المحور الرابع كيفية جمع الأدلة من طرف المحقق
المحور الرابع
ويتناول كيفية جمع الأدلة من طرف المحقق
وهو ما يتضمنه الفصل الرابع.
*************************************************
الفصل الرابع
إجراءات جمع الأدلـــة
بعد تلقي قاضي التحقيق ملف الإجراءات إما بموجب طلب افتتاحي أو من خلال الشكوى المصحوبة بالادعاء المدني ، يشرع في التحقيق مستعملا جملة الصلاحيات المخولة له قانونا .و يبدأ بالاستجوابات و إصدار الأوامر و إن دعت الضرورة انتقاله إلى مكان ارتكاب الجريمة بقصد المعاينة أو إعادة تمثيل الجريمة ثم التفتيش وحجز الأشياء المضبوطة وندب الخبراء و سماع الشهود وغيرها من الإجراءات الرامية إلى الوصول إلى الحقيقة من منطلق نص المادة 68 ق ا ج .
1-الاستجواب والمواجهة وسماع الطرف المدني
و يقصد بالاستجواب في معرض الإجراءات الجزائية ذو المدلول التقني بأنه : " محاورة المحقق للمتهم يتم من خلاله تلقي تصريحاته والإجابة على أسئلة القاضي.[1]كما عرفته محكمة النقض الفرنسية بأنه :" هو طريقة للتحقيق في القضية عن طريق أسئلة يطرحها قضاة معينون لهذا الغرض على متهمين (نقض جنائي فرنسي في 2مارس1972). أما المواجهة[2] فهي تقديم المتهم أمام الشاهد للتعرف عليه ومواجهته بما يعرفه عن الوقائع أو عن شخص المتهم ولنفي هذا الأخير ما جاء به الشاهد ، ويمكن أن تتم أيضا بين المتهمين[3] أنفسهم عند تعارض أقوالهم للبحث عن أيها يمكن اعتباره مطابقا للحقيقة من عدمها ولا يجوز مواجهة الشهود بعضهم ببعض. وأخيرا فإن الإجراء الذي يتم في مواجهة الطرف المدني يدعى سماعا لا استجوابا وهو لا يؤدي يمينا غير أن الذي يجمعه مع الاستجواب هو الحق في الاستعانة بمحام لكليهما في الحالتين ( م 105 ق ا ج )
1-1 الاستجواب عند الحضور الأول
يحصل هذا الإجراء بمناسبة حضور المتهم لأول مرة أمام قاضي التحقيق إثر تقديمة (une présentation) أو بناء على استدعاء لهذا الغرض عندما يكون حرا. وقد نص المشرع في المادة 100 ق ا ج على كيفية القيام بهذا الإجراء بداية من تحقق القاضي من هوية المتهم ثم إحاطته علما بالواقعة أو الوقائع المنسوبة إليه والنصوص القانونية التي تحكمها وهو ملزم بإعلامه بحقه في عدم التصريح بأي كلام مع ذكر ذلك في المحضر. وطالما أن المتهم حر في اختيار موقفه يمكنه التصريح للمحقق وعندها يقوم هذا الأخير بأخذ أقواله في المحضر .وفضلا عن هذا يجب عليه إخباره بحقه في اختيار محام للحضور معه قبل مباشرة الاستجواب مع وجوب الإشارة إلى هذا الإجراء بالمحضر ، وإن وافق ولم يتمكن من الاختيار قام القاضي مقامه في تعيين محام عنه بصفة تلقائية ما عدا في حالة الاستعجال المنصوص عليها بالمادة 101 التي تشكل استثناء من القاعدة المنصوص عليها بالمادة 100 .
كما يتعين عليه أن ينبه المتهم إلى وجوب إخطاره بكل تغيير يطرأ على عنوانه ويجوز للمتهم اختيار موطن له في دائرة اختصاص المحكمة .
وعند الاستجواب في الحضور الأول لا يمكن طرح الأسئلة على المتهم سواء من طرف المحقق أو عضو النيابة أو محامي المتهم . ولدى انقضاء الاستجواب سواء صرح المتهم أو لم يصرح يغلق المحضر ويوقعه كل من القاضي وكاتبه والمتهم، غير أنه إذا رفض ذلك وجبت الإشارة إلى هذا الرفض.وأخيرا يتصرف القاضي في حرية المتهم فإما أن يتركه حرا طليقا وإما أن يسلط عليه إجراء من إجراءات الرقابة القضائية وإما أن يقرر إيداعه الحبس المؤقت مع وجوب إعلامه بحقه في استئناف أمر الإيداع [4]شفاهة خلال 3 أيام من صدوره طبقا للمادة123مكرر ق ا ج وينوه عن ذلك في المحضر؛ مع الملاحظ أنه لا يجوز إيداع المتهم الحبس المؤقت ما لم يتم استجوابه(م 118 ق اج) فضلا عن إمكانية استبدال الحبس المؤقت بالسوار الالكتروني متى توفرت شروط ذلك. ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر بوجوب مراعاة أحكام المواد 91 المتعلقة باستدعاء المترجم وتحليفه اليمين القانونية المنصوص عليها في المادة نفسها، لمعاونة الشخص المسموع من طرف القاضي إذا لم يكن يعرف اللغة العربية .
1-2 الاستجواب في الموضوع والاستجواب الإجمالي
يتمثل الاستجواب هنا في قيام القاضي بمواجهة المتهم بما نسب إليه وذلك من خلال طرح أسئلة فنية ودقيقة بغية الوصول إلى الحقيقة.وإذا كان المتهم موقوفا تم استخراجه بواسطة القوة العمومية قصد استجوابه، أما إذا كان حرا طليقا تم استدعاؤه بواسطة القوة العمومية أو المحضر القضائي وفي الحالتين يجب تبليغ محاميه بهذا الاستجواب بيومين على الأقل لتمكينه من الحضور مع وضع نسخة من الملف تحت تصرفه للاستنساخ عنها ويمكن المتهم التنازل عن حضور المحامي معه.
وعلى خلاف الاستجواب عند الحضور الأول فإنه بمناسبة الاستجواب في الموضوع يحق لمحامي المتهم طرح الأسئلة بعد أن يأذن له قاضي التحقيق بذلك ويكون سؤاله بواسطة القاضي الذي يعيد طرحه على المتهم للإجابة عنه ؛ ويمكن هذا الأخير رفض طرح السؤال على المتهم وفي هذه الحالة وجب تضمين السؤال بالمحضر ليرفق به( م107 ا ج )
في حين يملك ممثل النيابة العامة حق طرح الأسئلة مباشرة على المتهم دون المرور بالقاضي لكن بعد إذنه من باب الاحترام له كمشرف على التحقيق. (م 106 ق ا ج ).
أما الاستجواب الإجمالي[5] في مادة الجنايات فهو محل خلاف قضائي وتشريعي [6] من حيث وجوبيته في المادة الجنائية من عدمها ، وفيه يقوم القاضي بتلخيص جميع الإجراءات و التصريحات التي وردت على لسان المتهم اعترافات أو إنكار أو تراجع عن إقرارات سابقة تمت أمام الشرطة القضائية أو أمام المحقق نفسه مع طلب إبداء رأيه بخصوص الخبرة النفسية والعقلية وما إن كانت لدية ملاحظات حولها وينتهي بالعبارة هذا هو استجوابك الأخير فهل لديك ما تضيفه؟
** استعمال المحادثة المرئية أثناء التحقيق القضائي.[7]
بعد التعديل الذي أدخله المشرع على قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 20-04 أصبح بإمكان قاضي التحقيق وغرفة الاتهام أن يقوما باستجواب أو سماع شخص وإجراء المواجهة بين الأشخاص وكذلك القيام بالتبليغات التي يستوجبها القانون عند تحرير محاضر بشأنها.
ومن خلال هذا الإجراء يقوم القاضي باستعمال الوسائل التكنولوجية لمحاورة الشخص المراد التحقيق معه وهي وسيلة مرئية يرى من خلالها المتحادثان بعضهما بعضا من خلال شاشة تلفزية ( صوت وصورة ) .
و إذا كان الشخص المراد سماعه ليس موقوفا بمؤسسة عقابية ويقيم خارج دائرة اختصاص قاضي التحقيق يوجه هذا الأخير طلبا لوكيل الجمهورية للمحكمة الأقرب لمحل إقامته قصد استدعائه للموعد المحدد للقيام بذلك الإجراء الذي يجب أن يتم بمراعاة مقتضيات المادة 105 ق ا ج.
وعندما يصبح متعذرا استخراج متهم موقوف بمؤسسة عقابية بسبب كارثة طبيعية أو لدواعي احترام مبدأ الآجال المعقولة ( السرعة في الإجراءات ) أو لداعي حسن سير العدالة أو بسبب الحفاظ على الأمن أو الصحة العامة، يمكن اللجوء لهذه الوسيلة الحديثة في الاستجوابات والمحاكمات عن بعد بشرط احترام حقوق الدفاع وضمان السرية والأمانة والالتقاط الواضح والكامل لمجريات الإجراء المتخذ.
ويتم هذا الإجراء بحضور أمين ضبط المؤسسة العقابية بعد إخطار مديرها مسبقا.
2- الانتقال للمعاينة
أعطى المشرع لقاضي التحقيق سلطة تقديرية في مجال الانتقال إلى المكان الذي وقعت به الجريمة للوقوف على الحقيقة و إجراء المعاينات اللازمة.[8] ومع ذلك يجوز لكل من المتهم أو محاميه والطرف المدني أو محاميه أن يطلبوا من قاضي التحقيق إجراء المعاينات قصد إظهار الحقيقة، وعلى هذا الأخير أن يبت في الطلب خلال 20 يوما. وفي حالة سكوته يحق لصاحب الطلب رفع الأمر لغرفة الاتهام خلال 10 أيام للبت فيه خلال 30 يوما بقرار غير قابل للطعن (م69 مكرر ق ا ج )
و يمكن أن يتم الانتقال للمعاينة إما إلى دائرة اختصاصه حيث يعمل و هنا وجب عليه إخبار وكيل الجمهورية بذات المحكمة والذي يمكنه اصطحابه مع ضرورة الاستعانة بكاتب التحقيق و تحرير محضر بذلك.أما إذا كان المكان الذي يريد الانتقال إليه يقع خارج دائرة اختصاصه فيجب أولا أن تكون هناك ضرورة لهذا التنقل و إخبار وكيل الجمهورية العامل معه بنفس دائرة الاختصاص وكذلك وكيل الجمهورية للمكان الذي يريد الانتقال إليه و أن يحدد في المحضر الأسباب الداعية إلى الانتقال وهذا في الحالات العادية أي غير حالات التلبس( م79 و80 ق ا ج)
وفي حالة الجناية أو الجنحة المتلبس بهما يباشر قاضي التحقيق السلطات المخولة له بموجب المادة 57 ما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية فإذا كان المثال أن قاضي التحقيق العامل بمحكمة المسيلة يريد الانتقال إلى دائرة اختصاص محكمة بوسعادة لمواصلة تحرياته بصدد جناية أو جنحة متلبس بها محالة إليه للتحقيق فيها فيتعين عليه أن يعلم كلا من وكيل الجمهورية بمحكمة بوسعادة والنائب العام بمجلس قضاء المسيلة. ( م38/4 ق ا ج )
3-التفتيش والحجز
التفتيش هو الاطلاع على محل منحه القانون حرمة خاصة باعتباره مستودع سر صاحبه لضبط ما قد يحتوى عليه من أدلة تفيد في كشف الحقيقة.ونظرا لخطورته على اعتباره يمس بحرمة المسكن[9] المحمي بأحكام الدستور الذي نص في مادته 47 على ما يلي : "تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة المسكن ، فلا تفتيش إلا بمقتضى القانون ، وفي إطار احترامه . ولا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة . " كما أحاطه المشرع الإجرائي بضمانات تحفظ له تلك القدسية.[10] ولذلك وجب على قاضي التحقيق الالتزام بأحكام المواد من 45 إلى 47 ق ا ج . إلا أنه في مواد الجنايات يجوز لقاضي التحقيق أن يباشر التفتيش بنفسه وبحضور وكيل الجمهورية حتى خارج الساعات المنصوص عليها في المادة 47 اج، وأن يتم تفتيش مسكن المتهم فقط. كما يجوز لقاضي التحقيق أن يفتش مسكن غير المتهم بعد استدعاء هذا الأخير لحضور عملية التفتيش و في حالة غيابه أو امتناعه عن ذلك يتم التفتيش بحضور شاهدين من الأقارب أو الأصهار أو من الغير لا تربطهم بالقضاء علاقة تبعية مثل كتاب المحكمة أو أيا من موظفيها أو من رجال الأمن، وفي كل الحالات يتعين مراعاة ما يقتضيه سر المهنة وحقوق الدفاع .
كما أجازت المادة 47/4 ق ا ج لقاضي التحقيق القيام بالتفتيش والحجز في الليل والنهار وعلى امتداد التراب الوطني أو يأمر ضابط الشرطة القضائية المختص القيام بذلك نيابة عنه عندما يتعلق الأمر بالجرائم التالية " المتاجرة بالمخدرات ، الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية ، الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات ، تبييض الأموال ، الإرهاب ، جرائم الصرف "
وتأخذ حكم المسكن الإقامات المختلفة وتوابعها كذلك وتقدير ذلك يختص به قاضي الموضوع باعتباره مسالة وقائع. كما يأخذ حكم المسكن مكتب رئيس غرفة الحرف والغرفة المستأجرة والغرفة بالفندق والخزانة الحديدية بالبنك(le coffre bancaire) تأخذ حكم مسكن الغير عند تفتيشه أما مقر الجمعية فلا يعد مسكنا لرئيس الجمعية وكذلك السيارة لا يعد تفتيشها كتفتيش المسكن مع أنه يجوز لمالكها الامتناع عن فتح صندوقها بمناسبة مراقبة مرورية إلا إذا تعلق الأمر بتحقيق في جريمة متلبس بها ( موقف القضاء في فرنسا من هذه المسألة ) بينما سكت القانون والقضاء في الجزائر عن تناول هذه المسالة وجرى العمل على تفتيش المركبات بمناسبة حواجز مرورية بتغطية قانونية يضمنها القانون الجمركي في مادته 41. وتفقد حرمتها كمسكن الدار التي تعرضت لحريق أتى عليها جزئيا وصارت غير قابلة للسكن.[11]
وإذا نتج عن التفتيش شيء له علاقة بالجريمة تعين إحصاؤه ووضعه في أحراز مختومة لا يمكن فتحها إلا في حضور المتهم مصحوبا بمحاميه أو بعد استدعائهما قانونا كما يستدعى أيضا كل من ضبطت لديه هذه الأشياء لحضور هذا الإجراء ( فتح الأحراز ) ولا يجوز للقاضي أن يضبط أو يحجز إلا الأشياء المفيدة في إظهار الحقيقة. ( م 84/3 ق ا ج )
4-ندب الخبراء
أجاز القانون لقاضي التحقيق الاستعانة بالخبراء في المسائل الفنية مثل تشريح الموتى و تحديد أسباب الوفاة و الأداة المستعملة فيها ، عرض الضحية على الطبيب في الجرائم الجنسية و جرائم الدم و على خبير محاسبي ف المواد المحاسبية و خبير في الميكانيك كما هو الحال في حوادث الطائرات والسكة الحديدية والحوادث البرية و المعادن و السيارات وعلى العموم كل ما يحتاج إلى يد فنية مختصة لا يستطيع القاضي أن يبدي رأيه فيها لأنه لا يملك علما فيها كالطب العقلي والشرعي و الأسلحة والمحاسبة و علم التسمم والكيمياء والبيولوجيا ...
و يتم ندب الخبراء إما تلقائيا أو بطلب من الخصوم أو من النيابة العامة ( م143 ) وتبلغ نتائج الخبرة إلى هؤلاء لإبداء ملاحظاتهم بشأنها غير أنه إذا طلبها أحد الأطراف ورفض القاضي طلبه وجب أن يكون رأيه مسببا مع قابليته للاستئناف أمام غرفة الاتهام ( م 154).
ويجب ألا تكون للخبير المنتدب صلة بالخصوم وليس له علم شخصي بالوقائع التي يكلف بالخبرة فيها تحت طائلة بطلانها .فضلا عن أن الواقعة التي يكلف بها تكون تقنية محض فلا يمكن القاضي أن يسند له مهمة من صميم اختصاصه أو مسؤوليته.[12]
بعد أن ينتهي الخبير من المهمة الموكولة إليه يحرر تقريره ويوقعه ثم يودعه أمانة ضبط كتابة التحقيق في كنف السرية مقابل محضر إيداع. وإذا سلمت للخبير أحراز للاستعانة بها في خبرته وجب عليه إعادتها للقاضي ويشار إليها في محضر الإيداع مع وجوب الإشارة في تقريره إلى عملية فتح أو إعادة فتح تلك الأحراز والتي يجب أن تتم في حضور المتهم مع العلم انه لا يجوز للخبير استجواب المتهم إلا بواسطة القاضي في حضور الخبير[13].ولا تعد التصريحات التي يقوم بها المتهم تلقائيا بمثابة استجواب ولا تؤدي إلى بطلان الخبرة لكن الأسئلة والأجوبة عليها التي تتم بواسطة رسائل متبادلة بين المتهم والخبير تعد في نظر القضاء الفرنسي استجوابا.وعلى العكس من ذلك يجوز للخبراء تلقي أقوال أشخاص غير المتهم في الحدود اللازمة لأداء مهمتهم وإذا رأوا محلا لاستجواب المتهم فيتم ذلك بحضور قاضي التحقيق أو القاضي المعين من المحكمة بالأوضاع والشروط المقررة في المادتين 105 و106 ق ا ج مع حق المتهم في التنازل عن هذه الحقوق بتصريح منه يتم أمام القاضي. كما يجوز له التنازل عن حضور محاميه بمناسبة استجوابه من طرف الخبير أما الخبراء والأطباء المكلفون بفحص المتهم فيجوز لهم توجيه الأسئلة اللازمة لأداء مهمتهم بغير حضور قاض ولا محام وهو ما تقضي به المادة 151 فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجزائية .
كما نشير كذلك إلى أن الخبرة الجزائية ليست وجاهية ولا تطبق عليها أحكام قانون الإجراءات المدنية عند انجازها لكن تطبق الوجاهية بتبليغ الخصوم بنتائجها لإبداء رأيهم بشأنها من طرف قاضي التحقيق الذي يستدعيهم ومحاميهم لإبلاغهم بالنتائج. وإذا كان المتهم موقوفا بلغ بواسطة المشرف رئيس المؤسسة العقابية نظير محضر يعاد إلى القاضي.
ويتلقى القاضي ملاحظات الأطراف أو طلباتهم الرامية لخبرة تكميلية أو خبرة مضادة علما وان عدم إبداء الملاحظات أمام قاضي التحقيق وتأخيرها إلى غاية المحاكمة سيؤثر من دون شك على اقتناع هيئة الحكم بتلك الملاحظات.
إذا تعدد الخبراء وجب توقيعهم جميعا على التقرير. نشير إلى أن أتعاب الخبراء يحددها القانون.
تجدر الملاحظة إلى أن المشرع قرر حماية للخبراء من خلال نص المادة 65مكرر 19 وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية في جرائم الإرهاب والفساد و الجريمة المنظمة.
5-سماع الشهود
يأمر قاضي التحقيق في إطار سلطته التقديرية في اختيار الشهود بسماع كل من يرى شهادته مفيدة لإظهار الحقيقة لصالح المتهم أو لغير صالحه كما يجوز له إجراء مواجهة بين الشهود أو بين المتهم و الشهود علما وأن الشهادة شخصية يؤديها الشاهد بنفسه ولا تجوز الإنابة أو التوكيل فيها . كما أنها تنصب على ما أدركته حواس الشاهد ( سماع ، رؤية...) وليس على تفسيره للحوادث أو تعبيره عن أفكاره الخاصة ومعتقداته.[14]
يقوم قاضي التحقيق باستدعاء الشهود إلى مكتبه و بعد أخذ هويتهم يوجه لهم اليمين ما لم يكونوا معفيين منها بسبب قرابة أو علاقة عمل تبعية أو صغر سن ( 16 سنة فما دون )وتلك هي التزامات الشهود وإذا نسي القاضي توجيه اليمين للشاهد وتلقاها منه فان ذلك لا يعد سببا لبطلان الشهادة وهذا مذهب القضاء الفرنسي . ولا يجوز تلقي شهادة متهم تحت أداء اليمين على وقائع هو نفسه متهم بارتكابها وان كانت مقبولة شهادته على وقائع أخرى في ملف آخر.
يؤدي كل شاهد شهادته على انفراد في غير حضور أحد، كما يجوز للشاهد حضور عملية إعادة تمثيل الجريمة ( م 96 ) وتحرر محاضر بأداء الشهادة يوقعها القاضي والكاتب والشاهد والمترجم متى كان وجوده لازما وتتلى الشهادة عليه قبل التوقيع على المحضر.
و إذا رفض الشاهد الحضور جاز للمحقق استحضاره جبرا بالقوة العمومية بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية. و إذا حضر ورفض الإدلاء بالشهادة أو رفض أداء اليمين جاز لقاضي التحقيق أن يسلط عليه غرامة مالية تتراوح بين 200 إلى 2000دج بموجب حكم غير قابل لأي طعن، في حين يعتبره القضاء في فرنسا بمثابة عدم الحضور.
وإذا تعذر على الشاهد الحضور لمكتب القاضي جاز لهذا الأخير الانتقال إليه رفقة كاتبه لسماعه أو استعمال طريق الإنابة القضائية.
نشير أخيرا إلى شهادة أعضاء الحكومة وسفراء الجزائر بالخارج تتم وفقا للإجراءات المرسومة بالمواد 542 -544 ق ا ج .
ونظرا لأهمية الشهادة في الإثبات الجزائي فقد قرر المشرع للشاهد في مواد الإرهاب والفساد والجريمة المنظمة حماية قانونية جاء بها التعديل المقرر بالأمر 02 -15المؤرخ في 23/07/15 بإضافته فصلا سادسا تحت عنوان حماية الشهود والخبراء والضحايا في المواد 65مكرر 19 وما بعدها.ومن ضمن هذه التدابير وأخطرها إخفاء المعلومات المتعلقة بهوية الشاهد من خلال عدم ذكرها أو ذكر هوية مستعارة . ومن التدابير كذلك ضمان الحماية الجسدية المقربة له وحتى لإفراد عائلته وتسجيل المكالمات الهاتفية له بعد موافقته وتغيير مكان إقامته...( م 65 مكرر 20) وتتم هذه التدابير بقرار من وكيل الجمهورية بعد التشاور مع السلطات المختصة على أن تصبح من اختصاص قاضي التحقيق في حالة فتح تحقيق قضائي.
5-اعتراض المراسلات السلكية واللاسلكية والتقاط الصور وتسجيل الأصوات .
هي إجراءات مستحدثة جاء بها المشرع إثر التعديل الذي طال قانون الإجراءات الجزائية في 20/12/2006 بالقانون 06/22 يلجأ إليه ضباط الشرطة القضائية أثناء تحرياتهم الأولية ويتم العمل بها وفقا للشروط المنصوص عليها بالمواد 65 مكرر5 وما بعدها إلى 65مكرر10 ق ا ج كما يجوز لقاضي التحقيق استخدام هذه الإجراءات .
لقد سبقت دراسة هذه الإجراءات عند تناولنا للشرطة القضائية ومهامها في الفصل الأول ولا نحبذ تكرارها في هذا الفصل.
6-الإنابة القضائية[15] (La commission rogatoire)
الأصل في التحقيق أن يقوم به القاضي المكلف به ، غير أنه قد يتعذر عليه القيام بكل الإجراءات بسبب ضيق الوقت أو بعد المسافة أو تحت ضغط السرعة في إنهاء التحقيق وقفله مما يجعله في حاجة إلى ندب أحد القضاة للقيام ببعض المهام المحددة في موضوع الإنابة.
وتحرر الإنابة كتابة وتؤرخ وتوقع وتختم بختم القاضي المنيب مع ذكر موضوع التهمة محل المتابعة والأعمال المطلوبة من القاضي أو الضابط الذي يتولى تنفيذها اللذين يجب أن يكونا مختصين اختصاصا ماديا ومحليا (ratione materiae et ratione loci )[16] والمحكمة التي يقيم بها القاضي المنيب ويترتب عن تخلف التاريخ أو التوقيع بطلان الإنابة [17].
وحتى تكون الإنابة صحيحة وجب توفر بعض الشروط نص عليها القانون منها أن يكون القاضي المنيب مختصا بمباشرة هذا الإجراء فيصدر إنابة لأحد قضاة محكمته أو لأحد زملائه عبر الوطن أو لأحد ضباط الشرطة القضائية المختصين للقيام بتلك المهمة حصريا كسماع شاهد أو تفتيش مسكن . أما التفويض الكلي أو العام فهو غير جائز قانونا فضلا عن وجوب أن يكون الإجراء متصلا بالجريمة محل المتابعة الجزائية بموجب طلب افتتاحي أو شكوى مع ادعاء مدني .[18] و لا يجوز له تفويض غيره إلا بصدد جريمة محددة مرتكبة فعلا وتمت فيها الملاحقة الجزائية لا محتملة الارتكاب كما لا تشمل نوعا من الجرائم بذاتها تحت طائلة البطلان كما لا يمكن قاضي التحقيق إصدار إنابة قضائية للقيام بمهام الخبرة لاسيما إذا تعلقت بموضوع الدعوى العمومية [19] وكذلك لا يجوز قانونا تفويض ضابط الشرطة لاستجواب المتهم أو سماع أقوال الطرف المدني أو إجراء مواجهة بينهما ( م 139/2 ق ا ج ).ويخرج أيضا من موضوعات الإنابة القضائية إصدار الأوامر القضائية التي تبقى من اختصاص القاضي فقط لتعلقها بحرية الأفراد.أما اعتراض المراسلات السلكية واللاسلكية وتسجيل الأصوات فقد أجاز القانون للقاضي أن يكلف بها ضابط الشرطة القضائية الذي يقوم بها ويحرر محضرا بشأنها يوافي به القاضي عملا بالمادة 65 مكرر 9 ق ا ج .
تنفيذ الإنابة القضائية
عند تلقي ضابط الشرطة القضائية إنابة وجب عليه أولا أن يخبر وكيل الجمهورية حيث يتبع ثم التأكد من قانونية الإنابة و من اختصاصه المحلي والمادي materiae et ratione loci ratione ثم مباشرة مهامه المطلوبة منه.وإذا رأى اختلالا في هذه الشروط أعاد الإنابة من حيث جاءت مع بيان أسباب عدم التنفيذ. ويجوز للقاضي المناب أن يفوض ضابط الشرطة للقيام مقامة أو ما يعرف بإنابة الإنابة وفي هذه الحالة تكون لضابط الشرطة نفس صلاحيات قاضي التحقيق باستثناء الاستعانة بأمين ضبط كما يفعل قاضي التحقيق.وعند سماع الشاهد من طرف ضابط الشرطة القضائية تنفيذا للإنابة القضائية وإذا ما رأى وان شهادته يمكن أن تنقلب ضده أي وجود أمارات أو بتعبير المشرع دلالات قوية ومتوافقة يمكن أن تفضي لاتهامه وذلك من اجل عدم المساس بحق الدفاع .( م 89/3 ق ا ج )
ويمكن ضابط الشرطة القضائية أثناء تنفيذه للإنابة القضائية توقيف شخص للنظر مع وجوب تقديمه في اجل لا يتجاوز48 ساعة لقاضي التحقيق حيث يعمل ذلك الضابط وحيث يجري تنفيذ الإنابة وعند استماع هذا القاضي لذلك المتهم يجوز له تمديد الحجز لمدة لا تتجاوز 48 ساعة ممارسا بذلك صلاحيات وكيل الجمهورية المنصوص عليها بالمادتين 51مكرر و51 مكرر1 ق ا ج وهو ما تقضي به المادة 141/4 ق ا ج .
بعد الانتهاء من تنفيذ الإنابة تقوم الهيئة المنابة بإعادة الوثائق والمحاضر المنجزة إلى القاضي المنيب بغير تمهل وفي الأجل المحدد منه. وفي حالة عدم تحديد أجل كما هو الحال في القانون الجزائري وجب إعادة الإنابة للهيئة المنيبة في أجل 08 أيام التي تعقب نهاية الإنجاز .
على القاضي المنيب أن يتلقى الإنابة ويقوم بفحصها ومدى قانونية الأعمال المنجزة ويمكنه إما إعادة الأعمال المنجزة غير المكتملة بنفسه أو يعيدها إلى الجهة التي أنجزتها لإكمالها وتخضع رقابتها لغرفة الاتهام في القانون الفرنسي أما المشرع الجزائري فلم يتناول هذه الجزئيات رغم أهميتها ولذلك وجب تداركها.
أنواع الإنابة القضائيةالدولية
تنقسم إلى نوعين انابات قضائية ترد إلى الجزائر من الخارج وأخرى تصدر عن القضاء الجزائري وتوجه إلى الخارج للتنفيذ ونفصلها كالآتي:
1-الإنابات الواردة من الخارج:في حالة وقوع متابعة جزائية لشخص من طرف قضاء أجنبي في جريمة غير سياسية[20] تسلم تلك الإنابة من السلطات الأجنبية بالطريق الدبلوماسي ( وزارة الخارجية ) وترسل إلى وزارة العدل وفقا للأوضاع المنصوص عليها بالمادة 703 من قانون الإجراءات الجزائية كما تنفذ طبقا للقانون الجزائري شريطة المعاملة بالمثل[21] وهو ما نصت عليه المادة 721 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها :" في حالة المتابعات الجزائية غير السياسية في بلد أجنبي تسلم الانابات القضائية الصادرة من السلطة الأجنبية بالطريق الدبلوماسي وترسل إلى وزارة العدل بالأوضاع المنصوص عليها في المادة 703 وتنفذ الانابات القضائية إذا كان لها محل وفقا للقانون الجزائري وكل ذلك بشرط المعاملة بالمثل."
2- الإنابات الصادرة من القضاء الوطني للتنفيذ بالخارج :وترسل عن طريق رؤساء القاضي بالطريق التدرجي إلى وزير العدل الجزائري الذي يحولها بدوره إلى وزير الخارجية الجزائري والذي بدوره يرسلها إلى السلطات الأجنبية المختصة للدولة الأجنبية للتنفيذ. غير أنه في حالة وجود اتفاقيات قضائية ثنائية وجب إعمالها وحينئذ ترسل الإنابة رأسا إلى القاضي المناب.
[1]L’interrogatoire , en procédure pénale , à une signification technique : il désigne l’entretien du juge avec la personne poursuivie , qu’il s’agisse de l’inculpé , du prévenu ou de l’accusé , entretien au cour duquel celui-ci fait sa déclaration et répond aux questions du magistrat .voir P. Chambon , Op.Cit., p 178n°290
[2] La confrontation ou l’affrontement ou l’accarement
[3] La confrontation entre coinculpés
[4] يجوز للمتهم أن يستأنف أمر إيداعه من داخل المؤسسة العقابية حيث يوجد على أن يقوم كاتب ضبط المؤسسة العقابية بتسجيل الاستئناف نيابة عنه أمام كاتب ضبط غرفة التحقيق كما يجوز تبليغ الاستئناف بواسطة الفاكس من المؤسسة العقابية إلى مكتب قاضي التحقيق ويعد الاستئناف صحيحا ، كما يمكن محامي المتهم أن يستأنف أمر الإيداع نيابة عنه.
[5] L’interrogatoire récapitulatif ou curriculum vitae
[6] النص العربي ( م 108 ق ا ج )يجعل منه جوازيا وكذلك قرار المحكمة العليا في 15/07/07 رقم 606449 المنشور بمجلة المحكمة العليا 2011 عدد1 ص 349 والتي غلبت النص العربي على النص المترجم إلى الفرنسية أين يستشف من قراءته طابع الإلزام"le juge d’instruction procède "" علما ان القضاء الفرنسي يجيزه .
[7] اعتبر المجلس الدستوري في فرنسا هذا الإجراء غير دستوري بقراره الصادر في 2020.
[8] أجاز المشرع للمحقق أن ينتقل إلى أي مكان كلما رأى ذلك ليثبت حالة الأمكنة والأشياء والأشخاص ووجود الجريمة ماديا وكل ما يلزم إثبات حالته ...وانتقاله ليس بإلزام عليه فقد ترك له المشرع حرية تقدير فائدة الانتقال في سبيل تحقيق الهدف الذي ينشده فان ارتأى ضرورة له قام به. المرصفاوي نفس المرجع ص 417
[9] تتمتع كذلك المراكز الدبلوماسية والقنصلية بحصانة ضد التفتيش تطبيقا لأحكام المعاهدات الدولية ذات الصلة وما يقضي به القانون الدولي العام في هذا الخصوص.
[10] أنظر في هذا المعنى ، Pierre Chambon ، مرجع سابق ، ص 110 وما بعدها .
[11] P. Chambon, op. cit ; p115
[12] Voir : Gaston Stefani et autres , op. cit ; p 599
[13] P. Chambon , op. cit ; p 323
[14] نجيمي جمال ، مرجع سابق ، ص 289 وما بعدها.
« Etre témoin , c’est attester la vérité d’un fait dont on a la connaissance personnelle , soit pour l’avoir vu , soit pour l’avoir entendu » voir P. Chambon , op. cit ; p131
[15] ويسميها الفقه المصري بالندب للتحقيق. انظر المرصفاوي، مرجع سابق ، ص 374 وما بعدها .
[16] Ibid, p 595 n °588
[17] P. Chambon op.cit; p 297
[18]P. Chambon , op. cit., p 300
[19] Gaston Stefani et autresة op .cit ; p 593n° 585
[20] الجريمة السياسية هي صورة للنشاط السياسي الذي دفعت العجلة بصاحبه لتحقيق أهدافه إلى الالتجاء إلى الأسلوب الذي يحظره القانون . فالجريمة السياسية هي في الأصل عدوان على الحقوق السياسية للدولة والباعث على ارتكابها يتصل بتوجيه النشاط السياسي للدولة على نحو معين وقد عرفت الجريمة السياسية منذ القدم ولكن فكرة إخضاع المجرمين السياسيين لنظام عقوبة يختلف عن نظام العقوبة في الجريمة العادية هي فكرة حديثة. وقد ترددت التشريعات المختلفة بين الأخذ بمذهبين في عقاب الجريمة السياسية فالمذهب الأول يرى أن الأضرار التي تترتب على الجريمة السياسية هي إضرار لا تقتصر على حقوق فرد أو مجموعة من الأفراد ولكنها تمتد إلى المجتمع بأكمله كما قد تلحق أضرارا بسيادة الدولة وتؤدي إلى إشاعة الفوضى والاضطراب في الداخل. لذلك يرى هذا المذهب ضرورة تغليظ العقاب على هذه الجرائم. ويرى المذهب الثاني إن الجريمة السياسية ليست إلا وسيلة وان كانت شاذة للنشاط السياسي وهو نشاط لا يجرمه القانون في ذاته.وقد يكون الانحراف وليد الرعونة لا النزعة الإجرامية الخطيرة كما قد يكون الباعث إلى الجريمة ليس تحقيق مصلحة خاصة ولكنه السعي إلى تطبيق مبادئ يؤمن بها صاحبها ويعتقد أن فيها الخير للمجتمع أو للإنسانية لذلك يرى أنصار هذا المذهب ضرورة التخفيف من عقاب الجريمة السياسية. وبين هذين المذهبين ترددت التشريعات المختلفة طبقا للظروف الاجتماعية والسياسية التي تمر بها الدولة... نشير إلى أن المشرع الجزائري يعاقب على الجرائم السياسية بعقوبات تصل الإعدام ومنها الجرائم الموجهة ضد امن الدولة كالخيانة والتجسس والتعدي على الدفاع الوطني وجرائم الإرهاب والمساهمة في حركات التمرد..انظر الدكتور رضا فرج ، شرح قانون العقوبات الجزائري ، الكتاب الأول، قانون العقوبات ، القسم العام ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، الجزائر ، دون سنة نشر ، ص 193 وما بعدها ؛ احمد محمد عبد الوهاب ، الجريمة السياسية من نطاق التجريد القانوني إلى مجال التطبيق العملي ، دراسة مقارنة مركز الحضارة العربية ،دون سنة نشر ، ص33 وما بعدها
[21] بغدادي الجيلالي ، مرجع سابق ، ص 159 وما بعدها.=
= Les actes demandés sont exécutés selon les formes en vigueur dans l’Etat requis ; En vertu du double principe d’indépendance et de souveraineté des Etats , l’autorité judiciaire requise n’est jamais obligée d’exécuter la commission rogatoire. Pierre Chambon , op. cit., p304