Aperçu des sections

  • المحاضرة الأولى: مدخل إلى حرية التعبير

     

    •  

      1/مـاهية حـرية التـعبيـر

      يجدر بنا بداية وقبل الخوض في جرائم الصحافة أن نعرف حرية التعبير، التي هي محور جرائم الإعلام بصفة عامة

      تعـريف حـريـة التـعبيـر

      تعددت التعريفات التي أعطيت لحرية التعبير إلا أنها، في نهاية المطاف، تصب في مصب واحد، فهي حرية الإنسان في تكوين الآراء و اعتناق ما يشاء منها والإعراب عنها بالطريقة التي يراها في حدود ما يسمح به القانون دون خوف أو وجل من أن يصيبه من السلطة الحاكمة أي مكروه.

      يمكن القول أن عبارة " حرية التعبير " تتضمن فكرتين أو معنيين : حرية و  تعبير

      فالحرية لغة، هي القدرة على الاختيار الحر، و هي القدرة على أن يفعل الإنسان ما يشاء و كيف يشاء. أما قانونا، فهي التزام السلطة بعدم التعرض للأفراد في مجالات معينة و محددة، و تلتزم كذلك بحماية الأفراد في ممارسة حقوقهم في هذا المجال.

      و التعبير لغة، اسم مشتق من الفعل عبر، فيقال عبر الرجل عما في نفسه: أعرب و بين بالكلام، و عبر عن كذا: تكلم.

      و عليه فإن حرية التعبير هي قدرة الفرد على إبداء أرائه و أفكاره في شتى مناحي الحياة الفكرية و الاعتقادية و السياسية و الاجتماعية و الفنية...الخ دون أن تتعرض له السلطة بأذى أو مكروه يصيب بدنه أو ماله، بل إن واجبها هو أن تكفل له هذه الحرية.

      إن إدلاء الفرد برأيه  قد يكون صراحة أو بالاقتراع العام أو التصويت، وقد يكون شفاهة أو كتابة، شعرا أو نثرا، في كتاب أو صحيفة... و هذا ما يدل على أن حرية التعبير يجب أن تؤخذ بالمفهوم الواسع، فتمتد لتشمل ميادين عديدة و وسائل شتى.

      2/خـصـائص حرية التعبير:

      يمكن إجمال خصائص حرية التعبير في خاصيتين هامتين، هما:

      أنها حرية جوهرية باعتبارها أصلا لحريات أخرى، و أنها حرية ذات معنيين: سلبي و إيجابي.

      أ-حـريـة جوهـريـة: كونها أساس لحريات أخرى، ذلك أن حريات الفكر جميعا تنبثق من حرية الرأي و التعبير ، فحرية الصحافة مثلا، هي إحدى تطبيقات حرية الرأي والتعبير عنه، لأن الرأي قد يبدى في جريدة أو يعرض مصورا أو مذاعا.

      بـ-حـريـة ذات معنيين: سلبي و ايجابي:لحرية التعبير معنيان مختلفان و متعاكسان، حيث يمكن أن نجد لها معنى سلبيا و أخر ايجابيا.

      أولا: المعنى السلبي: و مؤداه انه لا خوف على شخص أو لا ينبغي لشخص أن يخشى شيئا بسبب اعتناقه رأيا أو آراء معينة، أي أن واجب السلطة هو مقابلة هذه الآراء بموقف سلبي يحمل معنى اللامبالاة، فلا تعرض له بأذى في شخصه أو ماله أو منصبه.

      ثـانيـا  المعنى الإيجابي: إذا كان المعنى السلبي المذكور سابقا يفرض مقابلة رأي الفرد بعدم اكتراث أو بنوع من اللامبالاة من طرف السلطة أو غيرها، فإن المعنى الإيجابي يكون عكس ذلك، إذ ينبغي مقابلة رأي أي شخص بسلوك إيجابي يتجسد في احترام ذالك الرأي وتقديره. بمعنى أن الرأي- حسب هذا المفهوم الإيجابي- سيؤخذ بعين الاعتبار احتراما له و كفالة للتعبير عنه حتى لا تمس هذه الحرية بأي أذى

      3/مـجـالات حرية التعبير:

      نقصد بمجالات حرية التعبير الميادين التي نجد فيها تطبيقات حية لممارسة حرية الرأي و التعبير عنه، فتكون عندئذ بمثابة مظاهر لها رغم كونها حقوقا و حريات مستقلة عنها، ولحرية التعبير ثلاث مجالات نتناولها على النحو التالي

      أولا: في المجـال السيـاسي

      المقصود بالمجال السياسي هو مجال الحقوق السياسية التي تتعلق مباشرة بمباشرة السلطة في المجتمع. و يمكن إبراز مظهرين لحرية التعبير من خلال حقين سياسيين مقررين بدستور 1996، هما: حق إنشاء الأحزاب و حق الانتخاب.

      1/ حـق إنشـاء الأحـزاب:هناك عدة تعريفات للحزب السياسي، و لعل أشملها هو التعريف الذي يصف الحزب على أنه" تنظيم يضم مجموعة من الأفراد تدين بنفس الرؤية، و ذلك بالعمل في آن واحد على ضم عدد أكبر من المواطنين في صفوفهم، و على تولي الحكم، أو على الأقل التأثير على قرارات السلطة الحاكمة ".

      و ورد النص على حق إنشاء الأحزاب في المادة 42 من دستور 1996، حيث جاء فيها: " حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به و مضمون ".

      2/ حـق الانتخـاب: إن الانتخاب هو الوسيلة الوحيدة لاختيار الحاكم اختيارا حرا، و هو الوسيلة الطبيعية و المشروعة لذلك. و قد ورد في المادة 50 من دستور 1996 أنه: " لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية أن ينتخب و ينتخب ".

      و الانتخاب، ليس مجرد رمي ورقة في صندوق، بل تعبير  صريح من الناخب عن انتمائه لفكرة أو مذهب سياسي و عن إيمانه بقناعة سياسية معينة. كما أن الانتخاب لو تم في جو تنافسي تعددي يتسم بالشفافية، فإن ذلك يعني أن مستوى حرية الرأي و التعبير عنه في تصاعد مستمر.

      ثانيا:في المجـال الاجتمـاعي و الاقتصـادي

      يمكن أن نجد في المجال الاجتماعي و الاقتصادي صورتين تجسدان حرية التعبير فيه، الأولى تتعلق بالحق النقابي و الثانية تتعلق بالحق في الإضراب.

      1/ الحـق النـقـابي: جاء النص على الحق النقابي بصورة مطلقة في دستور 1996 ) و قبله دستور 1989(، فنصت المادة 56 منه على أن: " الحق النقابي معترف به لجميع المواطنين".،  وقبله فصلت فيه القوانين لحدود هذا الحق و آليات ممارسته. فنصت المادة 5 من القانون رقم 90-11 المتعلق بعلاقات العمل على انه: " يتمتع العمال بالحقوق الأساسية التالية: ممارسة الحق النقابي"، ثم صدر القانون رقم 90-14 المؤرخ في 06 جوان 1990 يتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي.

      2/ الحق فـي الإضـراب: كرس دستور 1996 الحق في الإضراب، و ذلك بالنص عليه في المادة 57 منه، حيث جاء فيها أن : " الحق في الإضراب معترف به و يمارس في إطار القانون ".  ونص عليه كذلك في المادة 5 من قانون العمل رقم 90-11 (: " يتمتع العمال بالحقوق الأساسية التالية:..اللجوء إلى الإضراب". ثم  نص عليه تفصيلا القانون رقم 90-02 المؤرخ في 06 فيفري 1990 يتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها و ممارسة حق الإضراب.

      ثالثا: فـي المجـال الإعلامـي: تعد الصحافة إحدى الشرايين الهامة التي يتغذى منها الرأي العام، إذ أنها أهم وسائل إعلامه بما يدور حوله من أحداث محلية أو دولية، عملية أو ثقافية، سياسية،       أو فنية... و بالتالي فهي سنده في تكوين رأيه و وسيلته أيضا للتعبير عن رأيه.

      تؤدي الصحافة دورها و رسالتها بجدية و كفاءة إذا تمتعت بقدر من الحرية، و حرية الصحافة ليست مرادفا لحرية التعبير، كما يعتقده الكثيرون. ذلك أن حرية الصحافة لا تعدو أن تكون امتدادا لحرية الفكر، و ممارسة هذه الحرية أي التعبير عنها، هي التي تعرف بحرية الرأي، وحرية الصحافة إحدى مجالاتها

      إن الصحافة ضرورة تربوية و حضارية و تعد أداة رقابة تكشف انحرافات الفرد و في الوقت نفسه تقوم برقابة ما تقوم به السلطات من أعمال و تكشف سلبيات القرارات المتخذة و ما يعتريها من عيوب عند تنفيذها. و لذلك لم يخطئ من وصفها بأنها السلطة الرابعة في الدولة أو صاحبة الجلالة.

      على أن ممارسة الصحافة لا بد أن تخضع للقوانين التي تنظمها، و كذا احترام الحدود و الضوابط المرسومة لها قانونا، فإن جانبت ذلك وقعت تحت طائلة الجريمة الصحفية و تعرض مرتكبها للعقوبات الجزائية المقررة في قانون العقوبات و في قانون الإعلام وبعض القوانين الخاصة الأخرى التي أوردت جرائم نشر

       


  • Section 2

  • Section 3

  • Section 4

  • Section 5