المحور السابع
المحور السابع
وخصصناه لدراسة الشروط التعاقدية التي يتضمنها سند الشحن والتي تطبق على أطرافه وتمتد للغير للالتزام بها أيضا
شروط سندات الشحن
سندات الشحن وثائق مطبوعة تصدرها شركات الملاحة البحرية فتضع عليها شعارها .ويتضمن وجه السند جملة البيانات التي سبق ذكرها وتتعلق بنوع البضاعة المحمولة ، كميتها ، وزنها الخ.. في حين يتضمن ظهر السند ( من الخلف ) مجموعة من الشروط التعاقدية المطبوعة أيضا مسبقا و عادة ما تكتب بأحرف صغيرة جدا تصعب حتى قراءتها ومع ذلك فهي ملزمة للجانبين ما لم تكن مخالفة للنظام العام أو للقانون أو لمعاهدة بروكسل. ولذلك يجوز الاتفاق على مخالفتها أو تعديلها بالزيادة أو الإنقاص منها .
نكتفي هنا بذكر أهم هذه الشروط :
1-شرط بارامونت :إذا وجد هذا الشرط في ظهر سند الشحن فإنه يفيد تطبيق أحكام معاهدة بروكسل لسندات الشحن على كل نزاع ينشأ بين الأطراف بصرف النظر عن كون الدولة التي ينتمون إليها مصادقة على هذه الاتفاقية أو غير مصادقة.
أجازت المادة 747 بحري جزائري للأطراف أن يشترطوا تطبيق أحكام الاتفاقية الدولية التي تتناول هذا الميدان والتي انضمت إليها الجزائر وذلك في النقل البحري المتمم بين الموانئ الجزائرية والموانئ الأجنبية ومن ثم استبعاد أحكام الباب الثالث من القانون البحري الجزائري الذي ينظم عقد النقل بموجب سند الشحن.
2- شرط كاسبيانا :عندما يفرض حصار على ميناء التفريغ المقصود في العقد أو عندما توجد بضائع مكدسة به أو اضطرابات تحول دون دخول السفينة الناقلة فإنه يحق للناقل أن يتصرف كالآتي :
إما أن يغير الميناء إلى ميناء مناسب يخضع لتقدير الناقل( الربان ) ولمطلق اختياره ، وإما أن يحتفظ بالبضاعة إلى أن يعود بها على السفينة ذاتها أو على سفينة أخرى بديلة لها إلى ميناء التفريغ على مخاطر ونفقة الشاحن ( مرسل البضاعة ) أو المرسلة إليه أو المالك.
نفس الحكم نصت عليه المادة 781 بحري جزائري إلا فيما يخص الإرسال الثاني للبضاعة بسبب هذه الاعذار حيث تكون النفقات على عاتق الناقل باستثناء القوة القاهرة .
3-شرط الحاويات :يعطي هذا الشرط للناقل الحق في فتح الحاويات المعبأة بواسطة الشاحن لفحص محتوياتها حتى يمكنه رفض نقلها إذا اعتبرت غير آمنة لأي سبب وللوقوف عليها وما إن كانت قد نظفت قبل العودة حتى يتفق ذلك مع شروط الحاويات وما يتطلبه تجهيزها.
4- شرط تغيير السفينة : وفيه يحق للناقل إعادة تفريغ السفينة الأصلية إلى سفينة أخرى قبل الإبحار أو بعده أو أن يخزن البضائع على الشاطئ أو عائمة ثم يعيد شحنها على سفينة أو سفن أخرى تتوجه بها إلى الميناء المقصود. ونشير إلى أن المشرع الجزائري يأخذ بهذا الشرط في المادة 771.
5- شرط البضائع الخطرة أو القابلة للالتهاب أو الانفجار: بمقتضى هذا الشرط يجب على الشاحن أن يخبر الناقل مسبقا وكتابة بنوع البضاعة وخطورتها وأنه مسؤول عن الأضرار التي يمكن أن تحدثها . ويتحمل الشاحن أي ضرر تحدثه هذه البضائع إذا لم يخبر بها الناقل مسبقا. وإذا حدث غش من هذا النوع اكتشفه الناقل بعد ذلك قام بإعدام البضائع أو إتلافها أو رميها في البحر دون تعويض .
لقد أخذ المشرع الجزائري بهذا في المادتين 778و779.
6-شرط جاسون الجديد : وهو شرط يبين كيفية تسوية الخسائر المشتركة أو العمومية بما يتفق و قواعد يورك و أنفرس لسنة 1974.
أجاز المشرع الجزائري بموجب نص المادة 299 للأطراف أن يتفقوا على شروط لتسوية الخسائر البحرية ، عمومية كانت أو خاصة(les avaries communes ou particulières) مما يفيد أخذه بهذا الشرط التعاقدي.
7-شرط هيمالايا :الأصل في العقد أن يكون له أثره النسبي بين طرفيه فقط فهو شريعة للمتعاقدين و لا يمتد إلى الغير ، لكن بموجب شرط هيمالايا يستفيد الربان وأفراد الطاقم ومقاولي السفن من شرط تحديد المسؤولية الذي يبرمه الناقل ( المجهز ) والشاحن وبهذا يجوز لتابعي الناقل الاستفادة من هذه الإعفاءات.
8-شرط الاختصاص القضائي: بمقتضاه تتحدد الجهة القضائية المختصة في حالة نشوب نزاع بين أطراف عقد النقل البحري بعد أن كانت محددة بجهة أخرى عادة هي محكمة ميناء التفريغ.
9- شرط التحكيم: التحكيم هو اتفاق الأطراف على إسناد حل النزاع أمام محكمة تحكيمية للفصل فيه دون المحكمة المختصة أصلا بذلك مع إمكانية اختيار قانون على هديه يتم الفصل في النزاع.
10- الشروط لخاصة بالشحن والتفريغ:الأصل في الشحن أن يتم على عاتق الشاحن أما التفريغ فيكون على عاتق المرسلة إليه البضاعة غير أنه في وجود هذا الشرط فإن مصاريف العمليتين تكون على عاتق الشاحن ويتولاها الناقل بنفسه .
المحور الثامن والأخير
ونتناول فيه بالدراسة ما يعرف بالبيوع البحرية وقد خصصناه لأهمها مع بيان شروط كل نوع منها
البيوع البحريةles ventes maritimes
اذا كان النقل البحري يتم بواسطة السفينة فانه يسبقه بالضرورة عقد بيع ينصب على البضاعة المنقولة التي يتولى مالكها الجديد مهمة نقلها من مكان الشراء إلى المكان المتوجهة إليه بعد أن تقطع البحر.
والبيع البحري نوعان بيع عند القيام (vente au départ ) وبيع عند الوصول (vente à l’arrivée) فالبيع عند القيام ملكية البضاعة تكون على حساب المشتري قبل تحميلها على ظهر السفينة او حتى اثناء ذلك وبالنتيجة تكون مخاطر عملية النقل على حساب المشتري لان مهمة البائع انتهت .بل ان المشتري ملزم بابرام عقد النقل البحري بنفسه . وللقضاء على هذه المهمة الشاقة والمكلفة للمشتري ابتدع المشتغلون بالتجارة البحرية انواعا من البيع يسمى البيع [ سيف CIFأو البيع كافCAF ] ونوعا آخر يسمى البيع [ فوبFOB] والبيع [فاصFAS ] وهي مسميات تتكون من الأحرف الأولى لعناصر العقد الجوهرية . أما البيوع عند الوصول فهي اقل أهمية من الأولى ومنها البيع بسفينة معينة والبيع بسفينة غير معينة.
( انظر كلا من علي البارودي ، مبادئ القانون البحري ، منشأة المعارف ، الإسكندرية وكذلك René Rodière et Emmanuel du Pontavice, 2ème édition ? Dalloz 1986)
وفيما يلي نتناول باختصار أنواع تلك البيوع على أهميتها .
أولا/ البيع البحري "سـيف":وهو ذلك البيع الذي يتفق فيه البائع مع المشتري على أن يلتزم الأول بتسليم البضاعة محل البيع في ميناء القيام ثم يشحنها على سفينة من اختياره هو بعد أن يبرم عقد تأمينها لدى إحدى شركات التأمين على أن يدفع المشتري الثمن الإجمالي لهذه العمليات الثلاث المركبة وهي ثمن البضاعة + أجرة نقلها + مبلغ تأمينها وهو ما يعرف باللغة الانجليزي ب :cost + insurance + freight .
إن هذا النوع من البيوع الذي ابتدعه الأمريكيون خلال الحرب العلمية الأولى سنة 1914 تفاديا لعبور البحر فضلا عن تسهيل العملية التجارية مع زبائنهم في أوروبا أين يعفونهم من عبء التنقل والبحث عن السفينة الناقلة وشركة التامين . إنه بيع يحقق مصالح الطرفين فالبائع يتخلص من المسؤولية عن البضاعة بعد تسليمها للناقل ويستحق الثمن بعد إرساله المستندات المتفق عليها مع المشتري ليتسلمها هذا الأخير ، كما يصبح مالكا للبضاعة ويحق له أن يتصرف فيها للغير فضلا عن إعفائه من إبرام عقدي النقل والتأمين.
1-التزامات البائع
-الالتزام بتسليم البضاعة المتفق عليها صنفا ومقدارا ويستطيع أن يثبت ذلك باستصداره شهادة من الخبراء تسمى شهادة النوعية (certificat de qualité) ويظل ضامنا لسلامتها إلى أن يتسلمها الناقل فتنتقل تبعة الهلاك إلى المشتري.
-الالتزام بشحن البضاعة في الموعد المتفق عليه على السفينة التي يختارها المصدر مقابل حصوله على سند الشحن الذي يتضمن البيانات المتفق عليها وكذلك الالتزام بتأمينها والحصول على شهادة المنشأ عندما تكون الدولة المصدرة ذات سمعة تجارية معروفة عالميا.
- يلتزم البائع بإرسال المستندات المتعلقة بالبضاعة لفائدة المشتري الذي يصبح مرسلا اليه يحق له فضلا عن استلام البضاعة مساءلة الناقل عن أخطائه والأضرار التي تلحق بالبضاعة، كما يحق له طلب التعويض من شركة التأمين .
2- التزامات المشتري
يلتزم المشتري بدفع الثمن الإجمالي المكون من ثمن البضاعة وأجرة نقلها التي سددها الشاحن البائع ومبلغ التأمين الذي دفعه .
غير أن ما يجب الاتفاق عليه هو كيفية الوفاء بالثمن لأن المشتري لم يعاين بضاعته ولا المستندات التي أرسلت إليه لذلك يتدخل البنك وسيطا بينهما بواسطة ما يعرف بالاعتمادات المستندية (les crédits documentaires)
ثانيا/ البيع فوب والبيع فاص FOB et FAS
معناه براءة البائع من التزامه بتسليمه البضاعة على ظهر السفينة وهو معنى الأحرف الأولى لعبارة Free on Board
تعريفه : هو ذلك البيع الذي بمقتضاه يسلم البائع البضاعة للمشتري على ظهر السفينة التي يحددها هذا الأخير، مقابل دفعه الثمن .
كما قد يأخذ هذا البيع صورة أخرى(FAS) ومعناها بالانجليزية Free along side مفادها براءة البائع بوضعه البضاعة على رصيف ميناء الشحن المتفق عليه في العقد ، علما أن مصاريف الشحن في الحالتين( فوب و فاص ) على عاتق المشتري، فضلا عن عدم التزامه بتأمين البضاعة ولا بدفع مصاريف نقلها بصفته وكيلا عن المشتري كما في النموذج الأول بيع سيف ، وإن كان جائزا توكيله بعقد مستقل لينوب عنه بصفته وكيلا وليس هذا من خصائص البيع فوب.لذلك توصي الدول رعاياها بأن يبيعوا سيف ويشتروا فوب تشجيعا لأسطولها البحري الذي ينقل ذهابا وإيابا.
البيع عند الوصولLa vente à l’arrivée
وهو البيع الذي يلتزم فيه البائع بتسليم البضاعة في ميناء الوصول ، فلا تنتقل البضاعة إلا بوصولها ألى الميناء فيتحمل البائع مخاطر الطريق وأجرة النقل وإذا أمن عليها فإنه يؤمنها لنفسه ، ويلتزم المشتري بدفع الثمن بوصول البضاعة إليه سليمة.
وهذا النوع من البيوع صنفان ، بيع بسفينة معينة أين يتفق الطرفان على تحديد السفينة الناقلة أثناء العقد أو حتى بعده وتظل المخاطر على عاتق البائع إلى غاية التسليم واستلام الثمن وإذا ما هلكت البضاعة بسبب قوة قاهرة انفسخ العقد وتحرر المشتري من الثمن كالتزام مقابل تطبيقا للقواعد العامة للالتزامات.
اما البيع بسفينة غير معينة ففيها يختار البائع تلك السفينة لنقل البضاعة خلال مدة محددة.
انظر كلا من علي البارودي ، مبادئ القانون البحري ، منشأة المعارف ، الإسكندرية وكذلك René Rodière et Emmanuel du Pontavice, 2ème édition ? Dalloz 1986)
وأيضا :احمد محمود حسني – عقد النقل البحري – منشأة المعارف الإسكندرية .
وكذلك :محمد عبد الفتاح ترك – عقد النقل البحري – الدار الجامعية الجديدة للنشر – الإسكندرية 2005