مقدمة
لقد اهتم الباحثون في مجال علوم الإعلام والاتصال منذ مطلع القرن الماضي، بدراسة التأثيرات التي تحدثها وسائل الإعلام على الأفراد والمجتمعات. حيث ظهرت العديد من النظريات التي حاولت تفسير هذه التأثيرات، وقد تم تقسيم هذه النظريات إلى مجموعة من النماذج حسب مدى وقوة وشدة التأثير.
لذا فقد ظهرت العديد من الاتجاهات البحثية، التي قدمت مجموعة من الدراسات والأبحاث، اختلف أصحابها وتباينت آراؤهم حول شدة وقوة تأثير وسائل الإعلام على جماهيرها. فمنهم من خلص إلى أن لوسائل الإعلام والاتصال تأثير مباشر ومطلق، ومنهم من أكد على أن هناك تأثير معتدل لهذه الوسائل، في حين أن البعض الآخر يرى أن لوسائل الإعلام تأثير انتقائي ومحدود، وهو ما رأيناه وتعرفنا عليه خلال سلسلة محاضرات الفصل الأول من هذا المقياس.
وإضافة إلى ما ذكرناه، فإننا نجد بعض الباحثين الذين أسسوا لمجموعة من النظريات، والتي تركز على التأثير القوي لوسائل الإعلام والاتصال، والتي يؤكد أصحابها على أن لهذه الوسائل القدرة على التأثير بشكل كبير على سلوكيات ومعتقدات الأفراد. سواءً على المدى القريب أو على المدى البعيد، وهو ما سنستعرضه خلال سلسلة محاضرات الفصل الثاني من محاضرات نظريات الاتصال الجماهيري. وسنستعرض في البداية أهم نظريات التأثير القوي.