مخطط الموضوع

  • محاضرات في بدائل العقوبة وفق التشريع الجزائري

    موجهة لطلبة الدكتوراه:

    التخصص: قنون جنائي


     

  • مقدمة

    إذا كان الهدف من تنفيذ العقوبة السالبة للحرية هو مكافحة الجريمة إلى جانب إعادة إصلاح المحكوم عليه، إلا أن التطور الهائل للمجتمع وتطور الأساليب الإجرامية وأحوالها وكذا تعدد طوائف المجرمين، قد جعل من العقوبة وحدها أضعف من أن تحقق الأهداف المرجوة منها. فقد ظهر فشل النظام العقابي المقتصر على تفعيل العقوبة السالبة للحرية في عدم فعالية التأهيل وارتفاع معدلات العود إلى الإجرام بعد مغادرة المؤسسة العقابية، بل كانت هذه الأخيرة بيئة لإنتاج الإجرام خصوصا بالنسبة للمحبوسين المبتدئين واختلاطهم بأصحاب السوابق. لذلك ظهرت أساليب متعددة ترتكز على مبدأ فردية العقوبة أين يعامل المتهم أو المحبوس وفقا لوضعيته الجزائية وحالته البدنية والعقلية، وإن كانت كلها تصب في قالب واحد فهي تختلف في كيفية تحقيق ذلك إن على مستوى قانون العقوبات أو حتى على مستوى قانون الإجراءات الجزائية رغم كون الأخيرة شكلية تهتم بكيفية سير الدعوى وكل ما يتعلق بها، كما نجد هذه البدائل في قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين. ولأن الدراسة تتطرق إلى مزيج من القواعد الموضوعية والإجرائية، فهي تحتاج إلى منهج تحليلي تقويمي لتقدير موقف المشرع الجنائي الجزائري من خلال تحليل النصوص الجنائية المتعلقة بالموضوع، ومعرفة مدى التزامه بما تمليه الشرعية الموضوعية والإجرائية والتنفيذية، كما استعنا بالمنهج المقارن كلما اقتضى أمر الإفادة من المشرعين الفرنسي والمصري. فأثناء إصدار قاضي الحكم الجزائي لقراره القاضي بعقوبة سالبة للحرية فقد يتم استبعاد العقوبة السالبة للحرية عن التطبيق في حالة الجنح البسيطة و المخالفات ويستبدلها بجزاءات أكثر فعالية و أقل تكلفة، أو استبدال العقوبة الصادرة بعدة أنظمة تسمح بتفادي دخول المحكوم عليه المرتكب لجرائم عقوبتها قصيرة المدة إلى المؤسسة العقابية، وتتمثل في وقف تنفيذ العقوبة و العمل للنفع العام و الوضع تحت المراقبة الالكترونية، أما بعد حوزة الحكم على قوة الشيء المقضي فيه، فهناك أنظمة أخرى تسمح بقضاء المحكوم عليه بعد قضاء جزء من العقوبة داخل المؤسسة العقابية المغلقة بقضاء الجزء المتبقي خارجها ليعود إليها مساءا تحت مسمى إعادة التربية خارج البيئة المغلقة و هي الورشات الخارجية و الحرية النصفية و مؤسسات البيئة المفتوحة، و أنظمة أخرى تسمح بقضاء جزء من العقوبة خارج المؤسسة العقابية تحت بند تكييف العقوبة و تتضمن أربعة أنظمة وهي إجازة الخروج و التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة، والإفراج المشروط و رابع نظام الوضع تحت المراقبة الإلكترونية المستحدث بموجب القانون 18-01 المتمم للقانون 05-04 قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين. إذا و ما يهمنا خلال هذا البحث  الأساليب الموجودة في قانون العقوبات و تتمثل في العمل للنفع العام، ووقف تنفيذ العقوبة و الموجودة على مستوى قانون الإجراءات الجزائية حيث يتم العمل بهما أثناء صدور الحكم بعقوبة و قبل تطبيقها، كما نتطرق إلى الأنظمة الخاصة بمرحلة تطبيق العقوبة في قانون تنظيم السجون، و رغم وجود العديد من التدابير التي يستفيد منها المحكوم عليه من خروجه من المؤسسة العقابية إلا أنها لا تعتبر بدائل فعلية كون المحكوم عليه منها يكون مقيد ولا تمنح له حرية كافية لتكون بديلا فعليا عن العقوبة، لذا فنعتبر أن بدائل العقوبة في هذا الأخير تتمثل في الحرية النصفية والإفراج المشروط و كذا الوضع تحت المراقبة الإلكترونية.

    لذا فدراستنا تكون وفق محورين:

    • المحور الأول: بدائل العقوبة في قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية
    • المحور الثاني: بدائل العقوبة في قانون تنظيم السجون


  • المحور الأول: بدائل العقوبة في قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية

    الأصل أنه عند إصدار عقوبة سالبة للحرية من طرف قاضي الحكم وجوب تنفيذها إلا أن هذا الأخير ومع توفر جملة من الشروط قد يستبدل تطبيقها ببدائل عنها يتم العمل بها أثناء صدور الحكم بعقوبة وقبل تطبيقها. فما يهمنا خلال هذه الدراسة الأساليب التي محلها مرحلة التنفيذ والموجودة في قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية وتتمثل حصرا في العمل للنفع العام ووقف تنفيذ العقوبة نتناولهما تباعا.

    هذا المحور مقسم إلى مبحثين:

    • المبحث الأول: العمل للنفع العام
    • المبحث الثاني: وقف تنفيذ العقوبة


  • المحور الثاني: بدائل العقوبة في قانون تنظيم السجون

    تطبق أساليب إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين داخل بيئة مغلقة، تمتاز بأسوارها العالية وبحراسها اليقظين المسلحين، تجنبا ومنعا لهروب أو محاولة هروب أي محبوس، وإخضاعا له لبرنامج علاجي يعيد إدماجه في المجتمع. هذه الأخيرة أي الأساليب قد تجدي نفعا مع فئة من المحبوسين مما يستوجب الانتقال بهم إلى مرحلة أخرى خارج البيئة المغلقة، تدعم ثقتهم في النظام الإصلاحي التأهيلي تماشيا مع أحدث النظريات في علم العقاب. وهو ما أقره المشرع الجزائي الجزائري من خلال سن أنظمة لإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين تتمثل في تدابير إعادة التربية خارج البيئة المغلقة وهي الورشات الخارجية والحرية النصفية والمؤسسات المفتوحة، وأنظمة تكييف العقوبة وهي على أربعة أنواع إجازة الخروج والتوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة والإفراج المشروط وأخيرا الوضع تحت المراقبة الالكترونية. وعند تفحصنا لكل هذه التدابير والأنظمة وصلنا إلى أن ثلاثة منها يمكن أن تكون بدائل للعقوبة على اعتبار تمتع المحكوم من خلالها بحرية كاملة مع بعض الالتزامات والقيود ويتعلق الأمر بالإفراج المشروط والوضع تحت المراقبة الالكترونية، وبنصف الحرية بخصوص الحرية النصفية. لهذا ارتأينا اعتبار كل من الحرية النصفية والإفراج المشروط والوضع تحت المراقبة الالكترونية بدائل للعقوبة السالبة للحرية نفصل فيها تباعا. ويشمل هذا المحور ثلاثة مباحث:

    • المبحث الأول: الحرية النصفية
    • المبحث الثاني: الإفراج المشروط
    • المبحث الثالث: الوضع تحت نظام المراقبة الإلكترونية