مخطط الموضوع


  • .

  • المحاضرات كاملة

    • جامعة المسيلة

      كلية الحقوق والعلوم السياسية

       

       

      محاضرات في مقياس الوظيفة العمومية

      ألقيت على طلبة السنة الثالثة تخصص قانون عام

      (السداسي الخامس لسنة 2020/2021)

       

      -         قدمت من طرف الدكتور :مـهــــدي رضـــــا

       

       

       

                                 

      السنة الجامعية 2020/2021.

       

                 

       

       

       

       

       

      مقدمة عامة لمقياس الوظيفة العمومية

      يدرس مقياس الوظيفة العمومية لطلبة السنة الثالثة تخصص قانون عام، ويعتبر إمتداد للمقاييس المدرسة في الجذع المشترك في السنة الأولى ليسانس لاسيما مقاييس القانون العام مثل القانون الدستوري ومقياس القانون الإداري اللذان يعتبران أهم مصادره، فالقانون الدستوري يؤسس للتنظيم الإداري حينما ينص على المؤسسات الإدارية المركزية( رئيس الجمهورية كسلطة تنفيذية. الوزير الأول او رئيس الحكومة كسلطة إدارية) وينص على المؤسسات اللامركزية( الولاية والبلدية)  كما يؤسس للنشاط الإداري في الدولة حين نصه على الضبط الإداري والمرافق العامة. واما القانون الإداري في شقه المبين للإدارة العمومية ونشاطها وأليات نشاطها المتمثل في القرار الإداري .هذا الاخير الذي لايمكن أن يكون إلا بوجود شخص يطلق عليه صفة الموظف العام .

      فكان لابد من تناوله من خلال مجموعة من المحاور تتضمن تحديد مفهوم الوظيفة العمومية  والموظف العام ، ذلك أنه أداة الدولة للقيام بكل نشاطاتها و تحقيق أهدافها التي وجدت من أجلها ، ومنه تحقيق غايات المرافق العامة المكونة الدولة.

      و لهذا وجب تحديد طبيعة العلاقة بين الإدارة و الموظف العام ، إضافة إلى ضرورة تحديد شروط وطرق توظيفه ليتم بعدها التطرق للمسار المهني للموظف العام ثم الحقوق والواجبات و  في الأخير النظام التأديبي الذي يمكن ان يتعرض إليه الموظف في حالة الإخلال أو التقصير في واجباته الوظيفية في خدمته للدولة.

      أهداف مقياس الوظيفة العمومية :

      - إلمام الطلبة بجميع الجوانب المتعلقة بالموظف العام وفقا لما تضمنه القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية لاسيما في القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الجزائري رقم 06/03 .

      - تحديد الفئات التي تخضع لتطبيق قانون الوظيفة العمومية و محاولة تحديد مفهوم دقيق للموظف العام .

      - التعرف على طبيعة العلاقة بين الإدارة و الموظف العام .

      - تحديد حقوق و واجبات الموظف العام .

      - التعرف على كيفيات توظيف الموظف العام .

      - النظام التأديبي الذي يطبق على الموظف العام من خلال  تحديد المخالفات التأديبية  و العقوبات المقررة لها .

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

        مقدمة

       عرفت مهام الدولة الحديثة عدة تغيرات فالزيادة المتسارعة في المسؤوليات والالتزامات والواجبات التي تضطلع بها تعددت، بحيث لم يعد نشاطها يقتصر على مجالات الدفاع والأمن والعدالة كما كان تقليديا أي الدفاع عن الأفراد ومواطني الدولة من الأخطار الخارجية ، هته التغييرات التي كان له الأثر المباشر في إزدياد حاجيات الأفراد المتنوعة على مختلف الأصعدة الإجتماعية ،الثقافية ، العلمية وأمام هذا التنوع المتزايد في الحاجات كان على الدولة في إطار سياساتها مواجهة الوضع بأعداد كبيرة من الموظفين لغرض إشباع حاجات الأفراد ، ومن أجل ضمان التصدي لهذه الحاجات كان لابد من ضبط العلاقة بين الإدارة والمواطن من جهة ، وبين الإدارة والموظف من جهة أخرى ، وهو الدور الذي يقوم به قانون الوظيفة العمومية ، لهذا فقانون الوظيفة العمومية له دورا هاما في تنظيم الإدارة بل يعكس الوجه الحقيقي لصحة وسلامة الإدارة من خلال تنظيمه المحكم للعلاقة بين الموظف والإدارة .

           ويعد الموظف في الإدارة هو العنصر الوظيفي الحي والديناميكي في التنظيم الإداري لإدارة العامة فتوظف الدولة لإدارة وتسيير شؤونها وإنجاز وظائفها الأساسية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والديبلوماسية مئات الآلاف من الموظفيين .

      ولكي تتحكم الدولة وإدارتها العامة في عملية ضبط وتسيير موظفيها (مواردها البشرية) بصورة منظمة ومسؤولة وفعالة تستخدم بعض نظم الوظيفة العامة المقارنة فكرة القانون الأساسي العام للوظيفة العامة الذي يرسم ويحدد بصورة قانونية الأسس والمبادئ والقواعد والأساليب المتعلقة بأجهزة وهيئات تسيير الوظيفة العامة وطبيعة العلاقة بين الإدارة العامة والموظف العام وحقوق وواجبات وضمانات الموظفين العامين، وكذا تحديد المسؤوليات الإدارية المهنية والمدنية والجنائية لكل من الإدارة والموظف العام في حالة ارتكاب الأخطاء  كما يتكفل هذا القانون بتنظيم عناصر المسار المهني لموظفي الإدارة العامة بصورة محددة وشفافة، وفي الجزائر عرفت الوظيفة العمومية العديد من النصوص القانونية التي كانت الدولة دائما تقوم بسنها مع إختلاف المراحل وتغير سياساتها واهدافها  فتم إصدار النص الاول سنة 1966 وذلك في  الأمر رقم 66-133 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية ، ثم في سنة 1978 صدر القانون الأساسي العام للعمال رقم 78-12 وفي سنة 1985 تم إصدار المرسوم رقم 85-59 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية ، وبقي هذا الاخير حتى سنة 2006  فصدر الأمر رقم 06-03 والمتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية وهو القانون الساري حاليا والذي جاء ليطور ويكيف هذه الآلية القانونية مع المعطيات الجديدة المتعلقة بدور الدولة وحقوق وواجبات وضمانات الموظف العام ، وتحديد المسؤوليات القانونية المهنية والجنائية للموظف.

                       

       

      المحور الأول  : مفهوم الوظيفة العمومية والموظف العام .

      المبحث الأول : مفهوم الوظيفة العمومية.

      المبحث الثاني : مفهوم الموظف العام .

      المبحث الثالث: الطبيعة القانونية لعلاقة الموظف بالإدارة .

      المحور الثاني تنظيم المسار المهني ومشاركة الموظف في تسيير شؤونه

      المبحث الأول:المشاركة في تنظيم الوظيفة العمومية. المبحث الثاني:تنظيم المسار المهني للموظف العام .

       

       

       


                              

       

       

       

       

      المحور الأول

      الوظيفة العمومية والموظف العام وتحديد العلاقة بين الموظف والإدارة

       

       

       

       

       

       

       

       


       

      إن الوظيفة العامة التي ترتبط أساسًا بالموظف العام تطورت هي أيضاً نتيجة الدراسات والبحوث فلم تعد كما كانت عليه من قبل، فبعد أن كانت ملك لشاغلها، يتم التصرف فيها بالبيع والشراء وتمارس كسلطة عامة وامتياز في مواجهة المواطنين، أصبحت في العصر الحالي خدمة عامة تتضمن مجموعة من الاختصاصات والمسؤوليات يمارسها الموظف العام، والذي يشغلها بغرض تحقيق الصالح العام.

      وعن مفهوم الوظيفة العامة وطبيعتها القانونية خصصنا المبحث الأول ليكون عبارة عن دراسة تحليلية في مفهوم الوظيفة العامة، أما  المبحث الثاني فقد خصصناه لمفهوم الموظف العام.

      ثم إن العلاقة بين الموظف العام والوظيفة العامة تطرح جدلاً فقهياً حول طبيعة هذه العلاقة، أهي علاقة أو رابطة تعاقدية كما كان سائداً قديماً، أم هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، وعن البحث في العلاقة بين الموظف العام والإدارة العمومية سنخصص المبحث الثالث ليكون دراسة في طبيعة هذه العلاقة.

       

       

       


      المبحث الأول

      مفهوم الوظيفة العمومية

      إن مفهوم الوظيفة العمومية يفرض علينا أولا التعرض إلى تحديد تعريفها،وهذا عن طريق التعرض إلى التعريف الموضوعي للوظيفة العمومية ،وكذا التعريف الشخصي وهو ما سنتناوله في المطلب الأول .

      كما ان التعمق في دراسة موضوع الوظيفة العمومية وفهم ماهيتها  يقودنا إلى التعرض إلى أنظمتها والمتمثلة اساسا في النظام المفتوح والنظام المغلق للوظيفة العمومية وهو موضوع المطلب الثاني .

      وقد خصصنا المطلب الثالث لموقف المشرع الجزائري من النظام المغلق والنظام المفتوح للوظيفة العمومية ،متناولين في ذلك مبررات الأخذ بأحد النظامين دون الآخر، بالإضافة إلى المراحل التي مرت بها الوظيفة العمومية في الجزائر .

      المطلب الأول:

      تحديد تعريف الوظيفة العمومية.

       

      لتحديد وضبط تعريف الوظيفة العمومية ينبغي أولاً التعرض إلى معناهـا اللغوي، ثم ثانيا التعرض إلى المعنى الاصطلاحي والقانوني للوظيفة العمومية، ثم نتطرق في الأخير إلى أهم الاصطلاحات والمفاهيم التي عرفها فقه القانون الإداري.

       

      ·       المعنى اللغوي للوظيفة العمومية.

       

          ‌أ-    الوظيفة في كل شيء، ما يقدر له كل يوم من رزق، أو طعام، أو علف، أو شراب، وجمع مصطلح الوظيفة هو الوظائف والموُظف (بالضم)[1].

            ‌ب-      المعنى الاصطلاحي والقانوني للوظيفة العمومية:

      تطلق الوظيفة العمومية على النشاط الذي تؤديه السلطات والمرافق العامة في الدولة، وهو المعنى المادي الموضوعي للاصطلاح.

      والوظيفة تعرف أيضا، بمركز قانوني يشغله موظف عام عادة، وتتضمن مجموعة من الحقوق والواجبات ويسميها البعض اختصاصات، وهو المعنى العضوي الاصطلاحي[2].

             ‌ج-       المعنى الشرعي للوظيفة العمومية:

      تعني الوظيفة العمومية عند فقهاء المسلمين الولاية العامة وهذا للتعبير عن وظائف الدولة العليا بما فيها منصب (رئاسة الدولة)، الذي يعتبر أعلى وظيفة في الدولة الإسلامية[3].

      ومصطلح الولاية عند المسلمين نوعان: الولاية العامة والولاية الخاصة، فالولاية العامة هي السلطة الملزمة في شأن من شؤون الجماعة ، وتشمل القيام بأحد أعمال السلطة التشريعية، أو التنفيذية، أو القضائية، طبقا للاصطلاح الدستوري المعاصر في تقسيم السلطات داخل الدولة.

      وأما الولاية الخاصة فهي السلطة التي يملك صاحبها التصرف في شأن من الشؤون الخاصة بغيره كالوصاية على الصغار، والولاية على المال، والنظارة على الأوقاف[4].

      كما نجد أيضا في فقه القانون الإداري اصطلاحات أخرى للوظيفة العمومية، وهكذا فإنه للتعبير عن السلطة التنفيذية في الدول في مستواها الذي يعني تنفيذ السياسة العامة، نجد أنه يستخدم ثلاث اصطلاحات هي:

      -       مصطلح الوظيفة العامة: "La fonction publique" وهو ذو مرجعية لاتينية (تحديدا فرنسا).

      -   مصطلح الخدمة المدنية: "civil service" وهو ذو مرجعية بريطانية إذ استعمله أولا (السير تشارلز ترفيليان) ليعني به موظفي الإدارة من البريطانيين في الهند، ويقتصر المصطلح على الموظفين الذين يعملون في الإدارات المركزية.

      -   مصطلح الخدمة العامة: "publique service" أورد تقرير لجنة الخدمة المدنية في السودان 1968 ( صفحة 94) أنه يعني :<<كل العاملين الذين يتقاضون مرتباتهم من دافع الضرائب السوداني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المستوى المركزي أو المحلي والهيئات شبه الحكومية، وذلك باستثناء الوزراء والنواب والمناصب السياسية الأخرى، ورجال القضاء والقوات المسلحة>> وهو تعريف أوسع من مصطلح الخدمة المدنية[5].

      -       تعريف الوظيفة العمومية.

      قد يساور للأذهان بأن الوظيفة العمومية تعني الدولة بأسرها، أي أن الوظيفة العمومية هي وعاء السلطة وأن ظهور الوظيفة العامة مرتبط بظهور الدولة، وان بقاء الوظيفة العامة من بقاء الدولة صاحبة السيادة، غير أن مصطلح "الوظيفة العامة" يمكن أن يعبر عنه قانونا بمعنيين هما (المعنى الموضوعي، والمعنى المادي)[6].

      وبالنظر إلى معنى الوظيفة العمومية من الزاوية الموضوعية، فالوظيفة العمومية هي ما تقوم به الإدارة من أعمال ومهام دون البحث عن أحوال الموظفين ومراكز القانونية وهذا ما تركز عليه الوظيفة العامة بالمعنى الشخصي.

      ومنه انقسمت دول العالم في نظرتها إلى الوظيفة العمومية إلى فريقين، تبنى كل فريق منهم اتجاه[7].

      وهذا ما سنتعرض إليه بالتفصيل بدءا بالمعنى الموضوعي للوظيفة العمومية ، وذلك من خلال التعرض إلى تعريفها بناءا على المعيار الموضوعي ثم التطرق لذكر خصائصها، ثم نتطرق ثانيا إلى تعريف الوظيفة العمومية وفقا للمعيار الشخصي.

       

      أولا: التعريف الموضوعي للوظيفة العمومية:

       

      يذهب هذا التعريف إلى أن الوظيفة العامة هي عبارة عن مجموعة من الاختصاصات القانونية والنشاطات التي يقوم بها موظف مختص ودائم في الإدارة متوخيا الصالح العام[8].

      وتعرف أيضا بـ:<<ما هي إلا مجموعة من الاختصاصات القانونية والأنشطة التي يجب أن يمارسها شخص مختص بطريقة دائمة في عمل الإدارة مستهدفا الصالح العام>>[9].

      كما ذهب في هذا المعنى الفقيه الفرنسي ANDRIEN فيعرف الوظيفة العامة بأنها :<<هي مجموعة من الاختصاصات القانونية التي يمارسها الموظف العام التي لا يتصرف فيها تصرفا شخصيا>>[10]

      والملاحظ أن تعريف الوظيفة العمومية وفقا للمعيار أو المعنى الموضوعي يركز أساسا على أعمال الإدارة واختصاصاتها وما تقوم به من أعمال بواسطة موظفيها.

      أي أن الوظيفة العامة وفقا للتعريف الموضوعي تتركز أساسا على النشاط الذي يقوم به موظفون.

      ومن الملاحظ أيضا أن التعريف الموضوعي للوظيفة العمومية، إنما يقوم على أساس مبدأ الوظيفة ، أي العمل الذي يؤديه الموظف بما يتضمنه من واجبات ومسؤوليات وما يتطلبه من مؤهلات تؤهله للالتزام بأدائه[11].

      ومن الملاحظ أن هذا المفهوم يركز على الوظيفة التي يشغلها العامل أو الموظف، باعتبارها مجموعة محددة من الواجبات والمسؤوليات، بصرف النظر على شاغل الوظيفة وما يحمله من مؤهلات دراسية وأقدمية في الخدمة، ومنه فالوظيفة العامة تعتبر عملا مخصصا، تتميز بمميزات خاصة ومعينة تحتاج إلى موظف متخصص تخصصا دقيقا في الوظيفة[12].

      والوظيفة العامة بهذا المعنى مطبقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وقليل من الدول نذكر منها على سبيل المثال سويسرا، البرازيل، كندا[13].

      ويمكن الإشارة إلى أن هذا المفهوم يطلق عليه المفهوم الأمريكي.

      والوظيفة العمومية بهذا المفهوم تشتمل على مجموعة من الخصائص نذكرها كما يلي:

      ‌أ-                     ارتباط الموظف بالوظيفة التي اختير لشغلها ارتباطا عضويا، وعند إلغاء

      ‌ب-       الوظيفة يفصل الموظف أو يسرح ولا يمكن نقله أو منحه وظيفة أخرى[14] لأن ارتباط الموظف بالوظيفة كان على أساس مقومات وخصائص محددة بالوظيفة، الأمر الذي يسمح بنقل موظف من وظيفة إلى وظيفة مشابهة وفي نفس الاختصاص، وإلا لا يمكن القيام بهذه العملية بأي حال من الأحوال لأن الأمر يتطلب التخصص الفني المطلوب.

      ‌ج-      تعتبر الوظيفة العمومية على أنها مجرد عمل مؤقت لا يستمر فيه الموظف إلا لمدة قصيرة من الزمن وفقا لظروف الموظف وظروف العمل، وبالتالي لا تكون هناك علاقة دائمة وضيقة بين الموظف والإدارة، ولا يرتبط مصير الموظف بالسلطة العامة ووظائفها، بحيث يرقى من وظيفة إلى أخرى ومن درجة إلى أخرى حتى يحال على المعاش، ومنه يرتبط مصير الموظف بالعمل الذي يشغله منذ بدء تعيينه في الوظيفة[15].

      ‌د-       تأخذ الترقية في الوظيفة العمومية في ظل هذا المفهوم ،حكم التعيين في وظيفة عليا بشروط أفضل فالترقية مرتبطة بالصلاحية والجدارة والمهارة.

      وبالتالي إذا أراد الموظف أن يستبدل وظيفة بوظيفة أخرى كان عليه أن يستوفي شروط التعيين في الوظيفة الجديدة، وبالتالي فإن شغلها لا يعد ترقية وإنما يعد تعيينا جديدا[16].

      كما يعد من خصائص الوظيفة العمومية تبعا للمعيار الموضوعي، أنها لا تعتبر مهنة، ولكنها عمل مخصص يقوم به فرد في ظروف مماثلة للأعمال التي يقوم بها فرد أخر في المشروعات الخاصة.

      لأن الأعوان أو الموظفين وفقا لهذا المعيار يوجدون في علاقة حرة من الإدارة المستخدمة لهم، ولأن النظرة الأمريكية للإدارة تختلف اختلافا كليا عن النظرة الأوربية، من حيث أن المواطن الأمريكي لا يميز بين الإدارة والقطاع الخاص، فكلاهما يهدفان تحقيق ذات الغرض[17].

      ولهذا السبب قلنا سابقا أن مفهوم الوظيفة العمومية وفقا للمعيار الموضوعي يطلق عليها المفهوم الأمريكي.

      ويرجع التمييز بين الوظائف العمومية في الولايات الأمريكية عن بعضها البعض إلى ثلاثة أسباب:

      1-              نوع العمل.

      2-              مطالب التأهيل اللازمة لأداء العمل.

      3-              مستوى صعوبة الواجبات وأهمية المسؤوليات[18].

      ونلاحظ أن هذا التمييز للوظيفة العمومية وفقا للمعيار الموضوعي قد تأثرت به بعض الدول العربية فيوجد بعض الدول حاولت تطبيقه بكل محتوياته مثل المملكة الأردنية الهاشمية كما توجد دول أخرى مثل ليبيا والكويت والإمارات العربية، ومصر غلا أنها اقتصرت فقط على الأخذ بنظام الترقية، أما الجزائر فأخذت من هذا المفهوم الترتيب الموضوعي لمناصب العمل وهذا ما نص عليه المشرع الجزائري في القانون الأساسي العام للعامل كما سنبين ذلك في حينه.

      ويلاحظ أن الوظيفة العمومية وفقا للتعريف الموضوعي تتصف بالمرونة، سواء في التوظيف أو في إعداد وتطوير مهارات الموظفين ، ولأن الإدارة غير ملزمة في تحسين مستوى الموظفين، فالتكوين وتحسين المستوى والمعارف مطلوبة من الموظفين أنفسهم نظرا لارتباطهم العرضي والمؤقت لمناصب عملهم، وبالتالي فالوظيفة العمومية لا تعرف تنظيما قارًا للأسلاك الوظيفية، كما أن الإدارة غير ملزمة بوضع قانون عام ينظم الحياة المهنية للموظفين، نظرا لكون الوظائف العامة لا تشغل من قبل الأشخاص إلا بصفة دورية ولاعتبارات خاصة

      ثانيا: التعريف الشخصي للوظيفة العمومية:

       

      يركز هذا التعريف على الأشخاص الذين يقومون بالعمل وعليه فالوظيفة العمومية تعرف أيضا بأنها :<< عبارة عن الأفراد الذين يقومون بالعمل في خدمة مرافق عامة>>

      وهكذا فإن التعريف الشخصي للوظيفة العامة إنما يركز على النظام القانوني الذي يطبق على هؤلاء الأفراد.

      ويرتكز المعنى الشخصي للوظيفة العامة على مبدأ الرتبة الشخصية ويعطي اهتماما كبيرا للموظف وما يحمله من مؤهلات وأقدمية في الخدمة ومركزه في السلم الإداري.

      فخلافا للوظيفة العامة بالمفهوم الموضوعي الذي يعتبرها مصلحة فإن الوظيفة العمومية بالمفهوم الشخصي تعتبر مهنة للمنتمين إليها، ويعتبر الالتحاق بالوظيفة العمومية التحاقا بمهنة أو حياة مهنية قابلة للتنوع ، لا يرتبط فيها مصير الموظف العام بوظيفة قارة، بل يمكن للإدارة الاستفادة من خدماته في أي وظيفة اخرى بحكم أن علاقة الموظف بالإدارة تنظيمية وقانونية تحكم حياته المهنية المكرسة لخدمة الإدارة بصفة دائمة ومستمرة وفق مخطط تسيير يحكم مساره المهني Plan gestion de carrière

      فالوظيفة العامة تعتبر :<< مهنة تتميز بالدوام والاستقرار>> حيث يتفرغ لها الموظف ويكرس لها حياته، ويتمتع بمزايا وحقوق وضمانات تختلف عما هو مقرر في الوظيفة الخاصة[19].

      ويتبين لنا من تعريف الوظيفة العامة وفقا للمفهوم الشخصي أنه يرتكز على الأفراد الذين يقومون بالنشاط ويركز على المرافق العامة التي يعملون فيها ومن ثم فإن هذا التعريف يعطي أهمية كبرى للنظام القانوني الذي يخضع له هؤلاء الأفراد.

      والوظيفة العمومية بالمفهوم الشخصي تشتمل على مجموعة من الخصائص هي:

      ‌أ-       تعتبر الوظيفة العامة مهنة يتفرغ لها الموظف ويكرس حياته لها وتتميز هذه المهنة بالدوام والاستقرار ويتمتع الموظف بمزايا وحقوق وضمانات خلافا لما هو مقرر للأعوان العاملين في الشركات والمؤسسات ذات الطابع الاقتصادي والتجاري

      ‌ب-     عدم ارتباط الموظفين بوظيفة معنية بل للإدارة أن تعينهم في أي وظيفة داخل الإطار العام للفئة التي يلتحقون بها ومنه نجد تسريح الموظف لا يكون في ظل هذا النوع عكس ما هو موجود في المفهوم الموضوعي للوظيفة العمومية لأنه في حالة إلغاء الوظيفة لا يفصل الموظف بالضرورة، مثلما يفصل في حالة إلغاء الوظيفة في المفهوم الموضوعي.

      ‌ج-      دوام أو عدم عرضية الوظيفة التي يشغلها الموظف وعدم السماح له كقاعدة عامة بممارسة أنشطة خاصة بالرزق، بجانب الوظيفة العمومية

      ‌د-                وضوح فكرة الترقية من وظيفة دنيا على وظيفة عليا واعتبار الترقية حق من الحقوق اللصيقة بالوظيفة عند توافر شروطها.

      ومنه يتضح لنا من خلال هذه الخصائص التي ذكرناها أن هناك فكرتان أساسيتان تتكون منهما لوظيفة العمومية في المفهوم الشخصي وهما:

      ·       فكرة القانون الأساسي للموظفين (statut des fonctionnaires).

      ·       فكرة الحياة المهنية الموظفين (carrière professionnelle)[20].

      لأن كلتا الفكرتين المقصود بهما هو مجموعة قواعد نوعية، وحياة مهنية للموظفين محددة سلفا من قبل سلطة تشريعية وتنظيمية ترميان إلى تحقيق الاستقرار في الأمد البعيد كما سنبينهما في حينه بشيء من التفصيل.

      ومنه فالوظيفة العمومية وفقا للمعيار الشخصي تقوم أساسا على مبدأ الرتبة الشخصية الذي يركز اهتمامه على الموظف وما يحمله من شهادات وأقدمية و مركزه في السلم الإداري، وذلك بصرف النظر على العمل الذي يقوم به، ومنه تتميز الوظيفة العمومية في ظل المفهوم الشخصي بالاستقرار والدوام، فيكرس لها الموظف حياته حتى يبلغ سن التقاعد التي تختلف من دولة إلى أخرى[21].

       ومن خلال المفهومين الموضوعي والشخصي للوظيفة العمومية يمكن تعريفها كما يلي:

      <<الوظيفة العامة هي مجموعة من الاختصاصات القانونية والنظم العامة التي تخص الموظفين العموميين بالدولة>>[22].

      كما أن الوظيفة العمومية هي أيضا :<<مجموعة من النظم والأوضاع القانونية التي تحكم موظفي الدولة العموميين فيما يختص بتعيينهم والالتزامات المتبادلة بينهم وبين الدولة>>[23].

      ومن خلال هذا التعريف تبين لنا أنه جمع بين المعنى المادي الموضوعي الذي يشير على مجموعة من الاختصاصات والأنشطة التي يمارسها الموظف العام وبين المعنى الشكلي أو الشخصي الذي يقصد به مجموعة العاملين في الجهاز الإداري من ناحية أخرى[24].

       

       

       

       

       


      المطلب الثاني:

      أنواع أنظمة الوظيفة العمومية.

       

      للوظيفة العمومية عدة أهداف وأبعاد تختلف من دولة إلى أخرى ومن محيط اجتماعي واقتصادي إلى آخر وهو ما ينتج عنه اختلاف في مقوماتها، وأركانها من نظام لآخر.

      وهكذا فالوظيفة العمومية تعني الموظفين والقوانين المنظمة لهم وهذا حسب المعيار الموضوعي وتعني اختصاصات وأهداف الإدارة من جهة حسب المعيار الشخصي، فتعدد المهام الموكلة للوظيفة العمومية والأنظمة الخاضعة لها هو ما يفسر وجود أنظمة ونماذج عدة للوظيفة العمومية.

      فالوظيفة العمومية في كل دول العالم لا تخرج عن نظامين اثنين هما[25]: الموضوعي والذي يرى أن مبدأ الوظيفة هو العمل الذي يؤديه الموظف بما يتضمنه في واجبات ومسؤوليات وما يتطلبه من مؤهلات لازمة لآدائه، فهو يركز على الوظيفة التي يشغلها العامل بصرف النظر على شاغل الوظيفة، وهو ما يعرف بالنظام المفتوح للوظيفة العمومية.

      وفي المقابل نجد النظام المغلق للوظيفة العمومية الذي يقوم على الأساس الشخصي والذي يرى أن الوظيفة العمومية تعتبر مهنة يتفرغ لها الموظف ويكرس حياته لها ويثبت للموظف حقوق وتترتب عليه واجبات[26].

      وهكذا فالنظام المفتوح الذي يعتبر الوظيفة العمومية (مصلحة) service، نجد أنه قد أخذت به مجموعة من الدول الأنجلوساكسونية ككندا وفنلندا والسويد وسويسرا وقد أخذت به أيضا الولايات المتحدة الأمريكية كأصل عام، وذلك بسبب ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإن كانت قد أخذت بفكرة الوظيفة العمومية كمهنة في أضيق الحدود في مجال بعض الوظائف، ومنذ وقت قريب.

      كما نجد النظام المغلق للوظيفة العمومية الذي يرى في الوظيفة العمومية عبارة عن "مهنة" carrière تتصف بالدوام الاستقرار[27] و هذا الراي تتزعمه دول أوربا الغربية مثل فرنسا كما أخذت به غالبية الدول الفرانكفونية[28].

      وللتعرف على النظامين المفتوح والمغلق للوظيفة العمومية وذكر خصائصها وكل من ايجابياتهم وسلبياتهم سنتعرض في الرفع الأول لنظام الوظيفة العمومية ذي البنية المفتوحة وفي الفرع الثاني لنظام الوظيفة العمومية ذي البنية المغلقة.

       

      أولا: النظام المفتوح للوظيفة العمومية.

       

      راينا سابقا أن لمفهوم الوظيفة العمومية في ظل المعيار الموضوعي  تقوم على أساس ومبدأ الوظيفة في حد ذاتها، أي مضمون واختصاصات قانونية يقوم بها الموظف في الوظيفة الإدارية.

      فنجد انه في ظل النظام المفتوح للوظيفة العمومية تستخدم الإدارة موظفون يتمتعون بالكفاءة والالتزام بتنفيذ المهمة التي استخدموا من أجلها، فمناصب العمل نجدها محددة سلفا وتستلزم شروط معينة، تشترط في شاغل تلك الوظيفة، مقابل حقوق وحوافز مادية، يستفيد منها الموظفون.

      والمقصود بمصطلح النظام المفتوح، قابلية الوظيفة العمومية للتدفق والتطور المستمر والتحول بين باقي قطاعات الشغل الأخرى (العام، الخاص)[29].

      وللوظيفة العمومية في ظل النظام المفتوح عدة خصائص هي:

      1-      أن الوظيفة العمومية تقوم على أساس الممارسة العرضية، وعدم الاستقرار، أي مجرد عمل مؤقت فنجد الولايات المتحدة الأمريكية أخذت بهذا المبدأ كأصل عام وإن كانت قد أخذت بفكرة الوظيفة العمومية كمهنة في أضيق الحدود في مجال بعض الوظائف

      2-      كما أن الإدارة في ظل نظام الوظيفة العمومية ذات البنية المفتوحة لا تختلف بطبيعتها ولا بامتيازاتها عن المشاريع الخاصة، فهي خاضعة للقانون العام وتُدار كمشروع أو مؤسسة لا يختلف فيها التوظيف وتسيير المستخدمين عن غيره، فالموظفون لهم نفس الامتيازات التي يتميز بها العمال في قطاعات العمل الأخرى أي لا يوجد اختلاف بين موظفي الإدارة والقطاعات الاقتصادية الأخرى، على غرار ما هو معمول به نظام الوظيفة العمومية ذات النظام المغلق، كنظام الضمانات الخاصة، الذي يضمن للموظفين الاستمرارية الوظيفية

      3-      يتم تعريف الوظيفة ووصفها وصفا مجردا في البداية ثم تلجأ الإدارة في البحث عن موظف تتوفر فيه كفاءات ومؤهلات وخبرة مشترطة في شاغل تلك الوظيفة.

      4-      في حالة إلغاء الوظيفة يُفصل الموظف الذي كان يشغلها لأنه أختير لشغل تلك الوظيفة فقط، وليس للموظف الحق في الاحتجاج على الإدارة

      5-      كما أن الوظيفة العمومية في ظل النظام المفتوح تتأثر وفقا لحركية العرض والطلب، والرغبة في التطور المتواصل ولذلك يرفض إدماج الموظفين في هياكل هرمية مستمرة ودائمة، تماشيا ومنطق محاربة تكوين قوى ضاغطة تتمتع بامتيازات كما هو الشأن داخل المجتمع الأمريكي.

      فالوظيفة العمومية في النظام المفتوح يقابلها المعيار الموضوعي أي قيامها على أساس الخدمة service أو المصلحة، ومعناها أن الالتحاق بالوظيفة لا يقدم امتياز لشاغلها فهي تقوم أساس على فكرة المرونة والتبسيط في طبيعة العلاقات بين المستخدمين، والنجاعة والمرودية بالاستعمال الأنجع الكفاءات والمختصين الذين يوجدون في علاقة حرة مع الإدارة

       

      6- كما أن التعيين بعد فترة التجربة لا يعطي للموظف صفة الموظف العام، لأن التوظيف في هذه الوظيفة مرتبط بأداء أعمال مهنية محددة، ويرتبط بقاء الموظف بمدى تحقيق الانسجام بينه كمستخدم وبين الإدارة من جهة أخرى.

      7- كما أن تعديل التنظيم الهيكلي للإدارة يمكن أن يكون سببا كافيا لإنهاء علاقة العمل بين الموظف والإدارة في حالة ما إذا ألغيت الوظيفة التي كان يشغلها.

      8- وفي المقابل نجد أن الموظف يمكنه أن ينهي علاقة العمل بإرادته المنفردة لأسباب يعتبرها كافية، مثل انخفاض الأجر، أو مجرد الرغبة في تغيير الوظيفة، غير أنه على الموظف والإدارة أن يلتزما في جميع الحالات باحترام شرط أو ما يعرف بمهلة الإخطار حفاظا على عدم تعطيل السير الحسن للمرفق العام

       

      ثانيا: النظام المغلق للوظيفة العمومية.

      خلافا للنظام المفتوح للوظيفة العمومية نجد أن النظام المغلق للوظيفة العمومية يعتبر الوظيفة العمومية مهنة، يتفرغ لها الموظف ويكرس حياته لها، ويثبت للموظف حقوق ويلتزم بواجبات.

      وتقوم أيضا على مبدأ الرتبة الشخصية الذي يركز اهتمامه على الموظف وما يحمله من مؤهلات وشهادات وأقدمية، وموازاة في السلم الإداري، لغيره من الموظفين، وذلك بصرف النظر عن العمل الذي يقوم به، وتتميز الوظيفة العمومية في ظل النظام المغلق بالدائمية والاستقرار التي يكرس لها الموظف حياته حتى يبلغ سن التقاعد التي تختلف من دولة لأخرى.

      فالوظيفة العمومية في النظام المغلق، تهدف إلى إضفاء طابع الديمومة والوظيفة تقتضي أيضا بدورها تفرغ الموظف  لخدمة الدولة، وعدم السماح له بالانفتاح المهني على باقي النشاطات الأخرى إلا في نطاق ضيق من خدمات المرافق العموميةوبالتالي فإن الدول التي تأخذ بنظام الوظيفة العمومية المغلق، تحاول ما أمكن توفير الطمأنينة للموظف من الناحية المادية والنفسية حتى يقبل على مواصلة القيام بعمله ويتمكن من أداء واجبات وظيفته على النحو المطلوب.

       

      ويطلق على هذا النظام "احترافية الوظيفة العمومية"

      والنظام المغلق لا يفترض تعيين الموظف مدى الحياة في الوظيفة، بقدر ما يعني الالتحاق بالوظيفة والخضوع التام من الموظف للدولة، حيث تكون خدمة المرفق التي عين الموظف من أجلها في الوظيفة دائمة أو غير عرضية، لديمومة المرفق العام في حد ذاته.

      ويكون دخله أيضا من الوظيفة التي يشغلها ويكون هو مصدر رزقه الأساسي في غالب الأحوال.

      أي أن الوظيفة العمومية في ظل النظام المغلق الأساس فيها هو الدوام أو عدم عرضية الوظيفة التي يشغلها الموظف وعدم السماح له كقاعدة عامة بممارسة أنشطة أخرى خاصة بالرزق إلى جانب الوظيفة العمومية التي يشغلها.

      وتقوم الوظيفة العمومية في ظل النظام المغلق على فكرتان أساسيتان هما:

      1-              فكرة القانون الأساسي للموظفين "Statut des fonctionnaires".

      2-              فكرة الحياة المهنية للموظفين "Carrière professionnelle".

      وتمارس المهنة في ظل النظام المعلق لفائدة المصلحة العامة، ولحساب المواطنين، ولذلك فهي تشترط في المترشحين لها وفي شاغليها قدرات عالية ومؤهلات تقنية، تمنح للوظيفة العمومية نوعيتها بالمقارنة بغيرها من الحرف الأخرى أو المهن الأخرى


       

       

                                                المطلب الثاني:

      تعريف الموظف العام

       

      لا نجد تعريف موحد لمفهوم الموظف العام[30]، ويرجع الأستاذ "محمد فؤاد مهنا" كون كل القوانين واللوائح اقتصرت على تحديد الموظفين الذين  يخضعون للأحكام التي وردت في كل منها[31].

      وبما أن كل تشريعات العالم لم يحظى فيها الموظف العام بعناية كاملة واكتفت تقريبا كل التشريعات بما فيها الجزائر على الاقتصار بذكر وبيان الأشخاص الذين تنطبق عليهم أحكام النظام العام للموظفين[32].

      وقصد الوصول إلى تعريف شامل وجامع مانع نحاول البحث في تعريف الموظف العام من خلال البحث في التعريفات التي حاول أن يقدمها المشرع في بعض الدول وهذا في الفرع الأول ،ثم في الفرع الثاني نتعرض إلى تعريف الموظف العام في الفقه المقارن ،أما الفرع الثالث والأخير فنتناول ما قرره القضاء المقارن، وسنعرض المحاولات فيما يلي:

       

      أولا: التعريف القانوني للموظف العام .

       

      يختلف تعريف الموظف العام باختلاف المشرعين، بل ويختلف في البلد الواحد بحسب النصوص التي تعني به[33].

      ومنه لم يرد في معظم القوانين والأنظمة الوظيفية تعريف محدد بالموظف العام، وإنما اكتفت ببيان من ينطبق عليه تشريع الوظيفة العامة ، وتحديد العناصر التي يجب أن تتوفر في الشخص باعتباره موظفا عموميا.

      وفيما يلي سنحاول تعريف الموظف العام في كل من التشريع الفرنسي والمصري والعراقي واليمني.

      فالملاحظ أن المشرع الفرنسي لم يعرف الموظف العام صراحة ولم يحدد مدلوله رغم أنه أوجد نصوص خاصة للوظيفة العمومية واستعمل فيها مصطلح "الموظف العام"[34] .

      وبخصوص تعريف الموظف العام فقد حاول المشرع الفرنسي إعطاء تعريف وهو ما نستشفه، في نص الفقرة الأولى ممن قانون التوظيف الفرنسي رقم 2294 والصادر في 19 أكتوبر 1946 على أنه :"يسري على الأشخاص الذين يعينون في وظيفة دائمة ويشغلون درجة من درجات الكادر (السلم الرئاسي) في إحدى الإدارات المركزية للدولة، أو في إحدى الإدارات الخارجية التابعة لها أو في المؤسسات العامة القومية".

      وكان من الواضح في هذا النص أنه لا يعتبر تعريفا كاملا بل اكتفى بتحديد الأشخاص الذين تسري عليهم أحكامه فهو مجرد بيان للموظف في شأن تطبيق أحكام هذا القانون ويفهم من النص الفرنسي أنه يتوجب أن يتوفر في الموظف العام عنصرين أساسين هما:

      -       الوظيفة الدائمة.

      -       الخدمة في مرفق إداري عام[35].

      وكان القانون الصادر في 14/09/1941 قد اقتصر على تعداد العمال الذين يعتبرهم موظفين عموميون[36] في حين اكتفى قانون 244/59 الصادر في 4 فبراير 1959 بترداد ما ورد في القانون الخاص بموظفي الدولة الصادر في 19/10/1946 .

      ويلاحظ أن المشرع الفرنسي لم يخضع موظفي المرافق الاقتصادية لأحكام القوانين السابقة الذكر، كما أنه استثنى موظفي البرلمان ورجال القضاء ، والجيش، والعاملون في مرافق أو  ومنشآت عامة ذات طابع صناعي أو تجاري[37].

      واستقر رأي المشرع الفرنسي في القانون الجديد رقم 634 الصادر في 16 يوليو 1983 المتعلق بحقوق والتزامات الموظفين كما أقره في القوانين السابقة[38].

      أما المشرع المصري فقد عرف الموظف العام في القانون المتعلق بنظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لعام 1964 بأنه :<<يعتبر عاملاً في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في إحدى الوظائف الدائمة أو المؤقتة بقرار من السلطة المختصة>>[39]_^).

       

      هذا من خلال ما سبق في محاولتنا لجمع تعاريف قانونية للموظف العام في عدة تشريعات تأكد فعلا أن التشريع وعبر مختلف الأنظمة لم يتوصل إلى إيجاد تعريف كامل وشامل ومانع وجامع للموظف.

      وفي هذا الصدد نجد أن المشرع اليمني، تميز على باقي التشريعات في إيجاد تعريف للموظف العام حيث جاء في قانون الخدمة اليمنية رقم 19 المؤرخ في سنة 1991 على أن الموظف العام هو :<<الشخص المعين بقرار من السلطة المختصة للقيام بعمل ذهني أو مهني أو حرفي أو غيره تنظمه الوظيفة مصنفة ومعتمدة في الموازنة العامة للدولة والذي يعتبر بمجرد تعينه في مركز نظامي سواء أكانت الوظيفة دائمة أو مؤقتة بموجب هذا القانون واللوائح المنفذة له والقوانين الأخرى النافذة"[40].

      وخلاصة القول أن جميع التشريعات الفرنسية والمصرية واليمنية اشتركت في الاتفاق على وجوب وجود عناصر يجب توفرها في الموظف العام ونذكر على سبيل المثال.

      دائمية الوظيفة ، ارتباط الوظيفة التي يقوم بها الموظف بالحكومة أو في إحدى الهياكل التابعة للدولة، تقاضي راتب من الميزانية العامة للدولة، والتعيين والترسيم بأداة قانونية في السلم والكادر التسلسلي أو الوظيفي...

      وفيما يلي سنتعرض في الفرع الثاني من هذا المبحث إلى مفهوم الموظف في الفقه المقارن.

       

      ثانيا: التعريف الفقهي للموظف العام.

       

      لقد سبق وأن أشرنا بأن الموظف العام لم يحظى بعناية المشرع عناية كاملة في تحديد مدلوله ومفهومه في جميع تشريعات الدول.

      وأمام هذا النقص في تحديد مدلول وتعريف الموظف العام،فإنه يوجد من يقول بأن المشرع قد أحسن صنعًا إذ لم يضع تعريف للموظف العام لأن وضع تعريف محدد هي مهمة الفقه وليست مهمة التشريع[41].

      وعلى هذا الأساس فقد قام الفقه يبذل جهودا لاستخلاص عناصر يمكن بواسطتها إعطاء تعريف محدد للموظف العام[42]، وسوف نعرض هذه المحاولات فيما يلي:

      فنجد الفقه في فرنسا يعرف الموظف العام في قول المدير السابق للوظيف العمومي "بأن الوظيفة العامة هي الاصطلاح الذي يبدأ استخدامه منذ بضعة سنين لتعيين مجموعة المستخدمين الممثلين للإدارة"، ويضيف المدير السابق للوظيف العمومي قول " أن الموظف العام هو كل فرد يحصل على مرتب تلتزم الميزانية العامة بدفعه له مباشرة"[43]. لكن يوجه لهذا التعريف عدة انتقادات نذكر منها أنه:

      -       لا يتماشى مع الوقت الراهن.

      -       يتميز بالغموض والعمومية.

      -   أنه يقوم على معيار مالي بقوله " كل فرد يحصل على مرتب تلتزم الميزانية العامة بدفعه له مباشر". وهذا ما يوجه إليه كثيرا من الانتقادات إذ يوجد أعوان تابعين للدولة وممثلين للإدارة مثل رؤساء البلديات في فرنسا ولكن لا يتقاضون مرتب من الميزانية العمومية، ونجد في المقابل العكس إذ يوجد بعض أعوان لدولة ولا يتمتعون بصفة الموظف العام بمعناها الدقيق كالنواب في المجالس النيابية ومع هذا تصرف لهم رواتب من الميزانية العامة[44].

      أما تعريف الموظف العام عند الفقيه ديجي "Duguit" فهو كل شخص يساهم بطريقة دائمة في إدارة مرفق عام مهما كانت طبيعة الأعمال التي يقوم بها.[45]

      وأضاف لقوله هذا محاولا التمييز بين المستخدم والموظف "أن العامل هو من يساهم في أعمال لا تدخل في المهام الإجبارية للدولة"[46].

      ويتضح من مضامين التعاريف السابقة الذكر، أن أغلبية الفقه الفرنسي يضعون شرطيين أساسيين لاعتبار الشخص موظفا عاماً.

      1-              شغل وظيفة دائمة.

      2-              المساهمة في إدارة مرفق عام، وأضاف جانبا من الفقه الفرنسي شرطا آخر وهو أن تكون للموظف درجة من درجات السلم الإداري[47].

      أما تعريف الموظف العام في الفقه المصري، فقد تعرض العديد من الفقهاء المصريين لتعريف الموظف العام، نظراً لأنه لم يرد تعريفه بقوانين التوظيف المصرية كما سبق القول في هذا البحث، وسنحاول التعرض لهذه التعاريف كما يلي:

      فالدكتور محمود "سعد الدين الشريف" في كتابه" أصول القانون الإداري" الصادر سنة 1956 يعرف الموظف بأنه :<<الشخص الذي يتقلد وظيفة دائمة بصورة مستمرة، حيث يساهم بتقلدها في إدارة مرفق عام إداري تتولاه الدولة أو مؤسسة عامة، ويخضع من ثم لقواعد القانون العام>>[48].

       

      المطلب الثالث:

      موقف الفقه والمشرع من تعريف الموظف العام في الجزائر.

       

      نتعرض في هذا المطلب إلى موقف الفقه والقضاء والمشرع من تعريف الموظف العام وهذا في فروع ثلاثة

       

      أولا: موقف الفقه في الجزائر من تعريف الموظف العام

       

      عمل الفقه والقضاء وحتى التشريع أحيانا على إبراز العناصر المميزة للموظف العام بالمفهوم القانوني الضيق نجد البعض يعرف الموظف العام بالمقارنة مع الأعوان الآخرين ونجد البعض الآخر يتعرضون لتعريفه مباشرة وسنحاول إبراز بعض محاولات الفقهاء الجزائريين وآراء الأساتذة في تعريف الموظف العام.

      وقد عرف الأستاذ "ميسوم سبيح" الموظف العام وهو يميزه بغيره من الأعوان قائلا :<<يضمن سير الإدارة العامة، أعوان لهم أنظمة قانونية مختلفة ولا يخضع منهم للقانون العام للوظيفة العمومية، سوى الذين لهم صفة الموظف و لا يعرف بهذه الصفة إلا الأشخاص الذين رسمو بعد تعيينهم في مناصب دائمة وثبتوا فيها نهائيًا>>[49].

      ونستخلص من تعريف الأستاذ "ميسوم سبيح" أن الموظف العام هو كل من يتوفر فيه شرط الترسيم في الوظيفة بعد تعيينه بأداة قانونية صادرة عن السلطة المختصة ويشترط أيضًا التثبيت النهائي.

      كما يرى الأستاذ "محيو أحمد "بأن الموظفين هم من يوجدون في وضع قانوني تنظيمي حسب المادة 1 من قانون الوظيف العمومي[50]. ومنه نجد أن الأستاذ أحمد محيو يميز أيضًا ويسير في نفس سياق الأستاذ ميسوم سبيح بتمييزه بين الموظفين وغيره من الوكلاء العامين أو الأعوان المتعاقدين تمييزاً دقيقاً لأنه يستند إلى نص المادة 1 من الأمر 66/133[51]. وتقابلها المادة السابعة(7) من الأمر 06/03 الحالي المتضمن الوظيفة العمومية.

      أما الأستاذ "عبد الرحمن الرميلي" فهو يعرف الأعوان العموميين بأنهم <<الأشخاص الذين ارتبطوا بالإدارة بموجب عمل قانوني وحيد الطرف أعدته الإدارة لأجلهم وحددت فيه حقوقهم وواجباتهم ودون أن يشاركوا مباشرة ولا بصفتهم الشخصية في إعداده>>[52].

       

      وفي محاولتنا لإيجاد تعريف فقهي للموظف العام في الفقه الجزائري لمسنا أن الأساتذة والمفكرين في الجزائر حاولو بمجهودات مختلفة تعريف الموظف العام ومن الملاحظ أن هذه المجهودات لم تكن خارج نطاق التعريف الوارد في المادة الأولى من الأمر 66-133 الصادر في جوان 1966 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية، وتقابلها المادة 4 من الأمر رقم 06/03 المؤرخ في 15 يوليو 2005 والمتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الحالي.

       

      ثانيا: موقف المشرع الجزائري من تعريف الموظف العام.

       

      وبدوره المشرع الجزائري حاول تعريف الموظف العام في القوانين الوطنية بدءا من الميثاق الوطني الجزائري الصادر سنة 1964 حيث جاء في إحدى فقراته ما يلي:

      "...إن الموظف أداة للدولة ويجب أن يصير خادما للجماهير الكادحة وإصلاح النصوص يجب أن يصحب بإعادة تربية سياسية تجعل من موظف الدولة صلة مع الجماهير وليس سلطة فوقها"

      وكما نلاحظ فقد غلب على هذه الفقرة الطابع الإيديولوجي حيث ذكرت الغاية من الوظيفة العامة وهي خدمة الشعب ولم تتطرق إلى تعريف الموظف العام وبالنظر إلى دستور 1976 نجد أنه في نص المادة 37 ذكرت المهام المنوطة بالموظف العام وهي خدمة الشعب وتحقيق المنفعة  العامة كما يلي:" ليست وظائف الدولة امتياز بل هي تكليف على أعوان الدولة أن يأخذوا بعين الاعتبار مصالح الشعب والمنفعة العامة مصالح الغير، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تصبح ممارسة الوظائف العمومية مصدرا للثراء ولا وسيلة لخدمة المصالح الخاصة" نلاحظ أن هذه المادة كذلك لم تعرف الموظف العام، وهو نفس الشيء بالنسبة لدستور 1989 فقد جاء في نص المادة 48 منه على أنه :"يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أي شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون".

      وفي المادة 21 من نفس الدستور جاء فيها :" لا يمكن أن تكون الوظائف في مؤسسات الدولة مصدرا للثراء ولا وسيلة لخدمة المصالح الخاصة"[53].

      أما في الدستور 28 فبراير 1996 نجده ساير ما جاء به دستور 1989 إذ وباستقراء نص المادة 48 التي تنص على أنه :" لا يمكن أن تكون الوظائف في مؤسسات الدولة مصدرا للثراء ولا وسيلة لخدمة المصالح الخاصة".

      ونجد أيضا في نفس الدستور الحالي وفي نص المادة 51 منه على ما يلي:" يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون"[54]

      والواقع أن المشرع الجزائري لم يكن أكثر إفصاحا من غيره في هذا المجال ومن خلال البحث في النصوص الدستورية يمكن أن نلاحظ بأن المشرع الدستوري لم يتعرض لتحديد مدلول الموظف العام ولا حتى عون الدولة لا في دستور 1963 ولا في ميثاق ودستور 1976 كل ما في الأمر أنه أشار إلى عون الدولة إشارة عابرة تتضمن إما تحديد حقوقه أو تعدادا لواجباته[55].

      ومن كل ما سبق نجد أن المؤسس الدستوري لم يتعرض لمعنى الموظف العام بمعناه الدقيق بل تحدث على المساواة في تقلد الوظائف وكيفية تقلد هذه الوظائف والهدف من ممارسة الوظيفة العمومية في الدولة

      وإذا انتقلنا إلى نظرة المشرع في القانون المدني في نص المادة 129 التي  تنص على ما يلي:" لا يكون الموظفون والعمال العموميون مسئولين شخصيا عن أعمالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذا لأوامر صدرت إليهم من الرئيس متى كانت طاعة هذه الأوامر واجبة عليهم[56].

      ومنه نجد أن نص المادة 129 لم تعرف الموظف العام بل أشارت إلى مسؤوليته فقط وللبحث عن تعريف الموظف العام في القوانين والتشريعات الخاصة بالوظيفة العمومية نبحث في أول قانون صدر بشأن الموظفين العموميين وهو الأمر 66/133 حيث نجد في نص المادة الأولى منه على أنه :"يعتبر موظفين الأشخاص المعينون في وظيفة دائمة واللذين رسمو في درجة التسلسل في الإدارات المركزية التابعة للدولة والمصالح الخارجية التابعة لهذه الإدارات والجماعات المحلية وكذلك المؤسسات والهيئات العمومية حسب كيفيات تحدد بالمرسوم".

      وبتحليل نص هذه المادة نجد أنها تشير إلى عناصر يجب أن تتوفر في الشخص الذي يتقلد الوظيفة العمومية وهي:

      -       دائمية الوظيفة العامة.

      -       الترسيم في الوظيفة.

      -       شغل الوظيفة في إدارة مركزية أو محلية.

      والشيء المهم الذي يجب ذكره هو إضفاء صفة الموظف على عمال المرافق العامة الصناعية والتجارية بقوة هذا القانون حيث نجد أن هذا القانون لم يميز بين المستخدمين والعمال وبين موظفي المؤسسات الإدارية وعمال المرافق العمومية ذات الطابع الاقتصادي ويعود ذلك لسببين ذكرتهما المذكرة الإيضاحية في القانون الأساسي آنذاك وهما :

      1.    الحفاظ على أموال الخزينة العامة.

      2.    المحافظة على سير المرافق العامة بانتظام[57].

      لقد حاول المشرع الجزائري تعريف الموظف العام في مادته الأولى من الأمر 66/133 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية حيث جاء فيها ما يلي :<<يعتبر موظفين عموميون الأشخاص المعينون في وظيفة دائمة، الذين رسموا في درجة من درجات التدرج الوظيفي للإدارات المركزية التابعة للدولة، وفي المصالح الخارجية التابعة لهذه الإدارات المركزية، وفي الجماعات المحلية وكذلك في المؤسسات والهيئات العامة>>[58].

      نلاحظ أن المادة الأولى من هذا القانون انتهت إلى أن مصطلح الموظف العام يطلق على أي شخص يعمل و يكتفي أن يعمل لاعتباره موظفا عاما ونلاحظ أن هذا القانون استثنى ثلاث فئات وهي:

      -       الموظفون اللذين يعملون لحسابهم الخاص.

      -       العسكريين.

      -       الأشخاص اللذين يمارسون مهام عليا انتخابية.

      من خلال ما سبق نجد أن هذا القانون لا يفرق بين المؤسسات الاقتصادية والتجارية والمؤسسات الإدارية.

      ومن الملاحظ أن المرسوم 85/59 جاء أكثر وضوح وتفصيل من القانون السابق في تعريف الموظف العام، إذ نجده قد حدد من الشخص الذي يطلق عليه تسمية موظف وبيّن العلاقة التي تربط ما بين هذا الأخير والإدارة بقوله في الفقرة الثانية من المادة الخامسة :" يكون حينئذ في وضعية قانونية أساسية وتنظيمية إزاء المؤسسة أو الإدارة ".

       

      وهكذا فإن تعريف الموظف العام حسب ماجاء في نص المادة 04 من الأمر رقم 06/03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية والتي تنص على أن " الموظف العام هو كل من عين في وظيفة عمومية دائمة ورسم في رتبة في السلم الإداري"

      ومن هذا يمكن معرفة صفات الموظف العمومي كالآتي:

      أ‌-       الموظف في الإدارة العمومية بصورة دائمة: يجب أن يستقر في عمل دائم أي أنه يبدأ حياته المهنية في الوظيفة العمومية وينميها فيها (تطور) فيكون له مسار وظيفي متسلسل ومستمر وفكرة الديمومة لا تنحصر فقط في كيفية أداء الموظف لعمله لأن هذه القضية تنظمها القوانين بل تختلف أنماط العمل (يومي، أسبوعي، شهري) ومثال ذلك هو وظائف التدريس وبعض الوظائف الإدارية فأساس الديمومة هو الوظيفة ككل.

      ب‌-     التعيين من جانب هيئة عمومية: حتى يعتبر الشخص موظف عمومي لا بد من أن يكون إلى جانب ديمومة الخدمة الالتحاق بالعمل بطريقة قانونية ووفق الشروط والتدابير المقررة قانونا لشغلها، فمجرد اتصاف الشخص بشروط التعيين في الوظيفة العمومية ونجاحه في الامتحان أو المسابقة وترشيحه للعمل في الوظيفة التي تقدم لها لا يكفي لاعتباره موظفا عاما بل لا بد من صدور مقرر بتعيينه من جانب الإدارة المستخدمة وكذلك قضاء فترة التربص بنجاح وتثبيته في إحدى الدرجات الوظيفية الموجودة في الجهة التي عين لها.

      ج - مزاولة العمل في إدارة عمومية (أو مرفق عام): يشترط حسب القانون 06/03 في الشخص لكي يعتبر موظفا عموميا أن يقوم بالخدمة في مرفق تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى سواء كالإدارة المركزية، المحلية (الولاية والبلدية) والهيئات والمؤسسات العمومية.

       


      المبحث الثالث:

      الطبيعة القانونية لعلاقة الموظف بالإدارة في ظل الأمر 06/03.

      ثار الخلاف في القفه والقضاء الإداريين في مختلف دول العالم حول تحديد الطبيعة القانونية التي تربط الموظف العام بالإدارة، وبصورة أخرى العلاقة التي تربط هذا الشخص الذي يؤدي وظيفة عمومية بالدولة ومن جملة التساؤلات التي طرحت: هل العلاقة التي تربط الموظف بالإدارة هي علاقة تعاقدية ينظمها العقد؟ وكان أصحاب هذه الفكرة (العقد) يرون بأن الموظف في علاقته بالدولة هو في مركز تعاقدي وعلى هذا الأساس ظهرت العديد من النظريات التعاقدية التي تتفق على أن العقد هو أساس هذه العلاقة إلا أنها تختلف في طبيعة هذا العقد فالبعض اعتبره من عقود القانون الخاص (عقد مدني)، بينما يرى البعض الآخر أن هذه العلاقة هي من عقود القانون العام.

      وفي المقابل يرى فريق آخر من الفقهاء، أن العلاقة التي تربط الموظف بالدولة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ومضمون هذا الرأي أن القوانين واللوائح هي التي تحدد شروط وأحكام الوظيفة وحقوق وواجبات الموظف ولدراسة طبيعة العلاقة التي تربط الموظف العام بالإدارة العامة إرتأينا أن نخصص هذا المبحث،للبحث في طبيعة العلاقة من خلال المطلب الأول الذي يدرس العلاقة التعاقدية وفي المطلب الثاني العلاقة التنظيمية أو اللائحية وفي المطلب الثالث سنرى موقف المشرع الجزائري من العلاقة التي تربط الموظف بالإدارة.

       

       

       

       

       

       


      المطلب الأول:

       النظرية التعاقدية.

       

      تقوم هذه النظرية على أن علاقة الموظف العام بالدولة هي علاقة ذات طابع تعاقدي أي تستند إلى عقد من طرفين الدولة من جهة والمترشح للوظيفة العامة من جهة ثانية.

      ومنه فهذه العلاقة التي أساسها عقد حسب هذه النظرية لا يختلف فيها مركز الموظف عن مركز العامل أو الأخير في عقد العمل[59].

      وقد اختلف الفقه الإداري المقارن حول تكييف العقد المبرم بين الإدارة والموظف فالبعض اعتبره من عقود القانون الخاص، وتأسيسا على هذه النظرية فإن تنفيذ العقد يدخل في نطاق تطبيق القواعد العامة للالتزامات التي تخضع لها الدولة كغيرها من الأفراد، باعتبارها طرف في عقد العمل[60].

      ومما سبق سنقدم بعض كل من الآراء والنظريات القائلة بأن العلاقة بين الموظف والإدارة هي عقد.

      1- نظرية العقد المدني:

      2- نظرية عقد الإذعان:

      3       علاقة الموظف بالإدارة علاقة من نوع خاص:

      4          نظرية عقد القانون العام أو عقد الوظيفة العامة:

      .

      5نظرية العقد المدني لموظفي إدارة المالية وعقد القانون العام لغيرهم.

      المطلب الثاني:

      النظريات القانونية أو التنظيمية.

       

      مضمون هذه النظريات أن العلاقة بين الدولة والموظف تنظم وفقا لأحكام القانون العام. وبعبارة أخرى إن علاقة الموظف بالدولة هي علاقة تنظيمية تحكمها اللوائح، ويسري أي قانون أو تنظيم جديد على الموظف بأثر مباشر[61].

      وظهرت هذه النظريات التي تقوم على أن العلاقة بين الموظف والإدارة إنما تقوم على أساس قانوني وتنظيمي،وقد ظهرت على أنقاض النظريات التعاقدية التي أثبتت فشلها وهجرتها كل الدول.

      المطلب الثالث:

      موقف المشرع الجزائري من العلاقة القانونية التي تربط الموظف بالإدارة.

      يمكن القول في تكييف العلاقة القائمة بين الموظف و الإدارة، أن الأول يوجد في مركز تنظيمي لائحي، أن الموظف يستمد حقوقه و واجباته مباشرة من النصوص القانونية المنظمة للوظيفة العمومية، و استبعاد فكرة التعاقد في التعامل بين الموظف و الهيأة المستخدمة.

      و هذا المركز التنظيمي يجوز تغييره في أي وقت وفقا لمقتضيات المصلحة العامة، و حسن سير المرافق العامة. و هذا ما أخذ به المشرع الجزائري في المادة (7) من الأمر 06/03 المتضمن قانون الوظيفة العمومية. حيث نصت على أن الموظف يكون تجاه الإدارة في وضعية قانونية و تنظيمية. أي أن المشرع رفض صراحة مبدأ التعاقد في الوظيفة العامة التي تزيد بعض الأطراف و الجهات فرضه حاليا. إذا أن الموظف لا يشعر بالاستقرار في الوظيفة مما يجعله عديم المردودية و يؤثر سلبا على سير المرفق العام.

       

      وقدكان اتجاه المشرع الجزائري تجاه العلاقة القانونية التي تربط الموظف العام بالإدارة واضحا وذلك بتبنيها للعلاقة التنظيمية وللائحية في كل القوانين والتنظيمات المنظمة للوظيفة العمومية منذ الاستقلال.

      وهذا ما أكده المشرع في نص المادة السابعة 07 من الأمر المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية رقم 06/03 المؤرخ في 15 يوليو 2006 حيث نصت على ما يلي :<<يكون الموظف تجاه الإدارة في وضعية قانونية أساسية وتنظيمية>>[62].

      أي أن المشرع الجزائري يجعل الموظف العام مع الإدارة في علاقة قائمة على أسس قانونية وتنظيمية.

               والجدير بالذكر أن القانون 06/03 قد حمل بعض المستجدات فيما يخص العلاقة التي تربط الأعوان بالإدارة إذ أشار إلى وجود أنواع من التوظيف: توظيف دائم، وتوظيف عن طريق التعاقد في بعض المناصب والتوظيف المؤقت مما يجعل الحقوق والواجبات تختلف من علاقة لأخرى.

      1-             حالة التوظيف الدائم:

       

      لقد اقر المشرع الجزائري مبدأ العلاقة القانونية التنظيمية التي تربط الموظف بإدارته في مختلف النصوص المنظمة لقطاع الوظيفة العمومية قبل صدور الأمر رقم 06/03 دون إغفال العلاقة التعاقدية في نطاق ضيق جدا استجابة لحاجيات عرضية دائما غالبا ما تحدد في سنة مالية (ميلادية) واحدة قابلة للتجديد.
      2- التوظيف عن طريق التعاقد:

       

       إن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية لسنة 2006، نص على نمط جديد للعمل في مفهوم الوظيفة العمومية ذات الهياكل المغلقة المعمول به في الجزائر حين نصت المادة 19 من الفصل الرابع المعنون بـ "الأنظمة القانونية الأخرى للعمل" على أن تخضع مناصب الشغل التي تتضمن نشاطات الحفظ أو الصيانة أو الخدمات في المؤسسات والإدارات العمومية إلى نظام التعاقد"، وتحدد  مناصب الشغل المنصوص عليها في هذه المادة عن طريق التنظيم، ولتعريف نظام التعاقد نتناول النقاط التالية:

      1- الإطار القانوني لنظام التعاقد: يخضع الأعوان المتعاقدون إلى إطار قانوني محدد بموجب الأمر 06/03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية في المواد من 19 إلى 24.

      2- الإطار التنظيمي لنظام التعاقد: و يخضع الأعوان المتعاقدون إلى الإطار التنظيمي المحدد في المرسوم الرئاسي رقم: 07/308, المؤرخ في: 29 سبتمبر 2007، والذي يحدد كيفيات توظيف الأعوان المتعاقدون، وحقوقهم وواجباتهم والعناصر المشكلة لرواتبهم والقواعد المتعلقة بتسييرهم و النظام التأديبي المطبق عليهم، وفي هذا الإطار يفرق بين 03 فئات أو أنواع من الأعوان المتعاقدون كما يلي:

      الفئة الأولى وهم الأعوان الذين يوظفون في إطار المادة 19، يوظفون في مناصب الشغل التي تتضمن نشاطات الحفظ أو الصيانة أو الخدمات،  في المؤسسات والإدارات العمومية, و أما الفئة الثانية وهي فئة الأعوان الذين يتم  توظيفهم في إطار المادة 20 وبصفة إستثنائية في مناصب شغل مخصصة للموظفين في حالتي إنتظار تنظيم مسابقة توظيف، أو إنشاء سلك جديد للموظفين أو لتعويض الشغور المؤقت لمنصب العمل، وأما الفئة الثالثة  فتتعلق بالأعوان الذين يتم توظيفهم في إطار المادة 21 في مناصب شغل التي تكتسي طابعا مؤقتا. 

           وقد جاء التأكيد على ذلك في المادة 22 من الأمر رقم  06/03 والتي نصت على أن توظيف هذه الفئات المذكورة من الأعوان حسب الحالة ووفق حاجات المؤسسات والإدارات العمومية سيتم عن طريق عقود محددة المدة أو غير محددة المدة، بالتوقيت الكامل أو بالتوقيت الجزئي على أن لا يخول شغل هذه المناصب الحق في اكتساب صفة الموظف أو الحق في الإدماج في رتبة من رتب الوظيفة العمومية.

      كما نص الأمر 06/03 على ان العقود قد تكون محددة المدة، وقد تكون غير محددة المدة وبالتوقيت الكامل أو التوقيت الجزئي[63].

      وترك القانون الأساسي للوظيفة العمومية مسألة تحديد كيفيات توظيف الاعوان المتعاقدين وحقوقهم وواجباتهم والعناصر المشكلة لرواتبهم، والقواعد المتعلقة لتسييرهم ونظامهم التأديبي المطبق عليهم للتنظيم، وهو ما حدث بالفعل حيث صدر المرسوم الرئاسي رقم 07-308 بتاريخ 29 سبتمبر2007 لينظم هذه المسائل [64].

      فإذا كان نظام التعاقد معمولا به ضمن التشريعات السابقة في ميدان الوظيفة العمومية في نطاق ضيق فإن الشيء الجوهري في هذه المادة هو جعل التوظيف ضمن مناصب الشغل في المادة 19 أعلاه خاضعة إجباريا لنظام التعاقد فلا يجوز للإدارة أن توظف خارج هذا النظام وإلا كان عملها مخالفا للتشريع (القانون) وفي هذا الإطار فقد صدرت تعليمة من رئاسة الحكومة عقب صدور الأمر 06/03 مباشرة وتم إبلاغها لجميع الإدارات والمؤسسات العمومية المعنية بهذا القانون مفادها أن تباشر هذه الإدارات في تطبيق المادة 19 من الأمر السابق[65].   

           إن اعتماد التعاقد كطريقة إجبارية للتوظيف فيما يخص نشاطات الحفظ، الصيانة والخدمات يؤدي بنا إلى استنتاج بعض المزايا لهذا النظام وبالمقابل فإن لديه بعض العيوب.

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

      المحور الثاني:

      تنظيم المسار المهني ومشاركة الموظف في تسيير شؤونه

         

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

      إن الأمر رقم 06/03 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية قد اعتمد على استراتيجية في تنظيمه للعنصر البشري وهذا بغية تطوير الوظيفة العمومية في الجزائر ، فركز الأمر على أسلوب المشاركة والحوار وهذا من خلال إشراك الموظفين في تسيير شؤون الوظيفة وهذا بالاعتماد على هيئات الوظيفة من خلال دورها في تدعيم أسلوب المشاركة والحوار من طرف الموظفين وقد اعتمد الأمر في ذلك على الهيكل المركزي للوظيفة العمومية والمجلس الأعلى للوظيفة العمومية وكذا هيئات المشاركة والطعن وهو ما سنتناوله في(المبحث الأول) .

      كما أن القانون الأساسي للوظيفة العمومية قد نظم المسار والحياة المهنية للموظف وهذا من خلال النص على حقوق وواجبات الموظف العام، كما أن الأمر قد نظم النظام التأديبي الذي يخضع له الموظف العام عند تعرضه للمتابعات التأديبية ، وهو موضوع (المبحث الثاني).

       

       

            

       

       

      المبحث الأول:

       

      المشاركة في تنظيم الوظيفة العمومية:

      تطبيقا لمبدأ ديمقراطية الإدارة، و حق الموظفين أمورهم و شؤونهم الوظيفية و المشاركة في أقر المشرع الجزائري أشكال و صور لهذه المشاركة تتمثل في هيئات نص عليها في المواد من 55 إلى 62 وهي كالتالي:

       

      وفي هذا الصدد نصت المادة 55 من الأمر 06/03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية على أن الهيكل المركزي وهيئات الوظيفة العمومية هي:

      - الهيكل المركزي للوظيفة العمومية.

      - المجلس الأعلى للوظيفة العمومية.

      - هيئات المشاركة والطعن.

      وهو ما سنتناوله في ثلاث مطالب على التوالي

       

       

               المطلب الأول:

       

      الهيكل المركزي للوظيفة العمومية.

       

      جاء في الفصل الأول بعنوان الهيكل المركزي للوظيفة العمومية ،وهذا في الباب الثالث الذي جاء تحت عنوان الهيكل المركزي وهيئات الوظيفة العمومية، وقد نص في المادة 56 من الأمر 06/03 والمتضمن (ق.أ.ع.وع) على مايلي <<الهيكل المركزي للوظيفة العمومية إدارة دائمة للدولة>> وحددت مهامه كما يلي:

      - يقترح عناصر السياسة الحكومية في مجال الوظيفة العمومية والتدابير اللازمة لتنفيذها.

      - يسهر للاتصال مع الإدارات المعنية على تطبيق القانون الأساسي العام للوظيفة        

        العمومية وضمان مطابقة النصوص المتخذة لتطبيقه.

        - يتضمن مراقبة قانونية الأعمال الإدارية المتصلة بتسيير المسار المهني للموظفين.

      - تقيم تسيير الموارد البشرية في المؤسسة والإدارات العمومية ويضمن ضبط التعدادات.

      - ينفذ سياسة التكوين للموظفين وتحسين مستواهم ومداركهم العلمية.

      - يقوم بتمثيل مصالح الدولة بصفتها مستخدمة عند الاقتضاء وأمام الجهة القضائية.

      أشارت المادة 57 إلى أن صلاحيات وتنظيم وسير الهيكل المركزي للوظيفة العمومية يتحدد عن طريق التنظيم الذي لم يصدر بعد.

      المطلب الثاني:

       

      المجلس الأعلى للوظيفة العمومية.

       

      جاء في نص عرض الأسباب للمشروع التمهيدي للقانون المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية أنه :<<وفي إطار تدعيم التشاور في قطاع الوظيفة العمومية، يكرس الإطار القانوني لمشروع القانون الأساسي المجلس الأعلى للوظيفة العمومية

            -يشكل المجلس الأعلى للوظيفة العمومية هيئة تشاور واقتراح تعتمد عليه الحكومة في تحديد سياستها في مجال الوظيفة العمومية.[66]

      لقد نص المشرع في الفصل الثاني من الباب الثالث في المادة 58  على المجلس الأعلى للوظيفة العمومية وعرفه كما يلي :<< تنشأ هيئة للتشاور تسمى المجلس الأعلى للوظيفة العمومية>>.

          وحدد المشرع صلاحيات المجلس الأعلى في المادة 59 كما يلي:

         - ضبط المحاور الكبرى لسياسة الحكومة في مجال الوظيفة العمومية.

         - تحديد سياسة تكوين الموظفين وتحسين مستواهم.

         - دراسة وضعية التشغيل في الوظيفة العمومية على المستويين الكمي والنوعي.

         - السهر على احترام قواعد أخلاقيات الوظيفة العمومية.

         - اقتراح كل تدبير من شأنه ترقية ثقافة المرفق العام.

      وزيادة على هذه الصلاحيات يستشار المجلس الأعلى للوظيفة العمومية في كل مشروع نص تشريعي ذي علاقة بقطاع الوظيفة العمومية، وهو مايؤكد سياسة المشرع في دعم أسلوب المشاركة والحوار من خلال هذه الهيئات.

                             

      المطلب الثالـث

       

      هيئـات المشاركـة والطعـن

       

      عمل الأمر 06/03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية على الاهتمام بمشاركة الموظفين في اتخاذ القرارات الإدارية، فتم تكريس هيئات جماعية للتشاور وإلى تشكيل فضاءات حقيقية للتشاور، ومساهمة الموظفين في تسيير مسارهم المهني والدفاع عن حقوقهم.

      فوفقا للمادة 62 من الأمر رقم 06/03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية توجد ثلاث هيئات للمشاركة وللطعن وهي:

      -       لجان إدارية متساوية الأعضاء.

      -       لجان طعن.

      -       لجان تقنية.

      وجاء في نص المادة 73 من نفس الأمر على أنه تحدد اختصاصات اللجان المذكورة أعلاه وتشكيلها وتنظيمها وسيرها ونظامها الداخلي وكيفيات انتخاب أعضائها عن طريق التنظيم.

      1-اللجان المتساوية الأعضاء:

      تنص المادة 63[67] على إنشاء وتشكيلة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء لدى المؤسسات والإدارات العمومية حسب، الحالة وتنشأ لجنة إدارية متساوية الأعضاء لكل رتبة أو مجموعة رتب أو سلك أو مجموعة أسلاك تساوي مستويات تأهيلهم.

      وتشكل اللجان من ممثلين عن الإدارة وممثلين منتخبين عن الموظفين بالتساوي ويترأسها ممثل السلطة الموضوعة على مستواها.

      فيما يخص اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء جاء في المادة 64[68] أن هذه اللجان تستشار في المسائل الفردية التي تخص الحياة المهنية للموظفين كما تتمتع بصلاحية الترسيم للموظفين وبصلاحيات تأديبية بصفتها مجلس تأديببي.

      لجان الطعن:

      أما فيما يخص لجان الطعن، فهي تشكل هيئة استئناف تختص بالنظر لاسيما في القرارات التأديبية الأكثر جسامة والصادرة عن اللجان المتساوية الأعضاء اتجاه الموظفين.

      فقضت المادة 65 من الأمر 06/03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية على أنه تنشأ لجنة طعن لدى كل وزير وكل والي وكذا كل مسؤول بالنسبة لبعض المؤسسات والإدارات العمومية.

      وتشكل هذه اللجان مناصفة من ممثلي الإدارة وممثلي الموظفين المنتخبين ويترأسها ممثل السلطة الموضوعة على مستواها أو ممثل عنها يختار من بين أعضاء الإدارة المعينين بعنوان الإدارة.

      وينتخب ممثلو الموظفين في اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء من بينهم ممثلين في لجان الطعن، أما المادة 66 فتكلمت عن تنصيب لجان الطعن في أجل شهرين (02) بعد انتخاب أعضاء اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء.

      اللجان التقنية:

               في إطار مشاركة الموظفين في تسيير حياتهم المهنية نصت المادة 62 على لجان الطعن والتي تستشار في المسائل المتعلقة بالشروط العامة للعمل، والنظافة والأمن داخل المؤسسات والإدارات العمومية والمهنية[69]،ونصت المادة 71 من الأمر رقم 6/03 على إنشاء اللجان التقنية لدى الإدارات والمؤسسات العمومية وتشكل من عدد متساو من ممثلي الإدارة والممثلين المنتخبين للموظفين.

      ونلاحظ أن المشرع في الأمر 06/03 قد أضاف حالات لاستشارة اللجنة التقنية وهي النظافة والأمن.

      فبالإضافة إلى استشارة اللجنة التقنية بالظروف العامة للعمل، أضاف المشرع صلاحيات جديدة للجنة تقوم بها داخل الإدارات والمؤسسات العمومية وذلك بإبداء رأيها فيما يتعلق بالنظافة والأمن.

      بعد دراسة الهيئات المنظمة لشؤون الموظف نتطرق لأمور اخرى تهم الموظف طيلة حياته المهنية وهو ما سنتطرق إليه في المبحث الثاني.

       

       


               المبحث الثاني:

      تنظيم المسار المهني للموظف العام

       

       

      ، ومن خلال كل هذا فالأمر يتطلب تنظيم المسار المهني للموظف إزاء إدارته، وذلك بدء من التحاقه بالوظيفة وما ينجر عنها من تربص وترسيم تقييم وتكوين، والتطرق إلى الوضعيات القانونية للموظف مثل الاستيداع والانتداب ووضعيته خارج الإطار...الخ وفي الأخير كيفية انقطاع المسار المهني، وهو ما يعكس اهتمام المشرع بالعنصر البشري لدى الإدارة المستخدمة وهو موضوع (المطلب الأول)، ثم إن الإهتمام بالمسار المهني للموظف العام يجب أن لاينسينا في أمر لا يقل أهمية عن ذلك والأمر يتعلق بحقوق وواجبات الموظف العام وهو موضوع( المطلب الثاني )،وإذا كانت نوعية أداء الموظف العام مرتبطة بدرجة الإهتمام به من خلال الحقوق الممنوحة له، فإنها ترتبط أيضا بالنظام التأديبي وهو موضوع (المطلب الثالث ).

       

       

      المطلب الأول:

       

      الإلتحاق بالوظيفة  والترقية والوضعيات القانونية للموظف أثناء المسار المهني

       

      1- التوظيف:

      لقد خصص المشرع للتوظيف فصلا كاملا في الباب الرابع المعنون بتنظيم المسار المهني بدءا من المادة 74 إلى المادة 82، فجاءت أحكام المادة 74 تخضع التوظيف لمبدأ المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة، وهذا المبدأ نصت عليه كل الأحكام الدستورية والتشريعية والتنظيمية المنبثقة عن المواثيق الدولية القاضية بأن  التوظيف مبدأ دستوري [70].

      وقد كرس الدستور الجزائري هذا المبدأ في نص المادة 51 التي نصت على ما يلي :<<إن كل المواطنين متساوون في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون>>.

      وقد جاءت كل النصوص القانونية مكرسة لهذا المبدأ باعتماده كقاعدة أساسية لتولي الوظائف العمومية في الدولة، وهكذا فقد كرس الأمر 66/133 هذا المبدأ بطريقة غير مباشرة وذلك بنصه في المادة 26 على أن يتم التوظيف تبعا لإحدى الكيفيتين أو للكيفيتين معا المبينتين أدناه:

       1ـ  المسابقات عن طريق الاختبارات.

               2ـ المسابقات عن طريق الشهادات.

      كما أكد المشرع في المرسوم رقم  85/59 نفس الطريقة وكرس هذا المبدأ في مادته 34 إذ جعل الالتحاق بالوظائف العمومية يتوقف أصلا على المسابقة وقد أحال في مادته 36 إلى إطار قانوني يحدد كيفيات تنظيم وإجراء هذه المسابقات[71].

      لقد جاء الأمر 06/03 ليكرس هذا المبدأ صراحة وذلك بتخصيص المادة 74 من الفصل الأول الخاص بالتوظيف، هذا المبدأ جاء واضحا وهو عكس ما كان في القوانين السابقة والتي كان يستشف منها هذا المبدأ فقط.

      ـ شروط التوظيف:

      نصت المادة 75 على الشروط الواجب توفرها في المتقدم للترشح في وظيفة          عمومية ،وألزمت هذه المادة توفر هذه الشروط وإلا لا يمكن التوظيف بدونها ونذكرها فيما يلي:

      1- الجنسية الجزائرية:

      بالإضافة إلى شروط أخرى؛

      - أن يكون متمتعا بالحقوق المدنية؛

      - أن لا تحمل شهادة سوابقه القضائية ملاحظات تتنافى وممارسة الوظيفة المراد الالتحاق بها.

      - أن يكون في وضعية قانونية تجاه الخدمة الوطنية،

      السن: إن تحديد شرط السن الأدنى للالتحاق بالوظيفة العمومية أمر ضروري، وذلك تماشيا مع سن الرشد المدني، وهو ما أخذ به المشرع في الأمر الجديد 06/03 المتعلق بالقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، إذ تنص المادة 78 على ما يلي:<<تحدد السن الدنيا للالتحاق بوظيفة عمومية، بثماني عشرة(18) سنة كاملة>>.

      القدرة البدنية (اللياقة البدنية): وهذا الشرط نصت عليه القوانين السابقة مثل الأمر رقم 66/133 والمرسوم رقم 85/59، اللذان نصا على وجوب تأكد السلطة الإدارية من اللياقة البدنية للمترشحين لتولي الوظائف العمومية، ويجب أن يتوقف الالتحاق بالوظيفة العمومية على التحقق من القدرة البدنية، وبصفة خاصة من عدم وجود مرض بدني أو ذهني خطير، وزيادة على هذه الشروط العامة فإنه يمكن للتنظيم توقيف الالتحاق ببعض الوظائف أو الأسلاك على شروط خاصة باللياقة البدنية.

      السلوك:.

      التأهيل: يتوقف الالتحاق بالوظيفة العمومية على إثبات كفاءة مهنية،وهذا بحيازة مستوى من المعرفة أو من القدرات العلمية مثبتة عادة في شهادة مدرسية أو جامعية، ويتم مراقبتها والتأكد منها من خلال نتائج المسابقة أو الامتحان المهني وهذا ما جاءت به المادة 79 من الأمر 06/03 :<<يتوقف الالتحاق بالرتبة على إثبات التأهيل  بشهادات أو إجازات أو مستوى تكوين>>. أما المادة 80 من الأمر 06/03 فجاءت لتكرس التجسيد القانوني لمبدأ المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة، حيث أن مبدأ المساواة للالتحاق بالوظائف العمومية يكرس من الناحية العلمية عن طريق المسابقة ويطلق عليه في الدول الانجلوسكسونية Meritsystem أي نظام الاستحقاق[72].

      وتعتبر المسابقة عن طريقة الانتقاء، الأكثر شيوعا لتوظيف الموظفين كوسيلة لاختيار مترشحين،فيتم التأكد من تكوينهم ومن كفاءتهم حسب الترتيب في الاستحقاق وفضلا على ذلك فإن التوظيف عن طريق المسابقات أي التوظيف الخارجي يسمح بإقامة توازن مع التوظيف الداخلي عن طريق  الترقية الاختيارية، وذلك قصد التشجيع على تجديد تعدادات الوظيف العمومي[73].

       

      وقد كرس الأمر 06/03 الالتحاق بالوظائف العامة عن طريق المسابقة في المادة 80 فنص على أنه (يتم الالتحاق بالوظائف العمومية عن طريق :

      -       المسابقة على أساس الاختيارات؛

      -        المسابقة على أساس الشهادات بالنسبة لبعض أسلاك الموظفين ؛

      -       الفحص المهني؛

      -   التوظيف المباشر من بين المترشحين الذين تابعو تكوينا متخصصا منصوصا عليه في القوانين الأساسية، لدى مؤسسات التكوين المؤهلة )..

      المسابقة على أساس الاختبارات.

          تعتبر المسابقة على أساس الاختبارات الطريقة الأكثر شيوعا في مختلف أنظمة الوظيفة العمومية ويعهد تقدير المترشحين في الغالب إلى لجنة يسمح تشكيلها الجماعي بتوفير ضمان عدم     التحيز، ويرجع اختيار أعضاء اللجنة أصلا للسلطة التي لها صلاحية التعيين أو السلطة التي خولت لها هذه الصلاحيات بصفة قانونية، وتكون اللجنة مقيدة بنظام المسابقة[74].

      المسابقة على أساس الشهادة:

             يتم شغل بعض الوظائف على أساس الشهادة كما بينت الفقرة الثانية من المادة 80 من الأمر 06/03 بالنسبة لبعض الأسلاك الخاصة.

            وتعد المسابقة على أساس الشهادة الأكثر استعمالا للتوظيف في بعض التخصصات أو التأهيلات النادرة أو التي تتطلب مهارات خاصة، وكذا لتوظيف خريجي تكوين المدارس الكبرى (الأساتذة المساعدين الأطباء المتخصصين، المهندسين...)[75].

      مع الإشارة إلى أنه يوجد استثناء على هذه القاعدة، فنجد أحيانا أن الإدارة تلجأ إلى التوظيف المباشر عن طريق الترخيص التنظيمي المؤقت وذلك قصد إنشاء أسلاك جديدة والسماح بالتوظيف المباشر في حالة قلة عدد المترشحين أو في حالات ظرفية التي يترتب عنها صعوبات في التوظيف مثل (الجنوب أو أقصى الجنوب)، ويمكن اتخاذ نص تنظيمي بمستوى مرسوم للخروج عن القاعدة الأصلية والسماح بالتوظيف المباشر[76].

      فهكذا فإن تنظيم المشرع للتوظيف في الأمر 06/03 لم يأت بجديد يذكر، حيث نص على شروط عامة  للتوظيف في المادة 75 كما نصت على شروط خاصة وجب احترامها لدى بعض الأسلاك الخاصة التي تتميز بخصوصيات معنية، أما فيما يخص طرق التوظيف فنظمها وفقا لطريقتين نذكرهما بإيجاز:

      الطريقة الأولى للتوظيف:

      - التوظيف الخارجي ويشمل ما يلي:

      1- التوظيف عن طريق المسابقة على أساس الاختبارات : فنصت المادة 20 من المرسوم التنفيذي رقم 08/04 مؤرخ في 19 جانفي 2008 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك المشتركة في المؤسسات والإدارات العمومية على ما يلي :<<يوظف أو يرقى بصفة متصرف رئيس على أساس الاختيارات الحائزون على شهادة الماجستير أو شهادة معادلة لها>>.

      2- التوظيف على أساس الشهادة: كذلك نصت الفقرة الأولى من نفس المادة على أنه يوظف على أساس الشهادة المترشحون الحائزون على شهادة المدرسة العليا للإدارة الذين تابعوا دراستهم في ظل نظام المرسوم التنفيذي رقم 06/419 مؤرخ في 22 نوفمبر 2006[77].

      3- التوظيف المباشر من بين المترشحين الذين تابعو تكوينا متخصصا منصوصا عليه في النصوص الأساسية لدى مؤسسات التكوين المؤهلة.

      4- التوظيف على طريق الفحوص المهنية.

      الطريقة الثانية للتوظيف

      التوظيف الداخلي: وهو عملية انتقال الموظف الموجود في الخدمة من رتبته الأصلية إلى رتبة أعلى بإحدى الطرق التالية:

      1-     عن طريق المشاركة في الامتحان المهني:

      3-  عن طريق التأهيل المهني في إطار الترقية الاستثنائية:

      4- على أساس الشهادات إذا تحصل الموظف على شهادة
      2-التربص و الترسيم في المنصب:

      التربص هو المدة التي يخضع فيها كل موظف مبتدأ لفترة تربصية يتمرن فيها وتسمح للإدارة بمعرفة قدرة الموظف على القيام بأداء المهام المنوط بها، ولقد حدد الأمر 06/03 مدة التربص بسنة واحدة وذلك في المادة 84 وهذا خلافا لما كان معمول به في أحكام المرسوم رقم 58/59 الذي كان يحدد فترة التربص بتسعة أشهر فقط.

      وتم اقتراح الترسيم وفقا للمادة 86 من قبل السلطة السلمية المؤهلة ويتوقف ذلك على تسجيل في قائمة التأهيل، ويقدم ذلك الاقتراح إلى اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة.

      وحددت المادة 87 واجبات وحقوق المتربصين، وذلك بإخضاعهم لنفس الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الأمر 06/03 والخاصة بكل الموظفين.

      غير أنه وفقا لنص المادة 88 لا يمكن أن يستفيد المتربص من الوضعيات القانونية الأساسية والمنصوص عليها في هذا الأمر مثل النقل أو وضعه في حالة الانتداب أو الاستيداع، كما نصت المادة 89 على عدم إمكانية المتربص أن يترشح  لعضوية اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء ولا للجنة الطعن أو اللجان التقنية، غير انه يمكن للمتربص أن يشارك في انتخاب ممثلي الموظفين المنتمين للرتبة أو السلك الذي يسعى للترسيم فيه.

      وتجدر الإشارة للمادة 90 والتي جاءت بالجديد فيما يخص حسبان فترة التربص في الخدمة الفعلية وأخذها بالحسبان عند احتساب الأقدمية  للترقية في الرتبة والدرجات وفي التقاعد وهو ما يعتبر ضمانة وتكريس لحقوق الموظفين وما يترتب عليه من زيادة فعالية أداء العنصر البشري داخل الإدارة.

      2-             التسيير الإداري للتسيير المهني للموظف:

       بالمقارنة البسيطة بين ما جاء به الأمر 06/03 والمرسوم 85/59 نلاحظ أن المشرع أعطى اهتماما كبيرا لتنظيم المسار المهني للموظف، وهو ما يؤثر إيجابا على مردودية وفعالية هذا الموظف في العمل المنوط به، ونستشفه من الاهتمام الذي كرسه المشرع في القانون الجديد، كالمسار المهني للموظف فنلاحظ أنه خصص فصلا كاملا للتسيير الإداري للمسار المهني وخصص أربعة مواد شرح فيها واجبات الإدارة في تكوين ملف إداري للموظف ومكونات هذا الملف وتسجيلها وتصنيفها باستمرار، وزيادة على ذلك نلاحظ أن الأمر 06/03 جاء حماية لحقوق الموظف الشخصية والسياسية والنقابية و الدينية، وذلك من خلال نص المادة 93 الفقرة الأخيرة، ومع مقارنة المرسوم 85/59 نجد أنه خصص مادة واحدة ويتعلق الأمر بالمادة 50 التي تنص على وجوب فتح الإدارة لكل موظف ملفا إداريا يشتمل على جميع الوثائق التي تهم وضعيته الإدارية، كما تدرج فيه مقررات العقوبات التأديبية الخاصة بالموظف.

      بالإضافة إلى المادة 96 من الأمر الجديد والمتعلق بالوظيفة العمومية التي تنص على إبلاغ الموظف بكل القرارات المتعلقة بوضعيته الإدارية.

      4- تقييم الموظف والترقية:

      وفقا لنص المادة 97 من الأمر 06/03 يخضع الموظف العمومي أثناء مساره المهني إلى تقييم مستمر ودوري، والهدف من هذا التقييم الدوري هو تقدير مؤهلات الموظف المهنية على أساس مناهج ملائمة يهدف بصفة خاصة إلى:

      - الترقية في الدرجة.

      - الترقية في الرتبة.

          - منح امتيازات مرتبطة بالمردودية وتحسين الأداء ومنح الأوسمة الشرفية والمكافآت.           

      وقد جاءت المواد من 106 إلى 110 لتبين كيفية الترقية في الدرجة والرتب للموظف وهكذا فإن الترقية في الدرجات والانتقال من درجة إلى درجة أعلى مباشرة حسب الكيفيات التي تحدد عن طريق التنظيم.

       وتجدر الإشارة إلى أنه صدر في هذا الشأن المرسوم الرئاسي رقم 07/304 المؤرخ في 29 سبتمبر 2007 وينص في المادة 11 منه على كيفية الترقية في الدرجة المطبقة على الموظفين الذين ينتمون على الأسلاك المشتركة.

      أما المادة 107 فتبين الترقية في الرتب وهي تقدم الموظف في مساره المهني وذلك بالانتقال من رتبة إلى رتبة أعلى مباشرة في نفس السلك أو في السلك الأعلى مباشرة حسب الكيفيات الآتية:

      - على أساس الشهادة من بين الموظفين الذين تحصلوا خلال مسارهم المهني على الشهادات والمؤهلات المطلوبة.

      - بعد تكوين متخصص.

      - عن طريق امتحان مهني أو فحص مهني.

      - على سبيل الاختيار عن طريق التسجيل في قائمة التأهيل ، بعد أخذ رأي اللجنة   

         الإدارية المتساوية الأعضاء، من بين الموظفين الذين يثبتون الأقدمية المطلوبة.

      غير أنه في المادة 109 تنص على شرط متابعة مسبقة منصوص عليه في القوانين الأساسية الخاصة أو الحصول على الشهادات المطلوبة في حالة الترقية من فوج إلى فوج آخر أعلى مباشرة كما هو منصوص عليه في المادة 08 من الأمر 06/03 والتي تصنف أسلاك الموظفين حسب مستوى تأهيل مطلوب لكل فوج، وعليه فالترقية من فوج إلى فوج آخر متوقفة على شرط الحصول على المستوى أو الشهادة المطلوبة لكل فوج أو في إطار تكوين تنص عليه بعض القوانين الخاصة[78].

      أما بالنسبة للتقييم الذي يهدف من ورائه إلى منح أوسمة شرفية ومكافئات فنجد الأمر 06/03 نص على نوع جديد من التحفيزات وبعض المكافآت التي لم يكن منصوصا عليها من قبل حيث خصص فصلا كاملا لها، ومن خلال المادة 112 فالمشرع بين إمكانية تسليم أوسمة شرفية ومكافآت للموظفين في شكل ميداليات استحقاق أو شجاعة أو شهادات وزارية، وعليه نصت المادة 113 على أنه :<<يمكن للموظف الذي قام أثناء تأديته مهامه بعمل شجاع مثبت قانونيا أو قام بمجهودات استثنائية ساهمت في تحسين أداء المصلحة أن يستفيد من أوسمة شرفية أو مكافئات بعد استشارة لجنة خاصة تنشأ لدى السلطة الوزارية المختصة>>.

      نلاحظ أن الأمر 06/03 جاء بالجديد في إطار تقييم الموظف وذلك بتشجيعه بهذه الأوسمة الشرفية، ولكن تبقى أمور معنوية أكثر منها مادية ملموسة فالواقع العملي يقرر الأوسمة والمكافئات الشرفية بالنسبة للموظف الذي قام بمجهودات استثنائية لا تكتسي أهمية كبيرة إذا نظرنا إلى بعض الصعوبات التي تواجهه في تطبيق هذا الأمر وخاصة إذا رأينا أن تشكيل اللجنة المشرفة على الأوسمة والمكافئات تصدر عن طرق التنظيم وهذا ما يؤدي حتما إلى التأخر الكبير في إنشائها.

      3-             الوضعيات القانونية التي يمكن للموظف ان يكون فيها

      إن تنظيم وضعية الموظف وحركات نقله تجاه الإدارة لها أهمية بالغة لكل من الموظف من جهة والإدارة المستخدمة من جهة أخرى، حيث يسمح للإدارة أن تتابع كل ما تملكه من عناصر بشرية ومواردها وما تحوزه على رتب ووظائف ومؤهلات، ومن جهة تضمن حقوق الموظفين مثل العطل طويلة الأمد، والتكوين الخارجي أو تحسين مستواهم أو عطلة أمومة مثلا للمرأة الموظفة...الخ.

      وهكذا فاستفادة الموظف من بعض الوضعيات القانونية كالاستيداع والانتداب وخارج الإطار لحقوقه وله في المقابل واجبات معينة وتختلف من وضعية لأخرى وعلى هذا الأساس فالأمر 06/03 المتعلق بالقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية اهتم بهذا الأمر ولما كانت هناك بعض الحوادث والوقائع التي من شأنها أن تجعل الموظف ينقطع عن عمله فإن المشرع قد نظمها في حالتين:

      الحالة الأولى: وهي حالة المزاولة العادية من طرف الموظف داخل إدارته الأصلية.

      الحالة الثانية: وهي حالة الانقطاع عن الوظيفة بسبب من الأسباب التالية:

      *  الانتداب.

      * خارج الإطار.

      * الإحالة على الاستيداع.

      * الخدمة الوطنية.

      وعلى أساس هذا التقسيم سنتطرق للوضعيات القانونية الأساسية للموظف وحركات نقله كالآتي:

       

      أولا- حالة القيام بالخدمة:

      خص المشرع هذه الحالة بفصل كامل متكون من أربعة مواد (128 إلى 132) فتعرفها المادة 128 على أنها وضعية الموظف الذي يمارس فعليا الخدمة داخل المؤسسة أو الإدارة العمومية التي ينتمي إليها، واعتبر المشرع ضمن الأمر 06/03 بعض الحالات التي تشكل وضعية القيام بالخدمة بالرغم من أن الموظف يكون غائبا عن وظيفته ونذكر منها:

      - الموظف الموجود في عطلة سنوية.

      - الموظف الموجود في عطلة مرضية أو حادث مهني.

      - الموظفة الموجودة في عطلة أمومة.

      - المستفيد من رخصة غياب.

      - الموظف الذي تم استدعائه لمتابعة فترة تحسين المستوى أو الصيانة في إطار الاحتياط.

      - الذي تم قبوله لمتابعة فترة تحسين المستوى[79].

      أما المادة 131 من الأمر 06/03 فنجد أن القانون الجديد أدرج وضعية جديدة تتمثل في فتح باب العمل أمام الموظفين العموميين ضمن الجمعيات الوطنية المعترف بها بالصالح العام وقد حددت مدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة شريطة أن يكون الموظف متمتعا بمؤهلات ذات علاقة بموضوع الجمعية، وخلال فترة العمل هذه يمارس الموظفين مهامهم تحت سلطة مسؤول الجمعية التي وضعوا تحت تصرفها، ويستمر دفع رواتبهم من مؤسستهم أو إدارتهم الأصلية[80].

       

       

      وهكذا من خلال تحليلنا للنصوص القانونية التي أدرجها المشرع في الأمر 06/03 والمتعلقة بوضعية القيام بالخدمة نجد أن الأمر الجديد جاء ليكرس حقوق كبيرة للموظف والتحسين من أدائه وفعاليته داخل وأثناء القيام بالخدمة، وذلك بالنظر إلى اعتبار الموظف في وضعية خدمة بالرغم من غيابه وهذا ما جاء في المادة 208 و 212 و 215 التي رخص فيها القانون الجديد للموظف بالغياب وهي كالآتي:

      - متابعة دراسات ترتبط بنشاطاته لممارسته في حدود 4 أربعة ساعات في الأسبوع.

      - للقيام بمهام التدريس.

      - المشاركة في دورات المجالس التي يمارس فيها عهدة انتخابية.

      - لأداء مهام مرتبطة بالتمثيل النقابي

      - للمشاركة في التظاهرات الدولية والثقافية والرياضية.

      ومنه فالأمر 06/03 يكرس الحقوق والضمانات الدستورية المنصوص عليها لاسيما التعددية السياسية والنقابية والثقافية والتعليم وتحسين المستوى...الخ.

      ثانيا- حالة الانقطاع عن الوظيفة:

      باستقراء النصوص المنظمة للوظيفة العمومية بالجزائر، نجد اهتمام كبير بحالات انقطاع الموظف على العمل لدى إدارته ،فبالرجوع إلى الأمر 66/133 والمتضمن للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية نجد أنه صدر بشأنها مرسوم تحت رقم 66/150 مؤرخ في 02 يونيو 1966 يتعلق بنظام بعض الأوضاع الخاصة للموظفين ونظم المشرع في هذا المرسوم حالتين تتعلق الأولى بالالتحاق (الانتداب)، وتتعلق الثانية بإحالة الموظف على الاستيداع، وقد  ورد في المادة 66 من القانون رقم 78/12 والمتعلق بالقانون الأساسي العام للعامل، حالة الاستيداع مثلا التي أقرت على أن الاستيداع حالة تؤدي إلى تعليق علاقات العمل ويمكن اعتبارها امتياز وفرصة تمنحها الإدارة المستخدمة للموظف أو العامل قصد قضاء أمور شخصية.

      وهكذا فقد جاء الأمر 06/03 ليركز على هذا الجانب بسبب حساسية الوضعية التي يسببها الانقطاع عن العمل والسير العادي للمرفق العام وعليه، فتنظيم هذا الجانب من الوضعيات القانونية يكتسي أهمية كبيرة ، وعليه سنرى فيما يلي الحالات والوضعيات القانونية للموظف وهو في حالة انقطاع عن الوظيفة، وكيف نظمها الأمر 06/03 ،وهل أتى بالجديد فيما يخص ذلك ودورها في تكريس حقوق الموظفين، والتأثير على مردوديتهم وفعاليتهم على أساس أن هذه الوضعيات تعود بالفائدة الكبيرة على الموظف من حيث تحسين مستواه التعليمي والتكويني، وعلى مستوى الإدارة من جهة أخرى، إذا نظرنا بالفائدة التي تعود إليها من حيث تكوين الموظفين واكتسابهم لمهارات جديدة من خلال انتدابهم لأعمال جديدة وتمثيلهم لوظائف حكومية ووظائف سامية قد تعود بالفاعلية والمردودية على أداء الإدارة والمنفعة العامة.

      *وضعية الانتداب:

       وهي من بين الوضعيات التي تؤدي على تعليق علاقة العمل وقد نظمها الأمر 06/03 في 07 مواد ويمكننا توضيحها كما يلي:

      أ - تعريف الانتداب: عرفته المادة 133 على أنه حال الموظف الذي يوضع في خارج سلكه الأصلي أو إدارته الأصلية، مع مواصلة استفادته في هذا السلك من حقوقه في الأقدمية وفي الترقية في الدرجات وفي التقاعد في المؤسسة أو الإدارة العمومية التي ينتمي إليها.

       

      ب - الحالات التي يكون فيها الانتداب بقوة القانون: بينتها المادة 134 وهي:

      - لتمكين الموظفين من ممارسة وظيفة عضو في الحكومة.

      - لتمكين الموظفين من ممارسة عهدة انتخابية دائمة في مؤسسة وطنية أو اجتماعية     

         إقليمية.

      - لتمكين الموظفين

      -  من ممارسة وظيفة عليا في الدولة أو منصب عال في مؤسسة إدارية عمومية غير

         تلك التي ينتمي إليها.

             - لتمكين الموظفين من ممارسة ومتابعة تكوين أو تمثيل الدولة في مؤسسات أو هيئات  

              دولية.

      ج - الحالات التي يكون فيها الانتداب بطلب من الموظف نفسه:

      تبينها المادة 135 وذلك لتمكينه من ممارسة نشاطات لدى مؤسسة أو إدارة عمومية أو في رتبة غير رتبته الأصلية، وفي حالة وظائف تأطير لدى مؤسسات أو الهيئات التي تمتلك الدولة كل رأسمالها أو جزء منها أو في إطار التعاون أو لدى المؤسسات أو الهيئات الدولية.

      *الإحالة على الاستيداع:

              تعتبر هذه الحالة واحدة من الحالات التي تؤدي إلى تعليق علاقة العمل أو توقفها ، وقد وردت في قوانين عدة منها ما جاء في المادة 66 من القانون رقم 78/12 والتي أقرت على أنها حالة تؤدي إلى تعليق علاقات العمل. ويمكن اعتبارها بمثابة امتياز وفرصة تمنحها الإدارة المستخدمة للموظف أو العامل قصد قضاء أمور شخصية ، أو يفرضها القانون والتي تتطلب منه الانقطاع لفترة زمنية معينة حسبما أقره القانون وقد ورد ذكرها أيضا في المرسوم رقم 85/59 المؤرخ في 21 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية أما فيما يخص القانون رقم 06/03 فقد نظمها في الفصل الرابع من الباب السادس.

       

      / الخدمة الوطنية:

      فهي وضعية قانونية أخرى ، والتي تم ذكرها في المادة 114 من المرسوم 85/59 والمادة 154 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية 06/03 فأداء الخدمة الوطنية هو واجب يحظى باهتمام كبير من قبل الدول وخاصة المعاصرة منها ، والتي تعتمد على الجيش الاحتياطي كالجزائر وبالتالي فالفترة التي يقضيها الموظف في الخدمة الوطنية أو في إعادة تجنيده تعتبر وكأنها فترة عمل فعلي في الإدارة المستخدمة الأصلية، ففي السابق لا سيما في المرسوم 85/59 المذكور سابقا كان الموظف يوضع بمجرد التحاقه بصفوف الجيش الوطني الشعبي في وضعية الانتداب بقوة القانون لكن في الأمر 06/03 أصبحت هذه الوضعية مستقلة بحد ذاتها .

       

      4/وضعية خارج الإطار:

      تعتبر هذه الوضعية مستحدثة ضمن الأمر 06/03 حيث عرفتها المادة 140 منه على أنها :" الحالة التي يمكن أن يوضع فيها الموظف بطلب منه بعد استنفاذ حقوقه في الانتداب في إطار أحكام المادة 135 في وظيفة لا يحكمها هذا القانون الاساسي ".

      إنهاء الخدمة:

      لقد نظم المشرع الجزائري الحالات التي تنتهي بها علاقة العمل ، فنص على سبعة (07) حالات ينتج عنها إنهاء الخدمة ويفقد شاغل الوظيفة صفة الموظف تبعا لذلك والحالات السبعة التي ينتج عنها إنهاء الخدمة التامة التي نص عليها الأمر 06/03 في الباب العاشر تحت عنوان إنهاء الخدمة هي[81]:

      1.    فقدان الجنسية الجزائرية أو التجريد منها:

      إذا فقد الموظف جنسيته الأصلية أو المكتسبة لتنازله عنها سواء بإرادته أو في حالات سحبها منه، أو إسقاطها عنه ، فإنه في هذه الحالة يصبح غير أهل للاستمرار في شغل الوظيفة ، وتنتهي خدمته بقوة القانون[82].

      2. فقدان الحقوق المدنية:

      لقد اعتبر المشرع الجزائري فقدان الحقوق المدنية من الحالات التي تنتهي بسببها العلاقة الوظيفية ، وفقدان الحقوق المدنية تعتبر من العقوبات الجزائية التبعية، وقد اعتبرها المشرع من الحالات التي تفقد صفة الموظف حرصا منه على الحفاظ على هذا المركز القانوني الهام الذي يعكس صورة الدولة من خلال الأداء الوظيفي الذي يقوم به الموظف.

      3. الاستقالة المقبولة بصفة قانونية:

      تعد الاستقالة حقا من حقوق الموظف وهذا حسب نص المادة 217 من الأمر 06/03 بالإضافة إلى ذلك فهي تعد أيضا من الحالات التي ينتج عنها إنهاء الخدمة التامة، ولقبول الاستقالة يشترط أن تتوفر فيها شروط هي:

      ·        أن تكون الاستقالة في شكل طلب كتابي صادر عن الموظف ، يعلن فيها إرادته الصريحة في قطع العلاقة التي تربطه بالإدارة بصفة نهائية.

      ·                    أن يرسل الموظف طلبه الكتابي إلى السلطة المخولة لها صلاحية التعيين.

      ·                    مواصلة أداء الوظيفة إلى حين صدور قرار قبول الاستقالة وذلك احتراما لمبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد[83].

      4. العزل:

      وهو الحالة الرابعة التي يتقرر بموجبها إنهاء الخدمة وفقدان صفة الموظف، والعزل هو نتيجة لإهمال المنصب من طرف الموظف العمومي لمدة 15 يوم كاملة بدون أي مبرر أو مسوغ مقبول قانونا ، وفي هذه الحالة يفقد الموظف كل حقوقه في التعويض[84].

      5. التسريح:

      يعد التسريح أقصى الجزاءات التأديبية التي قد يتعرض لها الموظف العام، والتسريح يعد عقوبة من الدرجة الرابعة تنتهي بموجبها العلاقة الوظيفية[85]. ويفقد الموظف تبعا لذلك صفة الموظف، والتسريح يكون في غالب الأحيان نتيجة لـ:

      -       فقدان القدرة البدنية؛

      -       عدم الكفاية المهنية؛

      -       القيام بخطأ مهني خطير[86].

      6. الإحالة على التقاعد:

      والتقاعد أحد الأسباب الرئيسية لإنهاء خدمة الموظف العام بحكم القانون، وهذا عند بلوغه سن التقاعد المحددة قانونا، والإحالة على التقاعد من الحقوق المقررة قانونا للموظف العام[87]، وهذا حسب نص المادة 33 من الأمر 06/03 التي تنص على أن :"للموظف الحق في الحماية الاجتماعية والتقاعد في إطار التشريع المعمول به"

      7. الوفاة :

      طبيعيا تنتهي خدمة الموظف العام بوفاته وهي أحد الحالات التي بموجبها تنتهي الخدمة وتفقد تبعا لذلك صفة الموظف[88].

       

      وقد قرر المشرع من خلال الأمر 06/03 على أن الإنهاء التام للخدمة يكون بنفس الأشكال والإجراءات التي يتم إتباعها واعتمادها في التعيين.

       


      المطلب الثاني:

       

      حقوق وواجبات الموظف

       

      بمجرد تعيين الشخص في سلك الوظيفة العامة يصبح موظفا عاما ، وعلى أساس ذلك يتحمل التزامات وواجبات ويكتسب حقوقا[89]، ومن هذا المنطلق جاء الأمر 06/03 المنبثق من الثقافة الإدارية لدولة القانون ليوضح أن الغاية من حقوق وواجبات الموظف بوصفه موردا بشريا تقوم عليه الإدارة العامة الجزائرية، هو ضمان استمرارية المرفق العام واحترام قواعد أخلاقيات المهنة[90] ، وكذلك حرصا على استقلالية وحياد الموظف في إطار قواعد أخلاقيات المرفق العام ووضع الموظف في خدمة الدولة والجماعة فقط.

      وعليه سنتناول بالدراسة تلك الحقوق والواجبات المقررة للموظف العام في العنصرين التاليين:

      أولا: ضمانات وحقوق الموظف العام.

      ثانيا: واجبات الموظف العام.

       

      أولا: ضمانات وحقوق الموظف العام:

      1.ضمانات الموظف العام:

      لقد خص المشرع لضمانات وحقوق الموظف فصلا كاملا تحت الباب الثاني المعنون بـ ضمانات وحقوق الموظف خلافا لما كان عليه في القوانين السابقة المنظمة للوظيفة العمومية في الجزائر.

      ·                    حرية الرأي في حدود واحترام واجب التحفظ:

      ·                    عدم التمييز بين الموظفين:

      ·                    الحق النقابي والعمل السياسي:

      ·       حق الموظف في الأمن وحمايته من الاعتداء

      ·       الحماية المدنية عند الخطأ المرفقي:

      ·       حقوق الموظف العام:

       

      الحق في الراتب:

      الحق في الحماية الاجتماعية والتقاعد

       

      الحق في الخدمات الاجتماعية:

      الحق في ممارسة العمل النقابي:

       

      ممارسة حق الإضراب:

      يعتبر حق الإضراب من أهم الوسائل التي تؤثر بها النقابة على الإدارات وأرباب الأعمال وخاصة عندما تعرف الوقت المناسب للالتجاء إليه، وتحسن الالتزام بتطبيق الأحكام القانونية المنظمة له

       

      الحق في التكوين والترقية:

      لتكوين الموظف أهمية بالغة باعتبارها حافز معنوي ومادي للموظف ، فاكتساب الموظف مهارات وقدرات جديدة يجعله يتأقلم مع منصب عمله ويؤدي به إلى ثقة أكثر في النفس باعتباره عنصرا بشريا تقوم عليه الإدارة العامة لزيادة أدائه[91].

       

      الحق في العطل:

      وفي مقابل الحقوق التي يتمتع بها الموظف العام توجد التزامات وواجبات ملاقاة على عاتقه ضمانا لحسن سير الوظيفة العمومية والمرفق العام ،وقد تعرض المشرع لواجبات الموظفين في المواد من 40 -54 من الأمر 06/03 وهو ما سنتناوله في العنصر الثاني.

       

       

       

      ثانيا – واجبات الموظف العام:

       

      يخضع الموظفون لعدة التزامات وواجبات مهنية وأخلاقية منه ما هي مشتركة تنظمها أحكام القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية ، وهذه الواجبات والالتزامات تجد تبريرها في خصوصية المهام الممارسة من قبل أعوان الدولة،باعتبار عون الدولة هو قبل كل شيء في خدمة الجمهور الذي أنشأ من اجله المرفق ومنصب العمل الذي يشغله الموظف[92]،وهذه الواجبات لها جانب إيجابي يتعين عليه القيام به ، فضلا عن التزامه بالامتناع عن أعمال محظورة عليه وهو الجانب السلبي ،كما سيتضح في مايلي :

       

      واجب احترام سلطة الدولة:

      نصت المادة 40 من الأمر 06/03على وجوب احترام الموظف العام لسلطة الدولة وفرض احترامها في تأدية مهامه،ومنه فالتزام احترام الموظف لسلطة الدولة يحظى بعناية كبيرة في جميع دساتير وقوانين الدولة الجزائرية فنجد هذا الالتزام منصوص عليه في القوانين المتعلقة بتنظيم الوظيفة العمومية على وجه الخصوص .

       

      واجب الأمانة وعدم التحيز:

      جاء في المادة 41 من الأمر 06/03 بأنه : " يجب على الموظف أن يمارس مهامه بكل أمانة وبدون تحيز". والنزاهة المطلوبة في الموظف العام أي الالتزام بكافة المستلزمات الوظيفة والاتصاف بسلوك وأخلاق حسنة وعدم الخضوع إلا للقانون ولما يمليه ضميره[93].

      واجب التحلي بالسلوك الحسن:

      حرصت التشريعات على عدم قصر مسؤولية الموظف على الإخلال بواجباته في داخل نطاق الوظيفة ، إنما أخذت تتدخل في سلوكاته وتصرفاته في الحياة الخاصة والعامة لتمنع كل ما يخل بشرف وكرامة الوظيفة العامة[94]..

      واجب عدم القيام بنشاطات مربحة:

      حفاظا على نشاط الموظف وأداء عمله بدقة وكفاءة حظر المشرع في المادة 43 من الأمر 06/03 على الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر . وهذا مفاده كل النشاط المهني للمهام الإدارية المسندة إليه وليس له الحق في ممارسة أي نشاط مربح في إطار خاص مهما كان نوعه.

       

      واجب تنفيذ المهام الموكلة إليه:

      جاء في الأمر 06/03 بواجب آخر يلتزم الموظف العام به وهو تنفيذ المهام المسندة إليه مهما كانت رتبته في السلم الاداري[95].

       

      واجب الحفاظ على السر المهني:

      إن الموظفون مطالبون بالامتثال لواجب التحفظ والكتمان المهني ويجد هذا الواجب والالتزام مبرره في ضرورة ضمان صورة المرفق العام وسيره بانتظام وباضطراد[96]

      واجب حماية الوثائق الإدارية والحفاظ على ممتلكات الإدارة:

      خصص المشرع الجزائري مادة توجب على الموظف العام أن يسهر على حماية وامن الوثائق الإدارية.[97]ومنع كل إخفاء أو تحويل أو إتلاف الملفات والوثائق والمستندات،وفي حالة الإخلال بهذا الالتزام يقع تحت طائلة العقوبات التأديبية

       منع قبول الهدايا والهبات والامتيازات:.


               المطلب الثالث:

      النظـام التـأديـبي

      يعتبر التأديب الضمانة الفعالة لاحترام الموظف لواجباته الوظيفية،لأنه إذا كان الموظف المجد يكافأ على جده واجتهاده،بالحوافز المادية وغير المادية،فانه من الضروري ان يعاقب الموظف المهمل على إهماله بالعقوبة المناسبة وهذا حماية للوظيفة[98].

      فيشكل كل تخل عن الواجبات المهنية أو مساس بالانضباط،وكل خطا او مخالفة من طرف الموظف إثناء اؤ بمناسبة تأدية مهامه خطا مهنيا ويعرض مرتكبه لعقوبة تأديبية،وقد عرف الأستاذ  Delpérée العقوبات التأديبية بأنها :" ذلك الإجراء الفردي الذي تتخذه الإدارة بغية قمع المخالفة التأديبية والذي من شأنه أن يرتب نتائج سلبية على حياة الموظف العملية"[99].

      وإذا كان من المسلم به أنه لا يمكن فصل العقوبات التأديبية عن المهام الموكلة إلى الموظف العام فهذا يفرض على كل مشرع الاهتمام بالمذنب، فالعقوبة التأديبية يجب أن تسعى على تقويم الموظف المخطأ ، وفصل من لا أمل في تقويمه فالهدف الأساسي للعقوبة التأديبية هو الوقاية ولا يمكن لأي نظام تأديبي أن يصل إلى تحقيق هذا الغرض دون وجود سلم للعقوبات تختلف أهميتها باختلاف أهمية الذنب التأديبي المقترف[100] .

      إن الدراسة المقارنة لتشريعات الوظيفة العمومية تدل على وجود سلم للعقوبات التأديبية يحتوي على عقوبات مختلفة ، تتفاوت في درجات خطورتها تبعا لمخالفة التأديبية وفي حالة غياب هذا السلم كما هو الشأن في بريطانيا فإنها توضع أنظمة شبيهة له لحماية الموظف العام، والنص على العقوبات التأديبية إنما يمثل الجزاء الذي يقابل الإخلال بالواجبات الوظيفية وهذه العقوبات توقع على مرتكب الجرائم التأديبية وهي معدد على سبيل الحصر ولا يمكن تجاوزها وإيقاع عقوبة غيرها، فهي مرتبة منطقيا  بدءا من الإنذار إلى العزل[101].

      لقد أحدث الأمر 06/03 المتعلق بالقانون ألأساسي للوظيفة العمومية تغييرا فيما يخص النظام التأديبي، فقد جاء بعرض الأسباب في المشروع التمهيدي للقانون المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية :" أما بالنسبة للنظام التأديبي فسيكرس أربعة درجات للعقوبات التأديبية، وفق تدرج تسلسلي يبدأ من مجرد الإنذار إلى العزل ، كما أنه قد تم إثراء مجال العقوبات التأديبية بإضافة درجة أخرى بالنظر إلى الإطار الحالي،  من جهة أخرى تم تحديد الأخطاء المهنية والعقوبات المناسبة لها بدقة وذلك قصد حماية الموظف من أي تعسف محتمل ، مع منحه الضمانات اللازمة خلال سير الاجراءات التأديبية[102].

      وهكذا فإن المشرع الجزائري من خلال الأمر 06/03 أضاف درجة رابعة للعقوبات التأديبية بدلا من ثلاث درجات التي كانت في المرسوم رقم 85/59[103] ، فيكون بذلك المشرع الجزائري قد وضع نظام تدرجي للعقوبات التأديبية يأخذ بعين الاعتبار درجة الخطأ الذي اقترفه الموظف العام، وهذا سيستلزم حتما إقامة تناسب بين الذنب والعقوبة[104].

      وقد صنف الأمر 06/03 العقوبات التأديبية حسب جسامة الأخطاء المرتكبة إلى أربعة درجات فتضمنت الدرجة الأولى عقوبة التنبيه، الإنذار الكتابي، التوبيخ، وتضمنت الدرجة الثانية عقوبة التوقيف عن العمل من يوم (1) إلى ثلاثة (3) أيام، الشطب من قائمة التأهيل ، أما الدرجة الثالثة فقد تضمنت عقوبة التوقيف عن العمل من أربعة (4) إلى ثمانية (8) أيام، التنزيل من درجة إلى درجتين، النقل الإجباري، وجاء في الدرجة الرابعة عقوبتي التنزيل إلى الرتبة السفلى مباشرة والتسريح، هذا وقد حدد المشرع الأخطاء المهنية وصنفها إلى أربعة درجات أيضا يقابل كل درجة من الأخطاء المهنية درجة من العقوبات التأديبية، فتطبق أحد العقوبات المنصوص عليها في أحد الدرجات على أحد لأخطاء المهنية التي تقابلها في الدرجة.

      وهكذا يكون المشرع الجزائري قد قدم حماية وضمانة جديدة للموظف العام، وهذا من خلال إضافته للدرجة الرابعة في العقوبات، بالإضافة إلى تحديده وبدقة للأخطاء المهنية وذلك قصد حماية الموظف العام من كافة أشكال التعسف.

      لقد تضمن الأمر 06/03 مجموعة ضمانات تكفل حقوق الموظف العام أثناء سير الاجراءات التأديبية، فنص الأمر 06/03 على حق الموظف الذي تعرض لإجراء تأديبي أن يبلغ بالأخطاء المنسوبة إليه وأن يطلع على كامل ملفه التأديبي في أجل 15 يوم ابتداء من تحريك الدعوة التأديبية.

      كما يمكن للموظف تقديم ملاحظات كتابية أو شفوية أو استحضار الشهود. ويحق للموظف أيضا أن يستعين بمدافع مخول أو موظف يختاره بنفسه[105].

      لقد نظم الأمر 06/03 الاجراءات التأديبية تنظيما محكما قضى به على كل غموض أو تأويل، فجعل الاجراءات التأديبية من صلاحيات السلطة صاحبة التعيين، ولها أن تتخذ العقوبات التأديبية من الدرجة الأولى والثانية وهذا بعد حصولها على توضيحات كتابية من المعني، أما بخصوص العقوبات التأديبية من الدرجة الثالثة والرابعة فلها اتخاذها بقرار مبرر وهذا بعد أخذ رأي اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة ورأي هذه اللجنة  ملزم، تصدره بعد اجتماعها كمجلس تأديبي وفي أجل 45 يوم ابتداء من تاريخ إخطارها هذا بعد أن يكون قد تم إخطارها بتقرير مبرر من السلطة التي لها صلاحية التعيين في أجل لا يتعدى 45 يوم فتحسب ابتداء من تاريخ معاينة الخطأ، وهي مدة يتقادم بها الخطأ المهني، كما يحق للموظف الذي تعرض للإجراء التأديبي أن يبلغ بالأخطاء المنسوبة إليه وأن يطلع على كامل ملفه التأديبي في أجل 15 يوم ابتداءا من تحريك الدعوة التأديبية ، ويجب على الموظف المتابع تأديبيا أن يمثل أمام اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء والتي تكون قد اجتمعت كمجلس تأديبي ومثول الموظف أمام هذه اللجنة يكون شخصيا بعد أن يتم إخطاره قبل 15 يوم على الأقل بالبريد الموصى عليه مع وصل الاستلام ، ومثول الموظف المتابع تأديبيا إجباري ما لم تحول قوة قاهرة دون حدوث ذلك، هذا ويمكن للموظف في حالة تقديمه لمبرر مقبول لغيابه أن يلتمس من اللجنة المتساوية الأعضاء المختصة المجتمعة كمجلس تأديبي تمثيله من قبل مدافعه، وتستمر المتابعة التأديبية في حالة عدم حضور الموظف الذي أستدعي بطريقة قانونية ، أو في حالة رفض التبرير المقدم من قبله[106].

      تقوم اللجنة المتساوية الأعضاء بالتداول في الملف التأديبي في جلسات مغلقة وهذا بعد أن تجتمع كمجلس تأديبي وتكون قراراتها مبررة كما لها أيضا قبل البت في القضية المطروحة أن تطلب فتح تحقيق إداري من السلطة التي لها صلاحية التعيين، وبعد صدور القرار المتضمن العقوبة التأديبية يبلغ إلى الموظف المعني بالقرار وهذا في أجل لا يتعدى 8 أيام ابتداء من تاريخ اتخاذ هذا القرار ويحفظ في ملفه الاداري[107].

      هذا وحرصا من المشرع على حماية الوظيفة والمحافظة على هيبتها اقر بأنه للسلطة التي لها صلاحية التعيين أن تقوم بتوقيف الموظف عن مهامه فورا إذا كان الخطأ الذي ارتكبه خطأ جسيما يمكن أن يؤدي إلى عقوبة من الدرجة الرابعة، مع الإبقاء على نصف الراتب الرئيسي يتقاضاه الموظف الذي تم توقيفه ومجمل المنح العائلية وهذا طيلة فترة التوقيف، ويتم استرجاع الموظف لكامل حقوقه وكذا الجزء الذي خصم من راتبه في حالة ما إذا تم الحكم عليه بعقوبة أقل من عقوبات الدرجة الرابعة، أو إذا تمت تبرئته من الأعمال المنسوبة إليه وكذا في الحالة التي تتأخر فيها اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء على البت في القضية المطروحة في الآجال المحددة قانونا (45 يوما)[108].

      كما يوقف الموظف فورا في حالة متابعته جزائيا ، ويمكن أن يستفيد الموظف الموقوف خلال مدة 06 أشهر ابتداءا من تاريخ توقيفه بجزء من الراتب لا يتعدى النصف مع الإبقاء على مجمل المنح العائلية، ولا تسوى الوضعية الإدارية للموظف المتابع جزائيا إلا بعد أن يصبح الحكم المترتب على المتابعات الجزائية نهائيا، ويجوز للموظف الذي كان محل عقوبة من الدرجة الثالثة أو الرابعة أن يقدم تظلما أما لجنة الطعن المختصة في أجل أقصاه شهرا واحدا ابتداء من تاريخ تبليغ القرار المتضمن العقوبة التأديبية[109].

      أما بخصوص رد الاعتبار فقد نظر الأمر 06/03 هذه المسألة وأعطى الحق للموظف الذي كان محل عقوبة تأديبية من الدرجة الأولى والثانية أن يطلب رد الاعتبار من السلطة التي لها صلاحية التعيين وهذا بعد سنة من تاريخ اتخاذ قرار العقوبة ، وفي حالة ما إذا لم يتعرض الموظف لعقوبة جديدة يكون رد الاعتبار بقوة القانون وهذا بعد مرور سنتين من تاريخ اتخاذ قرار العقوبة، وتمحى تبعا لذلك كل آثار للعقوبة من ملف المعني في حالة رد الاعتبار[110].

       

      لقد جاء الأمر 06/03 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية كوحدة متماسكة اشتملت على تقنين شامل لجميع العناصر المنظمة للحياة المهنية للموظف بدءا بتنظيم مساره المهني وهذا من خلال تنظيم مسألة التنظيم والتربص والتسيير الاداري للمسار المهني للموظف العام وتقييم الموظف وكذا تكوينه وترقيته ومنح الأوسمة الشرفية والمكافئات والراتب ، وتنظيم أيضا الوضعيات الأساسية للموظف وحركات نقله ، وكيفية إنهاء الخدمة.

      كما تضمن الأمر مجموع الضمانات والحقوق المكفولة للموظف العام والتي تهدف في مجملها إلى تحقيق جو يساعد الموظف على الإبداع في عمله، وقابل الأمر أيضا هذه الحقوق والضمانات بمجموعة واجبات تقع على عاتق الموظف ويجب عليه احترامها.

      وقد نظم الأمر أيضا الجانب التأديبي للموظف العام من خلال تحديد الأخطاء المهنية والعقوبات التأديبية التي تقابلها، كما يبين مجموع الضمانات الممنوحة للموظف أثناء المتابعة التأديبية وبين أيضا الاجراءات الواجب إتباعها من أجل حماية الموظف من أي تعسف قد يلحق به.

      يعد الأمر من خلال اعتماده على الاساليب الحديثة في التسيير من خلال النص  على هيئات تدعم فكرة التشاور والحوار وكذا اشتماله على جميع العناصر المنظمة للحياة المهنية، يعد بذلك قد أدخل مزايا عديدة نتعرض إليها في المبحث الثالث.

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       

       



      [1] د/سليمان محمد الطماوي، قضاء التأديب،مصر ،القاهرة ،دار الفكر العربي،  ص 19.

      [2] د/نصر الدين مصباح القاضي، مجموعة رسائل دكتوراه (بدون طبعة) (بدون سنة) ص 62.

      [3] نفس المرجع، ص 69.

      راجع أيضا:د/ حماد محمد شطا:"تعريف الوظيفة العامة "،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية ،العدد03 ،سنة 1989،ص744-735.

      [4] نفس المرجع و الصفحة.

      [5] د/ بركات موسى الحواتي: تشريعات الوظيفة العامة في العالم العربي، المنظمة العربية للتنمية الإدارية ، طبعة 2007، ص 05.

      [6] د/ محمد صالح فنينيش، محاضرات في قانون الوظيفة العامة، محاضرات ألقيت على طلبة السنة الرابعة، كلية الحقوق بن عكنون، الجزائر، 2006، ص 11.

      [7]  ALAIN Plantey, traite pratique de la fonction publique, Paris 1963, page 10 et suiv.

      [8] د/أنس قاسم، مذكرات في الوظيفة العامة، طبعة 1980، د.م.ج ، الجزائر، ص 18.

      [9] /د/محمد صالح فنينيش، المرجع السابق، ص 11.

      [10] د/أنس قاسم، المرجع السابق ،ص 18.

      [11] أ/فيساح جلول، النظام القانوني للعطل في الوظيفة العامة، رسالة ماجستير ، فرع الدولة والمؤسسات العمومية، كلية الحقوق، الجزائر، 2002/2003، ص 45.

      [12] د/أنس قاسم، نفس المرجع، ص 20،21.

      [13] د/سامي جمال الدين،التنظيم الإداري للوظيفة العامة ،الإسكندرية ،دار الجامعة الجديدة للنشر،1990،ص72.

      [14] أ/فيساح جلول، المرجع السابق، ص 46.

      [15] أ/عصمت عبد الكريم خليفة، نظام الترقية في الوظيفة العمومية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، الجزائر، 1989 ، ص 31.

      [16] د/سليمان محمد الطماوي، مبادئ الإدارة العامة،مصر ،القاهرة ،دار الفكر العربي، ص 354.

        أ/عصمت عبد الكريم خليفة، المرجع السابق، ص 31.

      [17] د/سعيد مقدم، أنظمة الوظيفة العمومية وآفاقها في الجزائر في ظل العولمة، رسالة  دكتوراه ، كلية الحقوق بن عكنون، الجزائر، 2004-2005، ص 29.

      [18] د/محمد صالح فنينيش، المرجع السابق، ص 12.

      [19] د/محمد صالح فنينيش، المرجع السابق، ص 13.

      [20] د/سعيد مقدم، أنظمة الوظيفة العمومية وآفاقها في الجزائر في ظل العولمة، المرجع السابق، ص 47.

      [21] د/عبد الحميد متولي: أزمة القانون الإداري، طبعة 1955، ص 7 وما بعدها، مصر.

      [22] د/محمد صالح فنينيش، المرجع السابق، ص 13.

      [23] د/بركات موسى الحواتي، المرجع السابق، ص 05.

      [24] د/محمد أنس قاسم، المرجع السابق، ص 18.

      [25] د/سعيد مقدم، أنظمة الوظيفة العمومية وآفاقها في الجزائر في ظل العولمة، المرجع السابق، ص 19.

      المبادئ العامة التي تحكم الوظيفة العامة في عالمنا المعاصر لا تخرج عن نطاقين اثنين: فإما هي متعلقة بالأحكام الرئيسية التي يقوم عليها نظام الوظيفة العمومية في مجتمع ما، أو لتعلقها بماهية وطبيعة حقوق وواجبات الموظف في ظل هذا النظام، بمعنى أن أنظمة الوظيفة العمومية ذات البنية المفتوحة système ouvert، والوظيفة العمومية ذات البنية المغلقة système fermé وهذان النظامان يختلفان عن بعضهما البعض.

      [26] أ/جلول فيساح، المرجع السابق، ص 45.

      [27] أ/عصمت عبد الكريم خليفة، المرجع السابق، ص 35.

      [28] د/سعيد مقدم، أنظمة الوظيفة العمومية وآفاقها في الجزائر في ظل العولمة ،نفس المرجع، ص 28.

      [29]  نفس المرجع، ص 29.

      [30] أ/خرفي الهاشمي، مطبوعة الوظيفة العمومية، المدرسة العليا للقضاء، الجزائر، 2005، ص 59.

      [31] أنظر محمد فؤاد مهنا: مبادئ وأحكام القانون الإداري في ظل الاتجاهات الحديثة ص 455.مشار إليه في مطبوعة الوظيفة العمومية للأستاذ خرفي الهاشمي.

      [32] د/محمد يوسف المعداوي، المرجع السابق، ص32.

      [33] أ/مصطفى الشريف، المرجع السابق، ص 19.

      [34] Duez (Pant)et Debeyre (Guy): traite de droit administratif, Paris, 1952 , p.634 ets.         أنظرعلى سبيل المثال:

      ومشار إليه في مؤلف، د.محمد جودة الملط: المسؤولية التأديبية للموظف العام، رسالة دكتوراه جامعة القاهرة 1967، ص 07.

      د/محمد يوسف المعداوي، المرجع السابق، ص 32.

      [35] د/علي جمعة محارب، المرجع السابق، ص 78.

      [36] أ/مصطفى الشريف، المرجع السابق، ص 19.

      [37] أنظر ordonnance No 59-244, 4 fevrier 1959, code administratif, Dalloz.

      مشار إليه في كتاب د/علي جمعة محارب ، المرجع السابق ، ص 78.

      [38] د/علي جمعة محارب، نفس المرجع، ص  79.

      [39] د/سليمان الطماوي، مبادئ القانون الإداري، ج/2، القاهرة، دار الفكر العربي، ص 282.

      [40] أ/ يحي قاسم علي سهل، الضمانات الوظيفية والعقوبة التأديبية في القانون اليمني. أطروحة مقدمة لنيل درجة الماجستير في القانون سنة 1998، ص 08.

      [41] د/محمد يوسف المعداوي، المرجع السابق، ص 32

      [42] د/ علي جمعة محارب، المرجع السابق، ص 85.

      [43] أ/ مصطفى الشريف، المرجع السابق، ص 14،15.

      [44] أ/ مصطفى الشريف، المرجع السابق، ص 15.

        -د/ محمد حامد الجمل، المرجع السابق، ص 53.

      [45] د/ علي جمعة محارب، المرجع السابق، ص 86.

      [46] أ/ مصطفى الشريف، المرجع السابق، ص 15.

        

      [47] د/علي جمعة محارب، نفس المرجع ، ص 86.

      [48] أ/ سعيداني سميرة، المرجع السابق، ص 17.

      [49] MISOUM SBIH: la fonction publique-hachette, Paris 1968, p 13.

      [50] د/محمد يوسف المعداوي، المرجع السابق، ص 35.

      [51] الأمر 66/133 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية المؤرخ في 02/06/1966، ج ر: عدد 46.

      [52] Remili (A), les tinstitations administratives algerienne, (S.N.E.D) 2eed 1973 , p 192.

      مأخوذ من د/محمد يوسف المعداوي، المرجع السابق، ص 35.

      [53] دستور سنة 1989 الصادر في 28 فبراير 1989،  ج ر، رقم 09، الصادرة في 28 فبراير 1989.

      [54] أ/سعيداني سميرة، المرجع السابق، ص 13.

      [55] أ/مصطفى الشريف، المرجع السابق ، ص 20.

      [56] القانون رقم 75/58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم.

      [57] د/عوابدي عمار، الأساس القانوني لمسؤولية الإدارة عن أعمال موظفيها، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر ، 1989، ص 42.

      [58] نص المادة 1 من الأمر 66/133 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية ، ج ر عدد 46.

      [59] أ/سعيداني سميرة، المرجع السابق، ص 23.

      [60] د/عبد القادر الشيخلي، النظام القانوني للجزاء التأديبي، الأردن، عمان، دار الفكر للنشر والتوزيع، 1983،  147.

      [61] د/عبد القادر الشيخلي، المرجع السابق، ص 61.

      [62] الأمر رقم 06/03 المؤرخ في 19 جمادى الثانية عام 1427 الموافق لـ 15 يوليو سنة 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية ج ر رقم 46.

       [63]المادة 22 من الأمر 06/03.

       [64]مرسوم تنفيذي رقم 07 /308، صادر بتاريخ:29/09/2007، يحدد كيفيات توظيف الأعوان المتعاقدين وحقوقهم وواجباتهم والعناصر المشكلة لرواتبهم والقواعد المتعلقة بتسييرهم وكذا النظام التأديبي المطبق عليهم، ج ر عدد 61 صادرة في 30 سبتمبر 2007 .

      [65] إن مناصب الحفظ أو الصيانة أو الخدمات بعد صدور ألأمر 06/03 أصبحوا خاضعين لنظام التعاقد، حيث يرتبط العون بعقد مع الإدارة غالبا ما تحدد مدته بسنة كاملة قابلة للتجديد ولكن هذا لا يعني أن الإدارة حرة في اختيار الأعوان لشغل المناصب المذكورة في المادة 19 من القانون السابق ذكره ولكن يتعين عليها القيام بمسابقة لفائدة الأشخاص الذين يريدون الالتحاق بهذه المناصب، وعند تعيين الفائزين في المسابقة فإن شغلهم المناصب يكون عن طريق عقد يمكن للإدارة إنهائه عندما لا ترى أي جدوى من استمراره.

       

      [66] المشروع التمهيدي، مرجع سابق، ص 08.

      [67] المادة 63 من الأمر المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.

      [68] المادة 64، نفس الأمر

      [69] المادة 70 من الأمر 06/032.

      [70] عمر بايو، مداخلة حول المساواة للالتحاق بالوظائف العمومية، رئيس مفتشية الوظيف العمومي لولاية الجزائر، ص 2، ملتقى يومي 29 و30 ماي 2000، مكتبة الحامة ، الجزائر.

      [71] نفس المرجع، ص 3.

      [72] عمر بايو، نفس المرجع، ص 06.

      [73] نفس المرجع، ص 06.

      [74] نفس المرجع، ص 08.

      [75] نفس المرجع، ص 09.

      [76] نفس المرجع والصفحة.

      [77] المرسوم التنفيذي رقم 08/04 مؤرخ في 11 محرم 1429 الموافق لـ 19 يناير 2008 يتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك المشتركة في المؤسسات والإدارات العمومية.

      [78] المادة 08 من الأمر 06/03.

      [79] المادة 129 من الأمر 06/03.

      [80] المادة 131 نفس المرجع.

      [81] أنظر المادة 216 من الأمر 06/03.

      [82] د/ مازن ليلو راضي، المرجع السابق ، ص 310.

      [83] نفس المرجع ، ص 307-308.

      [84] د/يحي قاسم علي سهل، فصل الموظف العام، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه دولة في القانون، إدارة مالية، كلية الحقوق ، جامعة الجزائر، 2004-2005، ص 118.

      [85] أنظر المادة 163 من الأمر 06/03.

      [86] أنظر المادة 181 من نفس الأمر.

      [87] د/مازن ليلو راضي، المرجع السابق، 307.

      [88] نفس المرجع، ص 311.

      [89] د/محمد أنس قاسم، المرجع السابق، ص 169.

      [90] بيان عرض الأسباب من المشروع التمهيدي لقانون الوظيفة العامة، ص 9.

      [91] مسوس زينب، سياسة تكوين الموظف الاداري في التشريع الجزائري، مذكر ماجستير ، فرع ادارة ومالية، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، 2003، ص 37،38.

      [92] سعيد مقدم ،أخلاقيات الوظيفة العمومية ، المرجع السابق ،ص 47.

      [93] د/محمد الصالح فنينيش، المرجع السابق، ص 37.

      [94] د/مازن ليلو راضي، المرجع السابق، ص  270.

      [95] د/ عمار عوابدي، فكرة السلطة الرئاسية ومظاهرها في الادارة العامة الحديثة، أطروحة دكتوراه، معهد العلوم القانونية والسياسية والادارية، جامعة الجزائر، 1978 ، ص  447.

      [96] د/سعيد مقدم، أخلاقيات الوظيفة العامة، مرجع سابق ، ص 59.

      [97] انظر المادة 49 من الامر 06/03

      [98] د/محمد انس قاسم،المرجع السابق،ص 202 .

      [99] د/كمال رحماوي ، المرجع السابق، ص 88.

      [100] نفس المرجع والصفحة،

      [101] Luc Rouban, la fonction publique, 2 eme Edition, La Decouvert, Paris, 2004, p 23.

      [102] مصالح رئيس الحكومة ، المديرية العامة للوظيفة العمومية.

      [103] أنظر المادة 124 من المرسوم رقم 85/59.

      [104] د/كمال رحماوي، المرجع السابق، ص 90.

      [105] أنظر المواد 167 و 169 من الأمر 06/03.

      [106] أنظر المواد 165، 169 من نفس الأمر.

      [107] أنظر المواد 170، 172 من نفس الأمر.

      [108] أنظر المادة 173 من الأمر 06/03.

      [109] أنظر المادتين 174، 175 من نفس الأمر.

      [110] أنظر المادة 176 من نفس الأمر.