النظريات النيوكلاسيكية
استمرت النظرية الكلاسيكية في تفسير التجارة الدولية، إلى غاية الحرب العالمية الأولى، إل أن المرحلة الأولى للنظرية النيوكلاسيكية ما هي إلا إعادة صياغة نظرية النفقات النسبية، وذلك بإدخال المنفعة في تفسير التجارة الدولية والتخلي عن النفقة المحددة على أساس العمل أما المرحلة الثانية تتمثل في إعطاء أسباب وجود التجارة، عن طريق عوامل الإنتاج و أسباب وجود الاختالف في
الأسعار النسبية، والأجور. ظهرت هذه النظريات في أعقاب الانتقادات التي وجهت للنظرية الكلاسيكية، وتظم مجموعة من
الأفكار والنظريات أهمها:
نظرية الفرصة البديلة لهابلر.
انتقد "هابلر" 1936 الأساس الذي تقوم عليه نظرية العمل في القيمة، واعتمد على فكرة نفقة اختيار تكلفة الفرصة البديلة بدلا من النفقة المحددة على أساس العمل في تفسير التبادل الدولي، ونفقة الاختيار أو الاستبدال تعبر عن اختيار سلعتين يمكن إنتاج أيهما باستخدام عامل معين من عوامل الإنتاج وإنما لا يمكن إنتاجهما معا في وقت واحد وبالتالي فنفقة الاختيار ليست نفقة الإنتاج، وانما هي النفقة التي ضحي بها من أجل إنتاج سلعة من السلع أو إنفاقها بالمعنى الصحيح مقابل الحصول على وحدة إضافية من السلعة الأخرى، دون الحاجة إلى و ضع افتراضات خاصة بشأن عنصر العمل والذي يستخدم كأي عنصر إنتاجي آخر، وبالتالي فإن الدولة التي تتمتع بانخفاض في تكلفة الفرص البديلة لأحد السلع تتمتع بميزة نسبية في إنتاجها.
ويقوم التحليل في التجارة الدولية في إطار التوازن العام من مقارنة العرض والطلب في كل بلد، وفي هذا الإطار تتغير الأسعار النسبية للسلع وتصبح الأساس في تعريف التفوق النسبي وشروط التبادل، وكلما كان مستوى الإنتاج لسلعة ما مرتفع، وجب أن نتخلص من كميات معتبرة من السلعة الأخرى إذا أردنا أن نرفع من الكميات المنتجة من السلعة الأولى، وبالتالي فإن حدود إمكانيات الإنتاج هي دالة مقعرة، عكس دالة الإنتاج في النظرية التقليدية التي تأخذ خط مستقيم حسب "هابلر" فإن نفقة الاختيار تسمح بمقارنة المزايا التي يتمتع بها بلد معين في إنتاج سلعة معينة مقارنة بالمزايا التي يتحصل عليها عند إنتاج سلعة أخرى، في هذه الحالة يمكن أن نقارن نفقة استبدال جميع السلع بالنسبة للسلعة النموذجية التي نستخدمها، تتناسب أثمان السلع داخل كل دولة مع نفقات استبدال هذه السلع، وبالتالي فإن البلد الذي يتمتع بميزة نسبية في إنتاج أحد السلع التي ينتجها يمكن له أن يحقق الكسب من التجارة الدولية، وقد استخدم "هابلر" لتفسير هذه الأخيرة ما يسمى منحنيات السواء، إن اختلاف الأثمان النسبية في دولتين يؤدي إلى قيام التجارة الدولية، ويتحدد معدل التبادل الخارجي للسلعتين بواسطة تقاطع قوى العرض والطلب في البلدين معا، وهذا ما يسمى بالطلب المتبادل.
إن نفقة الاستبدال تصلح أساسا لتفسير التبادل الدولي، فالبلد المعين يتمتع بعوامل إنتاج عديدة وهو يستخدمها جميعا، لذا يجب التخلي عن فكرة "ريكاردو" القائلة بأن العمل هو عامل الإنتاج الوحيد، بينما كل العوامل تشارك في إنتاج السلع المختلفة، وعلينا أن نحسب نفقة إنتاج هذه السلع بمعيار مشترك غير العمل، هذا المعيار المشترك هو نفقة الاختيار أي النفقة التي يضحى بها لإنتاج السلعة.muaridin_03.doc [doc][1]
نظرية الوفرة والندرة لهكشر أولين وسامويلسون
تؤكد على ان الاختلاف في الوفرة والندرة النسبية في العوامل الإنتاجية بين الدول هو السبب الرئيس والمحدد للميزة النسبية والتجارة الدولية ولهذا السبب يشار عادة الى هذه النظرية بأنها (نظرية وفرة وندرة عوامل الإنتاج) ، وهو ما يعني ان كل دولة تتخصص بإنتاج وتصدير السلعة كثيفة العامل الإنتاجي الرخيص والمتوفر نسبيا لديها وتستورد السلعة كثيفة العامل الإنتاجي الغالي والنادر نسبيا لديها . وبناءا على ذلك يمكن القول بان هذه النظرية تحاول تفسير الميزة النسبية بين الدول لا أكثر ولا اقل، وهي تسلم بان الاختلاف في الوفرة النسبية لعوامل الإنتاج وبالتالي الاختلاف في أسعار هذه العوامل بين الدول هو السبب الرئيس في اختلاف أسعار السلع بين الدول ومن ثم السبب الرئيس لقيام التجارة الدولية.
وتكمن أهمية هذه النظرية في كونها تظهر أن التبادل الحر للسلع يمكن أن يعتبر كبديل للتبادل الحر للعوامل الإنتاجية، بما ان تبادل السلع يؤدي إلى تعادل أسعار عوامل الإنتاج، وبالتالي يمكن اعتبار ان التجارة الخارجية هي حل لمشكل الندرة النسبية لعوامل الإنتاج.
أما سام ويلسون فلقد أثبت نتائج أولين الخاصة بتعادل أسعار العوامل الإنتاجية بواسطة المبادلات الخارجية من خلال أعماله وأكد أن التجارة الدولية لا تضمن الحصول على أرباح لجميع الدول المتبادلة وبنفس الحجم، بل إن استفادة البعض تكون على حساب البعض الآخر.