8- نشأة علم النفس:
أولا: مرحلة التفكير البدائي: هي مرحلة التفكير البدائي أو الخرافي منذ وجود الإنسان على الأرض، وهي عبارة عن تراكمات لمعارف الحضارات القديمة، ضمت مجموعة من الأفكار والاجتهادات البعيدة عن طريقة التفكير العلمي الحديثة بعضها مستند إلى الخبرة وبعضها خاطئ مستند إلى الوهم والخرافة، حيث حاول الإنسان التفكير في نفسيته وتفسير أسباب تصرفاته ومن بين أفكار هذه المرحلة نجد:-استطلاع الهيئة حيث كان بعض القدامى يعتمدون على مظهر الفرد الخارجي أو هيئته للتنبؤ بطبيعته.-دراسة الأرواح الشريرة حيث كان بعض القدامى يفسرون من خلالها السلوك غير السوي.-تفسير المنجمين القدامى حيث كانوا يستطلعون السماء بحثا عن إجابات، فموقع النجوم في وقت الولادة يحدد طبع الطفل الوليد.- كان يعتقد بعض القدامى بوجود كائن صغير يسيطر على أعمالنا يسكن الجسم ويتحكم فيه، يكون أحيانا شريرا قاسيا وأحيانا خيرا طيبا، وكان يترك الجسم أحيانا ولا يعود إليه وهو تفسيرهم لظاهرة الموت.
ثانيا: مرحلة التفكير الفلسفي: في هذه المرحلة تم تفسير الظواهر الغامضة من منظور فلسفي حيث كان ينسب المفكرون حدوث كافة الظواهر الغامضة في حياة الإنسان إلى وجود الروح، والذي أدى إلى ظهور اتجاهين لتفسير هذه الظواهر هما المثالي والمادي، كما أن في هذه المرحلة تشكلت معارف تجريبية أولية حول العمليات العقلية المعرفية كالإحساس والإدراك والذاكرة والغضب والإرادة وغيرها. . ومن أبرز المفكرين في هذه المرحلة سقراط، أبقراط، أفلاطون وأرسطو.
ثالثا: مرحلة التفكير العلمي واستقلال علم النفس: مع انتقال المعارف والعلوم إلى أوروبا وبزوغ فجر النهضة في البلدان الأوروبية ظهرت أفكار أكثر تحديدا وتركيزا فيما يتعلق بقضايا الطبيعة والمجتمع عامة وبموضوع علم النفس خاصة، متأثرين بما حدث من تطور في العلوم الدقيقة (الرياضيات والفيزياء والكيمياء) والعلوم البيولوجية والطبية وظهور الكثير من النظريات والأفكار الدقيقة، ولعل من الإسهامات المباشرة لكثير من العلوم في استقلال علم النفس نجد:
- علم الأحياء: حيث تعتبر نظرية النشوء والارتقاء (دارون) وفكرة أن الفرق بين الإنسان والحيوان في الدرجة وليس في النوع دافعا لدراسة الطبيعة البشرية بدراسة السلوك الحيواني والتأكيد على أهمية الطرق الموضوعية في دراسة علم النفس وقد وضع دارون بذلك الأساس لعلم النفس الحيواني.
- القياس والتجريب وتأسيس المخابر: تأثرا بالعلوم الطبيعية التي تعتمد على التجريب والقياس حاول الباحثون تأسيس مخابر نفسية واستبدلوا الطريقة الكيفية بالطريقة الكمية وبالتالي الاعتماد على الملاحظة العلمية في دراسة المسائل النفسية حيث أخضع علم النفس الظواهر التي يدرسها لمناهج موضوعية مستعينا بالآلات والأجهزة والاختبارات، كما أصبحت التجارب ضرورية للبحث في هذا العلم وعلى سبيل المثال يعتبر وليام فونت أول من أسس مخبرا نفسيا في أوروبا عام 1879 حيث اهتمت بدراسة الإحساسات والتمييز بينها والإدراك والانتباه وزمن رد الفعل ثم زاد انتشار المخابر في ألمانيا والو.م.آ وفرنسا. [4]