مخطط الموضوع

  • بطاقة تواصل للمقياس

    لكلية:كلية الحقوق والعلوم السياسية القسم: الحقوق

    المقياس: قانون الاستثمار/ المادة التطبيقية     المستوى الدراسي والتخصص :السنة الثانية/ماستر قانون الأعمال/السداسي الثالث

    السداسي:الثالث  المعامل:.................. الرصيد:................. الحجم الساعي الأسبوعي :أربع حصص(04)/ بِمُعدل ساعة والنصف الساعة (1h 30mn) لكل حصة.

    اسم ولقب الأستاذ: د.عبد المجيد صغير بيرم

    البريد الإلكتروني:abdelmadjid.seghirbirem@univ-msila.dz

    السنة الجامعية 2021 – 2022


  • الفئة المستهدفة للمقياس والهدف منه

     مطبوعة موجهة إلى طلبة السنة  الثانية /ماستر قانون الأعمال (مختصر لدروس أساسية في قانون الاستثمار كانت محل شرح و تعقيب وتحليل) وتهدف إلى تمكين الطالب المسجل بالسنة الثانية/ماستر قانون الأعمال مِن المفاهيم و المقاربات الفقهية والقانونية لمفهوم الاستثمار بصفة خاصة و التطور التشريعي المتعلق بالاستثمار في الجزائر مِن سنة 1962 و إلى غاية تاريخنا هذا-تاريخ إنجاز هذا الملخص).بالإضافة إلى تمكين الطالب الجامعي من الاطلاع على مواد قانون الاستثمار الساري المفعول (قانون رقم 16-09 مؤرخ في 29 شوَّال عام 1437 الموافق لـ03 غشت سنة 2016 متعلق بترقية الاستثمار(ج.ر.ج.ج،العدد 46،الصادر  في 03 أوت 2016) وبعض المراسيم التنفيذية الضرورية الصادرة في سنة 2017 لفهم المضامين القانونية للاستثمار.

  • التقويم التشخيصي والمكتسبات القبلية

    على كل طالب أن يكون على بيِّنة مِن الدساتير الجزائرية+المراسيم التشريعية و الأوامر والقوانين المتعلقة بترقية الاستثمار قبل وبعد تاريخ التعديل الدستوري لسنة 1989+القانون التجاري+القانون الاقتصادي.

    بعض الأسئلة التي لها علاقة بالمقياس/المادة التطبيقية: -ما المقصود بالاستثمار؟-ما المقصود بالاستثمار العمومي؟-ما المقصود بالاستثمار الخاص؟-ما ضرورة وأهمية وجود قانون للاستثمار في دولة مُضيفة؟-ما المقصود بالدولة المُضيفة للاستثمار؟-ما المقصود بالمفهوم الضيق للاستثمار؟-ما المقصود بالمفهوم المُوسع للاستثمار؟-ما الطبيعة القانونية للأجهزة الادارية العمومية المـَعنية بملفات الاستثمار؟-ما الجهة الادارية العُمومية المخوّلة قانونا للتعاقد باسم الدولة ،وكيف يَتِمُ التفاوض قبل ابرام عقد الاستثمار،وما هي كيفية ابرام عقود الاستثمار؟-ما المزايا الممنوحة للمستثمر الوطني والأجنبي وما طبيعة الضمانات القانونية و القضائية الممنوحة للمُستثمر؟-ما القانون الواجب التطبيق في حالة المنازعة وما مدى امكانية اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي في حالة المنازعة؟.


  • الجزء الأول

    الحصة الأولى: عنوان الحصة الأولى: مدخل عام إلى قانون الاستثمار

    ( تعريف الاستثمار وموقف المشرع الجزائري قبل وبعد تاريخ التعديل الدستوري لسنة 1989(23 فبراير1989).

    أهداف الحصة: تمكين الطالب الجامعي مِن الاطلاع ودراسة ومُناقشة التطور التشريعي المتعلق بالاستثمار في الجزائر من سنة 1962 وإلى غاية 2021.

    العناصر الأساسية للحصة:-تقديم نُبذة حول علاقة الاستثمار بالبرامج الاقتصادية للدولة المُضيفة؛- تعريف الاستثمار(التعريف اللغوي و الاصطلاحي و القانوني و الاقتصادي)؛-موقف المشرع الجزائري من المفهوم القانوني و الاقتصادي و الفقهي للاستثمار.

    الأسئلة العامة للحصة: -ما المقصود بالاستثمار؟-ما المقصود بالاستثمار العمومي؟-ما المقصود بالاستثمار الخاص؟-ما ضرورة وأهمية وجود قانون للاستثمار في دولة مُضيفة؟-ما المقصود بالدولة المُضيفة للاستثمار؟

    النشاطات المُساعدة: استغلال  الوسائط الاجتماعية  في استلام أسئلة الطلاب و الرد عليها كما يتم استغلال موقع المصلحة المُكلفة بالنشاطات العلمية و الثقافية على مستوى الكلية في مجال النشر و التعقيب على ملاحظات وأسئلة الطلاب.

    ----------------------------------------------

     إلى المسجلين بالسنة الثانية/ماستر قانون الأعمال؛

    بعد التحية و التقدير..

             ها أنا وعلى بركة الله وحَفظِه أنجز لكم مُلخصا في المادة التطبيقية لمقياس قانون الاستثمار، وأملي كبير في أن يكون عَونا لكم في فهمهِم لمحاوره ومضامينه باعتبار أن هذا المقياس يُعد واحدا مِن أهم المقاييس المُدرجة في تكوينكم في مجال قانون الأعمال .

            وإن هدفي من إنجاز هذا المُلخص يكمُن في تقديم مُختصرٍ لمقياسٍ جِدُ ضروري في تكوين الطالب المُسجل بالسنة الثانية بِغرض تمكينه مِن المـَعارف الأسَاسِيَّة والضَرُوريَّة في قانُون الاستثمار حتى يستعد للمناظرات و المُسابقات التي تنتظره مُستقبلا(إعداد مُذكرة ماستر وأطروحة دكتوراه).

            ومِن المعارف التشريعية والقانونية والتنظيمية المُسبقة التي أرى ضرورة تمكين الطالب المُسجل بالسنة الثانية/ماستر قانون أعمال منها ،قِراءة وتدبرا وحفظا، حتى يتمكن مِن استيعاب المادة التطبيقية  لهذا المقياس (وحدة تعليمية أساسية)الآتي:-أحكام  ومبادئ الدساتير الجزائرية مِن سنة 1963 و إلى غاية  دستور 2020(المرسوم الرئاسي رقم 20-442 المؤرخ في 15 جمادي الأول عام 1442 الموافق لـ30 ديسمبر سنة 2020،يتعلق بإصدار التعديل الدستوري المصادق عليه في استفتاء أوَّل نوفمبر سنة 2020-ج.ر.ج.ج، العدد 82،الصادر في 30 ديسمبر 2020).-القانون التجاري الجزائري(إلى آخر تعديل).-قانون النقد والقرض(إلى آخر تعديل). -قانون الأملاك الوطنية المعدل والمُتمم -قانون الضرائب -قانون المالية-قانون الصفقات العمومية-قانون المنافسة-قانون علاقات العمل.-القانون المتعلق بتشغيل الأجانب في الجزائر.-منظومة الصيرفة في الجزائر.

             هذا وقد فضلت تقسيم محاور ومضامين المادة التطبيقية لمقياس قانون الاستثمار على النحو الآتي:*المحور الأول: الاستثمار:التعريف وموقف المشرع الجزائري قبل وبعد تاريخ التعديل الدستوري لسنة 1989(23 فبراير1989).*المحور الثاني:الأجهزة الادارية العمومية المُكلفة بالاستثمار في الجزائر.*المحور الثالث:مزايا الاستثمار(المشتركة و الاضافية و الاستثنائية).*المحور الرابع:الضمانات القانونية و القضائية للاستثمار في القانون الجزائري.*المحور الخامس: آليات تسوية وفض منازعات الاستثمار. *المحور السادس :الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالاستثمار الأجنبي.

            وقبل الشروع في التحليل والشرح والتوضيح لمحاور ومَضامِين هذا المقياس(المادة التطبيقيَّة) رأيت أهَميَّة وضَرُورة التأكيد على أن يكون للطالب المُسجل بالسنة الثانية/ماستر قانون الأعمال بعض الوثائق العلمية الأساسية المتعلقة بقانون الاستثمار  وأهمها:

    -المرسوم التشريعي رقم 93-12،المؤرخ في 19 ربيع الثاني عام 1414 الموافق 05 أكتوبر سنة 1993، يتعلق بترقية الاستثمار(ج.ر.ج.ج،العدد64 ،الصادر في 10 أكتوبر 1993).

    -أمر رقم 01-03 ،مؤرخ في أول جمادي الثانية عام 1422 الموافق لـ20 غشت سنة 2001 ،يتعلق بتطوير الاستثمار(ج.ر.ج.ج،العدد47 الصادر في 22 غشت 1993).

    -الأمر  رقم 06-08 مؤرخ في 19 جمادي الثانية عام 1427،الموافق لـ15 يوليو سنة 2006،يُعدل ويُتمِم الأمر رقم 01-03 مؤرخ في أول جمادي الثانية عام 1422 الموافق لـ20 غشت سنة 2001 ،يتعلق بتطوير الاستثمار(ج.ر.ج.ج،العدد47 الصادر في 19 يوليو 2006).

    -قانون رقم 16-09 مؤرخ في 29 شوَّال عام 1437 الموافق لـ03 غشت سنة 2016 متعلق بترقية الاستثمار(ج.ر.ج.ج،العدد 46،الصادر  في 03 أوت 2016).

    - المرسوم التنفيذي رقم 17-100 المُتضمن صلاحيات الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار وتنظيمها وسيرها(ج.ر.ج.ج ،العدد 16، الصادر في 8 مارس 2017).

    -المرسوم التنفيذي رقم 17-101 المُحدد للقوائم السلبية والمبالغ الدنيا للاستفادة من المزايا على مختلف أنواع الاستثمارات(ج.ر.ج.ج ،العدد 16  الصادر  في 8 مارس 2017).

    -المرسوم التنفيذي رقم 17-102 المحدد لكيفيات تسجيل  الاستثمارات وكذا شكل ونتائج الشهادة المُتعلقة به. (ج.ر.ج.ج ،العدد 16  الصادر  في 8 مارس 2017).

    -المرسوم التنفيذي رقم 17-103 المُحدد لمبلغ مُستحقات معالجة الاستثمار وكيفيات تسجيله. (ج.ر.ج.ج، ،العدد 16  الصادر في 8 مارس 2017).

    -المرسوم التنفيذي رقم 17-104 المتعلق بمتابعة الاستثمارات والعقوبات المُطبقة في حالة عدم احترام الالتزامات والواجبات المُكتتبة. (ج.ر.ج.ج ،العدد 16  الصادر  في 8 مارس 2017).

    -المرسوم التنفيذي رقم 17-105 المُحدد لكيفيات تطبيق المزايا الاضافية للاستغلال الممنوحة للاستثمارات المنشئة لأكثر من مائة(100)منصب شغل (ج.ر.ج.ج ،العدد 16  الصادر  في 8 مارس 2017).

    -قانون رقم 18-13 مؤرخ في 13 يوليو –جويلية- 2018 المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2018-ج.ر.ج.ج، العدد 42،الصادر  في 15 يوليو 2018).

            وأدعو طلابي الأعزاء إلى مَزيد الاعتماد في دراستم ومناقشتهم لمضامين ومحاور هذا المقياس على عديد المؤلفات الأكاديمية (مطبوعات ومؤلفات وكتب ومقالات..)التي أصدرها أساتذة وأكاديميُّون ومُختصون مِن مختلف جامعات الوطن الجزائري، بالإضافة إلى الاستعانة بِما هو موجود  مِن مراجع ثرية وجِد هامة بمكتبة كلية الحقوق والعلوم السياسية/جامعة محمد بوضياف –المسيلة.

            كما أدعوكم أيها الطلاب الأعزاء إلى مزيد الاطلاع على مُذكرات الماستر  وأطروحات الدكتورة التي كان موضوعها الاستثمار التي تمت مُناقشتها على مستوى كليتنا وكليات الحقوق والعلوم السياسية على امتداد الوطن الجزائري الحبيب بالإضافة إلى مُتابعة بيانات مجلس الوزراء، و كل ما تنشره الصحافة الوطنية المرئية و المكتوبة و المسموعة و الالكترونية  حول  السياسات الاقتصادية العامة للدولة الجزائرية عُموما  و الاستثمار وترقيته بالخصوص حتى يتعزز الزاد المعرفي للطالب المسجل بالسنة الثانية/ماستر قانون أعمال.

    (تناولنا أثناء الحصة الأولى: أهمية تدريس مقياس/محاضرة وتطبيقا/ للمسجلين بالسنة الثانية/ماستر قانون الأعمال+ وبعض التعاريف الفقهية و القانونية و الاقتصادية للاستثمار والوقوف على أهم العناصر المُشكِلة للتعاريف المُختلفة.

    * الاستثمار لُغة واصطلاحا:

    -الاستثمار لُغَة:

    قدّم اللغويُ و الأديبُ جَمال الدين الأنصاري،محمد بنُ مكرم، المُلقب بابن منظور (1232ه-1611م) في لسان العرب لنا تعريفا  لفعل استثمر(استفعل) بقوله :أثمر الشجرُ أي خرج ثمره، وأثمر الرجل أي كَثُر ماله .فالاستثمار يعني  تنمية رأس المال عبر التجارة أو الصناعة.

    يُستشَفُ مِن موقف العَلاَّمة بن منظور من لفظ "استثمار" وربطه بالثمرة أن العرب ربطوا نماء المال بالتجارة(مقايضة ومُبادلة وتقديرا نقديا).والعرب قبل فجر الإسلام عرفوا التجارة،وكانت لهم معاملات تجارية بين الجزيرة العربية والشام(رحلات الشتاء والصيف) ،وقد كانت تنعقد في مجملها بواسطة المقايضة(سلعة مقابل سلعة) قبل أن يتم صك الدينار  في العهد الأموي،كما كان معيار الثراء في الجزيرة العربية يقوم على اكتناز الفرد للذهب والفضة. ومع بزوغ فجر الإسلام ،تنوّعت وتعدّدت العقود والمُبادلات التجارية مع أمم فارس والروم،كما تفاعلت العلاقات مع الحضارات المحيطـــــة بالجزيرة العربية مع امتداد الرسالة الاسلامية إلى الأندلـــس وآسيا وإفريقيا وجزء كبير من أوروبا الشرقية(البلقان)،وقد ساعد هذا التفاعل تنظيم القرآن الكريم للعقود التجارية ولمختلف أوجه الاقتراض بعيدا عن الربا.

    عَرفت المجتمعات البشرية التجارة في أشكالها البسيطة(بيعا وشراءً ومُقايضة ومُعاملات نقدية) قبل التصنيع الذي  ظهر مع الثورة الصناعية التي شهدتها أوروبا الغربية (إنجلترا وألمانيا وفرنسا..) في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي نتيجة  الاكتشافات العلمية الحديثة والمتمثلة" في اختراع الآلة الهيدرولية لشركة سنجر الأمريكية عام 1725، وإدخال "داربي" لِمادة الفحم في الصناعات المعدنية مِن عام 1725 وإلى 1750، ثم اكتشاف الآلة البُخارية مِن قبل جيمس واط "،فأتقنت البشرية طرق التعامل التجاري إن على المستوى المحلي(القطري)،أو على مستوى التعامل مع الشعوب والأمم القريبة والبعيدة. وقد تضاعف هذا الإتقان للتِجارة العالمية بإعلان قيام هيئة الأمم المتحدة مُباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939-1945).

     لنا كمسلمين في سيدِنا محمد عليه أفضل صلاة وسلام القدوة الحسنة في الوفاء في المعاملات والعقود التجارية حتى عُرف بالأمين لأنه كان وفيًا في التجارة التي مارسها قلبا وقالبا. وتشترط التجارة بشقيها المحلي(الوطني) والعالمي وإلى يومنا هذا عنصر الوفاء في البيع والشراء والمعاملات التجارية في حياة الأفراد والمُجتمعات.وفي هذا الإطار لنا في الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القُدوة الحسنة في التأكيد على أن التجارة هي بِرٌ وصِدقٌ وصَدقة وأداء الحقوق لأهلها .و كان الرسول الكريم يَنهى عن التعامل بالرِبا،وبيع الغرر، وبيع العِينة ،والتِجارة بالمُحرمات ،والغش والخداع. وقيل يا رسول الله ،أي الكسب أطيب ،قال عملُ الرجل بيده ،وكل بيع مبرور.

    ومن أهم المعالجات اللّغوية للفظ "استثمار" ما جاء به مجمع اللغة العربية بالقاهرة(جمهورية مصر العربية) ونقله المعجم الوسيط(دار المعارف)،والذي رأى في الاستثمار :" استخدام الأموال في الانتاج ،إما مباشرة بشراء الآلات والمواد الأولية ،وإما بطريق غير مباشر كشراء الأسهم والسندات".ولمجمَعِ اللُّغة العَربية كذلك تعريف ثانِ يُكملُ التعريف الذي ذكرناه أعلاه ولأهميته المعرفية فضلت التذكير به تعميما للفائدة ،وهو على هذا النحو: "الاستثمار هو تكوين رأس المال أو استخدامه بهدف تحقيق الربح في الأجل القريب أو البعيد بشكل مباشر أو غير مباشر".

    هذا وقد قدَّم مُعجم اللغة الفرنسية"LAROUSSE" شرحا لمفهوم الاستثمار بالشكل الآتي:-استثمر/الفعل/ويقابله باللغة الفرنسية(Investir).

    ونعني به أولا:-اكتساب سلطـة و مركز قانـــــــــــــــوني؛- ثانيا:-ضخ رؤوس أمــــــــوال في شــــــــركة؛-الاستثمار و يقابله باللفظ الفرنسي(Investissement) يعني اجراء وتنفيذ فعل و/أو عملية استثمارية(اكتتاب في رأس مال شركة).

    الاستثمار اصطلاحا:

    إنّ الفعل الاستثماري(L’acte d’investir) في يومنا هذا لم يَعُد يتحدد في الإسهام المالي في رأس مال شركة و/أو مؤسسة عمومية أم خاصة، أو شراء أسهم و سندات معروضة على مستوى البورصات المالية المحلية بالعملة المحلية(الوطنية) و/أو العملة الصعبة(القابلة للتداول بين الأفراد في أكثر من دولة)في ظل اتساع دائرة الاقتصاد الرقمي وعولمة الاقتصاد .بل اتسع مفهوم الاستثمار ليشمل الاستثمار الأجنبي في التسيير و/أو المانجمانت(عقود التسيير)،والاستثمار في الأسهم ،وكذاك الاستثمار الأجنبي في سندات الخزينة.

    ومِن الأسئلة التي موضوع مناقشة في حدود الوقت المُتاح لنا أذكر:*لماذا يهتم الباحث القانوني بِقانون الاستثمار؟ *ما المقصود بالاستثمار ؟ * هل من تعريف شبه جامع لقانون الاستثمار؟

    يهتم الباحث في القانون الاقتصادي بقانون الاستثمار لكون هذا الأخير-الاستثمار بِمُختلف أشكاله وصِيَّغه- أصبح مُحركا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومَحَلَّ تنافسٍ بين حكومات الدول مِن أجل استقطاب أكبر نسبة من حجم الاستثمارات العالمية.

    ويتِم التركيز مِن قِبل الباحث في القانون على الأسئلة التالية والتي لها مضامين ودِلالات قانونية تخص مجال البحث القانوني:-ما المقصود بالاستثمار؟-ما المقصود بالاستثمار العمومي؟-ما المقصود بالاستثمار الخاص؟-ما ضرورة وأهمية وجود قانون للاستثمار في دولة مُضيفة؟-ما المقصود بالدولة المُضيفة للاستثمار؟-ما المقصود بالمفهوم الضيق للاستثمار؟-ما المقصود بالمفهوم المُوسع للاستثمار؟-ما الطبيعة القانونية للأجهزة الادارية العمومية المـَعنية بملفات الاستثمار؟-ما الجهة الادارية العُمومية المخوّلة قانونا للتعاقد باسم الدولة ،وكيف يَتِمُ التفاوض قبل ابرام عقد الاستثمار،وما هي كيفية ابرام عقود الاستثمار؟-ما المزايا الممنوحة للمستثمر الوطني والأجنبي وما طبيعة الضمانات القانونية و القضائية الممنوحة للمُستثمر؟-ما القانون الواجب التطبيق في حالة المنازعة وما مدى امكانية اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي في حالة المنازعة؟.

    عقد الاستثمار: بين القانون التجاري و قانون الاستثمار.

    يبقى عقد الاستثمار عقدا تجاريا(للفعل الاستثماري عناصر أساسية تجعل منه فعلا تجاريا بامتياز)بالقوّة تبرمه الهيئة الادارية العمومية(الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار) باسم الدولة وبالنيابة عتها مع المستثمر/الوطني و الأجنبي على حدٍ سواء،لكنه يتميز عقد الاستثمار بتمتعه بِخاصيَّة وجود مزايا استثمارية(مُشتركة وإضافية و استثنائية)مُحددة بأجل تمكِن صاحبه من الاستفادة من اعفاءات جزئية أو تامّة أو تخفيضات(جبائية وضريبية و جمركية..إلخ) لِــمُدد وآجال محددة قانونا سواء أثناء مرحلة الانجاز أو بعد الانطلاق في الانتاج وتقديم الخدمة).

    إن الهدف من ابرام هذا العقد بين الهيئة الادارية العمومية(الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار) بالنيابة عن الدولة والمستثمر،و بعد مفاوضات جديّة،إنّما يتحدد في جلب منفعة عاجلة أم آجلة للاقتصاد الوطني(استقطاب رؤوس أموال أجنبية لفائدة الدورة الاقتصادية الوطنية ،أو تحويل تقَنيَّة جديدة  ومُبتكرة في مجالات الانتاج و التسيير والإدارة ،أو فتح فروع انتاجية وخدمية وتسويقية للشركات التجارية الكبرى في الدولة المضيفة.

    وقبل الخوض في معالجة الأسئلة المثارة أعلاه فضلت تقديم بعض تعاريف الاستثمار  للعديد مِن فقهاء القانون الاقتصادي والمنظمات والمُؤسسات الدولية حتى  يتعرف الطالب الجامعي أساسيات هذا المقياس.

    *ما المقصود بالاستثمار ؟

    إنَّ لعقد الاستثمار خاصيّة تجعله عقدا متميزا عن النشاط التجاري و كيفية ممارسة الأنشطة التِجارية وفقا لما جاء في أحكام وبنود القانون التجاري الجزائري الذي يعتبر مرجعا رئيسا لكل نشاط تجاري .فهو، وإلى جانب أنّه نشاط تجاري  بالأساس فهو، وبآن واحد، يُعدُ نشاطا استثماريا  بميزة خاصة خصصت له الدولة مزايا و ضمانات لتميزه عن النشاط التجاري العادي لحاجة الدولة للاستثمارات حتى تُسهم في تمويلات إضافية لبرامج التنميـــــــــة الاقتصادية و الاجتماعية مِن جهة و مِن جهة ثانية ضمان مداخيل إضافية إلى الخزينة العمومية التي تكون بحاجة ماسة لضمان تمويل خارج الجباية النفطية أو أي تمويل غير مضمون الدوام.

    *وبعد الذي ذكرناه أعلاه نسأل: هل من تعريف شبه جامع لقانون الاستثمار؟

    إن الفعل الاستثماري هو بمثابة فعل اقتصادي عناصره الأساسية ومضامينه المحورية تكمن في الآتي :"قيام المستثمر الأجنبي بتحويل كمية مِن الموارد المالية ،والتكنولوجية ،والخبرة الفنية في جميع المجالات على الدول المضيفة".

    وهو أيضا :-"عبارة عن عملية إنماء للذِمة المالية لبلد ما من خلال حركة رؤوس الأموال المملوكة له عبر الحدود ودخولها في مشروعات اقتصادية تعمل على توفير احتياجات مختلفة وتحقيق أرباح ماليّة".

    -"عملية هادفة لتكوين الرأسمال، أو الزيادة في ذلك الرأسمال، و هو إذن عملية تزيد من التراث المادي للبلاد".

    -" توظيف طويل المدى لرأس لمال في الصناعة والزراعة والمواصلات و غيرها من المجالات الاقتصادية".

    هذا ويُقدم الدكتور حاتم فارس الطعان للاستثمار(من جامعة بغداد) تعريفا للاستثمار  جاء على النحو الآتي:"قيام شخص طبيعي أو معنوي في بلد غير بلده ،باستخدام خبراته ،أو جهوده، أو أمواله، للقيام بمشروعات اقتصادية،سواء كان بمفرده،أو بالمشاركة مع شخص طبيعي أو معنوي محليّ أو أجنبيّ ،أو مع الدولة،أو مع مواطنيها في انشاء مشروع،أو مشروعات مشتركة".

    ومِن التعاريف التي رأيت ضرورة التعريف بها  لتكون عونا للطالب الجامعي المُسجل في ماستر قانون الأعمال لأهمية العناصر المُشكَّلة لمفهوم الاستثمار التي تضمنتها تعريف  الفقيه الاقتصادي الأمريكي(Charles Oman) للاستثمار الذي جاء  على النحو الآتي:الاستثمار هو "عَملِيَّةٌ يَقوم بها المستثمر بهدف الرفع مِن قيمة الموارد(رأس المال)المَوجودة تحت تَصرُّفِه والتي يستخدِمها المستثمر لإنشاء واكتساب قيمة جديدة(قيمة مُضافة)".

    *ما الفرق بين الاستثمار المحلي والاستثمار الأجنبي؟

    إن الحديث حول الاستثمار هو حديث حول الاستثمارات الأجنبية في المقام الأول و التي تُقدر بالبلايين مِن الدولارات الأمريكية العابرة للقارات والأوطان ،وما تسعى إليه الدول التي هي بأمس الحاجة للأموال القادمة مِن الخارج ليتم ضخها  في الاقتصاد الوطني(المحلي).فالاستثمار الداخلي (الموجه للوطنيين)يبقى شأنا داخليا إذ لكل دولة كلُ الحق في إقرار قانون استثمار محلي(وطني) وفقا للتوجهات الاقتصادية العامة للدولة ،فمِن حق الدولة أن تضمن لمُستثمريها مِن مواطنيها مزايا قد تفوق ما تخص به الأجانب .والحقيقة أن عديد الدول تخص مواطنيها بمزايا استثمارية قد تفوق ما تخص به الأجنبي حتى يكون الاستثمار المحلي قاطرة تجلب الاستثمار الأجنبي.

    *ما المقصود بالاستثمار المحلي(الوطني)؟

    نعني بالاستثمار المحلي(الوطني) استثمار مواطني الدولة أموالهم وخبراتهم و معارفهم العلمية في مشاريع و برامج تنموية  تخصصها السلطات العمومية للأفراد داخل الاقليم.. وهو:-"استخدام الأموال في الانتاج، إما مُباشرة كشراء الآلات  والمواد الأولية ،وإما بطريق غير مُباشر كشراء الأسهم والسندات، أو هو تنمية المال، والعمل على زيادته، كما يُنمي صاحب الزرع  زرعه، حتى يحصل مِنه على الثمار، أو هو الزيادة في رأس المال بجميع أنواعه، أي سواء كانت الزيادة في رأس المال الثابت أم رأس المال المُتداول".

    -"هو زِيادة أو إضافة جديدة في ثروة المُجتمع، مثل إقامة المَصانع والمباني والمزارع والطرق وغيرها من المشروعات التي تُعدُ زيادة في الرصيد الاقتصادي للمجتمع".

    -"هو تثمير أو توظيف الأموال".

    *ما المقصود بالاستثمار  الأجنبي؟

    الاستثمار الأجنبي(باللغة الانجليزية : Foreign investmentوباللغة الفرنسية:Investissement étranger   هو:
     

    -"كل استخدام يجري في الخارج لِموارد مالية يملكها بلد مِن البلدان".

    -"توجيه جانب مِن أموال المشروع أو خبرته التكنولوجية إلى العمل في مناطق جغرافية خارج حدود دولته الأصلية".

    -"انتقال أحد عوامل الانتاج عبر الحدود الدولية للمُساهمة في الاستغلال الاقتصادي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وبقصد ربح نقدي متميز".

    -"تحركات رؤوس الأموال مِن البلد المُستثمر نحو البلد المستفيد بغير تنظيم مباشر". (هذا التعريف للاستثمار الأجنبي خَلُص إليه اتحاد القانون الدولي على هامش مؤتمره الـ51  بطوكيو-العاصمة اليابانية).

    -"تشغيل لرأس المال عبر حدود الدول ؛شريطة أن يملك المستثمر على الأقل 10%  مِن الأسهم ذات الحق في التصويت في المشروع، سواء كان المشروع  جديدا أو عاملا وقائما بالفعل" ( هذا التعريف للاستثمار الأجنبي  صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية عام 1999).

    وبالنتيجة فإن معيار الاستثمار الأجنبي المُباشر ،مِن وجهة نظر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لعام 1999، يتحددان في شرطين أساسيين:

    *شرط ملكية المستثمر الأجنبي لـ10% على الأقل مِن أسهم المنشأة أو المشروع أو المؤسسة أو الشركة؛

    *مشاركة هذا المستثمر الأجنبي في الادارة(إدارة المنشأة أو الشركة أو الشركة أو المؤسسة..).

    -"الاستثمار في مشروعات داخل بلدٍ ما، يُسيطر عليه مقيمون في بلد آخر بنسبة تتراوح بين 10% إلى 100%  ولا يشمل ذلك الاستثمارات البنكية ما لم تنفق على أسهم وسندات وأصول ثابتة". ( هذا التعريف للاستثمار الأجنبي جاء به كل من صندوق النقد الدولي و مُنظمة التعاون الاقتصادي و التنمية).

    -"هو استخدام  رأس المال العربي في إحدى مجالات التنمية الاقتصادية بهدف تحقيق عائد في إقليم دولة طرف غير دولة جنسية المُستثمر العربي، أو تحويله إليها لنفس الغرض وفقا لأحكام هذه الاتفاقية". ( هذا التعريف للاستثمار الأجنبي  على صعيد العالم العربي جاءت به الاتفاقية العربية المُوحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية).

    هذا ويرى الفيه القانوني  الأستاذ أحمد عبداللاه المراغي(عضو هيئة التدريس بقسم القانون الجنائي / كلية الحقوق-جامعة حلوان) أن التعريف  التالي للاستثمار الأجنبي المُباشر يُعد الأقرب إلى  الاجماع  لكونه يضم كافة العناصر الرئيسة الممثلة للاستثمار الأجنبي المباشر:"هو إسهام غير الوطني  في التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية للدولة المُضيفة بمال أو خبرة ، في مشروع مُحدد، بصد الحصول على عوائد مُجزية وفقا للقانون".

    انتهت الحصة الأولى بتكليف المشاركين من الطلاب(الأفواج:1 و2 و3) بتحضير  أوراق بحثية في بيوتهم لتكون موضوع  دراسة ومناقشة وتحليل وتعقيب في الحصة الثانية تعالج الأسئلة التالية:

    -خصائص ومميزات التطور التشريعي في الجزائر قبل وبعد تاريخ التعديل الدستوري بتاريخ 23 فبراير 1989؟

    -ما المقصود بالمفهوم الضيِّق للاستثمار؟

    -ما المقصود بالمفهوم المُوسَّع للاستثمار؟

    -ما المقصود بالدولة المُضيفة للاستثمار؟


  • الجزء الثاني

    الحصة الثانية: عنوان الحصة الثانية: ما المقصود بقولنا إن الاستثمار قرار وطني بامتياز( قرار مُرتبط بسيادة الدولة)؟

    ( دور الدولة في الاستثمار-القرار السيادي للدولة- تعريف المفهوم الضيِّق للاستثمار-تعريف المفهوم المُوسَّع للاستثمار).

    أهداف الحصة: تمكين الطالب الجامعي مِن الاطلاع ودراسة ومُناقشة دور الدولة في الاستثمار(أهمية تحديد مفهوم الدولة المُضيفة)، و طبيعة القرار السيادي للدولة في مجال الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى شرح وتوضيح كل مِن المفهوم الضيِّق للاستثمار و المفهوم المُوسَّع للاستثمار.

    العناصر الأساسية للحصة:-معالجة أهم الأسئلة التي تتعلق خصائص ومميزات التطور التشريعي في الجزائر قبل وبعد تاريخ التعديل الدستوري بتاريخ 23 فبراير 1989؟-ما المقصود بالمفهوم الضيِّق للاستثمار؟-ما المقصود بالمفهوم المُوسَّع للاستثمار؟-ما المقصود بالدولة المُضيفة للاستثمار؟

    الأسئلة العامة للحصة: سيادة الدولة والاستثمار+علاقة الاستثمار بالتنمية الوطنية+دور الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد الوطني+موقف المشرع الجزائري من الاستثمار الأجنبي.

    النشاطات المُساعدة: استغلال الوسائط الاجتماعية في استلام أسئلة الطلاب و الرد عليها + الحوار المباشر مع الطلاب وتخصيص نصف يوم إضافي للالتقاء بالطلاب في الأسبوع(يوم الثلاثاء من كل أسبوع/الفترة الصباحية).

    بدأت الحصة الثانية باستحضار أهم الأفكار والمحاور والخُلاصات التي كانت موضوع دراسة و مناقشة أثناء الحصة الأولى والتذكير بأهمية الاطلاع على أهم المؤلفات باللغات العربية و الفرنسية والإنجليزية التي تتناول قانون الاستثمار.

    ومِن محاور ومضامين الحصة الثانية الآتي:

     *ما المقصود بقولنا إن الاستثمار قرار وطني بامتياز( قرار مُرتبط بسيادة الدولة)؟

    تتميّز قوانين الاستثمار  على امتداد أفريقيا ،وآسيا ،وأمريكا الجنوبية والوسطى،وحتى الاتحاد الروسي ،بكونها قوانين سياديّة تصدر عن السلطات العمومية في الدولة المُضيفة للاستثمارات الأجنبية.إذ لكل دولة عضو بالأمم المتحدة حرية اصدار قانون استثمار  يتوافق وتوجهاتها الاقتصادية العامة دون تأثير من الخارج.

    وفي هذا الاطار نجد دولا وإلى تاريخنا لها قانون استثمار أصدرته بسيَّادية لكنها تُفضلُ الاتفاقيات الثنائية و/أو المتعددة الأطراف في مجال تشجيع الاستثمارات المشتركة  التي تأتي ضمن الاتفاقيات الثنائية و/أو المُتعددة.

    يبقى الاستثمار مسألة وطنية لا دخل فيها للعنصر الأجنبي (هيئات ومنظمات دولية وحكومات أجنبية).

    وحتى وإن كان الاختلاف واضح بين فقهاء الاقتصاد والقانون بشأن ايجاد تعريف مشترك أو شبه جامع  للاستثمار إلا أنّهما يلتقيان في الاقرار بوجود عناصر مركبة(اقتصادية وقانونية) متفاعلة في أي تعريف للاستثمار تحديدا تخضع جلّها للمعايير التي تحددها الدولة المضيفة للاستثمارات.

    وهو ما يدفعنا إلى تبني واعتماد الموقف الفقهي الذي يرى في مفهوم الاستثمار:

    "مفهوما متغيرا ومتطوّرا بتغيّر وتطوّر الظروف والأوضاع الاقتصادية والسياسية المحيطة بالاستثمار المحيطة به على المستوى الدولي".

    *ما المقصود بالمفهوم المتغيِّر للاستثمار؟

    هذا و يعترف فقهاء كلا التخصصين في المجال الفقهي(الاقتصادي والقانوني) بحقيقة أننا أمام مفهوم عام قد يضيق في الدولة التي ترى في الاستثمار الأجنبي(الخارجي) عُنصر عدم تجانس وسياساتها الاقتصادية و الاجتماعية والتجارية، ومن ثمّ العمل على ألا يزيد دوره ونسب مشاركته في النشاطات الاقتصادية(انتاجا وخدمات و تحقيقا لقيمة مضافة) مِن الحدود المحددة له سلفا ،وقد يتسع المفهوم في الدولة التي ترى في عنصر الاستثمار الأجنبي عُنصر تحريك رئيسي للدورة الاقتصادية في الدولة المُضيفة ،فإننا نجدها تسعى إلى مزيد التيسير للفعل الاستثماري(تشريعا و تنظيما وحماية قانونية وقضائية).

    وبالعودة إلى أحكام القوانين التي أصدرتها الدولة الجزائرية والمتعلقة بترقية و/أو تطوير الاستثمار من تاريخ 1993 وإلى غاية 2016 فإننا نسجل حرص المشرع الجزائري على ضبط وتحديد مفهوم ونطاق الاستثمار في الجزائر مِن منطلق ممارسة السيادة المطلقة في كل ما يخص القرار الاقتصادي المتضمن تحديد مفهوم الاستثمار وتحديد نطاقه.

    *ما الفرق بين الاستثمار العمومي و الاستثمار الخاص؟

    *ما المقصود بالاستثمار العُمومي؟

    نعني بالاستثمار العمومي(L’Investissement public) ذلك الاستثمار الذي تشرف عليه الدولة ويتم تمويله بأموال الخزينة العمومية، والجزائر تبنت الاستثمار العمومي لبرامج التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية منذ سنة 1962 وإلى غاية تسعينيات القرن الماضي.

    وتبقى مظاهره وإلى غاية يومن هذا بالنظر لحاجة المجتمع الجزائري  للتمويل العمومي للعديد من برامج التنمية ولاسيما في المناطق الداخلية و الهضاب العليا و الجنوب الكبير. 

    يقوم الاستثمار العمومي على تمويل الخزينة  العمومية لبرامج التنمية الاقتصادية و الاجتماعية عبر تكليف المؤسسات العمومية الاقتصادية ،والمؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري ،والشركات الوطنية ،والدواوين العمومية والمقاولات التابعة للجماعات الاقليمية بتنفيـــــذ المشاريع التنموية للدولة في كافة مناحي ومجالات الحيـــــاة والأنشطة الاقتصاديــة و الاجتماعية للفرد و المُجتمع وفقا للسياسات الاقتصادية العامة للدولة.

    *ما المقصود بالاستثمار الخاص؟

    نعني بالاستثمار الخاص تمكين المبادرة الخاصة الفردية و الجماعية من النشاط التجاري و الصناعي و الخدمي على امتداد الوطن و حماية الدولة للملكية الفردية .هذا وقد كرست التعديلات الدستورية لسنة 1989 بالجزائر  الحق في الملكية الفردية وحمايتها قانونا.

    *ما المقصود بالقرار الوطني السيِّد في مجال الاستثمار؟

    يبقى موضوع إصدار قانون للاستثمار بِمثابة قرار وطنيّ لم تفرضه هيئة الأمم المتحدة أو الاتفاقيات الدولية(اتفاقية نيويورك لعام 1958 واتفاقية واشنطن لعام 1965) على الدولة التي لا تريد أن تُنجز أو تُصدر قانونا للاستثمار لكونها قد فضلت عدم الانخراط في منظومة الاستثمار العالمي.

    وبالتالي فهو  قرار خاص بالدولة-قرار مُرتبط بالسيادة الوطنية- تأخذ به  أو ترفضه دون تدخل أو فرض مِن الخارج( لكن الواقع الاقتصادي الدولي أصبح يَفرِضُ على الدولِ الاندماج في الاقتصاد العالمي للاستفادة من التحويل التكنولوجي، والاقتراض بهدف تنشيط وتحريك الدورة الاقتصادية والإنتاجية والخدمية في الدولة المعنية).

    وبالنتيجة نحن أمام دول قامت أو تقوم  على الاقتصاد الحر(المبادرة الاقتصادية الحرة)،وعلى احترام الملكية الفردية لوسائل الانتاج وحرية التجارة و الخدمات ،وتشجيع المبادرة الخاصة والاستثمار بشقية المحلي(الوطني) والأجنبي( القادم مِن خارج الوطن ومن جنسيات أجنبية).وهو ما يعني أن هذه الدول التي اختارت الاقتصاد الحر تقوم سِياسَتها الاقتصادية على استقطاب رؤوس الأموال الوطنية(المحلية) والأجنبية(مِن خارج حدودها الترابية) العابرة للأوطان والقارات.

    لا تتدخل الدولة في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية واليابان و/أو في الدُول المُصنعة بصفة عامة  في المجال التجاري والصناعي و الخدمي إلى في حدود دنيا و/أو في حالة القوة القاهرة(جائحة كورونا-كوفيد 19 أو في حالة مواجهة الزلازل و الفيضانات).

    يجِدُ الباحث في الاستثمار القوانين التجارية لهذه الدول جِدُّ مُتقدمة، وتشمل كافة الأنشطة التجارية على مستوى إقليمها الأرضي والبحري و الجوي دون تمييز بين النشاط التجاري و النشاط الاستثماري  .وبالتالي فهي ليست بحاجة لقانون استثمار لكون قوانينها الوطنية(المحلية) التي لها علاقة بالتجارة و الإقامة و الاستثمار و النشاط الإنتاجي و الاقتصادي و الخدمي بمختلف أنواعه،إضافة إلى وجود منظومة ضريبية وجبائية  كلُّها مُوَّجهة ومُحفَّزة للمُواطن والأجنبي على حد سواء.

    هذا وقد شرعت دول ناشئة في أفريقيا وآسيا و أمريكا الجنوبية و/أو اللاتينية كانت تعتبر بالأمس القريب في خانة البلدان المتخلفة في مزاحمة البلدان الأكثر تصنيعا في مجال استقطاب الاستثمارات الأجنبية بفضل إصدارها لقوانين استثمار مُستقطبة للرأس المال الأجنبي الباحث على الربح.ويُسجِلُ الباحث في قانون الاستثمار،اليوم، وجود تنافس شديد بين حكومات الدول على امتداد آسيا وأفريقيا و أمريكا الجنوبية ومنطقة الشمال الأفريقي مِن أجل إصدار قوانين استثمار مُستقطبة للمستثمرين الأجانب.

    *ما الذي يُميِّز الاستثمار الأجنبي عن الاستثمار الوطني(المحلي) أو الخاص بالمواطنين الحاملين لجنسية البلد؟

    *وجود متميّز للعنصر الأجنبي(Le Facteur étranger ) في الاستثمار الأجنبي إذ هو- الأجنبي- الذي يستقدمُ ،عبر الفعل الاستثماري ،رؤوس أموال( بمختلف أنواعها وصيغها)،وما قد يأتي به مِن خبرات تقنيّة وتكنولوجيّة وفنيّة لتكون موضوع ضخ في الدورة الاقتصادية للدولة المضيفة؛

    -إن استثمار رؤوس الأموال  الأجنبية في الدولة المضيفة يشترط وجود منظومة تشريعية وقانونية وتنظيمية مستقطبة للاستثمار الأجنبي قارة و غير متذبذبة(وجود مناخ أعمال مساعد للاستثمار)؛

    -لا تبادر رؤوس الأموال الأجنبية بأيّ فعل استثمار في أي بلد مضيف إلا بوجود ضمانات قانونية محلية(وطنية) وضمانات قانونية دولية(التصديق على أهم الاتفاقيات الدولية الناظمة للاستثمار وكيفية فض المنازعات (Règlement du contentieux)بين الأشخاص الأجانب (طبيعيين أم معنويين) والدولة المضيفة.

    -بعض الدول تخص الأجنبي بقانونٍ خاص لكي يستثمر فيها أمواله و كفاءاته واختراعاته العلمية مُقابل مزيا متنوعة ومُستقطبة.

    -بعض الدول تخص مواطنيها بمزايا استثمارية تساوي وقد تتجاوز –وهذا ما يحصل-ما تخص به الأجنبي حتى يصبح المواطن قاطرة استقطاب للأجنبي.

     *ما واقع الاستثمار العمومي في الجزائر(الفترة الزمنية الممتدة من سنة 1962 و إلى غاية 1989)؟

    اختارت الجزائر النهج الاشتراكي في مجال التنمية الشاملة منذ تاريخ استعادة السيّادة الوطنية بتاريخ الخامس جويلية 1962 بسند دستوري(دستور 1963)  وإلى غاية  1989 حيث كانت تمويــــــــلات الدولة لبرامــــــج التنميـــــــــــــة الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية المختلفة مصدرها الخزانة العمومية.

    تمثلت وسائل تدخل الدولة كقوّة عمومية على مدار الحقبة الزمنية الممتدة من سنة 1962 و إلى غاية سنة 1989 على النحو الآتي:-المؤسسة المسيّرة ذاتيا(1963 وإلى غاية 1966).

    -المؤسسة العامة الادارية.

    -المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري.

    -الشركة الوطنية،بالإضافة إلى تمكين القطاع الخاص غير المستغل (غير الطفيلي) مِن المشاركة في تنمية البلاد لكن في حدود دنيا.

     خلاصات الحصة الثانية:تمكين الطالب مِن التحكم في المصطلحات والمفاهيم ذات العلاقة بمقياس قانون الاستثمار؛-تزويده بأهم المعارف القانونية التي لها علاقة بالاستثمار.

    ومِن الأسئلة التي اتفقنا على تحضيرها جماعيا لتكون موضوع مناقشة و تحليل وتعقيب:

    -ما طبيعة المرجعية الدستورية لقوانين الاستثمار قبل وبعد تاريخ التعديل الدستوري لسنة 1989؟

    -متى اتجه المُشرع الجزائري نحو الاستثمار الخاص بشقيه الوطني والأجنبي؟

     -ما المقصود بقولنا: إن قانون الاستثمار مقاربة قانونية و فقهية سيّادية؟


  • الجزء الثالث

    الحصة الثالثة: عنوان الحصة الثالثة: طبيعة المرجعية الدستورية لقوانين الاستثمار قبل وبعد تاريخ التعديل الدستوري لسنة 1989

    (  المُشرع الجزائري نحو الاستثمار الخاص بشقيه الوطني والأجنبي- قانون الاستثمار مقاربة قانونية و فقهية سيّادية-بيئة الأعمال في الجزائر ).

    أهداف الحصة: تمكين الطالب الجامعي مِن ودراسة ومُناقشة طبيعة المرجعية الدستورية لقوانين الاستثمار قبل وبعد تاريخ التعديل الدستوري لسنة 1989 و كيفية الانتقال مِن الدولة المُتدخِلة(قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) نحو الدولة المُنظِمة و المُعدِلة.

    العناصر الأساسية للحصة:-معالجة أهم الأسئلة التي تتعلق خصائص ومميزات الأحكام والمبادئ الدستورية في الجزائر و تأثيرها على المنظومة القانونية المتعلقة بالاستثمار.

    الأسئلة العامة للحصة: ما طبيعة المُقاربات الفقهية والقانونية للاستثمار و القانون الواجب التطبيق؟

    النشاطات المُساعدة: استغلال الوسائط الاجتماعية في استلام أسئلة الطلاب و الرد عليها + الحوار المباشر مع الطلاب وتخصيص نصف يوم إضافي للالتقاء بالطلاب في الأسبوع(يوم الثلاثاء من كل أسبوع/الفترة الصباحية).

    ومِن الأسئلة التي كانت محور المناقشة والدراسة و التحليل والتعقيب التالية:

    *هل للاستثمار العمومي في الجزائر للفترة(1962-1989) مرجعِية دستورية؟

    يجد مفهوم الاستثمار العمومي في الجزائر( من سنة 1962 وإلى غاية تاريخنا هذا) مرجعيته في الدساتير  والمواثيق الأساسية للدولة الجزائرية؛

    -دستور 1963:

    حدد دستور العاشر من سبتمبر 1963(ج.ر.ج.ج-العدد64- الصادرة في 10 سبتمبر 1963) الاطار الدستوري العام للدولة الجزائرية القائم على الملكية العامة لوسائل الانتاج وقيادة الدولة للتنمية الشاملة.

    -ميثاق الجزائر لجبهة التحرير الوطني لسنة 1964:

    وهو الميثاق الذي جدد التأكيد على الطابع الاشتراكي للدولة الجزائرية وعلى الملكية العامة لوسائل الانتاج وقيادة الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

    -بيان مجلس قيادة الثورة الصادر بتاريخ 19 جوان 1965(ج.ر.ج.ج،العدد 56،الصادرة في:06-07-1965).

    وفي هذا الاطار أكَّد مجلس قيادة الثورة بتاريخ 19 جوان 1965 على الخيار الاشتراكي وقيادة الدولة السيّادية للتنمية الاقتصادية دون منازع مع التأكيد على القطاع الخاص الوطني غير المستغل(غير الطُفيلي)،وإعطاء الأولوية للاستثمار العمومي بالرغم من إصدار مجلس قيادة الثورة والحكومة الذي كانت تتمثل فيه السلطات الثلاث(التشريعية و التنفيذية والقضائية) لأمرِ ناظم للاستثمار (الأمر رقم:66-284 المؤرخ في 17 جمادي الأولى عام 1386 الموافق لـ15 سبتمبر 1966 المتضمن قانون الاستثمارات) في ظل الدولة الاشتراكية لم يجد نفاذا له بسبب ضعف الاهتمام بدور القطاع الخاص بشقيه الوطني(المحلي) والأجنبي ضمن استراتيجية الدولة التي شرعت في تأميم المناجم(1966) والفروع البنكية التابعة للبنوك الفرنسية المتواجدة بالجزائر والانطلاق في إنشاء وتوسيع نموذج الشركة الوطنية كآلية قانونية تضمن تدخل الدولة في إدارة وتسيير النشاط الاقتصادي.

    -دستور 22 نوفمبر 1976(ج.ر.ج.ج،العدد94،الصادرة في:24-11-1976):

    جاءت أحكام هذا الدستور داعمة للاستثمار العمومي و قيادة الدولة لقاطرة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية .وهو ما يعني تبني الدولة الجزائرية لسياسات تنموية شاملة محورها الدولة المركزية(تسجيلا وتوزيعا لبرامج التنمية على امتداد الدولة) ،وليس للقطاع الخاص بشقيه الوطني و الأجنبي فيها دورا رئيسا وحتى ثانويا رغم اصدار أول قانون ينظم الاستثمار في دولة اختارت النهج الاشتراكي في مجال التنمية الاقتصادية في ظل الدولة الاشتراكية.

    نحن أمام استثمار عموميّ قادته الدولة صاحبة السلطة والسيادة من الفترة الممتدة من سنة 1962 وإلى غاية سنة 1989 تاريخ التعديل الدستوري(23 فبراير 1989)كان قائما على تمويل الخزانة و/أو الخزينة العمومية للمشاريع التنموية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تكون فيه الدولة القوّة العموميّة قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

    *متى اتجه المُشرع الجزائري نحو الاستثمار الخاص بشقيه الوطني والأجنبي؟

    هذا وقد أرست أحكم دستور 1989 مبادئ جديدة في مجالات الحقوق الفردية والجماعية ،وحماية الملكية الخاصة،وإلغاء احتكار الدولة للتجارة الداخلية و الخارجية ،بالإضافة إلى الاقرار الدستوري لدور القطاع الخاص في  التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

    *ما أول قانون يتعلق بالاستثمار في الجزائر لِما بعد تاريخ التعديل الدستوري لعام 1989؟

    يُعتبر المرسوم التشريعي رقم 93-12 المؤرخ في 19 ربيع الثاني عام 1414 الموافق لـ5 أكتوبر سنة 1993 المتعلق بترقية الاستثمار(ج.ر.ج.ج،العدد 64 لعام 19993) أول قانون ناظم للاستثمار في الجزائر لمرحلة ما بعد تاريخ التعديل الدستوري لعام 1989.

    جاء هذا القانون الناظم للاستثمار في الجزائر بعد إصدار سلسلة مِن القوانين الجديدة في مُقدمتها:

    -قانون النقد والقرض رقم 90-10 مُؤرخ في 14 أفريل 1990؛

    -قانون الأملاك لوطنية رقم 90-30 مُؤرخ في أول ديسمبر 1990.

    *ما المقصود بقولنا:إن قانون الاستثمار مقاربة قانونية و فقهية سيّادية؟

     يوجد شبه اتفاق  بين فقهاء القانون الاقتصادي حول الاختلاف في المُقاربات الفقهية لقانون الاستثمار التي تتنوَّع من مفهوم و/أو مُقاربة فقهية ضيَّقة ومفهوم و/أو مُقابرة مُوَّسعة للاستثمار.

    وعليه يجد الباحث في قانون الاستثمار أنَّ ثمَّة اختلاف في مفهوم الاستثمار من دَولة إلى دولة ثانية بمنطقة واحدة بسبب اختلاف النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.وكذلك في الاختلاف المسجل في تقييم ونظرة المشرع المحلي(الوطني) نحو رأس المال الأجنبي (Le Capital Étranger) بصفة عامة. وهذا كلُّه من منطلق أن لكل نظام سياسيّ في دولة ما له مصالحه الاستراتيجية البعيدة و المتوسطة والقريبة المدى بالإضافة إلى الاختلاف في أولويات كل دولة. ومِن حق كل دولة أن تجعل من الاستثمار الأجنبي أولوية في سُلم أولوياتها الاقتصادية والتمويلية لخزينتها العمومية وكذلك  للدولة الأخرى الحق في أن تجعل من الاستثمار الأجنبي  تمويلا ثانويا لاقتصادها الوطنية.

    *ما المقصود بالمقاربة المُختلفة لمفهوم الاستثمار مِن ضيَّقة  إلى مُقاربة واسعة؟

    يجد الباحث في قوانين الاستثمار  لدول مُختلفة نِظاما سياسيا و نهجا اقتصاديا وهدفا اجتماعيا نفسه أمام مقاربتين اثنتين؛

    -الأولى مقاربة فقهية ضيّقة لمفهوم الاستثمار: ونعني بالمفهوم الضيِّق للاستثمار ربط المشرع المحلي-الوطني-مفهوم الاستثمار في حدود السيّادة الوطنيّة في الأوجه الاقتصادية عبر:-إدراج المُشرع المحلي(الوطني) لعنصر الاستثمار (الفعل الاستثماري في الدولة المُضيفة) ضمن الإطار الاقتصادي العام للدولة السيَّادية التي تعتبر الاستثمار بمثابة عنصر مُكمِل لبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تُشرِف عليها باعتبارها صاحبة سلطة وسيادة لا كعنصر أساسي وأولي بالنسبة للدولة.

    -تحديد القطاعات الصّناعية و الاقتصاديّة والتجاريّة والخدميّة المفتوحة للاستثمار الخاص(الوطني والمختلط و الأجنبي)،ومنع  أو تقليص أي استثمار في قطاعات أخرى لها خصوصية بالنسبة للدولة المُضيفة(القطاعات التابعة للدفاع وحماية الاقليم والأمن الوطني والاتصالات المُرتبطة بأمن الدولة..إلخ).

    في حين تتمثل المقاربة الثانية لمفهوم الاستثمار (المفهوم الوَّاسع أو المُوسَّع للاستثمار)في الآتي: وهي مقاربة فقهية موّسعة لمفهوم الاستثمار،ومضمونها  على النحو التالي:

    -تبني واعتماد سياسة جلب الاستثمارات الأجنبية باعتبار أن الاستثمار الأجنبي بالنسبة للدولة المُضيفة يُشكَّل أحد أهم أولويات الدولة المضيفة للاستثمار، بل وقد يكون أولوية بالنسبة لها.

    -إيلاء أهميّة خاصة للاستثمار الأجنبي باعتباره يُشكلُ رافدا أساسيا في النهضة الاقتصادية والتجارية و الخدمية في الدولة المُضيفة.

    -اعتبار الاستثمار(الفعل الاستثماري) وبمختلف أنواعه(وطني و مختلط و أجنبي) في الدولة المضيفة بمثابة عنصر تمويل أساسي وجوهري لبرامج التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، و مورد مالي أساسي للخزينة العمومية(Le Trésor Public).

    -التقليل،وبالقدر الممكن تشريعا و قانونا وتنظيما وقرارا إداريا، من قطاعات النشاط الإنتاجي و التجاري والصناعي والخدمى  الممنوعة عن المستثمرين الوطنيين و الأجانب ،والتقليل من العوائق البيروقراطية أمام المستثمرين الوطنيين و الأجانب، بالإضافة إلى تمكين المتعاملين الاقتصاديين مِن المساهمة المباشرة في صناعة القاعدة القانونية الناظمة للاستثمار بمرافقة الأجهزة الادارية المعنية بالاستثمار على مستوى الدولة.

    تسعى الدول الراغبة في استقطاب رؤوس الأموال المحليّة والأجنبية إلى توفير مناخ للأعمال(Un Climat des affaires) عبر اصدار قوانين تُنظّم الاستثمار في الدولة المضيفة تضمنها تعريفا مُوسَّعا للاستثمار،و كذلك المجالات والقطاعات الاقتصادية و التجارية و الخدمية المسموح بها للاستثمارات الوطنية والأجنبية ،و ضبطها لطبيعة المزايا الممنوحة للمستثمرين الذين لديهم الرغبة في الاستثمار و الضمانات القانونية والقضائية للاستثمارات المسجلة.

    *ما الفرق بين النشاط التِجاري و الاستثمار القائم على عقد استثمار؟

    -ما المقصود بالنشاط التجاري؟

    -نعني بالتجارة" تبادل السلع والخدمات بسرعة وسهولة دون الحاجة لمُعاملات مُعقدة"،والتجارة اليوم في ظل اتساع دائرة المعاملات والمبادلات التجارية تعني  فتح الأسواق أمام السلع والبضائع توريدا وتصديرا بين الدول. وقد توسعت دائرة المبادلات التجارية على الصعيد العالمي منذ تاريخ الاعلان عن بعث منظمة عالمية للتجارة العام 1994.

    ونعني بالتجارة كذلك وتحديدا الأنشطة التجارية ما يحدده المــُشرعُ الوَطني مِن نشاطات يعتبرها تجارية بالأصل و/أو بالتبعية ،فهي مُنظمة بموجب قانون(القانون التجاري).

    والتجارة بتعريف "ويكيبيديا-الموسوعة الحرة" تعني "التبادل الطَوعِـِي للبضائع،أو الخدمات،أو كليهما معا"،وهذا التبادل للسلع و البضائع بدأ  مُقايضة قبل أن يتم اللجوء إلى النقد لتيسير المبادلات التجارية(الثنائية و المُتعددة الأطراف بين الأمم والتجمعات البشرية. وفي عصرنا هذا،وفي ظل الأنترنت والرقمنة واتساع دائرة المعاملات التجارية الالكترونية، تمَّ اللجوء، وبشكل واسع، إلى إدخال بطاقات الائتمان في المعاملات التجارية.

    وللتجارة مدلول لغوي(راجع موقع"ويكيبيديا-الموسوعة الحرة")فهي" تقليب المال لغرض الربح "،أي أن يشتري تاجر سلعة أو بضاعة  مِن تاجر أو صانع أو وسيط تجاري،ويقوم ببيعها بسعرٍ يُدخِل فيه التكلفة(نقل أو شحن أو خدمة تحويل السلعة مِن مكان نحو مكانٍ آخر)+ الضريبة(التي هي أداء قانوني مُستحق على كل تاجر)+ هامش الربح.

    ويُعرِف العلامة ابن خلدون التجارة في مُقدمته على أنها" مُحاولة الكسب بتنمية المال بشراء السلع بالرخيص وبيعها بالغلاء".

    *مَنِ التاجر؟

    جاء بنص المادة الأولى من القانون التجاري الجزائر(الأمر رقم 75-59  المؤرخ  في26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون التجاري،المعدل والمتمم) الآتي: "يُعدُ تَاجِرا كُل شَخصٍ طبِيعي أو مَعنوي يُباشِرُ عَملا تِجاريا ويَتخِذه مِهنة معتادة له،ما لم يقض القانون بخلاف ذلك".

    يسري القانون التجاري على العلاقات بين التُجار، وفي حال عدم وجود نص في القانون التجاري يُطبق القانون المدني والأعراف المهنية عند الاقتضاء(المادة الأولى مكرر من القانون التجاري الجزائري).

    إنَّ أهمَّ ما يميز الأنشطة التِجارية في دولة ما الآتي:-أنها لا تتطلب رأس مال مُحدد لفتح محل تجاري والانطلاق في ممارسة النشاط التجاري بعد حصول الشخص المعنوي و/أو الطبيعي على شرط القيد في السجل التجاري والحصول على التصاريح الخاصة بالممارسة التجارية مِن الجهات والمصالح المُختصة.

    -عدم تمتع النشاط التجاري بمزايا تجارية إلا ما يكرسه القانون التجاري مِن تسهيلات يتمتع بها التجار دون استثناء، ذلك أن المزايا الاستثمارية مُرتبطة بعقد استثمار مُبرم بين الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار و المُستثمر.

    *هل كل تاجر يُعدُ مُستثمرا بالقُوَّة؟

    ليس كل تاجر مُستثمرا إلا إذا أعدَّ هذا الأخير ملفا استثماريا ،وتقدم بِه إلى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار وانتهى بعد مُفاوضات مع مسؤوليها إلى إبرام عقد استثمار(Un acte d’investissement)،وشروعه في إنجاز مشروعه الاستثماري.

    إلا أن التاجر الذي يُنجزُ مشروعا استثماريا أو تجاريا بأمواله الخاصة أو باللجوء إلى البنوك،دون اللجوء إلى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار(ANDI)يبقى تاجرا يخضع في نشاطه التجاري والصناعي والخدمي لأحكام القانون التجاري الساري المفعول.لكن المُستثمر  الذي يدخل عالم الاستثمار عبر الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار يصبح تاجرا بالقوة لكونه مُلزم  بالقيد في السجل التجاري،وحيازة رقم التعريف الجبائي، والخضوع للنظام الجبائي الحقيقي(راجع نص المادة 9 من قانون 16-09 مُتعلق بترقية الاستثمار).

    *مَن المستثمر؟

    إنَّ المستثمر في الدولة المُضيفة قد يكون شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا حاملا للجنسية الجزائرية أو الأجنبية و/أو لأكثر مِن جنسية.(تنويه: المُشرع الجزائري لا يميَّز بين المستثمر الجزائري و المُستثمر الأجنبي).

    خُلاصات واستنتاجات الحصة الثالثة:

     -إن الاستثمار يبقى قضية دولة لها أن تُقرر ومِن منطلق ممارستها لسيادتها الوطنية في كل ما يتعلق بالاستثمار الوطني و الأجنبي.

    -أولوية القانون الوطني في منازعات الاستثمار.

    -ارتباط الفعل الاستثماري بعقد استثمار تبرمه الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار مع المستثمر.

    هذا وقد تم تكليف الطلاب بتحضير ملخصات مكتوبة حول الحصص الثلاث المنجزة منذ انطلاق السنة الجامعية لتكون موضوع مناقشة و تحليل و تعقيب أثناء الحصة الرابعة.


  • الجزء الرابع

    الحصة الرابعة: عنوان الحصة الرابعة: خصائص ومميِّزات عقد الاستثمار

    ( أهم خصائص ومميِّزات عقد الاستثمار ).

    أهداف الحصة: تمكين الطالب الجامعي مِن ودراسة ومُناقشة خصائص ومميِّزات عقد الاستثمار.

    العناصر الأساسية للحصة:-معالجة أهم الأسئلة التي تتعلق خصائص ومميزات عقد الاستثمار في التشريع الجزائري و المقارن

    الأسئلة العامة للحصة: ما طبيعة خصائص ومُميِّزات عقد الاستثمار؟

    النشاطات المُساعدة: استغلال الوسائط الاجتماعية في استلام أسئلة الطلاب و الرد عليها + الحوار المباشر مع الطلاب وتخصيص نصف يوم إضافي للالتقاء بالطلاب في الأسبوع(يوم الثلاثاء من كل أسبوع/الفترة الصباحية).

    باعتبار أن الحصة الرابعة تُعد الحصة الأخيرة في برنامج التدريس فضلنا التركيز فيها على إجراء مناقشة عامة حول المحاور التي سبق أن كانت موضوع شرحٍ وتحليلٍ وتعقيبٍ في الحصص السابقة.

    كما كانت الحصة الرابعة مناسبة ثمينة لطرح عديد الأسئلة التي رأينا ضرورة وأهمية مُناقشتها وشرحها  ومنها:

    *لماذا يتضاعف الاهتمام بقانون الاستثمار؟

    يزداد و يتضاعف الاهتمام بقانون الاستثمار كُلما واجهت الدولة أزمات اقتصادية واجتماعية بغرض إيجاد مخارج  ومنافذ قانونية واقتصادية قد تُسهم في وضع قاطرة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية المتكاملة على سكة الانتاج والتراكم الاقتصادي مِن جديد.

    يجد الباحث في هذا الشأن أنَّ الباحث يهتمُ بالوقائع والظواهر الاقتصادية ذات التأثير المباشر وغير المُباشر في الحياة الاقتصادية للدولة المُضيفة للاستثمارات الأجنبية ،إن من حيث تلبية الاستثمارات الأجنبية القادمة مِن الخارج الاحتياجات الأساسية للمواطنين من ضخ للأموال في الدورة الاقتصادية للدولة المُضيفة للاستثمارات الأجنبية، والأثر الذي أحدثته أو قد تُحدثه الاستثمارات الأجنبية في الدخل الوطني الخام للدولة،والرفع من المداخيل الأجريَّة للعمال والأجراء،ومِنح اجتماعية،وسكن،وتغذية،و صحة،وترقية اجتماعية.بالإضافة إلى البحث في المسائل المتعلقة بمناخ الأعمال بصفة عامة(تدفقات استثمارية من الخارج،وضمانات الاستثمارات الأجنبية وحمايتها قانونا،وتحويل الأرباح من وإلى الخارج..إلخ) وبحالة البلد المعني بصفة خاصة من ناحية البنية الاقتصادية التحتية وقابليتها لاستقطاب الأنشطة التجارية(انتاجا وخدمات و منافذ تسويق).

    يرى الباحث في الفعل الاستثماري جلبا لموارد مالية(لفائدة الشركات التجارية المتواجدة أو تلك التي قد تكون في حالة عسر ماليّ..)،وتقنيّة(قيمة اقتصادية مضافة للاقتصاد المحلي-الوطني-)،وطرق تسيير جديدة (جلب فنيّات محيّنة في مجالي التسيير والإدارة) للدولة المضيفة.

    وعليه تأتي قوانين الاستثمار لتوفر ضمانات(قانونية وقضائية) وتضمن مزايا متنوّعة للمستثمر الأجنبي،كما أن دولا لديها منظومة تحفيزيّة في مجال الاستثمار لمواطنيها في الداخل والخارج منفصلة عن موضوع الاستثمار الخاص بالأجانب.

    *ما الذي نستشفه من التعاريف المختلفة للاستثمار المذكورة أعلاه؟

    نستشف من قراءتنا للتعاريف المذكورة أعلاه(وهي من وجهة نظر اقتصاديّة) وجود عناصر أساسيّة مكوّنه للفعل الاستثماري(L’Acte d’investir ) تأتي على النحو الآتي:

    أولا: المساهمة التي هي على عاتق المستثمر(L’Apport de l’investisseur):

    إنَّ المساهمة التي  هي على عاتق (كاهل) المُستثمر الوطني أو الأجنبي قد تكون مُساهمة مالية( نقدا مباشرا أو قرضا مضمونا) و/ أو مُساهمة عينيَّة أو تحويلا تكنولوجيا (تمكين الشركة أو الدولة المُضيفة من الاستفادة من براءة اختراع أو ملكية صناعية أو فكرية).أي أننا أمام ما يجب أن يقدّمه الراغب في الاستثمار في الدولة المضيفة مِن إضافة نوعية في مجال الاستثمار سواء كان الاستثمار بكيفية مُباشرة أو غير مُباشرة،وقد تكون المساهمة من طرف المستثمر في مجال المانجمانت(التسيير وفق أحدث ابتكارات ادارة الموارد البشرية).والمستثمر قد يكون شخصا طبيعيا مِن حاملي جنسية الدولة المُضيفة أو مِن جنسية دولة أخرى، وإما شخصا معنويا مِن الدولة المُضيفة للاستثمار أو مِن دولة أخرى. إذ أن الاستثمار (ممارسة الفعل الاستثماري)قد يقوم به فرد ( من غير جنسية الدولة المُضيفة) أو مجموعة مِن الأفراد (مِن جنسية الدولة المُضيفة).

    إن معظم الشركات التجارية في العالم أصبحت تخصص حيّزا كبيرا من أرباحها للاستثمار في الدولة المُضيفة التي تتواجد فيه أو في أرجاء العالم(تدوير الاستثمار)، كما أن دولا عديدة تفرض على المستثمر(شركة وإما شخصا طبيعيا) تدوير جزء من الأرباح المُحققة(في شكل استثمارات جديدة-تدوير الأرباح) في الدولة المُضيفة حتى تتمتع بمزايا استثمارية جديدة.

    ثانيا: رغبة المستثمر الوطني و/أو الأجنبي في تحقيق ربح عاجل أم آجل من الاستثمار الذي اختاره طوعا

    يتفق فقهاء قانون الاستثمار على وجود عنصر الربحية(Toute investissement à un but lucratif) في أي فعل أو عمل استثماري سواء من موطني الدولة المُضيفة أو مِن الأجنبي. ونعني بالربحية(تحقيق الربح) رغبة كل مستثمر وطني أو أجنبي على حد سواء تحقيق ربح مِن وراء استثماره. وعليه فإن الاستثمار هو، وفي المقام الأول الرغبة في نماء مال فرديّ و/أو جماعيّ ،أو بيع،أو كراء ملكية صناعية مقابل حصص مالية محركها تحقيق ربحية.ويختلف الفعل الاستثماري في أي قطاع مسموح به قانونا(إنتاج وتصنيع و خدمات ..) عن الفعل الخيري و الفعل الجمعوي و الفعل التعاضدي (وهي أفعال تنعدم فيها الرغبة أو الهدف الربحي).

    تُنظِم قوانين التجارة الأنشطة التِجارية(راجع:قانون رقم 13-06 مؤرخ في 23 يوليو- جويلية-2013،يعدل ويتمم قانون رقم 04-08 مؤرخ في 14-08-2004 يتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية ،ج.ر.ج.ج، عدد 39،الصادر في 31 يوليو 2013.)،وتحدد أحكامها وبنودها صفة التاجر،وشروط القيد في السجل التجاري،وطبيعة الالتزام بضوابط العمل التجاري،بالإضافة إلى ضبط القواعد المسيرة لمختلف الشركات التجارية(مِن تاريخ الإنشاء و إلى غاية انهاء  الشركة).

    إن الفعل الاستثماري(الحاصل على عقد استثمار) المُنجز يُعدُ عملا تجاريا ،لكنه متميز عن الأنشطة التجارية العادية التي ينظمها القانون التجاري لكوننا نحن أمام عقد استثمار يضمن مزايا للمستثمر.

    ولهذا العقد المُبرم قانونا ضمانات وحماية قانونية وقضائية أوسع( خص المشرع الجزائري للضمانات الممنوحة للمستثمرين فصلا كاملا(الفصل الرابع).انظر المواد:21 و 22 و23 و24 و25.) بالإضافة إلى امكانية اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي باعتبار أن الدولة ،ومن خلال اصدارها لقانون الاستثمار وتصديقها على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بنزاعات الاستثمار، قد توَّجهت رغبتها نحو استقطاب الرساميل الوطنيين والأجانب عبر التحسين المستمر لمناخ الأعمال في البلد المضيف(Le Climat des Affaires)بغرض جلب أكبر قدر من رؤوس الأموال العابرة للأوطان.

    يخلص الباحث في قانون الاستثمار الجزائري إلى حقيقة أن كل مستمر يُعدُ تاجرا بحكم القانون لكون القانون الناظم للاستثمار النافذ(قانون رقم:16-09 مؤرخ في 29 شوّال عام 1437 الموافق لـ03 غشت-أوت- سنة 2016 والمتعلق بترقية الاستثمار) يُـلزمُ المستفيد من عقد استثمار(بموجب نص المادة:09 منه) بالآتي:

    -القيد في السجل التجاري( القيد في السجل التجاري يبقى شرطا لازما وضروريا لأي عمل تجاري و/أو استثماريّ).

    -حيازة رقم التعريف الجبائي( نعني برقم التعريف الجبائي  اكتساب الشخص الطبيعي أو المعنوي لبطاقية جبائية تعكس تسجيله جبائيا لدى الجهة الادارية المختصة والغرض منها وقوف الادارة على حالة الشخص جبائيا).

    -الخضوع للنظام الجبائي الحقيقي(نعني بخضوع الشخص الطبيعي و/أو المعنوي للنظام الجبائي الحقيقي خضوعه لاشتراطات الجباية العادية(القائمة على التصريح الجبائي ) لا للنظام الجبائي الجزافي(Régime Forfaitaire ).

    نستشف من نص المادة رقم 09 مِن قانون الاستثمار(16- 09)الآتي:

    -إن المستثمر الحاصل على عقد الاستثمار يُعدُ تاجرا بالقوّة(قوّة القانون) لكونه يحوز على عقد استثمارِ يمكّنه من الاستفادة من نوع من أنواع المزايا التي جاءت بنص المادة:07 من القانون وفي حدود زمنيّة مضبوطة وتحت رقابة الهيئات الادارية المكلفة بذلك(يخضع المُستثمر لِما يخضع له التاجر بعد انتهاء المزايا التي مُنحت له).

    وبالنسبة للتاجر الذي يخضع لضوابط وإجراءات دقيقة لكي يمارس عملا تجاريا(يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا،ويتخذه مهنة معتادة له،ما لم يقض القانون بخلاف ذلك)– راجع نص المادة الأولى من القانون التجاري الجزائري،المعدل و المتمم(الأمر رقم:75-59 الموافق لـ26/09/1975،المعدل والمتمم-فإنه يخضع للقاعدة المتعارف عليها: "ليس كل تاجر بمُستثمر.

    والحقيقة التي يجب ألا نغض عليها الطرف أن المُشرع الجزائري قد ربط تمتع المُستثمر بمزايا عقد استثمار أن يكون المُستثمرُ مقيدا لدى السجل التجاري".

    ويعني التقييد لدى مصالح القيد التجاري أن المُستثمر لا بد أن يكون تاجرا حتى يُمارس الاستثمار ومِن ثمَّ الاستفادة من المزايا الممنوحة.

    وبالنتيجة فإن أي عمل تجاري(انظر نص المادة 1 مكرر/قانون تجاري جزائري: يسري القانون التجاري على العلاقات بين التجار، وفي حالة عدم وجود نص فيه،يطبق القانون المدني وأعراف المهنة عند الاقتضاء) إنّما يهدف وبالضرورة تحقيق منفعة مادية(نقدية، أو أوراق مالية، وعقارات منقولة وثابتة..إلخ).

    إذ تعني  الاستفادة مِن عقد استثمار رغبة المستثمر في التمتع بمزايا جمركية،وجبائية، وضريبية،ومعاملة تفضيلية منصوص عليها قانونا وتذكر في عقد الاستثمار، وهي مزايا ليست موجودة في الأعمال التجاريّة بسبب ارادة المشرع الجزائري استطاب المستثمرين عبر المزايا الممنوحة. فالأعمال التجارية ينظمها قانون تجارة يتم تعديله وتتميمه كلما دعت الضرورة لذلك والتاجر مُلزم باحترام أحكامه وبنوده أثناء ممارسته للأعمال التجارية.

    لكن المستثمر الذي ليس له سابق ممارسة عمل تجاري لا يُحرمه المُشرع الجزائري من الاستفادة من عقد استثمار يبرمه مع الوكالة الوطنية لتطوير ا استثمار لكنه مطالب بالقيد في السجل التجاري حتى يستفيد من مزايا  الاستثمار.

    ثالثا: وجود عنصر المخاطرة(Le Risque) أو المجازفة(L’Aventure) في عملية الاستثمار

    يوجد شبه اتفاق بين خبراء الاقتصاد والماليّة والتجارة و الأعمال حول البديهية الآتية في جل الأنشطة التجارية(تجارة و استثمارا)،وهي على هذا النحو: إن الأعمال التجارية، وقضايا الاستثمار والمضاربة في الأوراق المالية بمختلف أنواعها وصيّغها فيها الكثير من المخاطرة(والمخاطرة، وبقدر ما هي عنصر سلبي عند البعض،فهي عنصر دفع عند غيرهم من المستثمرين من خلال الحرص على تحييد أسباب الفشل). 

    ونعني بالمخاطرة وجود عنصر الإخفاق(فشل المشروع) في المعاملات والعقود التجارية والعمليات الاستثمارية، وهو ما يعد أمرا عاديا في أي عمل تجاريّ أو استثماريّ(وليس سرا القول إن التفكير في فتح محل تجاري بسيط لبيع المواد الغذائية بالتجزئة يتطلب دراسة جدوى(Une étude de faisabilité) لفكرة فتح هذا المحل).

    فالمخاطرة في الأعمال(التجارية و الاستثمارية) تُعدُ عنصرا رئيسا من الفعل الاستثماري،وتشكّل مكوّنا رئيسا لأي فعل أو ممارسة في مجالي التجارة و الاستثمار. ذلك أن التاجر ينطلق في عمله التجاري، وهو على وعي كامل بمخاطر الاخفاق التجاري في أي وقت من الأوقات، ولذلك نجده يسعى إلى تجاوز حالة الاخفاق عبر تحسين طرق ومناهج التسيير والتدبير و الاستشراف في مجال النشاط التِجاري.

    وبالنسبة للمستثمر الذي ينطلق في سعيه لتنفيذ مشروعه الاستثماري فهو قد أدرج في تفكيره عنصر المخاطرة(من منطلق أن الأعمال التجارية و الاستثمارية ليست مضمونة النجاح)التي تعني في القاموس التجاري امكانية الإفلاس لأسباب ذاتية وموضوعية والتسوية القضائية. فالمشروع الاستثماري الذي تُجند له الأموال و الإمكانيات البشرية والمادية، وبأي حال من الأحوال،هو مغامرة  لكنها مُغامرة محسوبة، كما أنّه ليس عملا ارتجاليا بآن واحد،

    إن أي مشروع تجاريًّ  أو استثماري هو في المُنطلق فكرة(Une Idée ) تحتاج للدراسة الدقيقة(دراسة جدوة الاستثمار)،و التقييم(التقييم الدقيق للمخاطر المُحدقة).

    وفي هذا الاطار نجد أن المستثمر  الوطني و الأجنبي، وقبل الانطلاق في تنفيذ فكرة الاستثمار،يُكلف مكتب دراسات  مُختص بتقييم و دراسة مناخ الأعمال في الدولة المضيفة.ومثل ذلك نجد الدولة المضيفة للاستثمار تبادر بترجمة قانونها للاستثمار إلى عديد اللّغات الحيّة في العالم، ومنها كذلك من تبادر بخلق وزارة للاقتصاد والاستثمار ،أو كتابة دولة للاستثمار على مستوى التشكيلة الحكومية تعنى بموضوع الاستثمار على الصعيدين الوطني-القطري- والدولي.

    وتأتي الضمانات القانونية و القضائية الممنوحة للمستثمر الوطني والأجنبي المنصوص عليها قانونا وتنظيما لتُقلل من نسب الاخفاق في أي مشروع استثماري من خلال المرافقة الميدانية من تاريخ اعتماد المشروع و إلى غاية الانتهاء منه.

    ومِن هنا يسجل الباحث في قانون الاستثمار وجود تنافس شرس بين الدول المضيفة للاستثمارات على تقديم أوسع المزايا والضمانات القانونية و القضائية للمستثمرين.

    رابعا: الآجال المحددة لإنجاز المشروع

    يتطلب المشروع الاستثماري نفسا طويلا(إنجازا و دخولا في مرحلة النشاط) وعليه فإن قوانين الاستثمار،وفي معظمها، تأخذ بعين الاعتبار هذا العنصر الحاسم في تشجيع المستثمرين.

    فالاستثمار ليس عملية بيع وشراء تتطلب زمنا قصيرا أو عملية توريد أو تصدير أو تقديم خدمة تشترط السرعة، فهو  انجاز فكرة و ضمان نقلها من الحيّز الفكري نحو الحيز العملي بما يتطلبه هذا الانتقال من زمن قد يطول وقد يقصر بالنظر لحجم المشروع.

    ومن هنا اختلفت المزايا باختلاف حجم وقيمة ومردودية المشروع الاستثماري.

    وعليه فإن المــــُشرع الجزائري وهو  يُحرر أحكام وبنود قانون الاستثمار قد أخذ بعين الاعتبار عامل الآجال (الزمن)،فحدد لكل مرحلة من مراحل الانجاز والدخول في النشاط محفزات متنوعة منها ما هو مرتبط بمرحلة الانجاز ومنها كذلك ما هو متعلق بالانتقال إلى مرحلة النشاط.

    *ما المقصود بقولنا أن الاستثمار الأجنبي يُعدٌ مشروعا محليا بمرجعية دولية؟

    لقد قامت الدولة الليبرالية و/أو الرأسمالية أصلا على قاعدة "من يملك" أو "مَن يُتاجِر"  أو" مَن يَستثمِر" الأمر الذي يجعلها في سباق مع الزمن من أجل توفير مناخ الأعمال المساعد لاستقطاب رؤوس الأموال المخصصة للاستثمار على الصعيد الدولي.

    ويتضاعف اهتمام حكومات الدول في شمال أفريقيا و أفريقيا و آسيا و أمريكا الجنوبية برؤوس الأموال العابرة للأوطان والقارات المُوَّجهة للاستثمار والمقدرة ببلايين الدولارات الأمريكية، عبر تركيز البحث الاقتصادي من أجل تعزيز ميزان الصادرات، وارتفاع الايرادات المالية المتأتية من الصادرات،وتنشيط الدورة الانتاجية و الاقتصادية و التجاريــــــة و الخدمية داخل البلد(تشغيل للجنسين،وأجور، وتصدير،وتمويل للخزينة الدولة من العملات الصعبة..).

    وبما أن رأس المال جبان يخاف مِن المجازفة في المجهول، بل يميل لكل ما هو مناخ آمن واستقرار تشريعي وقانوني وتنظيمي،و ضمانات نجاح للمشاريع الاستثمارية،وسرعة تحويل أرباح، وحماية قُصوى مِن المصادرة والتأميم، فإن الدول المضيفة للاستثمار تجِدُ نفسها(حكومة،وهيئات إدارية معنية بالاستثمار،ودبلوماسية اقتصادية..) في سباق فيما بينها حتى تستفيد، ولو بنصيب أدنى،مِن التدفقات المالية المخصصة للاستثمار لتضخها في دورتها الاقتصادية بغرض ضمان تمويل إضافي لخزينتها العمومية ،وتوفير لمناصب شغل جديدة لطالبي العمل مِن الجنسين في بلدها. فالفعل الاستثماري غير الممارسة التجارية التي لها ضوابطها و تنظيمها وتحديد أداءاتها وفق أحكام ومبادئ مضبوطة ضبطا دقيقا.

    يوجد اتفاق شبه جامع على مستوى الفقه القانوني الاقتصادي على ان الفعل الاستثماري  في الدولة  المضيفة هو نشاط تجاري بالأصل (راجع نص المادة 9 من  قانون رقم:16-09 المتعلق بترقية الاستثمار)إلا أنه متميز لكونه يتضمن عنصرا  أجنبيا (المستثمر أو المال أو السلعة..إلخ)،ويشترط وجود مبادئ أساسية مِن شأنها أن تُكرس مُعاملة عادلة ومُنصفة(راجع المادة 21 من قانون رقم 16-09  المتعلق بترقية الاستثمار)،وعدم رجعية القوانين(راجع المادة 22  من قانون رقم 16-09  المتعلق بترقية الاستثمار ) وحماية مِن المصادرة والاستيلاء(راجع المادة 23  من قانون رقم 16-09  المتعلق بترقية الاستثمار ).

    بالإضافة إلى عديد الضمانات القانونية للاستثمارات بشقيها الوطني و الأجنبي(كالحق في الطعن الاداري،واللجوء إلى المحاكم الوطنية، واستقرار عالم الأعمال)، والقضائية(امكانية اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي، وحماية القضاء الوطني للاستثمارات مِن المصادرة والتأميم و الاستيلاء).

    وعليه فإن الدول التي ترغب في استقطاب رؤوس الأموال المُخصصة للاستثمار نجدها تُسارع إلى التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الاستثمار الأجنبي(كل استثمار يتضمن عنصرا أجنبيا).

    والجزائر التي اختارت التأسيس لمنظومة اقتصادية تقوم على حماية وضمان المبادرة الفردية الوطنية(في المقام الأول) و الأجنبية(كعنصر دعم للمبادرة المحلية)فقد كان لها أن بادرت إلى:

    -التصديق على اتفاقية نيويورك لعام 1958 الخاصة بالاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها بموجب المرسوم الرئاسي رقم:88-233 المؤرخ في 05 نوفمبر 1988(ج.ر.ج.ج،العدد:48 لعام 1988)؛

    -التصديق على الاتفاقية الدولية المتضمنة احداث الوكالة الدولية لضمان الاستثمارات بموجب مرسوم رئاسي مؤرخ في 30 أكتوبر 1995(ج.ر.ج.ج،العدد:66 لعام 1995)؛

    -التصديق على اتفاقية واشنطن لعام المتعلقة بتسوية المنازعات بين الدول ورعايا الدول الأخرى بموجب مرسوم رئاسي رقم:95-346 مؤرخ في 30 أكتوبر 1995(ج.ر.ج.ج ،العدد:66 لعام 1995).

    كما اعتبرت الدولة الجزائرية المعاهدات و الاتفاقيات الدولية والثنائية والمتعددة الأطراف التي يتم التصديق عليها من طرف رئيس الجمهورية وفقا لنص المادة 150 من الدستور الجزائري لعام 2016 تسمو على القانون(المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية،حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور،تسمو على القانون) لا على الدستور. وهو ما تم التأكيد عليه في التعديل الدستوري لسنة 2020 بنص المادة 91/الفقرة12 (صلاحية رئيس الجمهورية في أن يبرم المعاهدات الدولية ويصادق عليها).

    يتميز المشرع الجزائري عن نظرائه في المغرب وتونس ومصر بميزة خاصة في مجال الاستثمار تتمثل في تفضيل الاتفاقيات الثنائية البينية (الجزائر و دولة أخرى) و/أو الاتفاقيات المُتعددة الأطراف. ونجد هذا التفضيل عند اطلاعنا على مضامين الاتفاقيات التي تبرمها الجزائر والدول الشقيقة والصديقة في كل ما يخص الاستثمار على قاعدة المعاملة بالمثل(la réciprocité  Le Principe de).

    للتذكير: صدقت الجزائر على النظام الأساسي للبنك الأسيوي للاستثمار في البنى التحتية الموّقع عليه ببكين(العاصمة الصينية) في 29 جوان 2015 بموجب مرسوم رئاسي رقم:19-344 مؤرخ في 14 ربيع الثاني عام 1441 الموافق لـ11 ديسمبر 2019(الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية،العدد:78 لعام 2019).

     

    وبالرجوع إلى عديد الاتفاقيات الثنائية التي أبرمتها الجزائر مع عديد الدول فإننا نقف على حقيقة أن الجزائر تفضّل الاتفاقيات الثنائية في مجال الاستثمار على المبادرات الفردية.

    هذا وقد أبرمت الجزائر اتفاقيات ثنائية مع دول شقيقة وصديقة منذ لإصدارها لأول مرسوم تشريعي العام 1993 تضمنت توسعا في مجال الاستثمار و الضمانات القانونية لرؤوس الموال الأجنبية.

     

    *ما الجهات السيَّادِية وغير السيَّادِية المـَعنية بالاستثمار في الدولة المُضيفة للاستثمار؟

    تحتل الدولة والقطاع الاقتصادي العمومي و كذلك الخاص الوطني والمختلط و الأجنبي ،كل حسب اختصاصاته وصلاحياته وموارده في تنشيط الدورة الاقتصادية وفق الأحكام التشريعية والقانونية والتنظيمية النافذة في الدولة المُضيفة لاستثمارات الأجنبية. فالأطراف المعنيَّة بتوفير و ضمان مناخ الأعمال المُساعد للاستثمار و التفاعل معها بالإيجاب هي على هذا النحو:

    1:-الدولة باعتبارها ضامنة للأمن الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي للشعب الجزائري،فإنّه يقع على عاتقها ادارة الشأن الاقتصادي و تنفيذ سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عبر الاجراءات والتدابير الآتية:

    -توفير مناخ أعمال مشجّع للاستثمار العمومي و الخاص(الوطني و الأجنبي).

    ومِن منطلق أن قانون الاستثمار يُعدُ قانُونا سياديًا فإن الدولة بِكافة عناصرها هي التي لها تحديد مجال تطبيق أحكام قانون الاستثمار (راجع المادة الأولى من قانون رقم 16-09  لعام 2016 متعلق بترقية الاستثمار)و تحديد مفهوم الاستثمار(راجع المادة الثانية من قانون رقم 16-09  لعام 2016 متعلق بترقية الاستثمار).

    2: القطاع الاقتصادي العمومي: إذ يقع على عاتق شركات مساهمات الدولة التي تعتبر شركات أموال مُكلفة باستثمار المحافظ المالية التي تحوز عليها في المجالات التي تتواجد فيها المؤسسات العمومية الاقتصادية و مساعدتها في الابقاء على أداتها الانتاجية و الخدمية.

    كما يقع على شركات مساهمات الدولة الانخراط في عالم الاستثمار المٌنتج  عبر انشاء وتشجيع المؤسسات العمومية الاقتصادية،والشركات الوطنية،والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري،وتمكينها مِن سبل وإمكانيات الشراكة مع القطاع الخاص.

    بالإضافة إلى تنمية الرأسمال التجاري التابع للدولة(صناديق المساهمة والشركات القابضة و شركات مساهمات الدولة و التجمعات الاقتصادية العمومية)،والدفع به في الأسواق المحليّة(انتاجا و خدمات..)كعنصر دعم واستثمار  واسع النطاق في المؤسسات والشركات التي تواجه عُسرا ماليا  بغرض تنشيط الدورة الاقتصادية الوطنية وحماية المؤسسة العمومية الاقتصادية من الافلاس.

    3:-القطاع الخاص الوطني: كرست الدساتير الجزائرية،ومنذ تاريخ التعديل الدستوري لسنة 1989،دور ومكانة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وإنتاج الثروة  عبر ممارسته للأنشطة التجارية ،وانشاء الشركات التجارية ،والمقاولات بمختلف أنواعها(راجع في هذا الشأن أحكام دستور 1989-المرسوم الرئاسي رقم:88-18 المؤرخ في 28 فبراير 1989 المتعلق باصدار نص تعديل الدستور –المصادق عليه في استفتاء 23 فبراير 1989-ج.ر.ج.ج،العدد:09،تاريخ الاصدار:01 مارس 1989).

    فتح دستور 2020 الباب واسعا لحرية التجارة والاستثمار والمقاولة(راجع نص المادة 61 من الدستور الساري المفعول).

    بادرت الدولة الجزائرية منذ تاريخ التعديل الدستوري لعام 1989 إلى اصدار العديد من القوانين التي تشكل في مجملها الإطار القانوني الناظم للمؤسسة الاقتصادية الصغيرة و المتوسطة و تحفيز المستثمر الخاص منها:-الأمر رقم:01-04 المؤرخ في أوّل جمادي الثّانية عام 1422 الموافق لـ20غشت 2001 و المتعلّق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها(ج.ر.ج.ج ،العدد:47 لعام 2001).-تشجيع المُقاولتية العمومية و الخاصة.-تشجيع إنشاء المؤسسات الناشئة.

    4:-القطاع المختلط باعتباره قطاع متميز في تنشيط الدورة الاقتصادية(انتاجا و خدمات وتحويلا تكنولوجيا) واحتوائه على قُدرات وطاقات إنتاج وتصنيع و تحويل وتقديم خدمات واسعة النطاق. وتسعى السلطات العمومية في هذا الاطار إلى تمكينه من تنشيط الاقتصاد الوطني و إخراجه مِن التبعية للجباية النفطية وبشكلٍ لا رجعة فيه.

    5-القطاع الخاص الأجنبي الذي يحوز  هذا القطاع على إمكانيات كبيرة وطاقات جد هامة في مجالات الانتاج والتسيير والخدمات التي  يحتاجها المُجتمع الجزائري.

    وفي هذا الإطار تتنافس الدول من أجل توفير أحسن وأنجع وأضمن الشروط المساعدة  في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية عبر تقديم أوسع المزايا(Les Avantages) والضمانات القانونية و القضائية(Les Garanties Juridiques et Judiciaires) للمستثمرين الأجانب.

    ومِن الدول النامية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية التي تجاوزت النظرة الضيّقة لمفهوم الاستثمار فانفتحت على الاستثمار الأجنبي ودون أن تفقد رقابتها الدقيقة على مصدر وطبيعة الأموال القادمة لها مِن الخارج وأولته عناية خاصة لكون الدولة رأت فيه العنصر الداعم لاقتصادها.

    إن الهدف من أي قانون استثمار  تصدره الدولة المضيفة إنّما يكمن في تقديم أوسع الضمانات للمستثمر لوطني والأجنبي على حدٍ سواء، أكان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا، أو مِن أصحاب رؤوس الأموال ،أو الابتكارات العلمية والمانجمانت،ودفعه إلى المجيء والاستثمار في البلد.

    هذا ومِن منطلق أولوية الوطني في الاستثمار و المبادرة بالمشاركة في التنمية نقترح التفكير في تشجيع المستثمرين الجزائريين عبر تمكينهم من قانون للاستثمار خاص بهم يتضمن مزايا وحوافز واسعة النطاق لكونهم قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية.إذ كلّما كان المستثمر المحلي-الوطني- معنيا بموضوع الاستثمار في موطنه كان ذلك عامل استقطاب للمستثمر الأجنبي، على أن يُخصص قانون للاستثمار الأجنبي يُوَّجه لأصحاب رؤوس الأموال الأجنبية.

    و تبقى الدولة صاحبة السلطة والسيادة هي التي تحدد طبيعة ونوعية الحماية القانونية والقضائية للاستثمارات الأجنبية، وإعطاء القانون الوطني(المحلي) امتياز القانون الواجب التطبيق في حالة المنازعة في مجال الاستثمار.

    *أسئلة مُختارة الهدف منها  مُساعدة الطالب على مزيد الفهم لمحاور ومضامين المحور الأول من تطبيق المقياس

    *ما الفرق بين الاستثمار العمومي و الاستثمار الخاص بشقيه الوطني والأجنبي؟

    *ما  القواسم المُشتركة بين النشاط التجاري و مُمارسة نشاط استثماري بموجب عقد استثمار؟

    *ما المقصود بالمقاربة الضيَّقة لمفهوم  الاستثمار؟

    *ما المقصود  بالمقاربة الواسعة لمفهوم الاستثمار؟

    * يُعتبرُ تعريف الدكتور حاتم فارس الطعان(الجامعة العراقية-ص11) للاستثمار التعريف الأكثر قبولا مِن قِبل المُختصين في قانون الاستثمار.

    حلل وناقش مضامينه بالاستناد على ما جاء في محاضرات المقياس والمادة التطبيقية

  • قائمة المراجع

    المراجع المستعملة في إنجاز المحور الأول حسب الاستعمال؛

    -أحمد سي علي،النظام القانوني للشركات عبر-الوطنية المُعاصرة والقانون الدولي العام،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع،الجزائر،2009.

    -عمر هاشم محمد صدقة :ضمانات الاستثمارات الأجنبية في القانون الدولي،ط1،دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، مصر،2007.

    -عبدالعزيز قادري، قادري عبدالعزيز:الاستثمارات الدولية،التحكيم التجاري الدولي وضمان الاستثمارات ، ط 2،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر،2006.

    -شيرزاد حميد هروري،منازعات الاستثمار بين القضاء والتحكيم،الطبعة الأولى،دار الفكر الجامعي،الاسكندرية،2017.

    -أحمد عبداللاه المراغي،الحماية الجنائية للاستثمارات الأجنبية-دراسة مقارنة،ط1،دار الفكر الجامعي،الاسكندرية،مصر،2015.

    - زياد فيصل حبيب الخيزران، المزايا والضمانات التشريعية للاستثمار الأجنبي في قوانين الاستثمار العربية-دراسة تحليلية مقارنة-،دار النهضة العربية، القاهرة،2014.

    -عيبوط محند اكلي، الاستثمارات الأجنبية في القانون الجزائري،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر،2012.

    -عبدالقادر  البقيرات،القانون التجاري الجزائري، الطبعة الثانية،ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2012.

     

     للتذكير: المصادر و المراجع باختلاف أنوعاها(المتخصصة والعامة) يجدها الطالب الجامعي في النص الأصلي المُنقح والمزيدة.

     

    ولتحقيق المزيد من المنفعة سيتم نشر المحاور الأربع الأخرى لاحقا.