Topic outline

  • بطاقة تواصل والتعريف بالمقياس

  • المحاضرة الأولى: مدخل الى طرق الإثبات في القانون المدني الجزائري

    الدرس الأول:

    مدخل الى طرق الإثبات في القانون المدني الجزائري

    الحجم الساعي للحصة: ساعة ونصف

    أهداف الحصة الأولى: تتلخص أهم هذه الأهداف فيمايلي:

    *تعريف الإثبات

    *التعمق في فهم الإثبات في الحياة العملية

    *تنظيم المشرع الجزائري للإثبات.

    أسئلة الحصة الأولى:

    *مالذي يتبادر الى ذهنك عند سماعك مصطلح الإثبات؟

    *هل ترى أن هناك تطورا ملحوظا في طرق الإثبات؟

    *كيف نظم المشرع الجزائري طرق الإثبات؟ وأين؟

    *مارأيك في موقع هذا التظيم في القانون المدني الجزائري؟

     يدل مصطلح الإثبات في اللغة عادة على الاستقرار فيقال ثبت في المكان أي أقام فيه، فيدل بذلك الإثبات على استقرار الحق لصاحبه[1]، كما يقصد بالتثبيت التبيين في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" سورة الحجرات الآية 6

    ويدل أيضا على الحجة والبرهان بتأكيد الحق بالبينة، فهو تأكيد حقيقية أي شيء بأي دليل.[2]

      ويستدل على الإثبات في الفقه الحديث بأنه الإدلاء بجميع العناصر والدلائل التي تحصل بها قناعة القاضي في الادعاءات التي تقدم له.[3]

     أما الإثبات في الاصطلاح فقد عرفه السنهوري بأنه " إقامة الدليل أمام القاضي بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتبت آثارها "[4].

    وللإثبات أهمية كبرى في مجال القضاء، فهو نظام قانوني يهدف إلى الكشف عن حقيقة قانونية يتوقف عليها تقدير أو ترتيب أثر قانوني بشأن حق متنازع عليه، وقد عالج القانون طرق الإثبات بكثير من الدقة ، باعتبار الإثبات هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحق ، ففي المادة المدنية يكون القاضي مقيدا بالقانون في إعمال طرق الإثبات ، فنطاق الأدلة أمام القضاء محدود ، ولا يستطيع القاضي أن يأخذ بدليل غير جائز قانونا مهما بلغت درجة اعتقاده بصحته[5]، بينما يسود مبدأ حرية الإثبات في المادة الجزائية والتجارية ، وفي موضوع التقاضي ليس للحق قيمة دون إقامة الدليل الذي يثبته.

    وقد أفرد القانون الجزائري للإثبات مكانة هامة وأورد قواعده في قالب قواعد موضوعية وإجرائية والقواعد الموضوعية هي تلك القواعد الوثيقة الصلة بالحق في الإثبات ، والتي تحدد دور الإثبات وتنظم تحمل عبئه، وتحدد أدلة وشروط قبولها ومدى حجيتها ، أما القواعد الإجرائية فهي التي تحدد الإجراءات الواجبة الاتباع عند الاستناد إليها أمام القضاء، كإجراءات سماع الشهود وحلف اليمين والمعاينة والخبرة.[6]

     



    [1]  بوزيان سعاد، طرق الإثبات في المنازعات الإدارية، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، عين مليلة الجزائر، 2015 ، ص 11.

    [2]  نبيل صقر ومكاري نزيهة، الوسيط في القواعد الإجرائية والموضوعية للإثبات في المواد المدنية، دار الهدى للطباعة والنشر ، عين مليلة الجزائر، 2009، ص 7.

    [3] شادية رحاب محضرات في قواعد الإثبات جامعة الحاج لخضر، باتنة 2013، ص 1.

    [4]  عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، دار إحياء التراث، بيروت، لبنان، 1976، ص 3.

    [5]  نفس المرجع ، ص2.

    [6]  حدة مبروك ، مجلة العلوم الإسلامية ، جامعة بارتن - تركيا ، المجلد 4 ، العدد الثامن ، سنة 2017 ، ص2


  • المحاضرة الثانية: القواعد العامة في الإثبات

    • الدرس الثاني

      القواعد العامة في الإثبات

       الحجم الساعي للحصة: ساعة ونصف

      أهداف الحصة الثانية: تتلخص أهم هذه الأهداف فيمايلي:

      *معرفة أهم قواعد الإثبات بصفة عامة.

      * البداية في تفصيل أول هذه القواعد وهي الأركان التي يقوم عليها الإثبات.

      * حصر هذه الأركان والمتمثلة في محل الإثبات ووجود نص قانوني إضافة الى وجوب الإثبات بالطريق المنصوص عليه قانونا.

      أسئلة الحصة الثانية:

      *أذكر قواعد الإثبات؟

      *هل هناك قواعد أخرى؟

      *ماذا يقصد بمحل الإثبات؟

      ماذا يقصد بوجوب الإثبات بالدليل المباح قانونا؟

          أركان الإثبات

      يتفق الفقهاء على أن أركان الإثبات تعد الأساس في بنائه وتتحدد في محل الإثبات

      ووجود نص قانوني، وتطابق محل الإثبات مع النص القانوني.

      1-محل الإثبات:إن محل الإثبات ليس الحق المدعى به بل هو المصدر الذي ينشئ هذا الحق[1] التصرف القانوني أو هو تلك الواقعة القانونية المنشئة للحق، فهما كل سبب منشئ للحق المدعى بوجوده أو زواله أو وصفه ، وهذا السبب هو مصدر الالتزام سواء أكان عقدا أو إرادة منفردة أو عملا غير مشروع أو إثراء بلا سبب، أو واقعة طبيعية أو مادية، فالأعمال أو التصرفات القانونية قوامها الإرادة التي تتجه إلى إحداث أثر قانوني معين، أما الوقائع القانونية فهي إما أن تكون طبيعية تحدث دون تدخل إرادة الإنسان كوفاة شخص أو حدوث زلزال ، أما الوقائع المادية فهي الأعمال التي يأتيها الإنسان إما دون قصد ترتيب آثار قانونية عنها كارتكاب الشخص لفعل ضار كأن يصدم الغير بسيارته ، وإما مع قصد ترتيب آثار قانونية كقيام الشخص بوضع يده على شيء مملوك لغيره [2]، فبإثبات المصدر يثبت نشوء الحق ووجوده، فالواقعة القانونية (واقعة الولادة مثلا، الجريمة هي محل الإثبات أمام القضاء ، والتصرف القانوني هو اتجاه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني معين.

      وقد حدد الفقه الشروط التي تكون فيها الواقعة محلا للإثبات ومن أهم هذه الشروط:

      أ- أن تكون الواقعة محل نزاع فإذا انعدم النزاع حولها فلا مجال للنظر فيها وإثباتها.

      ب- وأن تكون محددة تحديدا كافيا : يمكن من التحقق من أن دليل الإثبات المقدم بخصوصها يتعلق بها لا بغيرها.

      ج- وأن تكون الواقعة متعلقة بالدعوى ومرتبطة بموضوع النزاع أي أنها متعلقة بالحق المطالب به ، فالواقعة المراد إثباتها هي ذاتها مصدر الحق المطالب به.

      د- أن تكون الواقعة منتجة في الدعوى : أي أنها ذات أثر وتتضمن عنصر إقناع القاضي بما يساهم في الفصل في النزاع [3]، وليست كل واقعة متعلقة بالدعوى تكون بالضرورة منتجة في الدعوى، كأن يقدم المستأجر سندات تفيد دفع أقساط الإيجار لمدد سابقة على المدة التي يطالب المؤجر بدفع قسطها فإن دفع الأقساط السابقة لا يفيد دفعها عن المدد اللاحقة ، أما إذا قدم سندات عن المدد اللاحقة فإن الواقعة تكون منتجة في الإثبات.

       هـ - أن تكون الواقعة جائزة القبول: فلا تكون مستحيلة غير قابلة للإثبات، ولا تكون مخالفة للقانون وللآداب العامة.[4]

      أما التصرف القانوني فيقوم على سلطان الإرادة، ويشترط في الإرادة في هذه الحالة أن يتم التعبير عنها في الواقع بشكل صريح أو ضمني [5]، وأن تصدر من ذي أهلية، وأن يكون باعث صاحب الإرادة مشروعا، وأن تكون الإرادة سليمة من العيوب.

      ومحل الإثبات هو التصرف أو الواقعة القانونية المنشئة لهذا الحق، والمدعى فيها يطلب تطبيق القانون على هذا الواقع، ويتعين على الخصم أن يثبته للقاضي، والإثبات هنا يتناول مسائل موضوعية لا تخضع لرقابة المحكمة العليا.

      ومن المبادئ المتعلقة بمحل الإثبات أن القاعدة القانونية لا تحتاج إلى الإثبات، ولا يطالب الخصم بإثباتها لأنه يفترض علم القاضي بها ، أما إثبات القانون الأجنبي فيرى غالبية الفقهاء أن القاضي إذا أمره قانونه الوطني بتطبيق أحكام القانون الأجنبي فعليه أن يبحث عن هذه الأحكام ويطبقها، وإلا عد منكرا للعدالة ويخضع في ذلك لرقابة القضاء.

      2-وجود نص قانوني

      أي أن يكون هناك نص قانوني يجعل للواقعة أساسا لحق من الحقوق، ومن ثم تطبيق القانون على ما ثبت من وقائع أمام القاضي، وعلى القاضي أن يبحث بنفسه عن النص الواجب التطبيق على ما ثبت لديه من وقائع، فإن لم يجد يلجأ إلى المصادر الاحتياطية[6]

       

      3-الإثبات بالدليل المباح قانونا

      ومعناه أن يتقيد القاضي بوسائل الإثبات المحددة قانونا، وهي وسائل تلجأ إليها المحكمة من تلقاء نفسها أو بطلب من الخصوم للوصول إلى الحقيقة، وللمحكمة السلطة التقديرية في اتخاذ الإجراء المناسب للإثبات، وأن يتتبع القاضي الإجراءات الخاصة بالدليل، ويترتب على الخروج عنها عدم قبول الدليل، لذا فإن المشرع وضع وسائل محددة للإثبات وأن القاضي ملزم بالتقيد.

       

       

       

       



      [1] بوزيان سعاد المرجع السابق، ص 16.

      [2] عبد الله عل الخياري ، مدى جواز إثبات الواقعة قانونا ، مجلة الدراسات الاجتماعية ، جامعة صنعاء - اليمن ، المجلد 14 ، العدد 2، ص2

      [3]  الواقعة المنتجة في الإثبات هي الواقعة البديلة التي يؤدي إثباتها إلى إثبات الواقعة الأصلية، فمن طالب بملكية عين وتقدم بواقعة التقادم الطويل سببا للملكية، إذا ادعى أنه حاز العين مدة لا تقل عن خمس عشر سنة ، فهذه واقعة منتجة في الإثبات، انظر : عبد الرزاق أحمد السنهوري ، المرجع السابق ، ص 62-63.

      [4]  بوزيان سعاد، المرجع السابق ، ص 17-18

      [5]  يقصد بالإرادة اعتزام القيام بالفعل والاتجاه إليه ، والتعبير إخراج مقصد الإنسان ونيته من حيز النفس إلى الوجود الخارجي والتعبير الضمني هو التعبير عن الإرادة بوسيلة لم توضع له عادة ، ولم توضع للتعبير الضمني وسيلة للتعبير عنه ، وإنما يستخلص استخلاصا من الظروف وقرائن الأحوال التي تحيط بالتصرف وتقترن به انظر: أحمد ياسين القرالة ، التعبير الضمني عن الإرادة في الفقه الإسلامي ، مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون ، المجلد 44 العدد 3 ، جامعة آل البيت – الأردن ، سنة 2014 ، ص . 343

       [6]  الواقعة القانونية هي كل حدث أو فعل مادي يرتب عليه القانون أثرا معينا، فقد تكون من فعل الطبيعة كالوفاة والولادة، أو اختيارية من فعل الإنسان، إما أن تكون دون قصد ترتيب آثار قانونية كارتكاب الشخص لفعل ضار ، كأن يصدم الغير بسيارته، أو قصد ترتيب آثارها القانونية كأن يقوم شخص بوضع يده على شيء مملوك لغيره بقصد تملكه، فهي واقعة مادية سواء كانت طبيعية أو اختيارية، وسواء كان القصد إحداث الأثر القانوني أو عدم إحداثه، أما التصرف القانوني فهو اتجاه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني، بإنشاء أو نقل أو تعديل أو إنهاء حق من الحقوق، و تشمل العقد والإرادة المنفردة، فحيث تمخضت الإرادة لإحداث أثر قانوني فثمة تصرف قانوني، وحيث وقع عمل مادي ولو خالطته الإرادة فرتب عليه القانون أثرا فثمة واقعة مادية، كما أنه يجوز إثبات الواقعة القانونية بجميع طرق الإثبات ولا تستلزم نوعا معينا من الأدلة وإلا استحال ،إثباتها أما التصرف القانوني فللإرادة سلطان أتاحه المشرع لتنظيم مصالح معينة في حدود التنظيم القانوني، والأصل إثباته بالكتابة.

       


  • المحاضرة الثالثة: مبادئ الإثبات

    • الدرس الثالث

      مبادئ الإثبات

       الحجم الساعي للحصة: ساعة ونصف

      أهداف الحصة الأولى: تتلخص أهم هذه الأهداف فيمايلي:

      *تقديم عام للمقصود بمبادئ الإثبات

      *شرح أهم هذه المبادئ.

      أسئلة الحصة الثانية:

      *ما المقصود بمبدأ حياد القاضي؟

      * هل يحق للخصم مناقشة أدلة خصمه؟

      *ماذا تفهم من عبارة عدم جواز إصطناع الخصم دليلا لنفسه؟

      *هل هناك مبادئ أخرى غير تلك المفصلة في المحاضرة؟ أذكرها مع الشرح إن وجدت؟

           تتحدد أهم المبادئ الأساسية للإثبات في التالي:

      1-مبدأ حياد القاضي

      إن الطبيعة القانونية لنظام الإثبات تقتضي هذا الحياد، لأنه صفة من صفات وظيفة القاضي، فالقانون هو الذي يحدد وسائل الإثبات، وعلى القاضي أن يركز حكمه على ما يقدمه المتقاضون من أدلة وفقا للطرق والإجراءات المحددة قانونا، ويعني الحياد وجوب عدم اعتماد القاضي على أدلة تحصل عليها بعلمه الشخصي، فدوره يقتصر على تلقي ما يقدمه الأطراف في الدعوى، وتقدير قوة الدليل وفقا لقوته في القانون.

      2-حق الخصم في مناقشة الأدلة

      لكل خصم الحق في تقديم الأدلة التي تثبت دعواه، على أن يتقيد في ذلك بالطرق التي حددها القانون في الإثبات، كما ينبغي أن يمنح لكل خصم الحق في العلم بأدلة خصمه ومناقشتها ، فأي دليل يقدمه الخصم يجب أن يعرض على الخصوم لمناقشته بنفيه أو تأييده، ولا يعتد بالدليل الذي لا يعرض على الخصوم لمناقشته[1]  ، وللخصم الحق في مطالبة خصمه بتقديم ما لديه من وثائق ثبوتية لتمكين المدعي من إثبات حقه، والحق في الاستشهاد بالشهود، والمطالبة باستجواب خصمه، أو توجيه اليمين إليه أو ردها و الحق في نفي أدلة الخصم أو مواجهته بالأدلة وإثبات عكس ما يدعيه الخصم.

       

      3-لا يجوز للخصم أن يصطنع دليلا بنفسة

      إن الدليل الذي يقدمه الخصم ينبغي أن يكون صادرا من خصمه ليكون دليلا عليه، فالورقة المكتوبة حتى تكون دليلا على الخصم يجب أن تكون بخطه أو بإمضائه، ومن ثم فلا يجوز أن يكون الدليل الذي يتمسك به الخصم صادرا منه، أو أن يكون من صنعه، فلا يجوز أن يصطنع دليلا بنفسه، ولا يجوز أن يكون الدليل مجرد أقواله وادعاءاته أو ورقة صادرة منه أو مذكرات دونها بنفسه ، كما يمنع القانون إجبار الخصم على تقديم دليل ضد نفسه، غير أنه إذا طلب الخصم تكليف خصمه بتقديم ورقة تحت يده وامتنع عن تقديمها، فهذا الامتناع يكون محل اعتبار من المحكمة، ولها أن تستخلص من امتناعه دليلا للحكم ضده.[2]

       



      [1]  بوزيان سعاد المرجع السابق، ص 24-25

       

      [2]  أحمد عبد الرزاق السنهوري ، المرجع السابق ، ص37.


  • المحاضرة الرابعة: عبء الاثبات

    •  

      الدرس الرابع

      عبء الإثبات

       الحجم الساعي للحصة: ساعة ونصف

      أهداف الحصة الأولى: تتلخص أهم هذه الأهداف فيمايلي:

       *كيفية توزيع عبء الإثبات.

      *تحليل نص المادة 323 من القانون المدني الجزائري.

      *معرفة المقصود بقاعدة "على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه".

      أسئلة الحصة الرابعة:

      *مالمقصود بالوضع الثابت أصلا؟

      *مالمقصود بالوضع الثابت عرضا؟

       *مالمقصود بالوضع الثابت فرضا؟

       

            إن لتحديد عبء الإثبات أهمية كبرى وأثر بالغ على مركز الخصوم في الدعوى، وتعيين من يحمل عبء الإثبات يتوقف عليه مصير الدعوى، وتوزيع عبء الإثبات محكوم بمبدأ البينة على من ادعى واليمين على من أنكر (وهو مبدأ مقرر في الفقه الإسلامي)، ومحكوم بقاعدة : على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص "منه المادة 323 من القانون المدني الجزائري)، ولا يكلف المدعي عليه بإثبات براءة ذمته، فالقانون يعتبرها ذمة غير مدينة لشخص ما[1]، فإن الأصل هو براءة الذمة، فمن يتمسك بالأصل فلا إثبات عليه، ومن يدعي خلاف الأصل بأن يدعي دينا في ذمة الغير، فعليه أن يثبت مصدر هذا الدين.[2]

      وفي مجال الحقوق العينية فالأصل هو الوضع الثابت ظاهرا، فالقانون يحمي الأوضاع الظاهرة ، فالذي يحوز عقارا أو منقولا يعتبره القانون صاحب حق عليه، ولا يطالب بإثبات ملكيته إلى أن يثبت العكس، فالظاهر هو أن الحائز مالك، والذي يدعي ملكية هذا العقار أو المنقول عليه يقع عبء الإثبات.

       والخلاصة أن " كل من يتمسك بالثابت حكما أصلا أو ظاهرا أو فرضا - أو بالثابت فعلا -حقيقة أو ضمنا - لا يقع عليه عبء الإثبات [3]، وإنما يقع عبء الإثبات على من يدعي الثابت حكما أو فعلا [4]، وينبغي الإشارة إلى أن تحديد عبء الإثبات مسألة قانونية تخضع لرقابة القضاء، كما أن قواعد الإثبات قد تكون شكلية متعلقة بإجراءات التقاضي التي يلتزم بها الخصوم والقضاة تعد من النظام العام لتعلقها بنظام التقاضي، ولا يستطيع الخصوم فرض إجراءات أخرى لم ينص عليها القانون، أما القواعد الموضوعية (تتعلق بتحديد الأدلة وقيمتها وعلى من يقع عبء إثباتها) في الإثبات فهناك من يرى أن بعضها متعلق بالنظام العام كسلطة القاضي في الإثبات (توجيه اليمين المتممة) والقاعدة المتعلقة بالضمانات الأساسية للحق في الدفاع [5] ، وما عداها لا يتعلق بالنظام العام.

       



      [1]  سرايش زكريا، الوجيز في قواعد الإثبات، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر 2015، ص 42

      [2] أحمد عبد الرزاق السنهوري، المرجع السابق، ص 71.

      [3]  الثابت حكما هو الحق الذي ثبت بتصرف مشروع أثبت حكما شرعيا ، والثابت فرضا مثاله مسؤولية حارس الحيوان وقد فرض القانون في جانبه التقصير ، والثابت ظاهرا مثاله حيازة عقار أو منقول، والثابت أصلا ومثاله الأصل براءة الذمة، والثابت فعلا هو ما أقام عليه الخصم الدليل بالطرق القانونية حقيقة أو ضمنا.

      [4]  عبد الرزاق أحمد السنهوري، المرجع السابق، ص 77.

      [5]  شادية رحاب المرجع السابق، ص 9.

       


  • المحاضرة الخامسة: طرق الإثبات (الكتابة)

    • الدرس الخامس

      طرق الإثبات ( الكتابة)

       الحجم الساعي للحصة: ساعة ونصف

      أهداف الحصة الأولى: تتلخص أهم هذه الأهداف فيمايلي:

      *مدخل عام الى معرفة طرق الإثبات في القانون المدني الجزائري.

      *معرفة الطرق المنصوص عليها في القانون التجاري.

      *ترتيب هذه الطرق حسب تنظيم المشرع الجزائري لها.

      أسئلة الحصة الخامسة:

      *ماهو أقوى أدلة الإثبات حسب رأيك؟

      *هل الكتابة كافية لإثبات جميع التصرفات القانونية؟

      * ماهو الفرق بين الكتابة الرسمية والكتابة العرفية؟

       

       

      اختلف الفقهاء في تقسيم قواعد الإثبات بحسب حجيتها ، فهي أصلية أو احتياطية، أو كونها مهيأة أو غير مهيأة، أو مباشرة وغير مباشرة، وسعيا إلى تفادي التعقيد ارتأينا الأخذ بالتقسيم الأخير، فالطرق المباشرة هي التي تنصب دلالتها على الواقعة مباشرة وهي الكتابة وشهادة الشهود، بالإضافة إلى المعاينة والخبرة، والطرق غير المباشرة لا تنصب مباشرة على الواقعة وهي القرائن والإقرار واليمين.

      أولا

      طرق الإثبات المباشرة

      وتتحدد في الكتابة وشهادة الشهود، بالإضافة إلى الخبرة والمعاينة وللتفصيل سنتناول هذه

      القواعد كالتالي:

      1-الكتابة

      الإثبات بالكتابة دليل كتابي يستعمله المتقاضي لإثبات تصرف قانوني أو واقعة قانونية باعتبارهما مصدرا للحق، فعند الإقدام على أي منهما يستحسن أن يتم بالكتابة لاحتمال قيام نزاع بشأنهما مستقبلا، ولذلك يسميها الفقهاء بالدليل المهيأ، وللإشارة فإن التصرف القانوني الذي يعني اتجاه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني، فإن أداة إثباته هي الورقة المدون فيها هذا التصرف، كما يجب التمييز بين السند والورقة، فالسند هو الورقة المعدة للإثبات، أما الورقة فتستعمل الأدلة الكتابية سواء أكانت معدة أو لم تكن معدة للإثبات[1] ، ويتم الإثبات بالكتابة بواسطة الأوراق المحررة، وتنقسم هذه الأوراق إلى أوراق رسمية وعرفية[2].

      أولا : الأوراق الرسمية:

      ونتناول ضمن هذا العنصر:

      1 - تعريف الورقة الرسمية وشروطها

      ويسميها المشرع الجزائري بالعقد الرسمي ، وقد عرفتها المادة 324 من القانون المدني الجزائري كالتالي: " العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط أو شخص مكلف عمومي بخدمة عامة ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية ، وفي حدود سلطته واختصاصاته.

       فإذا لم تكتسب هذه الورقة صفة الرسمية، فلا يكون لها إلا قيمة الورقة العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم [3] ، وهذه الأوراق الرسمية كثيرة ومتنوعة كأوراق الحالة المدنية القرارات الإدارية الوثائق الرسمية القضائية كالأحكام والقرارات، ومحاضر المنفذين والمبلغين ومحاضر الجلسات وأوراق الموثقين، ويشترط في الورقة الرسمية شروط هي:

      أ- أن تصدر من موظف عام أو مكلف بخدمة عامة: إن الموظف العام هو الذي تعينه الدولة للقيام بعمل من أعمالها، ويتلقى أجره من الخزينة العمومية، و تتسع مهمة الموظف العمومي.



      [1]  عبد الرزاق أحمد السنهوري، المرجع السابق، ص 105.

      [2]  تنقسم الأوراق المحررة التي تصلح دليلا للإثبات إلى أوراق رسمية وتدعى السند الرسمي، ويقوم بتحريرها موظف عام مختص كعقد الزواج وعقد الهبة، وأوراق عرفية وتدعى السند العرفي ويحررها الأفراد، وتنقسم إلى أوراق معدة للإثبات وتحمل توقيع أصحاب الشأن، وأوراق لم تكن معدة للإثبات كالرسائل ودفاتر التجار، وقد حدد القانون شروط كل منها ومدى قوته في الإثبات". انظر: أنور سلطان، المرجع السابق، ص 44.

      [3]  عرف القانون المدني الفرنسي الورقة الرسمية بالمادة 1317 كالتالي: "الورقة الرسمية هي التي تلقاها، وفقا للأوضاع الشكلية المطلوبة، موظف عام له حق التوثيق في الجهة التي كتبت فيها الورقة، وبالمادة 1318 عرف الورقة العرفية كالتالي: "الورقة التي لم تكتسب صفة الرسمية بسبب عدم اختصاص الموظف العام أو عدم أهليته أو العيب في الشكل، تكون لها قيمة الورقة العربية إذا كانت موقعة من الطرفين.