2. اختصاصات مجلس الدولة

·     باعتباره الجهة القضائية الإدارية العليا يمارس مجلس الدولة الجزائري اختصاصا عاما يتمثل في كونه هيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية فهو يضمن توحيد الاجتهاد القضائي الإداري و يسهر على احترام القانون، وهذا الاختصاص تضمنته المادة 179 من الدستور[1].
·     كما أنه يختص من جهة أخرى بالفصل في تنازع الاختصاص[2] بين محكمتين إداريتين تابعتين لاختصاص محكمتين إداريتين للاستئناف أو بين محكمة إدارية ومحكمة إدارية للاستئناف أو بين محكمتين إداريتين للاستئناف أو بين محكمة إدارية للاستئناف ومجلس الدولة .
·     وبموجب المادة 188 من التعديل الدستوري لسنة 2016 (عوضت بالمادة 195[3] من تعديل 2020)، اكتسب مجلس الدولة الجزائري اختصاصا جديدا يدخل ضمن إجراءات اخطار المحكمة الدستورية عند ممارسة الرقابة على دستورية القوانين، وذلك باعتباره كجهة احالة عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام إحدى جهات القضاء الإداري أن الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك حقوقه وحرياته التي يضمنها الدستور.
·     بالإضافة الى ما سبق، يمارس مجلس الدولة الجزائري مجموعة من الاختصاصات ذات الطابع القضائي والاستشاري، وهو ما سنفصله في العناصر التالية:
1.   الوظيفة القضائية لمجلس الدولة :
·     الى جانب اختصاصه كجهة استئناف ونقض، أسند لمجلس الدولة الجزائر اختصاص الفصل كأول وآخر درجة في بعض المنازعات منذ 1998، وذلك بموجب المادة 09 من القانون العضوي 98-01 المتعلق بمجلس الدولة.
المادة 09: يفصل مجلس الدولة ابتدائيا ونهائيا في:
        1- الطعون بالإلغاء المرفوعة ضد القرارات التنظيمية أو الفردية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية والهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية
        2- الطعون الخاصة بالتفسير ومدى شرعية القرارات التي تكون نزاعاتها من اختصاص مجلس الدولة.
 
وظل مجلس الدولة يمارس هذا الاختصاص الى غاية سحبه منه نهائيا وإسناده الى المحكمة الإدارية الاستئنافية بالجزائر العاصمة، وذلك بعد التعديل الذي طال قانون الاجراءات المدنية والادارية في جويلية 2022، حيث جاء هذا التغيير  تحقيقا لمبدأ التقاضي على درجتين الذي اصبح مبدئا دستوريا بموجب التعديل الدستوري لسنة 2020. وبذلك بقي مجلس الدولة يمارس اختصاصا قضائيا محدودا ضمن مجالين فقط، الاستئناف والنقض.
أ‌-       اختصاص مجلس الدولة كقاضي استئناف:
·     يختص مجلس الدولة بالنظر في الاستئنافات المرفوعة ضد القرارات والأوامر الصادرة ابتدائيا عن المحكمة  الادارية  للاستئناف بالجزائر العاصمة ضمن المجالات التي حددتها المادة 10 من القانون العضوي 98-01، كما يختص أيضا في الاستئنافات المخولة له بموجب نصوص خاصة.
المادة 10 : يفصل مجلس الدولة في استئناف القرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية للاستئناف لمدينة الجزائر في دعاوى إلغاء وتفسير وتقدير مشروعية القرارات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية والهيئات العمومية الوطنية والمنظمات المهنية الوطنية
ب‌-     اختصاص مجلس الدولة كقاضي نقض:
·     بمقتضى المادة 09 من القانون العضوي 98-01، وكذا المادة 902 من ق.إ.م.إ  (بنفس الصياغة)، ينظر في الطعون بالنقض في القرارات الصادرة نهائيا عن المحاكم الإدارية  والمحاكم الإدارية للاستئناف ، وكـذا الطعون بالنقض المخولة له بموجب نصوص خاصة.
المادة 09[4]: يختص مجلس الدولة بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام والقرارات الصادرة نهائيا عن الجهات القضائية الإدارية. ويختص أيضا بالفصل في الطعون بالنقض المخولة له بموجب نصوص خاصة.
 
 
 
2.   الوظيفة الاستشارية لمجلس الدولة
·     الى جانب اختصاصه القضائي يمارس مجلس الدولة الجزائري اختصاصا استشاريا، يتمثل في ابداء الرأي في مشاريع القوانين والأوامر التي يتم إخطاره بها وجوبا، و يقترح التعديلات التي يراها ضرورية في شكل تقرير، على أن رأيه هذا لا يكون ملزما للجهات المخطرة (استشارة وجوبية ورأي غير ملزم).
·      ويستمد مجلس الدولة اساس اختصاصه الاستشاري بخصوص مشاريع القوانين من نص المادة 119 من ستور 1996 (عوضت بالمادة 143 من تعديل 2020)، وكذلك من نص المادة 142 بخصوص مشاريع الاوامر، وهذا الاختصاص الاخير لم يكن موجودا في دستور 1996، بل أضيف لاحقا بموجب تعديل 2016، وتم تأكيده في تعديل 2020 (المادة 142)، كما يستمد اختصاصه ايضا من نص المادة 04 من الق الع 98-01 المتعلق بمجلس الدولة.
المادة 143: لكل من الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، والنواب وأعضاء  مجلس الأمة، حق المبادرة بالقوانين.
            تعرض مشاريع القوانين على مجلس الوزراء، بعد رأي مجلس الدولة، ثم يودعها الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني أو مكتب مجلس الأمة
المادة 142: لرئيس الجمهورية أن يشّرع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغـ ور المجلــس الّشعبي الوطني أو خلال العطلة البرلمانية بعد رأي مجلس الدولة...
 
المادة 04: يـــبـــدي مـــجـــلس الـــدولـــة رأيــه في مشاريــع  القوانين ومشاريع الأوامر، حسب الشروط التي يحددها هذا القانون العضوي والكيفيات المحددة ضمن نظامه الداخلي.
ويستشف من نص المادتين أعلاه أن إجراء استشارة مجلس الدولة بشأن مشاريع القوانين والاوامر هو اجراء دستوري وجوبي، وبالتالي فإن مخالفة هذا الاجراء يعتبر مخالفة للدستور مما يجعل النص القانوني المخالف غير دستوري، وعلى هذا الأساس فقد سبق للمجلس الدستوري ( المحكمة الدستورية حاليا ) أن صرح سنة 2022 بعدم دستورية القانون الأساسي للقضاء لمخالفته احراء الاستشارة امام مجلس الدولة[5]، ونفس القرار  اتخذه سنة 2003 بشأن قانون التنظيم القضائي[6].

 

 

 





[1] - المادة  179 من الدستور:  " تمثل المحكمة العليا الهيئة المقومة لأعمال المجالس القضائية والمحاكم.

يمثل مجلس الدولة الهيئة المقّومة لأعمال المحاكم الإدارية للاستئناف والمحاكم الإداريةوالجهات الأخرى الفاصلة في المواد الإدارية.

تضمــن المحكــمــة الــعــلــيــا ومــجــلس الّدولــة تــوحــيــد الاجــتــهــاد الـقضائي في جـمـيـع أنـحـاء الـبـلاد، ويسهران على احترام القانون....   ".

[2] - المادة 808 من ق.إ.م.إ:يؤول الفصل في تنازع الاختصاص بين محكمتين إداريتين تابعتين لدائرة اختصاص نفس المـحكمة الإدارية للاستئناف إلى رئيس هذه لأخيرة.

يؤول الفصل في تنازع الاختصاص بين محكمتين إداريتين تابعتين لاختصاص محكمتين إداريتين للاستئناف إلى رئيس مجلس الدولة.
يؤول الفصل في تنازع الاختصاص بين محكمة إدارية ومحكمة إدارية للاستئناف إلى رئيس مجلس الدولة.

يؤول الفصل في تنازع الاختصاص بين محكمتين إداريتين للاستئناف أو بين محكمة إدارية للاستئناف ومجلس الدولة إلى اختصاص هذا الأخير بكل غرفه مجتمعة"

[3] - المادة 195: يمكن إخطار المحكمة الدستورية بالدفع بعدم الدستورية بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة، عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك حقوقه وحرياته التي يضمنها الدستور....



[4] - في التعديل الاخير للق الع 98-01 نقل المشرع هذا الاختصاص من نص المادة 11 الى المادة 09 بسبب سحبه  لاختصاص مجلس الدولة كأول وآخر درجة.

[5] - رأي رقم /13ر. ق ع / م د / 02المؤرخ في 16نوفمبر سنة 2002يتعلق بمطابقة القانون العضوي المتضمن القانون الأساسي للقضاء للدستور، ج.ر.ج.ج، عدد 76، مؤرخة في 24 نوفمبر 2002، ص 04،

[6] - رأي رقم /14ر.ق ع / م د / 03المؤرخ في 20محرم عام 1424الموافق 23مارس سنة 2003يتعلق بمراقبـة مطابقة القانون العضوي المتعلق بالتنظيم القضائي للدستور، ج.ر.ج.ج، عدد 22، مؤرخة في 30 مارس 2003، ص 15.