المحاضرة الخامسة:

1: معوقات تنفيذ إدارة الجودة الشاملة في التعليم العالي:

هناك معوقات تواجه مؤسسات التعليم العالي عند تطبيق أنظمة الجودة إلا أن هناك اختلافا في درجة أهميتها. فقد بينت الدراسات أن “ضعف إدراك مفهوم التعلم مدى الحياة (التعليم المستمر)” يأتي في مقدمة هذه المعوقات وهذا يتبع مجموعة المعوقات التعليمية والمعرفية. وفي المرتبة الثانية أتى “ضعف الدعم المالي المقدم للأبحاث العلمية” وهذا ينتمي إلى مجموعة معوقات البحث العلمي. وفي المرتبة الثالثة أتى “ضعف إمكانات المكتبات” وهو يتبع مجموعة المعوقات التنظيمية، أما في المرتبة الرابعة فأتي “زيادة العبء التدريسي على حساب البحث العلمي” وفي المرتبة الخامسة أتى “قلة مشاركة أعضاء هيئة التدريس في الشراكة مع المراكز البحثية العالمية والمحلية” وهذان الأخيران يتبعان مجموعة المعوقات التي تواجه البحث العلمي. وفي المرتبة ما قبل الأخيرة أتى المعوق “ضعف قنوات الاتصالات بين أقسام وإدارات الجامعة” وآخر هذه المعوقات أتى “ضعف الثقة بأعضاء هيئة التدريس” وهما يتبعان مجموعة المعوقات التنظيميةمن هذا يتبين أن مؤسسات التعليم العالي في حاجة ماسة إلى مراجعة أنظمتها، وبناء منظومة إدارية تعتمد على تطبيق إدارة الجودة الشاملة بجميع جوانبها، لتحسين الأداء، وتطوير مخرجاتها الجامعية.

2-التعليم العالي (مراحله-أزماته-الاتجاهات الإدارية الحديثة)

إن الجامعة كأي مؤسسة في الطب والأمن والدين والإنتاج والثقافة تقوم بوظيفة خاصة بها،ومن القديم والجامعات تقوم بوظيفتين أساسيتين هما التعليم والبحث العلمي وأضيفت لهما وظيفة ثالثة هي خدمة المجتمع وعبر المراحل التاريخية التطورية لها كمؤسسة لها استقلاليتها النسبية في حرية الممارسة والتطور وتوسيع مجال الإبداع و الابتكار

مرت مؤسسات التعليم العالي بعدة أزمات تزامنت مع أحداث سياسية واقتصادية انعكست عليها           - مؤسسات التعليم العالي-  أوجب عليها تبني سياسات جديدة )إدارية وتعليمية(  مواكبة للتطورات الحديثة خاصة في السنوات الأخيرة والتخلي عن الأساليب التقليدية والنمطية ،ولعل من أبرز الاتجاهات المعاصرة لإدارة التعليم العالي الإدارة بالأزمات والهندســـة والإدارة بالتـــجول والإدارة بالأهـــداف والنتـــائج .)حسين إسماعيل،2007،52-53(

-2-1 -  لمحة تاريخية لنشأة وتطور مؤسسات التعليم العالي :

كان للحضارة العربية الإسلامية دورا في التعليم العالي ، فقد  عرف المسلمون حضارات الأمم القديمة ، واطلعوا على ثقافتهم بعد توسع الدولة الإسلامية في أصقاع الأرض إذ استوعبوا معارفهم وعلومهم وتجاربهم في شتى المجالات ، وترجموا العديد من كتبهم إلى اللغة العربية ، وأضافوا إلى علوم القدماء وأعمالهم وزادوا فيها  نتاج فكرهم وما وصلت إليه جهودهم العلمية التي بلغت مرتبة من الغنى والتقدم والازدهار تضاهي الحضارات الأخرى

وقدمت هذه الحضارة تعليما عاليا ، في الأندلس والعراق والمغرب العربي ومصر وبلاد الشام أدى فيما بعد إلى قيام جامعات مشهورة ، مثل جامعة الأزهر في مصر وجامعة الزيتونة في تونس وجامعة القرويين في فاس بالمغرب ، والمدرسة العادلية في دمشق في الفترة الممتدة في سنة 800 إلى سنة 1300 للميلاد وكانت تقد علوما دينية وإنسانية وطبيعية مثل الطب والرياضيات والجبر والصيدلة والفلك والبصريات والهندسة والعمارة والفنون الجميلة

وهذه هي المرحلة الأولى لتطور مؤسسات التعليم العالي والتي يطلق عليها مرحلة النشأة والتأسيس لمؤسسات التعليم العالي .

أما المرحلة الثانية لنشأة مؤسسات التعليم العالي وتطورها في العصور الوسطى فيطلق عليها مرحلة التطور والعطاء ، فقد نشأت مؤسسات التعليم العالي بمفهومها الحديث، والتي تعتبر مؤسسات علمية لها نظامها ، في القرن الأول من الألفية الثانية في أوروبا حيث كانت الأساس في نشأة جامعات أخرى ونموها في العالم فكانت نشأة جامعة بولونيا في إيطاليا سنة 1088 م، وجامعة باريس في فرنسا سنة 1130 م ، وجامعتي وأكسفورد سنة 1180م ، وكامبردج سنة 1209م ، في إنجترا وجامعة بادو في إيطاليا سنة 1220م ، وجامعة أورلينز في فرنسا سنة 1209 م ، وجامعة براغ في تشيكو سلوفاكيا سنة 1348م ، وجامعة فيينا في النمسا سنة 1365م، وجامعة هايدلبرج سنة 1386م في ألمانيا ، وجامعة بيكس في هنغاريا سنة 1367م ، وجامعة كولون سنة 1388 م، في ألمانيا وجامعة بودابست في مجر سنة 1389م. (عقل2009،2009،31-32)

واستمرت عملية تأسيس  الجامعات الأوربية حتى بلغ عددها في بداية القرن الخامس عشر الميلادي 79 جامعة وتركزت مهامها في القرون الوسطى على حماية قيم المجتمع الغربي ، ونقل المعرفة للأجيال واكتشافها، وفي بداية القرن العشرين أخذت الجامعات تنمو بشكل سريع في الدول الغربية حتى بلغت في بريطانيا على سبيل المثال )10( جامعات في سنة 1900 وثم ارتفع عددها ليصل سنة 1950م إلى )21( جامعة ، ورافق ذلك تطور نوعي في البرامج الدراسية وفي الدراسات الجامعية العليا .

أما التعليم العالي في الولايات المتحدة الأمريكية فبدأ على شكل كليات في عهد الاستعمار الأوروبي ، إذأنشأت كلية هارفرد سنة 1632 م وكلية وليام وميري سنة 1693 م وكلية بيل سنة 1701 م،وكلية فيلادلفيا سنة 1740 م وكلية نيوجرسي سنة 1746م ، وكلية كنج سنة 1754 م ، وكلية رود آيلاند سنة 1764م ، وكلية كوين سنة 1766م ، وكلية دارتماوث سنة 1769م، وركضت تلك الكليات على تعليم الدين المسيحي ونشره،ثم أخذت تتناول حاجات المجتمع المحلي في عدد من الأنشطة المتنوعة ، تزامن ذلك مع نمو مؤسسي لتلك الكليات من خلال تبلور واجبات أعضاء هيئة التدريس وتسديد المقررات الدراسية ، وتحديد مسؤوليات الطلبة وقد بلغ عدد الكليات سنة 1861م 650 كلية وبلغ عدد الطلبة في سنة 1870م 62000 طالب وطالبة ، ثم تطورت تلك  الكليات إلى جامعات ، وتم تأسيس جامعات جديدة للدراسات العليا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كان أولها جامعة )جونس هويكن( في سنة 1876 وجامعة كلارك 1889م.

وتم خلال الفترات السابقة إنشاء كليات المجتمع حيث بلغ عددها في منتصف القرن العشرين1200 كلية ، وخلال الفترة الممتدة من 1958 إلى 1965 أنشئت عشرات الفصول الدراسية ، وتم بناء المكتبات، وإنشاء مجمعات سكن للطلبة ، وأنشئت مختبرات البحوث وفتحت الأبواب للدراسات العليا،وتزامن ذلك مع استحداث قانون حماية حرية أعضاء هيئة التدريس، وفي إجراء البحوث،وفي الحصول على الأمن الوظيفي ، وبلغ عدد الجامعات في التسعينات من القرن العشرين 3600 جامعة.

وتميز التعليم العالي الأمريكي بالمرونة والمنافسة ،التي تعد عاملا مهما في ضبط نوعية التعليم العالي وتطوريه ،مما أدى إلى تباين واسع في السمعة الأكاديمية والمكانة العالية للجامعات ،كما تميز بانفتاحه على قوى السوق ، فهو نظام دائم التطور ،إذ أن معدل إنشاء وإغلاق مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة مرتفعة جدا بفعل قوى العرض والطلب،ففيما بين عامي 1974،1976 تأسس نحو 500 مؤسسة تعليم عالي جديدة ،بينما أقفل مايزيد على 100 مؤسسة  .(عقل،2009،32-33)

أما التعليم العالي في البلاد العربية فقد عمل مواكبة المستجدات العلمية والفكرية بمفهومها الحديث فكان الجامع الأزهر الذي أسس عام 970م وأصبح جامعة حديثة عام 1961 م وكانت المدرسة النظامية في في بغداد التي أسست عام 1067 م ، وكان معهد الزيتونة الذي أنشئ عام 1683م وأصبح جامعة تونس حاليا ، كما أنشئت جامعات جديدة في البلاد العربية حيث أنشئت الجامعة الأهلية في مصر سنة 1908م ،وتم تحويلها إلى جامعة حكومية سنة 1965 م وكانت تعرف بالجامعة المصرية وهي جامعة القاهرة حاليا ، وجامعة فاروق الأول التي افتتحت عام 1942م،وهي جامعة الإسكندرية حاليا ،وافتتحت الجامعة السورية عام 1923 ، وهي جامعة دمشق حاليا ، تلا ذلك افتتاح جامعة الخرطوم في السودان عام 1955م وجامعة بغداد عام 1957م م وجامعة الملك سعود بالرياض عام 1957م والجامعة الأردنية في الأردن عام 1962م .هذا بالإضافة إلى أنه كانت توجد 13 كلية ومدرسة عليا في مصر ولبنان والسودان والعراق ،وتزايد عدد الجماعات والمعاهد والكليات في البلاد  العربية في العصر الحالي بشكل ملموس وكبير  وذلك بسبب التزايد السكاني السريع الذي أدى إلى زيادة الطلب على مؤسسة التعليم العالي .

Modifié le: jeudi 15 octobre 2020, 10:26