توطئة : 

ان التحولات المتسارعة التي شهدها العالم في نهاية ثمانينات القرن العشرين مع بروز ظاهرة العولمة، وتفكك وانتهاء الاتحاد السوفياتي وانهيار الأنظمة الشيوعية الموالية له في أوربا الشرقية، شكلت بداية مرحلة جديدة حسم فيها التيار الليبرالي بزعامة الولايات المتحدة الصراع لصالحه، وبالتالي بداية تشكل النظام العالمي الجديد بزعامتها وتفردها. وقد كانت أبرز خصائص هذا النظام الجديد هو السعي إلى نشر الديمقراطية الليبرالية والرأسمالية وأهم سماتها المتمثلة في التعددية الحزبية، دعم منظمات المجتمع المدني واقتصاد السوق.

وقد استحوذت دراسة التحولات التي حدثت في إطار الموجدة الجديدة للديمقراطية أو الموجة الثالثة كما يطلق عليها صامويل هنتجتون، التي اعتبرها الأكثر عمقا واتساعا والأطول عمرا، على اهتمام أدبيات علم السياسة بمختلف فروعه وأهمها علم السياسة المقارنة، الذي عكف علماءه على طرح مداخل نظرية واقترابات ومفاهيم جديدة من أجل تطوير الإطار النظري للحقل، ليواكب التطورات والتوجهات الديمقراطية الجديدة.

من هذا المنطلق اعتبر البعض من الدارسين أن علم السياسية يعرف ثورة علمية ثانية ابتداءً من سنة 1989 إلى وقتنا الحاضر على حد تعبير جيراردو مانك Gerardo Munck وريشارد سنايدر Richard Snyder احتل فيها موضوع الديمقراطية كقيمة أساسية صدارة الأعمال بالنظر إلى واقع الانتقالات الديمقراطية على المستوى العالمي.