مخطط الموضوع

  • الدرس الأول

    • مقدمة:

       قانون الأسرة الجزائري صدر يوم 09 رمضان عام 1404 الموافق لـ 09 يونيو 1984 بموجب القانون رقم 84-11  ، والذي تم تعديله  بتاريخ 18 محرم عام 1426 الموافق 27 فبراير سنة 2005 بموجب الأمر رقم 05-02 .

           وقد تضمن  قانون الأسرة الجزائري  مجموعة من الموضوعات  في أربعة كتب، كل كتاب مقسم إلى أبواب وفصول ، في الكتاب الأول منه نظم الزواج وانحلاله ( خطبة ، شروط الزواج وأركانه ، حقوق الزوجين ، وإثبات عقد الزواج وموانعه ، حقوق الزوجين ، إثبات النسب ، كما تناول انحلال الرابطة الزوجية بالطلاق والتطليق والخلع والطلاق بالتراضي والآثار المترتبة على انحلال الزواج من عدة ونفقة وحضانة  )

      في الكتاب الثاني نظم النيابة الشرعية (الولاية ، الوصاية ، التقديم ...)، والكتاب الثالث نظم أحكام الميراث ، أما في الكتاب الرابع فقد تضمن  عقود التبرع (وصية ، هبة، وقف ).

         أما بالنسبة لمصادر قانون الأسرة ،  مثله مثل أي قانون آخر ، فإن لقانون الأسرة مصادر مادية ومصادر رسمية  ، وعليه سنتناول المصادر المادية لقانون الأسرة  الجزائري ثم المصادر الرسمية لقانون الأسرة.


  • الدرس الثاني

    • أولا المصادر المادية لقانون الأسرة :

             المصادر المادية لقانون الأسرة هي المادة الأولية التي استمد منها المشرع أو السلطة التشريعية نصوص قانون الأسرة الجزائري،  كما هو معلوم أن قانون الأسرة الجزائري صدر أول مرة بموجب القانون رقم 84-11 المؤرخ في  09 رمضان عام 1404 الموافق لـ 09 يونيو 1984  ، و تم تعديله  بموجب الأمر رقم 05-02 المؤرخ في  18 محرم عام 1426 الموافق 27 فبراير سنة 2005، وعلى هذا الأساس سنحاول أن نبين أهم المصادر المادية للقانون رقم 84-11 الصادر سنة 1984 ، ثم نبين المصادر المادية للأمر رقم 05-02 الصادر سنة 2005 .

      1 -  المصادر المادية للقانون رقم 84-11 المتضمن قانون الأسرة الجزائري:  

           عندما صدر القانون رقم 84-11 بتاريخ  09 رمضان عام 1404 الموافق لـ 09 يونيو 1984 المتضمن قانون الأسرة الجزائري قبل تعديله ، كانت جل أحكامه مستمدة من الشريعة الإسلامية على مختلف مذاهبها باستثناء بعض النصوص القليلة جدا التي تأثر فيها بالقوانين الغربية .

             فالمتأمل لمختلف أحكام قانون الأسرة يلاحظ أنها مستمدة من القرآن الكريم و السنة والإجماع والقياس والعرف والمصالح المرسلة وغيرها من المصادر المعتمدة في الشريعة الإسلامية ، مستندا إلى ما قرره الفقهاء المسلمون في كتبهم  من أحكام ، كما يلاحظ أن المشرع تأثر بشكل كبير بالمذهب المالكي بحكم أنه المذهب المنتشر في بلدان المغرب العربي ، غير أنه خرج عن المذهب المالكي في بعض المسائل الفقهية وأخذ بالمذهب الحنفي والشافعي والحنبلي ، وأخذ كذلك بالمذهب الظاهري  ، كما استعمل طريقة التلفيق في بعض المسائل ، والتلفيق هو ضم أو جمع قول مذهبين فأكثر في مسألة واحدة  ، كأن يأخذ بعض شروط  المسألة من مذهب والشروط الأخرى من مذهب آخر ، بحيث يخرج بحكم مركب من مذهبين أو أكثر في مسألة بكيفية لا يقول بها واحد منهم .  

            إذا نظرنا إلى مسائل الميراث فنلاحظ أنه  أخذ أنصبة الورثة وكيفية الإرث من القرآن الكريم و السنة النبوية والإجماع  وهو ما نراه في المواد:144 إلى151 من قانون الأسرة الجزائري ونفس الشيء بالنسبة لأسباب الإرث المتمثلة في القرابة والزوجية وشروط الميراث، وفيما بتعلق بميراث الجد مع الإخوة الأشقاء أو لأب فقد أخذ برأي الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، حيث أنّ الحنفية يرون أنّ الجد لأب يحجب الإخوة الأشقاء ولأب شأنه في هذا شأن الأب.

               فيما يتعلق بالمادة 74  من قانون الأسرة الجزائري  التي جاء فيها أن الزوجة تستحق النفقة بالدخول بها أو دعوتها إلى الدخول  استمده من الشريعة الإسلامية أخذا برأي المالكية، وكذلك تكييفه للخطبة على أنها وعد بالزواج غير ملزم فقد استمده من الشريعة الإسلامية أخذا برأي الجمهور من الفقهاء.

            رغم أن المشرع استمد جل أحكامه من الشريعة الإسلامية ، غير أنه خالف أحكام الشريعة الإسلامية في بعضها ،  ومن  المسائل التي خالف فيها أحكام الشريعة الإسلامية نذكر بعضا منها  : 

      - المادة 72: (عدلت بالأمر رقم 05-02) " في حالة الطلاق، يجب على الأب أن يوفر لممارسة الحضانة سكنا ملائما للحاضنة، وإن تعذر ذلك فعليه دفع بدل الإيجار.

      وتبقى الحاضنة في بيت الزوجية حتى تنفيذ الأب للحكم القضائي المتعلق بالسكن". 

            فبقاء المطلقة في مسكن الزوجية إلى غاية تنفيذ المطلق للحكم المتضمن توفير مسكن لممارسة الحضانة مخالف للشرع ،حيث أنه بعد انقضاء العدة تصبح المطلقة أجنبية لا يجوز لها البقاء معه .

      - المادة 11: (عدلت بالأمر رقم 05-02) " تعقد المرأة الراشدة زواجها بحضور وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص آخر تختاره دون الإخلال بأحكام المادة (7) من هذا القانون،

      يتولى زواج القصر أولياؤهم وهم الأب، فأحد الأقارب الأولين والقاضي ولي من لا ولي له" .  حيث أنه بمقتضى هذه المادة للمرأة الحق في  أن تختار أي شخص يكون وليا لها حتى لو كان أجنبيا،   سواء كان جارها أو زميلها في العمل واي شخص تصادفه في الطريق ليكون وليها   "  ... ولي المرأة هو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص آخر تختاره " فلم يقل أحد من علماء فقهاء الإسلام أن ولي المرأة  :أو أي شخص تختاره .

      - المادة 8: (عدلت بالأمر رقم 05-02) " يسمح بالزواج بأكثر من زوجة واحدة في حدود الشريعة الإسلامية متى وجد المبرر الشرعي وتوفرت شروط ونية العدل.

      يجب على الزوج إخبار الزوجة السابقة والمرأة التي يقبل على الزواج بها وأن يقدم طلب الترخيص بالزواج إلى رئيس المحكمة لمكان مسكن الزوجية.

      يمكن رئيس المحكمة أن يرخص بالزواج الجديد، إذا تأكد من موافقتهما وأثبت الزوج المبرر الشرعي وقدرته على توفير العدل والشروط الضرورية للحياة الزوجية".

           فتقييد حق التعدد بترخيص من رئيس المحكمة بعد موافقة الزوجة السابقة والزوجة اللاحقة  ، مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية ، فالله جل وعلا  أجاز الزواج بالثانية دون حاجة لموافقة القاضي أو الحاكم أو موافقة الزوجتين ولم يقل أحد من الفقهاء المسلمون بذلك.

      - المادة 49/1: (عدلت بالأمر رقم 05-02) "لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولات صلح يجريها القاضي دون أن تتجاوز مدته ثلاثة (3) أشهر ابتداء من تاريخ رفع الدعوى."

      المادة 50: "من راجع زوجته أثناء محاولة الصلح لا يحتاج إلى عقد جديد، ومن راجعها بعد صدور الحكم بالطلاق يحتاج على عقد جديد".
          في الشريعة الإسلامية الطلاق يقع من وقت تلفظ الزوج به وتبدأ المرأة عدتها من وقت تلفظ الزوج بالطلاق ، فإن راجعها قبل انقضاء عدتها لا يحتاج إلى عقد جديد ، أما إذا انقضت عدتها فيتحاج إلى عقد ومهر جديدين  ، أما في قانون الأسرة فإن الطلاق  لا يثبت إلا بحكم قضائي ونص على أن من راجع زوجته قبل صدور حكم الطلاق لا يحتاج إلى عقد جديد ومن راجعها بعد صدور حكم الطلاق، فلابد له من عقد جديد ، وهذا يتنافى مع الشرع فقد تنقضي عدتها قبل صدور الحكم وتصبح أجنبية عنه، ومن ثم فلابد له من عقد جديد في الشريعة الإسلامية إذا ما نقضت عدتها  ، عكس ما ذهب إليه المشرع الجزائري الذي ربط حق المراجعة بصدور حكم وليس بانقضاء العدة.  

       

      - ألغى المادة 39 من القانون رقم 84-11 المتضمن قانون الأسرة بالأمر رقم07-02  المتضمن تعديل قانون الأسرة ، والمتضمن طاعة المرأة لزوجها  .

      - جل الأعمار  المشترطة  في قانون الأسرة  مثل سن أهلية الزواج و سن أداء الشهادة أو الوصاية أو الوصية أو الولاية ... مخالفة لما هو مقرر في الفقه الإسلامي  ، ففي الشريعة الإسلامية  يشترط في الشخص العقل والبلوغ ،  فبمجرد أن  تظهر  عليه علامات البلوغ يصبح الشخص ذا أهلية كاملة في تحمل الشهادة والوصاية أو الولاية واي تصرف آخر ، و البلوغ يكون بظهور علامات البلوغ ويكون أقل من 19 سنة بكثير، حيث يلاحظ أن  قانون الأسرة  حدد سن الأهلية  ب19 سنة عكس ما هو مقرر في الشريعة الإسلامية  ، ففي الشريعة بمجرد البلوغ يصبح مكلفا بالأحكام الشرعية ، عكس القانون الذي يعتبره مازال طفلا متأثر بالقوانين الغربية .

      2  -  المصادر المادية للأمر رقم 05-02 المتضمن تعديل قانون الأسرة الجزائري:

          صدر الأمر  05-02  بتاريخ 18 محرم عام 1426 الموافق 27 فبراير سنة 2005  في الجريدة الرسمية قبل أن يمر على البرلمان للنقاش والإثراء، لأن السلطة في ذلك الوقت كانت تعلم المعارضة الشديدة للشعب ونواب البرلمان لأحكام هذا التعديل ، ولم تكن تريد أن يمس تلك النصوص التي تريد إصدارها أي تعديل من طرف نواب البرلمان، فأصدر الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة القانون على شكل أمر ونشر في الجريدة الرسمية وصار ساري المفعول بنشره في الجريدة الرسمية  في العطلة بين دورتي البرلمان ، وبعد أن صار ساري المفعول تم عرضه على البرلمان  للمصادقة على الأمر من طرفهم .

          من باب الإفادة في التمييز بين القانون والأمر ، أن القانون يتم مناقشة نصوصه مادة بمادة والمصادقة على مواده مادة مادة من طرف نواب البرلمان ثم يصدره رئيس الجمهورية في الجريدة الرسمية ، أما الأمر فيتم إصداره أولا من طرف رئيس الجمهورية  في الجريدة الرسمية ويصبح ساري المفعول ثم يتم  عرضه على نواب البرلمان للمصادقة عليه ، حيث يتم عرض  القانون كاملا للمصادقة بنعم أولا دون التعرض لمواده بالتعديل أو التغيير، لذلك اختارت السلطة في ذلك الوقت تمرير التعديل على شكل أمر وليس قانون حتى تضمن عدم إحداث أي تغيير لمواده من طرف نواب البرلمان.

        يلاحظ أن المشرع في تعديله لقانون الأسرة سنة 2005 تأثر باتفاقية "سيدو" وهي معاهدة دولية تعرف اختصارا بـ"سيداو" وهي  اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، اعتمدت في 18 ديسمبر 1979 من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، وترمي  للمساواة التامة بين المرأة والرجل ،وقد كانت تعديل قانون الأسرة لسنة 2005 مستوحى من هذه الاتفاقية ، والتي فرضت على الشعب فرضا .

            فمن مظاهر تأثر المشرع باتفاقية سيدو  التي ترمي إلى المساواة التامة بين المرأة والرجل  في  الأمر رقم 05-02 المتضمن تعديل قانون الأسرة ما يلي :

      توسيع حق المرأة في فك الرابطة الزوجية بالتطليق أو الخلع ففي التطليق زاد في أسباب التطليق فصارت عشرة بعد أن كانت سبعة أسباب  قبل التعديل ، أما الخلع فزاد المشرع عبارة " دون موافقة الزوج "  عكس النص القديم الذي لم تكن فيه عبارة " دون موافقة الزوج " ،  فصارت مساوية للزوج في فك الرابط الزوجية ،هو يطلق وهي لها الخلع  دون موافقته .

      إلغاء مبدأ  طاعة المرأة لزوجها بإلغاء نص  المادة 39 من قانون الأسرة

      لم تعد المرأة بحاجة إلى موافقة أبيها على الزواج ، فصار وجوده شكليا يحضر فقط  مثله مثل الشاهد ، فإن رفض أحضرت أي شخص  تختاره ليكون كالشاهد وتعقد زواجها  ، فالنص القديم كان على النحو التالي " يتولى زواج المرأة وليها وهو أبوها فأحد أقاربها الأولين والقاضي ولي من لا ولي له". فالولي هو من يتولى زواج ابنته في النص القديم وهو المنصوص عنه شرعا ،أما في النص الحالي فهي تعقد زواجها بنفسها ،أما الولي فلا يزوجها بل يكون حاضرا فقط ، " تعقد المرأة الراشدة زواجها بحضور وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص آخر تختاره..."


  • الدرس الثالث

    • المطلب الثاني: مصادر قانون الأسرة الجزائري

      ثانيا  المصادر الرسمية لقانون الأسرة الجزائري:

            يقصد بالمصادر الرسمية هي تلك المصادر التي يتعين على القاضي الرجوع إليها عند فصله في النزاعات المعروضة عليه ،  وقضاء الأحوال الشخصية في الجزائر مر بعدة مراحل ، مرحلة ما قبل الاستعمار ومرحلة الاحتلال ومرحلة ما بعد الاستقلال.

      1 – مرحلة ما قبل الاستعمار :

          كان القضاة قبل الاحتلال الفرنسي يطبقون  أحكام الشريعة الإسلامية في مختلف القضايا بما فيها قضايا  الأحوال الشخصية ، وكان المذهب المالكي هو السائد منذ القدم،  كما كانت هناك بعض مناطق تطبق المذهب الحنفي ومناطق تطبق المذهب الإباضي  مثل غرداية .

       وكان القضاة  فقهاء مجتهدون فاذا لم يجد القاضي الحكم اجتهد وفق ضوابط الاجتهاد المقررة في الفقه الإسلامي .

      2  - أثناء فترة الاحتلال الفرنسي:

      خلال فترة الاحتلال الفرنسي ، حاول الاستعمار الفرنسي إلى إخضاع الجزائريين  للقوانين الفرنسية من خلال تضييق مجال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، فقام بإصدار قانون في 2/5/ 1930 ينظم الخطبة وسن الزواج،  وكذلك المرسوم المؤرخ في 19/ 5/ 1931م المتعلق بالحالة القانونية للمرأة الجزائرية،  كما وضع القانون رقم: 57/ 778 الصادر في 11/07/ 1957م المتعلق بالولاية والحجر والغياب والفقدان، ثم الأمر رقم: 59/ 274 الصادر في 4/2/ 1959م المتعلق بـتنظيم الزواج والطلاق وتحديد سن الزواج  ، غير أن الجزائريين بحكم انتمائهم الإسلامي بقوا متمسكين بأحكام الشريعة الإسلامية في ما يتعلق بالزواج والطلاق والميراث.

      3   - مرحلة ما بعد الاستقلال   

          في مرحلة ما بعد الاستقلال نميز بين مرحلتين :

      أ - مرحلة ما قبل صدور القانون رقم 84-11 المتضمن قانون الأسرة :

      تأخر صدور قانون الأسرة إلى غاية سنة 1984  وقبل صدور القانون رقم 84-11 المتضمن قانون الأسرة أصدر المشرع الجزائري عدة تشريعات جلها يدور حول الإجراءات الإدارية لتسجيل الزواج وإثباته ، في 29 جوان  1966 أصدر المشرع  القانون المتعلق بتنظيم سن الزواج وإثبات العلاقة الزوجية، و في 22 سبتمبر 1971 أوامر خاصة بكيفية إثبات الزواج.

            خلال هذه الفترة أي قبل صدور قانون الأسرة الحالي كان القضاة يطبقون أحكام الشريعة الإسلامية ويرجعون إلى كتب الفقه المالكي عند فصلهم في القضايا المعروضة عليهم ، لذلك تجد أن القاضي خلال تلك الفترة يستدل في أحكامه  بالآيات والاحاديث النبوية وأقوال  الفقهاء المالكية في أحكامهم ،هذا في الجانب الموضوعي ، أما في الجوانب الإجرائية فكانوا يطبقون الأحكام المنصوص عنها في  الأمر رقم 66-154 مؤرخة في 09 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية، ومختلف النصوص المتعلق بالحالة المدنية وإثبات الزواج.

      ب  - بعد  صدور القانون رقم 84-11 المتضمن قانون الأسرة

            بعد صدور القانون رقم 84-11 المؤرخ في   09 رمضان عام 1404 الموافق لـ 09 يونيو 1984 المتضمن قانون الأسرة صار هو المصدر الرسمي لقضايا شؤون الأسرة ، حيث  نصت المادة الأولى منه  على ما يلي " تخضع جميع العلاقات بين أفراد الأسرة لأحكام هذا القانون"

      المادة 221 " يطبق هذا القانون على كل المواطنين الجزائريين وعلى غيرهم من المقيمين بالجزائر مع مراعاة الأحكام الواردة في القانون المدني".

      المادة 222 " كل ما لم يرد النص عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة الإسلامية".

            يستفاد من المواد السالفة الذكر أن القانون رقم 84-11 هو المصدر الرسمي الأصلي لقضايا شؤون الأسرة ، وتطبق أحكام هذا القانون على كل الجزائريين وحتى على غير الجزائريين مع مراعاة قواعد القانون الدولي الخاص في تحديد القانون الواجب التطبيق على الأجانب ، كما يلاحظ أن هذا القانون يطبق على كل الجزائريين بغض النظر عن ديانتهم سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين طالما أنه يحمل الجنسية الجزائرية فإن القانون الواجب التطبيق عليه هو القانون  رقم 84-11 المتضمن قانون الأسرة المعدل والمتم.

             وإن كان قانون الأسرة  في مادته الأولى وكذلك  المادة 221 من قانون الأسرة نص على تطبيق أحكام هذا القانون على العلاقات الأسرية للأفراد وأن تطبق أحكامه على الجزائريين  ، فانه يستفاد من تلك النصوص أن القانون الأسرة هو المرجع الأول لقاضي شؤون الأسرة عند فصله في النزاعات المعروضة عليه،  غير أن ذلك لا يمنع القاضي من تطبيق نصوص تشريعية أخرى ، إذا ما عرضت على قاضي  شؤون الأسرة قضية من قضايا شون الأسرة  لها صلة بقوانين  أخرى، فإن القاضي يطبق تلك النصوص القانونية إلى جانب قانون الأسرة،  كأن يطبق القانون المتعلق بالأوقاف عند فصله في قضية تتعلق بالأملاك الوقفية ، كما أن قاضي شؤون الأسرة  قد يستند إلى  قانون التسجيل أو المراسيم المتعلقة  بالشهر العقاري أو قانون التوثيق إذا  تعلق الأمر بنزاعات لها صلة بالعقارات، مثل النزاعات المتعلقة بالقسمة والتركات والهبات والوصايا ،فإن القاضي يجد نفسه مجبرا على الاستعانة بتلك النصوص عند فصله في القضايا السالفة الذكر  ، كما يمكنه الرجوع  إلى  أحكام القانون المدني في تقدير التعويض وطرق الإثبات وتنازع القوانين وتحديد القانون الواجب التطبيق في العلاقات ذات العنصر الأجنبي ، كما يطبق الأحكام الواردة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية فيما يتعلق بإجراءات رفع الدعوى وإجراءات الخلع والتطليق والطلاق ، كما يمكن أن يطبق القانون المتعلق بصندوق النفقة أو  قانون الحالة المدنية أو الجنسية...إلخ   إذا ما  عرضت عليه مسالة منظمة  أحكامها بتلك القوانين.

         كما سبق وان أشرنا  أن التشريع هو المصدر الرسمي الأصلي الذي يرجع إليه قاضي شؤون الأسرة عند فصله في النزاعات المعروضة عليه ، فاذا لم يجد  القاضي نصا في التشريع رجع إلى أحكام الشريعة الإسلامية ، حيث  نصت المادة 222  من قانون الأسرة على ما يلي " كل ما لم يرد النص عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة الإسلامية" 

      فالقاضي ملزم بالرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية في حالة عدم وجود نص في قانون الأسرة يتعلق بالمسألة المعروضة عليه أو كان النص غامضا ،فإنه في تفسيره  وكيفيات تطبيقه يرجع إلى أحكام الشريعة الإسلامية باعتبار أن قانون  الأسرة مستمد من الشريعة  الإسلامية  دون أن يكون القاضي مقيدا بمذهب من مذاهب الفقه الإسلامي ، والرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية ليس مسالة اختيارية  للقاضي بل القاضي ملزم بالرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية ، ويكون حكمه معرضا للنقض في حالة مخالفة أحكام المادة 222 من قانون الأسرة ، فالشريعة الإسلامية هي المصدر الاحتياطي الأول الذي يتعين على القضاة بمختلف درجاتهم الرجوع إليه اذا لم يجدوا نصا يتعلق بالواقعة المعروضة عليهم ، سواء كان قاضي الدرجة الأولى أو قاضي استئناف أو قاضي نقض بالمحكمة العليا فيتعين عليهم جميعا  الرجوع إلى أحكام الشريعة دون حاجة إلى أن يجتهد برأيه الشخصي .

      ويلاحظ أن نص المادة 222 من قانون الأسرة الجزائري  تلزم  القاضي بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية  لاستخراج حكم يطبقه على الواقعة المعروضة عليه ، ذلك أنه لا يمكن للقاضي أن يرفض الفصل في النزاع المعروض عليه بحجة أنه لا يوجد نص يحكم الواقعة في قانون الأسرة الجزائري، وإلا اعتبر القاضي مرتكبا لجريمة إنكار العدالة أو الامتناع عن الفصل في الدعوى.

      وكذلك يمكن للقاضي الجزائري اللجوء إلى الشريعة الاسلامية من أجل تفسير الغموض الذي جاء في النص القانوني، باعتبار أنها المصدر المادي لقانون الأسرة الجزائري وباعتبارها المصدر الرسمي الاحتياطي الوحيد لقانون الأسرة الجزائري، وبالتالي يفترض على القاضي أن يلجأ إلى تفسير الغموض من خلال أقوال الفقهاء المسلمين.

      في حالة ما  عرضت على قاضي شؤون الأسرة أي واقعة ولم يجد حكما في قانون الأسرة فإنه يلجأ إلى الشريعة الإسلامية لاستخراج الحكم منها، أي يلجأ إلى مصادرها وتتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع والقياس، والعرف والمصالح المرسلة وسد الذرائع وقول الصحابي والاستحسان ...

       


  • ا المحاضرات كاملة

  • الموضوع 5