Aperçu des sections

  • مدخل إلى حرية التعبير

    الأستاذ: رياض شتوح  تخصص :حقوق ،   جامعة محمد بوضياف بالمسيلة

     

    الاميل الخاص بالأستاذnontino4@yahoo.fr،

     - التخصص : الحقوق  

    الفئة المستهدفة:  طلبة الماستر تخصص علوم جنائية،القضاة و رجال الضبطية القضائية.

    الكلمات المفتاحية:  إعلام، صحافة ،نشر

     

    ملخص المقياس:

    يتناول المقياس أهم الجرائم التي ترتكب عن طريق وسائل الإعلام المكتوبة،المسموعة والمرئية، أركانها و العقوبات المقررة لها و المسؤولية الجزائية عنها وحالات انتفاء تلك المسؤولية وأسباب الإباحة، وانتهاء بإجراءات المتابعة والعقوبات المقررة لتلك الجرائم

    الهدف العام للمقياس:

    تمكين الطلبة من تحديد أركان الجريمة الصحفية والنصوص المجرمة لها و خصائصها التي تميزها عن باقي الجرائم

    مضمون المقياس:

    / تعريف الجريمة الصحفية

    2/ أركان الجريمة الصحفية

    3/ المسؤولية الجزائية في جرائم الصحافة والإعلام

    4/ صور جرائم الصحافة والإعلام

    5/ المتابعة و الجزاء

    المراجع: في آخر المحاضرة

     

    المحاضرة الأولى: مدخل إلى حرية التعبير

     

    الصحافة من أهم الوسائل المتقدمة التي تضمن للإنسان الحرية, بحيث يمكن القول إن حرية الصحافة تعد مقياسا لحرية الشعوب, فحرية الرأي والتعبير تكمن في جريدة أو كتاب أو في خطاب مصور أو مذاع.
    وقد نصت على هذه الحريات الإعلانات الوطنية والإقليمية والدولية, وجميع الشرائع والدساتير العالمية انطلاقا من الشريعة الإسلامية مرورا بالإعلانات العالمية وصولا إلى الدساتير الوطنية.
    فالصحافة إذن تلعب دورا هاما في نقل مختلف الأفكار، فضلا عن أدوارها السياسية والاجتماعية، وهي  هام في رفع اللبس ونشر الحقائق للناس وتوجيههم للصواب, لكن بالرغم من كل هذا، لا تعفى من المسؤولية عندما يتجاوز الصحفيون الحدود بإحداثهم أضرارا تمس الفرد وحتى النظام العام للدولة التي يخضعون لنظامها القانوني.

    1/مـاهية حـرية التـعبيـر:

    يجدر بنا بداية وقبل الخوض في جرائم الصحافة أن نعرف حرية التعبير، التي هي محور جرائم الإعلام بصفة عامة

    تعـريف حـريـة التـعبيـر:تعددت التعريفات التي أعطيت لحرية التعبير إلا أنها، في نهاية المطاف، تصب في مصب واحد، فهي حرية الإنسان في تكوين الآراء و اعتناق ما يشاء منها والإفصاح عنها بالطريقة التي يرغب، في حدود ما يسمح به القانون دون خوف أو وجل من أن يصيبه من السلطة الحاكمة أي مكروه.

    يمكن القول أن عبارة " حرية التعبير " تتضمن فكرتين أو معنيين : حرية و  تعبير

    فالحرية لغة، هي القدرة على الاختيار الحر، و هي القدرة على أن يفعل الإنسان ما يشاء و كيف يشاء. أما قانونا، فهي التزام السلطة بعدم التعرض للأفراد في مجالات معينة و محددة، و تلتزم كذلك بحماية الأفراد في ممارسة حقوقهم في هذا المجال.

    و التعبير لغة، اسم مشتق من الفعل عبر، فيقال عبر الرجل عما في نفسه: أعرب و بين بالكلام، و عبر عن كذا: تكلم.

    و عليه فإن حرية التعبير هي قدرة الفرد على إبداء أرائه و أفكاره في شتى مناحي الحياة الفكرية و الاعتقادية و السياسية و الاجتماعية و الفنية...الخ دون أن تتعرض له السلطة بأذى أو مكروه يصيب بدنه أو ماله، بل إن واجبها هو أن تكفل له هذه الحرية.

    إن إدلاء الفرد برأيه يكون وفق طرق ووسائل متعددة، فقد يكون صراحة أو بالاقتراع العام أو التصويت، شفاهة أو كتابة، شعرا أو نثرا، في كتاب أو صحيفة أو قناة أو موقع إلكتروني... 2/خـصـائص حرية التعبير:

    يمكن إجمال خصائص حرية التعبير في خاصيتين هامتين، هما:

    أنها حرية جوهرية باعتبارها أصلا لحريات أخرى، و أنها حرية ذات معنيين: سلبي و إيجابي.

    أ-حـريـة جوهـريـة: كونها أساس لحريات أخرى، ذلك أن حريات الفكر جميعا تنبثق من حرية الرأي و التعبير ، فحرية الصحافة مثلا، هي إحدى تطبيقات حرية الرأي والتعبير عنه، فالرأي قد يبدى في جريدة أو يعرض مصورا أو مذاعا.

    بـ-حـريـة ذات معنيين: سلبي و ايجابي:لحرية التعبير معنيان مختلفان و متعاكسان، حيث يمكن أن نجد لها معنى سلبيا و أخر ايجابيا.

    أولا: المعنى السلبي: و مؤداه انه لا ينبغي لشخص أن يخشى شيئا بسبب اعتناقه رأيا أو آراء معينة،و من واجب السلطة هو مقابلة هذه الآراء بموقف سلبي يحمل معنى اللامبالاة، فلا تعرض له بأذى في شخصه أو ماله أو منصبه،بل ويجب عليها حماية هذا الحق و صونه.

    ثـانيـا  المعنى الإيجابي: إذ ينبغي مقابلة رأي أي شخص بسلوك إيجابي يتجسد في احترام ذالك الرأي وتقديره. بمعنى أن الرأي حسب هذا المفهوم الإيجابي سيؤخذ بعين الاعتبار احتراما له و كفالة للتعبير عنه حتى لا تمس هذه الحرية بأي أذى

    3/مـجـالات حرية التعبير:

    نقصد بمجالات حرية التعبير الميادين التي نجد فيها تطبيقات حية لممارسة حرية الرأي و التعبير عنه، ولحرية التعبير ثلاث مجالات نتناولها على النحو التالي

    أولا: في المجـال السيـاسي

    المقصود بالمجال السياسي هو مجال الحقوق السياسية التي تتعلق مباشرة بمباشرة السلطة في المجتمع. و يمكن إبراز مظهرين لحرية التعبير من خلال حقين سياسيين مقررين بالدستور الجزائري ، هما: حق إنشاء الأحزاب و حق الانتخاب.

    1/ حـق إنشـاء الأحـزاب:يعرّف الحزب السياسي بأنه" تنظيم يضم مجموعة من الأفراد تدين بنفس الرؤية، و ذلك بالعمل في آن واحد على ضم عدد أكبر من المواطنين في صفوفهم، و على تولي الحكم، أو على الأقل التأثير على قرارات السلطة الحاكمة ".

    و ورد النص على حق إنشاء الأحزاب في المادة 42 من دستور 1996، حيث جاء فيها: " حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به و مضمون ".

    2/ حـق الانتخـاب: الانتخاب هو الوسيلة الوحيدة لاختيار الحاكم وممثلي الشعب في المجالس النيابية والمحلية اختيارا حرا، و هو الوسيلة الطبيعية و المشروعة لذلك. و قد ورد في المادة 50 من دستور 1996 أنه: " لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية أن ينتخب و ينتخب ".

    و الانتخاب تعبير صريح من الناخب عن انتمائه لفكرة أو مذهب سياسي و عن إيمانه بقناعة سياسية معينة.

    ثانيا:في المجـال الاجتمـاعي و الاقتصـادي

    يمكن أن نجد في المجال الاجتماعي و الاقتصادي صورتين تجسدان حرية التعبير فيه، الأولى تتعلق بالحق النقابي و الثانية تتعلق بالحق في الإضراب.

    1/ الحـق النـقـابي: جاء النص على الحق النقابي بصورة مطلقة في دستور 1996 ) و قبله دستور 1989(، فنصت المادة 56 منه على أن: " الحق النقابي معترف به لجميع المواطنين".،  وقبله فصلت فيه القوانين لحدود هذا الحق و آليات ممارسته. فنصت المادة 5 من القانون رقم 90-11 المتعلق بعلاقات العمل على انه: " يتمتع العمال بالحقوق الأساسية التالية: ممارسة الحق النقابي"، ثم صدر القانون رقم 90-14 المؤرخ في 06 جوان 1990 يتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي.

    2/ الحق فـي الإضـراب: كرس دستور 1996 الحق في الإضراب، و ذلك بالنص عليه في المادة 57 منه، حيث جاء فيها أن : " الحق في الإضراب معترف به و يمارس في إطار القانون ".  ونص عليه كذلك في المادة 5 من قانون العمل رقم 90-11 (: " يتمتع العمال بالحقوق الأساسية التالية:..اللجوء إلى الإضراب". ثم  نص عليه تفصيلا القانون رقم 90-02 المؤرخ في 06 فيفري 1990 يتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها و ممارسة حق الإضراب.

    ثالثا: فـي المجـال الإعلامـي: تعد الصحافة إحدى الشرايين الهامة التي يتغذى منها الرأي العام، إذ أنها أهم وسائل إعلامه بما يدور حوله من أحداث محلية أو دولية، عملية أو ثقافية، سياسية،أو فنية... و بالتالي فهي سنده في تكوين رأيه و وسيلته أيضا للتعبير عن رأيه.

    تؤدي الصحافة دورها و رسالتها بجدية و كفاءة إذا تمتعت بقدر من الحرية، و حرية الصحافة ليست مرادفا لحرية التعبير، كما يعتقده الكثيرون. ذلك أن حرية الصحافة لا تعدو أن تكون امتدادا لحرية الفكر، و ممارسة هذه الحرية أي التعبير عنها، هي التي تعرف بحرية الرأي، وحرية الصحافة إحدى مجالاتها

    إن الصحافة ضرورة تربوية و حضارية و تعد أداة رقابة تكشف انحرافات الفرد و في الوقت نفسه تقوم برقابة ما تقوم به السلطات من أعمال و تكشف سلبيات القرارات المتخذة و ما يعتريها من عيوب عند تنفيذها. و لذلك لم يخطئ من وصفها بأنها السلطة الرابعة في الدولة أو صاحبة الجلالة.

    على أن ممارسة الصحافة لا بد أن تخضع للقوانين التي تنظمها، و كذا احترام الحدود و الضوابط المرسومة لها قانونا، فإن جانبت ذلك وقعت تحت طائلة الجريمة الصحفية و تعرض مرتكبها للعقوبات الجزائية المقررة في قانون العقوبات و في قانون الإعلام وبعض القوانين الخاصة الأخرى التي أوردت جرائم يمكن أن ترتكب  بواسطة وسائل الإعلام و من طرف رجاله.

    قائمة بأهم مراجع محاضرات مقياس جرائم الصحافة

    بعد القرآن الكريم

    أولا القوانين:

    1/ الدستور الجزائري، المعدل بالقانون رقم 16-01، مؤرخ في 6 مارس 2016، ج ر عدد 14، صادر في 7 مارس 2016.

    أ/ نصوص تشريعية:

    1/ القانون العضوي رقم 12/05 المؤرخ في 12/01/2012 المتضمن قانون الإعلام،جريدة رسمية عدد02 في 15/01/2012.

    2/ القانون رقم 82/01 المؤرخ في 06/02/1982 يتضمن قانون الإعلام، جريدة رسمية عدد06 لعام 1982.(ملغى)

    3/ القانون رقم 90-07 المؤرخ في 3 أفريل 1990 المتضمن قانون الإعلام الجريدة الرسمية عدد14 في04/04/1990.(ملغى بالقانون العضوي 12/05)

    4/ القانون 05/04 المؤرخ في 06/02/2005 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي  للمحبوسين، جريدة رسمية عدد 12 في 13/02/2005 .

    5/ القانون رقم15/12 ، المؤرخ في 15 یولیو 2015 ، المتعلق بحمایة الطفل ، الجریدة الرسمیة عدد 39 في 19/07/2015.

    6/ القانون 20/05 المؤرخ في 28/04/2020 يتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما،  جريدة رسمية عدد 25 الصادرة في 29/04/2020 .

    7/ القانون 20/06 المؤرخ في 28/04/2020 يعدل ويتمم الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 8 جوان 1966 المتضمن قانون العقوبات، جريدة رسمية عدد 25 الصادرة في 29/04/2020.

    8/ الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 8 جوان 1966 المتضمن قانون العقوبات الجزائري المعدل والمتمم.

    9/ الأمر 66 رقم 155 المؤرخ في 8 جوان 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية الجزائري المعدل والمتمم.

    10/ الأمر رقم 06/01 المؤرخ في 27/04/206 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، جريدة رسمية عدد 11 في 28/02/2006.(قانون مؤقت)

    11/ أمر رقم 16-03 ،مؤرخ في 19 جوان 2016 ،یتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات و التعرف على الأشخاص، ج ر عدد 37 ،صادر في 22 جوان 2016.

    12/ الأمر رقم 21/09 المؤرخ في08/06/2021  ، يتعلق بحماية المعلومات والوثائق الإدارية، ج.ر عدد 45 الصادرة في 09/06/2021 .

    13/ الأمر رقم 21/11 المؤرخ في 8/06/2012 يتمم الأمر رقم 155/66 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية، ج.ر عدد 65 الصادرة في26/08/2021 .

    بــ/ النصوص التنظيمية:

    1/ المرسوم التنفيذي رقم 20- 332 المؤرخ في 22/11/2020 يحدد كيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر الإنترنت ونشر الرد أو التصحيح عبر الموقع الإلكتروني، جريدة رسمية عدد 70 في 25/11/2020.

    جـ/ تعليمات:

    تعليمة والي ولاية مسيلة المؤرخة في 24/11/2020 بخصوص العلاقة بين الإدارة والمراسلين الصحفيين المعتمدين بالولاية.

    د/ اجتهادات قضائية و قرارات المحكمة العليا (غير منشورة)

    قرار 16/07/1995 ملف رقم 107891.

    قرار صادر في 30/12/1995 ملف رقم 108616.

    قرار غ.ج.م في 07/09/1999 ملف رقم 179811.

    قرار غ.ج.م في 02/11/1999 ملف رقم 195535 .

    ثانيا الكتب:

    1/ إبراهيم سيد أحمد، البراءة والإدانة في جرائم السب والقذف والبلاغ الكاذب والشهادة الزور واليمين الكاذبة، طبعة أولى 2002.

    2/أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي الخاص، الجرائم ضد الأموال والجرائم ضد الأشخاص، الجزء الأول، الطبعة الواحدة والعشرين،2019، دار هومة

    3/أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي العام، الطبعة الثامنة عشر 2019، دار هومة.

    4/أحسن بوسقيعة،قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية،الطبعة الرابعة عشر، 2018، بيرتي للنشر.

    5/ أحمد المهدي، أشراف شافعي جرائم الصحافة والنشر، دار الكتب القانونية، طبعة 2005.

    6/ حسن سعد سند، الوجيز في جرائم الصحافة والنشر. دار الفكر الجامعي. مصر. سنة الطبعة 2002.

    7/ أشرف فتحي الراعي، جرائم الصحافة والنشر الذم و القدح ,دار الثقافة للنشر و التوزيع , الأردن . 2012.

    8/ حسن محمد هند، النظام القانوني لحرية التعبير والصحافة والنشر، طبعة 2006.

    9/حسين طاهري ، الإعلام والقانون ، دار الهود للطباعة والنشر،الجزائر، 2014.

    10/ عبد الفتاح بيومي حجازي، المبادئ العامة في جرائم الصحافة والنشر، دار الفكر الجامعي الإسكندرية, مصر.

    11/ محمد كمال الدين إمام، المسؤولية الجنائية أساسها وتطورها، دراسة مقارنة في القانون الوضعي، طبعة 2004.

    12/ مختار الاخضري السائحي ، الصحافة والقضاء, دار هومة , الجزائر,2011

    13/مصطفى مجدي هرجه، جرائم السب والقذف والبلاغ الكاذب، القانونية للنشر و التوزيع، مصر، 1999

    ثالثا: الأطروحات والرسائل

    1/ الطاهر بن أحمد،المسؤولية الجنائية للحق في حرية التعبير والصحافة،أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه علوم في العلوم الإسلامية،تخصص شريعة وقانون،كلية العلوم الإنسانية قسم العلوم الإسلامية، جامعة باتنة،2015 .

    2/ رشا خليل عبد،حرية الصحافة تنظيمها وضماناتها،بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق جامعة النهرين،العراق،2007.

    3/ نادية سخان، الحماية الجنائية للشرف والاعتبار دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الجنائي الجزائري ، بحث مقدم لنيل شهادة دكتوراه، العلوم تخصص الفقه والأصول، كلية العلوم الإسلامية، قسم الشريعة، جامعة الحاج لخضر، باتنة،2015/2016 .

    4/ ابتسام صولي، الضمانات القانونية لحرية الصحافة المكتوبة في الجزائر، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير في الحقوق تخصص قانون دستوري، كلية الحقوق والعلوم السياسية،جامعة محمد خيذر بسكرة، 2009/2010 .

    5/ أحلام باي،معوقات حرية الصحافة في الجزائر، دراسة ميدانية بمؤسسات صحفية بمدينة قسنطينة، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في تخصص وسائل الإعلام و المجتمع، كلية العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية، قسم علوم الإعلام والاتصال، جامعة منتوري قسنطينة، 2007.

    6/ إيمان محمد سلامة بركة، الجریمة الإعلامیة في الفقه الإسلامي،  الرسالة استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في الفقه المقارن من كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية  بغزة، فلسطين، 2008 .

    7/ بحرو عبد الكريم، الحماية الدستورية لحرية التعبير في الجزائر دراسة مقارنة بالشريعة الإسلامية،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون الدستوري، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة الحاج لخضر باتنة،2006.

    8/ توفيق نعيمي، المسؤولية الجزائية عن جرائم الصحافة الإلكترونية، مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير، تخصص قانون فرع قانون الإعلام، كلية الحقوق والعلوم السياسية،جامعة سيدي بلعباس، 2015 .

    9/ حليمة زكراوي، المسؤولية الجنائية في مجال الصحافة المكتوبة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص المعمق، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة تلمسان، 2014 .

    10/ درابلة العمري سليم: تنظيم المسؤولية الجنائية عن جرائم الصحافة المكتوبة، رسالة ماجستير،كلية الحقوق والعلوم الإدارية، جامعة الجزائر، ابن عكنون، الجزائر، 2004 م.

    11/ سهام رحال، حدود الحق في حرية التعبير في القانون الدولي لحقوق الإنسان، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم القانونية،  تخصص قانون دولي لحقوق الإنسان، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة الحاج لخضر باتنة، 2011.

    12/نصيرة زيتوني، المسؤولية الجنائية عن جرائم الإعلام، دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري الفرنسي والمصري، بحث لنيل شهادة الماجستير في القانون الجنائي والعلوم الجنائية، معهد الحقوق والعلوم الإدارية، جامعة الجزائر، 2002 .

    رابعا: المقالات العلمية

    1/ د عبد الرحمن خلفة، التقادم وأثره في انقضاء الدعوى العمومية في الجرائم الماسة بالشرف والاعتبار مقال نقدي مقارن في ضوء الفقه الإسلامي وقانون الإعلام الجزائري الجديد والقوانين المقارنة، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة.

    2/ د. نواف حازم خالد و أ خليل إبراهيم محمد، الصحافة الإلكترونية ماهيتها والمسؤولية التقصيرية الناشئة عن نشاطها، مجلة الشريعة والقانون، العدد 47 أفريل 2011 .

     


  • ماهية الجريمة الصحفية

    المحاضرة رقم02:أركان الجريمة الصحفية

     

    تقوم أي جريمة على ثلاثة أركان: الركن المادي ويتمثل في نشاط الفاعل والنتيجة التي يصيبها وعلاقة السببية بينهما, والركن المعنوي والذي هو عبارة عن نية داخلية يضمرها الجاني وأحياناً عبارة عن مجرد خطأ منه، والركن الشرعي و يمثل في النص الذي يجرم الفعل أو يضفي عليه صفته غير المشروعة.

    هذه الأركان يتعين أن تتوافر في كل جريمة أياً كانت طبيعتها, ويطلق عليها تعبير الأركان العامة للجريمة. ولكن المشرع قد يتطلب توافر أركان أخرى في بعض الجرائم من ذلك الجريمة الصحفية فهذه الجريمة لا تقوم بدون توافر ركن العلانية فيها.

    أولا الركن الشرعي:

    هو شرط وجود نص قانوني یجرم الفعل الإجرامي ویعاقب علیه .إذ لا جریمة بغیر قانون ،فالنص القانوني هو الذي یحدد مواصفات الفعل الذي یعتبره القانون جریمة، وبدون النص القانوني یبقى الفعل مباحا.

    تعریف أخر: یعرف الفقهاء الركن الشرعي للجریمة أنه"نص التجریم الواجب التطبیق على الفعل أو بعبارة أخرى هو النص القانوني الذي یبین الفعل المكون للجریمة و یحدد العقاب الذي یفرضه على مرتكبها.

    فقد نصت المادة الأولى من قانون العقوبات على أنه "لا جریمة ولا عقوبة أو تدبیر أمن بغیر قانون." فلا یجوز أن یعاقب أي شخص عن جریمة إلا بنص قانوني ساري المفعول.

    و للركن الشرعي أهمية بألفة كونه يرسم الحدود الفاصلة بين ما يباح نشره وبين ما يحظر، ويتمثل الركن الشرعي لجرائم الصحافة بالدرجة الأولى في قانون العقوبات وقانون الإعلام 12/05، إضافة إلى قوانين أخرى نصت على جرائم يمكن ارتكابها عن طريق وسائل الإعلام، ومنها قانون تنظيم السجون، قانون حماية الطفل وقانون البصمة الوراثية.

    ثانيا: الركن المادي

    من القواعد الراسخة في القانون الجنائي, فان الجريمة أياً كانت طبيعتها لا توجد بغير ركن مادي, والذي هو عبارة عن سلوك إجرامي بارتكاب فعل جرمه القانون أو الامتناع عن فعل أمر به القانون. فالركن المادي للجريمة هو مادياتها أي كل فعل يدخل في كيانها وتكون له طبيعة مادية ونشاط خارجي تلمسه الحواس،فلا يعد من قبيل الجرائم, كل ما يدور في الأذهان من أفكار ورغبات لا تظهر إلى المحيط الخارجي فينال المجتمع منها اضطرابا أو يصيب الحقوق الجديرة بالحماية ضرر.

    هذا وإن قيام الجريمة على ركن مادي يجعل إثباتها سهلاً,ثم إنه يعمل على حماية الأفراد من متابعتهم دون أن يصدر عنهم سلوك مادي محدد فتعصف بأمنهم وحرياتهم .

    إن هذا البناء المادي يتكون عادة وفي صورته الكاملة من نشاط ونتيجة إجرامية وعلاقة سببية تربط بينهما, وفي صورته الناقصة يتمثل في الشروع.

    إن الركن المادي للجريمة الصحفية في صورته الكاملة يتألف من ثلاثة عناصر أساسية وهي السلوك الإجرامي والنتيجة والعلاقة السببية.

    1/ السلوك أو الفعل في الجريمة الصحفية

    السلوك الإجرامي هو النشاط المادي الخارجي المكون للجريمة , والسبب في إحداث ضررها العام والخاص إن وجد, وسواء أكان أيهما مقصوداً لذاته أم جاء عرضاً بغير أن يقصده الجاني, لأن القانون لا يعاقب على مجرد النية الآثمة مهما دلت على خطورة صاحبها طالما إنها بقيت غائرة في أعماق الذهن , وإنما يعاقب فقط على الفعل الذي يعد بذاته جريمة أو شروعاً فيها أو اشتراكاً.

    وفي إطار الصحافة فهو السلوك الذي يؤدي إلى إبراز الفكرة للجمهور في شكل يمكنه من الاطلاع على مضمونها في صورة صحيفة, أو مجلة, أو مـنشور عام أو حصة مسموعة أو مرئية في مـدة منتظمة.

    والسلوك الإجرامي في جرائم النشر بصورة عامة يتمثل في القول أو الصياح, الفعل أو الإيماء, الكتابة أو ما يقوم مقامها, ويراد بها كل ما هو مدون بلغة غير مفهومة,أو يمكن فهمها ولو بالاستعانة بالغير أو بأية وسيلة أخرى, ولا يهم هذا القالب أو الأسلوب الذي أفرغت فيه.

    فالكاتب من خلال كتاباته قد يحاول إخفاء المعنى المؤذي والصفة السيئة في لفظ بريء المظهر نقي العبارة , وذلك إما لتقوية المعنى وإما للهروب من المسؤولية , وإما لتـحقيق الغرضين معاً . ولكن طالما تحققت أركان الجريمة فلا يفيد الكاتب محاولة إخفاء المعنى . وفي هذا الصـدد تقول محكمة النقض المصرية بان "المداورة في الأساليب الإنشائية بفكرة الفرار من حكم القانون لا نفع فيها للمداور ما دامت الإهانة تتراءى للمطلع خلف ستارها وتشعرها الأنفس من خلالها , إنما تلك المداورة مخبثة أخلاقية شرها ابلغ من شر المصارحة بها فهي أحرى بترتيب حكم القانون".

    2/ النتيجة الإجرامية في الجريمة الصحفية: يقصد بالنتيجة الإجرامية التغيير الذي تحدثه الجريمة في العالم الخارجي , وقد يكون هذا التغيير منظوراً , بمعنى إن الحدث يحدث أثراً في الكون المادي يمكن أن تبصره العين لكونه تغييراً مادياً ظاهراً , أو قد يكون غير منظور أي محسوساً , كأن يكون مسموعاً أو مشموماً , وينطوي تحت ظله الجرائم كافة التي تحدث تغييراً في الكون النفسي ومثالها الجرائم التي تجرح الشعور العام , فان النتيجة تقتصر فيها على المساس بإحساس الناس وشعورهم .

         ولا يعتد المشرع بالنتيجة الإجرامية إلا في حالات محددة وبنسب متفاوتة, وباستقراء نصوص القوانين الجزائية التي تنظم هذه الجريمة يمكن أن نميز بين أربع صور:

    تكون فيها النتيجة الإجرامية عنصراً مكوناً للجريمة بحيث يترتب على انتفائها عدم قيام الجريمة أو تحولها إلى شروع إذا كان المشرع يعاقب على الشروع في الجريمة محل البحث. مثالها الشخص الذي يحوز أو يستورد أو يصدر أشياء تخل بالأمن العام أو تسيء إلى سمعة البلاد أو فيها ما يكون منافياً للآداب العامة فهذه الأفعال تعني بالضرورة تحقق النتيجة الإجرامية .

    قد لا يستلزم المشرع لقيام الجريمة الصحفية التحقق الفعلي للنتيجة الإجرامية , وإنما يكتفي باحتمال تحققها,أي انه يساوي هنا بين التحقق الفعلي للنتيجة واحتمال حدوثها , من ذلك نشر أمور من شأنها التأثير في الحكام أو القضاة المطروحة إمامهم القضية أو الشهود في القضية .

        فهنا لا يتطلب المشرع التأثير الفعلي في القاضي أو الشهود بل مجرد احتـمال هـذا التأثير.

    3- لا تكون فيها النتيجة الإجرامية عنصراً مكوناً للجريمة وإنـما يعتـد بها كـظرف مـشدد للعقاب , أي إن عدم تحقيق النتيجة الإجرامية لا يؤثر في  قيام الجريمة , فالجريمة تقوم بغض النظر عن تحقق النتيجة الإجرامية . ولكن المشرع يقرر انـه فـي حال وتحققـت النتيجة الإجرامية أو انه كان من المحتمل تحققها فيتعين تشديد العقاب . من ذلك مـن يذيع بإحدى طرق العلانية وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة من شأنها إضعاف الثقة في نقد الدولة أو سنداتها الخ , فالمشرع يقرر تشديد العقوبة في حالة تحقق شيء من ذلك.

    3/ علاقة السببية: و هي الرابطة التي تصل بين السلوك الإجرامي والنتيجة, فهي عنصر في الركن المادي تربط بين عنصريه الآخرين السلوك والنتيجة. وشأنه في جرائم الصحافة هو شأن كل الجرائم, فلا بد أن يترتب على عمل النشر الذي يمثل الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون نتيجة إجرامية يسند إليها وقوعها من خلال رابطة سببية تصل النشاط بالنتيجة الإجرامية التي أحدثها.

         والعلاقة السببية لا تثير أية صعوبة في الحالات التي يؤدي فيها سلوك الجاني مباشرة إلى النتيجة الإجرامية ولكن المشكلة تثار عندما تتضافر مع فعل الجاني أو تنضم إليه عوامل أخرى سابقة عليه أو معاصرة أو لاحقة له, مستقلة أو منفصلة , ولكنها تشترك معه في أحداث النتيجة الجرمية بحيث يصبح من المتعذر القول بأن تصرف المتهم كان العامل الوحيد في حصول النتيجة . وقد تعددت النظريات لمعالجة هذه الحالة من ذلك:

    *1- نظرية السبب الملائم: ومضمونها قيام رابطة السببية ما بين الفعل والنتيجة الإجرامية, إذا كان فعل الجاني يشكل سبباً مناسباً أو ملائماً للنتيجة التي وقعت مع مراعاة العوامل المألوفة. غير إن هذه العلاقة قد يأتي وأن تنقطع إذا ما تدخلت عوامل أخرى وبالتالي لا يسأل الفاعل جزائياً عن النتيجة التي حصلت ويسأل فقط عن فعله إذا كان معاقباً عليه.  ومثال ذلك من يضرب شخصاً بآلة حادة، وأثناء نقل المصاب  للمستشفى تصطدم سيارة الإسعاف التي تنقله بسيارة أخرى فمات على إثرها, فحادث المرور هنا قطع علاقة السببية بين فعل الضرب بآلة حادة وبين النتيجة وهي الوفاة.

    *2- نظرية السبب المباشر أو الأقوى:  ومضمونها أن يكون فعل الجاني هو السبب الأساسي أو الأقـوى في حدوث هذه النتيجة. بحيث يمكن القول بأنها قد حدثت من سلوك الجاني دون غيره.

    والسببية تتطلب نوعاً من الاتصال المادي بين الفعل والنتيجة, أي الارتباط المباشر بين الفعل والنتيجة.

    *3- نظرية تعادل الأسباب: تساوي هذه النظرية بين جميع العوامل التي أسهمت في إحداث النتيجة, فـكل منها تقوم بينها وبين النتيجة علاقة السببية.

    أما إذا تبين إن النتيجة كانت مؤكدة الحصول بغض النظر عن فعل الجاني فـلا يسـأل الأخـير عنها.

    وقد اخذ بهذه النظرية العديد من القوانين باعتبارها تمثل الاتجاه المعتدل ما بين النظريتين السابقتين وذلك لإقرارها بالطبيعة المادية لعلاقة السببية بوصفها صلة بين ظاهرتين ماديتين هما الفعل والنتيجة.

    واستناداً على ذلك فان مرتكب الجريمة الصحفية يسأل عن فعله المادي المتمثل في النشر حتى ولو  تداخلت بين سلوكه والنتيجة عوامل أخرى سابقة أو معاصرة أو لاحقة لسلوكه ,محتملة أو غير محتملة الحصول.

    والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن تصور الشروع في الجريمة الصحفية ؟

    بخلاف الجريمة التامة، ينص القانون على صورة أخرى للجريمة و هي الشروع, والذي يراد به البدء بتنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها،ما لم يكن اعتقاد الفاعل صلاحية عمله لإحداث النتيجة مبنياً على وهم أو جهل مطبق.

    اخـتلـف الفقه بهذا الصدد فمنهم من ذهب إلى عدم تصور الشروع في الجريمة الصحفية استناداً إلى ركن العلانية الذي تقوم عليه الجريمة, ذلك أن الشروع يعني توقف النشر,وعليه فان الجريمة لا وجود لها .

    في حين ذهب جانب آخر من الفقه إلى إمكانية تصور الشروع في جرائم الصحافة , ذلك إن الاتجاه السابق من الفقه كان قد اعتمد على المذهب الموضوعي في تفسير الشروع والذي يرى بان الشروع في الجريمة لا يتم إلا إذا بدأ الجاني بارتكاب فعل من الأفعال المكونة للجريمة بوصفها الذي نص عليه القانون , وفيما عدا ذلك من أفعال أخرى لا يعد شروعاً فيها أي إن الشروع يكون بارتكاب الجاني فعلاً من الأفعال المكونة للركن المادي للجريمة .

    هذا المذهب منتقد لأنه حصر الشروع في نطاق ضيق , ويؤدي إلى إفلات المجرم من العقاب.

    ومثال ذلك صحفي كتب خبرا يتضمن جريمة صحفية, ثم قام بإرساله إلى المطبعة لنشره في العدد القادم من الجريدة , هذا الفعل يؤدي حالاً ومباشرة إلى ارتكاب جريمة , غير إن أحد مدير المطبعة مثلا اطلع على المقال فرفض نشره واتصل بمصالح الأمن ليتم ضبط المقال قبل نشره, فسلوك الصحفي حسب جانب من الفقه يعتبر بدءاً في تنفيذ الجريمة , و يستوجب المساءلة الجزائية .

    أما في التشريع الجزائري فالشيء الملاحظ أن المشرع الجزائري لم ينص على الشروع في الجريمة الصحفية ولا يعترف به أصلا

    ثالثا:الركن المعنوي

     لا يكفي لقيام الجريمة بصفة عامة توافر ركنها الشرعي المتمثل في الصفة غير المشروعة للسلوك الإجرامي , وتوافر ركنها المادي المتمثل في ارتكاب السلوك الإجرامي وحصول النتيجة الضارة وتحقق العلاقة السببية بينهما , وإنما يجب أيضاً توافر ركنها المعنوي والذي يتمثل في الأصول الإرادية لماديات الجريمة والسيطرة عليها , وهو وجهها الباطني والنفساني , أي إن الجريمة ليست كياناً مادياً خالصاً قوامه الفعل وآثاره , ولكنها كذلك كيان نفسي. هذا الكيان الذي هو سبيل الشارع إلى تحديد المسؤول عن الجريمة , إذ لا يسأل شخص عن جريمة ما لم تقم علاقة بين مادياتها ونفسيته , وهو في النهاية ضمان للعدالة وشرط لتحقيق العقوبة أغراضها الاجتماعية  .

    هذا وإن العلاقة النفسية بين الجاني والأفعال غير المشروعة تتخذ إحدى صورتين : القصد الجنائي , والخطأ غير العمدي .

    بيد انه لما كانت الجريمة الصحفية تعد من الجرائم العمدية أي التي تستلزم القصد الجنائي أو العمد , فسوف تقتصر دراستنا عليه وحده باعتباره يمثل الركن المعنوي في جرائم الصحافة .

    والذي يراد به توجيه الفاعل إرادته إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفاً إلى نتيجة الجريمة التي وقعت أو أية نتيجة جرمية أخرى. أي أن القصد الجنائي يتكون من عنصري العلم والإرادة

    أ/ عنصر العلم: يتمثل في العلم بالوقائع المكونة للجريمة من فعل سواء كان ايجابياً أم سلبياً , ونتيجة و رابطة سببية بينهما .

    ويكون العلم في هيئة التوقع عندما ينصرف الجاني إلى واقعة مستقلة, كتوقع حدوث النتيجة الأصلية على سبيل المثال, وعلى أية حال فان الوقائع التي يتحتم العلم بها قد تكون سابقة على الفعل أو معاصرة له, أو لاحقة على الفعل.

    يرى بعض الفقه الجنائي أن النشر لا يكون مقصوداً إلا إذا كان يعلمه الصحفي بجميع عناصره.ففي جريمة القذف مثلاً ـ يتعين أن يكون الصحفي على علم بحقيقة نشاطه الإجرامي , سواء كان قد تمثل في قول أو صياح , أو فعل أو إيماء , أو كتابة أو غيرها,  وان ما ينوي كتابته أو نشره يتضمن إسناد واقعة أو صفة أو تحقيرا شائن إلى شخص المقذوف أو المسبوب أو المهان، من شأنها المساس بشرفه واعتباره في الوسط الذي يعيش أو يعمل فيه.

    إن علم المتهم بدلالة الواقعة التي أسندها إلى المجني عليه في جريمة القذف يكون مفترضاً ،أي أن سوء النية مفترض في جرائم الصحافة، متى كانت عبارات القذف مهينة أو مشينة. وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية عند تطرقها إلى دور العلم في القصد الجنائي في جرائم القذف  في أحد أحكامها"القصد الجنائي في جريمة القذف يتوافر إذا كان القاذف يعلم بان الخبر الذي نشره يوجب عقاب المجني عليه أو احتقاره. وهذا العلم مفترض إذا كانت العبارات موضوع القذف شائنة وتتضمن قدحا".

     ويرى بعض الفقه الجنائي أن افتراض توافر سوء النية لدى الصحفي قرينة قابلة لإثبات العكس, إذ انه يمكن للمتهم أن يقيم الدليل بأي وسيلة إثبات بعدم علمه أن ما نشره من عبارات تتضمن سبا أو تحقيرا أو إهانة للشخص الموجه إليه تلك العبارات.

    وقد يتطلب القانون العلم بمكان ارتكاب الجريمة أو العلم بزمان ارتكابها، على غرار اهانة رئيس الجمهورية او أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الدولة، فهي تفترض أن يكون ذلك في فترة رئاسته  بالنسبة للرئيس، وفي فترة العمل ضمن البعثة الدبلوماسية المعتمدة لدى دولة الصحفي.

    بــ/ عنصر الإرادة:لا يتحقق القصد الجنائي عن طريق العلم فقط, بل يجب أن تتجه الإرادة إلى ارتكاب هذه الوقائع, والإرادة عبارة عن نشاط نفسي يهدف إلى تحقيق النشاط الإجرامي وإحداث النتيجة التي ينهى عنها القانون.

    هذا وإن اتجاه الإرادة إلى عناصر الركن المادي من سلوك إجرامي ونتيجة إجرامية فقط , لا يعد كافياً لقيام الجريمة الصحفية إذ انه يتطلب فضلاً عن ذلك أن تتجه الإرادة إلى قصد العلانية.

    ومثاله قيام صحفي أو شخص بتأليف كتاب أو كتابة مقال يتضمنان قذفاً وأودعها لدى شخص, ليقوم المودع عنده الكتاب أو المقال بنشرهما،ففي هذه الحالة لا يسأل كاتب المقال أو مؤلف الكتاب عن العبارات المشينة،بل إن من نشرهما هو المسؤول جزائيا لأنه هو من توافرت لديه نية النشر وترجمها لسلوك مادي خارجي.

     هذا ويسؤل الصحفي في حال توافرت لديه إرادة النشر حتى وإن لم يقم هو  شخصيا بنشر المقال أو الخبر، وترك ذلك لشخص آخر مع علمه بأنه سينشر الخبر.

    إن قصد العلانية يعد جزءاً من القصد الجنائي الذي يجب توافره في الجريمة الصحفية , فهذه الجريمة يشترط لقيامها أن يتوافر لدى الجاني قصد نشر الخبر فإذا ثبت أن الصحفي لم يكن يقصدها فلا يمكن  مساءلته .

    الباعث على ارتكاب الجريمة الصحفية:

    الباعث هو إثارة الشيء وتوجيهه. وبعثه على الشيء أي حمله على فعله وبعثه: أثاره وهيّجه

    فالباعث هو مثير خارجي يحرك الدوافع داخل الفرد، مما يجعله يقوم بسلوك إرادي.

    ويمكن أن نعرف الباعث بأنه مثير خارجي يحرك الدافع ويساعده لكي يقوم بسلوك إرادي معين في الخارج.

    لم يعتد المشرع الجزائري بالباعث في جرائم الصحافة كسبب يبيحها أو يرفع المسؤولية الجزائية عندها.

    ونشير إلى أن المشرع الجزائري يعتبر جرائم الصحافة عمدية في جميع الأحوال، بافتراض قاعدة الخطا الجزائي

    رابعا: ركن العلانية:

    تعريف العلانية:

    العلانية لغة:علن،يعلن, علنا، وعلانية يقول رأيه علنا إستعلـــن الأمـر خــلاف خفي الأمر عالن ، معالنة ، علانا أي جاهر بالشيء"، " أعلن يعلن إعلانا، أعلن الأمر أي أظهر، أو صرح به "

    والعلانية خلافا للسرية، وتعني الإظهار، والعلانية في اللغة العربية لها مدلول هو الإظهار والجهر والانتشار والذيوع أو الشيـــــــــوع والنشر، أي إبلاغ الجمهور بفعل أو قول أو كتابة أو تمثيل.

    وتختلف كلمة الإعلان على العلانية، ويراد بها ما ينشر التاجر أو غيره في الصحــف أو نشرات خاصة تعلن في أماكن مخصصة، أو توزع على الناس ،أو من خلال كافة وسائل الإعلام الأخرى المرئية والمسموعة،بقصد الترويج والدعاية لسلعة أو خدمة معينــة.

    التعريف الاصطلاحي للعلنية: لم يتطرق قانون العقوبات الجزائري وقانون الإعلام إلى تعريف العلانية المطلوب تحققهــا في جرائم الإعلام، وترك هذا الأمر لفقهاء القانون والقضاة، ويلاحظ إن أغلب التشريعات حاولت توضيح مدلول العلانيـة من خلال إيراد الوسائل والطرق التي تتحقق بها العلانية ، كما فعل المشرع الفرنسي في المــادة 23 من قانون الصحافة والمشرع المصري في المادة 171 من قانون العقوبات، بخلاف المشرع الجزائري.

    ويمكن القول بأن العلانية تعني الإظهار والجهر والانتشار والذيوع والنشر ، أي إبلاغ الجمهور بقول أو كتابـــة أو تمثيل.

    هذا وتجدر الإشارة إلى انه لا يوجد مدلول موحد للعلانية ، ينطبق عل جميع الجرائم التي يتطلب فيها القانون توافر ركن العلانية،  ويستدل على ذلك من خلال إيراد المشرع لبعض وسائل التعبيـر المنصوص عليها في المادة 296 من قانون العقوبات الجزائري بخصوص جريمة القذف، بينما اكتفـى في نصوص أخرى كما في جريمة التأثير في أحكام المحاكم والتقليل من شانها باشتراط العلانية مطلقا دون بيـان وسائل التعبير أو طرق تحقق العلانية ، ويقتضي ذلك أن العلانـية المطلوبة في جرائـم الإعلام هي بقدر ما تحققه من الذيوع والانتشار بينما يكفي في جريمة الفعل العلنـي المخـل بالحياء المنصوص عليها في المـادة 333 من قانون العقوبات ،  أن يكون في استطاعة أي شخص مشاهدة الفعل فيكون قد تعرض لخدش حيائه ، وتأسيسا على ذلك فإن دلالة العلانية في جريمة الفعل العلني المخل بالحياء  أكثر منها في جرائـم الإعلام ، ذلك أن الأولى تكتفي بمجرد احتمال مشاهدة الفعل، اما في الثانية فلابد أن يتحقق قدر معين من الذيوع و الانتشار.

    وأشار الأمر رقم 06-01 مؤرّخ في27 فبراير عام 2006، يتضمّـن تنفـيذ ميثـاق السلم والمصالحة الوطنيّـة على العلانية وتوسع فيها من خلال نص المادة 46 منه التي نصت على"يعاقب بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وبغرامة من250.000 دج إلى500.000 دج، كلّ من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أيّ عمل آخر، جراح المأساة الوطنيّة أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبيّـة، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية".

    أما آخر نص قانوني تطرق لصور العلانية فكان القانون المتعلق بالوقاية من التمييز و خطاب الكراهية و مكافحتهما من خلال قد أشار إلى طرق للعلانية وهي"القـول أو الكتابة أو الرسـم أو الإشـارة أو التصوير أو الغناء أو التمثيل أو أي شكل آخر من أشكال التعبير، مهما كانت الوسيلة المستعملة"

    كما أشار القانون ذاته للعلنية كظرف مشدد للعقوبة بقوله" يعاقب  كل من يقوم علًنا بالتحريض على ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة أو ينظم أو يشيد أو يقوم بأعــمــال دعــائــيــة مــن أجــل ذلك، مــا لــم يشكــل الــفــعــل جــريــمـة يعاقب عليها القانون بعقوبة أشد، بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، وبغرامة من 100 ألف دينار جزائري إلى 300 ألف دينار جزائري"، و شدد القانون المشار إليه على أنه يرفض الاحتجاج بحرية الرأي والتعبير لتبرير التمييز، خطاب الكراهية.

    3/ العلانية فقها وقضاء:

    أ/العلانية فقها: لقد وردت عـدة تعاريف فقهية للعلانية، نذكر منها:"اتصال علم الجمهور بفعل أو قول أو كتابـة أو تمثـيل واطلاعهم عنه بسبب عدم اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بستره أو كتمانه".

    وعرفها البعض " بأن العلانيـة خلافا للسريـة هي الجهر بالشيء أو إظهاره، أي إحاطة الناس علما به " .

    ويمكـن تعريف العلانية بأنها"اتصـال علـم مجموعـة من الأفراد يصدق عليهم القـول بأنهم جمهـور بفكرة أو رأي بإحدى الوسائـل التي تحقق له الذيـوع والانتشـار،سواء كانت بقول أو صياح أو فعل أو إيماء أو كتابة ، بما يحقق إمكانية الوصول إلى مدارك الآخرين" .

    بــ/العلانية قضاء:يلعب القضاء دورا بارزا ومهما في توضيح المفاهيم القانونية، وتفسير النصوص القانونية ، ومما ورد في الاجتهاد القضائي يتبين بان القضـاء يتجه إلى استنتاج العلانية ، والتحقق من توافرها يتم من خلال الظروف المحيطة ووقائع كل دعـوى على حدة،ومن التطبيقات القضائية بهـذا الشأن نذكر ما ذهبت إليه محكمتا النقض الفرنسية والمصرية:

    - ذهبت محكمة النقض المصرية إلى"أن العلانية في جريمة القذف والسب بالوسائل المنصوص عليها في المادة171 من قانون العقوبات المصري يشترط لها توافر عنصرين هما توزيع الكتابة المتضمنة لعبارات القذف والسب على عدد من الناس بغير تمييز واتجاه قصــد المتهم لإذاعة ما هو مكتوب ".

    - قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه " يمكن اعتبار اللفظ أو الكلام أو الأقوال التي تتم في الأماكن العمومية على مرأى ومسمع من العموم، بما يؤدي إلى إطلاع مجموعـــة من الأشخاص، يحقق العلانية".

    حالات العلنية في قانون العقوبات الجزائري:

    تتخذ العلانية في قانون العقوبات أحد المظهرين ، فإما أن تكون محددة من المشرع على سبيـل الحصر لا على سبيل المثال ، وهنا المشرع يكون قد وضع طرق ووسائل تحقق العلانية وكيفيات إثباتها وهو ما اصطلح عليه تسمية علانية القانون ، كما قد تتخذ العلانية مظهرا ثاني هو علانية الواقع وهنا يستلزم المشرع في بعض النصوص المعاقبة أن تتحقق العلانية دون بيان طرق تحققها وإنما يترك تقدير توافر العلانية من عدمه إلى القاضي الذي يفصل في ذلك استنادا إلى وقائـع وملابسات وظروف كل قضية على حدى.

    تتخذ العلانية في قانون العقوبات عدة صور، أهمها عندما تكون في صورة جريمة في حد ذاتها ، كتجريم نشر و إذاعة الأقوال و الكتابات وفيها تمثل العلانية الكيان المادي للجريمة وهـذا هو الحال في أغلب جرائم الإعلام.

    و للعلانية وسائل للتعبير عنها يتم بها الإفصاح عن الآراء و الأفكار كالقول و الإشارات و الكتابة ، بحيث أنه لا تقوم جريمة الإعلام وأن تم التعبير عن تلك الأفكار و الآراء ، ما لم تتحقق العلانية المطلوبة و التي تتوافر بإذاعة الفكرة و الرأي على الجميع بوسيلة تحقق وصولها إلى مجموعة من الناس، ويتعين على القاضي أن يثبت في حكمه توافر العلانية في جرائم الإعلام بعنصريها ، قصد العلانية و  تحققها بالوسائل المعروفة قانونا وواقعا.

    مظاهر العلنية:

    تكون العلانية في شكلين أو مظهرين ، فتكون محددة من المشرع وحالاتها مفترضة  ونسميها علانية القانون والتي يتعين على القاضي إثبات توافر إحدى حالاتها، و يكون خاضع لرقابة المحكمة العليا أو أن تكون غيـر محددة قانونا وتسمى بعلانية الواقع، وبالتالي يترك المجال واسعا للقاضي للبث في توافر العلانية من عدمه.

    لقد دأبت أغلب التشريعات على تعداد و ذكر طرق ووسائل تحقق العلانية على سبيل المثال لا الحصر، ومنها التشريع الفرنسي ، حيث وردت طرق تحقق العلانية في قانون الصحافة الفرنسي على سبيل المثال لا الحصر في المادتين 28.23 منه ،وأحال في النصوص اللاحقة عليهما فيما يخص وسائل وطرق تحقق العلانية.

    أما المشرع الجزائري فقد اتبع منهج علانية الواقع ، في العديد من النصوص دون بيان طرق تحققها ، كما هو الشأن في المواد 147 ، 160 ،160 مكرر 3 ،160 مكرر 7 من قانون العقوبات الجزائري،  وكذا المادة 46 من قانون تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.

    أي أن العلانية المطلوب توافرها علانية واقع، و للقاضي السلطة التقديرية في تقديـر مدى توافر العلانية وإثباتها ، ولا رقابة من المحكمة العليا عليه إلا من حيث التسبيب.

    أما فيما يخص العلانية المطلوبة في الجرائم الواردة في قانون الإعلام12/05 فقد تضمنتها المادة 04 من نفس القانون على النحو التالي:

    - وسائل الإعلام التابعة للقطاع العمومي،

    - وسائل الإعلام التي تنشئها هيئات عمومية،

    - وسائل الإعلام التي تملكها أو تنشئها أحزاب سياسية أو جمعيات معتمدة،

    - وسائل الإعلام التي يملكها أو ينشئها أشخاص معنويون يخضعون للقانون الجزائري ويمتلك رأسمالها أشخاص طبيعيون أو معنويون يتمتعون بالجنسية الجزائرية.

    إثبات العلنية:

    1/ فيما تعلق بعلانية القانون: فهي علانية مفترضة يتم إثباتها من خلال إثبات عناصرها ،إذ تقرن بعض التشريعات تحقق العلانية بتحقق عناصر معينة وتعد هذه العناصر بمثابة قرائن قانونية تدل على توافر العلانية وهي قرائن قانونية قاطعة غير قابلة لإثبات العكس، ومثال ذلك الجهر بالقول أو الصياح ، أو ترديده بطريق اللاسلكي أو بأية وسيلة أخرى في إجتماع عام أو في طريق عام أو مكان معد  للجمهور.

    ومن بين تلك القرائن القانونية غير القابلة لإثبات العكس هي عرض الكتابة أو ما في حكمها في طريق عام أو مكان معد للجمهور أو مكان خاص،و لكن يمكن رؤيتها من تلك الأماكن أو إذا بيعت هذه الكتابة أو ما في حكمها أو عرضت للبيع في أي مكان، وقد نصت عليها المادة 296 من قانون العقوبات الجزائري.

    فيما تعلق بعلانية الواقع: يتم إثبات تحققها بجميع وسائل الإثبات، ولا يتم إثباتها بالقرائن القانونية كما هو عليه الحال في إثبات علانية القانون ، ويتم إثبات علانية الواقع بتحقق الاقتناع الشخصي للقاضي بوجود علانية فعلية قائمة أيا كانت وسيلة التعبير المستخدمة.

    ظروف التشديد في جرائم الصحافة:

    يقصد بالظروف المشددة الوقائع أو الأحوال التي تتصل بالجريمة ذاتها أو بشخص مرتكبها ويكون من شأنها جعل الجريمة أكثر جسامة، أو الإفصاح عن خطورة زائدة في شخص فاعلها مما يقتضي تشديد العقوبة عليه، إما برفع حدودها أو بتغيير نوعها وإحلال عقوبة أشد محلها.

    وقد اعتد المشروع الجزائري بظروف التشديد في  جرائم الصحافة، على غرار جريمة التحريض على التجمهر بصورتيه المسلح و غير المسلح عند تحقق الغرض منه حسب نص المادة 100 من قانون العقوبات، وجريمتي القذف والسب إذا كان القذف أو السب موجها إلى شخص أو أكثر بسبب انتمائهم إلى مجموعة عرقية أو مذهبية أو إلى دين معين وفق ما نصت عليه المادة 298/03 والمادة 298 مكرر من قانون العقوبات.

     


  • الطبيعة القانونية للجريمة الصحفية

    المحاضرة الثالثة:الطبيعة القانونية للجريمة الصحفية

     

    كرس الدستور الجزائري للصحافيين الحق بحرية الرأي والتعبير حيث يمكن أن يعبروا عن آراءهم بكل حرية ودون أي خوف، وذلك نظرا  لتمتع الصحافة بأهمية ودور فعال في التأثير على الرأي العام، وهذه الأهمية هي التي أوجبت ضرورة توفير الحماية لها، لكن الصحفي يمكن أن يتجاوز هذه الحدود المرسومة له قانونا مما يوقعه في جرائم يعاقب عليها القانون أثناء ممارسة مهنته وذلك من خلال مساسه بشرف واعتبار الأشخاص والهيئات.

    الصحافة قد تتصل بعلاقة غير مباشرة بالظاهرة الإجرامية سلبا و إيجابا بأن تكون عاملا ودافعا إلى ارتكاب الجريمة أو مانعا يحول دون حدوثها وقد تتحول حرية الرأي إلى جريمة من جرائم الرأي وهنا تكون العلاقة بين الصحافة والجريمة علاقة مباشرة.

    لم يضع المشرع الجزائري تعريفا للجريمة الصحفية،و اكتفى بتعداد ما أسماها المخالفات المرتكبة في إطار ممارسة النشاط الإعلامي في الباب التاسع من قانون الإعلام المواد من 116 إلى 126

    تعريف الجريمة الصحفية:

    إن أغلب التشريعات وقوانين الإعلام لم تتضمن تعريف الجريمة الصحفية رغم الأهمية التي تكتسيها والدقة والوضوح اللذين يقتضيهما القانون الجزائي.

    أولا/ التشريع الفرنسي: جرائم الصحافة هي تلك الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحافة، فالمشرع الفرنسي قد أدرج جرائم الصحافة في الباب الرابع من قانون الصحافة الجنايات والجنح التي ترتكب بواسطة » : الصادر في 29 جويلية 1881 م تحت عنوان حيث نصت المادة 23 من نفس القانون على: ،« الصحافة وغيرها من وسائل النشر معاقبة كل من يحرض على الجنايات والجنح إذ ارتكبت بواسطة الوسائل التالية: »

    أ- بالحديث، الصياح، التهديد في مكان عام، اجتماع عام.

    ب- بالكتابات، المطبوعات، الرسوم أو لوحات أو شعارات بيعت أو وزعت أو عرضت للبيع في أماكن واجتماعات عامة.

    ج- بلوحات أو ملصقات معروضة على العموم

    ثانيا/ التشريع الجزائري: إنالمشرع الجزائري من خلال قانون الإعلام الملغى رقم 07-90 المؤرخ في 03 أفريل 1990 م، وبالتحديد في الباب السابع منه تحت عنوان أحكام جزائية أورد جملة من الجرائم و اعتبرها جرائم الإعلام إذا ارتكبت بإحدى وسائل النشر أو الإذاعة أو التلفزيون، أو بأية وسيلة تعلن للجمهور وذلك في 22 مادة، من المادة 77 إلى غاية المادة 99 ولم يتطرق إلى تعريف الجريمة الصحفية كما أن القانون العضوي للإعلام الجزائري رقم 12/05 المؤرخ في 12 جانفي 2012 قد أفرد الباب التاسع تحت عنوان: المخالفات المرتكبة في إطار ممارسة النشاط الإعلامي، من المادة 116 إلى غاية المادة 126 منه والتي تحدد أنواع الجرائم.

    ومن خلال عرض التشريعين الفرنسي و الجزائري فإن الجريمة الصحفية تعرف بأنّها:هي ذلك العمل غير المشروع الصادر عن أي شخص من شأنه مخالفة التنظيم الإعلامي »وأجهزته، أو الاعتداء على مصلحة عامة أو خاصة بواسطة أي وسيلة من وسائل الإعلام الإعلان عن فكر أو رأي.

    و قد تصدى الفقه إلى تحديد الجريمة التعبيرية بأنّها شعور تجاوز حدوده، بحيث يترتب على ذلك مسؤولية مدنية أو جنائية أو المسؤوليتان معا،وتكون الصحافة أو غيرها من وسائل النشر بمثابة الأداة التي استعملت في ارتكابها.

    الطبيعة القانونية للجريمة الصحفية

    اختلفت الآراء الفقهية حول تحديد الطبيعة القانونية للجريمة الصحفية التي تقع بواسطة النشر والذي يعد هذا الأخير عنصر مهم لقيام مثل هذه الجرائم، كما يعد وسيلة للتعبير عن الآراء والأفكار والمعتقدات، وهذا ما أدى إلى تضارب أراء الفقهاء واختلافها، وانقسموا بذلك إلى مذهبين الاتجاه الأول، يرى أن

    الجريمة الصحفية لها طبيعة خاصة أي ذات طابع خاص، أما الاتجاه الثاني يقول أن الجرائم الصحفية ذات جرائم القانون العام وكل اتجاه اعتمد على مجموعة من الاعتبارات

    1/ الرأي الأول: الجريمة الصحفية جريمة ذات طابع خاص

    ذهب أنصار هذا الاتجاه إلى القول أن الجريمة الصحفية هي جريمة ذات طبيعة خاصة، مؤسسين اعتبارهم هذا على:

    - أن الجريمة الصحفية لا تسبب آثار مادية، بخلاف باقي الجرائم بل اضطراب نفسي أو ذهني لمن يتابع الخبر أو المقال، وبالتالي فالضرر المترتب عنها هو ضرر أدبي يصعب تحديده.

    - المشرع الجزائي في أغلب التشريعات أحاط الجريمة الصحفية ببعض القواعد الخاصة سواء من الناحية الموضوعية أو من الناحية الإجرائية، بحيث أن ما يميز الجريمة الصحفية أنها قائمة على إبداء الرأي والاعتقاد بقصد شيء، أي أن المشرع يجرم بمقتضاه الرأي والإعلان عنه، و أن المشرع أحاط المسؤولية الجنائية الناشئة عن الجرائم الصحفية بمجموعه من القواعد  .

    إن موضوع الجريمة الصحفية في الغالب يكون عبارة عن التعبير عن الرأي، فيجرم الفكر والإعلان عنه، أما جرائم القانون العام فهي تهتم بالفعل المادي سواء وقع في الخفاء أو العلانية.

     وعليه فهم يرون أن الجريمة الصحفية جريمة خاصة ويجب أن تكون هناك سياسة جزائية عقابية متميزة تجاهها.

    2/ الرأي الثاني: الجريمة الصحفية من جرائم القانون العام

    يرى أنصار هذا الاتجاه إلى القول بأن الجرائم الصحفية لا تختلف في طبيعتها عن غيرها من جرائم القانون العام، والشيء الذي يميزها يتعلق بالوسيلة التي ترتكب بها هذه الجرائم ألا وهي العلانية :

    - جرائم النشر الصحفي هي جرائم لا تختلف في طبيعتها عن غيرها من جرائم القانون العام والسمة المميزة لها تكمن فقط في وسيلة ارتكابها وليس من المقبول القول بأن الوسيلة ارتكاب الجريمة تغير من طبيعتها لذلك تتجنب بعض التشريعات مصطلح "جرائم الصحافة" واعتمدت تعبير "الجنايات والجنح التي تقع بواسطة الصحف" كما فعل المشرع الفرنسي.

    - القول بأنها تشكل ضررا غير مادي يصعب تحديد مداه، ولذلك يصدق على جميع الجرائم التي تسبب أضرار معنوية يصعب تحديدها.

     - كما لا يمكن أن تضع لها تمييزا عن باقي الجرائم طبقا بمبدأ المساواة أما القانون وعدم التمييز ما بين الجرائم، فهي لا تختلف في الجوهر عن الجريمة عموما فهي تقوم على أركان ثلاثة: الركن الشرعي والركن المادي والركن المعنوي غير أن العلانية والقصد الجنائي ركنان مشتركان بين الجرائم والتي ترتكب بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر.

    3/ الجرائم الصحفية والجرائم السياسية:

    لقد ثار خلاف في فرنسا بخصوص اعتبار جرائم الصحافة جرائم سياسية من عدمه،فإذا اعتبرت جرائم الصحافة جرائم سياسية فإنها تستفيد من تطبيق الأحكام الخاصة بالجريمة السياسية، حيث توجد عدة نصوص تشريعية فرنسية  تخص الجرائم السياسية بإجراءات وعقوبات خاصة،فلا تباشر بشأنها إجراءات التلبس، و لا يطبق بشأنها نظام تسليم المجرمين،إضافة إلى نظام عقابي خاص، وتشترط تلك النصوص لتطبيق ما هو معمول به في الجرائم السياسية أن يكون الأمر متعلقا بجرائم تتصل اتصالا وثيقا بحرية الرأي والفكر، وليست جرائم اعتداء على حقوق الأشخاص ومصالحهم، وهي مسألة متروكة لتقدير قضاة الموضوع.

    هذا و اعتبر جانب من الفقه جرائم الصحافة جرائم سياسية كونها قد تمس بالعلاقات السياسية بين البلدان،في حال ما تضمنت أمورا مسيئة عن حاكم أو رئيس أو ملك دولة أجنبية،إلا أن هذا الرأي مرفوض منطقيا، كونه أخذ بنتائج حالات استثنائية تسببها بعض جرائم الصحافة وعممها على كلها.

    وفي الأخير نقول بأنه تبقى هذه الجرائم من جرائم القانون العام إذ تنطبق عليها نفس قواعد الموضوعية والإجرائية العادية على التقادم ومسألة رفع الشكوى كما أن المشرع الجزائري بالرغم من أنه نظم جرائم الصحافة في قانون خاص وهو قانون الإعلام إلا أنه طبق عليها القواعد العامة في المتابعة والشكوى.


  • المسؤولية الجزائية عن الجريمة الصحفية

    المحاضرة الرابعة:المسؤولية الجزائية عن الجريمة الصحفية

     

    * مفهوم المسؤولية:

    ينصرف معنى المسؤولية على وجه العموم إلى مفهوم المؤاخذة وتحمل التبعة, أو بمعنى أدق أن مصطلح المسؤولية يستخدم للدلالة على معنى التزام شخص بتحمل العواقب التي تترتب على سلوكه الذي ارتكبه مخالفاً به أصول أو قواعد معينة , ويستوي في ذلك أن يكون السلوك ايجابياً أم سلبياً مخالفاً لقواعد الأخلاق  فحسب, وتوصف المسؤولية في هذه الحالة بأنها مسؤولية أدبية, وتقتصر آثارها على ما تثيره من استهجان في نفوس أفراد المجتمع لذلك المسلك المخالف لقواعد الأخلاق , أما إذا كان السلوك ينطوي على مخالفة لقواعد القانون , فان المسؤولية هنا تكون مسؤولية قانونية وتستتبع بالضرورة فرض جزاء قانوني تحدده السلطة المختصة في الدولة، وتشمل المسؤولية القانونية المسؤولية المدنية والمسؤولية الجزائية، فالمسؤولية المدنية هي الالتزام بتعويض الضرر الذي ترتب على إخلاله بالتزام يقع عليه  فإذا كان الالتزام الذي حصل الإخلال به مصدره العقد كانت المسؤولية عقدية ,وإذا كان هذا الالتزام مصدره العمل غير المشروع كانت المسؤولية تقصيرية. 

    أما المسؤولية الجزائية فتعرف بأنها" الالتزام بتحمل النتائج القانونية المترتبة على توافر أركان الجريمة , وموضوع هذا الالتزام هو العقوبة او التدبير الاحترازي الذي ينزله القانون بالمسؤول عن الجريمة" ,أو أنها "مجموعة الشروط التي تنشئ عن الجريمة لوما شخصياً موجهاً ضد الفاعل , وهذه الشروط تظهر الفعل من الناحية القانونية على انه تعبير مرفوض لشخصية الفاعل".أو هي"تحميل الإنسان نتيجة أعماله ومحاسبته عليها لأنها تصدر منه عن إدراك لمعناها ولنتائجها وعن أرادة منه لها"، في حين يذهب بعضهم إلى تعريفها بأنها"علاقة قانونية تنشأ بين الفرد والدولة يلتزم بموجبها الفرد إزاء السلطة العامة بالإجابة عن فعله المخالف للقاعدة القانونية وبالخضوع لرد الفعل المترتب على المخالفة".

    فالمسؤولية الجزائية تعني السؤال من مرتكب الجريمة عما ارتكبه من سلوك مناقض للنظم السائدة في المجتمع ثم التعبير عن ذلك اللوم الاجتماعي إزاء هذا السلوك بإعطائه مظهراً محسوساً في شكل عقوبة أو تدبير احترازي ينزله القانون بالمسؤول عن الجريمة.

     

    أحكام المسؤولية الجزائية في ظل القانون العضوي 12 / 05 المتعلق بالإعلام:

    لقد جاء القانون العضوي 12 / 05 بقواعد و أحكام جديدة, نظم بها مختلف أنشطة الإعلام المكتوب أو المرئي و المسموع أو الإلكتروني, لذلك وردت أحكام المسؤولية في الباب الثامن في المادة 115 التي نصت على أنه " يتحمل المدير مسؤول النشرية أو مدير جهاز الصحافة الإلكترونية ، وكذا صاحب الكتابة أو الرسم مسؤولية كل كتابة أو رسم يتم نشرهما من طرف نشرية دورية أو صحافة إلكترونية و يتحمل مدير خدمة الاتصال السمعي البصري أو عبر الانترنت و صاحب الخبر الذي تم بثه المسؤولية عن الخبر السمعي البصري أو عبر الانترنت.

     وتبنى المسؤولية الجزائية لمدير النشرية أو القناة أو الإذاعة أو الموقع الإلكتروني على فكرة قانونية على أساس افتراض علمه بما ينشر أو يذاع أو يبث أو يكتب

    و ما يمكن استخلاصه أن المشرع قد تبنى فكرة المسؤولية التضامنية بين مدير النشر أو مدير خدمة الاتصال السمعي البصري و صاحب الكتابة أو الرسم الذي تم نشره أو صاحب الخبر الذي تم بثه, و هو نفس الحكم المطبق على الصحافة الالكترونية

    1/: في الصحافة المكتوبة:

    أ المدير مسؤول النشرية: و يقصد بالنشرية الدورية الصحف و المجلات بجميع أنواعها و التي تصدر في أوقات منتظمة.

    أما المدير مسؤول النشرية فهو الشخص الطبيعي الذي أودع تصريح موقع من طرفه لدى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة لأجل الحصول على اعتماد إصدار النشرية الدورية، و قد حددت المادة 23 من هذا القانون الشروط اللازمة في المدير مسؤول النشرية.

    و مسؤولية المدير مسؤول النشرية هي مبنية على افتراض قانوني بأنه مطلع على كل ما ينشر في جريدته و إذنه بنشره, أي تقرير قرينة قانونية بأنه على علم بكل ما تم نشره في الجريدة التي يشرف عليها سواء عرف المؤلف أو لم يعرفه.

    ب صاحب الكتابة أو الرسم ) المؤلف (: ليس شرطا أن يكون الشخص مؤلفا إلا بأن تكون تلك الكتابة أو الرسم من صنع أفكاره أو من ابتكاره, و إنما يكفي أن يكون قد قدم ما تحت يديه إلى رئيس التحرير أو التأشير باسمه هو, لا باسم صاحبها الأصلي فإذا كان قد قدمها باسم هذا الأخير و بتفويض منه فيكون هذا الأخير هو المسؤول باعتباره مؤلفا ، و ليس من قام بالتقديم  .

    لذلك اعترفت المادة 87 من قانون الإعلام للصحفي بحقه في أن يرفض نشر أو بث أي خبر للجمهور يحمل توقيعه إذا أدخلت على هذا الخبر تغييرات جوهرية دون موافقته.

    من جانب آخر أوجبت المادة 86 من نفس القانون على الصحفي أو كاتب المقال الذي يستعمل اسما مستعارا  أن يبلغ آليا و كتابيا قبل نشر أعماله المدير مسؤول النشرية بهويته الحقيقية, و يعتبر المؤلف فاعل أصلي للجريمة، و مسؤوليته تكون وفقا للقواعد العامة.

    إضافة لما سبق ذكره يبقى أن نشير إلى ما جاء به المشرع الجزائري إثر تعديل قانون العقوبات

    بمقتضى القانون رقم 06 / 23 المؤرخ في 20 / 12 / 2006 في المادة 144 مكرر1 منه التي نصت

    أيضا على مسؤولية النشرية و مسؤولية رئيس التحرير في الجرائم النصوص عليها في المادتين

    144 مكرر و 146 منه.

     هذه المادة أثارت إشكالين, الأول أنها أقرت مسؤولية مدير النشرية و رئيس التحرير في وقت واحد رغم أنه يمكن أن يكون المسؤول عن النشر في جريدة هو مديرها، وفي جريدة أخرى هو رئيس تحرير، وهذا الاختلاف يعود إلى المهام المفوضة للمدير أو رئيس التحرير، حيث يمكن أن يختص المدير بمهام إدارية فقط على أن يختص رئيس تحريرها بمضمونها، و هنا يسأل مسؤول التحرير و ليس المدير، و تظهر مسؤولية المدير أو رئيس التحرير من خلال نص عقد العمل الذي يجمعهما بالنشرية.

    أما الثاني هو إقراره للمسؤولية الجزائية للنشرية على الرغم من أنها لا تتمتع بالشخصية القانونية،و من ثمة ليس لها كيان قانوني  .

    إلا أن المشرع تدارك هذا الأمر و ألغى المادة 144 مكرر 1 بموجب القانون 11 / 14 المؤرخ في 02 أوت 2011 المتضمن تعديل قانون العقوبات.

    2/ في الصحافة السمعية البصرية:

    أ/ مدير خدمة الاتصال السمعي البصري:

    يقصد بخدمة الاتصال السمعي البصري كل خدمة اتصال موجهة للجمهور لاستقبالها في آن

    واحد من قبل الجمهور كله أو فئة منه، يتضمن برنامجها الأساسي حصصا متتابعة و منتظمة

    يحتوي على صور أو أصوات.

    و يمارس النشاط السمعي البصري من قبل هيئات عمومية أو مؤسسات و شركات يخضع

    للقانون الجزائري مرخص لها لتقديم خدمات بث تلفيزيوني أو خدمات بث إذاعي عبر القنوات,

    لذلك فمدير القناة يتحمل مسؤولية الخبر الذي تم بثه.

    بـ/ صاحب الخبر: وهو الصحفي الذي عرفته المادة73 من قانون الإعلام على أنه" هو الصحفي المحترف الذي يتفرغ للبحث عن الأخبار و جمعها و انتقائها و معالجتها أو تقديم الخبر لدى خدمة اتصال سمعي بصري و يتخذ من هذا النشاط مهنة منتظمة و مصدر دخله الرئيسي ، و يدخل في هذا المفهوم أيضا المراسل الدائم الذي له علاقة تعاقدية مع جهاز الإعلام.

    يبقى أن نشير إلى أن القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري أورد في المادة 07 عند تعريفه

    لبعض المصطلحات,  ومنها مصطلح ناشر سمعي بصري، وهو  كل شخص معنوي يعرض برامج

    سمعية بصرية و يتحمل مسؤولية النشر ، و يتضح من التعريف أن المشرع قصد الأشخاص

    المعنوية التي تقوم ببث برامج سمعية بصرية دون أن تكون مرخصة لتقديم خدمة اتصال سمعي

    بصري فوق التراب الوطني.

    3/ وسائل الإعلام الالكترونية:

    ميز المشرع في قانون الإعلام في المادة 67 و ما يليها بين نوعين من وسائل الإعلام و التي يقصد بها كل » الصحافة المكتوبة عبر الانترنت « الالكترونية,

    1/ الصحافة الالكترونية خدمة اتصال مكتوب عبر الانترنت موجهة للجمهور, و ينشر بصفة مهنية من قبل شخص طبيعي أو معنوي يخضع للقانون الجزائري و يتحكم في محتواها الافتتاحي.

    2/ خدمة السمعي البصري عبر الانترنت و التي يقصد بها كل خدمة اتصال سمعي بصري عبر الانترنت, سواء تلفزيون أو إذاعة موجهة للجمهور, و تنتج و تبث بصفة مهنية من قبل شخص طبيعي أو معنوي يخضع للقانون الجزائري و يتحكم في محتواها الافتتاحي.

    و في كلا النوعين فان مضمون النشاط يتكون من أخبار لها صلة بالأحداث و تكون موضوع معالجة ذات طابع صحفي ,و بالتالي تطبق على كل نوع قواعد المسؤولية المقررة في الصحافة المكتوبة أو صحافة السمعي البصري حسب كل حالة ,طبقا لما أوردته المادة 115 من قانون الإعلام.

    و فضلا عما سبق أضاف المشرع للترسانة القانونية الإعلامية المرسوم التنفيذي رقم 20- 332 المؤرخ في 22/11/2020 يحدد كيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر الإنترنت ونشر الرد أو التصحيح عبر الموقع الإلكتروني، الذي نظم من خلاله ممارسة النشاط الإعلامي عبر المواقع الإلكترونية وكذا الحقوق المرتبطة به من حق الرد وحق التصحيح

    انتفاء المسؤولية الجزائية في جرائم الصحافة:

    تقوم المسؤولية الجزائية عند ارتكاب الشخص للجريمة و إسنادها له، إلا أنه قد يأتي وأن نجد أسباب أو ظروفا تمنع قيام المسؤولية، فقد تكون ظروفا موضوعية تخص الفعل المرتكب، وقد تكون أسباب شخصية تخص مرتكب الجريمة، والتي نص عليها المشرع الجزائري في المادة 39 من قانون العقوبات، إلا أن هذه الموانع لا تطبق على جرائم الصحافة في الجزائر والتي يثبت إسنادها بتمام توافر أركانها الأربعة، بخلاف القانون الفرنسي و القانون المصري اللذان نصا على حالات تنتفي فيها الجريمة الصحفية أو تصبح مباحة على غرار القذف عندما تكون الوقائع المدعى بها صحيحة أو نشر الحقائق في إطار ممارسة حق النقد.

    أولا:أسباب الإباحة في جرائم الصحافة:

    تتميز المسؤولية الجزائية في المجال الإعلامي بأسباب إباحة يمكن القول أنها من نوع خاص تختلف عن تلك المعروفة في القواعد العامة، وتشمل:

    1/ حق النقد: ويعرف على أنه" تعليق على تصرف وقع فعلا،أو حكم على واقعة مسلمة، تقييم وضع أو عمل معين بإظهار محاسنه وعيوبه، ولهذا الحق مجموعة من الشروط تتعلق بالواقعة محل النقد ووسيلة النقد وحسن نية الناقد.

     ولم يعترف المشرع الجزائري للصحفيين بهذا الحق في قانون الإعلام 12/05 بخلاف ما كان عليه الحال في قانون الإعلام لعام 1928 في المادة 121 منه الذي أعفى الصحفيين من تهمة القذف إذا ما كان الخبر المنشور يدخل في إطار حق النقد.

    شروط حق النقد:

    - بالنسبة للواقعة محل النقد: يجب أن يسند النقد لواقعة مثبتة، أي معلومة للجمهور ومطابقة للواقع، فلا تكون وهمية أو من نسج الخيال، كما يشترط فيها أن تكون مما يهم الجمهور و تحقق المصلحة العامة

    - بالنسبة لوسيلة النقد: فتكون في شكل رأي أو تعليق مشروع أي من الآراء التي يقر القانون فعلها أو التعبير عنها، و أن ينحصر في حدود الواقعة محل النقد.

    كما يجب أن يصاغ الرأي أو التعبير في عبارات و ألفاظ لائقة، وفي مجالات غير محظورة على غرار القضايا المعروضة أمام العدالة.

    - حسن نية الناقد: النية" إقرار داخلي يتخذه الشخص في مواجهة أمر ما متأثرا بعوامل داخلية وخارجية تحيط بها"، أما حسن النية في القانون الجنائي فيعني انتفاء القصد الجنائي،لأن القصد الجنائي إرادة تتجه لمخالفة القانون والاعتداء على حقوق كفل حمايتها، ونقول إن الصحفي كان حسن النية إذا كان النقد يستهدف خدمة المصلحة العامة كأن يوجه الرأي العام أو يرشده لفكرة مفيدة أو تنبيهه إلى خطأ أو باطل قد يقع فيها،إضافة إلى اعتقاد الناقد صحة رأيه أو صواب النقد الذي يبديه.

    2/ حق نشر الأخبار: وهو" إعلام المجتمع بوقائع معينة دون أن يتدخل الشخص في التعليق عليها" فإذا علق عليها يخرج الصحفي هنا من حق نشر الأخبار إلى حق النقد، وهذا الحق مكفول دوليا، ومكفول دستوريا بنص المادة 51/01 التي نصت على " الحصول على المعلومات والوثائق والإحصائيات ونقلها مضمونان للمواطن."

    كما ألزم قانون الإعلام 12/05 في المادة 83 منه الإدارات العمومية والهيئات والمؤسسات أن تزود الصحفي بالأخبار والمعلومات التي يطلبها بما يكفل حق المواطن في الإعلام، وهو ما نلمسه في تعليمة والي ولاية المسيلة المؤرخة في 24/11/2020 بخصوص العلاقة بين الإدارة والمراسلين الصحفيين المعتمدين بالولاية، والتي أكد فيها على تمكين ممثلي وسائل الإعلام بالولاية من الأخبار والمعلومات، واعترف القانون نفسه للصحفي بحقه في الوصول إلى مصادر الخبر ما لم تكن تتعلق بطائفة أخبار محظورة وفق ما نصت عليه المادة 84 منه، إلا أن هذا الحق وحتى يعتبر كسبب إباحة لا بد من توافر شروط تتعلق به وهي:

    - تقيد حق نشر الأخبار بالموضوعية بتحري الصدق والحقيقة في الأخبار وهو ما أكده قانون الإعلام 12/05 في المادة 92 /05: - نقل الوقائع والأحداث بنزاهة وموضوعية،

    - يجب أن يتعلق الخبر بواقعة تهم الجمهور وتحقق مصلحة عامة لا تشهيرا بالأشخاص.

    - أن ترد الأخبار على وقائع لا يحظر القانون نشرها، وقد نصت المادة 84 من قانون الإعلام على طائفة من الأخبار التي يحظر على الصحفيين نشرها، وتشمل:

    *عندما يتعلق الخبر بسر الدفاع الوطني كمـا هـو محـدد في التشريع المعمول به،

    *عندما يمس الخبر بأمـن الدولـة و/أو السيادة الوطنية مسـاسـا واضحا،

     * عندما يتعلق الخبر بسر البحـث والتحقيـق القضائي،

    *عندما يتعلق الخبر بسـر اقتصادي استراتيجي،

    * عندما يكون من شأن الخبر الـمساس بالسياسة الخارجية والمصالح الاقتصادية للبلاد.

    إلا أن الإشكال يكمن في كون القانون لم يبين نوعية المعلومات المحظورة أعلاه ومتى نقول أن الصحفي قد خرقها تاركا المجال واسعا لاجتهاد القضاء، والذي يبقى غير موحد على المستوى الوطني

    - حسن نية الناشر بتحقيق مصلحة عامة من وراء نشر الخبر

    3/ الطعن في أعمال الموظف العام: وهو حق اعترفت به عدة تشريعات إعلامية مقارنة للصحفيين بأن ينتقدوا أداء الموظف العمومي أو من يتولى مهمة إدارية أو رسمية عمومية أو نيابية عمومية، في حين لم يعترف به المشرع الجزائري للصحفيين.

    ولهذا الحق مجموعة شروط تتصل بالحق في حد ذاته، وهي أن يكون موجها لموظف عام أو نائب في البرلمان أو مكلف بخدمة عمومية، إضافة إلى شرطين يخصان من قام بالطعن في تلك الأعمال وهما أن يكون حسن النية وأن يثبت ما نشره في حق الموظف العام ومن في حكمه.

    إضافة إلى شرط يتعلق بالواقعة محل الطعن والتي يشترط فيها أن لا تكون ماسة بالشرف والاعتبار وأن تكون متعلقة بصميم الوظيفة العامة.

    4/حق التبليغ عن الجرائم:إن قيام الصحافة بنشر بعض الأخبار قد يؤدي إلى المساس المعنوي ببعض الأشخاص فنشر أخبار الحوادث والجرائم قد تسيء إلى مرتكبيها، ولكن الوظيفة الأولى للصحافة هي نشر الأخبار، وإن الترخيص بقيام الصحيفة ينطوي في نفس الوقت على ترخيص بنشر الأخبار، كما أن للمجتمع المصلحة في معرفة ما يجري سواء حكام أو محكومين.

    5/ ما يأمر به القانون: إن الأفعال التي يأمر بها القانون مباشرة أو تتم تنفيذا لأمر صادر من سلطة مخولة قانونا بإصدار ذلك الأمر تعتبر أفعال مباحة، وتكمن سبب إباحة الأفعال التي يأمر بها القانون في النص القانوني ذاته، فمن غير المنطقي أن يأمر القانون بفعل معين، ثم يجرمه بعد ذلك، فإذا رأى المشرع ضرورة التدخل رعاية لمصلحة اجتماعية بتعطيل نص التجريم وتبرير الخروج عليه في حالة معينة، فإن ذلك يعني إباحته ضمن الشروط التي حددها القانون.

    ومن أمثلة ذلك ما نصت عليه المادة 09 من قانون العقوبات في باب العقوبات التكميلية،إذ أشارت نفس المادة في فقرتها 12 إلى نشر أو تعليق حكم أو قرار الإدانة،كما أشارت المادة 300 من نفس القانون إلى جواز نشر حكم إدانة شخص بجريمة الوشاية الكاذبة أو ملخص للحكم في جريدة أو أكثر، فنشر الحكم هنا سبب إباحة كونه تم بناء على أمر القضاء.

    ثانيا موانع المسؤولية الجزائية في جرائم الصحافة:

    و تعلق بشخص الجاني أي الصحفي أو الإعلامي الذي ارتكب جريمة صحفية، وتشمل حالتان وهما الجنون والإكراه دون صغر السن وحالة الضرورة،إذ لا يعقل أن يقوم بمهنة صحفية شخص قاصر .

    أ/ الجنون: و يقصد به اضطراب القوى العقلية لدى شخص ما بعد تمام نموها

    و يشترط في الجنون أن يكون معاصرا لوقت ارتكاب الجريمة، و أن يكون تاما بحيث يعدم الشعور والاختيار كلية.

     وعليه فلا يسأل جزائيا الصحفي الذي نشر مقالا أو أذاع أو بث خبرا يتضمن جريمة صحفية إذا ما ثبت جنونه وقت كتابة المقال أو الخبر أو قبيله، ولكن بالمقابل يسأل مدير النشر عما ورد في الخبر.

    بـ/ الإكراه:

     ويعرفه البعض بأنه"قوة من شأنها أن تمحو إرادة الفاعل أو تقيدها إلى درجة كبيرة ولا يستطيع مقاومتها فيتصرف وفقا لما يفرضه مصدر القوة"

    و الإكراه  نوعان هما: إكراه مادي ويقصد به"قوة مادية يستحيل على الشخص مقاومتها تسيطر على أعضاء جسمه وتسخرها في عمل أو امتناع يعاقب عليه القانون", و إكراه معنوي ويراد به" كل قوة معنوية توجه إلى الشخص لا يستطيع مقاومتها ومن شأنها أن تضعف الإرادة لديه إلى درجة يحرمها الاختيار وتؤدي به إلى ارتكاب الجريمة ويقع عادة بطريق التهديد بشر يحل بالجاني إذا لم يرتكب الجريمة، كمن يختطف ابن صحفي ويهدد بقتله إذا لم ينشر خبرا يريده، أو مدير مؤسسة إعلامية يهدد صحفيا بفصله من العمل أو خصم راتبه إذا لم ينشر خبرا  للمدير مصلحة وراء نشره.

    ويشترط في الإكراه لكي يكون مانعاً للمسؤولية الجنائية توافر شرطين هما :

    1-أن يكون الإكراه من الجسامة بحيث يفقد معها الاختيار لدى الجاني بالشكل الذي يتعذر عليه استطاعة دفعه .

    2-ألا يكون في استطاعة الجاني توقع سبب الإكراه لكي يعمل على تلافيه.

    نشير هنا إلى أن القانون الجزائري لا يعترف بأسباب الإباحة و موانع المسؤولية الجزائية عن الجرائم الصحفية، الشيء الذي أبقى الصحفيين عرضة دائما للمتابعات القضائية والتي كثيرا ما تفضي لإدانتهم بارتكاب جرائم صحفية، يضاف إليه جهل الصحفيين بالقانون، و تعرضهم لضغوطات مهنية وقانونية و أثناء ممارسة المهنة، ومنها  ضغوط الإدارة على الصحافة و المتمثلة في عدم تقبلها للنقد وتضييقها الخناق على حرية الصحافة، إضافة إلى صعوبة الوصول إلى مصادر المعلومات والرقابة الصارمة من مسؤول النشر و رئيس التحرير، وهو ما يستوجب إعادة النظر في قواعد المسؤولية الجزائية للصحفيين و إسنادها، و وجوب النص على أسباب إباحة على غرار بعض التشريعات المقارنة وترك حيز مناورة أوسع لرجال الإعلام.

     

     

     

     

     


  • صور الجريمة الصحفية

    المحاضرة الخامسة صور الجريمة الصحفية

    أولا: الجرائم الواردة في قانون العقوبات

    حماية لشرف واعتبار الأشخاص والهيئات وضع المشرع الجزائي مجموعة من القيود التي يعد تجاوزها جرائم معاقب عليها وتستوجب المسائلة الجزائية، انقسمت بين جرائم نشر وجرائم مساس بالهيئات القضائية و الهيئات العمومية.

    1-الـقـذف: عرفت المادة296 من ق.ع القذف على أنه"كل ادعاء بواقعة من شأنها المساس بشرف أو اعتبار الأشخاص أو الهيئات المدعى عليها بها أو إسنادها إليهم أو إلى تلك الهيئة".

    تقوم الجريمة على ثلاثة أركان  وهي : الادعاء بواقعة مشينة و إسنادها للغير ، العلنية .

    أولا : الادعاء بواقعة مشينة و إسنادها للغير

    -  الادعاء أو الإسناد:فالادعاء يحمل معنى الرواية عن الغير أو ذكر الخبر محتملا الصدق والكذب، في حين الإسناد نسبة الأمر إلى شخص المقذوف على سبيل التأكيد سواء كانت الوقائع المدعى بها صحيحة أو كاذبة.

    ولا يتحقق القذف بالإسناد فقط ،بل يتحقق أيضا بكل صور التعبير ولو كان ذلك عن طريق التشكيك أو الاستفهام.

    ويستوي في القذف أن يسند القاذف الأمر الشائن إلى المقذوف على أنه يعلمه أو يسنده إليه بروايته عن الغير أو على أنه مجرد إشاعة ،،وتبعا لذلك قضي بأنه يعد قاذفا من ينشر في جريدة مقالا سبق نشره في مؤسسة إعلامية وكان يتضمن قذفا كون إعادة النشر تعتبر قذفا جديدا.

    - تعيين الواقعة : يجب أن ينص الإدعاء أو الإسناد على واقعة معينة ومحددة ، يعتبر قاذفا من أسند إلى شخص اعتداءا على شرف امرأة أو تناول الكحول، أما إذا كان الإسناد خاليا من واقعة معينة،فإنه يكون سبا وليس قذفا، وعليه فالفرق بين القذف والسب هو أن الأول ينطوي على إسناد واقعة في حين أن السب ينطوي على إسناد صفة مشينة

    - واقعة من شأنها المساس بالشرف والاعتبار :

    شرف الإنسان لا يعني قيمته في نظر غيره ،وإنما يعني قيمته في تصوره هو ،كشخص مرتاح الضمير ،

    أما اعتبار الإنسان فيقصد به الصورة التي يريد أن يكون عليها في نظر غيره ، فالفعل الضار هو الذي يحط من كرامة الإنسان أو شخصه وبصفة عامة كل ما يوجه احتقار للغير.

    لم يفرق المشرع الجزائري بين الشرف والاعتبار و اعتبرهما مصطلحين مترادفين.

    ومسألة المساس بالشرف والاعتبار مسألة موضوعية تخضع لتقدير قاضي الموضوع، والمشرع الجزائري لا يشترط أن تكون الواقعة المسندة صحيحة، فالقانون يعاقب على مجرد الإسناد سواء كانت صحيحة أو كاذبة، عكس المحكمة العليا التي أضافت ركنا آخر يتمثل في عدم صحة الوقائع المدعى بها في عدة قرارات لها، وهو ما يعد خرقا لمبدأ الشرعية الجزائية، فإضافة ركن للجريمة من اختصاص المشرع وليس من اختصاص القضاء، ومثاله القرار غ ج م ق 2 قرار 2/11/1999 ملف 195535 غير منشور .

    - تعيين الشخص المقذوف أو الهيئة المقذوفة بدقة :  يجب أن يكون المقذوف معنيا ولو بغير الاسم ، وإنما يفهم من القصد أنه ذلك الشخص ، فإذا لم يكن تعيين الشخص المقذوف ممكنا فلا يقوم القذف ، كما أن القذف يكون موجها للأحياء دون الأموات .

    وقد يكون المقذوف شخصا أو هيئة، فالشخص يقصد به كل شخص طبيعي أو معنوي.

    ثانـيا: العـلنيـة: سبق شرحها

    ثالـثا: القصد الجنائي: وهو معرفة الجاني بأن كلامه أو كتابته يصيب بها الغير في شرفه واعتباره ولا يستلزم نية الإضرار التي تكون مفترضة ومبنية على أساس افتراض سوء النية.

    يمكن القول أنه بتوافر العناصر التي سبق شرحها تقوم جريمة القذف، إلا أن هناك عناصر لا بد على القاضي أن يلم بها والتي لم يشر لها المشرع في قانون العقوبات، فيتعين على القاضي أن يجتهد لملئ الفراغ المسجل في قانون العقوبات الجزائري لا سيما فيما تعلق بـ:

    1-الاستفزاز في جريمة القذف: هل يمكن اعتباره عذرا مخففا من العقاب ؟

    2- إثبات فعل القذف: مثاله لو كان إسناد الواقعة يتعلق بالحياة الشخصية للمقذوف أو كانت الواقعة جريمة تقادمت أو أعفي عنها ،أو كانت وقائع قذف تعود إلى أكثر من 10سنوات على غرار ما يقضي به القانون الفرنسي .

    3-الإباحة  ويتعلق الأمر بخطابات وتدخلات نواب البرلمان، مرافعات القضاة والمحامين

    ثانيا-الـسـب : يعد سبا كل تعبير مشين أو عبارة تتضمن تحقيرا أو قدحا لا ينطوي على إسناد أية واقعة. (المادة 297 ق.ع)

    نص قانون العقوبات الجزائري على صورتين لجريمة السب، سب يقع في العلن وهو جنحة منصوص ومعاقب عليه بالمادة 297 ق.ع، وهو ما يعنينا،وسب غير علني ويشكل مخالفة(463 /2 ق.ع) .

    أركان جريمة السب :

    العلانـيـة : سبق شرحها.

    ثـانيـا : العبارات المشينة :لا يشترط في جريمة السب الإشارة إلى واقعة معينة كما هو الحال في جريمة القذف، فيعتبر سبا كل تعبير يتضمن خدشا وتحقيرا بشرف ومكانة المجني عليه ، دون أن يكون موضوع واقعة مسندة أو معينة.

    تقدير عبارات السب متروك لقاضي الموضوع ، آخذا في الحسبان المكان والزمان ، فما يعتبر كلاما بذيئا في منطقة ما يعد كلاما عاديا في منطقة أخرى ،  وما كان كلاما مشينا في وقت سابق قد يصبح عاديا في وقت لاحق.

    القصد الجنائي :يشترط في جريمة السب ما يشترط في جريمة القذف، العلم بمعاني الألفاظ ورموز الوسائل التي يستعملها، ونية الأضرار بالغير، وسوء النية في جريمة السب مفترض كما هو الحال في جريمة القذف ويثبت بمجرد ارتكاب الركن المادي.

    3 – الإهـانـة :

    نص قانون العقوبات على هذا الفعل وعاقب عليه بنص المادة 144 من قانون العقوبات.

    وأضاف المشرع في تعديل قانون العقوبات صور جديدة تتمثل في إهانة بعض الهيئات العمومية والموظفين أين أضاف المشرع الأطقم الطبية وأئمة المساجد.

    من خلال المواد 144 و 144 مكرر و 146 نستخلص أركان جريمة الإهانة وهي : صفة الضحية ، الوسيلة المستعملة ، القصد الجنائي.

    أولا : صفة المجني عليه

        يجب أن يكون قاضيا أو موظفا أو قائدا أو ضابطا عموميا أو أحد رجال القوة العمومية أو طبيبا أو إماما، أو إحدى الهيئات العمومية الآتية : البرلمان بغرفتيه ، المجالس القضائية والمحاكم ، الجيش الوطني الشعبي والهيئات والمؤسسات العمومية بوجه عام، لكن الإشكال يثور فيما تعلق بمسألة تعريف الموظف العام هل نأخذ بتعريف القانون الإداري أم بتعريف القانون الجزائي الذي توسع في مفهوم الموظف في قانون مكافحة الفساد و قانون حماية المعلومات والوثائق الإدارية.

    و يستوي أن ترتكب بالكلام ، الإشارة ، الكتابة ، التهديد ، إرسال أو تسليم شيء ، الرسم وإذا تعلق الأمر بالهيئات العمومية فيجب أن تكون الإهانة بواسطة الكلام أو الكتابة أو الرسم أو آليات بث الصوت أو الصورة وأية وسيلة الكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أخرى، و يجب أن تتم الإهانة أثناء تأدية الوظيفة أو بمناسبة تأديتها بالنسبة للموظف ، أما الهيئات العمومية، فتؤدي وظيفتها على الدوام.

    و يتحقق القصد الجنائي العام بعلم الجاني بصفة الضحية، ويتحقق القصد الجنائي الخاص في نية المساس بالشرف أو بالاعتبار أو بالاحترام الواجب لشخص الضحية.

    4/ النشر المسيء : التي قد توجه إلى رئيس الجمهورية أو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وباقي الأنبياء بالإضافة إلى الاستهزاء بالمعلوم من الدين وشعائره.

    تقوم الجريمة إذا تضمن التعبير إهانة أو سبا أو قذفا وبأي وسيلة من الوسائل التالية : الكتابة والرسم والتصريح والوسائل السمعية البصرية والالكترونية والمعلوماتية والوسائل الإعلامية الأخرى.

    5/ النشر الماس بالحياة الخاصة للأشخاص:

    ونصت عليها المادة 303 مكرر ق.ع التي حظرت في فقرتها الثانية التقاط أو نشر أو تسجيل صورة بغير إذن صاحبها،كما حظرت تسجيل أحاديث خاصة بغير إذن صاحبها وموافقته

    كما نصت المادة 303 مكرر 1 من ق.ع على معاقبة من يضع أو يسمح بوضع صور أو تسجيلات أو وثائق تحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها في المادة 303 مكرر  في متناول الجمهور، و عندما ترتكب هذه الجريمة عن طريق الصحافة تطبق الأحكام الخاصة بقانون الإعلام لتحديد المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة

    6/ النشر المخل بالحياء:

    يهدف المشرع إلى حماية الجمهور من كل فعل يعد انتهاكا للقيم الأخلاقية السامية ، فأورد أفعالا مجرمة نصت عليها المواد 333 مكرر و 333 مكرر1 ق.ع، فتتحقق تلك الجرائم بـالعرض أو التوزيع أو اللصق أو إقامة المعارض "

    و حضرت المادة 333 مكرر1  تصوير القصر وهم يمارسون أنشطة جنسية وتوزيعها ونشرها و ترويجها و تصديرها واستيرادها.

    7/ النشر المخل بالنظام العام:

    نظرا لقوة وسائل الإعلام وتأثيرها المباشر والفوري في قناعات وأراء الرأي العام سلبا وإيجابا حظر المشرع الجزائري في تعديله لقانون العقوبات بموجب القانون رقم 20/06 في المادة 196 مكرر نشر الأخبار الكاذبة أو الزائفة ونشرها و ترويجها عمدا بين الجمهور والتي يكون من شأنها المساس بالأمن العمومي أو النظام العام.

    جرائم التحريض:

    1/ التحريض على التجمهور بنوعيه:

    نصت عليها المادة 100 من ق.ع ، وتقوم هذه الجريمة بخطب تلقى علنا أو بكتابات أو مطبوعات أو غيرها

    2/ التحريض على الإجهاض: والذي قد يتم بأي وسيلة إعلامية عبر برامج أو كتابات تشجع على الإجهاض و تدعو الحوامل لاقترافه، ونصت عليه المادة 330 من ق.ع

    ثانيا/ الجرائم المنصوص عليها في قانون الإعلام:

    1/ جريمة مخالفة قواعد تمويل النشريات والدوريات أو عدم تبرير مصدر التمويل:

     أوجب القانون على كل نشرية أو دورية أن تبرر مصدر أموالها  المكونة لرأسمالها والأموال التي تصرفها تغطية لكل نفقاتها وتسييرها وفق ما جاء في المادة 29 من قانون الإعلام والتي ألزمت  كل نشرية دورية تستفيد من دعم مادي أن تكون مرتبطة عضويا بالهيئة المانحة للدعم، ويجب أن تبين العلاقة بينهما، و حسب نفس المادة دائما فإنه ي منع أي دعم مادي مباشر أو غير مباشر صادر من أي جهة أجنبية، وكل مخالفة للالتزامات الواردة في المادة 29 المشار إليها تعتبر جنحة معاقبا عليها طبقا للمادة 116 من قانون الإعلام، وهي من قبيل الجرائم السلبية.

    2/ جريمة تلقي أموال من الخارج:

     ونصت عليها المادة 117 من قانون الإعلام التي منعت أي تلقي للأموال من أي جهة أجنبية كانت فيما عدا مستحقات الإشهار، و تعاقب كل مدراء الوسائل الإعلامية بمختلف أنواعها ثبت تقاضيه  باسمه الشخصي أو لحساب وسيلة إعلام بصفة مباشرة أو غير مباشرة، كون مسألة تمويل وسائل الإعلام من أهم المسائل، نظرا لحاجة المؤسسات الإعلامية لتمويل لتغطية نفقاتها، وارتباطها بالسيادة الوطنية وتجنبا لتنفيذ أـي أجندة أجنبية من منطلق التأثير القوي لوسائل الإعلام في توجيه الرأي العام.

    3/ جريمة إعارة الاسم:

     وتقوم هذه الجريمة في حالتين:

    - بإعارة الاسم  إلى أي شخص طبيعي أو معنوي بغرض إنشاء نشرية ولا سيما عن طريق اكتساب سهم أو حصة في مؤسسة للنشر.

     - الاستفادة من عملية إعارة الاسم

    4/ جريمة رفض نشر أو بث الرد:

    الرد هو حق مقرر لكل شخص يرى أنه تعرض لاتهامات كاذبة من شأنها المساس بشرفه و سمعته من طرف وسيلة إعلام معينة , يمارسه بالرد على تلك الاتهامات في نفس وسيلة الإعلام التي يجب على مدير ذلك الجهاز سواء نشرية أو خدمة الاتصال السمعي البصري أو جهاز الإعلام الالكتروني أن ينشر أو يبث الرد، وعاقب كل من يرفض نشر الرد طبقا لنص المادة 125 من قانون الإعلام، وهي من قبيل الجرائم السلبية.

    جرائم النشر :

    1/ جريمة نشر أو بث وثائق أو أخبار تلحق ضررا بسر التحقيق الابتدائي في الجرائم:

    من المستقر في القضاء الجنائي أن التحقيقات تكون سرية بالنسبة للجمهور، وعليه حظر قانون الإعلام نشر أو بث أو إذاعة كل ما يمكن أن يمس بسرية التحقيق إلا ما تعلق بالمعلومات التي تدلي بها النيابة العامة أو الضبطية القضائية بناء على إذن النيابة العامة

    وعلى هذا الأساس لا يمكن أن تمتد حرية الإعلام إلى نشر أو بث الوثائق والأخبار التي تلحق ضررا بسر التحقيق الابتدائي،

    2/ جريمة نشر مناقشات الجهات القضائية المتعلقة بجلسات سرية:

    لم يمنع  القانون نشر وبث إجراءات المحاكمة العلنية ،إلا أنه لهذه القاعدة استثناءات وهي تلك المتعلقة  ومع ذلك منع نشر ما يقع في الجلسة إذا كانت جلساتها سرية،  وهو المنع الذي ورد في المادة 121 من نفس القانون

    3/ جريمة نشر أو بث تقارير عن المرافعات المتعلقة بحالة الأشخاص والإجهاض.

     نصت عليها المادة 121 وعلة المنع من منطلق أن نشر أو بث المرافعات المتعلقة بحالة الأشخاص والإجهاض يمكن أن يمس باعتبار وشرف أطراف القضية، فضلا عن مساسها بالآداب العامة.

    4/ جريمة نشر أو بث صور أو رسوم أو بيانات توضيحية تعيد تمثيل الجنايات والجنح.

    لقد جرم قانون الإعلام الجزائري النشر أو البث بإحدى وسائل الإعلام للصور أو الرسوم أو أية بيانات توضيحية أخرى تعيد تمثيل كل أو جزء من ظروف العديد من الجنايات والجنح، حيث تنص المادة 122 من قانون الإعلام على انه يعاقب بغرامة من خمسة وعشرين ألف دينار إلى مائة ألف دينار, كل من نشر أو بث بإحدى وسائل الإعلام المنصوص عليها في هذا القانون العضوي صورا أو رسوما أو بيانات توضيحية أخرى تعيد تمثيل كل أو جزء من ظروف الجنايات أو الجنح المذكورة في المواد 255 - 263 و 333 - 342 من قانون العقوبات، و يتعلق الأمر في المواد 255 إلى 263 من قانون العقوبات بجنايات القتل العمد بمختلف صوره، و التسميم و التعذيب, و تتعلق المواد من 333 إلى 342 بالجنايات و الجنح الخاصة بانتهاك الآداب مثل الفعل المخل بالحياء و الاغتصاب و تحريض القصر على الفسق و الدعارة.

    جرائم إهانة:

    وتشمل إهانة رؤساء الدول الأجنبية وأعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الجزائر ونصت عليها المادة 123 من قانون الإعلام، من باب الحرص على علاقات الجزائر مع غيرها من البلدان.

    إن إهانة رئيس دولة أجنبية معاقب عليه و لو كانت الإهانة متعلقة ب أمور خاصة لا علاقة لها بصفته رئيس للدولة أو ملك أو أمير، و يشترط أن يكون رئيس الدولة الأجنبية رئيس دولة كاملة السيادة و لا يكف أن يكون رئيس دولة ذات سيادة ناقصة.

     

    ثالثا: جرائم صحفية في قوانين خاصة

    1/ جنح في قانون حماية المعلومات والوثائق الإدارية:

    أ/ جنحة نشر وثائق تحريات أو تحقيقات قضائية:نصت عليها المادة 32 من الأمر رقم 21/09 المتعلق بحماية المعلومات والوثائق الإدارية بقولها"يعاقب بالحبس من 3 سنوات إلى 5 سنوات وبغرامة من 300.000 د.ج  إلى 500.000 دج، كل من ينشر محاضر و/ أو أوراق التحريات والتحقيق القضائي أو يفشي محتواها أو يمكّن من لا صفة له من حيازتها".

    بـ/ كما يعاقب القانون ذاته كل من يدير موقعا إلكترونيا يستعمل لنشر معلومات أو وثائق مصنفة وفق ما نصت عليه المادة 38 من نفس القانون.

    2/ جنحة استعمال كتابات أو تصريحات جراح المأساة الوطنية للمساس بالجمهورية:

    نصت عليها المادة 46 من قانون تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية بقولها"يعاقب بالحبس من 03 سنوات إلى 05 سنوات وبغرامة من 250.000 إلى 500.000 د.ج  كل من يستعمل من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر جراح المأساة الوطنية أو يعتد بها للمساس بمؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية أو لإضعاف الدولة أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية".

    3/ جنح التحريض على التمييز والكراهية، أو الدعاية لها:

    المادة 30/02 : يعاقب كل من يقوم علنًا بالتحريض على ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة أو ينظم أو يشيد أو يقوم بأعمال دعائية م ن أجل ذلك، ما لم يشكل الفعل جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبة أشد، بالحبس من سنة  01 إلى ثلاث ( 3) سنوات وبغرامة من100.000 دج إلى  300.000دج.

    أ/ جنح الإشادة بأعمال التمييز أو تشجيعها أو تمويلها: ونصت عليها المادة 33 من نفس القانون بقولها"

    كما نصت المادة يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 500.000 دج إلى 1.000.000 دج، كل من يشيد أو يشجع أو يموّل بأي وسيلة الأنشطة أو الجمعيات أو التنظيمات أو الجماعات التي تدعو إلى التمييز والكراهية.

    بـ/ جنحة إنشاء أو الإشراف أو إدارة موقع إلكتروني أو حساب إلكتروني مروج لأفكار التمييز والكراهية:

    ونصت عليها المادة 34  بقولها: يعاقب بالحبس من خمس سنوات إلى عشر  سنوات وبغرامة من 5.000.000 دج إلى  10.000.000 دج كل من ينشئ أو يدير أو يشرف على موقع إلكتروني أو حساب إلكتروني يخصص لنشر معلومات للترويج لأي برنامج أو أفكار أو أخبار أو رسوم أو صور من شأنها إثارة التمييز والكراهية في المجتمع.

    4/ جنح في قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين:

     وتضمن هذا القانون في المادة 168 منه جريمتين يمكن ارتكابها بواسطة وسيلة إعلامية وهما:

    - نشر أو المساهمة في نشر بيانات أو وثائق لها علاقة بتنفيذ عقوبة الإعدام فيما عدا محضر التنفيذ والبلاغ الصادر عن وزارة العدل

    - نشر أو إذاعة أو إفشاء بأي وسيلة كانت قرار رئيس الجمهورية المتعلق بالعفو قبل تبليغ مرسوم العفو للمحكوم عليه بالإعدام وتعليق محضر التنفيذ وتسجيل العفو على النسخة الأصلية لحكم الإدانة.

     

     

     

     


  • المتابعة الجزائية في جرائم الصحافة

    Highlighted

    المحاضرة السادسة: المتابعة الجزائية في جرائم الصحافة

    إن مسألة الشكوى والاختصاص في المتابعة الجزائية في جرائم الصحافة مسألة بالغة الأهمية، كونها ذات ميزة خاصة قياسا لباقي الجرائم،و تطرح عدة تساؤلات عن مكان إيداع الشكوى والجهة القضائية المختصة

    أولا: طرق المتابعة:

    1/ الشكوى:

    الشكوى هي تبليغ من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه إلى السلطات المختصة عن جريمة معينة وقعت عليه، و يجب أن تقدم إلى النيابة العامة أو إلى الضبطية القضائية،و لا يلزم في الشكوى شكل خاص،

    إن المشرع الجزائري لم يشترط رفع شكوى لمتابعة مرتكبي الجرائم الصحفية، عكس المشرع المصري الذي اشترط ذلك.

    و يتم تقديم الشكوى أمام الضبطية القضائية أو وكيل الجمهورية من طرف المضرور

    2/ التكليف المباشر بالحضور للجلسة:

    وهو وسيلة يستعملها المتضرر من الجريمة بأن يكلف المتهم مباشرة للمثول أمام محكمة الجنح في الجرائم المنصوص عليها في المادة 337 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية وقد حصرها المشرع في 05 جرائم وهي عدم تسديد نفقة، ترك الاسرة،  عدم تسليم الطفل، صدار شيك من دون رصيد و جنحة القذف، أي أن هذه الوسيلة تصلح لجريمة القذف فقط دون سواها من الجرائم الصحفية.

    3/ الادعاء المدني:

    هو إقامة دعوى مدنية من طرف المضرور يطلب فيها التعويض عن ضرر أصابه من جريمة أمام

    القضاء الجزائي.

    جعل المشرع الجزائري الإدعاء المدني شاملا لكافة الجرائم من جنايات و جنح و مخالفات أمام جهات الحكم الجزائي و مقتصرا على الجنح والجنايات أمام قاضي التحقيق بعد دفع كفالة يحددها هذا الأخير.

    ملاحظة:

    لقد نص المشرع الجزائري  في بعض الحالات على أن  المتابعة الجزائية  تباشر تلقائيا من قبل النيابة  العامة  بخصوص القذف  الموجه إلى رئيس الجمهورية أو إلى الرسول صلى الله عليه و سلم ـ  أو بقية الأنبياء أو الاستهزاء بالدين، أو بأية  شعيرة من شعائر الإسلام  في نص المادتين144 مكرر و 144 مكرر 2 .

    كما نص المشرع في تعديل قانون العقوبات المتعلق بالإهانة والتعدي على المؤسسات الصحية وأطقمها على أنه يجوز للنيابة العامة أن تباشر إجراءات المتابعة الجزائية تلقائيا في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بما فيها الإهانة، ونفس الشيء بالنسبة لجريمة المنصوص عليها في المادة 46 من قانون تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية

    ويضع صفح الضحية في جرائم القذف والسب حدا للمتابعة الجزائية عكس جرائم الإهانة.

    ثانيا الاختصاص المحلي:

    لم يتضمن قانون العقوبات، ولا قانون الإعلام قواعد للاختصاص المحلي خاصة بجرائم الصحافة أو جرائم النشر ،مما يجعل هذه الجرائم تخضع  للقواعد العامة للاختصاص المحلي الذي يتحدد بمكان ارتكاب الجريمة أو محل إقامة المتهم أو مكان القبض عليه  كأصل عام، إلا أن ها الأصل شذت عنه جرائم الصحافة، أين أثارت مسألة الاختصاص المحلي جدلا واسعا حسمه القضاء الفرنسي الذي أوكل الاختصاص في الجرائم التي ترتكب بواسطة وسائل الإعلام إلى أي محكمة بث أو أذيع فيها البرنامج أو مكان توزيع الجريدة أو مكان قرائتها، و هو نفس المسلك الذي سلكته المحكمة العليا في بعض قراراتها ومنها على سبيل المثال القرار الصادر في 29/12/2004ملف رقم 355105 الذي أشار إلى أن دعاوى القذف عن طريق الصحافة الناتج عن النشر تكون مختصة بنظرها كل محكمة  قرئ بدائرتها المقال المنشور والمتضمن تلك الجريمة،ونفس القاعدة تطبق على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة إذ ينعقد الاختصاص لكل محكمة  التقطت بدائرتها الحصة المتضمنة لموضوع القذف .

    و تجدر بنا الإشارة إلى أن المشرع وفي تعديله الأخير لقانون الإجراءات الجزائية قد أشار في المادة 200 مكرر24  إلى أن الاختصاص في جرائم  نشر وترويج أخبار كاذبة بين الجمهور من شأنها  المساس بالأمن أو السكينة العامة أو استقرار المجتمع، وكذا جرائم نشر وترويج أنباء مغرضة تمس بالنظام والأمن العموميين ذات الطابع المنظم أو العابر للحدود الوطنية، يؤول للقطب الجزائي الوطني لمكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال المستحدث بموجب نفس التعديل، وهو ما يعني أن ارتكاب الجريمتين السابقتين عن طريق وسائل إعلامية يعقد الاختصاص للجهة القضائية المشار إليها.

    الجدير بالذكر أن جرائم الصحافة  تتمتع بخصوصية  جعل المشرع  يوفر ضمانات للصحفيين عند المتابعة والمتمثلة في استبعاد إجراءات التلبس والمثول الفوري و إيداع الصحفيين الحبس المؤقت، وعدم اعتماد عقوبة الحبس أو السجن ضدهم.

    ثالثا:تقادم الجريمة الصحفية:.

    يعرف التقادم عند فقهاء القانون بأنه"وصف يرد على الحق في العقاب، قبل الحكم أو بعده، ناشئ عن مضي مدة من الزمن، يلزم عنه منع السير في الدعوى، أو سقوط العقوبة المحكوم بها".

    إن مضي مدة معينة يقف فيها صاحب الحق موقفا سلبيا لا يطالب فيها بحقه أمام العدالة يعتبر لتراخيا منه في استعمال حقه في اللجوء إلى القضاء، لذلك لا يمكنه رفع دعواه بعد مرور فترة من الزمن ،حتى لا يكون القضاء لعبة في يد البعض من جهة وضمانا لإستقرار الأوضاع من جهة أخرى.

    نص المشرع الجزائري على أن التقادم في الجنايات يكون بمضي 10 سنوات كاملة تسري من يوم اقتراف الجريمة،و في الجنح بمرور 03 سنوات، أما فيما تعلق بجرائم الصحافة والتي كلها ذات طبيعة جنحية فتنص المادة 124 من قانون  لإعلام على أنه: "تتقادم الدعوى العمومية والمدنية المتعلقتان بالجنح المرتكبة عن طريق الصحافة المكتوبة أو السمعية البصرية أو الإلكترونية، بعد ستة أشهر كاملة ابتداء من تاريخ ارتكابها".