضرر منه الطاعن رغم عدم استئنافه .
د- أحكام المحاكم و قرارات المجالس القضائية الفاصلة في الموضوع في آخر درجة في مواد المخلفات القاضية بعقوبة الحبس فيها المشمولة بوقف التنفيذ .
كما نصت المادة 496 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه لا يجوز الطعن بالنقض في:
-قرارات غرفة الاتهام المتعلقة بالحبس المؤقت و الرقابة القضائية.
- قرارات الإحالة الصادرة من غرفة الاتهام في مواد الجنح و المخالفات.
- قرارات غرفة الاتهام المؤيدة للأمر بالأوجه للمتباعة إلا من النيابة العامة في استئنافها لهذا الأمر.
- الأحكام الصادرة بالبراءة في مواد الجنايات إلا من جانب النيابة العامة فيما يخص الدعوى العمومية ، ومن المحكوم عليه و المدعي المدني و المسؤول عن الحقوق المدنية فيما يخص حقوقهم المدنية أو في رد الأشياء المضبوطة فقط.
- قرارات المجالس القضائية المؤيدة لأحكام البراءة في مواد المخالفات و الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تساوي ثلاث (03) سنوات أو أقل.
- الأحكام و القرارات الفاصلة في موضوع الصادرة عن آخر درجة في مواد الجنح القاضية بعقوبة غرامة تساوي 50.000 دج أو اقل بالنسبة للشخص الطبيعي و 200.000 بالنسبة للشخص المعنوي، مع التعويض المدني أو بدونه، إلا إذا كانت الإدانة تتعلق بحقوق مدنية باستثناء الجرائم العسكرية أو الجمركية
ويسري ميعاد الطعن بالنسبة للنيابة العامة و الخصوم إذا كان الحكم حضوريا بثمانية (08) أيام أو نفس المدة من تاريخ تبليغ القرار.
و الطعن بالنقض هو اتجاه نحو محكمة القانون و ليس محكمة الموضوع.
المطلب الرابع – التماس إعادة النظر
نصت المادة 531 على أنه يجب ان تؤسس طلبات إعادة النظر على:
1. إما على تقديم مستندات بعد الحكم بالإدانة في جناية قتل يترتب عليها قيام أدلة كافية على أن المجني عليه المزعوم قتله هو على قيد الحياة.
2. او إذ أدين بشهادة الزور ضد المحكوم عليه شاهد سبق ان ساسهم بشهادته في إثبات إدانة المحكوم عليه.
3. او على إدانة متهم آخر بسبب ارتكابه نفس الجانية او الجنحة بحثيث لا يمكن التوفيق بين الحكمين.
او أخيرا بكشف واقعة جديدة او تقديم مستندات لن تعرض على القضاة الدين أدانوا المتهم وقت المحاكمة مع أنها الدليل على البراءة.
[1] طاهري حسين، الوجيز في شرح قانون الإجراءات الجزائية، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة 2005، الجزائر، ص 77.
[2] المادة 330 من قانون الإجراءات الجزائية.
[3] المادة 340 من قانون الإجراءات الجزائية.
[4] المادة 429 من قانون الإجراءات الجزائية.
[5] المادة 427 من قانون الإجراءات الجزائية.
[6] المواد 248، 250 من قانون الإجراءات الجزائية.
[7]المادة 258 من قانون الإجراءات الجزائية.
[8] قانون رقم 15-12 مؤرخ في 28 رمضان عام 1436 الموافق 15 يوليو سنة 2015، يتعلق بحماية الطفل.
[9] المادة 91 من القانون المتعلق بحماية الطفل.
[10] المادة 91 من القانون المتعلق بحماية الطفل.
[11] الأمر رقم 71-28 المؤرخ في 22 أفريل 1971 والمتضمن قانون القضاء العسكري المحاكم العسكرية، المعدل والمتمم القانون رقم 18-14 المؤرخ في 29 جويلية 2018، المتضمن قانون القضاء العسكري ، الجريدة الرسمية (رقم 47)،
[12] المواد 80 وما يليها من قانون حماية الطفل.
[13] الفقرة 2 من المادة 252 من قانون الإجراءات الجزائية
[14] المادة 552 248 من قانون الإجراءات الجزائية
[15] المادة 60 من قانون حماية الطفل
[16] محمود نجيب حسني، شرح قانون الاجراءات الجزائية، دار النهضة العربية، مصر، الطبعة 1982، ص 417.
[17] - لسان العرب، المرجع السابق، مادة عرف، ص 153 وما بعدها.
[18] - طاهري الحسين، الوجيز في شرح قانون الاجراءات الجزائية، ، دار الخلدونية للنشر والتوزيع. الجزائر ص 45.
[19] - لسان العرب ، المرجع السابق، ص 224.
[20] لأكثر تفصيل، د. سيد حسن عبد الخالق، المرجع السابق، ص 515.
[21] د. مصطفى يوسف، الحماية القانونية للشاهد في ضوء الفقه والقضاء، وفقا لقانون الإجراءات الجنائية المصري، طبعة 2011، دار النهضة العربية، ص 23.
[22] - المادة 122 من قانون الإجراءات الجزائية.
[23] - المادة 223 من قانون الإجراءات الجزائية.
[24] - المادة 223 من قانون الإجراءات الجزائية.
[25] د.مصطفى يوسف، المرجع السابق، ص 57.
[26] - المادة 237 من قانون الاجراءات الجزائية.
[27] المادة 97 من الأمر 66-156 المتضمن قانون الإجراءات الجزائرية المعدل والمتمم.
[28] عبد الوهاب مصطفى، رابح لطفي جمعة، مرجع الفقه والقضاء في جرائم الوظيفة العامة والجرائم التي تقع على الموظفين العموميين، دار عالم الكتب للطبع والنشر، مصر.ص 231.
[29] المادة 99 من نفس القانون.
[30] لأكثر تفصيل في كيفية أداء الشهادة، د. علي شملال، المرجع السابق، ص55 وما يليها.
[31] - المعجم الوسيط ، ص 641
[32] - سامي حسني الحسيني، النظرية العامة للتفتيش في القانون المصري والمقارنة، دار النهضة العربية ، مصر ، الطبعة 1972 ، ص 50.
[33] - لسان العرب ، المرجع السابق، ص 4-12.
[34] - جندي عبد الملك ، الموسوعة الجنائية ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الأولى ، 1976 الجزء الأول ، ص 222.
[35] - لسان العرب، المرجع السابق ، المادة قرن ، ص 11-142-143.
[36] - طاهري حسين ، المرجع السابق، ص 97.
[37] - عبد الله أوهايبية، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، التحري و التحقيق ، دار هوما للنشر و التوزيع ، الجزائر ، الطبعة الثامنة ، ص307.
[38] -المادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية.
[39] - المادة 18 من قانون الاجراءات الجزائية .
-
Assignment
ماهي اختصاصات محكمة الجنح والمخالفات؟
تكلم عن محكمة الجنايات الابتدائية والاستئنافية؟
اذكر طرق الطعن العادية؟
اذكر طرق الطعن غير العادية؟
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-
Assignment
-
Google Meet™ for Moodle
-