النظريات الحديثة
نظرية دور الطلب لليندر
يرى "ليندر" أن تغيير التجارة الدولية باختلاف نسب عناصر الإنتاج قيمته محدودة، ولذا فإن الأمر يتطلب البحث عن اعتبارات أخرى، ولقد فرق ليندر بين تجارة المنتجات الصناعية وتجارة المنتجات الأولية فبالنسبة للمنتجات الأولية يرى أن تبادلها يتم طبقا للميزة النسبية، أما فيما يتعلق بالسلع الصناعية فيرى أن الأمر أكثر تعقيدا فهناك مجموعة من العوامل تحدد الصادرات المحتملة والواردات المحتملة، وهنا كمجموعة أخرى من العوامل تحدد الصادرات الفعلية والواردات الفعلية كحجم الطلب المحلي الذي يحدد الصادرات المحتملة، أما الواردات المحتملة لبلد ما، فتتحدد بالطلب المحلي عند الأسعار الجارية، في حين أن الصادرات والواردات الفعلية هي محصلة ما يسميه القوى الخالقة للتجارة والقوى المعيقة للتجارة. وبالتالي تكون التجارة أكثر كثافة بين الدول التي تتشابه في أنماط الطلب. وإذا كان الدخل الفردي هو المحدد الأساسي للطلب فإن التجارة الدولية تكون أكثر كثافة بين الدول التي يتفاوت مستوى الدخل الفردي فيها والسبب الرئيسي في اختلاف أسعار السلع بين الدول ومن ثم السبب الرئيسي لقيام التجارة الدولية.
نظرية نسب عناصر الانتاج الجديدة
تعتبر نظرية نسب عناصر الانتاج الجديدة الاختلافات بين الدول في مدى الوفرة أو الندرة النسبية لعنصر رأس المال الانساني أو البشري والاختلافات بين الصناعات في حاجتها الى رأس المال الانساني أو البشري عنصرا جديدا من عناصر الانتاج الى جانب عنصر العمل ورأس المال المادي، وإحدى محددات التخصص الدولي في اطار نموذج هكشر اولين الساكن. ويتمثل الفرض الرئيسي لهذه النظرية في كون عنصر العمل غير متجانس مع احتوائه على درجات متباينة من المهارة. ومن هنا يمكن القول ان نظرية نسب عناصر الانتاج الجديدة تفرق بين العمل الماهر وغير الماهر، حيث تعتبر العنصر الاول نوعا من الاستثمارات يجب اضافتها الى عنصر رأس املال. وكانت هذه النقطة هي مصدر تسميته برأس المال البشري لاحتياجه الى استثمارات متنوعة في مجالات التعليم والتدريب وفي ضوء ذلك يمكن تعريف عنصر رأس المال البشري على انه نسبة الايدي العاملة الماهرة الى اجمالي قوة العمل لصناعة بلد ما. وكذلك تدل مستويات الأجور المتوسطة في احدى الصناعات على درجة التأهيل والتدريب للأيدي العاملة.
نظرية مهارة العمالة والتخصص
حسب هذه النظرية فإن العمالة ليست عاملا وحيدا ومتجانسا من بين عوامل الإنتاج إذ ينبغي تقسيمها إلى عدة أنواع من المهارات. فهو يميز بين ثماني فئات مرتبطة بثمانية أنواع من النشاط: العلماء والمهندسون، التقنيون والمصممون الصناعيون، الإطارات الأخرى، القيادات، عاملو الآلات والكهر باء، البقية من العمال اليدويين ذوي المهارة، الموظفون بالمكاتب، العمال غير الماهرين أو شبه الماهرين.
نموذج الفجوة لبوسنر
حسب نموذج الفجوة التكنولوجية، فإن قسطا كبيرا من التجارة الدولية ينشأ تبعا للتفوق التكنولوجي الذي يعطي للدولة المبتكرة ميزة نسبية مؤقتة، وتزول مع استدراك الدول الأخرى للفجوة التي أحدثها التفوق التكنولوجي. يعد بوسنر سباق لنظرية الفجوة التكنولوجية، فمن خلال أعماله البحثية لاحظ أن الدول على الرغم من التشابه في وفرة وندرة عوامل الإنتاج فإنها تقييم التجارة الدولية بيني عكس ما جاءت به نموذج هكشر وأولين الأمر يرجع إلى التفوق المؤقت الذي يحدثه الإبداع التكنولوجي. ولقد بين بأن التدارك الدولي للتكنولوجيا الجديدة يحكمه نوعين من فترات الابطاء وهما:
فترة إبطاء الطلب: وهي الفترة الزمنية الفاصلة بين بداية الإنتاج للسلعة في الدولة المبتكرة أي الدولة الأم وبداية استهلاكها في الخارج.
فترة إبطاء التقليد: وهي الفترة الزمنية الفاصلة بين بداية الإنتاج للسلعة في الدولة المبتكرة وبداية إنتاجها في الدول الأخرى.
نموذج دورة حياة المنتج لفيرنون
تعتبر نظرية دورة حياة المنتج الدولي من أهم تفسيرات و أسباب انتشار ظاهرة الاستثمارات الأجنبية في الدول النامية بصفة خاصة و الدول المتقدمة بصفة عامة كما أنها تلقي الضوء على دوافع الشركات المتعددة الجنسيات (القوميات) من وراء الاستثمارات الأجنبية من ناحية , و من أخرى فإنها توضح كيفية أو أسباب انتشار الابتكارات و الاختراعات الجديدة خارج حدود الدولة الأم و بصفة عامة تنطوي دورة حياة المنتج الدولي أربعة مراحل أساسية يمكن توضيحها بالاستعانة بالشكل التالي الذي يبين المنتج ومراحل حياته في الولايات المتحدة الأمريكية:
المرحلة الأولى: مرحلة البحوث والابتكارات بالبلد المخترع (الولايات المتحدة الأمريكية).
المرحلة الثانية: مرحلة تقديم السلعة بالسوق الداخلي (الولايات المتحدة الأمريكية) .
المرحلة الثالثة: مرحلة النمو في الإنتاج والتسويق المحلي والدولي.
المرحلة الرابعة: مرحلة بداية التشبع في السوق المحلي وبدأ إنتاج السلعة في الدول المتقدمة الأخرى.
المرحلة الخامسة: مرحلة بدأ إنتاج السلعة في الدول النامية وتدهور السلعة بالسوق الأمريكي بسبب المنافسة السعرية أو الجودة.
إن الواقع العملي والشواهد أو الممارسات الحالية لكثير من الشركات متعددة الجنسيات تؤيد الافتراضات التي تقوم عليها نظرية دورة حياة المنتج الدولي، وعلى سبيل المثال نجد أن الصناعات الإلكترونية مثل الحاسبات الآلية بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية قبل انتشار إنتاجها في المملكة المتحدة و فرنسا و ألمانيا الغربية و اليابان، ثم بعد ذلك امتد إنتاج هذا النوع من الصناعات في دولة نامية أخرى مثل تايوان و كوريا الجنوبية و هونج كونج.....إلى غير ذلك.
بالرغم من نجاح هذه النظرية وإمكانية تطبيقها على بعض المنتوجات إلا أن هناك أنواعا أخرى من هذه السلع أو المتوجات قد يصعب تطبيق النظرية بفروضها السابقة عليها، ومن أمثلة ذلك السلع التي يطلق عليها "سلع التفاخر" مثل سيارات الرولز رويس أو السلع التي يصعب على دول أخرى (غير الدول صاحبة الاختراع) تقليدها أو إنتاجها بسهولة.
وهناك انتقاد آخر وهو أن نظرية دورة حياة المنتج الدولي لم تقدم تفسيرا واضحا لأسباب قيام الشركات المتعددة الجنسيات بالاستثمار المباشر بدلا من عقود التراخيص في الدول المضيفة.
كما أن هذه النظرية تقدم فقط تفسيرا للسلوك الاحتكاري للركة واتجاهها إلى الإنتاج في دول أجنبية للاستفادة والتمتع بفروق تكاليف الإنتاج أو الأسعار أو استغلال التسهيلات الممنوحة من قبل الدول المضيفة وكسر حدة إجراءات الحماية الجمركية التي تفرضها هذه الدول على الاستيراد.