الدرس الثالث:
بطاقة تواصل حول منهحية البحث العلمي – الدرس الثالث -
لقب واسم الاستاذ: برابح السعيد
البريد الإلكتروني: said.berrabah@univ-msila.dz
المستوى: السنة أولى ليسانس جذع مشترك
السداسي الثاني
عنوان الدرس: المنهج المقارن
أهداف الدرس: التعرف على أهمية المنهج المقارن وتطبيقاته في ميدان العلوم القانونية
المنهج المقارن |
أولا: مفهوم المنهج المقارن: ويشمل تعريف المنهج المقارن، وتحديد أنواع المقارنة وأبعادها.
1/ تعريف المنهج المقارن: المقارنة لغة هي المقايسة بين ظاهرتين أو أكثر عن طريق معرفة أوجه الشبه وأوجه الاختلاف. أما اصطلاحا فهي عملية عقلية يتم من خلالها تحديد أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين حادثتين أو أكثر نستطيع من خلالها الحصول على معارف أدق نميز بها موضوع الدراسة أو الحادثة، وهذه الحادثة تكون كيفية قابلة للتحليل، أو كمية بتحويلها إلى كم قابل للحساب.
أما المنهج المقارن فهو المنهج الذي يعتمد على المقارنة في دراسة الظواهر باستخراج أوجه الشبه وأوجه الاختلاف وفق قواعد علمية معينة.
يحتاج المنهج المقارن إلى المنهج التحليلي فينطلق البعض على دراستهم لظاهرة معينة منهج التحليل المقارن، أما البعض الآخر فيرى أن المنهج المقارن هو منهج شبه تجريبي يختبر كل العناصر الثابتة والمتغيرة لظاهرة معينة في أكثر من مجتمع، وأكثر من زمان.
2/ أنواع المقارنة وأبعادها:
أ/ أنواع المقارنة:
- المقارنة المغايرة والمقارنة الاعتيادية: فالمقارنة المغايرة هي مقارنة بين حادثتين قانونيتين أو أكثر ، تكون أوجه الاختلاف فيها أكثر من أوجه الشبه، أما المقارنة الاعتيادية فهي مقارنة بين حادثتين قانونيتين أو أكثر، تكون أوجه الشبه بينها أكثر من أوجه الاختلاف.
- المقارنة الداخلية والمقارنة الخارجية: والمقارنة الداخلية تدرس حادثة واحدة فقط في زمان معين ومكان معين، ولكن بالمقارنة بين أسباب هذه المشكلة للتوصل إلى الأسباب الأكثر ترجيحا، والتي يمكن أن تشكل الأسباب الرئيسية لها، أما المقارنة الخارجية فهي مقارنة حوادث قانونية متباعدة عن بعضها البعض، أو مختلفة عن بعضها البعض على غرار المقارنة بين نظام حكم يقوم على الفصل بين السلطات ونظام آخر يقوم على دمج السلطات.
ب/ أبعاد المقارنة: للمقارنة ثلاث أبعاد، بعد زماني تاريخي، وآخر مكاني، وثالث زماني ومكاني:
- البعد الزماني( التاريخي): يعني دراسة ظاهرة معينة في فترات زمنية مختلفة من خلال تحليل الظاهر في مختلف المراحل التاريخية أو الزمنية.
- البعد المكاني: ويعني المقارنة بين ظاهرة في مكان معين وتواجدها في مكان آخر في نفس الفترة الزمنية، مثل دراسة ظاهرة الإجرام في الجزائر، ومقارنتها بنفس الظاهرة في دولة أخرى خلال فترة زمنية واحدة.
- البعد الزماني والمكاني:وتعني المقارنة بين تواجد الظاهرة في مكان معين وزمان معين، مع تواجدها في أمكنة وأزمنة أخرى متباينة.
ثانيا: طرق إعمال المنهج المقارن: قد يكون إعمال المنهج المقارن أفقيا، أو عموديا.
1/ المقارنة الأفقية: وتعني قيام الباحث بدراسة الظاهرة التي يلحقها في كل نظام على حدى، فإذا انتهى من دراستها في النظام الأول قام بدراستها في النظام الثاني.
مثال ١:إذا قام الباحث بالتصدي لبحث مقارن في موضوع أساليب اختيار رئيس الدولة في النظام الدستوري الجزائري والنظام الدستوري الأمريكي ، فتظهر المقارنة الأفقية عندما يتطرق الباحث في القسم الأول لأساليب اختيار رئيس الدولة في النظام الدستوري الجزائري، وفي القسم الثاني يبحث هذه الأساليب في النظام الدستوري الأمريكي.
2/ المقارنة العمودية ( الرأسية): في هذه الطريقة يلتزم الباحث بإجراء المنهج المقارن في كل جزئية من جزئيات الظاهرة التي يدرسها في نظامين أو أكثر في آن واحد، ولا يعرض لموقف كل نظام على حدى.
مثال: لو فرضنا أن الموضوع هو نفسه المشار إليه في المثال ١ أعلاه فإن الباحث يدرس تكوين هيئة الناخبين في النظامين معا، ثم شروط الترشح في النظامين، وكذلك الحال عند التطرق لنهاية المهام.
ملاحظة: يتضح أن طريقة المقارنة الرأسية العمودية أفضل كثيرا وأدق من المقارنة الأفقية، وذلك للأسباب التالية:
- المقارنة الأفقية تؤدي إلى تكرار الأفكار وتشتتها، فما يقال هنا يعاد هناك، فضلا عن أن الأمر في نهايته لا يخرج عن كونه دراستين منفصلتين لموضوع واحد في النظامين.
- أما المقارنة الرأسية العمودية فهي تؤدي إلى حسن إدراك أوجه الاتفاق أو الاختلاف في الأنظمة المقارنة، فضلا عن منع تكرار الأفكار، وهو ما يؤدي إلى أن يكون البحث عظيم الفائدة للقارئ والباحث.
ثالثا: شروط وقواعد المقارنة: إن الحصول على نتائج علمية باستخدام المنهج المقارن يوجب على الباحث الالتزام بشروط وقواعد معينة أهمها:
١/ أن تركز المقارنة على دراسة مختلف أوجه الشبه والاختلاف بين حادثتين أو أكثر.
٢/ جمع معلومات دقيقة إذا كانت المقارنة تعتمد على دراسة ميدانية، أو جمع معلومات موثوقة إذا كانت المقارنة تعتمد على دراسة غير ميدانية ( لا يمكن أن تبحث بشكل ميداني ( مثل المقارنات التاريخية).
٣/ أن تكون هناك أوجه شبه وأوجه اختلاف، فلا يجوز أن نقارن ما لا يقارن، فلا يمكن مثلا مقارنة موضوع في العلوم الطبيعية مع موضوع في العلوم الإنسانية، فمن غير المعقول مقارنة الحالة النفسية بالحالة الميكانيكية.
٤/ تجنب المقارنة السطحية، إنما نغوص في الجوانب الأكثر عمقا.
٥/ أن تكون الظاهرة المدروسة مقيدة بعاملي الزمان والمكان.
٦/ استخدام مصطلحات علمية وتوصيفها بطريقة صحيحة.
٧/ تحديد الغرض من المقارنة الذي يمكن أن يكون توحيد نظامين، أو تغليب نظام على آخر، أو أخذ الإيجابيات من النظامين واستبعاد السلبيات.
هذه الشروط تضاف إليها شروط منهجية، وأخرى ذاتية، فأما الشروط المنهجية فتتمثل في الموضوعية، وتحديد معايير ثابتة للموازنة تضفي على البحث طابع الدقة، وأما الشروط الذاتية فتتمثل في أخلاقيات البحث وأهمها: الحياد الفكري، الأمانة في الاقتباس، الاعتراف بفضل الآخرين، وتصحيح الأخطاء، وعدم مهاجمة العلماء، بالإضافة إلى النزاهة وعدم التحيز، الخيال، المثابرة.
رابعا: أهمية المنهج المقارن في الدراسات القانونية: لقد عرف القانون المقارن تطورا معتبرا خلال القرن التاسع عشر بتأسيس جمعية التشريع المقارن بباريس سنة ١٨٦٩، حيث تهتم بدراسة القانون المقارن بمقارنة قوانين بلدان مختلفة لمعرفة أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين مختلف القوانين.
هذا وتظهر أهمية المنهج المقارن في مجال الدراسات القانونية في ما يلي:
-عن طريقه يطلع الباحث على التجارب القانونية للدول الأخرى، ومقارنتها بالنظم القانونية الوطنية، وبيان أوجه الشبه وأوجه الاختلاف، والموازنة بينها للتوصل إلى نتائج محددة.
-يساعد الباحث على تصور الاقتراحات حول إصلاح وتعديل التشريعات القائمة.
- يساعد على توضيح الحلول الواردة في القانون الوضعي حول الظواهر القانونية، مما يقدم عونا لمن يهمه التعرف على أحكام وقوانين البلاد المختلفة.
إن المنهج المقارن حتى يؤدي وظيفته في المجال القانوني يجب على الباحث التحديد ما يلي:
- التحديد الدقيق لموضوع المقارنة، والقوانين التي ستتم المقارنة بينها.
- أن يكون على علم ومعرفة كافية بلغة تلك القوانين.
- أن يختار عددا محددا من الظواهر أو القوانين التي يريد مقارنتها حتى تكون المقارنة دقيقة وفعالة.
- أن تكون المصادر والمراجع المتعلقة بموضوع المقارنة متوافرة لدى الباحث بشكل يمكنه من إجراء المقارنة.
- يستحسن أن يكون النموذج القانوني المختار أكثر تقدما من النظام الأصلي، وذلك لتعظيم الفائدة من المقارنة.