Lesson
الدرس الأول: تحليل النصوص القانونية
Completion requirements
الدرس الأول: تحليل النصوص القانونية
المحور الأول: تقنيات تحليل النصوص القانونية
هو من أشكال المعالجة القانونية للنصوص والتي تستوعب تحليل النصوص والتعليق عليها، مع ما قد تتطلبه هذه المعالجة من تفسير النصوص ونستعرض في هذا الدرس إلى مفهوم تحليل النصوص وما يتطلبه من التعرف على مدلول النص المستهدف بالتحليل ثم منهجية تحليله وما يتطلبه من خطوات منهجية ويتضمنه من قواعد تقنية [1]
المطلب الأول: مفهوم تحليل النصوص
نتناول تحديد النص المستهدف بعملية التحليل في عنصرين هما:
أولاً: تعريف النص:
يقصد بالنص هنا النص القانوني الوضعي الملزم، وهي نصوص التشريع بأنواعه ومراتبه ودرجاته وما يتفرع عنها وقد سبق وتم دراستها في مقياس المدخل للعلوم القانونية سابقا.
إن النص بصفة عامة قد يكون فقرة أو أكثر، ويمكن أن يتكون من جملة أو أكثر، أو عبارة عن مقولة أو رأي يعبر عن اتجاه فقهي أو مدرسة فقهية، ما يتضمنه من أفكار مقصودة تتعلق بمسألة أو مسائل قانونية معينة تعرض على الطالب لمناقشتها[2]، حيث أن النص القانوني يعالج مسألة قانونية وهو إما:
- نص تشريعي: نص مادة من مواد تقنين معين.
- نص فقهي: مجموعة فقرات مأخوذة من مرجع قانوني لفقيه معين تعالج مسألة قانونية معينة[3].
فالنص القانوني عبارة عن مجموعة أفكار تتعلق بمسألة قانونية معينة تعرض على الطالب لمناقشتها، والهدف من عرضها عن طريق النص القانوني هو إبعاد الطالب عن المناقشة التقليدية للمسائل القانونية التي تتم عن طريق التحليل النظري للمواضيع باستعمال أسلوب إنشائي حر، لا يسمح للطالب إلا بإعادة سرد ما حفظه عن ظهر قلب سردًا آليًا.
أما تحليل النص فيحقق هدفين:
- الهدف الأول: تحديد إطار المناقشة بالتقيد بما جاء في النص من أفكار وهذا من أجل تفادي الخروج عن موضوع النص ولتفادي سرد المعلومات المحفوظة بطريقة آلية.
- الهدف الثاني: السماح للطالب بإبداء رأيه اتجاه أفكار النص سواء بالتأكيد أو بالمخالفة، مع تبرير موقفه الشخصي، مما يسمح له بإظهار استيعابه الجيد للمعلومات وقدرته على توظيفها، وهذا هو التعليق الحقيقي على النصوص.
وبهذا يسمو الطالب من درجة الحفظ عن ظهر قلب للدروس والمحاضرات إلى درجة استيعاب أهم الأفكار والمفاهيم القانونية وترسيخها في ذهنه والاستعداد لمناقشتها كلما عرضت عليه دون اضطراره لحفظها[4].
ثانيًا تعريف تحليل النصوص:
التحليل والتعليق على نص قانوني، نستعمل أحيانا عبارة تحليل نص قانوني وأحيانا عبارة تعليق على نص قانوني، فهل يعني ذلك وجود فرق بين تحليله والتعليق عليه؟
إن تحليل النص القانوني يعني كتحليل أي شيء، تفكيكه إلى العناصر التي يتألف منها، ومن ثم بيان أجزائه ومكوناته.
أما التعليق على النص القانوني كالتعليق على أي موضوع، فهو عبارة عن محاولة لتفسير وتوضيح هذا الموضوع بقدر من الحرية وبأسلوب شخصي إلى حد معين، وذلك من خلال البحث في مكونات هذا الموضوع والعناصر التي يحتويها، ليخلص المعلق بالنهاية إلى إعطاء فكرة تأليفية أو تركيبية عن الموضوع[5].
هنا لاحظنا إشكالًا من حيث المدلول الاصطلاحي للتحليل حيث يلتبس مع مدلول التعليق فأحيانا نجد مصطلح تحليل نص وأحيانا أخرى استعمال مصطلح التعليق على النص لذا نستعرض تعريفهما:
1-تعريف تحليل النص: هو دراسة مضمون النص دراسة مفصلة ومعمقة وفق قواعد منهجية، وذلك من خلال تفكيكه إلى العناصر التي يتألف منها بهدف بيان أجزائه وتوضيح مكوناته.
2-تعريف التعليق على النص: هو الفحص الانتقادي لمضمون وشكل النص أو هو محاولة تفسير وتوضيح موضوع النص، إضافة إلى تقسيمه ونقده بقدر من الحرية وبأسلوب شخصي إلى حد معين، وذلك من خلال البحث في مكونات الموضوع واستخلاص العناصر التي يتضمنها، ليخلص الطالب المعلق إلى إعطاء فكرة تأليفية أو تركيبية عن الموضوع[6].
عند التدقيق نجد أن بينهما فرقا جوهريا لا ينفي ارتباطهما الوثيق فكلاهما وسيلة لدراسة النص القانوني والفقهي إلا أن:
أ- التحليل: يعد بمثابة الصورة التي تعكس حالة النص ذاته والتي لا يسع المحلل إضافة شيء أو التغيير فيها.
ب- التعليق: يعد بمثابة الصورة الطليقة التي تعكس رأي المعلق باختصار، والتي يمكن تقويمها وإبداء رأيه الشخصي فيها بحرية مطلقة.
على الرغم من أنهما مختلفان مبدئيا، إلا أن تحليل النصوص القانونية والفقهية لا يستبعد التعليق عليها، لأن المحلل هو أيضا يحاول تفسير النصوص، لكن بتعمق أكبر وتوضيحها بقدر من الموضوعية بل ومن الحرية نسبيا، وهو بهذا المعنى يقترب كثيرا من مدلول التعليق على نص، وكذلك الأمر بالنسبة للمعلق فإن عمله لا يكون محل ثقة واقتناع وقبول إلا بقدر ما يستند إلى تحليل مسبق وسليم للنص محل التعليق.
فتحليل النص لا يستبعد التعليق عليه وإنما هو من أجل إقامة تعليق على أساس دقيق وسليم[7].
فالتحليل السليم والدقيق للنص القانوني يبدو كمشروع تعليق غير مكتمل لأنه لا يركز على الآراء الشخصية للمحلل وإنما يحاول إظهار صورة النص شكلا وموضوعا كما هو، وهذا هو المعنى الضيق الذي لا يصل فيه المحلل إلى فكرة تأليفية وإنما يقتصر على النتائج.
وفي الإطار الأكاديمي، فإن عبارة تحليل النص القانوني لا يقصد منها بالضرورة الاقتصار على تحليل النص بالمعنى الضيق، بل يجب أن تفهم في إطارها التعليمي والتوجيهي، وذلك بتزويد الطالب بالأدوات اللازمة من أجل دراسة وفهم النص القانوني عبر منهج معين، أي أن تحليل النص لا يعني استبعاد التعليق عليه، بل جل ما يعنيه هو إقامة التعليق على أساس دقيق[8].
ت- أهم الفروق بين التحليل والتعليق:
التحليل | التعليق |
- يعني تفكيك النص القانوني إلى العناصر التي يتألف منها ومن ثم بيان أجزائه ومكوناته.- التحليل يعد بمثابة الصورة التي تعكس حالة النص ذاته ولا يسع المحلل إضافة شيء أو التغيير فيها، ما عدا إمكانية ذكر الإيجابيات والسلبيات وهذا ضمن المعنى الضيق.- تحليل النص بمعناه التعليمي والتوجيهي هو إقامة تعليق على أساس دقيق فالمحلل يحاول تفسير النصوص لكن بعمق أكبر وتوضيحها بقدر من الموضوعية بل ومن الحرية في نطاق البحث عن الموضوع وصولا لإعطاء فكرة تأليفية أو تركيبية عن الموضوع (هنا يقترب التحليل من مدلول التعليق في فكرة التأليف)- يفتقر أو بالأحرى لا يركز على الآراء الشخصية وحريته نسبية.- التحليل أوسع وأكثر دقة وعمقا في محاولة فهم النص (عمق الدراسة) | - محاولة تفسير وتوضيح الموضوع بقدر من الحرية وبأسلوب شخصي إلى حد معين والبحث في مكونات الموضوع والعناصر التي يحتويها فهو الفحص الانتقادي لمضمون وشكل النص.- التعليق يعد بمثابة الصورة الطليقة التي تعكس رأي المعلق باختصار.- إعطاء فكرة تأليفية أو تركيبية عن الموضوع لأن المعلق يتعرض إلى مضمون النص بالنقد، فعمله يستند إلى تحليل مسبق وسليم للنص محل التعليق (هنا التعليق يستند على التحليل من أجل إعطاء فكرة التأليف).- يركز على إبداء الآراء الشخصية (يتمتع المعلق بحرية النقد وإبداء الرأي الشخصي).- يمتاز التعليق بالاختصار والإيجاز لأنه شكل من أشكال الفحص الانتقادي.- على المعلق تبرير التعليق وتعليله علميا فيعرض من خلاله الدليل ويطرح البديل. |
- كلاهما وسيلة لمعالجة النصوص.
- لكلاهما الحق في إعطاء فكرة تأليفية او تركيبية عن الموضوع.
- تحليل النص لا يستبعد التعليق عليه فهو يكتمل بالتعليق، تحليل النص: دراسة الموضوع شكلا وموضوعا + الحصول على النتائج وفي حالة الوصول إلى فكرة تأليفية هنا يكتمل مشروع التعليق.
- ارتباط التعليق على النصوص بعملية تحليلها مسبقا من أجل الحصول على نتائج ذات مصداقية، فيجب إقامة التعليق على أساس دقيق من التحليل.
- عمليا التعليق كفحص انتقادي ينطبق على الأحكام والقرارات القضائية، أما التحليل فمحله النصوص القانونية والفقهية، ولكن إن استعملنا أحد الصيغتين فالأمر سيان[9]
المطلب الثاني: منهجية تحليل النصوص:
إن المعالجة الحقيقية للنصوص القانونية تتم وفق منهجية دقيقة تلعب دورا في تنظيم عمل الطالب وتنسيقه، وهذه المنهجية تمر بعدة خطوات نوجزها في مرحلتين هما:
أولاً المرحلة التحضيرية:
في هذه المرحلة يقوم الطالب بالتحليل الشكلي للنص ثم التحليل الموضوعي، وهذان الإجراءان يفيدان في فهم النص فهما جيدا والتحضير لمناقشته في المرحلة القادمة[10].
1- التحليل الشكلي:
يبدأ تحليل النص القانوني بالتحليل الشكلي وذلك بعد قراءة أولية يستخرج منها الطالب العناصر التالية:
أ- تحديد طبيعة النص (التعريف بالنص وهويته): إن الهدف من هذه الخطوة يتمثل في جمع وحشد المعلومات والوسائل التي تساعد على التعرف على النص، حيث يتعين على الطالب تصنيف النص القانوني، وذلك بتحديد وملاحظة ما إذا كان النص موضوع التحليل نصا تشريعيا أو فقهيا.
فقد يكون نصا تشريعيا صادرا بموجب قانون أو أمر أو مرسوم أو قرار[11]، أو يكون في شكل مادة أو مجموعة مواد من تقنين معين، صادرة عن السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية أو قد يكون نصا قانونيا دوليا كالمعاهدات
والاتفاقيات الدولية[12]، كما يمكن أن يكون مجموعة فقرات مأخوذة من مرجع فقيه معين أي أن النص فقهي، فالطالب بعد هذه القراءة الأولية يستطيع تحديد طبيعة النص ما إذا كان تشريعيا أو فقهيا
ب- موقع النص (المصدر الشكلي): يقصد به تحديد موقعه ضمن المنظومة الفكرية التي تم اقتباسه منها[13] حيث يتوجب على الطالب أن يشير إلى مصدر النص ورتبته ضمن سلم القواعد القانونية، وهل هو نص متكامل ورد ضمن قانون أو مرسوم أو قرار[14].
إن المصدر الشكلي يقصد به شكل المصدر المقتبس منه النص محل التحليل سواء كان هذا المصدر تشريعيا أو فقهيا.
فإن الطالب الباحث يذكر من أين اقتطف النص بطريقة مرتبة ومنتظمة، تختلف باختلاف طبيعة النص:
- إذا كان النص تشريعا: يذكر موقعه من التقنين الذي أخذ منه بطريقة مرتبة وذلك بترتيب العناوين التي جاء تحتها النص، كأن يذكر أن النص المشار إليه المادة 90 من القانون المدني، مأخوذ من القسم الثاني تحت عنوان "شروط العقد"، من الفصل الثاني تحت عنوان "العقد"، من الباب الأول تحت عنوان "مصادر الالتزام"، من الكتاب الثاني تحت عنوان "الالتزامات والعقود" من التقنين المدني الجزائري.
كما ينبغي تحديد رقمه، تاريخ صدوره، ونشره في الجريدة الرسمية بكل دقة مع ذكر عدد الجريدة، سنة وتاريخ صدورها.
- إذا كان النص فقهيا لكاتب معين على سبيل المثال: فإنه من اللازم ذكر موقعه من المرجع الفقهي الذي أخذ منه، وذلك ببيان العناصر التالية بترتيب:
اسم المؤلف، عنوان المرجع، دار النشر، الطبعة، البلد، السنة، الصفحة.
مثال: محمود جلال حمزة، العمل غير المشروع مصرا للالتزام، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1985، ص 276.
إن استخراج المصدر الشكلي يجب أن يكون مختصرا ومركزا وشاملا، فهذه المعلومات تساعد على فهم النص ومعرفة الفكرة العامة فيه.
ت- البحث في بنية النص: يتم البحث في بنية النص من الناحية الطوبوغرافية والناحية اللغوية مع ضرورة شرح أهم المصطلحات القانونية، فهذه الخطوة تتركز أساسا على فهم النص من خلال فهم معاني ألفاظه ومصطلحاته التي كتب بها.
- البنية الطوبوغرافية للنص: إن النص القانوني الذي يمكن أن يكون موضوعا للتحليل غير مقيد بحدود معينة، فالبنية الطوبوغرافية للنص تتمثل في طول النص أو قصره، عدد الفقرات التي تضمنها، حيث يمكن أن يكون نصا كاملا ورد في قانون أو مرسوم يتألف من عدد كبير من المواد، كما يمكن أن يكون النص موضوع التحليل هو مادة أو بعض مواد من قانون أو مرسوم أو عدة مواد وردت في قوانين مختلفة[15]. وقد يتكون من فقرة واحدة أو عدة فقرات كاملة أو جزء من فقرة.
- البنية اللغوية (البناء اللغوي والنحوي للنص): يتم التركيز من قبل الطالب المحلل على كيفية صياغة النص والألفاظ المستخدمة، ودلالاتها اللغوية والاصطلاحية، ومدى ملاءمتها للسياق وانسجامها معه من ناحية قواعد اللغة الغنية القانونية.
كما يركز على الأسلوب المستخدم لأنه بوابة الدخول إلى فلسفته وروحه ومعناه[16]، وأيضا من خلال تحديد أهم المصطلحات القانونية التي تضمنها النص والتي تخدم عملية تحليله.
- تحديد وشرح المصطلحات الصعبة: ينبغي الفهم الصحيح للمصطلحات القانونية الأساسية المستعملة والتي قد تحمل معان مختلفة وذلك بتحديدها مع الحرص على شرحها بإيجاز من خلال تبيان دلالتها اللغوية ومدى ملاءمتها للسياق الموضوعي للنص ومدى انسجامها معه.
بالإضافة إلى تقييم الأسلوب المستخدم الذي ينبغي أن يكون أسلوبا قانونيا دقيقا ومركز[17].
حيث أن الفهم الصحيح للمصطلحات هو الذي يؤدي إلى التحديد الصحيح لموضوع المسألة القانونية محل التحليل وتفادي الخروج عنه[18].
ث- المصدر المادي: هناك معلومات خاصة بالخلفية الفقهية والقانونية أو الفكرية والإيديولوجية التي تأثر بها كل من المقنن واضع النص التشريعي أو الفقيه واضع النص الفقهي، وتحديد اتجاهه الفكري وطبيعة القواعد والمناهج التي يخضع لها عند بحثه ودراسته، حيث أنه قد يتأثر صاحب النص بتشريعات قانونية لدول أخرى أو مذاهل ونظريات فقهية وأن العلم بها يسمح بكشف الانتماء الفكري والاتجاه الثقافي والسياسي له[19]، والإلمام بالظروف المحيطة به.
فإذا كان النص تشريعا فالمشرع الجزائري متأثر بالمشرع المصري والفرنسي، فيذكر الطالب نص المادة محل التحليل والنص المقابل لها في كل من التقنين المصري والفرنسي، مثال: تقابل نص المادة 90من القانون المدني الجزائري المادة 127 من القانون المدني المصري، والمادة 117 من القانون المدني الفرنسي.
فإذا كان النص فقهيا فشخصية الكاتب إذا كان معروفا ستبين المذهب الذي ينتمي إليه، ومن ثم نظريته والمقاصد العامة والخاصة التي يهدف إلى تحقيقها والمبدأ الذي يعتمد عليه في شرح المسألة القانونية محل التعليق[20].
2-التحليل الموضوعي:
بعد الاطلاع على النص وتحليله تحليلا شكليا تأتي الخطوة الموالية المتمثلة في التحليل الموضوعي الذي يتناول دراسة النص من حيث المضمون، وذلك بقراءة النص قراءة جيدة مع الفهم الصحيح للمصطلحات الموظفة فيه، وذلك بالتدقيق في أجزائه ومكوناته، حيث يقف الطالب عند كل فكرة يثيرها فيقوم بتسجيلها لتحضير مناقشتها فيما بعد[21]، فهذه الخطوة جوهرية لأن نتائجها سيبني عليه العمل في المرحلة التالية.
إن التحليل الموضوعي يقتضي تتبع العناصر التالية:
أ- استخراج الفكرة العامة: إن الفكرة العامة يقصد بها المعنى الإجمالي للنص، ويستخرجها الطالب بعد قراءة متأنية للنص وفهمه فهما جيدا، فيتبين موضوع المسألة القانونية التي يتعلق بها، وحيث يفيد استخراج الفكرة العامة في تحديد الإطار العام وحدود المسألة المراد مناقشتها حتى لا يخرج الطالب عن الموضوع[22].
ب- استخراج الأفكار الرئيسية: لاستخراج الأفكار الرئيسية من النص ينبغي قراءة النص وتلخيصه وذلك بتقسيم النص تقسيما منطقيا، ويكون مبنيا على عدد الفقرات حسب الفكرة، بحيث تتعلق كل فقرة بفكرة أو بعدد من الأفكار المتقاربة بينها، يسجلها الطالب ويجمع بينها إن أمكن لتحديد أهمها، ثم يذكرها مراعيا التسلسل المنطقي لها بتصنيفها وتنظيمها وترتيبها لأنها ستساعده في التحضير لوضع خطة مناسبة لأن هرم الأفكار سيتطابق مع بناء فكري يأتي فيما بعد[23].
ت- طرح الإشكالية: بعد تمكن الطالب من استخراج الفكرة المحورية والأفكار الأساسية ينتهي إلى تحديد المسألة القانونية المراد مناقشتها عبر النص، وهنا عليه صياغة هذه المسألة في صورة إشكالية علمية تتضمن تساؤلات تستحق بذل ما في وسعه للإجابة عليها وإيجاد نتائج تمثل حلا مقبولا للإشكالية المطروحة وفق خطة أو بناء يتم إحكامه من طرف الطالب.
ثانيا المرحلة التحريرية:
هي مرحلة هامة من العمل، يقوم الطالب بتقويم النص من الوجهة القانونية وذلك عبر مناقشة المسألة القانونية في إطار بنا فني منهجي متكون من مقدمة وصلب موضوع وخاتمة.
إن هذه المرحلة تتم عبر خطوتين هما: 1: الخطة / 2: المناقشة
1-الخطة:
لقد سبق وقمنا بتنظيم الأفكار شكلا وموضوعا، هذه الأخيرة التي يجب أن تتطابق مع بناء تقني، يشرع الطالب قبل إعداده في فرز وتصنيف وترتيب الأفكار وتبيان ما هو أساسي وثانوي وطرح مالا يخدم دراستنا[24]، وأن المراد منه وضع هياكل لموضوع التحليل يكون مظهره الخارجي مجموعة العناوين والتقسيمات والتفريعات التي سيعتمدها الطالب في إيصال نتائج بحثه وتقديم حصيلة عمله بدقة وإعلان النتائج المتوصل إليها.
ويجب أن تكون هندسة هذا البناء التقني وهيكل الموضوع متوازنا ومتسلسلا ودقيقا من أجل أن يكون العمل ناجحا[25].
فإن الهدف من وضع الخطة هو مناقشة النص مناقشة تحليلية، حيث لا يكتفي الطالب بمجرد شرح النص، بل عليه بالإضافة إلى توضيح أفكار النص مناقشتها ويبدي رأيه، وبهذا سينجح في اقتراح خطته الشخصية والتي تكون مغايرة لخطة الكاتب تحمل بصمته الشخصية، وفي نفس الوقت ملائمة لمناقشة المسألة القانونية محل التحليل.
وينبغي أن تتماشى والنص محل التحليل، أما مسألة تقسيمها فالغالب يتم تقسيم النص إلى جزئين رئيسين، كالشروط والآثار-المبدأ والاستثناء-الطبيعة والخصائص.
فهذا التقسيم غير إجباري فكل طالب حسب درجة فهمه للنص، وإنما عليه التأكد من موافقة الخطة لموضوع النص وشاملة لكامل الأفكار مع عدم تكرار الأفكار[26].
2-المناقشة:
مناقشة المسألة القانونية التي يطرحها النص، تبدأ بتحرير ما جاء في عناوين الخطة واحدة تلو الأخرى، من المقدمة مرورا بصلب الموضوع وفي الأخير الخاتمة.
أ- مقدمة: إن المقدمة يبتدأ الطالب بعرض المسألة القانونية المراد مناقشتها ثم يطرح إشكاليته بصورة سليمة وفي جملة وجيزة، بعدها يشير إلى أهمية الموضوع ويفتح شهية القارئ إلى المسائل التي يستعد لمناقشتها[27].
ب- صلب الموضوع: يتم عرض صلب الموضوع عبر المباحث والمطالب والفروع والنقاط التي يتضمنها الهيكل التقني للخطة، وذلك بمناقشة المسائل القانونية والإشكالية، حيث يبتعد الطالب عن السرد الآلي للمعلومات بطريقة سطحية وإنما بضرورة البحث عن علاقة النص بغيره من النصوص القانونية السائدة وبالأخص تلك التي تعتبر مبادئ عامة ومستقرة، فقد يتشكل النص مثلا خروجا عن مبدأ عام وقد يكون موافقا للمبادئ والقواعد العامة[28]، ولا تتحقق تلك المناقشة إلا إذا كان الطالب ملما بالمعلومات إما من المحاضرة أو المراجع أو ما يستحضره من ثقافة عامة من وسائل التواصل الاجتماعي أو البحث في مواقع الانترنيت.
على الطالب التقيد بالإطار العام للموضوع والحرص على التقيد بأفكاره مع تجنب إعادة كتابة ما جاء في النص وتكراره، بل عليه المناقشة وإبداء الرأي وتدعيمه بالنصوص المؤيدة لرأيه وذلك بالدليل والبرهان مع تقييمه وتقويمه لتسجيل ما انتهى إليه من نتائج في الخاتمة.
ت- الخاتمة: يحرص الطالب على تلخيص موضوع المسألة القانونية في فقرة وجيزة تتضمن الإجابة عن الإشكالية مع عرض النتائج المتوصل إليها مبينا موقفه من رأي الكاتب مع عرض البديل إن وجد وكان له موقف مخالف[29].
[1] عبد المنعم نعيمي، تقنيات إعداد الأبحاث العلمية القانونية المطولة والمختصرة، دار بلقيس للنشر-الجزائر، ص191.
[3] غناي زكية، منهجية الأعمال الموجهة في القانون المدني، ط3، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2012، ص12.
[29]- عبد المنعم نعيمي، المرجع السابق، ص202-204.
This lesson is not ready to be taken.