Skip to main content
  • Home
  • More
Close
Toggle search input
English ‎(en)‎
العربية ‎(ar)‎ English ‎(en)‎ Français ‎(fr)‎
You are currently using guest access
Log in
Home
Eguru
  • Cours
  • English ‎(en)‎
    العربية ‎(ar)‎ English ‎(en)‎ Français ‎(fr)‎
  1. كلية الحقوق والعلوم السياسية
  2. قسم الحقوق
  3. السنة الأولى ماستر
  4. قانون الأسرة
  5. دروس ومحاضرات في مقياس فك الرابطة الزوجية ،الأستاذ الدكتور بن صغير محفوظ
  6. المحاضرة السابعة: الخلع في الفقه الإسلامي وقانون الأسرة الجزائري
Lesson

المحاضرة السابعة: الخلع في الفقه الإسلامي وقانون الأسرة الجزائري

Completion requirements

المحاضرة السابعة:

الخلع في الفقه الإسلامي وقانون الأسرة الجزائري

 

               


تنص المادة 54 من قانون الأسرة الجزائري على أنه:"يجوز للزوجة دون موافقة الزوج أن تخالع نفسها بمقابل مالي.إذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي للخلع، يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم"([1]).

يتضح من خلال نص هذه المادة أن المشرع الجزائري أجاز للزوجة أن تطلب إنهاء الرابطة الزوجية مقابل مبلغ مالي تعرضه على الزوج، فإن قَبِل به يتم اعتماده من القاضي، وإن لم يقبل به يتم تحديده من طرف القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم.كما يفهم من نص المادة أنها لم تلزم الزوجة تقديم أسباب طلب الخلع بإيراد الوقائع المؤدية إلى إحداث الضرر الموجب للخلع، حيث انحصر دور القاضي في تحديد قيمة المقابل المالي عند عدم الاتفاق عليه بين الزوجين.

                كما يلاحظ أيضا من خلال هذه المادة أن المشرع الجزائري قد ارتقى بالخلع ليجعل منه حقا أصيلا للزوجة دون موافقة الزوج مقابل حق الزوج في الطلاق بعد أن كان رخصة تستعملها الزوجة عند الحاجة لذلك.وعلى هذا –ففي نظر المشرع- أن ربط الخلع برضا الزوج هو تقييد للحق الممنوح للمرأة في طلب الخلع، وحتى لا يتعسف الزوج في استعمال حقه في الرضا مما يفتح باب الابتزاز والاستغلال.

                والملاحظ أيضا أن تعديل المادة 54 أصبح يوجب على القاضي أن يحكم للزوجة بالتطليق مقابل مال تحت تسمية خلع بمجرد طلبه، وبمجرد عرض مبلغ من المال مقابل الخلع دون أي اعتبار لإرادة الزوج أو عدم موافقته. وتبعا لذلك فإن التعديل الحالي لم يهمل فقط إرادة الزوج في مسألة الخلع وإنما أقر تغييبها وإهمالها أيضا في مسألة مقابل الخلع، حيث نصت الفقرة الثانية من هذه المادة:"على أنه إذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي للخلع يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم". ومن ثم فلا عبرة لعدم قبول الزوج وأنه يجوز للقاضي في مثل هذه الحال أن يترك إرادة الزوج جانبا وأن يحكم للزوج بمبلغ لا يجوز أن يتجاوز قيمة صداق المثل وقت صدور الحكم([2]).

                كما أن هذه المادة قد جاءت عارية من كل قيد أو شرط، فلم تبين الشروط الواجب توافرها في المختلعة، ولا القيود الواردة على حق اللجوء إلى الخلع، ولا الآثار المترتبة عليه ولا طبيعة آثاره. ومنه فإن هذه المادة بشأن الخلع تطرح عدة إشكاليات فقهية يعالجها الفقه الإسلامي، ومن ثم يكون لزاما التطرق لهذه الجزئيات التي أغفلها المشرع الجزائري، وذلك قصد معرفة مدى توافق المادة 54 من قانون الأسرة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك من خلال المطالب الآتية:

              المطلب الأول: تعريف الخلع وبيان حكمة مشروعيته وحكمه

                ويتم تناول عناصر الخلع -كصورة لفك الرابطة الزوجية- لمعرفة حقيقته وماهيته وفق ما يأتي:

              الفرع الأول: تعريف الخلع لغة واصطلاحا

              أولا: في اللغة

                الخلع هو: الإزالة والنزع، يقال: خلع الرجل ثوبه ونعله، وخلع عليه إذا نزع ثوبه، وخالعت فلانة بعلها فهي خالع إذا افتدت منه.           

                والاسم: الخلعة، وقد تخالعا، وخلع امرأته خلعا بالضم، وخلاعا، واختلعت منه اختلاعا، فهي مختلعة، ويقال: خلع امرأته وخالعها إذا افتدت منه بمال وطلقها وأبانها من نفسه، وسمي ذلك الفراق خلعا استعارة من خلع اللباس([3])، قال تعالى:] هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ [([4])، ولأن كل واحد منهما لباس للآخر، فإذا تحلل أيهما من صاحبه بفعل هذا فكأنه نزع لباسه عنه([5]).

              ثانيا: في الاصطلاح الفقهي

                عرف فقهاء المذاهب الخلع بتعاريف متعددة منها:

              عرفه الحنفية بأنه:"إزالة ملك النكاح المتوقفة على قبول المرأة بلفظ الخلع أو ما في معناه"،          أو هو"عبارة عن أخذ المال بإزالة ملك النكاح بلفظ الخلع"([6]). فقولهم "إزالة ملك النكاح" خرج به أمور ثلاثة([7]):

              الأول: إذا خالعها في العدة بعد إبانتها فإن الخلع لا يصح، وذلك لأن ملك النكاح قد زال بإبانتها، فلو خالعها بمال ثم خالعها في العدة بمال آخر فإن الخلع لا يصح.

              الثاني: المرتدة إذا خالعها زوجها فإن الخلع لا يصح، لأن الردة أزالت ملك النكاح، والخلع هو إزالة الملك فلم يتحقق معناه.

              الثالث: النكاح الفاسد، فإذا نكح امرأة نكاحا فاسدا ووطئها فإن المهر يتقرر لها بالوطء، فإن خالعته على مهرها فإن الخلع لا يصح.

                وقولهم"المتوقفة على قبول المرأة"؛ معناه أن إزالة ملك النكاح بالخلع متوقفة على قبول المرأة في المجلس الذي شافهها فيه بالخلع أو في المجلس الذي علمت فيه بالخلع إن خالعها وهي غائبة، فإن لم تقبل الخلع لا يزول ملك النكاح، وهذا مشروط بأحد أمرين: أن يذكر المال صريحا، أو أن يذكر لفظا يتضمن المال([8]).

                وعرفه المالكية بأنه:"الطلاق بعوض"([9]). فقولهم "الطلاق" شمل الطلاق بأنواعه، وهو الصريح والكناية الظاهرة، أو أي لفظ آخر كان بنية الطلاق. وعرفه ابن رشد بأنه:"بذل المرأة العوض على طلاقها"([10])، وعرفه ابن عرفة بأنه:"معاوضة على البضع تملك به المرأة نفسها، ويملك به الزوج العوض"([11]).

                كما عرفه الشافعية بأنه:"فرقة بين الزوجين بعوض مقصود راجع لجهة الزوج بلفظ طلاق أو خلع"،      أو هو "اللفظ الدال على الفراق بين الزوجين بعوض"([12]).

                وعرفه الحنابلة بأنه:"فراق زوجته بعوض بألفاظ مخصوصة"([13]).

                وأما الخلع عند الظاهرية فهو:"الافتداء إذا كرهت المرأة زوجها فخافت أن لا توفيه حقه أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها"([14]).

                ويلاحظ من هذه التعريفات السابقة اتفاق كل من التعريف اللغوي والتعريف الفقهي في بيان مقصود الخلع، وكونه فرقة بطلب المرأة مقابل عوض تلتزمه لزوجها لتحصيل طلاقها، وبذلك تملك أمر نفسها.

              الفرع الثاني: دليل مشروعية الخلع

                ثبتت مشروعية الخلع بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.

              أولا: الكتاب

                 قوله تعالى:] وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ[([15]).

                 ووجه الدلالة من الآية أنها تفيد نهي الله -عز وجل- للأزواج عن أخذ ما دفعوه لزوجاتهن كالصداق بقوله تعالى:]وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا[، إلا أن الشارع الحكيم خص هذا النهي العام بضابط هو نشوز المرأة وإظهارها البغضاء لزوجها حتى يُخاف عليها ترك طاعة الله فيما فرض عليها من حق له بأن تستعصي عليه غير ممتثلة لأوامره وتسيء صحبته وتنفر من عشرته فاتفقا على الفراق مقابل ردّ ما أصدقها الزوج، ولا حرج على المرأة أن تفتدي نفسها، ولا حرج على الزوج في أخذ ما افتدت به نفسها مقابل تحصيل رغبتها بطلب الفرقة([16]).

                وقوله عز وجل:]وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا[([17]). فدلت الآية بعموم خطابها على جواز هبة المرأة مهرها لزوجها إذا كان بطيب نفس منها([18])، بقطع النظر عن زمن العطاء هل يكون في الخلع أم لا ومن ثم جوازه في الخلع وغيره ؟.

              ثانيا: السنة

                 حيث وردت عدة أحاديث تشير إلى تطبيق الخلع منذ عهد الرسول r منها ما روي عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي r فقالت:يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكن أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله r:" أتردين عليه حديقته"؟ فقالت: نعم، فقال رسول الله r:"اقبل الحديقة وطلقها تطليقة"([19]).

                 ووجه الدلالة في هذا الحديث أن الأمر الوارد في قوله r:"اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" يدل على جواز الخلع، ومن ثم مشروعيته إذا كرهت المرأة زوجها، الأمر المفضي إلى كفران العشير، وعدم القيام بحق الله فيه، ويعد هذا أول خلع وقع في الإسلام([20]). 

              ثالثا: الإجماع

                 انعقد إجماع الصحابة على مشروعية الخلع وجوازه، وعلى ذلك علماء الأمة الإسلامية إذا توافرت شروطه الشرعية([21]). قال القرطبي:"وعليه جمهور الفقهاء، قال مالك: لم أزل أسمع ذلك من أهل العلم وهو الأمر المجمع عليه عندنا، وهو أن الرجل إذا لم يضر بالمرأة ولم يسئ  إليها ولم تأت من قبله وأحبت فراقه، فإنه يحل له أن يأخذ منها كل ما افتدت به كما فعل النبي r في امرأة ثابت بن قيس"([22]).

              رابعا: المعقول، ويستدل به من وجوه:

              الأول: إذا كانت الزوجة متضررة باستمرار حياتها الزوجية والبقاء مع زوجها وتريد إزالة هذا الضرر بالطلاق خلعا كان عليها في المقابل أن تزيل ما سيقع من ضرر على الزوج إذا طلقها، وذلك ببذلها العوض كمقابل يزيل عنه الأضرار المادية في محاولة منها للتخفيف لا سيما إذا كان الرجل غير راغب في الفرقة.

              الثاني: إذا كان للزوج أن يملك الانتفاع بالبضع بمقابل هو المهر حال الزواج، جاز له أن يزيل ملكه بمقابل هو العوض حال الخلع([23]).

              الثالث: إذا كان من حق المرأة أن تهب مهرها لزوجها من غير فائدة تعود عليها، جاز لها بالأولى أن تعطيه الفداء لتملك به نفسها([24]).

              الفرع الثالث: حكمة تشريع الخلع

                قد تتبدل الحاجات الزوجية نتيجة وقوع الخلافات بين الزوجين فيزول مقصود الزواج الحقيقي من المودة والسكينة المنشودة إلى الشقاق المستمر بين الزوجين، مما يؤدي إلى التنافر والتشاجر ببغض الرجل لزوجته أو بغضها له أو الاثنين معا.

                والإسلام في هذه الحال يوصي بالصبر والاحتمال، وينصح بعلاج ما عسى أن يكون من أسباب الكراهية، وذلك كما في قوله تعالى:] وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا[([25]). فإذا اشتد الخصام وعسُر العلاج ونفذ الصبر وأصبحت الحياة الزوجية غير قابلة للإصلاح، حينئذ رخص الإسلام بالعلاج الوحيد الذي لا بد منه.

                فإن كانت الكراهية من جهة الرجل، فبيده الطلاق، وهو حق من حقوقه يستعمله في حدود ما شرع له. وإن كانت الكراهية من جهة المرأة فخافت ألا تقيم حدود الله فيه بطاعتها له وحسن صحبته، فقد أباح لها الإسلام التخلص من الزوجية بطريق الخلع، ومن ثم إزالة الضرر الواقع عليها، وذلك بأن تعطي الزوج ما كانت أخذت منه باسم الزوجية لتنهي علاقتها به.

                وإن كانت الكراهية منهما معا: فإن طلب الزوج التفريق فبيده الطلاق وعليه تبعاته، وإن طلبت الزوجة الفرقة فبيدها الخلع وعليها تبعاته كذلك([26]).

              الفرع الرابع: الحكم الشرعي للخلع

                يعتري الخلع مجموعة من الأحكام التكليفية تختلف باختلاف الحالة التي يقع فيها بين الزوجين:

              أولا: الخلع المباح

                يكون طلب المرأة الخلع مباحا في حالات أو بمتطلبات شرعية مختلف فيها بين الفقهاء، فالبعض أجازه مطلقا دون قيد أو شرط، والبعض الآخر أجازه مشروطا، وهؤلاء اختلفوا-أيضا- في صورة القيد، فمنهم من أقرنه بكراهية الزوجة وخوفها، ومنهم من قيده بوقوع الشقاق بين الزوجين، ومنهم من جعل صورة القيد وقوع الزوجة في الفاحشة، وذلك على أقوال:

              القول الأول: ذهب أئمة المذاهب الأربعة([27]) إلى جواز الخلع في حالة وقوع الشقاق بين الزوجين   أو حالة كراهية المرأة لزوجها لعيوب ظاهرة أو باطنة كنقص دينه أو خلقه أو لمرض أو كبر ونحو ذلك مما يحيق بنفس المرأة ولا ترضاه فتخشى معه معصية الله -عز وجل- بعدم طاعة زوجها متعدية بذلك حدود الله، وكذلك يجوز الخلع بالتراضي بين الزوجين، وإن لم يخف كل منهما نشوزا ولا إعراضا ولا خافا ألا يقيما حدود الله.

        قال البهوتي:"ويباح الخلع لسوء عشرة بين زوجين بأن صار كل منهما كارها للآخر لا يحسن صحبته.. ويباح الخلع لمبغضة زوجها تخشى أن لا تقيم حدود الله في حقه..ويصح مع استقامة حال الزوجين"([28]).

                واستدلوا على ذلك زيادة على الأدلة التي جاءت في الكتاب والسنة والتي تفيد مشروعية الخلع، بأن قالوا: إذا كان الخلع رفع عقد وقع بالتراضي بين الزوجين لدفع الضرر جاز من غير وقوع ضرر كالإقالة في البيع([29]).

              القول الثاني: للظاهرية، وفيه أن جواز طلب المرأة الخلع مشروط بكراهيتها لزوجها ووجود الشقاق والضرر بينهما عند الخوف من عدم إقامة حدود الله فيما افترض لكل واحد منهما على صاحبه من طيب العشرة وحسن الصحبة سواء منها أو منهما معا.

                واستدلوا بقوله تعالى:] وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ[([30]). فالآية تدل بمنطوقها على أن جواز الخلع مشروط بالخوف سواء من الزوجة بكراهيتها، أو من الزوجين معا فيما يجب عليهما من حسن الصحبة وجميل العشرة بينهما، فإذا ما تحقق الشرط صح الخلع، وإلا فلا يصح الخلع، ومن ثم فالخلع مقيد بحالة الشقاق والضرر([31]).

                وأجيب عن هذا الاستدلال بأن ذكر الشقاق أو الخوف في الآية جرى على مجرى الغالب المتعارف بين الناس، وليس على سبيل الشرط؛ لأن الغالب وقوع الخلع في حالة التخاصم والتشاجر بين الزوجين لا في حالة الوفاق والرضا([32]).

              القول الثالث: ذهب محمد بن سيرين إلى أن جواز الخلع مشروط مع مشاهدة الفاحشة فليس للزوج أن يأخذ الفدية من زوجته إلا بارتكابها جريمة الزنا([33]).

                واستدل بقوله تعالى:]وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [([34]). ووجه الدلالة في الآية أن الخلع يجوز إذا وقعت الزوجة في جريمة الزنا([35]).

                وأجيب عن هذا الاستدلال بأن المراد بالفاحشة في الآية بأنها النشوز والعصيان كما قال ابن عباس([36])، ويؤيد هذا التفسير الكثير من الأحاديث الصحيحة([37]).

              القول الرابع: يجوز الخلع في كل حال سواء حال الوفاق أو وقوع الشقاق بين الزوجين، وحتى وإن كان بالظلم والنشوز من جهة الزوج بإضراره لامرأته([38]).

                ونوقش هذا الرأي بأنه على خلاف ظاهر كتاب الله تعالى، وخلاف الخبر الثابت عن رسول     الله r، وخلاف ما أجمع عليه عامة أهل العلم([39]).

              القول الخامس: لجماعة من التابعين وفيه لا يجوز الخلع حتى يقع الشقاق من الزوجين معا.

                 واستدلوا بأن مفهوم الآية ]فلا جناح عليهما فيما افتدت به[، يدل على أن إطلاق نفي الجناح أو الإثم في إجراء الخلع مقيد بوقوع الشقاق بين الزوجين جميعا لكراهية كل واحد منهما لصاحبه، فإذا وقع الشقاق والخوف من أحدهما دون الآخر لا يندفع الإثم([40]).

                وأجيب عن هذا الاستدلال بأن المراد الحقيقي من الآية هو نشوز المرأة، فإذا لم تقم بحقوق الزوج ترتب على هذا بغض الزوج لها فنسبت المخالفة إليهما معا لذلك، حيث إن كراهية المرأة تؤدي إلى بغض الزوج ومن ثم وقوع الشقاق بينهما([41]).

              ثانيا: الخلع المكروه

                يكون الخلع مكروها إذا كانت الحياة الزوجية مستقيمة خالية من الشقاق والنزاع، وقامت المرأة بطلب الخلع لغير عذر كبغض أو خشية أن لا تقيم حدود الله في طاعة زوجها. جاء في المغني"ولو خالعته لغير ما ذكرنا-أي لغير حاجة إلى الخلع- كره ووقع"([42]).

                ويستدل لهذا الحكم بقوله r:"أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة"([43]). ولما روي عنه r أنه قال:"المختلعات هن المنافقات"([44])، فدل الحديثان على كراهية وترهيب المرأة من طلب الخلع وإجرائه لغير سبب يقتضيه([45]). قال ابن قدامة:"وهذا يدل على تحريم المخالعة لغير حاجة، ولأنه إضرار بها وبزوجها، وإزالة لمصالح النكاح من غير حاجة"([46]).

                كما أن الخلع مع استقامة الحال بين الزوجين نوع من العبث فيكون مكروها لخلو الأحكام الشرعية منه، وفيه إزالة لمقصود الشارع من الزواج لغير حاجة([47]).

              ثالثا: الخلع المحرم

                إذا ما عضل الزوج زوجته لطلب الخلع، وذلك بمنعها حقوقها أو بعضها من نفقة وكسوة وقسم مع إساءة معاملتها، وغير ذلك من الأسباب المنفرة والدالة على كون النشوز بالترك والمجافاة من جهته دونها طمعا في مخالعتها على شيء من مالها، فإن الخلع يكون حراما باطلا([48]). قال ابن عابدين:"والحق أن الأخذ إذا كان النشوز منه حرام قطعا"([49])، وقال البهوتي:"ويحرم الخلع إن عضلها لتختلع"([50]).

                ويستدل لهذا بقوله تعالى:] وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [([51]). فالأمر الوارد في الآية يدل على عدم جواز قهر الرجل لامرأته والإضرار بها في العشرة لتترك له ما أصدقها أو بعضه أو حقا من حقوقها عليه بالافتداء به([52]).

             



[1]- عدلت بالأمر 05-02 المؤرخ في 27/2/2005. وحررت في ظل القانون 84-11 كما يلي:"يجوز للزوجة أن تخالع نفسها من زوجها على مال يتم الاتفاق عليه، فإن لم يتفقا على شيء يحكم القاضي بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت الحكم".ومن خلال قراءة نص هذه المادة قبل تعديلها نجد أنها تشترط موافقة الزوج، كون طلب الفرقة عن طريق الخلع هو رخصة للزوجة تستعملها لفدية نفسها من الزوج.

[2]-انظر، عبد العزيز سعد:المرجع السابق، 129-130. و يوسف دلاندة:دليل المتقاضي في مادة شؤون الأسرة، ص 63-64.

[3]- ابن منظور: لسان العرب،8/76.

[4]- البقرة: الآية 187.

[5]- ابن عابدين: رد المحتار،3/439.  

[6]- الشيخ نظام: الفتاوى الهندية، 1/519. ابن عابدين: المصدر نفسه،3/439.           

[7]- ابن عابدين:المصدر نفسه،3/439،440. 

[8]- انظر، سامح سيد محمد: المرجع السابق، 74-75.

[9]- الدسوقي: حاشية الدسوقي، 2/347.

[10]- ابن رشد: بداية المجتهد، 2/66.

[11]- الرصاع: شرح حدود ابن عرفة، ص 275.

[12]- الشربيني: مغني المحتاج، 3/347.

[13]- البهوتي: شرح منتهى الإرادات، 5/335.

[14]- ابن حزم: المحلى، 10/235.

[15]- البقرة: الآية 229.

[16]- القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، 4/74. ابن كثير: تفسير القرآن العظيم،1/274.

[17]- النساء: الآية 4.

[18]- القرطبي: المصدر نفسه، 6/45.

[19]- البخاري: كتاب الطلاق، باب الخلع وكيفية الطلاق فيه، حديث رقم 5273. 3/406. البيهقي: كتاب الخلع والطلاق، باب الوجه الذي تحل به الفدية، حديث رقم 14838. 7/511.

[20]- الشربيني:مغني المحتاج،3/347.

[21]- انظر، ابن رشد:المصدر السابق، 2/66.ابن قدامة: المصدر السابق، 10/268.

[22]- القرطبي: المصدر نفسه، 4/77-78.

[23]- الشربيني: مغني المحتاج،3/347.

[24]- انظر، نجلاء جمعة محمد حسانين: إرادة المرأة في عقد الزواج والطلاق، ص 343.

[25]- النساء: الاية 19.

[26]- انظر، السيد سابق: المرجع السابق، 2/191.

[27]- انظر، ابن قدامة: المغني،10/267.البهوتي: شرح منتهى الإرادات، 5/335. ابن رشد:بداية المجتهد،2/66. الشربيني:مغني المحتاج،3/347.

[28]- البهوتي: شرح منتهى الإرادات، 5/335.

[29]- الشربيني: مغني المحتاج، 3/347.

[30]- البقرة:الآية 229.

[31]- ابن حزم: المحلى، 10/236-237.

[32]- انظر، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، 4/79. ابن حجر: فتح الباري، 12/87. الشربيني: مغني المحتاج، 3/347.

[33]- القرطبي: المصدر نفسه، 6/157.

[34]- النساء:الآية 19.

[35]- ابن كثير: تفسير القرآن العظيم،1/467.

[36]- ابن كثير: المصدر نفسه،1/467.

[37]- الشوكاني: نيل الأوطار، 12/450-451.

[38]- ابن رشد: المصدر السابق،2/68.

[39]- انظر، القرطبي: المصدر نفسه، 4/73.

[40]- انظر، الشوكاني: المصدر نفسه، 12/451.

[41]- انظر، الشوكاني: المصدر نفسه، 12/451.

[42]- ابن قدامة: المغني، 10/270. البهوتي: شرح منتهى الإرادات، 5/336.

[43]- سبق تخريجه، ص 485.

[44]- الترمذي: كتاب الطلاق واللعان، باب ماجاء في المختلعات،حديث رقم 1186. 3/484. النسائي: كتاب الطلاق، باب ما جاء في الخلع، بلفظ "المنتزعات والمختلعات هن المنافقات"، حديث رقم 5626. 5/276. ابن حجر: فتح الباري، 12/96.

[45]- انظر، ابن حجر: فتح الباري، 12/96.

[46]- ابن قدامة: المغني، 10/271.

[47]- انظر، البهوتي: شرح منتهى الإرادات، 5/336.الشربيني: مغني المحتاج، 3/347.

[48]- البهوتي: المصدر نفسه،5/336. ابن حزم: المحلى، 10/235.

[49]- ابن عابدين: رد المحتار،3/445.

[50]- البهوتي: المصدر نفسه، 5/336.

[51]- النساء: الآية 19.

[52]- ابن كثير: تفسير القرآن العظيم،1/466.


This lesson is not ready to be taken.
Eguru

E-learning est une Technologie de l’Information et de la Communication pour l’Education (TICE). La Cellule de télé enseignement et l'enseignement à distance , invite l’ensemble des enseignants de l’université à s’inscrire sur la plateforme Moodle , afin de publier ses cours.

Quick Links

  • Ancien site
  • Cellule de télé enseignement et l'enseignement à distance
  • Université Mohamed Boudiaf M'sila
  • SNDL
  • Bibiothèque
  • Réseau Universitaire Algerien
  • Mesrs

Follow Us

  • Facebook
  • Twitter

Contact

Université Med BOUDIAF-BP 166 M'sila 28000

Phone: 035-33-23-83

E-mail: cteed@univ-msila.dz

Copyright © 2020 University Of M'sila

Contact site support
You are currently using guest access (Log in)
Data retention summary
Get the mobile app
Powered by Moodle