إذا طلب منك شراء أفضل سهم من بين أسهم 10 شركات موجودة في السوق، فأيها تختار؟ اتخاذك لأي قرار هنا لا بد أن يحكمه متغيران أساسيان هما: العائد والمخاطرة، فإذا قمت بالمفاضلة بين شركتين فسوف تختار ذات العائد الأكبر إذا ما تساوتا من حيث المخاطر، أو إذا تساوتا في العائد فسوف تختار سهم الشركة التي تكون المخاطر بها أقل.
لكن، إذا اخترت عدة أسهم أو سندات متنوعة في العائد وحجم المخاطرة، حينئذ تكون قد كونت ما يسمى بـالمحفظة الاستثماريةPortfolio. هنا عليك أن تتوقف قليلا وتفكر في أسلوب إدارة محفظتك المالية، أو حتى تتناقش مع شركة السمسرة التي تدير محفظتك، لاسيما أن هناك قواعد محددة لا بد أن تراعيها حتى تستطيع أن تنمي القيمة السوقية لهذه المحفظة، وتجعل مكوناتها متوازنة، بما يصل بها إلى بر الأمان الاقتصادي، أي مازجا بين العائد والمخاطرة.
فإذا أردت الاستثمار في الأوراق المالية، فمن الأنسب التركيز على النمو طويل الأمد، إلا أنه قبل ذلك عليك أن تسأل نفسك لماذا أنا أحتاج إلى تنمية نقودي؟ ومتى أريد أن أستخدمها؟ لذا فعليك أن تدرس المحددات الثلاثة الآتية:
-         أهمية نمو رأس مالك: إن النمو هو المعدل الذي تتزايد فيه نقودك خلال زمن الاستثمار في الأوراق المالية، فإذا كنت بحاجة إلى الوصول إلى نقودك بعد فترة قصيرة، فإنك قد تبحث عن فرصة توفر لك معدل نمو ثابتا وآمنا،أما إذا كنت تريد استثمار نقودك لأجل طويل، فبإمكانك أن تكون مرتاحا بوضع نقودك في الأوراق المالية التي يمكن أن تقدم لك معدل نمو عاليا خلال مدة من الوقت، أوفي أحد صناديق الاستثمار. على سبيل المثال إذا كان اختيارك للاستثمار في الأسهم والسندات، فالعائد على تلك الأوراق المالية قد يتقلب خلال مدة الاستثمار في الأوراق المالية، والذي يهمك فعلا، هو كيفية أداء الاستثمار في الأوراق المالية مع مرور الوقت.
إن الاستثمار في الأوراق المالية الطويلة الأجل يتأثر بعوامل، مثل معدل التضخم، فأنت قد تخسر خلال الأجل القصير، ولكن الأوراق المالية الطويلة الأجل تظل قادرة على النمو خلال أجلها الطويل، ما يهم هنا ليس تباطؤ معدلات النمو خلال فترة معينة من الوقت، وإنما إذا كنت تحقق معدل نمو مرتفعا مع مرور الوقت.
-         العائد أو نمو الأرباح: وهي الفائدة أو ربح الأسهم الذي يدفع لك عن استثمارك، ويمكن أن يختلف في أهميته اعتمادا على احتياجاتك، إن السندات يمكن أن تعطي فائدة (ربا) بنسبة مئوية أعلى من الأسهم والتي تعطي عائدا، وإذا كنت توفر للأجل الطويل، فإنك قد تبحث أيضا عن استثمارات تنتج عائدا ملائما بحيث يمكنك ذلك من الرضا على قيمة استثماراتك.
-         المخاطرة : وهي احتمال خسارة بعض أوكل استثمارك نتيجة التذبذب في العوائد، فكل مستثمر لديه مستوى متفاوت ومختلف من المخاطر، فالمستثمرون المتحفظون سوف يبحثون عن فرص تقدم لهم بعض الإجراءات للسيطرة على عوائدهم، مثل سندات التوفير ذات المعدل المضمون من العوائد.
وقد يختار المستثمرون المحافظون أن يتركوا بعض الفرص ذات النمو العالي، وذلك للمحافظة على نقودهم في استثمارات بمعدل عوائد مضمونة بدرجة أكبر.
هناك قوى كثيرة تؤثر على مستوى الخطورة، فمثلا إذا اشتريت سندات فسوف تلاحظ أن استثمارك يرتفع وينخفض مع أسعار الفائدة (الربا) المتغيرة، فعندما تنخفض أسعار الفائدة يرتفع سعر السهم وبالعكس.
كذلك، فإن النقود المستثمرة في الأسهم سوف تتحمل بعض المخاطر، فمثلا الاقتصاد الجيد أو الأرباح الجيدة لشركة ما تمتلك فيها أسهما قد يعني أن قيمة أسهمك ترتفع، أما إذا ضعف الاقتصاد أو إذا تعرضت الشركة التي تمتلك أسهما فيها لدعاية سلبية فإن سعر السهم قد ينخفض.
يعني تحمل بعض المخاطر ثباتك وخروجك سالما من الفتور والانكماش في قيمة أسهمك، على أساس أن السعر سوف يعود للارتفاع، وأن قيمة أسهمك سوف تحتفظ بمعدل نمو عالٍ بمرور الوقت. ومثل المكونات الأخرى لخطة الاستثمار في الأوراق المالية، فإن أهمية المخاطرة في استثماراتك يمكن أن تكون مختلفة، ويعتمد ذلك على موقعك في إطار مدة استثمارك، حيث إن المستثمرين لأجل قصير يبحثون عن استثمارات مستقرة ومتينة وأقل خطورة وقد يقبل المستثمرون لأجل طويل أن يتحملوا قدرا محددا من عدم الثبات لغرض تحقيق هدفهم النهائي بالحصول على عائد عال.
بسبب جميع هذه العوامل، فإن النمو والعائد والمخاطرة سوف تتغير خلال فترة حياتك، ولذلك وجود خطة مالية مبنية على أساس صحيح هو المفتاح لقدرتك على الاعتماد على النفس وتأمين حياتك المالية، حيث يمكنك تقييم الوضع المالي الراهن الذي تعيش به وبناء خططك واختياراتك المستقبلية اعتمادا عليه، بحيث تكون استثماراتك طويلة الأمد وواقعية للوصول إلى أقصى عائد ممكن.
بجوار محددات إنشاء المحفظة، فعليك أن تلتزم بالضوابط التالية أيضا عن عملية الإنشاء، وأبرزها:
-      يجب على المستثمر أن يعتمد على رأسماله الخاص في تمويل المحفظة دون أن يلجأ إلى الاقتراض. ‏
-      يجب ‏أن يكون هناك جزء من المحفظة يحتوي على أسهم الشركات منخفضة المخاطر، بعد أن يحدد المستثمر ‏مستوى المخاطر التي يستطيع أن يتحملها، على أن يحتوي على جزء من الأسهم ذات المخاطر العالية، والتي يكون العائد بها مرتفعا، وذلك وفقا لقدرة المستثمر لتحمل مثل هذه المخاطر.
-      يجب تحديد الفترة الزمنية للاستثمار مسبقا، وأن يتم تحديد نوع الاستثمار من حيث المدة، فهل هو استثمار قصير الأجل أو طويل الأجل.
-      يجب أن يقوم المستثمر بين فترة وأخرى بإجراء التغيرات في مكونات المحفظة إذا ما تغيرت ظروفه بشكل ‏يسمح له بتحمل مخاطر أكبر، أو بالعكس، حسب ظروف السوق، أو إذا ما اتضح انخفاض أداء أحد ‏الأسهم بصورة لافتة للنظر، أوقد تتحسن القيمة السوقية لعدد من الأسهم التي تتكون منها المحفظة ‏لترتفع قيمتها النسبية بشكل يؤدي إلى زيادة مستوى مخاطر المحفظة عما هو مخطط له، بحيث تصبح ‏إعادة تشكيل مكونات المحفظة مسألة لا مفر منها.
إضافة إلى ذلك، تحقيق مستوى ملائم من التنويع بين قطاعات الصناعة، فمن الخطأ تركيز الاستثمارات في أسهم شركة ‏واحدة حتى إن كان رأس المال المستثمر صغيرا، وهذا يتمثل في الحكمة القائلة لا تضع ما تملكه من بيض في سلة ‏واحدة، فكلما زاد تنوع قطاعات الصناعة التي تتضمنها المحفظة انخفضت المخاطر، فمثلا محفظة ‏فيها أسهم ثلاث شركات مختلفة القطاعات تكون أقل مخاطر من محفظة فيها أسهم شركتين فقط، وهكذا.


آخر تعديل: Saturday، 5 December 2020، 9:08 PM