Topic outline

  • Topic 1

    • تعريف قانون المنافسة

      يعد قانون المنافسة صورة صادقة عن التحولات التي يعرفها أي نظام اقتصادي، ومرآة عاكسة لطبيعة الحرية الاقتصادية في أي بلد، وهو في ذات الوقت أداة فعالة في تنظيم وتنمية الاقتصاد، وعنصرا أساسيا في تفعيل نشاط السوق، لذا عمدت جل التشريعات الوطنية على وضع قوانين تعنى بتنظيم المنافسة، ويحتاج الوقوف على مفهوم هذا القانون وأهدافه، الوقوف أولا على ماهية المنافسة.

      أولا: تعريف المنافسة

      المنافسة في اللغة من مصدر التنافس، وتنافس القوم في شيئ رغبوا فيه، ونافس في الشيئ إذا رغب فيه على وجه المباراة الكرم ومنه قوله تعالى" ...وفي ذلك فليتنافس المتنافسون "، والمنافسة بصيفة مفاعلة تفتضي وجود طرفين على الأقل يتنافسان أو يتسابقان بحيث يبذل كل منهما جهده من أجل التفوق على الأخر .

       من الناحية الاصطلاحية، تعتبر المنافسة مفهوما اقتصادي النشأة ، لذ نجد ه في أدبيات رجال الاقتصاد ابتداء وهي تعني حسب البعض " الآلية تكمن في سوق محددة من تشكل الأسعار، بواسطة عمليتي العرض والطلب"([1]) أو هي" العمل للمصلحة الشخصية للشخص وذلك بين البائعين والمشترين, في أي منتج وأي سوق"([2]) أو  هي" مجموعة من المجهودات المبذولة من قبل المؤسسات من أجل التفوق على الآخرين" ([3]).

       على المستوى القانوني، رغم التنظيم القانوني لهذه الظاهرة على مستوى التشريعات الوطنية  فإن غالبية القوانين المقارنة إن لم يكن جميعها لم تتضمن تعريفا محددا لكلمة منافسة لتصبح المسألة فقهية خاصة الفقه، في هذا الصدد عرفها مجلس المنافسة الفرنسي على أنها:" طريق تنظيم المجتمع في إطار المبادرة بعدم تمركز الأعوان الاقتصاديين، وبكيفية تضمن أفضل الطرق في استغلال الموارد النادرة في المجتمع".

      - la concurrence est le mode d'organisation sociale dans lequel l'initiative décentralisée des agents économique est de nature à assurer la meilleur  efficacité dans l'allocation des ressources rares de la collectivité"

      ، كما عرفها بعض الفقه  "عملية التنافس الاقتصادي أو العرض المقدم من طرف عدة مؤسسات مختلفة ومتزاحمة لسلع وخدمات محاولة بذلك إشباع حاجات متشابهة مع وجود حظوظ متقاربة وعكسية لدى هذه المؤسسات لكسب أو خسارة امتيازات الزبائن".([4])

      وبعيدا عن تعدد هذه  التعاريف فإن ما ينبغي التأكيد عليه أن  عملية المنافسة ليس غاية في ذاتها ولا يمكنها في جميع الأحوال أن تضمن لوحدها التطور الاقتصادي المنشود،  لكنها تشكل الوسيلة المثلى للقيام بذلك.

      ثانيا: تعريف قانون المنافسة

      رغم الصعوبة في وضع تعريف جامع لقانون المنافسة، والت يرجعها بعض الفقه إلى كثرة الأهداف والغايات التي يستهدف تحقيقها وإلى تعدد المجالات التي يحكما ([5])، إلا أن كتابات الفقه لا تخلو من محاولات  لتقديم تعريف لهذا القانون فعرفه البعض علة أنه :"مجموعة القواعد التي تطبق على المؤسسات أثناء نشاطها في السوق والتي تكون موجهة التي تنظم التنافس الذي تخصه هذه المؤسسات بمعنى العمل على أن تكون هذه المنافسة كافية و دون أن تكون مفرطة"([6])، عرف قانون المنافسة على أساس تحديد نطاق تطبيقه.

      واعتماد على غايات وأهداف قانون المنافسة عرفه البعض الأخر بأنه:" مجموعة القواعد التشريعية والتنظيمية التي تهدف إلى ضمان احترام مبدأ حرية التجارة والصناعة، وأن دوره يكمن خاصة في إلزام المؤسسات بالقيام بعملية التنافس أو تحملها".

      مجموعة القواعد القانونية التي تهدف إلى زيادة الفعالية الاقتصادية من خلال تحديد  شروط ممارسة المنافسة وتفادي كل الممارسات المقيدة لها ومراقبة التجمعات الاقتصادية بما يحقق حماية متكافئة للشوق وللمتنافسين والمستهلكين ([7]).

      ثالثا: تطور قانون المنافسة في الجزائر

      يعتبر قانون المنافسة في الجزائر من القوانين الحديثة النشأة فبالنظر إلى طبيعة النظام الاقتصادي الذي كان سائد في الجزائر  عقب مرحلة الاستقلال التي تميزت بتبني الدولة الجزائرية للنظام الاشتراكي لم يتبن المشرع الجزائري نص خاص بالمنافسة إبان هذه المرحلة على أساس أن طبيعة الدولة خلال هذه المرحلة هي الدولة المتدخلة، ومن الطبيعي أن لا تقوم الدولة بسن قانون خاص ينظم نشاطها لانعدام المنافسة أصلا، رغم صدور قانون الأسعار لسنة 1975 غير أنه لم يتطرق للمنافسة، واكتفى فيه المشرع الجزائري بالنص على إلزامية إتباع الأسعار المحددة من طرف الدولة، إلا انه تضمن أحكام ردعية لبعض المخالفات كرفض البيع، المضاربة غير المشروعة، المخالفات المتعلقة بالأسعار([8]).

      على إثر الإصلاحات الاقتصادية التي بدأها المشرع الجزائري نهاية الثمانيات وتخليه عن  النظام الاشتراكي وتبني النظام الليبرالي، ظهر البوادر الأولى لتنظيم السوق وفق قاعد المنافسة الحرة، فاصدر  سنة 1989 القانون  رقم 89-12 المتعلق بالأسعار([9])، تضمن  جملة من الأحكام المتعلقة بالمنافسة، كالممارسات المقيدة للمنافسة، والأسعار، والهيمنة الاقتصادية.

      وفي سنة 1995 أصدر المشرع الجزائري قانونا خاصا بالمنافسة، من خلال الأمر 95-06 المتعلق بالمنافسة([10])، وهو القانون الذي جمع بين المنافسة والقواعد المتعلقة بالممارسات التجارية التي تضمنها الباب الرابع والخامس من هذا الأمر.

      وفي سنة 2003 صدر الأمر رقم 03-03 المتعلق بالمنافسة ([11])، الذي أغلى الأمر 95-06. وفيه تم هذا الفصل بين المنافسة والممارسات التجارية، التي أفرد لها لا حقا قانونا خاصا وهو القانون رقم 04-02 المتعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ([12])، وقد عرف قانون المنافسة الحالي التعديل مرتين، الأولى في سنة 2008 بالقانون 08-12 ([13]) ، والثاني في سنة 2010 بالقانون10-05([14]) .

       

       

       

      رابعا: أهداف وغايات قانون المنافسة

      إن كانت قواعد المنافسة تهدف أساسا إلى حماية المنافسة(الحرية التنافسية)، فهي في الوقت نفسه تحرص على حماية مصالح المتنافسين أنفسهم من جهة، ومصالح جماعة المستهلكين من جهة أخرى.

      - حماية المنافسة: أولى أهداف قانون المنافسة هي ضمان السير الحسن للسوق وكذا تحقيق الفعالية،  ويتحقق ذلك من خلال حماية المنافسة من كل ممارسة تمس هاتين الغايتين، اللتان بهما تتحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة. ([15])

      و تظهر هذه الحماية من خلال حظر الممارسات المقيدة للمنافسة و المتضمنة في الفصل الثاني من القانون 03/03، حيث أن الحظر وارد على هذه الممارسات بغض النظر عن آثارها الفعلية على السوق، و هو الأمر الذي يمكن استخلاصه من نص المادة 6 من قان ن المنافسة: "تحظر الممارسات و الأعمال المدبرة ز الاتفاقيات و الاتفاقات الصريحة أو الضمنية عندما تهدف أو يمكن أن تهدف إلى عرقلة حرية المنافسة أو الحد منها أو الإخلال بها في نفس السوق أو في جزء جوهري منه..."([16])

      02-حماية المتنافسين أنفسهم: يستهدف قانون المنافسة إلى جانب حماية السوق والمنافسة ذاتها حماية أيضا المؤسسات  من تصرفات منافسيهم غير المشروعة، فكل قاعدة  يكون ظاهر مهمتها حماية المنافسة، نجدها مبنية على معاقبة سلوك غير مشروع لأنه يمس بالمتنافسين. ([17])

      03-حماية المستهلك: إذا كان قانون المنافسة يستهدف ضبط العلاقات فيما بين المؤسسات داخل السوق، فإن قانون حماية المستهلك يضبط علاقات المحترفين بالمستهلكين، ورغم هذا الاختلاف فإن حماية المنافسة أو المؤسسات داخل السوق قد تستتبع بالضرورة حماية المستهلك، و يتضح ذلك من خلال حظر عمليات الاحتكار بهدف رفع الأسعار، و البيع بخسارة التي قد تعرقل المنافسة، وبما قد يؤدي إلى انسحاب المؤسسات الأقل قدرة اقتصادية، و بالتالي هيمنة المؤسسات الأكثر قدرة على السوق، بما يستتبعه ذلك من معاودة ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر اقتصاديا ([18]).

      هذه العلاقة بين القانونين دفعت بالبعض إلى الحديث عن قانون جديد هو "قانون السوق" يستدف حماية جميع الفاعلين في السوق مؤسسات ومستهلكين([19]).

      خامسا: مصادر قانون المنافسة

      بالرغم من أن المشرع الجزائري أفرد للمنافسة قانونا خاصا من خلال القانون 03/03 المتعلق بالمنافسة، إلا أن تعدد مضامين هذا الفرع من القانون يجعل من الممكن امتداده إلى نصوص أخرى ذات الصلة بالنشاط الاقتصادي و التعاقدي، و يمكن أن نشير في هذا الخصوص إلى إعمال قواعد النظرية العامة للالتزامات لاسيما منها أحكام المسؤولية المدنية، كما أن القانون التجاري باعتباره الإطار القانوني العام للنشاط التجاري الممارس من قبل الأعوان الاقتصاديين، كما لا يمكن في هذا الشأن إغفال القانون 04/02 المتعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية، خاصة في أحكامه المتعلقة بنزاهة الممارسات التجارية، و تنظيمه للأسعار، و الشأن ذاته بالنسبة للأمر 03/04 المتعلق بالقواعد العامة المطبقة على عمليات استيراد البضائع و تصديرها. ([20])

      بالاضافة إلى هذه المصادر الداخلية تشكل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمجال الأعمال عموما، لاسيما اتفاقيات الشراكة، و الأسواق المشتركة، مصدرا هاما وجوهريا  لقانون المنافسة

       ويمكن الإشارة بهذا الصدد إلى الاتفاقية المتوسطية المنشئة للشراكة الجزائرية الأوروبية الموقعة بفالنسيا بتاريخ 22 أفريل 2002، المصادق عليها من طرف الجزائر بتاريخ 27 أفريل 2005،  و التي تم بموجبها إنشاء منطقة تبادل حر بين الجزائر و المجموعة الأوربية. ([21])

       

       

       

       



      ([1]) عبير مزغيش، الآليات القانونية لحماية المنافسة الحرة من الممارسات المقيدة للمنافسة والتجميعات الاقتصادية، أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم في الحقوق، قسم الحقوق، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، 2015-2016 ص 26.

      ([2]) محمد الشريف كتو، قانون المنافسة والممارسات التجارية وفقا للأمر 03-03 والقانون 04-02، منشورات بغدادي، الجزائر، 2010، ص 10.

      ([3])  لاكلي نادية, شروط حظر الممارسات والأعمال المدبرة في قانون المنافسة- دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري, الفرنسي والأوربي- , مذكرة ماجستير, كلية الحقوق, جامعة وهران, 2011/2012, ص62

       ([4]) أحمد محرز، الحق في المنافسة المشروعة في مجالات النشاط الاقتصادي، ار النهضة العربية، القاهرة، 1994، ص7.

        ([5]) حسين الماحي، تنظيم المنافسة ، دار النهضة العربية ، القاهرة، الطبعة الأولى، 2003 ص 53.

      ([6]) Louis Vogel, Traite de droit commercial, LGDJ, 2001,son numéro de  Page

      ([7])  لعور بدرة، محاضرات في مقياس قانون المنافسة  والممارسات التجارية، ألقيت على طلبة السنة أولى ماستر تخصص قانون الأعمال، كلية الحقوق جامعة محمد خيضر بسكرة، ص  07.

      ([8])  محمد الشريف كتو، المرجع السابق، ص 15

      ([9])  القانون 89-12 المؤرخ في 05 جويلية 1989 يتعلق بالأسعار، ج ر 89، 1989

       ([10]) الأمر رقم 95-06 المؤرخ في 25 يناير 1995، يتعلق بالمنافسة، ج ر العدد 09 ، 1995.

      ([11])  الأمر رقم 03-03 المؤرخ في 19 يوليو 2003، يتعلق بالمنافسة، ج ر العدد 43، 2003

      ([12])  القانون رقم 04-02 المؤرخ في 23 يونيو 2004، يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية، ج ر العدد 41، 2004.

      ([13])   قانون رقم 08-12 المؤرخ في 25 يونيو 2008، يعدل ويتمم الأمر 03-03 والمتعلق بالمنافسة، ج ر العدد 36، 2008

      ([14])  قانون رقم 10-05 المؤرخ في 15 غشت 2010، يعدل ويتمم الأمر 03-03 والمتعلق بالمنافسة، ج ر العدد 46، 2010.

      ([15])   تيورسي محمد، قواعد المنافسة والنظام العام الاقتصادي دراسة مقارنة، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه، كلية العلوم القانونية والإدارية، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، 2010-2011، ص 13

      ([16])  ساسان رشيد، خضوع الأشخاص المعنوية العامة لقانون المنافسة، مداخلة مقدمة في الملتقى الوطني حول قانون المنافسة بين تحرير المبادرة وضبط السوق، يومي 16 و17 مارس 2015، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة 08 ماي 1945، قالمة، 2015، ص5.

      ([17])  تيورسي محمد، مرجع سابق ص 20

      ([18])  ساسان رشيد، مرجع سابق ص6

      ([19])  تيورسي محمد، مرجع سابق ص 21

      ([20])  رشيد ساسان، مرجع سابق، ص7

      ([21])  المرجع نفسه.


  • Topic 2

    •  

      المحاضر ة الثانية:  نطاق تطبيق قانون المنافسة

      تكفلت المادتان الثانية والثالثة فقرة أ من قانون المنافسة بتحديد نطاق تطبيق هذا القانون،  وقد عرفت المادة الثانية التعديل مرتين سنة 2008، 2010، في حين عرفت المادة الثالثة فقرة أ التعديل مرة واحدة سنة 2008، وهي التعديلات التي وسع من خلالها المشرع الجزائري مجال تطبيق قانون المنافسة سواء من حيث الأشخاص أو الموضوع  على التفصيل التالي:

      أولا: نطاق تطبيق قانون المنافسة من حيث موضوع النشاط

      تنص المادة الثانية من قانون المنافسة على مايلي: " بــــغض الــــنـــظــــر عن كل الأحــــكـــام الأخـــرى المخالفة تطبق أحكام هذا الأمر على ما يأتي:

      - نــشـاطـات الإنـتـاج بمافـيـهــا الـنـشـاطـات الـفلاحـيـة وتـربــيـة المـواشـي ونـشـاطــات الـتـوزيع ومــنـهــا تـلك الـتي يـــقــوم بــهــا مــســتــوردو الـــســلع لإعــادة بــيــعـــهــا عــلى حــالــهــا والوكلاء ووسـطـاء بيع المـواشي وبـائعـو الـلحـوم بـالجمـلة ونــشـــاطــات الخـــدمــات والـــصــنـــاعــة الـــتــقـــلــيـــديــة والـــصــيــد البحـري وتلك التي يـقوم بـها أشخـاص معنـوية عمـومية وجمعيـات ومنظـمات مهـنية مـهما يـكن وضعهـا القانوني وشكلها وهدفها

      - الــصـــفـــقــات الـــعـــمــومـــيــة  بـــدءا بـــنــشـــر الإعلان عن المناقصة إلى غاية المنح النهائي للصفقة.

      غـــيــر أنه يــجب أن لا يـــعــيق تــطــبـــيق هــذه الأحــكــام، أداء مــهـــام المــرفق الــعـــام ممــارســة صلاحــيـــات الــســلــطــة العمومية".

      حددت هذه المادة النشاطات الاقتصادية المعنية بتطبيق قانون المنافسة، وهي نشاطات متعددة ومتنوعة، لا يشترط فيها المشرع أن يكون القصد منها تحقيق الربح فالعبرة في مدى تأثير النشاط على سوق السلعة و الخدمة، فمجال قانون المنافسة يمتد إلى تجمعات غير ربحية مثل النقابات و التعاونيات، متى كان لنشاطها تأثير على سوق الخدمة أو السلعة.

      ويظهر من خلال نص المادة الثانية سالفة الذكر أن المشرع الجزائري لم يتجاهل أي مرحلة من مراحل النشاط الاقتصادي حيث أن المؤسسة كما درج على تسميتها قد تكون منتجة للسلع أو موزعة لها أو مؤدية لخدمات ([1])، فقانون المنافسة يعنى بالنشاطات الاقتصادية التالية:

      - نشاطات الإنتاج: قدم لها المشرع الجزائري  في نص المادة الثانية مثالا ، يتعلق  بالنشاطات الفلاحية وتربية المواشي ، وقد سبق له ضمن قوانين مختلفة أن  عرف  هذه النشاطات فهي وفق نص المادة الثالثة من قانون حماية المستهلك وقمع الغش" العمليات التي تتمثل في تربية المواشي وجمع المحصول والجني والصيد البحري والذبح والمعالجة والتصنيع والتحويل والتركيب وتوضيب المنتوج بما في ذلك تخزينه أثناء مرحلة تصنيعه وهذا قبل تسويقه الأول" وقريبا من هذا التعريف عرف المرسوم التنفيذي 90-39 المتعلق برقابة الجودة وقمع الغش نشاطات الإنتاج بانها " جميع العمليات التي تتمثل بتربية المواشي وصنع المنتج وجنيه وتحويله وتوضيبه وتخزينه في أثناء صنعه وقبل أول تسويق له".

      - نشاطات التوزيع: هي نشاطات تتوسط عملية الإنتاج والتسويق أو البيع النهائي، ومرة ثانية تقدم لنا المادة الثانية أمثلة على سبيل الذكر لا الحصر  ويتعلق الأمر باستيراد الـــســلع لإعــادة بــيــعـــهــا عــلى حــالــهــا والوكلاء ووسـطـاء بيع المـواشي وبـائعـو الـلحـوم بـالجمـلة.

      - الخدمات: عرف المادة الثالثة  من قانون حماية المستهلك الخدمة بأنها" كل عمل مقدم، غير تسليم السلعة ، حتى ولو كان هذا التسليم تابعا أو مدعما للخدمة المقدمة"، وهذا يعني أن الخدمة هي كل أداء لا يتمثل في تسليم منتوج  

      - والصناعات التقليدية

      - الصيد البحري

      - الصفقات العمومية

      ثانيا: نطاق تطبيق قانون المنافسة من حيث الأشخاص

      شاء المشرع الجزائري أن يصف الأشخاص المعنيين بتطبيق قانون المنافسة الحالي بـ: "المؤسسة "، على خلاف اصطلاح" العون الاقتصادي" الذي كان يستعمله في ظل القانون 95-06 ، فنصت المادة 3 من قانون المنافسة على أنه " يقصد في مفهوم هذا الأمر بما يأتي:

      أ- المؤسسة: كل شخص طبيعي أو معنوي أيا كانت طبيعته يمارس بصفة دائمة، نشاطات الإنتاج أو التوزيع أو الخدمات أو الاستيراد"

      وهذا يعني أن قانون المنافسة لا يميز من حيث تطبيقه بين الأشخاص الطبيعية أو المعنوية ، التجار وغير التجار ، خاضعين للقانون العام أو الخاص،  فيطبق قانون المنافسة على:

      - التاجر  كما هو معرف في المادة الأولى من القانون التجاري بأنه" كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له"  فالمعنى ينصرف إلى التاجر الفرد الشخص الطبيعي، والتاجر الشخص المعني أي الشركات تجارية

      - الشركات المدنية: وهي التي يكون نشاطها مدنيا ولا تتخذ أي شكل من الأشكال المنصوص عليها في المادة 544 من القانون التجاري  

      - الحرفي: ويعرف الحرفي طبقا لنص المادة 10 من الأمر 96-01 بأنه "  كل شخص طبيعي مسجل في سجل الصناعة التقليدية والحرف ويمارس نشاطا تقليديا كما هو محدد في المادة 05 ويثبت تأهيله ويتولى بنفسه مباشرة تنفيذ العمل ، وإدارة نشاطه وتسييره وتحمل مسؤوليته ."

      ويلحق بالحرفي مقاولة الصناعة  التقليدية وهي حسب نص المادة 20 من الأمر 96-01 كل مقاولة مكونة حسب أحد الأشكال المنصوص عليها في القانون التجاري تمارس أحد  نشاطات  الصناعية التقليدية  المحددة  في المادتين 05، 06 من هذا الأمر، ويلحق به أيضا المقاولة الحرفية لإنتاج المواد والخدمات وهي كل مقاولة تنشأ وفق أحد الأشكال المنصوص عليها في القانون التجاري وتمارس نشاط الإنتاج أو التحويل أو أداء الخدمات كما هو محدد في المواد 05، 06 من هذا الأمر

      - الجمعيات: لم يتضمن القانون 03-03 عند صدوره نصا يخضع الجمعيات لتطبيق قانون المنافسة على خلاف ما كان عليه الأمر في ظل القانون 96-05 أين كانت المادة الثانية منه تنص صراحة على تطبيق قانون المنافسة على الجمعيات.

      غير أن المشرع تدارك الأمر بعد تعديل المادة الثانية بموجب القانون 08-12 أين نصت صراحة على خضوع الجمعيات لأحكام قانون المنافسة  وهو ما أكده أيضا التعديل الأخير بموجب القانون 10-05، ويقصد بالجمعية وفق القانون 12-06 " تجمع أشخاص طبيعيين أو معنويين على أساس تعاقدي لمدة محددة أو غير محددة

      ويشترك هؤلاء الأشخاص في تسخير معارفهم ووسائلهم تطوعا لغرض غير مربح..."

      - المنظمات المهنية: شانها شان الجمعيات أضيف إلى نطاق تطبيق قانون المنافسة بعد تعديل سنة 2008،

      -  الأشخاص المعنوية العمومية: واهمها الدولة الولاية البلدية  وبحكم تقديمها لخدمات عامة وقيامها بنشاط إداري فهي لا تخضع لقانون المنافسة ، وفي هذا الصدد نصت الفقرة الأخيرة من المادة الثانية على أنه" يجب ألا يعيق تطبيق هذه الأحكام أداء المرفق العام وممارسة صلاحيات السلطة العمومية"، أما إذا مارست نشاطا اقتصاديا إلى جانب نشاطها الأصلي بصفة ثانوية على سبيل الدوام فتخضع في هذا الجانب إلى قانون المنافسة 

      بالإضافة إلى ذلك ينصرف هذا الوصف إلى المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي بشرط أن تواجه منافسة في مجال نشاطها. ([2])

       



      ([1])  باطلي غنية مجال تطبيق قانون المنافسة في الجزائر، مجلة المفكر العدد الثاني عشر ص 340

      ([2]) باطلي غنية، المرجع السابق ص 339


  • Topic 3

    • المحاضرة الثالثة: مبادئ قانون المنافسة

      جاء الباب الثالث من قانون المنافسة تحت عنوان مبادئ قانون المنافسة متضمنا ثلاثة فصول الأول بعنوان حرية الأسعار والثاني بعنوان الممارسات المقيدة للمنافسة في حين جائ الفصل الثالث بعنوان التجمعات الاقتصادية ،  وهي فصول لا يعبر جميعها عن مبادئ قانون المنافسة ، إذ يجري في الفقه تناول  مبادئ قانون المنافسة على النحو التالي:

      أولا: مبدأ حرية الأسعار : يقصد بهذا المبدأ حرية المتعاملين الاقتصاديين في فرض الأسعار بعيدا عن الإدارة وهو مبدأ لقى اهتماما كبيرا من المشرع الجزائري بالنظر إلى أهميته ودوه في الاقتصاد  الوطني وقد تجسد هذا الاهتمام بالنص صراحة على هذا المبدأ في المادة 04 من قانون المنافسة التي جاء فيها" تحدد أسعار السلع والخدمات بصفة حرة وفقا لقواعد المنافسة الحرة والنزيهة"

      وهذا يعني أن الأسعار تحدد وفق قواعد العرض والطلب بعيد عن تدخل الإدارة أو السلطة العامة في تحديد السعر، وبعيد عن تأثير الأفراد على هذا القانون.

      غير أن هذا المبدأ ليس مبدأ عاما، فهو مقيد ابتداء بالشروط التي تتم فيها ممارسة حرية الأسعار  والمتعلقة قواعد المنافسة الحرة والنزيهة، واحترام أحكام التشريع والتنظيم المعمول بهما، ومراعاة قواعد الإنصاف والشفافية،

      فضلا عن ذلك نصت المادة 05 من قانون المنافسة على حالات استثنائية تلجأ فيها الدولة إلى تحديد الأسعار أو هوامش الربح نظرا لاعتبارات مختلفة في مقدمتها رعاية المصلحة العامة للبلاد ، وتشمل هذه الحالات الاستثنائية ما يلي:

      - تدخل الدولة لتحديد هوامش وأسعار السلع والخدمات والأصناف المتجانسة من السلع والخدمات أو تسقيفها أو التصديق عليها عن طريق التنظيم (م 5/1 من قانون المنافسة)،

      وقد كان المشرع يقيد هذا التدخل بشرطين: الأول كون السلع والخدمات ذات طابع استراتيجي وهو الشرط الذي تخلى عنه مع تعديل المادة 05 سالفة الذكر سنة 2010، بهدف توسيع مجال تدخل الدولة بهذا الصدد، أما الثاني فيتعلق بضرورة أخذ رأي مجلس المنافسة وهو الشرط الذي تخلى عنه أيضا بعد تعديل المادة 05.

      - تدخل الدولة لتحديد هوامش وأسعار السلع أو تسقيفها أو التصديق عليها على أساس اقتراحات القطاعات المعنية في ظروف استثنائية للأسباب التالية:

       • تثبيت استقرار مستويات أسعار السلع والخدمات الضرورية، أو ذات الاستهلاك الواسع في حالة اضطراب محسوس للسوق

      • مكافحة المضاربة بجميع أشكالها والحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك

      - تدخل الدولة في حالة الارتفاع المفرط وغير المبرر للأسعار  والذي قد يكون ناتجا عن اضطراب خطير في السوق أو حدوث كوارث طبيعية، أو صعوبات مزمنة وطويلة في التمويل داخل قطاع معين أو في منطقة جغرافية معينة أو في حالات الاحتكار الطبيعية، ومثلها أيضا ارتفاع الأسعار بسبب التضخم أو انخفاض قيمة العملة، وقد كانت المادة 05 في نصها الأصلي عند صدور قانون المنافسة تنص على أن هذه التدابير  تتخذ لمدة أقصاها ستة أشهر، كما تشرط ضرورة أخذ رأي المسبق مجلس المنافسة وهما الاجراءان اللذان تخلى عنهما المشرع بعد تعديل سنة 2010.

       ثانيا: مبدأ حرية التجارة والاستثمار والمقاولة

      وهو مبدأ دستوري إذ تنص المادة 61 من دستور 2020 على أن" حرية التجارة والاستثمار والمقاولة مضمونة وتمارس في إطار القانون"

      وهو مبدأ معروف من قبل فقد نصة المادة 37 من دستور 89 على أن"

      المادة 43 من التعديل الدستوري لسنة 43 على أن" حرية الاستثمار والتجارة معترف بها وتمارس في إطار القانون وتعمل الدولة على تحسين مناخ الاستثمار.."

      ويقصد بهذا المبدأ إعطاء الأفراد حق المساهمة في بناء الحياة الاقتصادية فكل شخص بإمكانه أن يزاول نشاطا تجاريا أو صناعيا،  كما يعني فتح ميدان النشاط التجاري أو الصناعي للنشاط الحر والمبادرة الحرة الخاصة دون قيود أو عوائق معينة باستثناء تلك التي تفرضها متطلبات الضبط الاقتصادي.

      وكسابقه لا يعد هذا المبدأ عاما إذ يرد عليه قيود تتعلق بالأنشطة المحتكرة من طرف الدولة نظرا لطبيعتها كنشاط تصنيع الأسلحة والذخيرة المحتكر من طرف وزارة الدفاع، وأخرى تتعلق بالأنشطة المقننة التي تحتاج إلى ترخيص مسبق من طرف الدولة لمن يريد ممارستها

      ثالثا: مبدأ حرية المنافسة

      إذا كانت المنافسة تعني تعدد القائمين بالنشاط الاقتصادي فحرية المنافسة تعني العمل في سوق يتعدد فيه الممارسون الاقتصاديون لنفس النشاط والاستمرار في هذه المنافسة دون قيود أو شروط

      فحرية المنافسة تعني حرية إقامة المشروعات حرية الانتقال أي عدم وجود قيود تحظر دخول السوق وتدفق رؤوس الأموال وتضيق حرية حركة رؤوس الأموال.

      رابعا: حظر الممارسات المقيدة للمنافسة: المنافسة بمفهومها الاقتصادي تعني الصراع بين مختلف المؤسسات من اجل كسب الزبائن غي أن هذا الصراع لا يعني الحرية المطلقة دون قيد أو شرط فقد تدخل المشرع كغيره من التشريعات المقارنة لوضع نظام يضبط هذه الحرية، وهو الهدف الأساسي من سن قوانين المنافسة في هذا الصدد نصت المادة الأولى من قانون المنافسة على أن هذا القانون " يهدف إلى تحديد شروط ممارسة المنافسة في السوق وتفادي كل ممارسات مقيدة للمنافسة، ومراقبة التجمعات الاقتصادية، قصد زيادة الفعالية الاقتصادية وتحسين ظروف معيشة المستهلكين"

      وعلي هذا الأساس تحظر نصوص قانون المنافسة الممارسات المقيدة للمنافسة ضمانا لعدم الإضرار بالاقتصاد الوطني، إلى جانب ذلك تخضع التجمعات الاقتصادية إلى رقابة مجلس المنافسة متى كانت تمس بالمنافسة وتفرز وضع الهيمنة على ما سيأتي تفصيله.

       

       

       

       

       

       


  • Topic 4

    •  المحاضرة الرابعة: الممارسات المقيدة للمنافسة

       

      تناول المشرع الجزائري الممارسات المقيدة للمنافسة ضمن الفصل الثاني من الباب الثاني المتعلق بمبادئ المنافسة، من خلال المواد من 6 إلى 12، ووصفت المادة 14  هذه الممارسات  الواردة في هذا المواد بانها ممارسات مقيدة للمنافسة.

      بالمقابل كان المشرع الجزائري في قانون المنافسة 95-06 الملغى ينص على الممارسات المنافية للمنافسة، وهو ما يدفعنا إلى طرح التساؤل حول الفرق بين المصطلحين؟

      بالرجوع إلى نص المادة الثانية من قانون 95-06  لا نجد تعريفا للممارسات المنافية للمنافسة، في حين نجدها تشمل وفق المواد ...

      - الاتفاقات المحظورة، التعسف في وضعية الهيمنة، الاحتكار ، البيع بأقل من سعر التكلفة، التجمعات، وتثير فكرة اعتبار التجمعات من الممارسات المقيدة للمنافسة التساؤل إذ هي من حيث الأصل غير محظورة وغنما تخضع لرقابة مجلس المنافسة لأنه قد تترتب عنها وضعية هيمنة

      بالمقابل نص قانون المنافسة 03-03 على الممارسات المقيدة للمنافسة والتي تشمل مايلي:

      الاتفاقات المحظورة، الاستغلال التعسفي لوضعية الهيمنة، الاستغلال التعسفي لوضعية التبعية الاقتصادية، القيود الاستئثاري، التخفيض التعسفي للأسعار.

      بالمقارنة فإن صور الممارسات المنافية للمنافسة في قانون المنافسة 95-06 هي تقريبا ذاتها صور الممارسات المقيدة للمنافسة في قانون المنافسة 03-03، باستثناء التجمعات الاقتصادية التي لاتعد من حيث الأصل ممارسة منافية للمنافسة، وباستثناء الاستغلال التعسفي لوضعية التبعية الاقتصادية

      غير أن يختلف في التشريعات المقارنة إذا يجري في هذه التشريعات  مشفوعة بآراء الفقه التمييز بين الممارسات المنافية للمنافسة وهي التي تمس مساسا مطلقا بالمنافسة وتظهر من خلال تصرفات ونشاطات المؤسسة في السوق، فتحظر حماية للسوق، وهي ممارسة أكثر خطورة، وعرقلتها للمنافسة بليغة، وبين الممارسات المقيدة للمنافسة التي تستهدف حماية المتعاملين في السوق وأصحاب العلاقات التجارية سواء تعلق الأمر بالمنتج في مواجهة الموزع أو العكس وهي أقل خطورة.

      وإذا ما أردنا تطبيق هذه التفرقة على قانون المنافسة الجزائري فيظهر أن الصور المنصوص عليها في المادة 6 من الفقرة 2 إلى 5 تمثل في الواقع ممارسات منافية للمنافسة بالمفهوم السابق في ممارسات تمس مساسا مطلقا بالمنافسة على غرار الحد من الدخول في السوق أو في ممارسة النشاطات التجارية فيها،  والهدف من حظرها حماية السوق، في حين يظهر أن الصور المنصوص عليها في الفقرتين 6، 7 من ذات المادة ، أو في المواد 10، 11 تشكل ممارسة مقيدة للمنافسة ومثلها ما هو منصوص عليه في المواد 18، 19 من القانون 04-02  فهي ممارسات يهدف حظرها إلى حماية المتعاملين في السوق.

      مع ذلك فإن المشرع الجزائري لا يعترف بهذه التفرقة وهي مسألة لها آثارها فيما يتعلق بالاختصاص القضائي لمجلس المنافسة على ما سياتي تفصيله.

      بعيد عن هذا النقاش فإن صور الممارسات المقيدة للمنافسة وفق قانون المنافسة 03-03 تشمل مايلي:

      أولا: الاتفاقات المقيدة للمنافسة

      نصت المادة 6 من قانون المنافسة صراحة على حظر  هذه الاتفاقات بقولها:

      تحظر الممارسات والأعمال المدبرة والاتفاقيات والاتفاقات الصريحة أو الضمنية عندما تهدف أو يمكن أن تهدف إلى عرقلة حرية المنافسة أو  الحد منها أو الإخلال بها في نفس السوق أو في جزء جوهري منه..."

       ما يلاحظ بداية هو أن المشرع الجزائري استخدم في نص هذه المادة مصطلحات متعددة (الممارسات، الأعمال المدبرة، الاتفاقيات، الاتفاقات الصريحة أو الضمنية) ولغرض تسهيل يجري في الفقه تناول هذه الممارسات تحت عنوان واحد هو الاتفاقات المقيدة للمنافسة،

      اعتبر المشرع هذه الأفعال غير المشروعة سواء كان الهدف منها قطعيا أو احتماليا دلت على ذلك عبارة " تهدف أو يمكن أن تهدف"

      وسع المشرع الجزائري من حالات الاتفاقات المقيدة للمنافسة مقارنة بنص المادة 06  من قانون المنافسة 65-06.

      أ/ يقصد بالاتفاق  المقيد للمنافسة "كل تنسيق في السلوك بين المشروعات أو أي عقد أو اتفاق ضمني أو صريح، أيا كان الشكل الذي  يتخذه هذا الاتفاق، إذا كان محله أو كانت الآثار المترتبة عنه من شأنها أن تمنع أو تقييد أو تحرف المنافسة، أو هو " توافق إرادة عونين اقتصاديين أو أكثر مستقلين كل واحد عن الآخر ليقرر اتباع سلوك بصفة مستقلة في السوق " بما يؤدي إلى الإخلال بحرية المنافسة داخل سوق واحدة للسلع أو الخدمات أو جزء منها

      وقد تكون الاتفاقيات أفقية، تتم بين مؤسسات اقتصادية لا تربطهم علاقة تبعية، يعملون في مجال اقتصادي مماثل أو متشابه ويسمى هذا الاتفاق أيضا ب" "cartel. وقد تكون رأسية بين أعوان اقتصاديين في مستويين مختلفين من العملية الإنتاجية، كالاتفاقات التي تتم بين المنتج لأحد السلع وموزعيها

      ب/ شروط اعتبار الاتفاقات مقيدة للمنافسة

      يظهر من خلال نص المادة 06 سالفة الذكر أنه لاعتبار الاتفاق مقيد للمنافسة لا بد من توافر الشروط التالية:

      - وجود اتفاق: بمعنى أن تظهر الممارسة في صورة اتفاق فالممارسات المستقلة لا تشكل اتفاق مقيدا للمنافسة، فلا بد من سلوك بين مؤسستين أو أكثر  في شكل اتفاق يؤدي إلى اتباع سياسات اقتصادية إنتاجية أو تسويقية  تهدف إلى تقييد المنافسة، ولا يشترط في هذا الاتفاق أن يكون مكتوبا  ولا حتى أن يكون صريحا، فقد يكون شفاهة وقد يكون ضمنيا.

      و أطراف  هذا الاتفاق  المخاطبون بنص المادة ­ 06 سالفة الذكر هم  الأشخاص الذي يشملهم مفهوم المؤسسة بالمعنى السابق المتضمن في المادة 02 من قانون المنافسة.

      على هذا الأساس لا تخضع الاتفاقيات التي  تبرم بين الشركة الأم وفروعها أو فيما بين فروع المؤسسات

      - أن يؤثر هذا الاتفاق على حرية المنافسة: أي من شأنه أن يؤدي إما بصفة قطعية إلى عرقلة حرية المنافسة أو الحد منها في نفس السوق أو جزء منه وهو ما يفهم من عبارة "إذا كانت تهدف"، وهو ما يمكن أن يعرف من مضمون الاتفاق ذاته، أو بصفة احتمالية بسبب الآثار التي يمكن أن تنتج عن هذا الاتفاق وهو ما عربت عنه ذات المادة ب" يمكن أن تهدف".

      أشكال الاتفاقات المقيدة للمنافسة

      تتخذ الاتفاقات المقيدة للمنافسة عدة أشكال  تم النص على سبيل المثال في المادة 06 سالفة الذكر على سبيل المثال لا الحصر وهو ما يفهم من عبارة " لا سيما"، على النحو التالي:

      • الحد من الدخول في السوق أو في ممارسة  النشاطات التجارية فيها، كالاتفاق على مقاطعة مؤسسة معينة، أو رفض التوريد الجماعي.

      تقليص أو مراقبة الإنتاج أو منافذ التسويق أو الاستثمارات أو مصادر التموين.

      • اقتسام  الأسواق أو مصادر التموين. تقسيما جغرافيا،  أو عن طريق تقسيم حصص الإنتاج أو التوزيع.

      • عرقلة تحديد الأسعار حسب قواعد السوق بالتشجيع المصطنع لارتفاع الأسعار آو انخفاضها.

      تطبيق شروط غير متكافئة لنفس الخدمات تجاه الشركاء التجاريين مما يحرمهم من منافع المنافسة.

      • إخضاع إبرام العقود مع الشركاء لقبولهم خدمات إضافية ليس لها صلة بموضوع هذه العقود سواء بحكم صيغتها أو حسب الأعراف التجارية.

      الاستثناءات

       أورد المشرع الجزائري على قاعدة حظر الاتفاقات المقيدة  للمنافسة استثناءات نص عليها بالمادة 9 من الأمر 03-03، وتتعلق الأمربـ:

      - الاتفاقات الناتجة عن تطبيق نص تشريعي أو تنظيمي اتخذ تطبيقا له.

      - الاتفاقات المؤدية إلى تحقيق تطور اقتصادي أو تقني

      - الاتفاقيات التي تساهم في تحسين التشغيل:

      - الاتفاقيات التي تسمح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتعزيز وضعيتها التنافسية في السوق.

             ويشترط في هذه الاتفاقيات أن تكون محل ترخيص من طرف مجلس المنافسة

      ثانيا: التعسف في استعمال وضعية الهيمنة

      عرفت المادة 03 من قانون المنافسة وضعية الهيمنة بأنها" الوضعية التي تمكن مؤسسة ما من الحصول على مركز قوة اقتصادية في السوق المعني من شأنها عرقلة قيام منافسة فعلية فيه وتعطيل إمكانية القيام بتصرفات منفردة إلى حد معتبر إزاء منافسيها، أو زبائنها أو ممونيها"

      ليس هناك ما يمنع قانونا من  وصول مؤسسة ما إلى وضعية هيمنة على سوق ما أو جزء منها، وإنما ما يمنع قانونا هو التعسف استغلال وضعية  الهيمنة في هذا الصدد تنص المادة 07 من قانون المنافسة على أنه" يحظر كل تعسف ناتج عن وضعية هيمنة على السوق أو احتكار لها أو على جزء منها.."

      وينبغي التمييز بين وضعية الهيمنة ووضعية الاحتكار ، فوضعية الاحتكار تنعدم فيها المنافسة ولا يكون للمؤسسة المحتكرة منافسين لها، خلافا لوضعية الهيمنة التي لا تفترض غياب منافسين للمؤسسة المهيمنة.

      شروط حظر الاستغلال التعسفي لوضعية الهيمنة:

      يظهر من خلال نص المادة 7 سالفة الذكر أنه يشترط لكي نكون أما حالة استغلال  تعسفي لوضعية الهيمنة لا بد من توافر شرطين  يتعلق الأول بوجود وضعية الهيمنة و الثاني بالاستغلال التعسفي لهذه الوضعية .

      • وجود وضعية الهيمنة: خضع المشرع الجزائري المؤسسات التي تحتل وضعيات الهيمنة لرقابة مجلس المنافسة طبقا لأحكام المرسوم التنفيذي 05-175، غير أنه بالرجوع إلى هذا المرسوم و إلى الأمر 03-03 لا نجد أي إشارة إلى المعايير التي تتم على أساساها تقدير وضعية الهيمنة، خلافا لما هو عليه الحال في ظل  المرسوم التنفيذي 2000- 314 ([1])  الذي صدر تطبيقا النصوص الأمر  95-06، والذي يحدد المقاييس التي تمثل وضع الهيمنة في السوق أو جز منه كما يلي:

      - حصة  السوق التي يحوزها المؤسسة المهيمنة مقارنة بالحصة التي تحوزها كل المؤسسات الأخرى الموجودة في نفس السوق.

      - الامتيازات القانونية أو التقنية التي تتوفر لدى المؤسسة المهيمنة المعنية.

      -العلاقات المالية أو التعاقدية أو الفعلية التي تربط المؤسسة المهيمنة بباقي المؤسسات

      - امتيازات القرب الجغرافي التي تستفيد منها المؤسسة المعنية.

      رغم إلغاء المرسوم التنفيذي 2000- 314 سالف  الذكر  بموجب نص المادة 73 من الأمر 03-03

      إلا أن مجلس المنافسة لا يستبعد تطبيقها لا سيما فيما يتعلق منها بمعيار حصة السوق.

       •الاستغلال التعسفي لوضعية الهيمنة : ويحدث في حالة ما إذا كان للمؤسسة كامل الحرية في تحديد السياسة التجارية التي تخدم مصالحها، استعمال هذه الحرية للحد من المنافسة بين مختلف البائعين أو لأضعاف قدرة البعض على منافسه البعض الأخر ([2])

      ثالثا: التعسف في استغلال وضعية التبعية الاقتصادية

      وفق نص المادة 03 من قانون المنافسة فإن وضعية التبعية الاقتصادية هي " العلاقة التجارية التي لا يكون فيها لمؤسسة ما حل بديل مقارن إذا أرادت رفض التعاقد بالشروط التي تفرضها عليها مؤسسة أخرى سواء كانت زبونا أو ممونا"

      وقد أكدت على حضر هذه الوضعية المادة 11 من قانون المنافسة بقولها" يحظر على كل مؤسسة التعسف في استغلال وضعية التبعية لمؤسسة بصفتها زبونا أو ممونا إذا كان ذلك يخل بقواعد المنافسة."

      وواضح كما هو الحال في وضعية الهيمنة فإن لا المشرع لا يحظر التبعية الاقتصادية وإنما يحظر التعسف في استغلالها وهذا يعني أنه لا بد لدخول هذه الممارسة تحت طائلة الحظر لا بد من توافر شرطين:

      - الشرط الأول: وجود وضعية التبعية الاقتصادية: وتتحقق من خلال وجود علاقة تجارية بين مؤسستين مستقلتين من الناحية القانونية عن بعضهم، بحيث تكون الأولى في مركز اقتصادي قوي يجعلها تابعة في حين تكون الثانية في مركز ضعف يجعلها تابعة.

      -عدم وجود حل بديل يسمع للمؤسسة التابعة من الإفلات من سيطرة المؤسسة المتبوعة.

      وتأخذ هذه التبعية شكلين: فقد تكون تبعية الزبون للمون  وتعرف من خلال حصة المؤسسة الممونة في رقم أعمال المؤسسة الزبون ، وقد تكون تبعية الممون للزبون ويكون سببها في الغالب القوة الشرائية للزبون.

      - الشرط الثاني: التعسف في استغلال هذه الوضعية بما يضر المنافسة: ويأخذ هذا التعسف الصور التالية:

      أ/ رفض البيع دون مبرر شرعي: أ ي رفض المؤسسة بيع سلعة أو أداء خدمة لمؤسسة أخرى دون مبرر شرعي  مستغلة كون هذه الأخيرة في وضعية تبعية اقتصادية لها.

      ب/ البيع المشروط:  ويشمل ثلاث صور تتمثل في:

                  - البيع المتلازم: البيع المتلازم هو الذي تشترط فيه المؤسسة الممونة بحكم مركزها الاقتصادي أن يقترن باقتناء منتوج آخر من نوع مخالف حتى ولو كانت المؤسسة الزبون ليست في حاجة إليه.

               - البيع المقترن باقتناء كمية دنيا: وهو البيع الذي تشترط فيه المؤسسة المتبوعة على المؤسسة التابعة لها اقتصاديا اقتناء كمية دنية من المنتوج، مستغلة ضعف المؤسسة التابعة وعدم امتلاكلها حلولا بديلة,

             - الإلزام بإعادة البيع بسعر أدنى: في هذا البيع تقوم المؤسسة المتبوعة بتحديد أسعار البيع و إجبار المؤسسة التابعة لها بإعادة بيع منتجاتها بسعر أدنى، ويمس هذا الشرط بمبدأ حرية الأسعار لذا يعد من الممارسات المحظورة.

      د/ قطع العلاقات التجارية: لمجرد رفض المتعامل الخضوع لشروط تجارية غير مبررة،  كحصر مجالات التوزيع،

      وتجدر الملاحظ أخيرا أن هذه الصور ذكر ها المشرع سبيل المثال لا الحصر  وهو ما يفهم من الفقرة الأخيرة التي تضمنتها المادة 11 التي جاء فيها :"... كل عمل آخر من شأنه أن يقلل أو يلغي منافع المنافسة داخل سوق"،على هذا الأساس فغن  كل تصرف يصدر من مؤسسة متبوعة  تجاه مؤسسة تابعة تتضمن تعسفا، يعتبرا صورة من صور الممارسات التعسفية لوضعية التبعية الاقتصادية، وتقع تحت طائلة الحظر .

      رابعا: عرض أو ممارسة أسعار بيع مخفضة بشكل تعسفي

      نص المشرع الجزائري على هذه الممارسة المقيدة للمنافسة  بالمادة 12 من الأمر 03-03 التي جاء فيها :"يخطر عرض الأسعار أو ممارسة أسعار بيع مخفضة بشكل تعسفي للمستهلكين مقارنة بتكاليف الإنتاج والتحويل والتسويق، إذا كانت هذه العروض أو الممارسات تهدف أو يمكن أن تهدف إلى إبعاد مؤسسة أو عرقلة أحد منتوجاتها من الدخول إلى السوق".

      وهذا يعني أنه حتى نكون بصدد ممارسة تتضمن عرض أو ممارسة أسعار بيع مخفضة بشكل تعسفي لابد  من قيام المؤسسة ببيع أو عرض منتوجاتها للمستهلك بأسعار منخفضة، بأقل من سعر الإنتاج أو التحويل أو التسويق، ولا بد أن يكون الغرض من ذلك هو الاستحواذ على السوق، وهو ما يخل بمبادئ المنافسة.

      شروط حضر عرض أو ممارسة أسعار بيع مخفضة بشكل تعسفي

      يظهر من خلال نص المادة 12 سالفة الذكر أنه حتى نكون بصدد عرض أو ممارسة أسعار بيع مخفضة لا بدمن توافر الشروط التالية:

      ·         عرض أو ممارسة أسعار بيع مخفضة: إذا ساوى المشرع الجزائري بين عملية البيع بأسعار مخفضة وبين مجرد العرض،

      ·         أن يكون العرض أو البيع موجه للمستهلكين وهذا يعني استبعاد،  الممارسات التي تكون بين للمؤسسات، وواضح أن المشرع يستهدف بهذا الشرط حماية المستهلك الذي قد يصبح ضحية هذه المؤسسات التي تعرض أو تمارس أسعار بيع مخفضة، فيما لو  استحوذت على السوق، إذ يغلب أنها ستسعى إلى تعويض الخسارة برفع أسعار السلع المحتكرة من طرفها.

      ·         أن يكون التخفيض تعسفيا، ويكون كذلك، توافر سوء النية، وعدم التناسب بين سعر العرض أو البيع وتكاليف الإنتاج والتحويل والتسويق، وهذا يعني أن البيع بسعر منخفض ليس ممنوعا لذاته ،حتى ولو كان بأقل من سعر السوق متى كان معقولا يتناسب  وتكاليف الإنتاج والتحويل والتسويق.

      ·          أن يؤدي هذا التعسف إلى أبعاد مؤسسة أخرى أو عرقلة  أحد منتوجاتها من الدخول إلى السوق، أو إمكانية ذلك، وهو ما نصت عليه المادة 12 صراحة.

      خامسا:  الممارسات الاستئثارية

      على خلاف الممارسات السابقة التي كانت محظورة في طل الأمر 95-06 الملغى، نص المشرع  على حضر  العقود الاستئثارية لأول مرة بموجب  المادة 10 من الامر03-03 المتعلق بالمنافسة، والتي حررت في نصها الأصلي:" يعتبر عرقلة لحرية المنافسة أو حد منها أو إخلال بها كل عقد شراء استئثاري يسمح لصاحبه باحتكار التوزيع في السوق"، وهذا يعني أن الحظر يتعلق هنا بعقود الشراء فقط التي تستأثر بموجبها المؤسسة مما تمكنها من احتكار عملية التوزيع في السوق،

      عرفت هذه المادة سنة  2008  لتصبح محررة على النحو الآتي :"يعتبر عرقلة لحرية المنافسة أو الحد منها أو الإخلال بها ويحظر كل عمل و/أو عقد مهما كانت طبيعته وموضوعه يسمح لمؤسسة بالاستئثار في ممارسة  نشاط يدخل في مجال تطبيق هذا الأمر".

      وهذا يعني أن المشرع الجزائري وسع من دائرة الاستئثار إلى كل عمل أو عقد  مهما كان  طبيعته أو موضوعه، بعد أن كان محصورة في عقود الشراء، كما وسع من دائرة النشاطات بعد والتي كانت  يتعلق بنشاط  التوزيع فقط ،  لتصبح تشمل النشاطات الداخلة في مجال  تطبيق قانون المنافسة.

      1- شروط حظر العمل و/أو العقد الاستئثاري:

      حسب نص المادة 10من الامر03-03 المتعلق بالمنافسة المعدلة بالمادة 06 من القانون 12-08 لحظر العمل و/أو العقد الاستئثاري لابد من توافر الشروط الآتية:

      ·        وجودعمل و/أو عقد: بغض النظر عن طبيعة هذا العمل أو العقد وموضوع2

      ·       -استئثار المؤسسة بممارسة النشاط: ويقصد بذلك انفراد المؤسسة بالمفهوم الوارد في نص المادة 03 سالف الذكر، بممارسة النشاطات في السوق بتفضيل نفسها على بقية المؤسسات في اختيار أحسن مركز تنافسي في السوق، بممارسة نشاط من النشاطات المحددة بنص المادة 2 من الامر03-03 ويخرج من دائرتها الصفقات العمومية لأنها لا تعتبر نشاط.

      ·        تقييد  المنافسة والمساس بها: أثرت سلبا على المنافسة، وأدت إلى تقييدها أو المساس بها.

       



      ([1])  المرسوم التنفيذي رقم 2000-314 المؤرخ في 14 أكتوبر 2000، يحدد المقاييس التي تثبت أن العون الاقتصادي في وضعية هيمنة، وكذلك مقاييس الأعمال الموصوفة بالتعسف في وضعية الهيمنة، ج ر 61

      ([2])  كتو محمد الشريف، المرجع السابق، ص 48


  • Topic 5

    • المحاضرة الخامسة: التجميعات الاقتصادية

      Les Groupes Economiques

      تعتبر التجميعات الاقتصادية أحد أهم الآليات التي تلجأ إليها المشروعات في إطار ما يعرف بالتركيز الاقتصادي بهدف تعزيز قدراتها التنافسية، وقوتها وكفاءتها الاقتصادية.

      إلا أن وجود هذه التجمعات ضمن شروط معينة قد يؤدي إلى المساس بمبادئ المنافسة، لذا وحفاظا على هذه المبادئ أخضع المشرع التجمعات للرقابة المسبقة من طرف مجلس المنافسة، على هذا الأساس سنتناول مفهوم التجميعات الاقتصادية أولا ثم آليات الرقابة عليها ثانيا

      أولا: مفهوم التجميعات الاقتصادية

      لم يعرف المشرع الجزائري التجميعات الاقتصادية، وإنما اكتفى بإيراد الآليات التي يتم من خلالها التجميع في المادة 15 من قانون المنافسة، في حين يعرف لدى البعض بأنه "تكتل أو تجمع مؤسستين أو أكثر ضمن تشكيلة قانونية معينة بغية إحداث تغيير دائم في هيكلة السوق مع فقدان كل المؤسسات المتجمعة لاستقلاليتها تعزيزا للقوة الاقتصادية بمجموعها" ([1])، أو هو " تكتل تفد فيه المؤسسات مجتمعة استقلاليتها لتعزيز القوة الاقتصادية للمجموعة ينشأ إما بالاندماج أو بممارسة النفوذ الكيد والدائم على نشاط المؤسسة في صورة المراقبة أو بإنشاء مؤسسة مشتركة ويحقق ما يساوي أو يقل عن 40 بالمئة من المبيعات أو المشتريات المنجزة في السوق بشكل لا يؤدي إلى المساس بالمنافسة" ([2]).

      بناء على ما سبق فإن الهدف من التجمع هو تعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات ممارسة، لذا لا يعتبر من حيث الأصل محظورا، وإنما يخضع لرقابة مجلس المنافسة ضمن شروط معينة، بخلاف العمليات المقيدة للمنافسة التي تعتبر محظورة كأصل عام إلا ما استثني بنص.

      وبناء على ما سبق أيضا ينبغي التفريق بين التجميعات الاقتصادية، والتجمع أو ما يطلق عليه في بعض التشريعات التجمعات ذات المنفعة الاقتصادية(Les groupements d'intérêt économique)

      وإذ حسب نص المادة 796، فإن التجمع ينشأ بين شخصين معنويين أو أكثر  بموجب عقد مكتوب، ولفترة محدودة من أجل تطبيق كل الوسائل الملائمة لتسهيل النشاط الاقتصادي لأعضائه أو تطويره وتحسين نتائج هذا النشاط وتنميته،  فالهدف من التجمعات هو تحقيق منفعة اقتصادية عامة لأعضائه، في حين هدف التجميعات تعزيز القوة الاقتصادية للمجموعة.

      فضلا عن ذلك تنشأ التجمعات لمدة محدودة خلاف التجميعات الاقتصادية التي  تنشأ لمدة غير محدودة، كما تأخذ  شكلا واحدا التجمعات وتكون بين أشخاص معنوية في حين تأخذ أطراف التجميعات الاقتصادية أشكالا متعددة ويمكن أن تكون أشخاص طبيعية أو معنوية.

      ثانيا: أشكال التجميعات شكال التجميعات الاقتصادية :

      يتم التجميع الاقتصادي حسب نص المادة 15 من الأمر 03-03 بواسطة الاندماج، أو المراقبة، أو المؤسسة المشتركة،

       1- الاندماج: نص المشرع الجزائري على الاندماج بالمادة 15 الفقرة 1 من الأمر 03-03 المتعلق بالمنافسة، ونظمه بالمواد 744 إلى 764 من القانون التجاري الجزائري، ويكون الاندماج بالضم أو المزج،

      2-الاستحواذ: الاستحواذ عملية قانونية بين تحصل بموجبها شخص طبيعي أو معنوي على كل أو بعض حصص رأسمال إحدى الشركات سواء بالاتفاق مع الإدارة أو بدون يفضي إلى السيطرة على مجلس إدارة الشركة المستحوذ عليها ،

      وقد أعطى المشرع صورا لآلياته بنص بالمادة 15 الفقرة 2 من الأمر 03-03   وتتمثل في:

       - حصول شخص أو عدة أشخاص طبيعيين  لهم نفوذ على مؤسسة على الأقل،

       - حصول مؤسسة أو عدة مؤسسات على مراقبة مؤسسة أو عدة مؤسسات أو جزء منها، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، عن طريق أخذ أسهم في رأس المال أو عن طريق شراء عناصر من أصول المؤسسة أو بموجب عقد أو بأي وسيلة أخرى..."،

      والمقصود بالمراقبة هنا حسب نص  16 المراقبة الناتجة عن قانون العقود  أو عن طرق أخرى تعطى بصفة فردية أو جماعية حسب الظروف الواقعة، إمكانية ممارسة النفوذ الأكيد والدائم على نشاط مؤسسة، لاسيما فيما يتعلق بما يأتي:

      -حقوق الملكية أو حقوق الانتفاع على ممتلكات مؤسسة أو جزء منها.

      -حقوق أو عقود المؤسسة التي يترتب عليها النفوذ الأكيد على أجهزة المؤسسة من ناحية تشكيلها أو مداولاتها أو قراراتها "وعليه يعتبر الاستحواذ.

      3-المؤسسة المشتركة: وتنشأ بين مؤسسين أو مجموعتين متنافستين عادة من أجل تحقيق أهداف مشتركة في مجال البحث أو التطوير، أو في مجال الإنتاج الصناعي وغالبا ما توضع هذه المؤسسة  تحت رقابة الشركتين الأم بالتساوي، حيث تمتلك كل شركة أم من الشركتين نصف أسهم المؤسسة المشتركة وكذا حقوق الانتخاب في جمعية المؤسسة المشتركة ([3]) ،

      رابعا: الرقابة على التجميعات الاقتصادية

      لأن التجميعات الاقتصادية قد يترتب عنها المساس بمبادئ المنافسة  ألزم المشرع الجزائري صرحة في نص المادة 17 بضرورة التبليغ عن كل تجمع من شأنه المساس بالمنافسة لا سيما إذا تعلق الأمر بوضعية الهيمنة، ويكون التبليغ لمجلس المنافسة والذي يبت في طلب الإذن([4]) بالتجميع في أجل ثلاثة أشهر  م 17، بعد أخذ رأي الوزير المكلف بالتجارة م 19، وفي كل الأحوال ينبغي ألا يتخذ التجمع خلال هذه الفترة أي إجراء من شأنه أن يجعل التجمع لا رجعة فيه. م 20

      وترجع السلطة التقديرية لمجلس المنافسة في قبول التجميع أو رفضه بقرار معلل، كما يمكن لمجلس المنافسة أن يقرن قبوله بشروط من شأنها أن تخفف من آثار التجميع على المنافسة، كما يمكن للمؤسسات المكونة للتجميع أن تلتزم من تلقاء نفسها بتعهدات والتزامات من شأنها التخفيف من آثار التجميع على المنافسة.

      واستثناء على الإجراءات السابقة أجاز المشرع للحكومة أن ترخص بالتجميع الذي كان محل رفض من طرف مجلس المنافسة  بطلب من الأطراف،  وذلك بناء  على تقرير الوزير المكلف بالتجارة والوزير الذي يتبعه القطاع المعني بالتجميع، كما فوض المشرع للحكومة أيضا الترخيص للتجميعات في حالة إن لمصلحة العامة اقتضت ذلك. م 21

      يظهر مما سبق أن المشرع الجزائري يخضع التجميعات لرقابة مجلس المنافسة متى كان من شانها المساس بالمنافسة، وهي فكرة مرنة تخضع لتقدير مجلس المنافسة الذي بلجا إلى تقدير الآثار الحالة والمحتملة للتجميع على المنافسة، وذكر المشرع الجزائري مثالا على هذا المساس ويتعلق الأمر بوضعية الهيمنة على السوق، وتتحقق هذه الوضعية حينما يكون التجميع يرمي إلى تحقيق حد يفوق 40٪ من المبيعات والمشتريات المنجزة في السوق م 21 مكرر.



      ([1]) Jean Bernard blaise et Richard Desgorce, droit des affaires, 8 édition, Lesctenso édition, Issy-les-Moulineaux, France, 2015, p 452

      ([2])  لعور بدرة، آليات مكافحة جرائم الممارسات التجارية في التشريع الجزائري، مذكرة دكتوراه، تخصص قانون أعمال، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر، بسكرة، 2013-2014، ص 135.

      ([3])  لعور بدرة، المرجع السابق، ص 142

      ([4])  نظم  المشرع الجزائري الإجراءات المتعلقة بطلب تقديم الترخيص بالتجميع من خلال المرسوم التنفيذي رقم 05-219 المؤرخ في 22 جوان 2005، يتعلق بالترخيص لعميلة التجميع، ج ر رقم 43.