Topic outline

  • محاضرات في النيابة العامة (وفق آخر تعديل لقانون الإجراءات الجزائية بموجب الأمر رقم 21-11)

    موجهة لطلبة السنة الأولى 
    المستوى: ماستر 
    التخصص: قانون جنائي 


  • مقدمة

    إن وقوع جريمة يترتب عليه ضرر عام يصيب المجتمع وبالتالي ينشأ حق لهذا الأخير في المطالبة بتوقيع العقاب على مرتكبها. وبما أن المجتمع لا يستطيع القيام بهذا الدور فقد أوكله لهيئة عامة تمثله وهي النيابة العامة، ومن ثم نشوء رابطة قانونية بينها وبين مرتكب الجريمة، ووسيلتها القانونية في ذلك هي الدعوى العمومية، التي يمكن تعريفها بأنها نشاط إجرائي هدفه مطالبة المجتمع بواسطة النيابة العامة القضاء بتوقيع العقوبة أو تدبير أمن على مرتكب الجريمة بمقتضى القانون. تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع وهي التي تطالب بتطبيق القانون، وبالتالي حضورها أمام المحاكم ضروري وإلزامي فلا نطق للأحكام بغيبتهم، كما أنها من تقوم بتنفيذ الأحكام الجزائية النهائية. وقد قرر المؤتمر الدولي لقانون العقوبات المنعقد في لاهاي عام 1964 أن الوظيفة التي تتولاها النيابة العامة تنطوي على مسؤولية اجتماعية كبيرة و هي حماية النظام الاجتماعي و القانوني الذي أخل به ارتكاب الجريمة، و يتعين عليها أن تمارس وظيفتها في موضوعية و حيدة، مع مراعاة حقوق الإنسان، كما يتعين عليها أثناء مباشرة مهامها أن تستهدف إعادة تهذيب و تقويم الجاني، و فيهذا المعنى أشار جانب من الفقه إلى مهمة النيابة العامة بقوله إنها تتحقق بالتعاون مع القضاء في إظهار الحقيقة و البحث عن المتهم الحقيقي، و ليس بمجرد إلصاق الاتهام بأي شخص. فلنيابة العامة أدوار على مستوى جميع مراحل الدعوى العمومية ابتدءا بإدارتها و إشرافها على الشرطة القضائية ومن ثم تحريك الدعوى العمومية أو حفظها، و إذا اختارت تحريك هذه الأخيرة فتلتزم مع ما حدده المشرع من ضمانات لتمارس أدوارا مهمة سواء على مستوى التحقيق فلها سلطة إبداء الرأي و تقديم الطلبات إضافة إلى  سلطة الطعن في قرارات قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام لتمتد مهامها على مستوى مرحلة  المحاكمة أين تمثل في تشكيلتها وتساهم في توفير محاكمة عادلة وفق مقتضيات الشرعية، وعند صدور الحكم فلها حق الاعتراض عليه بطرق طعن أمام جهة قضائية أعلى، و إذا أصبح نهائيا فتكون المسؤولة عن تنفيذ هذا الأخير. وعلى هذا تكون دراستنا لاختصاصات النيابة العامة على مستوى كل مرحلة من هذه المراحل.  وقد استخدمنا المنهج التحليلي لدراستنا وذلك من أجل تحليل وفحص دور واختصاصات النيابة العامة في مختلف مراحل الخصومة الجزائية، كما استعنا بالمنهج الوصفي لوصف جهاز النيابة والمبادئ الكبرى التي تحكمه، وتم توظيف وبشكل جزئي المنهج المقارن من أجل التعديلات المتلاحقة لقانون الإجراءات الجزائية محور دراستنا. ودراستنا للاختصاصات القضائية للنيابة العامة تكون متوافقة مع آخر تعديلات قانون الإجراءات الجزائية حيث تم تعيين مساعدين متخصصين لدى النيابة العامة بالمرسوم الرئاسي رقم 17-348، وكذا بموجب الأمر 20-04 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية أين تم إنشاء القطب الجزائي الاقتصادي والمالي على مستوى محكمة مقر مجلس قضاء الجزائر متخصص في مكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية ويمتد اختصاصه إلى كافة إقليم الجمهورية. هذا ما جاء في الأمر 20-04 كما تم تعديل الأحكام المتعلقة بامتياز التقاضي تكريسا للمبدأ الدستوري مساواة الجميع أمام العدالة، حيث تحريك الدعوى العمومية وممارستها من قبل النائب العام لدى المحكمة العليا يتنافى وصلاحياته القانونية بصفته طرفا منضما للطعن. للإشارة فإن أحكام المادة 573 من قانون الإجراءات الجزائية كانت قبل تعديلها تكرس قاعدة امتياز التقاضي التي تعطي لفئة محددة من الموظفين الساميين في الدولة الحق في ألا تتم متابعتهم والتحقيق في القضايا التي يكونون متهمين فيها إلا أمام المحكمة العليا. وعليه فقد مكن من متابعة ومحاكمة الموظفين الساميين في الدولة أمام جهة قضائية غير تلك المختصة إقليميا عملا بالأحكام العامة للاختصاص المنصوص عليها في المواد 37 و40 و329 من نفس القانون، إلا أنه لا تحرك الدعوى العمومية ضدهم إلا من قبل النيابة العامة حماية لهم من التعسف. وتماشيا كذلك مع التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية حيث عمد المشرع إلى إنشاء قطب جزائي وطني مكلف بمكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، استحدثه ضمن باب سادس يتضمن 8 مواد من المادة 211 مكرر 22 إلى المادة 211 مكرر 29، حيث يختص القطب في الجرائم الإلكترونية سواء بالنسبة للمتابعة التي هي من صميم اختصاص وكيل الجمهورية أو بالنسبة للتحقيق الذي يخص قاضي التحقيق وحتى بالنسبة للحكم أين يكون الاختصاص لقاضي الحكم رئيس المحكمة الجنحية الذي يختص بالنظر في هذه الجرائم. أين ينشأ على مستوى محكمة مقر مجلس قضاء الجزائر قطب جزائي وطني متخصص في المتابعة والتحقيق في الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال والجرائم المرتبطة بها، يختص بالحكم في الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب إذا كانت تشكل جنحا. حيث تنص هذه الأخيرة على تمديد الاختصاص الإقليمي لمحكمة مقر قضاء الجزائر التي يسند لها اختصاص نوعي حصري بخصوص مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود نظرا لما تتميز به من خطورة خاصة ذات بعد وطني ودولي من حيث آثارها. وبناءا على سلطات واختصاصات النيابة العامة على مختلف المراحل الإجرائية الجزائية سنتطرق إلى هذه المهام على النحو الآتي:

    المحور الأول: النيابة العامة كهيئة جزائية   

    المحور الثاني: سلطة النيابة العامة في مرحلة البحث والتحري والمتابعة

    المحور الثالث: سلطات النيابة العامة على مستوى التحقيق الابتدائي

    المحور الرابع: سلطات النيابة العامة على مستوى التحقيق النهائي


  • المحور الأول: النيابة العامة كهيئة جزائية

    تبدأ الدعوى العمومية بالنيابة العامة وتنتهي على مستواها لذا فالتعرف على هذا الجهاز أو هذه الهيئة ضروري، وقبل التطرق لمهامها وسلطاتها القضائية نتعرض لإدارتها وإشرافها على جهاز الشرطة القضائية ذراعها الأيمن في البحث والتحري عن الجرائم سواء على القطاع الحضري أو خارجهلذا نتطرق في المبحث الأول للنظام القانوني للنيابة العامة أين نتعرض إلى نشأة هذه الأخيرة وهيكلتها وكذا إلى الطبيعة القانونية لهذه الهيئةأما المبحث الثاني فنخصصه للمرحلة الشبه قضائية حيث تكون مسؤولة عن الإدارة والإشراف على جهاز الشرطة القضائية ويعقبها مرحلة الاتهام وتقرير تحريك الدعوى العمومية أو حفظهانتعرف من خلال هذا المبحث على النيابة العامة هذا الجهاز المهم والذي لا قائمة للقضاء بدونه فنتطرق لنشأتها ومن ثم إلى طبيعتها القانونية وأخيرا إلى هيكلتها.

  • المحور الثاني: سلطة النيابة العامة في مرحلة البحث والتحري والمتابعة

    فلمرحلة جمع الاستدلالات أهمية بالغة في استجلاء الحقيقة وبيانها، فالنيابة العامة استنادا إلى محضر جمع الاستدلالات، وإلى نوعية الأدلة والقرائن التي تم جمعها وإلى المعلومات التي تم الحصول عليها، إما أن تقوم بتحريك الدعوى الجنائية وإما أن تقوم بحفظ الأوراق، وهي بذلك تساهم بشكل فعال في اختصار الإجراءات الجنائية من حيث المساهمة بشكل فعال في تخفيف العبء عن كاهل المحاكم وعدم تراكم الدعاوي والسير فيها بسرعة، فإذا كانت البلاغات والشكاوي غير مؤيدة بالأدلة جاز حفظها
  • المحور الثالث: سلطات النيابة العامة على مستوى التحقيق الابتدائي

    خول المشرع للنيابة العامة أدوارا مختلفة على اختلاف المراحل التي تمر بها الإجراءات الجزائية وهو ما نصت عليه المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية، ومن أهم هذه المراحل مرحلة التحقيق سواء الابتدائي، بمعنى عل مستوى كل من قاضي التحقيق كدرجة أولى وغرفة الاتهام كدرجة ثانية، حيث تهدف إلى جمع الأدلة التي تثبت وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم. وكذا مرحلة التحقيق النهائي أو المحاكمة أين تستكمل إجراءات التحقيق للكشف عن الأدلة القاطعة في سبيل إظهار الحقيقة وفقا لمبادئ ومقتضيات المحاكمة العادلة.

  • المحر الرابع: سلطات النيابة العامة على مستوى التحقيق النهائي (المحاكمة)

    من المبادئ الأساسية في التنظيم القضائي الجنائي تمثيل النيابة العامة أمام كل جهة من جهات القضاء الجنائي، التي لا يعد تشكيلها متكاملا ولا تعتبر الإجراءات التي تتخذ أثناء المحاكمة صحيحة ما لم تكن النيابة العامة ممثلة فيها، حتى ولو حركت تلك الدعوى العمومية من طرف المضرور من الجريمة