مخطط الموضوع

  • الدرس الأول:

    • الدرس الأول:

       

      الأهداف التعليمية:

      يستهدف الدرس من خلال المادة التعليمية تحقيق الغاية التالية:

      -         أن يتمكن الطالب من استيعاب مدلول الاستثمار- الاستثمار العقاري.

      -         أن يلم الطالب بدلالات ومفهوم  العقار الموجه للاستثمار

      -         أن يتمكن الطالب من معرفة مكانة العقار الصناعي – الفلاحي- الحضري...في الدور التنموي لاقتصاديات الدول.

       

      تمهيد:

           تظهر أهمية الاستثمار في مجال العقار  من خلال الدور الهام والحيوي الذي يلعبه العقار بمختلف أنواعه في ازدهار الدولة والمواطن معا في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والفلاحية والسياحية والصناعية...

      حيث يعتبر وعاء للاستثمارات المختلفة ، ورافعة أساسية للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها، مما ينتج عنه دفع في عجلة نمو وازدهار الدولة وزيادة في الدخل من جهة ، ومن جهة أخرى تحسين ظروف معيشة المواطن وتوفير مناصب شغل، خاصة في الوقت الحالي حيث تمر الجزائر بتحولات سياسية واقتصادية وديمغرافية متسارعة.

      ففي مجال التخطيط والتهيئة العمرانية  يعتبر العقار الضامن لتجسيد المبدأ الدستوري المتمثل في حق المواطن في السكن، وبالتالي تحقيق العيش الكريم للمواطن والمساهمة في حركة التنمية لاسيما بعد اطلاق الدولة لمشروع مليون سكن بمختلف الصيغ للمرحلة القادمة حسب خطاب رئيس الجمهورية الأخير، وما يرافق كل هذه العملية من خلق تجمعات سكنية ومدن جديدة ، والقضاء على البيوت الهشة والقصديرية.

      وعلى مستوى العقار الاقتصادي يلعب العقار دورا رئيسا في تنمية الاستثمار في كافة القطاعات الحيوية في البلاد، على غرار حصر العقار الصناعي وترشيد استغلاله وتوجيهه للمشاريع ذات الأولوية حسب السياسة المتبعة في هذا الشأن .

      أما العقار السياحي فيجب تدعيمه ببنيات تحتية للسير نحو الاستثمار الأمثل لهذا النوع من الثروات العقارية.

      وفيما يخص العقار الفلاحي : تعتبر حماية العقار الفلاحي واستغلاله ضرورة قصوى في المرحلة المقبلة خاصة مع تدني أسعار النفط، وضرورة اعتماد الدولة كأولوية الانتاج الداخلي للغذاء بدل استراده، مما يحقق اكتفاء ذاتي في المرحلة الأولى ويكبح حركة الاستيراد من الخارج المكلفة للخزينة. كل هذا في ظل تحديات معقدة يواجهها العقار الفلاحي خاصة تلك المتعلقة بانحصاره بسبب التوسع العمراني على حساب العقار الفلاحي أو ما يسمى بالغزو الاسمنتي للعقار الفلاحي.

      وعلى مستوى العقار الوقفي نجد المشرع صنف هذا النوع من الأملاك في المادة23 من القانون 90/25 المتعلق بالتوجيه العقاري، حيث عرفت الجزائر منذ عقود ازدهار في الاعمال الخيرية المتعلقة ببناء المساجد ودور التعليم القرآني وشق الطرقات وحفر الآبار....،  وباعتبار الاملاك الوقفية جزء مهم من ثروة المجتمع الجزائري يمكن ان تلعب دورا هاما من خلال مساهمتها الفعالة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والاستفادة من ريعها في استدامة التنمية في الجزائر.

      كل هذه الثروات العقارية يمكن استغلالها على أحسن وجه بعد  حصرها بدقة  بغية ترشيد  استغلالها بكيفية تضمن حقوق الأجيال المستقبلية فيها  .

       

      المطلب الأول : مفهوم العقار

          لقد عرف المشرع الجزائري العقار بكونه ذلك  الشيء الثابت المستقر في مكانه الغير قابل للنقل منه إلى مكان آخر بدون تلف وجاء ذلك في التقنين المدني الجزائري.

      الفرع الأول : تعريف العقار .

          تطرق المشرع المدني الجزائري الى تعريف العقار في المادة  683 من القانون المدني، والتي تنص على أنه : ” كل شيء مستقر بحيزه وثابت فيه ولا يمكن نقله منه دون تلف فهو عقار وكل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول".[i]

        وبالتالي فالمشرع الجزائري قسم الأشياء إلى عقار ومنقول, وقد عرف العقار بأنه كل شيء, مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف كالأرض والمباني, ثم يبين أن المنقول هو كل شيء ما عدا العقار كالنقود والملابس ومع ذلك جعل القانون بعض المنقولات عقارات بالتخصيص, كما جعل بعض العقارات منقولات بحسب المآل كما سنرى لاحقا.

      الفرع  الثاني: أنواع العقار

        إن مدلول مصطلح عقار  تنصب في الأساس على الأرض سواء كانت مبنية أو غير مبنية، وما يتصل بالأرض من منشآت أو أشجار أو مبان أو أغراض أخرى، ويضم هذا الوصف كل المنقولات المرصودة أو المخصصة لخدمة العقارات، ومنه يمكن تقسيم أنواع العقارات كالتالي:

      أولا / العقارات بحسب طبيعتها:

        وهي كل الأشياء المادية التي يكون لها بالنظر إلى كيانها موقع ثابت غير متنقل، ويشمل بذلك الأرض وما يتصل بها على وجه الاستقرار من مبان ونباتات وأشجار...[ii]، ومن أمثلة ذلك الأراضي بشتى أنواعها سواء الزراعية أو معدة للبناء أو أجزاء منها ، كل البنايات من عمارات ودور ..الخ، وكل المنشآت الملتصقة بالأرض كالجسور  والسدود والأجهزة، وكل النباتات والمغروسات الثابتة في الأرض بجذورها ، فكل هذه الأشياء تأخذ طبع العقار بحسب طبيعته، أما إذا تم فصلها عن الأرض فتأخذ طبع المنقول.[iii]

      ثانيا / العقار بحسب موضوعه:

        جاء في المادة 684 من القانون المدني الجزائري:" يعتبر مالا عقاريا كل حق عيني على عقار بما في ذلك حق الملكية ، وكذلك كل دعوى تتعلق بحق عيني على عقار."[iv]

      فكافة الحقوق العينية الأصلية وكافة الحقوق العينية التبعية تعتبر عقارا إذا كان موضوعها عقارا، غير أنها تعتبر منقولا إذا كان موضوعها منقولا. [v]

      ثالثا /  العقار بالتخصيص:

        وأضاف المشرع الجزائري في الفقرة الثانية من المادة683 من القانون المدني :" غير أن المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله يعتبر عقارا بالتخصيص."[vi]

        وبالتالي فالعقارات بالتخصيص هي منقولات منحت لها على سبيل المجاز صفة العقار لأنها معدة لخدمة عقار أو استغلاله أو مخصصة له، وهي حيلة قانونية تمكن من شمول أحكام العقار على المنقولات التي أعدت لخدمة هذه العقارات أو استغلالها لتأمين الاستمرار في الخدمة والاستغلال ومنعا لما يترتب على بقاء طبيعتها المنقولة من أحكام وفصلها عن العقار مما يعطل المنفعة والاستغلال.[vii]


    • فتحت: Wednesday، 4 October 2023، 12:00 AM
      تستحق: Wednesday، 11 October 2023، 12:00 AM


      - ما أهمية التمييز بين العقار والمنقول؟

  • الدرس الثاني:

    • الدرس الثاني:

      الأهداف التعليمية:

      يستهدف الدرس من خلال المادة التعليمية تحقيق الغاية التالية:

      -         أن يتمكن الطالب من استيعاب الأسس المحورية للاستثمار العقاري.

      -         أن يلم الطالب بدلالات فكرة الاستثمار والعقار

      -          أن يحيط الطالب بالدور الهام للثروات العقارية في استدامة التنمية

      -          أن يتمكن الطالب من معرفة مكانة العقار الصناعي في الدور التنموي.

       

           الأسـس القاعــدية للاستثمار في مجال العقار

       

            يعتبر العقار من أبرز مظاهر الثروة لدى المجتمعات والدول، ما أدى إلى زيادة الطلب عليه بمختلف أنواعه باعتباره ثروة دائمة. 

        وهذا الدور جعل العقار من أبرز المحاور التي تساهم بشكل مباشر في التنمية الشاملة للمجتمعات والدول باختلاف أنظمتها السياسية والاقتصادية، ولأنه يعتبر وعاء للمشاريع العامة والخاصة، ومصدر من مصادر الثروة لأنه حافز قوي لجلب الاستثمارات الوطنية والأجنبية من خلال إقامة المشاريع وبالتالي دفع جلة التنمية .

           إن طبيعة موضوع استثمار العقار وتشعب محاوره تقتضي الاطلاع على مختلف النصوص القانونية ذات الصلة بالأملاك العقارية وتنظيمها، وتتبع تطورها ومختلف التعديلات التي أدخلت عليها في سبيل تطهير الملكية العقارية واستغلالها، مع تحليل كل تلك الأحكام القانونية على ضوء أراء الفقهاء، وسعيا منا قدر المستطاع على أن لا  تقتصر دراستنا على الجانب النظري فقط، سنحاول التركيز على الجانب العملي، للوقوف على ما فرضته الحياة الواقعية من مسائل معقدة تستلزم تدعيم النصوص القانونية بما توصل إليه الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا ومجلس الدولة، قصد إعطاء نظرة أكثر شمولا واتساعا لما يهدف إليه هذا البحث.

        ومن أجل اقتراح بعض الحلول لابد من الاطلاع على تجارب بعض الدول، لاسيما تلك التي تشترك مع الجزائر في واقعها السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي وغيرها من العوامل المؤثرة،  وسنقسم هذا الدرس على النحو التالي بيانه:

      المحور الأول: الإطار المفاهيمي ولمحة عن أصناف الأملاك العقارية في الجزائر

      1-     ثنائية الاستثمار والعقار

      2-     مدلول التنمية المستديمة في التشريعات الوطنية والدولية، وفي الشريعة الاسلامية

      3-     تنوع أصناف الأملاك العقارية: - الأملاك العقارية العامة- الأملاك العقارية الخاصة- الأملاك الوقفية.

      4-     تطور الملكية العقارية في الجزائر: الوقوف على الوضعية العقارية المعقدة الموروثة عن الاستعمار، وكذا استشراف متطلبات تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية.

      5- علاقة العقار باستدامة التنمية:

      أ‌-      العقار وعاء حيوي واستراتيجي لكل القطاعات

      ب‌-    العقار يشجع الاستثمار الداخلي والخارجي ومدر للدخل وموفر لفرص الشغل.

      ت‌-    العقار أرضية لانطلاق المشاريع التنموية في مختلف المجالات الفلاحية والصناعية والسياحية والسكنية.

      المحور الثاني: واقع تنمية واستثمار العقار في الجزائر

      1-     العقار الحضري:

              -العقار آلية تملكها الدولة لضبط وتنظيم حركة العمران وتوفير السكن .

            - يعتبر العقار عنصرا  ارتكازيا تعتمد عليه الدولة في مجال تحقيق مبدأ حق المواطن في الحصول على سكن.

           - تطوير سياسة الدولة في مجال التهيئة والتعمير والتخطيط والعدالة ومحاربة الجهوية الاقصاء.

      2- العقار الفلاحي:

                  -تشخيص أزمة العقار الفلاحي وتآكل مساحته بسبب التوسع العمراني.

                  - تعزيز  آليات حماية واستغلال العقار  الفلاحي.

      3- العقار الصناعي:

                   - تشجيع انتاج وتوفير العقار الصناعي وجلب الاستثمارات.

      4- العقار الوقفي: تحديث سبل إدارة واستثمار العقار الوقفي وتنميته.

      المحور الثالث: مشكلة عدم تطهير الأملاك العقارية كعقبة أمام استثمار العقار  في الجزائر

      1-     الوقوف على  وضعية تطهير العقار  ونسب تقدم المسح العام.

      2-     كشف وضعية العقار المجهول او العقار غير المطالب به أثناء عملية المسح، واقتراح حلول له.

      3-     مناقشة مدى نجاعة الآليات البديلة في ظل عدم استكمال المسح.

      المحور الرابع: دور الثروات العقارية في استدامة التنمية

      1-     العقار ثروة استراتيجية من أجل تحقيق تنمية مستدامة في الجزائر

      2-     دور العقار في تحقيق التنمية الاقتصادية

      3-       دور العقار في التنمية الاجتماعية وتحقيق العدالة ورفع المستوى المعيشي للمواطن

      4-     دور العقار في التنمية البيئية والايكولوجية وفق متطلبات الاستدامة

       كما أشرنا سابقا تعتبر الملكية العقارية الخاصة من أبرز عناصر الثروة في المجتمعات الحديثة، حيث الدول على أن توفر لها الحماية القانونية من أي اعتداء يهدد المالك.

      لذا أخذت الجزائر بنظام الشهر العيني،  بصدور الأمر 75/74 المؤرخ في 1975.11.12 المتضمن إعداد المسح العام للأراضي وتأسيس السجل العقاري.

      لكن في الواقع لا يمكن تطبيق نظام الشهر العيني إلا تدريجيا بتقدم عمليات المسح العام للأراضي التي سجلت تأخرا معتبرا لذلك لجأ المشرع إلى استحداث آليات لتطهير الملكية العقارية الخاصة ضمن نظام الشهر الشخصي  تُطبق بالموازاة مع تطبيق عمليات المسح العام للأراضي.

      وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة الى  التطور التاريخي لنظام الملكية العقارية الخاصة في الجزائر

      الفرع الأول:  نظام الملكية العقارية في العهد العثماني

       تميزت بالاستقرار والتنظيم نظرًا لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. وكانت مقسمة كالتالي:

      - أراضي الملك         -   أراضي البايلك: "أملاك الدولة" .

      - أراضي العـرش     -  أراضي وقفية

      الفرع الثـاني :  نظام الملكية العقارية في العهد الاستعماري

      لجأت السلطات الفرنسية منذ السنوات الأولى للاحتلال إلى سن عدة قوانين تهدف  إلى توفير أراضي صالحة للمستعمرين، ومن أهم هذه القوانين قانون 21/04/1863 المعروف ب: سيناتوس كونصولت الخاص بتقسيم أراضي العرش بين سكان القبائل لتصبح ملكا للأفراد، وذلك لضمان تحويلها للمعمرين الأوربيين ، و قانون فارني المتضمن فرنسة كل الأراضي الجزائرية بمنع تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.

      و قامت الإدارة الاستعمارية بتقسيم الأراضي وتصنيفها إلى ثلاثة أنواع:

             أولا: أراضي الملك تعرف بالحوز، خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية.

      ثانيا: أراضـي العـرش كانت إما رعوية أو فلاحية.

           ثالثا: الأراضـي المفرنـسةالقانون المدني الفرنسي هو المطبق على كل المعاملات التي تقع عليها.

      الفرع الثالـث : نظام الملكية العقارية بعد الاستقـلال

      بعد الاستقلال ولسد الفراغ القانوني كانت الجزائر مُجبرة على تمديد الأخذ بالتشريع الفرنسي بموجب القانون المؤرخ في: 31/12/1962، إلا ما كان ماسًا بالسيادة الوطنية، بعدها جاء المشرع بمجموعة من القوانين استهدفت كلها تنظيم الملكية العقارية في البلاد لإرساء سياسة عقارية جديدة، إلى غاية صدور الدستور الجزائري سنة 1976  وتبني النهج الاشتراكي الذي جعل الملكية العامة هي الأساس، ثم تأتي الملكية الخاصة لكن التعديل الدستوري 1989 تخلى عن فكرة التدرج بين فئات الملكية واعتبر أن  الملكية الخاصة مكملة للملكية العمومية وهذا يعكس التغير الأيديولوجي للجزائر.

       


    • فتحت: Wednesday، 4 October 2023، 12:00 AM
      تستحق: Wednesday، 11 October 2023، 12:00 AM

      - حسب مادرست ماعلاقة الاستثمار بمفهوم التنمية المستدامة؟

      - اشرح  باختصار وضعية العقار  في مرحلة ما بعد الاستقلال.

  • الدرس الثالث:

    • الدرس الثالث:

      الأهداف التعليمية:

      يستهدف الدرس من خلال المادة التعليمية تحقيق الغاية التالية:

      -         أن يتمكن الطالب من استيعاب الفروق الاساسية بين أسانيد الملك العقاري.

      -         أن يلم الطالب بأهمية العقار والقدرة على تقديمه كضمان للحصول على قروض لبناء مساكن أو لاستثمار العقارات الفلاحية .

      -         أن يحيط الطالب بمدلول المحررات الرسمية لتوثيق الثروات العقارية ودورها في استدامة التنمية العقارية.

       

           تعتبر العقارات الثابت الوحيد في السوق المدر للدخل  والمحقق للثروة في ظل انهيار طرق الاستثمار الأخرى في السوق، ويعني ذلك أن العقارات لا تتأثر بتغيرات التضخم الاقتصادي الذي يطرأ على السوق على عكس مشاريع الاستثمار الأخرى، وذلك لأن استراتيجية الاستثمار العقاري تتماشى طردياً مع ظاهرة التضخم الاقتصادي.
           في إطار إعادة تنظيم الملكية العقارية و استقرارها وتطورها تماشيا مع الواقع الاقتصادي و الاجتماعي للدولة الجزائرية وتجسيدا للأهداف المسطرة في إطار تطهير الملكية العقارية في البلاد استحدث المشرع الجزائري عدة آليات لتوثيق الأملاك العقارية قصد التمهيد لاستثمارها .

      ومن هذه الأدوات عقد الشهرة  آلية الملغاة والتي حل محلها قانون التحقيق العقاري07/02

      فهو« محرر رسمي يعد من قبل موثق طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته و اختصاصه، يتضمن إشهار الملكية على أساس التقادم المكسب بناءا على تصريح طالب العقد ».

        والملاحظ أن مصطلح ( عقد الشهرة ) الذي استعمله المشرع في المادة الأولى من المرسوم 83/352 يطرح بعض التساؤلات حول هذه التسمية ذلك أن العقد كما عرفته المادة 54 من القانون المدني هو: « اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص بمنح أو فعل أو عدم فعل شيء ما ».

      وهذا التصرف يستوجب توافر إرادتين على الأقل في العقد، في حين أن عقد الشهرة ما هو في حقيقة الأمر إلا تصريح إنفرادي من الحائز للعقار. كان المفترض من المشرع استعمال مصطلح شهادة إثبات الملكية بالتقادم المكسب مراعاة للدقة القانونية للمصطلحات.

           ثانيا: أهمية عقدة الشهرة كآلية موازية للأصل العام وفق الأمر75/74.

      أ- الارتباط الوثيق بين آلية عقد الشهرة وعملية تطهير الوعاء العقاري الخاص

      ب- إعادة الاعتبار للقطاع الخاص والأملاك العقارية الخاصة

      ج- عقد الشهرة يساعد على بناء سوق عقارية

      د- عقد الشهرة آلية تساعد على الاستقرار العقاري

      شروط الاستفادة من عقد الشهرة:

      أولا- الشروط الواجب توافرها في العقار محل العقد:

              أن يكون العقار من نوع ملك (Melk) أي من ضمن صنف الأملاك العقارية الخاصة

              أن لا يكون العقار محل طلب عقد شهرة واقعا في منطقة ممسوحة.

              أن لا تكون ملكية الشخص طالب عقد الشهرة ثابتة بعقود أو سندات رسمية.

      ثانيا- الشروط المتعلقة بالحيازة: 

          أن تكون الحيازة قانونية و صحيحة . هادئة علنية و مستمرة حسب نص المادة 827 من القانون المدني 

      -          شهــــادة الحيـــازة

      تنص المادة 39 من القانون رقم 90/ 25 المؤرخ في 1990.11.18 المتضمن التوجيه العقاري أنه: « يمكن لكل شخص حسب مفهوم المادة 823 من القانون المدني, يمارس في أراضي الملكية الخاصة, التي لم تحرر عقودها, ملكية مستمرة[1] و غير منقطعة و هادئة و علانية لا تشوبها شبهة أن يحصل على سند حيازي يسمى "شهادة الحيازة" و هي تخضع لشكليات التسجيل و الإشهار العقاري, و ذلك في المناطق التي لم يتم فيها إعداد سجل مسح الأراضي».

      -         آلية معاينة الملكية العقارية الخاصة عن طريق التحقيق العقاري

      إن العيوب القانونية افرزها العمل بآلية عقد الشهرة كانت الدافع لسن القانون رقم 07/02 المؤرخ في 27 فيفري 2007 المتضمن تأسيس إجراء لمعاينة حق الملكية العقارية وتسليم سندات الملكية عن طريق تحقيق عقاري الذي يتم بالموازاة مع عمليات إعداد مسح الأراضي العام والترقيم في السجل العقاري وبصفة مستقلة عنها.

      وقد تم تحديد كيفيات تطبيق هذا الإجراء بموجب المرسوم التنفيذي رقم08 /147 المؤرخ في 19 ماي 2008 المتعلق بعمليات التحقيق العقاري وتسليم سندات الملكية .

      مفهوم وشروط التحقيق العقاري

      عكس إجراء المسح العام للأراضي طبق الأمر 75/74 الذي يكون بصفة إلزامية، فإن إجراء تحقيق عقاري وفق القانون 07/02 المذكور أعلاه يتم بصفة اختيارية.

      و يتعلق بتطوير سوق الرهن العقاري ذلك أن العديد من المواطنين يتوفرون على أرض يمكنهم تقديمها كضمان يحصلون على قروض لبناء مساكن أو لاستثمار العقارات الفلاحية، ولكن في غياب سند الملكية لا يستطيعون أن يرهنوا ملكهم، وبالتالي لا يمكنهم الحصول على قروض.

      3-  أهم أهداف قانون 07/02 والتي يمكن إدراجها في النقاط التالية :

      إنجاح سياسة الاستثمار المعتمدة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية لمرحلة ما بعد 2008 للميدان الفلاحي أو السكني.

      أحكام هذا القانون تنصب على العقارات التي لا يحوز أصحابها سندات ملكية، أو تلك التي حررت بشأنها سندات ملكية قبل 01 مارس 1961 والتي لم تعد تعكس الوضعية العقارية الحالية، ذلك لأن الكثير من العقارات التي لها سندات ملكية قديمة تصرَّف فيها

      أصحابها بالبيع أو الهبة أو التبادل عن طريق العقود العرفية ، الأمر الذي جعل العقار ينتقل إلى الغير والوثائق الرسمية بقيت في أيدي الملاك على حالها دون تغيير، مما سمح لهم أو لورثتهم الاحتجاج بها بدون وجه حق، وبالتالي فإن القانون 07/02 تدارك فيه المشرع هذه الحالات.

      إن إصدار قانون 07/02 محاولة من المشرع لمعالجة السلبيات الجوهرية التي خلقها العمل بآلية عقد الشهرة، هذه الآلية التي اتسمت بالسرعة والسطحية لاعتماده على مجرد تصريح شرفي من الحائز ويفتقر إلى معاينة ميدانية للملك العقاري.

      إن إجراء التحقيق العقاري وفق أحكام القانون 07/02 لا سيما تحديد المساحة ووضع معالم الحدود وبيان الأعباء التي قد يكون العقار مثقلا بها من شأنه تفعيل عملية المسح العام للأراضي  ومن ثم يسمح، لاحقا بربح معتبر للوقت والجهد عند سير عمليات مسح الأراضي العام.

      إدارة التحــقيــق

      الفرع الأول : فتح التحقيق العقاري

      تنص المادة 04 من القانون رقم 07/02 على أنه : « يمكن كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس حيازة على عقار، سواء بنفسه مباشرة أو بواسطة شخص آخر، أو يحوز سند ملكية كما هو مبين في المادة 02 أعلاه، أن يطلب فتح تحقيق عقاري لمعاينة حق ملكيته وتسليمه سند ملكية.

      توجه طلبات فتح التحقيق العقاري إلى مسؤول مصالح الحفظ العقاري الولائي المختص إقليميا »

      أولا: التحقيق العقاري الفردي

      حسب المادة 06 من قانون 07/02، يوجه طلب فتح التحقيق العقاري الفردي إلى مدير الحفظ العقاري الولائي.

      إن صاحب الطلب ملزم بإيداعه مع الملف المرفق بالمصلحة المختصة، التي يجب عليها التحقق من أن العقار المعني لا تشمله الأشغال الجارية بخصوص مسح الأراضي.

      يصدر مدير الحفظ العقاري، مقرر فتح التحقيق العقاري في مهلة شهر ابتداء من تاريخ استلام الطلب.

      هذا المقرر يكون موضوع إشهار واسع قصد إعلام الجمهور.

      وفي خطوة موازية يقوم مدير الحفظ العقاري بتعيين محقق عقاري بمقتضى مقرر ويمثل هذا المقرر نقطة انطلاق  التحقيق العقاري.

      ثانيا : التحقيق العقاري الجماعي

      حسب المادة 07 من قانون 07/02:

      يفتح التحقيق الجماعي بموجب قرار من الوالي بمبادرة منه أو من رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص، ويتضمن هذا القرار فتح تحقيق عقاري جماعي بعد أخذ رأي كل من مسؤول مصالح الحفظ العقاري الولائي، و حسب الحالة، مسؤول البناء أو المصالح الفلاحية .

      وينشر هذا القرار في سجل العقود الإدارية للولاية، كما يكون بسعي من مدير الحفظ العقاري للولاية، موضوع نشر واسع.

      ترفق طلبات التحقيق العقاري في إطار عملية جماعية، بنفس الوثائق المطلوبة في التحقيق الملتمس بصفة فردية، وتتضمن نفس المعلومات المحتواة في الطلبات المسجلة في إطار عملية فردية، وتدرس بنفس الطريقة.

       وبإعداده المحضر النهائي تنتهي مهمة المحقق العقاري ، و ذلك بعد التأكد من عدم تقديم أي اعتراض، ويسلمه للمدير الولائي للحفظ العقاري، الذي يبدأ بتكريس نتائج هذا التحقيق و ذلك بإصدار مقرر الترقيم  و إرساله للمحافظ العقاري المختص بهدف إشهار الحقوق المعترف بها ويتم هذا الإشهار بالتأشير في السجل العقاري على البطاقية العقارية المؤقتة الممسوكة في الشكل الشخصي  وإعداد سند الملكية، طبقا للنموذج المرفق بالمرسوم التنفيذي رقم 08/147 المؤرخ في 19/05/2008، ويرسله لمدير الحفظ العقاري الذي يتولى تسليمه لصاحب طلب التحقيق بموجب محضر استلام.و تسليم سند الملكية.

      ولمواكبة وتيرة الإصلاحات الاقتصادية، كان لابد على المشرع من إيجاد أحكام قانونية جديدة قصد تسوية سندات الملكية، لا سيما من أجل تمويل المشاريع الاستثمارية بواسطة القروض الرهنية، لهذا السبب سن القانون رقم 07/02 المؤرخ في 27/02/2007.

       


    • فتحت: Wednesday، 4 October 2023، 12:00 AM
      تستحق: Wednesday، 11 October 2023، 12:00 AM

      - ماهي أبرز آليات توثيق الملكية العقارية؟

      - ماهي عراقيل الوصول الى تطهير عثاري شامل في الجزائر- حسب رأيك-؟

  • الدرس الرابع:

    • الدرس الرابع:

      الأهداف التعليمية:

      يستهدف الدرس من خلال المادة التعليمية تحقيق الغاية التالية:

      -         أن يتمكن الطالب من استيعاب حوافز جلب الاستثمارات بمختلف أنواعها.

      -         أن يلم الطالب بأهمية استدامة التنمية في مجال العقار لإقامة مشاريع مختلفة بطريقة عقلانية ورشيدة.

      -         أبرز الوسائل في سبيل استغلال العقار واستدامة التنمية العقارية.

       

      تمهيد:

      الأملاك العقارية بمختلف انواعها تعتبر الأرضية الأساسية لبعث أي مشروع استثماري في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية أو الخدماتية ولها صلة وثيقة باستدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية  التي أصبحت المطلب الجوهري في الاستثمار والتنمية لدى الدول الحديثة، والذي يكفل استغلال الثروة العقارية الموجة لإقامة مشاريع مختلفة بطريقة عقلانية ورشيدة تلبي حاجيات الجيل الحالي مع ضمان بقاء حقوق الأجيال اللاحقة في هذه الثروة.

       

      أولا/ العقار كحافز لجلب الاستثمارات :

           الاستثمار العقاري هو أحد أهم أسباب سير العجلة الاقتصادية، وطريقة تمتاز بنسب نجاحها العالية في الادخار والحفاظ على قيمة المال، ولتحقيق أقصى استفادة من هذا النوع من الاستثمار العقاري يجب معرفة مميزات الاستثمار العقاري وعيوبه.

          فالعقار أساس كل مشروع تنموي، وهو الأساس لكل تطور اقتصادي واجتماعي يستهدف خلق الثروة لدولة والفرد . فهو الحافز لاستقطاب الاستثمارات الداخلية والخارجية وتحقيق التنمية في مجال العقار الفلاحي والصناعي والحضري، السياحي....

      -         يمكن أن يوفر استثمار العقارات بمختلف أنواعها فرصًا للمستثمرين لبناء الثروة وزيادة الدخل وتنويع المحفظة الاستثمارية.

      -         تشمل الاستثمارات في مجال الترقية العقارية عادةً بناء وبيع والمرافق السكنية والدور والوحدات السكنية.

      -         يمكن أن تحقق العقارات الموثقة  التي تستهدف الاقبال في الأسواق العقارية الاستثمارية مكاسب رأسمالية للمستثمرين بسبب استقرار قيمة العقارات على الأقل ان لم نقل انها دائمة الزيادات في القيمة ، وكذلك بالنسبة الى الزيادات في إيرادات السكن الموجه للاجار.

       

      ثانيا/ واقع السياسة التشريعية الموجهة للاستثمار:

          يلحظ المتتبع للشأن العقاري في الجزائر، وجود مضاربات كبيرة ومنظمة استهدفت هذا القطاع، بحيث اتخذت صورا أو أشكال عدة، جعلت سعر العقار يرتفع بجنون، ومن الجانب القانوني نرى أن سبب ذلك هو تلك الثغرات القانونية الموجودة في التشريع العقاري في الجزائر، وضعفه في نفس الوقت، هذا الذي شكل مصدرا للثراء والربح السريع، على حساب دفع عجلة الاستثمار الوطني وعديد المشاريع التنموية العالقة، والخسائر التي تتكبدها خزينة الدولة،  ويعتبر من بين أسباب المضاربة ما يلي:

      -    عدم وجود استشراف دقيق ومدروس وغياب الانسجام بين المنظومة القانونية الخاصة بالعقار، والجهات المركزية واللامركزية المكلفة بتوثيق الأملاك العقارية قصد التمهيد لاستغلالها في ميدان الاستثمار.

              الفراغ القانوني في التشريعات المتعلقة بالإنشاء والتعمير.

      -       طول الإجراءات الإدارية الخاصة بالحصول على الملكية ونقلها للمستثمر.

      -       ضعف التأطير البشري لموظفي الإدارات من الجانب التقني، أدى إلى تفسير جامد وغير مرن للنصوص القانونية المنظمة للعقار من قبل الإدارة المكلفة بذلك، ما أدى إلى تضاعف نسبة المنازعات العقارية، ومن بين أسباب ذلك عدم التمييز بين الأملاك العقارية الخاصة التابعة للدولة، والأملاك العقارية الخاصة التابعة للخواص، وهذا ما أدى إلى وجود بيئة إدارية إن صح التعبير، غير مساعدة وملائمة للاستثمار

      -       تحويل جزء كبير في بعض المناطق الصناعية ومناطق النشاط من هدفها الاستثماري، وإدراجها بطرق احتيالية ضمن قوائم المساحات المعدة للبناء الحضري، والدليل ملموس في كل ولايات الوطن، الأمر الذي قلص من حجم العقار الصناعي وقفز سعره إلى أعلى المستويات؛

      -       عدم تحديد التجزيئات داخل المناطق الصناعية بصفة دقيقة وبطريقة معلوماتية، الشيء الذي أدى إلى ظهور توسيعات غير قانونية، وتحويل أهداف البعض الآخر إلى نشاط مخالف.

           ولتلافي العقبات السابق ذكرها وتذليلها قصد الاستغلال الأمثل للثروة العقارية يجب:

          - ضمان وتفعيل حرية الاستثمار على أرض الواقع وحل المشاكل البيروقراطية من خلال تفعيل مبدا تساوي الفرص ومبدا حرية الاستثمار لكل شخص طبيعي أو معنوي، وطنيا كان أو أجنبيا ، مقيم أو غير مقيم ، يرغب في الاستثمار ، هو حر في اختيار استثماره ، وذلك في ظل احترام التشريع والتنظيم المعمول بهما.

         - وكذا احترام قواعد ومتطلبات التنمية المستديمة.

         - الشفافية والمساواة في التعامل مع الاستثمارات.

         -التنويع الاقتصادي وخلق التوازن في بيئة الاعمال.

       


    • فتحت: Wednesday، 4 October 2023، 12:00 AM
      تستحق: Wednesday، 11 October 2023، 12:00 AM
  • الدرس الخامس:

    • الدرس الخامس:

      الأهداف التعليمية:

      يستهدف الدرس من خلال المادة التعليمية تحقيق الغاية التالية:

      -         أن يتمكن الطالب من فهم شرط حماية البيئة كأهم متطلب في استثمار العقار.

      -           فهم ضرورة وضع خطط استراتيجية للاستثمار العقاري في بلادنا قصد إنعاش الخزينة وتوفير مناصب شغل ...، من خلال اعتماد قواعد للاستفادة من العقار بطرق قانونية وشفافة بالمقام الأول تحترم ابعاد التنمية المستدامة.

      -         أن يلم الطالب بأطر الحماية القانونية للبيئة في مجال العقار لإقامة مشاريع مختلفة بطريقة عقلانية ورشيدة.

      -         أبرز الوسائل في سبيل استغلال العقار واستدامة التنمية العقارية.

       

      حماية البيئة كأهم متطلب في استثمار العقار

          أصبح موضوع البيئة في العقدين الأخيرين من المواضيع البارزة التي أخذت مكان الصدارة والأولوية لدى اهتمامات المجتمع الدولي، وكذا المجتمع الداخلي للدول، فبعد ان شهد العالم وقوع الكثير من الكوارث البيئية المفجعة التي لم تؤثر فقط على حاضر الإنسان بل رهنت مستقبله وحضه في وسط نظيف طبيعي يعيش فيه ومن الثابت أن البيئة باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية تستحق كل حماية واهتمام من الجانب التشريعي سواء دوليا أو وطنيا.

         وبيئة الإنسان الراهنة أصابها اختلال في كل جوانبها تقريبا، حيث نجد للتلوث صورة ماثلة في كل شيء في الهواء، الماء، التراب...الخ.

           نتيجة لذلك أصبح الحديث عن البيئة ومشاكلها يفرض نفسه في كل مكان في الوقت الحاضر فعقدت الملتقيات والمؤتمرات وصودق على المعاهدات، وسنت القوانين والقواعد لحماية البيئة، التي تراعي بالمقام الأول  متطلبات حماية البيئة بشتى أنواعها فظهرت بذلك التنمية صديقة البيئة التي من شأنها أن تساهم وتحد من المشاكل المعقدة التي تعانيها الدول في مجال البيئة ، وهذا ما يجرنا الى الحديث عن التنمية المستدامة كمصطلح حديث فرض نفسه كأولوية توازن بين ضرورة توفير الحاجات الحالية للأفراد دون رهن حقوق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية المختلفة وكذا حقها في بيئة سليمة.

      ضبط الإطار المفاهيمي لحماية البيئة :

      يعتبر مصطلح حماية البيئة من أكثر المصطلحات استخداما في شتى فروع العلوم الإنسانية والعلمية، فقد فرض هذا المصطلح نفسه بعدما شهد محيط الانسان عدة مشاكل بيئية، مما اضطر الفقهاء والمتخصصين الى ضرورة ادخال تعديلات قانونية على القوانين ذات الصلة قصد توفير ضمانات حماية البيئة وعدم الإضرار بها.

       إن تحديد مفهوم البيئة يعتبر من أولى الصعوبات التي أحاطت بهذا المصطلح خصوصا من الناحية الفقهية، ونظرا لاختلاف الرؤى والأهداف والمنطلقات، فنظرة البيولوجي للبيئة تختلف عن نظرة الاقتصادي وهما يختلفان عن نظرة القانوني.

      1/ تعريف البيئة

      أدى تطر التطور العلمي والصناعي الذي شهده العالم في القرنين الأخيرين إلى بروز بعض المشاكل البيئية نتيجة الإنشاءات الجديدة التي أدخلها الإنسان على البيئة الطبيعية، فانتشر الحديث عن موضوع البيئة في وسائل الإعلام المختلفة قصد الوصول إلى حلول للأضرار البيئية.

          وفيما يلي سنحاول إماطة الغموض حول مدلول مصطلح البيئة وذلك من خلال:  التعرف أولا على التعريف اللغوي لكلمة البيئة ثم نضبط المدلول الاصطلاحي والقانوني للبيئة.

      أولا/ البيئة لغة: عرفها أبي الفضل جمال الدين محمد بن منظور المصرفي في معجمه الشهير لسان العرب البيئة بأنه اسم مشتق من الفعل تبوأ أي نزل وأقام، فنقول تبوأ فلان بيتا أي اتخذه منزلا له، وبالغة العربية يطلق اسم البيئة أيضا على المكان أو المنزل أو الوسط الذي يحيى فيه الكائن الحي مع غيره من الكائنات كما يطلق أيضا على الحالة أو الهيئة فيقال باء بالفشل.[i]

      وفي القرآن الكريم أمثلة كثيرة عن المعنى اللغوي للبيئة منها قوله تعالى «وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ«[ii]. وقوله تعالى «وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا»[iii]وقوله«وَالَّذِينَ تبوءوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ»[iv] أي الذين أقاموا بالمدينة وتوطنوا فيها مثل هجرة المصطفى صل الله عليه وسلم . وفي الحديث الشريف  أن الرسول صل الله عليه وسلم قال :( من كذب علي حسبت أنه قال متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) رواه الترمذي ومسلم.

      وفي اللغة الانجليزية كلمة البيئة Environment تستخدم للدلالة على العالم أو المكان الطبيعي الذي يعيش فيه الإنسان والحيوان والنبات وفي اللغة الفرنسية Environnement وهي من المصطلحات الحديثة في اللغة الفرنسية وتستخدم للدلالة على العناصر الفيزيائية والكيميائية أو البيولوجية، الطبيعية والمصنعة التي تحيط بالإنسان والحيوان والنبات.

      ثانيا/تعريف البيئة اصطلاحا:   يختلف مفهوم البيئة باختلاف المجال الذي يُنظر لها منه: اقتصاد، سياسة طب، قانون ..الخ.

        فيعرفها البعض بأنها «المحيط المادي الذي يعيش فيه الإنسان بما يشمل من ماء وهواء وفضاء وتربة وكائنات حية ومنشآت شيدها الإنسان لإشباع حاجاته». أو هي « كل ما يحيط بالإنسان من مظاهر وعوامل تؤثر في نشأته وتطوره، وهي بمدلولها العام ترتبط بحياة البشر في كل زمان ومكان وما يؤثر فيها وفي مختلف أشكالها الزراعية، الصناعية، العمرانية».

      فمحاولة ضبط تعريف محدد مصطلح البيئة l’environnement قد يضطرنا الى الاعتماد على ما يقدمه علماء الطبيعة والبيولوجيا من ضبط بالمقام الأول للمكونات الرئيسية للبيئة، وهناك من يرى أن لمدلول للبيئة شقين " أولهما البيئة الحيوية، وهي كل ما يختص لا بحياة الإنسان نفسه من تكاثر ووراثة فحسب، بل تشمل أيضا علاقة الإنسان بالمخلوقات الحية، الحيوانية والنباتية، التي تعيش معه في صعيد واحد. أما ثانيهما، وهي البيئة الطبيعية، فتشمل موارد المياه والفضلات والتخلص منها، والحشرات وتربة الأرض والمساكن والجو ونقاوته أو تلوثه والطقس وغير ذلك من الخصائص الطبيعية للوسط"[v].

      ويعرف علم البيئة الحديث البيئة بأنها « الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان بما يظم من ظواهر طبيعية وبشرية يتأثر بها ويؤثر فيها».[vi]

           وعرف المشرع الجزائري البيئة بذكر العناصر التي تتكون منها وذلك في المواد 4-7 من القانون 03/10 المؤرخ في 19 جويلية 2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة[vii] بوصف البيئة أنها تتكون من الموارد الطبيعية الحيوية واللاحيوية كالهواء والجو والماء والأرض  وباطن الأرض، والنبات والحيوان بما في ذلك التراث الوراثي وأشكال التفاعل بين هذه المواد، وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية.

      ويلاحظ أن المشرع أخذ بالمفهوم الضيق للبيئة وذلك أنه لم يدرج العناصر الصناعية التي هي من صنع الإنسان في هذا المفهوم.

           أما المشرع المصري فقد عرفها في قانون حماية البيئة في المادة الأولى من القانون 04 لسنة 1994 « المحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية وما تحتويه من مواد وموارد. وما يحيط بها من هواء وماء وتربة وما يقيمه الإنسان من منشآت.»

      وعرفها الإعلان الصادر عن مؤتمر البيئة البشرية الذي عقد في ستوكهولم بالسويد سنة 1972 بأنها « كل شيء يحيط بالإنسان سواء كان طبيعيا أو بشريا.»[viii]

      ففي المادة02من القانون 03/10 المؤرخ في 19 جويلية 2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة نص المشرع الجزائري على أهداف حماية البيئة، في حين جاءت المادة 03 منه لتبين مكونات البيئة.

      وقد يختلط مفهوم البيئة ببعض المفاهيم الأخرى، فمثلا عند التحدث عن البيئة فهذا يقودنا للتحدث عن حماية الموارد الطبيعية، من خلال المشاكل التي تواجهها الطبيعة والتي لها علاقة باستنزاف الموارد البيئية، ومن أبرز هذه المشاكل وأخطرها مشكلة التصحر ومشكلة انقراض الكائنات الحيوانية والنباتية وكذا الكائنات البحرية.[ix]

      2/ حماية البيئة في الاسلام:

          جاء الإسلام بنظرة أعمق وأوسع للبيئة خلاف التعريفات الوضعية السابق ذكرها التي تنظر للبيئة بأنها مستودع ومخزن للموارد الطبيعية والبشرية بالتركيز على الاجتماعية والاقتصادية للبيئة أو الجوانب التي تؤثر على حياة ونمو الكائنات الحية لكن الإسلام تعامل مع البيئة من منطلق كونها ملكية عامة يجب المحافظة عليها حتى تستمر وجود الإنسان[x] قال تعالى«وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ»[xi] وهنا نظرا للبعد المكان في البيئة ويظهر البعد الزماني في قوله تعالى«قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ»[xii].

      فالبيئة مسطرة للإنسان ويجب عليه المحافظة عليها والتأمل في خلقها:

      «قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ»[xiii]

      كما أشار الإسلام إلى أن البيئة خلقت بمقادير وصفات محددة يجب على الإنسان حسن استغلالها. وقال تعالى«إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ »[xiv].

      «  قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا «[xv].

      «وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا[xvi] «.

      ونظر الإسلام إلى البيئة بأنها نظام متوازن من الخالق البديع بدقة متناهية تكفل استمرارية حياة الكائنات وفق سلسلة عمليات التولد والموت والتحول وفق علاقة سببية محددة تكون فيها الأجزاء الحية وغير الحية بمثابة العوامل المتفاعلة التي تحقق التوازن، فتداول الليل والنهار والفصول بالقدر المطلوب للحياة وتوازن الحرارة والبرودة فيها، وتوزيع عناصر الجو من النتروجين بمقدار 78% والأكسجين 21% بالإضافة أي النسب الصغيرة من غازات أخرى كله محسوب حساب دقيق لا يخطئ يهدف إلى استمرارية الحياة، فعندما تتدخل يد الإنسان عن طريق المنشآت الصناعية وغيرها تحدث خلل في هذا النظام بل مجرد قتل كائنات معينة يؤدي الى تكاثر أخرى وازديادها بصفة يختل معها التوازن الطبيعي للبيئة.[xvii]

      ويقسم أغلب الباحثين البيئة إلى قسمين رئيسيين، وهذا يستشف من التعريفات التي سقناها لمصطلح البيئة سواء في المفهوم الاصطلاحي أو المفهوم القانوني:

      أولا/ البيئة الطبيعية: وهي عبارة عن المظاهر التي لا دخل للإنسان في وجودها بل هي سابقة لوجوده، ومن هذه المظاهر: الصحراء، البحار والمناخ والتضاريس والماء السطحي والجوفي، والهواء، والحياة النباتية والحيوانية.

      والبيئة الطبيعية ذات تأثير مباشر أو غير مباشر في حياة أي جماعة حية من نبات أو حيوان أو إنسان ، وتتألف من مكونات حية وهي: الحيوانات والنباتات ومكونات غير حية وهي: الماء والهواء والتربة.

      ثانيا/ البيئة المشيدة : وتتكون من البنية الأساسية المادية التي شيدها الإنسان: الطرق، المنشآت، البنايات، وغيرها، ومن النظم الاجتماعية والمؤسسات التي أقامها، ومن ثم يمكن النظر إلى البيئة المشيدة (الاصطناعية ) من خلال الطريقة التي نظمت بها المجتمعات حياتها والتي غيرت البيئة الطبيعية لخدمة الحاجات البشرية.[xviii]

       والبيئة بشقيها الطبيعي والمشيد هي كل متكامل تتفاعل فيه مختلف المكونات بشكل دائم.

      3/ حماية البيئة في التشريع الجزائري:

      و يمكن تفسير تأخر صدور قانون البيئة إلى حداثة وضع التشريعات في معظم دول العالم[xix] ، ففي أمريكا صدر قانونالبيئة الوطنية سنة 1969 و قانون حماية الطبيعة في فرنسا 1976 ، و أصدر المشرع الياباني قانون البيئة سنة 1970 ، و كذا المشرع الكندي فلم  يبادر به إلا في سنة 1971 .[xx]

      وفي إطار تحقيق أهداف حماية البيئة في الشق المتعلق بحماية إطار معيشة السكان، صدر القانون المتعلق بحماية الصحة وترقيتها[xxi] و العمل على تخصيص البعد العمراني بالقانون المتعلق بالتهيئة العمرانية .[xxii]

      وفي بداية التسعينات صدر قانونا البلدية[xxiii] والولاية[xxiv] ، وأكد فيهما المشرع على اختصاص الجماعات المحلية في أعمال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وكذا تهيئة الإقليم ، وحماية البيئة وترقيتها. مع العديد من الأحكام التي تنصب في مجملها حول حماية البيئة ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الأوبئة. ومسايرة من المشرع الجزائري لما تم إقراره في القمم والإعلانات الدولية ، أصدر القانون رقم 10 - 03 المتضمن حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، والذي يمكن القول بشأنه أنه جاء امتداد لما تم إقراره في إعلان " جوهانسبورغ " في 2002 .




    • فتحت: Wednesday، 4 October 2023، 12:00 AM
      تستحق: Wednesday، 11 October 2023، 12:00 AM

      -       اشرح شرط حماية البيئة كأهم متطلب في استثمار العقار؟

      -          ماهي أبرز الوسائل في سبيل استغلال العقار واستدامة التنمية العقارية.