العرف

يقصد بالعرف ، إتباع الناس سلوكا معينا في موضوع معين بصفة مطردة ولمدة طويلة يجعل الناس يشعرون بقوته الإلزامية كالقانون المكتوب 8[1] ، أي استمرارية العمل بسلوك معين لمدة لدرجة أصبح سلوك ملزما ، اما العرف الدستوري ، فهو (قاعدة مطردة ، أو عادة يقصد بها تنظيم العلاقات بين السلطات الحاكمة بعضها ببعض أو فيما بينها وبين الافراد ويكون لها صفة الالزام في الراي القانوني للجماعة ) .

وللعرف الدستوري ركنان : الركن المادي و الركن المعنوي أما الركن المادي فيتمثل في قيام السلطات المختصة بالفعل بشكر مطر و مستمر التطبيق دون يلاقي اعتراضا من قبل السلطات الاخرى او افراد الجماعة . اي وجب توفر : التكرار والثبات و الوضوح و القدم السلوك

اما الركن المعنوي فهو ان يكون لهذا الفعل صفة الالزام ،و ذلك لوجود اعتقاد لدى الجماعة بضرورة احترام هذه القاعدة و عدم مخالفتها .

و بالتالي يمكننا ان نحدد عناصر العرف الدستوري التالية :

-ان العرف الدستوري ينشأ من خلال عمل أو سلوك متكرر .

- أن العرف الدستوري يتعلق بالسلطة من حيث تشكيلها و ممارستها أو علاقة السلطات التي تمارسها ببعضها البعض .

-شعور السلطات و الأفراد بإلزام تلك العادة أو السلوك . 9[2]

العرف المفسر

ان الدور المفسر للدستور يكون عندما يكتنف احد نصوص وثيقة الدستور غموض أو ابهام ، فيكون عرضة للأخذ و الرد ، فيأتي العرف المفسر لإزالة هذا الغموض ويوقف الاخذ و الرد في فهم النص . فالعرف الدستوري لا ينشئ قاعدة دستورية جديدة بل يقتصر دوره على تفسير قاعدة دستورية مكتوبة اتصفت بالإبهام ، من الأمثلة التي قدمها الفقه الفرنسي ما جرى في ظل دستور 1875 حيث نصت المادة 03 على ان رئيس الجمهورية يكفل تنفيذ القوانين ، وقد فسر هذا النض بإعطاء رئيس الجمهورية سلطة إصدار اللوائح التنفيذية رغم ان النص لم يذكر شئيا لذلك فالعرف المفسر لا يضف قاعدة قانونية و لا يضيف قاعدة جديدة بل يقتصر دورة على وظيفة التفسير .

اما بخصوص القيمة القانونية للعرف الدستوري المفسر، فقد ذهب اغلب الفقهاء لإعطائه نفس القيمة للنصوص القانونية ، حيث يصبح جزءا منها سواء كان دستور جامدا او مرنا

العرف المكمل

هو العرف الذي ينظم مسالة لم ينظمها المشرع في نصوص الدستور ، هذا يعني أن العرف المكمل يكمل نفصا في نصوص الدستور ، اي انه ينشئ قاعدة دستورية جديدة ، كما جرى العرف في ظل دستور 1923 في مصر على منح السلطة التنفيذية صلاحية إصدار لوائح الضبط. كما أجاز أن يرأس الملك الحكومة. وهو أمر لم ينص عليه الدستور صراحة.

بخصوص قيمته القانونية، فقد شهد نقاشا فقهيا كبيرا واختلاف بين الفقهاء بين من يجعل للعرف المكمل قوة التشريع العادي ومن يجعل له قوة قانونية أكبر من قوة النص الدستوري، وقد خلص الدكتور محمد الشافعي أبو راس إلى أن العرف المكمل قاعدة قانونية ملزمة تقوم إلى جانب نصوص الوثيقة الدستورية، اكمالا لنقص فيها، ولذلك تكون لها ذات القيمة والمرتبة القانونية التي تكون للنصوص المكتوبة، وعليه يمكن للمؤسس الدستوري تعديل هذا العرف وإلغاءه.

و يشترط الفقه شرطين حتى يكتسب العرف الدستوري المكمل قيمة قانونية مساوية للقيمة

القانونية للقواعد الدستورية ذاتها ، يمكن ان نذكرهما فيما يلي :-

-عدم مخالفته بشكل صريح لنص دستوري .

- عدم تعديله لأيا من نصوص الدستور

العرف المعدل:

يتضمن العرف المعدل مخالفة لنصوص الدستور. حيث أنه كما يتضح من تسميته يعمل على تعديل النص الدستوري. فهو لا يقتصر على تفسير غموضه كالعرف المفسر. أو إكمال ما يعتريه من نقص مثل العرف المكمل وإنما يهدف إلى تعديل النص الدستوري وإلغاء حكمه. وإضافة حكم جديد أو حذف حكم النص القائم.

ويميز الفقه بين نوعين من العرف المعدل: التعديل بالإضافة والتعديل بالحذف

العرف المعدل بالإضافة

: يهدف إلى إضافة أحكام جديدة قد تتضمن إضافة سلطات واختصاصات جديدة إلى هيئة من الهيئات الحاكمة. لم تقرها نصوص الدستور. ويجب أن تكون الاختصاصات التي أضافها العرف المعدل جديدة تماما حتى لا تكون مثل العرف المفسر.

ويفرق بعض الفقه بين العرف المعدل بالإضافة والعرف المكمل ففي حين أن كلًا منهما يتضمن في حقيقة الأمر إضافة حكم جديد إلى نصوص الدستور.

إلا أن العرف المكمل يفترض سكوت المشرع الدستوري عن تنظيم المسألة التي تدخل فيها. أما العرف المعدل بالإضافة فيفترض إضافة أحكام جديدة إلى جوار الأحكام التي حددها النص الدستوري

العرف المعدل بالحذف

يعني أن يجري العرف على إسقاط اختصاص من اختصاصات هيئة معينة نص عليها الدستور، أو اسقاط العمل بنص من نصوص الدستور نتيجة لعدم استعماله.

ومن ذلك ما نص عليه الدستور الفرنسي سنة 1875 على حق رئيس الجمهورية في حل مجلس النواب ولم يتم استخدام هذا الحق إلا في سنة 1877 وسبب أزمة سياسية وترتب عليها عدم استخدامه فيما بعد حتى صدور دستور 1958 المعمول به في فرنسا حتى الان.

ومثل اخر في ظل دستور 1875 في فرنسا، يتعلق بعدم استعمال رئيس الجمهورية لسلطته في الاعتراض على إصدار القوانين. مما أدى إلى القول بسقوط هذا الحق وعدم استعماله

جدول يوضح الفرق بين العرف : المفسر ، المكمل ، المعدل.

مكانة العرف الدستوري في الدساتير العرفية

الدساتير العرفية هي الدساتير التي يتوفر فيها شرطان:

ألهما أن يكون العرف هو المصدر الرئيسي للقواعد الدستورية، أما الثاني أن تكون معظم القواعد الدستورية قواعد عرفية، فرغم أن الدستور العرفي كالدستور المكتوب تتعدد مصادره، إلا أن العرف الدستوري يحتل المرتبة الأولى من بين مصادر الدستور العرفي. وعليه يعمل به حتى في حال مخالفته للتشريع، وقد ميز الفقهاء بين حالتين لتعارض العرف الدستوري مع التشريع:

- إذا كان العرف سابقا للتشريع: أي ظهر العرف واستقر ثم أصدر المشرع قواعد تناقضه، وجب في هذه الحالة الاعتداد بالقواعد المكتوبة أي التشريع، لأنه يعد نصا لاحقا، واللاحق ينسخ السابق ويلغيه، أو أن –على حد تعبير الدكتور محمد الشافعي أبو راس-المجتمع قد رأى لظروف أحاطت به ولعوامل قدرها، ألا ينتظر العرف ليطور قواعد تنظيم هذا الموضوع، فيتدخل لينظمها هو ويحدث التطور المطلوب، استجابة للظروف، وتعبيرا عن إرادة المجتمع.

-إذا كان العرف لاحقا للتشريع: أما إذا أصدر المشرع تنظيما لموضوع دستوري، ثم ظهر عرف على خلافه واستمر حتى استقر، فإن الغلبة هنا تكون للعرف الدستوري، ويجب احترامه دون النص المكتوب، لأن العرف هو المصدر الرئيسي للدستور العرفي، وعليه إذا ظهر عرف بقواعد على خلاف ما يجري به التشريع، فالأولوية للعرف