مرحلة الادارة القاضية أو الوزير القاضي Ministre-juge (1790-1799)

  • تجسدت هذه المرحلة بصفة جلية بإصدار الجمعية التأسيسية للقانون 16-24 أوت 1790، المتعلق بالتنظيم القضائي[1]، والذي نص في مادته 13[2] على الغاء المحاكم القضائية التابعة للملك، والتي كانت تسمى بـ"البرلمانات القضائية les parlements de l’ancien régime "، وبالتالي منع السلطة القضائية من النظر في المنازعات الإدارية، أو التعرض لأعمال الادارة العامة، أي منعها من النظر في كل المسائل التي تكون الادارة طرفا فيها، وحصر تدخل القاضي في النزاعات التي تثور بين الخواص فقط، وكان الهدف من هذا الاجراء هو الحفاظ على استقلال الإدارة تجاه السلطة القضائية كأحد مقتضيات مبدأ الفصل بين السلطات.
  • وعوضا عن ذلك، تم تكليف بعض رجال الادارة العامة بمهمة الفصل في الشكاوى المرفوعة ضد الادارة[3] ، حيث اسندت مهمة الفصل في الدعاوى التي تكون الادارة المركزية طرفا فيها الى الوزير ، كما نص القانون 16-11 سبتمبر 1790 على اختصاص حكام الاقاليم بالفصل في القضايا التي تكون الادارة المحلية طرفا فيها على أن تستأنف قراراتهم أمام رئيس الدولة باعتباره الرئيس الأعلى للإدارة.
  •  وبهذا اصبحت الادارة مختصة لوحدها بالفصل في المنازعات التي تكون هي نفسها طرفا فها. لتكون بذلك الخصم والحكم في الوقت ذاته، وأصبح على الأفراد المتضررين من تصرفات الإدارة اللجوء الى الإدارة نفسها للتظلم وتقديم الشكوى، والتظلم يكون أمام الجهة التي تعلو مصدرة القرار، فإن لم توجد فأمام الجهة نفسها التي اصدرت هذا القرار. لذلك نجد ان الادارة في هذه المرحلة قد جمعت بين صفتين، فهي ادارة عاملة تباشر نشاطا اداريا تحقق من خلاله المصلحة العامة، وادارة قاضية تفصل في المنازعات التي تنشأ بينها وبين الأفراد.
  • ورغم أن هذا الأمر كان مقبولاً في بدايته بسبب السمعة السيئة لقضاء “ البرلمانات”، ولما كان عالقا بالأذهان من ذكرى طيبة خلفها كبار الموظفين الذين كان يرسلهم الملك إلى الأقاليم و يعهد إليهم باختصاصات قضائية، إضافة للفهم الخاطئ الذي كان سائدا حول مبدأ استقلال الإدارة والذي حال دون خضوعها لقاض أيا كان[4]، إلا أن فكرة الإدارة القاضية قد  اثبتت فشلها وتعرضت لانتقادات شديدة بسبب تعسف الإدارة، مما دفع الجهات المختصة الى محاولة تصحيح هذه الوضعية عن طريق خلق هيئات متميزة عن الإدارة، تستشيرها وتستعين بها للفصل في الشكاوى المرفوعة امامها، مع بقاء الكلمة النهائية لرئيس السلطة ألتنفيذية، و بالتالي أنشئ مجلس الدولة الفرنسي في صورته الأولى في إطار القضاء المحجوز.

[1] - للاطلاع على النص الاصلي: http://legilux.public.lu/eli/etat/leg/dec/1790/08/16/n1/jo

[2] - Article 13:Les fonctions judiciaires sont distinctes et demeureront toujours séparées des fonctions administratives. Les juges ne pourront, à peine de forfaiture, troubler, de quelque manière que ce soit, les opérations des corps administratifs, ni citer devant eux les administrateurs pour raison de leurs fonctions.

"تعتبر الوظائف القضائية منفصلة عن الوظائف الإدارية .ولا يستطيع القضاة أن يعرقلوا بأية طريقة كانت أعمال أجهزة الإدارة، تحت طائلة الخيانة العظمى .ولا يمكنهم تكليف رجال الإدارة بالحضور أمامهم بسبب وظائفهم"

-[3] سليمان محمد الطماوي :الوجيز في القضاء الإداري مرجع سابق ،ص30

[4] - المرجع نفسه، ص . 35


Vous avez terminé 0 % de la leçon
0%