رابعا: مرحلة وحدة القضاء (1965-1996)

  • تميزت هذه المرحلة بتوجه المشرع الجزائري نحو تبني  فكرة النظام القضائي الموحد، من خلال اعادة هيكلة واصلاح النظام القضائي، فكان اصدار الامر 65-278، الصادر في نوفمبر 1965، المتعلق بالتنظيم القضائي الجزائري[1] أول بوادر هذا الاصلاح، وذلك من خلال توحيد الجهات القضائية في هيكل واحد، وقد تجلى توجه المشرع الجزائري نحو تبني مبدأ الوحدة من خلال:
-   الابقاء على المجلس الأعلى بغرفته الإدارية دون تغيير.
-   تأسيس 15 مجلسا قضائيا لتحل محل محاكم الاستئناف، والمجالس الاجتماعية.
-   تأسيس 130 محكمة موزعة على المجلس القضائية، لتحل محل المحاكم الابتدائية الكبرى والمحاكم الابتدائية الموروثة عن الاستعمار.
-   الغاء المحاكم الإدارية الموجودة[2]، و نقل اختصاصها إلى المجالس القضائية لكل من الجزائر، وهران و قسنطينة (المادة 05)، وذلك من خلال استحداث غرفة إدارية على مستوى كل مجلس من المجالس الثلاث المذكورة، بحيث تختص هذه الغرف بالفصل ابتدائي في القضايا الادارية ، ويطعن في قراراتها أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، وبذلك يكون قد وضع حدا للازدواجية القضائية التي كانت سائدة على مستوى قاعدة التنظيم القضائي في المرحلة الانتقالية.
  • وبصدور الأمر 66-154، المتضمن قانون الاجراءات المدنية[3]، تم تأكيد انتهاج الجزائر لنظام القضاء الموحد، حيث نص هذا القانون في المادتين 7و 274 على توزيع الاختصاص في المادة الإدارية بين الغرف الإدارية بالمجالس القضائية، والغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى .
المادة 07: " كما تختص بالحكم ابتدائيا في جميع القضايا التي تكون الدولة أو احدى العمالات أو احدى البلديات أو احدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفها فيها. ويكون حكمها قابلا للطعن أمام المجلس الأعلى. .ويستثنى من ذلك:
- مخالفات الطرق الخاضعة للقانون العام والمرفوعة أمام المحاكم.
- وطلبات البطلان وترفع مباشرة أمام المجلس الاعلى".
المادة 274: " تنظر الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى ابتدائيا ونهائيا:
- الطعون بالبطلان في القرارات التنظيمية أو القرارات الفردية الصادرة من السلطة الإدارية.
- الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات والطعون الخاصة بمدى مشروعية الإجراءات التي تكون المنازعة فيها من اختصاص المجلس الأعلى.
  • وقد خضعت الاحكام المتعلقة بالمنازعات الإدارية لعدة تعديلات مست قانون الاجراءات المدنية، وهي على التوالي:
-   الأمر رقم 69-77، مؤرخ في 18 سبتمبر 1969[4]، المعدل والمتمم لقانون الاجراءات المدنية،  والذي نص في تعديله للمادة 07 على تأكيد الاختصاص العام للمجالس القضائية في المادة الإدارية، مع توسيع قائمة القضايا المستثناة التي جعلها من اختصاص المحاكم العادية.
-   الأمر رقم 71-80، مؤرخ في 29 ديسمبر 1971[5]، المعدل والمتمم لقانون الاجراءات المدنية،  .
-   القانون 86-01، المؤرخ في  28 جانفي 1986[6]، المتضمن تعديل قانون الإجراءات المدنية، الذي مس بصفة حصرية المادة 07، المتعلقة باختصاصات الغرف الإدارية بالمجالس القضائية .
-   القانون 90-23، المؤرخ في 18 أوت 1990، الذي احدث تغييرا جوهريا في مضمون المادة 07، بإنشاء خمسة غرف جهوية في كل من الجزائر، وهران، قسنطينة، بشار، ورقلة،  وحدد اختصاصها في الطعن بالبطلان ضد القرارات  الإدارية الصادرة عن الولاة، و كذا الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات و النظر في مدى مشروعيتها، مع احتفاظ الغرف الإدارية المحلية بالنظر في الطعون بالبطلان ضد القرارات الإدارية الصادرة عن البلديات و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، كما أن هذا التعديل (وهو آخر تعديل مس الامر 65-157 قبل الغائه نهائيا سنة 2008) اضاف مادة جديدة وهي المادة 07 مكرر ضمنها الاستثناءات الواردة على الاختصاص النوعي للمجالس القضائية في المادة الادارية.
  • وبالموازاة مع ذلك، خضع النظام القضائي لمجموعة من التغيرات والتحسينات على مستوى الهياكل، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
-   رفع  عدد الغرف الإدارية من 03 غرف إلى 20 غرفة إدارية، بموجب المرسوم 86-107، المؤرخ في 29 أفريل 1986[7]، تسعة منها ينحصر اختصاصها في حدود دائرة اختصاصها الاقليمي، بينما يمتد اختصاص 11 غرفة ادارية الى ولايتين.
-   بموجب القانون 89-22، المؤرخ في 12 ديسمبر 1989[8]، تم استبدال المجلس الأعلى بالمحكمة العليا والذي ينظمها انطلاقا من المادة 17 وقسم المحكمة العليا إلى ثمن غرف 08 منها غرفة ادارية.
-   بموجب المرسوم التنفيذي 90-407، المؤرخ في22 ديسمبر 1990[9]، تم رفع عدد الغرف الإدارية الى 48 غرفة بعدد المجالس القضائية المتواجدة على مستوى جميع ولايات الوطن.
و بهذا تكون الجزائر قد تبنت نظام  وحدة القضاء لكن بنوع من المرونة تجعله مختلفا بعض الشيء عن النموذج الانجلوسكسوني القائم على وحدة القضاء ووحدة القانون والاجراءات، فالنظام القضائي الجزائري في هذه المرحلة وإن كان موحدا من حيث الهيكل، بحث  لا تستقل الأجهزة الإدارية الفاصلة في المنازعات الإدارية عن الهيئات القضائية العادية، الا ان المنازعات الإدارية بقيت متميزة بإجراءات خاصة، فقد تضمن قانون الإجراءات المدنية سابقا العديد من الأحكام الخاصة بالمنازعات التي تكون من اختصاص الغرف الإدارية سواء على مستوى المجالس ام على مستوى المحكمة العليا (سابقا مثل المواد 7و من 168إلى 171و من 274إلى ، 289و غيرها)، وعلى هذا الاساس يرى الكثيرون بأن النظام القضائي الجزائري في هذه المرحلة قد أخد بمبدأ  وحدة القضاء مع ازدواجية النزاعات.

[1]- أمر رقم 65-278، مؤرخ في 16 نوفمبر 1965، يتضمن التنظيم القضائي، ج.ر.ج.ج، عدد 96، مؤرخة في 23 نوفمبر 1965، الصفحة 1290، الرابط: https://www.joradp.dz/SCRIPTS/Joa_Rec.dll/RecPost

[2]- أمر رقم 65-278 لم ينص صراحة على إلغاء المحاكم الإدارية، وإنما نص على نقل اختصاصها، مما يدل على إلغائها واستبعادها من هيكل النظام القضائي الجديد.

[3] - أمر رقم 66-154، مؤرخ في 08 يونيو 1966،  يتضمن قانون الإجراءات المدنية، ج.ر.ج.ج، عدد 47 مؤرخة في 09 يونيو 1966، ص 582. الرابط: https://www.joradp.dz/FTP/JO-ARABE/1966/A1966047.pdf?znjo=047.

[4] - أمر رقم 69-77، مؤرخ في 18 سبتمبر 1969، يتضمن تعديل وتتميم الأمر رقم 66-154 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية، ج.ر.ج.ج، عدد 82 مؤرخة في 26 سبتمبر 1969، الصفحة 1234. الرابط: https://www.joradp.dz/FTP/JO-ARABE/1969/A1969082.pdf?znjo=082

[5] - أمر رقم 69-77، مؤرخ في 18 سبتمبر 1969، يتضمن تعديل وتتميم الأمر رقم 66-154 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية، ج.ر.ج.ج، عدد 82 مؤرخة في 26 سبتمبر 1969، الصفحة 1234. الرابط: https://www.joradp.dz/FTP/JO-ARABE/1969/A1969082.pdf?znjo=082

[6]- قانون رقم 86-01، مؤرخ في 28 يناير 1986، يعدل ويتمم الأمر رقم 66-154 المؤرخ في 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية، ج.ر.ج.ج، عدد 4، مؤرخة في 29 يناير 1986، ص 61، الرابط: https://www.joradp.dz/FTP/Jo-Arabe/1986/A1986004.pdf

[7]- مرسوم رقم 86-107، مؤرخ في 29 أبريل 1986، يحدد قائمة المجالس القضائية وإختصاصها الإقليمي العاملة في إطار المادة 7 من الأمر رقم 66-154 المؤرخ في 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية، ج.ر.ج.ج، عدد 18 مؤرخة في 30 أبريل 1986، الصفحة 707.

[8] - قانون رقم 89-22، مؤرخ في 12 ديسمبر 1989، يتعلق بصلاحيات المحكمة العليا وتنظيمها وسيرها، ج.ر.ج.ج، عدد 53 المؤرخة في 13 ديسمبر 1989، الصفحة 1435.

[9] - مرسوم تنفيذي رقم 90-407، مؤرخ في 22 ديسمبر 1990، يحدد قائمة المجالس القضائية واختصاصها الإقليمي العاملة في إطار المادة 7 من الأمر رقم 66-154 المؤرخ في 8 يونيو سنة 1966 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية، ج.ر.ج.ج، عدد 56 مؤرخة في 26 ديسمبر 1990، الصفحة 1807.

لقد أكملت 50% من الدرس
50%