مخطط الموضوع

  • المحور الأول:هيئات الوظيفة العمومية

    • تضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الجديد على العديد من عناصر ومبادئ الفاعلية والكفاية والرشادة في الأداء، كما تضمن العديد من أساليب التطوير التنظيمي للإدارة الجزائرية نحو الأفضل والعصرنة ،ومن أمثلة هذه الأساليب العلمية أسلوب المشاركة والحوار من طرف الموظفين في تسيير وإدارة شؤون الوظيفة العامة .               

      .

      يشكل المجلس الأعلى للوظيفة العمومية هيئة تشاور واقتراح تعتمد عليه الحكومة في تحديد سياساتها في مجال الوظيفة العمومية، من جهة أخرى يستشار المجلس حول مشاريع النصوص القانونية ذات العلاقة بقطاع الوظيفة العمومية.

      وإلى جانب المجلس الأعلى للوظيفة العمومية تم تكريس هيئات جماعية للتشاور وإلى تشكل فضاءات حقيقية للتشاور ومساهمة المواطنين في تسير مسارهم المهني والدفاع عن حقوقهم.

      وفي هذا الإطار تنشأ اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء حسب الحالة، على أساس المرتبة  أو السلك أو جملة من الأسلاك من نفس المستوى التأهيلي لدى المؤسسات والإدارات العمومية.

      وتتشاور هذه اللجان حول المسائل ذات الطابع الفردي التي تتعلق  بالمسار المهني للموظفين وبإمكانها الاجتماع في شكل مجلس تأديبي ولجنة تثبيت.

      أما فيما يخص لجان الطعن فهي تشكل هيئة استئناف تختص بالنظر لاسيما في القرارات التأديبية الأكثر جسامة، والصادرة عن اللجان المتساوية الأعضاء تجاه الموظفين...[1]

      وفي هذا الصدد نصت المادة 55 من الأمر 06/03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية على أن الهيكل المركزي وهيئات الوظيفة العمومية هي:

      - الهيكل المركزي للوظيفة العمومية.

      - المجلس الأعلى للوظيفة العمومية.

      - هيئات المشاركة والطعن.

      وهو ما سنتناوله في ثلاث مباحث على التوالي.

                                               

                                                المبحث الأول:

       

      الهيكل المركزي للوظيفة العمومية.

       

      نص الفصل الأول بعنوان الهيكل المركزي للوظيفة العمومية ،وهذا في الباب الثالث الذي جاء تحت عنوان الهيكل المركزي وهيئات الوظيفة العمومية، وقد نص في المادة 56 من الأمر 06/03 والمتضمن (ق.أ.ع.وع) على مايلي <<الهيكل المركزي للوظيفة العمومية إدارة دائمة للدولة>> وحددت مهامه كما يلي:

      - يقترح عناصر السياسة الحكومية في مجال الوظيفة العمومية والتدابير اللازمة لتنفيذها.

      - يسهر للاتصال مع الإدارات المعنية على تطبيق القانون الأساسي العام للوظيفة        

        العمومية وضمان مطابقة النصوص المتخذة لتطبيقه.

        - يتضمن مراقبة قانونية الأعمال الإدارية المتصلة بتسيير المسار المهني للموظفين.

      - تقيم تسيير الموارد البشرية في المؤسسة والإدارات العمومية ويضمن ضبط التعدادات.

      - ينفذ سياسة التكوين للموظفين وتحسين مستواهم ومداركهم العلمية.

      - يقوم بتمثيل مصالح الدولة بصفتها مستخدمة عند الاقتضاء وأمام الجهة القضائية.

      أشارت المادة 57 إلى أن صلاحيات وتنظيم وسير الهيكل المركزي للوظيفة العمومية يتحدد عن طريق التنظيم الذي لم يصدر بعد.

      ومن الملاحظ أن الهيكل المركزي للوظيفة العمومية سوف يقوم مقام المديرية العامة للوظيفة العمومية وهو ماجاء في نص المادة 56 من الأمر 06/03 الذي تعرفه بأنه أدارة دائمة للدولة.         

      وفي انتظار صدور المراسيم التنظيمية التي تحدد صلاحياته وتنظيمه وسيره تواصل المديرية العامة للوظيفة العمومية عملها بصفتها الجهاز المركزي القائم بأهم الصلاحيات المذكورة لهذا الهيكل الجديد.

      والجديد الذي أتى به الأمر 06/03 أنه لأول مرة نص صراحة على هيكل مركزي للوظيفة العمومية وأعطاه صفة إدارة دائمة للدولة وهذا ما لم يكن في الأمر 66/133 ولا المرسوم رقم 85/59 اللذان لم ينصا على هذه الهيئة.

      فالمديرية العامة للوظيفة العمومية كانت دائما إحدى المؤسسات التي حظيت باهتمام السلطات العمومية غداة الاستقلال وكانت أول مديرية تنشأ في الدولة.

      فأنشئت بمقتضى المرسوم المؤرخ في 18 سبتمبر 1962 وألحقت برئاسة الحكومة حيث كلفت تحت سلطة رئاسة الحكومة بصلاحيات متكاملة تتمثل في جميع العناصر المتصلة بسياسة الوظيفة العمومية والسهر على تنفيذ هذه السياسة واتخاذ كل المبادرات التي قد تساهم في تحسين وتنظيم المواقف العامة وسيرها والرفع من قدراتها.[2]

      إلا أن المديرية العامة للوظيفة العمومية رغم طابع الاستمرارية الذي تتميز به لم تحظى بالاستقرار المطلوب لأداء مهامها ففي 21 ديسمبر 1964 تم إدماجها في وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري ثم تم إلحاقها مرة أخرى بوزارة الداخلية في 10 جويلية 1965 ثم إدماجها من جديد في كتابة الدولة للوظيفة العمومية في 06 جوان 1965 ففقدت جزءا معتبرا من صلاحياتها التي كانت تستمد منه قوتها ومصداقيتها ويتعلق الأمر بالمهام المرتبطة بالإصلاح الإداري والتكوين هذه المهام التي أسندت إلى جهة مستقلة عن الهيئة المركزية للوظيفة العمومية.[3]

      وفي سنة 1995 تم رد الاعتبار لهذه الهيئة بصدور المرسوم رقم 95/123 المؤرخ في 29/04/1995 الذي حدد صلاحيات المدير العام للوظيفة العمومية الذي ينظر إليه كمبادرة تصحيحية لهذه الانحرافات فهو يكرس:

      - تعزيز المركز القانوني للمدير العام للوظيفة العمومية عن طريق السلطة التنظيمية التي يضطلع بها في حدود صلاحياته واستقلاليته والوسائل التي أصبح يتمتع بها.

      - استرجاع كل الصلاحيات التي كانت تختص بها المديرية العامة للوظيفة العمومية عند نشأتها ولاسيما ميدان الإصلاح الإداري والتكوين.

      - تفتح صلاحيات المديرية العامة للوظيفة العمومية على الفضاءات الجديدة الناجمة عن التحولات التي طرأت على مهام الإدارة ومحيطها[4].

      لكن هذا التحول لم يدم طويلا حيث بدأت سنة 1996 التحولات الحكومية مما أدت إلى تغيير من جديد في صلاحيات المديرية العامة للوظيفة العمومية، حيث وزعت بين هيئتين مستقلتين تحت إشراف وزير منتدب سنة 1996 إلى 1998 ثم رئيس الحكومة إلى سنة 2006 ثم رئاسة الجمهورية بموجب مرسوم رئاسي يحمل رقم 06/177 المؤرخ في 31 مايو 2006 ويتضمن إلحاق المديرية العامة للوظيفة العمومية برئاسة الجمهورية (الأمانة العامة للحكومة).

       

                                                      المبحث الثاني:

       

      المجلس الأعلى للوظيفة العمومية.

       

       

            -يشكل المجلس الأعلى للوظيفة العمومية هيئة تشاور واقتراح تعتمد عليه الحكومة في تحديد سياستها في مجال الوظيفة العمومية.[5]

      لقد نص المشرع في الفصل الثاني من الباب الثالث في المادة 58  على المجلس الأعلى للوظيفة العمومية وعرفه كما يلي :<< تنشأ هيئة للتشاور تسمى المجلس الأعلى للوظيفة العمومية>>.

          وحدد المشرع صلاحيات المجلس الأعلى في المادة 59 كما يلي:

         - ضبط المحاور الكبرى لسياسة الحكومة في مجال الوظيفة العمومية.

         - تحديد سياسة تكوين الموظفين وتحسين مستواهم.

         - دراسة وضعية التشغيل في الوظيفة العمومية على المستويين الكمي والنوعي.

         - السهر على احترام قواعد أخلاقيات الوظيفة العمومية.

         - اقتراح كل تدبير من شأنه ترقية ثقافة المرفق العام.

      وزيادة على هذه الصلاحيات يستشار المجلس الأعلى للوظيفة العمومية في كل مشروع نص تشريعي ذي علاقة بقطاع الوظيفة العمومية، وهو مايؤكد سياسة المشرع في دعم أسلوب المشاركة والحوار من خلال هذه الهيئات.

      أما تشكيلة المجلس الأعلى للوظيفة العمومية فأحالها المشرع على التنظيم الذي لم يصدر بعد واكتفى المشرع في الفقرة الأولى من المادة 60 بتبيان وذكر المؤسسات والإدارات والجماعات التي لها حق التمثيل في تشكيلة المجلس الأعلى.

      لقد نصت المادة 60 على أن تشكيلة هذه الهيئة يجب أن تتكون من ممثلين عن الإدارات المركزية في الدولة و المؤسسات العمومية، الجماعات الإقليمية، المنظمات النقابية للعمال الأجراء الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني في مفهوم أحكام القانون رقم 90/14 المؤرخ في 02 يونيو 1990.

      كما يضم شخصيات تختار لكفاءتها في ميدان الوظيفة العمومية وستحدد تشكيلته وتنظيمه وطرق سيره عن طريق التنظيم.

      والجدير بالذكر أنه تم النص على إنشاء هذه الهيئة في أول قانون للوظيفة العمومية الصادر بعد الاستقلال وهو الأمر رقم 66/133 وصدر بشأنه مرسوم تنفيذي يحمل رقم 66/142 يتعلق بالمجلس الأعلى للوظيفة العمومية، وفيما يلي سنعرض عرضا وجيزا تشكيلته وصلاحياته المسندة إليه وفقا للمرسوم 66/142 المؤرخ في 02 يونيو 1966.

       

                     

       

       

              تشكيلة المجلس الأعلى للوظيفة العمومية.

      حددت تشكيلة المجلس الأعلى بمقتضى مرسوم 66/142 المؤرخ في 02 جوان 1966،فهو يتكون من 14 عضوا معينين بمرسوم لمدة سنتين قابلتين للتجديد، سبعة منهم باقتراح حزب جبهة التحرير الوطني وسبعة باقتراح الإدارة ويتكون ممثلو الإدارة من:

      - مدير الوظيفة العمومية.

      - مدير الميزانية والمراقبة بوزارة المالية والتخطيط.

      - خمسة مديرين للإدارة المركزية تكون ضمن اختصاصاتهم تسيير شؤون الموظفين أو دراسة المسائل التي تهمهم.

          - ويتولى رئاسة المجلس الأعلى للوظيفة العمومية رئيس الحكومة أو الوزير المكلف

              بالوظيفة العمومية وهذا حسب نص المادة 12 من الأمر 66/133.

      ولم ترتـئي السلطات ضرورة تكييف هذه التشكيلة مع التطورات السياسية الناجمة عن دستور 1989-1996 خاصة منها ما يتعلق بالتعددية الحزبية والنقابية وذلك نتيجة تجميد صلاحيات هذه الهيئة منذ أوائل السبعينات.

      كما لم يرد في قانون 78/12 المؤرخ في 05 أوت 1978 ولا في المرسوم 85/59 المؤرخ في 23 مارس 1985 ما يفيد إعادة الاعتبار لهذه الهيئة الأساسية في بناء الوظيفة العمومية[6].

      ومن كل ما سبق يتضح لنا جليا أن الأمر 06/03 جاء بالجديد فيما يخص المجلس الأعلى للوظيفة العمومية وبالمقارنة البسيطة بينه وبين ما نص عليه المشرع في الأمر 66/133نجد أن المشرع قد أولى اهتمام كبير لهذه الهيئة ورد اعتبارها وهذا من خلال الدور المنوط بالمجلس الأعلى للوظيفة العمومية، وهذا بحثا عن تفعيل أداء دور الوظيفة العمومية، وهو ما يعكسه تخصيص فصل كامل للمجلس الأعلى للوظيفة يحوي أربعة مواد تناولت تعريفه وتبيان صلاحياته وتشكيلته، وهذا خلافا لما كان عليه في الأمر رقم 66/133 المتعلق بالوظيفة العمومية،حيث كان منظما بمادة واحدة فقط، هذا من جهة، ومن جهة أخرى  نجد أن المشرع في القانون القديم قد اكتفى بالنص على إنشاء المجلس الأعلى وتبيان رئيس المجلس وصفته مع ذكر إمكانية أن تحال على المجلس كل مسألة ذات طابع تهم الموظفين.

      أما بالنسبة للأمر 06/03 فقد جاء ليفعل دور هذا الهيكل المركزي وذلك بالنص صراحة على أنه هيئة تشاورية تم تبيان صلاحيته في المادة 59. وهي صلاحيات تشمل ضبط المحاور الكبرى لسياسة الحكومة في مجال الوظيفة العمومية (التكوين، تشغيل، ترقية ثقافة المرفق العام).

      والشيء المهم هو ضرورة استشارته في كل مشروع نص قانوني يتعلق بقطاع الوظيفة العمومية ،بالإضافة إلى دوره في إعداد تقارير سنوية عن وضعية الوظيفة العمومية ترفع إلى رئيس الجمهورية .

      أما فيما يخص التشكيلة فجاءت متنوعة ومواكبة للتطورات السياسية والاجتماعية وذلك بالنص على تشكيلة تضم ممثلين عن المنظمات النقابية للعمال وهو ما يجعل المجلس الأعلى للوظيفة العمومية هيئة مشاركة بالنسبة للموظفين.

      ونلاحظ أيضا تفعيل العنصر البشري لهذه الهيئة وعصرنتها وذلك بالنص على تمثيل واسع لأعضاء المجلس، وذلك خلافا لما كان في الأمر 66/133 (14 عضوا) كما أشرنا سابقا وغالبيتهم مديرين مركزيين فالأمر يختلف في التشكيلة الجديدة إذا نظرنا إلى نص المادة 60 <<ممثلين عن الإدارات المركزية للدولة، المؤسسات العمومية، الجماعات الإقليمية>>، بالإضافة إلى شخصيات ذات كفاءة علمية في مجال الوظيفة العمومية.

       


      المبحث الثالـث

       

      هيئـات المشاركـة والطعـن

       

      إهتم الأمر 06/03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية بمشاركة الموظفين في اتخاذ قرارات تخص مسارهم المهني، فتم تكريس هيئات جماعية للتشاور وإلى تشكيل فضاءات حقيقية للتشاور، ومساهمة الموظفين في تسيير مسارهم المهني والدفاع عن حقوقهم.

      فوفقا للمادة 62 من الأمر رقم 06/03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية توجد ثلاث هيئات للمشاركة وللطعن وهي:

      -      لجان إدارية متساوية الأعضاء.

      -      لجان طعن.

      -      لجان تقنية.

      وجاء في نص المادة 73 من نفس الأمر على أنه تحدد اختصاصات اللجان المذكورة أعلاه وتشكيلها وتنظيمها وسيرها ونظامها الداخلي وكيفيات انتخاب أعضائها عن طريق التنظيم.

      1-اللجان المتساوية الأعضاء:

      تنص المادة 63[7] على إنشاء وتشكيلة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء لدى المؤسسات والإدارات العمومية حسب، الحالة وتنشأ لجنة إدارية متساوية الأعضاء لكل رتبة أو مجموعة رتب أو سلك أو مجموعة أسلاك تساوي مستويات تأهيلهم.

      وتشكل اللجان من ممثلين عن الإدارة وممثلين منتخبين عن الموظفين بالتساوي ويترأسها ممثل السلطة الموضوعة على مستواها.

      فيما يخص اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء جاء في المادة 64[8] أن هذه اللجان تستشار في المسائل الفردية التي تخص الحياة المهنية للموظفين كما تتمتع بصلاحية الترسيم للموظفين وبصلاحيات تأديبية بصفتها مجلس تأديببي.

      أما المادة 68 [9]من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية فنصت على كيفية انتخاب أعضاء اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء كما يلي :<<يقدم المرشحون إلى عهدة انتخابية قصد تمثيل الموظفين في اللجان المتساوية الأعضاء من طرف المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا، وإذا كان عدد المصوتين أقل من نصف الناخبين يجرى دور ثاني للانتخابات وفي هذه الحالة يمكن أن يترشح كل موظف يستوفي شروط الترشيح ويصح الانتخاب مهما كان عدد المصوتين.

      أما المادة 69 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية فإنها تطرقت إلى حالة عدم وجود منظمات نقابية ذات تمثيل لدى المؤسسات والإدارات العمومية ففي هذه الحالة يمكن لكل الموظفين الذين تتوفر فيهم شروط الترشح أن يقدموا ترشيحهم لانتخاب اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء.

      وهكذا وحسب المشروع التمهيدي للقانون المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية فإنه يتم تقديم المترشحين لعهدة انتخابية من اجل تمثيل الموظفين على مستوى اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء من طرف المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا، طبقا لأحكام القانون رقم 90/14 المؤرخ في 02 جوان 1990 المتعلق بممارسة الحق النقابي[10].

      ويذكر أنه خلال مناقشة هذا الأمر وذلك في اجتماع بين اللجنة القانونية لمجلس الأمة والسيد أحمد النوي ممثل الحكومة في 19 أكتوبر 2006 طرحت على ممثل الحكومة عدة تساؤلات منها ما يخص أحكام المادة 68 والمتمثلة في أحقية تقديم الترشيح للمنظمات الأكثر تمثيلا في اللجان المتساوية الأعضاء، فكان رد السيد ممثل الحكومة أن هذا الإجراء معمول به وليس مستحدثا وفقا لما جاء به قانون 90/14 المتعلق بكيفيات ممارسة العمل النقابي[11].

      وبمقارنة ما جاء به الأمر 06/03 فيما يخص اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء نلاحظ أنه لم يأت بالجديد فقد نص الأمر 66/133 كذلك على اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء وهذا في المادة 13 على ما يلي :<<تحدث الإدارات والمصالح والجماعات المحلية والمؤسسات والهيئات العمومية المشار إليها في المادة الأولى أعلاه. لجنة أو عدة لجان متساوية الأعضاء يمكن استشارتها في المسائل الفردية التي تعني الموظفين...وتشمل هذه اللجان بالتساوي على ممثلي الموظفين وممثلي الإدارة>>[12].

      كما أحال المشرع تشكيل وتحديد اختصاص وتنظيم وسير اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء بموجب مراسيم مثله مثل المشرع في نص الأمر 06/03، وصدر مرسوم رقم 66/143 مؤرخ في 2 يونيو 1966 يتضمن اختصاص اللجان المتساوية الأعضاء وتأليفها وتنظيمها وسيرها.

      كما أعطى الأمر 66/133 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العامة، صلاحيات تأديبية للجنة المتساوية الأعضاء وذلك في المادة 54 التي جاءت في فصل التأديب تحت الباب السادس المتعلق بالتأديب كما يلي :<<السلطة التأديبية هي من اختصاص السلطة التي لها حق التعيين وتمارسها عند اللزوم، بعد أخذ الرأي من اللجنة المتساوية الأعضاء بهذه الصلاحية أيضا في الأمر 66/133 وذلك في نص المادة 29 التي تحدد شروط الترسيم وأثاره، فقد جاء في الفقرة الرابعة في المادة 29 كما يلي :<<وعلى اثر الانتهاء من التمرين فإن الترسيم تقدره السلطة التي لها حق التعيين والتي تستطيع بعد أخذ رأي اللجنة المتساوية الأعضاء إما أن تقرر تمديد التمرين وإما تسريح المتمرن>>.

      للإشارة فإنه تم إصدار المرسوم رقم 84/10 المؤرخ في 14 جانفي 1984 الذي ألغى أحكام المرسوم رقم 66/143 المتعلق بتسيير هذه اللجان واعتادت النظر في تنظيم اللجان المتساوية الأعضاء[13].

      وبالنظر إلى أحكام المرسوم رقم 85/59 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية فجاءت المادة 11 منه تنص على إحداث لجان الموظفين في الإدارات العمومية تنظر في جميع القضايا ذات الطابع الفردي التي تهم الموظفين وتتكون هذه اللجان من عدد متساو بين ممثلي الإدارة والمؤسسة المعنية وممثلين منتخبين ينتخبهم الموظفون[14].

      وفيما يخص التثبيت فقد أعطى المرسوم رقم 85/59 صلاحية الترسيم كذلك إلى اللجنة وذلك في المادة 49 والتي تنص على :<<يتم تثبيت المعني إذا أعربت اللجنة عن موافقتها حسب الحالة بقرار أو بمقرر تتخذه السلطة أو الهيئة التي لها صلاحية التعيين>>.

      وكذلك إشراك اللجنة المتساوية الأعضاء في مجال التأديب فقضى المشرع في المرسوم 85/59 بضرورة إشراك اللجنة وإعطاء رأيها فيما يخص العقوبات من الدرجة الثانية والثالثة هذا ما نصت عليه المواد126-127-128-129 من المرسوم 58/59 .

       ومن خلال ما سبق نلاحظ أن الجديد الذي جاء في الأمر رقم 06/03 فيما يخص اللجان المتساوية الأعضاء ،أنه كرس هيئات جماعية للتشاور وإلى تشكيل فضاءات حقيقية للتشاور ومساهمة الموظفين في تسيير مسارهم المهني والدفاع عن حقوقهم، وفي هذا الصدد كرس الأمر 06/03 اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء حسب الحالة، على أساس الرتبة أو السلك أو جملة من الأسلاك من نفس المستوى التأهيلي لدى المؤسسات والإدارات العمومية. وتستشار هذه اللجان حول المسائل ذات الطابع الفردي التي تتعلق بالمسار المهني للموظفين وبإمكانها الاجتماع في شكل مجلس تأديبي أو لجنة تثبيت.

      والأهم في كل هذا هو ما جاءت به المادة 68 والتي قيدت في حقوق الترشح للموظفين في اللجان المتساوية الأعضاء وذلك باشتراطها وجوب تقديم المرشحين من طرف المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا كما بينا سابقا، وفي هذا الخصوص جاء في المشروع التمهيدي المتعلق بالقانون الأساسي للوظيفة العمومية أن هذا التمثيل يكون طبقا لأحكام القانون 90/14 المؤرخ في 02 جوان 1990 والمتعلق بممارسة الحق النقابي.

       

      لجان الطعن:

      أما فيما يخص لجان الطعن، فهي تشكل هيئة استئناف تختص بالنظر لاسيما في القرارات التأديبية الأكثر جسامة والصادرة عن اللجان المتساوية الأعضاء اتجاه الموظفين.

      فقضت المادة 65 من الأمر 06/03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية على أنه تنشأ لجنة طعن لدى كل وزير وكل والي وكذا كل مسؤول بالنسبة لبعض المؤسسات والإدارات العمومية.

      وتشكل هذه اللجان مناصفة من ممثلي الإدارة وممثلي الموظفين المنتخبين ويترأسها ممثل السلطة الموضوعة على مستواها أو ممثل عنها يختار من بين أعضاء الإدارة المعينين بعنوان الإدارة.

      وينتخب ممثلو الموظفين في اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء من بينهم ممثلين في لجان الطعن، أما المادة 66 فتكلمت عن تنصيب لجان الطعن في أجل شهرين (02) بعد انتخاب أعضاء اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء.

      وفيما يخص المهام فإن المادة 67 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية تبين اختصاص لجان الطعن فهي، مختصة بالنظر في الطعون المقدمة من طرف الموظفين في حالة العقوبات التأديبية من الدرجتين الثالثة أو الرابعة[15]، وحسب المادة 67 فإن لجان الطعن مختصة بالنظر في الطعون المقدمة من الموظفين في حالة إدانتهم بعقوبة تأديبية من الدرجة الثانية وهي التوقيف عن العمل 04 أربعة أيام إلى 08 ثمانية أيام، أو حالة التنزيل من درجة إلى درجتين أو النقل الإجباري وكذلك مختصة بالنظر في العقوبات التأديبية من الدرجة الرابعة وهي التنزيل إلى الرتبة السفلى مباشرة أو في حالة تسريح للموظف[16].

      وتبين المادة 175 المدة اللازمة للموظف في حالة تقديم تظلم إلى لجنة الطعن: <<يمكن للموظف الذي كان محل عقوبة تأديبية من الدرجة الثالثة أو الرابعة أن يقدم تظلما أمام لجنة اطعن المختصة في أجل أقصاه شهر واحد ابتداء من تاريخ تبليغ القرار>>.

      وهكذا وبالنظر إلى كيفية تنظيم المشرع للجان الطعن في الأمر 06/03 نجده قد كرس ضمان احترام الحقوق والواجبات وحدد الضمانات والمسؤوليات المختلفة بصورة جامعة للموظفين في الإدارة العامة.

      فإنشاء لجان الطعن يعد أكبر ضمانة ممكنة للموظفين لحمايتهم من تعسف الإدارة المستخدمة والنص على إنشاء لجان الطعن على مستوى الإدارة المركزية والمحلية وكذا في كل الإدارات والمؤسسات العمومية وتبين اختصاصاتها كل هذا يؤدي إلى توفير كافة الضمانات لاحترام مبادئ العدالة والشرعية والمساواة وتوفير الاستقرار والأمان للموظفين في حياتهم المهنية[17].

      بالمقارنة البسيطة بين تنظيم لجان الطعن في القوانين المتعلقة بالوظيفة العمومية في الجزائر نجد أن المشرع في الأمر 06/03 خصها بكثير من العناية بداية من المادة 175 و التي جعلها هيئة استئناف تختص لاسيما في العقوبات التأديبية الأكثر جسامة وذلك بنصه في المادة 175 على مايلي :<<أنه يمكن للموظف الذي كان محل عقوبة تأديبية من الدرجة الثالثة أو الرابعة أن يقدم تظلما أمام لجنة الطعن المختصة>>.

      اللجان التقنية:

              في إطار مشاركة الموظفين في تسيير حياتهم المهنية نصت المادة 62 على لجان الطعن والتي تستشار في المسائل المتعلقة بالشروط العامة للعمل، والنظافة والأمن داخل المؤسسات والإدارات العمومية والمهنية[18]،ونصت المادة 71 من الأمر رقم 6/03 على إنشاء اللجان التقنية لدى الإدارات والمؤسسات العمومية وتشكل من عدد متساو من ممثلي الإدارة والممثلين المنتخبين للموظفين.

      ينتخب ممثلو الموظفين في اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء من بينهم ممثليهم في اللجان التقنية،حسب المادة 72 يتم تعيين ممثلي الإدارة لدى اللجان التقنية من الهيئة التي لها سلطة التعيين.

             ويترأس اللجنة التقنية ممثل عن السلطة الموضوعة على مستواها أو ممثل عنها يختار من بين أعضاء المعينين لأعوان الإدارة،وبإجراء مقارنة نجد أن المشرع في الأمر رقم  66/133 قد نص على اللجان التقنية المتساوية الأعضاء وذلك في بيان الأسباب الخاص بالقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، بأن اللجان التقنية المتساوية الأعضاء التي يخضع تأليفها لنفس المبادئ تمكن ممثلي الموظفين من إبداء رأيهم في المسائل المتعلقة بتنظيم وتسيير الإدارة أو المصالح التي ينتمون إليها، ونص في المادة 13 من الأمر 66/133 وذلك في الفقرة الثانية منها على ما يلي:<<كما تحدث لجان تقنية متساوية الأعضاء تكون على بينة من المسائل التي تختص بها والمتعلقة بالتنظيم وبسير المصالح ولاسيما بالتدابير التي ترمي إلى تجديد الطرق التقنية للعمل>>.

      ونلاحظ أن المشرع في الأمر 06/03 قد أضاف حالات لاستشارة اللجنة التقنية وهي النظافة والأمن.

      فبالإضافة إلى استشارة اللجنة التقنية بالظروف العامة للعمل، أضاف المشرع صلاحيات جديدة للجنة تقوم بها داخل الإدارات والمؤسسات العمومية وذلك بإبداء رأيها فيما يتعلق بالنظافة والأمن.

      ومن خلال ما سبق وفي انتظار المراسيم التنظيمية التي تبين كيفية إنشاء وتشكيلة نظام سير عمل هذه اللجان التقنية يمكننا القول بأن المشرع قد أعاد تنظم اللجان التقنية في هذا الأمر الجديد وذلك بالنظر إلى أن المرسوم 85/59 لم ينص على اللجان التقنية ولا المرسوم رقم 84/10 المتعلق باللجان المتساوية الأعضاء، ومنه نلاحظ أن المشرع قد أعاد اللجان التقنية وأعطاها مهام جديدة داخل الإدارات والمؤسسات العمومية وكلفها بإبداء رأيها في كل ما يتعلق بالأمور الخاصة بالعمل وكذا النظافة والأمن، وهو ما سيكشف عنه التنظيم لاحقا الذي نأمل أن يكون له دور كبير في تحديد أهداف الإدارة وتكييف كل ذلك مع كافة عوامل ومعطيات البيئة الداخلية والخارجية والاقتصادية والسياسية والعلمية والتكنولوجية.

      فهكذا جاء الأمر رقم 06/03 ليدعم اسلوب المشاركة والحوار ويجعله مبدأ مهما في تسيير شؤون الوظيفة العمومية وهذا من خلال إعطاء الفرصة للموظفين للمساهمة في تسيير شؤون الوظيفة والمساهمة أيضا في تنظيم وتسيير حياتهم المهنية وهذا من خلال هيئات الوظيفة العمومية المتمثلة في الهيكل المركزي للوظيفة العمومية والمجلس الأعلى للوظيفة العمومية وأخيرا هيئات المشاركة والطعن .

       



      [1] عرض الأسباب للمشروع التمهيدي للقانون المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.

      [2] أ/خرفي الهاشمي، مطبوعة الوظيف العمومي، ألقيت على طلبة الدفعة الرابعة عشر السنة الثالثة، المدرسة العليا للقضاء، 2005-2006، ص 49.

      [3] نفس المرجع ، ص 50.

      [4] المرسوم رقم 95/123 المؤرخ في 29/04/1995 الذي يحدد صلاحيات المدير العام للوظيفة العمومية.

      [5] المشروع التمهيدي، مرجع سابق، ص 08.

      [6] أ/خرفي الهاشمي، المرجع السابق، ص 51.

      [7] المادة 63 من الأمر المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.

      [8] المادة 64، نفس الأمر

      [9] المادة 68، نفس الأمر.

      [10] المشروع التمهيدي المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.

      [11] مجلة مجلس الأمة مجلة دورية تصدر عن مجلس الأمة العدد 28 ديسمبر 2006، المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار (ANEP) رويبة، الجزائر، ص 16.

      [12] المادة 13 من الأمر 66/133 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.

      [13] د/سعيد مقدم، مرجع سابق، ص 106.

      [14] المادة 11 من المرسوم 85/59 المتضمن القانون الأساسي النموذجي المطبق على عمال الإدارات والمؤسسات العمومية.

      [15] المادة 67 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.

      [16] المادة 163 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.

      [17] مجلة الفكر البرلماني، مجلة متخصصة في القضايا والوثائق البرلمانية يصدرها مجلس الأمة، العدد 17 نوفمبر 2006، ص 228، دار الطباعة ANEP.

      [18] المادة 70 من الأمر 06/032.


  • المحور الثاني :المسار المهني للموظف

    • يلتحق الشخص الذي كان مرشحا لتولي وظيفة عمومية بالإدارة التي نجح في المسابقة من أجل الإلتحاق بها، فيكتسب بعد هذا النجاح عدة مزايا وحقوق كما يلتزم بواجبات ولعلى اولى هته الأمور إكتسابه لصفة الموظف العام التي تبدأ مباشرة بعد صدور قرار تعيينه بصفته متربصا إلى غاية اجتيازه مرحلة التربص بنجاح، فيسخر كامل حياته في خدمة هته الإدارة العامة وعليه أطلق على هذا النوع من النظام الوظيفي إسم نظام السلك الوظيفي أو نظام المسار المهني  او النظام المغلق للوظيفة العمومية. لأن الموظف في ظل هذا النظام سيسخر كامل جهده وحياته في خدمة الدولة مقابل حقوق وضمانات، منها الأجر والترقية والحماية الإجتماعية و التقاعد والعطل وكذا تنظيم وضعيات قانونية تعطيه الحق في التكوين او القيام بواجبات تجاه أسرته او السماح له بترقية نفسه ترقية علمية مثلا، كل هذه الأمور يطلق عليها تسمية تنظيم المسار المهني للموظف العام داخل إدارته وهو ما سنتناوله في هته الدروس على الخط بدا من إلتحاق الموظف و تعيينه وترقيته إلى غاية خروجه للتقاعد أو نهاية العلاقة الوظيفية بأي طريقة كانت وذلك في مايلي:

      1- التوظيف:

      خصص المشرع للتوظيف فصلا كاملا في الباب الرابع المعنون بتنظيم المسار المهني بدءا من المادة 74 إلى المادة 82، فجاءت أحكام المادة 74 تخضع التوظيف لمبدأ المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة، وهذا المبدأ نصت عليه كل الأحكام الدستورية والتشريعية والتنظيمية المنبثقة عن المواثيق الدولية القاضية بأن  التوظيف مبدأ دستوري [1].

      وقد كرس الدستور الجزائري هذا المبدأ في نص المادة 51 التي نصت على ما يلي :<<إن كل المواطنين متساوون في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون>>.

      وقد جاءت كل النصوص القانونية مكرسة لهذا المبدأ باعتماده كقاعدة أساسية لتولي الوظائف العمومية في الدولة، وهكذا فقد كرس الأمر 66/133 هذا المبدأ بطريقة غير مباشرة وذلك بنصه في المادة 26 على أن يتم التوظيف تبعا لإحدى الكيفيتين أو للكيفيتين معا المبينتين أدناه:

       1ـ  المسابقات عن طريق الاختبارات.

               2ـ المسابقات عن طريق الشهادات.

      كما أكد المشرع في المرسوم رقم  85/59 نفس الطريقة وكرس هذا المبدأ في مادته 34 إذ جعل الالتحاق بالوظائف العمومية يتوقف أصلا على المسابقة وقد أحال في مادته 36 إلى إطار قانوني يحدد كيفيات تنظيم وإجراء هذه المسابقات[2].

      لقد جاء الأمر 06/03 ليكرس هذا المبدأ صراحة وذلك بتخصيص المادة 74 من الفصل الأول الخاص بالتوظيف، هذا المبدأ جاء واضحا وهو عكس ما كان في القوانين السابقة والتي كان يستشف منها هذا المبدأ فقط.

      ـ شروط التوظيف:

      نصت المادة 75 على الشروط الواجب توفرها في المتقدم للترشح في وظيفة          عمومية ،وألزمت هذه المادة توفر هذه الشروط وإلا لا يمكن التوظيف بدونها ونذكرها فيما يلي:

      1- الجنسية الجزائرية: فاشتراط المشرع لشرط الجنسية ليس بالجديد وذلك بالنظر على نص المادة 25 من الأمر 66/133 فنجد شرط الجنسية واجب توفره في الالتحاق بالوظيفة العمومية.

      ولكن نلاحظ أن الأمر 06/03 لم يشترط الجنسية الأصلية في التوظيف وذلك تماشيا مع أهداف الإدارة والمصلحة العامة إذ نجد أن بعض الوظائف يشغلها أجانب ،والإدارة في حاجة إليهم مثل قطاع التعليم العالي نجد فيه أساتذة من عدة جنسيات مثلا .

      وهكذا نجد أن المرسوم رقم 85/59 أيضا نص في المادة 31 على شرط الجنسية الجزائرية،بالإضافة إلى شروط أخرى؛

      - أن يكون متمتعا بالحقوق المدنية؛

      - أن لا تحمل شهادة سوابقه القضائية ملاحظات تتنافى وممارسة الوظيفة المراد الالتحاق بها.

       وهذان الشرطان نصت عليهما أيضا الفقرة الثانية من المادة 31 في المرسوم 85/59 إذ تنص على أن يكون الموظف يتمتع بالحقوق المدنية، وذا أخلاق حسنة وكذلك الفقرة الثانية من المادة 25 بالنسبة للأمر 66/133.

      - أن يكون في وضعية قانونية تجاه الخدمة الوطنية، وشرط الخدمة الوطنية نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة 75 من الأمر 06/03 كما نصت عليه الفقرة الخامسة أيضا من المادة 31 من المرسوم 85/59 والمتعلق بالقانون النموذجي المطبق على الإدارات والمؤسسات   العمومية ،وفي هذا الإطار صدرت تعليمة مؤخرا صادرة عن رئيس الحكومة تحت رقم 06 مؤرخة في 06 ماي 2008 تتضمن تعديل التعليمة 02 المؤرخة في 25 جانفي 1997 المتعلقة بإثبات الوضعية إزاء الخدمة الوطنية، بصفة مسبقة للتوظيف، وتسليم بعض الوثائق الإدارية موجهة للتطبيق إلى السادة والسيدات أعضاء الحكومة والسيد الأمين العام للحكومة والتي جاء في فحواها أنه وفي إطار تقييم مدى تنفيذ تعليمة رئيس الحكومة رقم 02 المؤرخة في 25 جانفي 1997 سجلت صعوبات تعترض الشباب الملزمين بأداء الخدمة الوطنية وذلك سواء في بحثهم عن التوظيف أو عندما يرغبون في استصدار وثائق تعد لازمة لهم أحيانا للالتحاق بأي عمل، ومنه جاءت التعليمة 06 المؤرخة في 06 ماي 2008 لتلغي أحكام التعليمة 02-1997 التي تفرض إثبات الوفاء بواجب الخدمة الوطنية، وذلك قصد تسهيل التحاق هؤلاء الشباب بعمل معين، وتوضح التعليمة 06/2008 في الفقرة الأخيرة، أنه يجب على كل طالب لعمل أو لوثيقة إدارية من الشباب البالغين سن 20 فأكثر أن يثبت وضعيته القانونية إزاء الخدمة الوطنية بموجب شهادة تستظهر تحديدا إن كان مستفيدا من التأجيل أو مؤجل للتجنيد أو مستثنيا أو معفى[3].

      ومنه جاءت هذه التعليمة للتطبيق الصحيح والسليم لشرط الخدمة الوطنية المنصوص عليه في الأمر 06/03 لأن الأمر 06/03 كان واضحا من خلال نصه على أن يكون طالب الوظيفة في وضعية قانونية تجاه الخدمة الوطنية، وذلك على أساس أن التعليمة السابقة كانت تفرض إثبات الأداء للخدمة الوطنية وهو ما لا ينص عليه الأمر 06/03 ولا المرسوم 85/59 أيضا في المادة 31 إذ تشترط أن يوضح وضعيته إزاء الخدمة الوطنية وليس إثبات الأداء.

      يعتبر مبدأ المساواة من المبادئ الأساسية التي يقوم قانون الوظيفة العمومية عليها ،غير أنه يتضمن بعض الاستثناءات تفرضها المصلحة العامة [4] ،فالمصلحة العامة تقتضي أحيانا أن لا يتولى الوظائف العمومية إلا الأشخاص القادرين على أداء وظائفهم، فهم بالتالي مطالبون     بالاستجابة، على وجه الخصوص إلى عدة شروط لاسيما منها السن والكفاءة البدنية والسلوك والتأهيل.

      السن: إن تحديد شرط السن الأدنى للالتحاق بالوظيفة العمومية أمر ضروري، وذلك تماشيا مع سن الرشد المدني، وهو ما أخذ به المشرع في الأمر الجديد 06/03 المتعلق بالقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، إذ تنص المادة 78 على ما يلي:<<تحدد السن الدنيا للالتحاق بوظيفة عمومية، بثماني عشرة(18) سنة كاملة>>[5].

      القدرة البدنية (اللياقة البدنية): وهذا الشرط نصت عليه القوانين السابقة مثل الأمر رقم 66/133 والمرسوم رقم 85/59، اللذان نصا على وجوب تأكد السلطة الإدارية من اللياقة البدنية للمترشحين لتولي الوظائف العمومية، ويجب أن يتوقف الالتحاق بالوظيفة العمومية على التحقق من القدرة البدنية، وبصفة خاصة من عدم وجود مرض بدني أو ذهني خطير، وزيادة على هذه الشروط العامة فإنه يمكن للتنظيم توقيف الالتحاق ببعض الوظائف أو الأسلاك على شروط خاصة باللياقة البدنية.

      وهذا ما ذهبت إليه المادة 76 التي أتاحت للإدارة إمكانية تنظيم فحص طبي في التوظيف  لبعض أسلاك الموظفين، وهو الشيء الجديد الذي أتى به الأمر 06/03.

      السلوك: اعتبارا للطابع الخاص الذي يميز الوظيف العمومي، فإن المبدأ السائد هو أنه لا يمكن لأي شخص أن يعين في وظيفة عمومية ما لم يكن متمتعا بسلوك حسن، ومن صلاحيات الإدارة التأكد من استيفاء شروط السلوك المطلوبة، ويمكن إجراء ذلك قبل الترشح للمسابقة وهذا ما أقرته الفقرة الثانية من المادة 77 من الأمر 06/03 والتي نصت على إمكانية أن توضع بعض القوانين الخاصة بالأسلاك التي يتوقف الالتحاق بها على إجراء تحقيق إداري مسبق.

      التأهيل: يتوقف الالتحاق بالوظيفة العمومية على إثبات كفاءة مهنية،وهذا بحيازة مستوى من المعرفة أو من القدرات العلمية مثبتة عادة في شهادة مدرسية أو جامعية، ويتم مراقبتها والتأكد منها من خلال نتائج المسابقة أو الامتحان المهني وهذا ما جاءت به المادة 79 من الأمر 06/03 :<<يتوقف الالتحاق بالرتبة على إثبات التأهيل  بشهادات أو إجازات أو مستوى تكوين>>. أما المادة 80 من الأمر 06/03 فجاءت لتكرس التجسيد القانوني لمبدأ المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة، حيث أن مبدأ المساواة للالتحاق بالوظائف العمومية يكرس من الناحية العلمية عن طريق المسابقة ويطلق عليه في الدول الانجلوسكسونية Meritsystem أي نظام الاستحقاق[6].

      وتعتبر المسابقة عن طريقة الانتقاء، الأكثر شيوعا لتوظيف الموظفين كوسيلة لاختيار مترشحين،فيتم التأكد من تكوينهم ومن كفاءتهم حسب الترتيب في الاستحقاق وفضلا على ذلك فإن التوظيف عن طريق المسابقات أي التوظيف الخارجي يسمح بإقامة توازن مع التوظيف الداخلي عن طريق  الترقية الاختيارية، وذلك قصد التشجيع على تجديد تعدادات الوظيف العمومي[7].

       

      وقد كرس الأمر 06/03 الالتحاق بالوظائف العامة عن طريق المسابقة في المادة 80 فنص على أنه (يتم الالتحاق بالوظائف العمومية عن طريق :

      -      المسابقة على أساس الاختيارات؛

      -       المسابقة على أساس الشهادات بالنسبة لبعض أسلاك الموظفين ؛

      -      الفحص المهني؛

      التوظيف المباشر من بين المترشحين الذين تابعو تكوينا متخصصا منصوصا عليه في القوانين الأساسية، لدى مؤسسات التكوين المؤهلة ).

      ويتم إجراء المسابقات بطرق مختلفة حسب البلدان، وتحاط بعدة ضمانـات وتجـد هـذه الضمانات تبريرها ليس فقط في الإنصاف وعدم التحيز اللذان ينبغي أن يميز إجـراء الاختيـارات ولا الرغبة في سد باب كل شك أو تعسف من قبل الإدارة. بل أيضا في ضمان توظيـف نـوعي للإدارة وسنشرح فيما يلي بعض المسابقات وكيفية الإجراءات فيها.

      المسابقة على أساس الاختبارات.

          تعتبر المسابقة على أساس الاختبارات الطريقة الأكثر شيوعا في مختلف أنظمة الوظيفة العمومية ويعهد تقدير المترشحين في الغالب إلى لجنة يسمح تشكيلها الجماعي بتوفير ضمان عدم     التحيز، ويرجع اختيار أعضاء اللجنة أصلا للسلطة التي لها صلاحية التعيين أو السلطة التي خولت لها هذه الصلاحيات بصفة قانونية، وتكون اللجنة مقيدة بنظام المسابقة[8].

      المسابقة على أساس الشهادة:

             يتم شغل بعض الوظائف على أساس الشهادة كما بينت الفقرة الثانية من المادة 80 من الأمر 06/03 بالنسبة لبعض الأسلاك الخاصة.

            وتعد المسابقة على أساس الشهادة الأكثر استعمالا للتوظيف في بعض التخصصات أو التأهيلات النادرة أو التي تتطلب مهارات خاصة، وكذا لتوظيف خريجي تكوين المدارس الكبرى (الأساتذة المساعدين الأطباء المتخصصين، المهندسين...)[9].

      مع الإشارة إلى أنه يوجد استثناء على هذه القاعدة، فنجد أحيانا أن الإدارة تلجأ إلى التوظيف المباشر عن طريق الترخيص التنظيمي المؤقت وذلك قصد إنشاء أسلاك جديدة والسماح بالتوظيف المباشر في حالة قلة عدد المترشحين أو في حالات ظرفية التي يترتب عنها صعوبات في التوظيف مثل (الجنوب أو أقصى الجنوب)، ويمكن اتخاذ نص تنظيمي بمستوى مرسوم للخروج عن القاعدة الأصلية والسماح بالتوظيف المباشر[10].

      فهكذا فإن تنظيم المشرع للتوظيف في الأمر 06/03 لم يأت بجديد يذكر، حيث نص على شروط عامة  للتوظيف في المادة 75 كما نصت على شروط خاصة وجب احترامها لدى بعض الأسلاك الخاصة التي تتميز بخصوصيات معنية، أما فيما يخص طرق التوظيف فنظمها وفقا لطريقتين نذكرهما بإيجاز:

      الطريقة الأولى للتوظيف:

      - التوظيف الخارجي ويشمل ما يلي:

      1- التوظيف عن طريق المسابقة على أساس الاختبارات : فنصت المادة 20 من المرسوم التنفيذي رقم 08/04 مؤرخ في 19 جانفي 2008 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك المشتركة في المؤسسات والإدارات العمومية على ما يلي :<<يوظف أو يرقى بصفة متصرف رئيس على أساس الاختيارات الحائزون على شهادة الماجستير أو شهادة معادلة لها>>.

      2- التوظيف على أساس الشهادة: كذلك نصت الفقرة الأولى من نفس المادة على أنه يوظف على أساس الشهادة المترشحون الحائزون على شهادة المدرسة العليا للإدارة الذين تابعوا دراستهم في ظل نظام المرسوم التنفيذي رقم 06/419 مؤرخ في 22 نوفمبر 2006[11].

      3- التوظيف المباشر من بين المترشحين الذين تابعو تكوينا متخصصا منصوصا عليه في النصوص الأساسية لدى مؤسسات التكوين المؤهلة.

      4- التوظيف على طريق الفحوص المهنية.

      الطريقة الثانية للتوظيف

      التوظيف الداخلي: وهو عملية انتقال الموظف الموجود في الخدمة من رتبته الأصلية إلى رتبة أعلى بإحدى الطرق التالية:

      1- عن طريق المشاركة في الامتحان المهني: نجد نص الفقرة الثالثة من المادة 20 من المرسوم رقم 08/04 السابق الذكر تنص على التوظيف أو الترقية الموظف بصفة متصرف رئيسي عن طريق الامتحان المهني في حدود 30% من المناصب المطلوب شغلها، المتصرفون الذين يثبتون خمس 05 سنوات من الخدمة الفعلية بهذه الصفة.

      2- عن طريق الاختيار  أي التسجل في القائمة التأهيلية: وذلك على سبيل الاختيار ويعد التسجيل في قائمة التأهيل في حدود 10% من المناصب المطلوب شغلها المتصرفون الذين يثبتون 10 سنوات خدمة فعلية بهذه الصفة كما أوضحته الفقرة الرابعة من المادة  20 من المرسوم السابق الذكر.

      3-   عن طريق التأهيل المهني في إطار الترقية الاستثنائية: إذا كان الموظف يتمتع بتأهيل خاص.

      4- على أساس الشهادات إذا تحصل الموظف على شهادة في حدود المناصب الشاغرة وهذا الشيء الجديد الذي جاء به الأمر 06/03 فتنص المادة 21 من المرسوم 08/04 على التوظيف الداخلي وذلك بالترقية المباشرة إلى رتبة أعلى بالنسبة للموظف المتحصل على رتبة متصرف رئيسي المتصرفون الذين تحصلوا بعد توظيفهم على شهادة الماجستير أو شهادة معادلة لها.


      2-التربص أوالترسيم في المنصب:

      التربص هو المدة التي يخضع فيها كل موظف مبتدأ لفترة تربصية يتمرن فيها وتسمح للإدارة بمعرفة قدرة الموظف على القيام بأداء المهام المنوط بها، ولقد حدد الأمر 06/03 مدة التربص بسنة واحدة وذلك في المادة 84 وهذا خلافا لما كان معمول به في أحكام المرسوم رقم 58/59 الذي كان يحدد فترة التربص بتسعة أشهر فقط.

      ولقد خصص المشرع لحالة التربص فصلا كاملا بعنوان التربص وخصص له 10 مواد كاملة لتبيين كيفية وطريقة الآثار المترتبة على التربص، فجاء في المادة 83 أنه (يعين كل مترشح تم توظيفه في رتبة للوظيفة العمومية بصفة متربص)، وجاءت الفقرة الثانية من نفس المادة بالاستثناء الوارد على التربص، وذلك بإمكانية نص بعض القوانين الخاصة ونظرا للمؤهلات العالية المطلوبة للالتحاق ببعض الرتب على الترسيم مباشرة في الرتبة.

      وفي هذا الإطار نصت المادة 05 من المرسوم 08/04 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك المشتركة في الإدارات والمؤسسات العمومية تطبيقا للمادتين 83 و 84 من الأمر 06/03 بأنه :<<يعين المترشحون الذين يوظفون في الرتب والأسلاك التي يحكمها هذا القانون الأساسي الخاص بصفة متربصين بموجب قرار من السلطة المخولة صلاحية التعيين ويلزمون باستكمال التربص التجريبي الذي تكون مدته سنة واحدة.

      وتنتهي فترة التربص طبقا للمادة 85 بترسيم المتربص الذي حصل على تقويم ايجابي أو بإخضاع المتربص إلى فترة إضافية وبنفس المدة ولمرة واحدة وعند تقييمه بنتائج سلبية مرة أخرى فإنه يسرح دون تعويض أو إشعار مسبق.

      وتطبيقا لهذه المادة جاءت المادة 06 من المرسوم 08/04 المتعلق بالقانون الأساسي الخاص بالأسلاك المشتركة بما يلي: <<على إثر فترة التربص يرسم المتربصون أو يخضعون لتمديد التربص مرة واحدة للمدة نفسها وإما يسرحون دون إشعار مسبق أو تعويض>>.

      وتجدر الإشارة أن الأمر 06/03 لم ينص على الفترة التربصية للموظف أثناء ترقيته من منصب لآخر وهو ما نصت عليه المادة 108 فجاءت لتعفي الموظف المستفيد من الترقية طبقا للمادة 107 من فترة تربصية حيث تنص المادة 108 على ما يلي :<<يعفى الموظف الذي تمت ترقيته في إطار الأحكام المادة 107 من التربص وهو ما لم يكن مشار إليه في أحكام المرسوم 85/59>>

      وتم اقتراح الترسيم وفقا للمادة 86 من قبل السلطة السلمية المؤهلة ويتوقف ذلك على تسجيل في قائمة التأهيل، ويقدم ذلك الاقتراح إلى اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة.

      وحددت المادة 87 واجبات وحقوق المتربصين، وذلك بإخضاعهم لنفس الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الأمر 06/03 والخاصة بكل الموظفين.

      غير أنه وفقا لنص المادة 88 لا يمكن أن يستفيد المتربص من الوضعيات القانونية الأساسية والمنصوص عليها في هذا الأمر مثل النقل أو وضعه في حالة الانتداب أو الاستيداع، كما نصت المادة 89 على عدم إمكانية المتربص أن يترشح  لعضوية اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء ولا للجنة الطعن أو اللجان التقنية، غير انه يمكن للمتربص أن يشارك في انتخاب ممثلي الموظفين المنتمين للرتبة أو السلك الذي يسعى للترسيم فيه.

      وتجدر الإشارة للمادة 90 والتي جاءت بالجديد فيما يخص حسبان فترة التربص في الخدمة الفعلية وأخذها بالحسبان عند احتساب الأقدمية  للترقية في الرتبة والدرجات وفي التقاعد وهو ما يعتبر ضمانة وتكريس لحقوق الموظفين وما يترتب عليه من زيادة فعالية أداء العنصر البشري داخل الإدارة.

      2-           التسيير الإداري للتسيير المهني للموظف:

       بالمقارنة البسيطة بين ما جاء به الأمر 06/03 والمرسوم 85/59 نلاحظ أن المشرع أعطى اهتماما كبيرا لتنظيم المسار المهني للموظف، وهو ما يؤثر إيجابا على مردودية وفعالية هذا الموظف في العمل المنوط به، ونستشفه من الاهتمام الذي كرسه المشرع في القانون الجديد، كالمسار المهني للموظف فنلاحظ أنه خصص فصلا كاملا للتسيير الإداري للمسار المهني وخصص أربعة مواد شرح فيها واجبات الإدارة في تكوين ملف إداري للموظف ومكونات هذا الملف وتسجيلها وتصنيفها باستمرار، وزيادة على ذلك نلاحظ أن الأمر 06/03 جاء حماية لحقوق الموظف الشخصية والسياسية والنقابية و الدينية، وذلك من خلال نص المادة 93 الفقرة الأخيرة، ومع مقارنة المرسوم 85/59 نجد أنه خصص مادة واحدة ويتعلق الأمر بالمادة 50 التي تنص على وجوب فتح الإدارة لكل موظف ملفا إداريا يشتمل على جميع الوثائق التي تهم وضعيته الإدارية، كما تدرج فيه مقررات العقوبات التأديبية الخاصة بالموظف.

      بالإضافة إلى المادة 96 من الأمر الجديد والمتعلق بالوظيفة العمومية التي تنص على إبلاغ الموظف بكل القرارات المتعلقة بوضعيته الإدارية.

      4- تقييم الموظف والترقية:

      وفقا لنص المادة 97 من الأمر 06/03 يخضع الموظف العمومي أثناء مساره المهني إلى تقييم مستمر ودوري، والهدف من هذا التقييم الدوري هو تقدير مؤهلات الموظف المهنية على أساس مناهج ملائمة يهدف بصفة خاصة إلى:

      - الترقية في الدرجة.

      - الترقية في الرتبة.

          - منح امتيازات مرتبطة بالمردودية وتحسين الأداء ومنح الأوسمة الشرفية والمكافآت.           

      وقد جاءت المواد من 106 إلى 110 لتبين كيفية الترقية في الدرجة والرتب للموظف وهكذا فإن الترقية في الدرجات والانتقال من درجة إلى درجة أعلى مباشرة حسب الكيفيات التي تحدد عن طريق التنظيم.

       وتجدر الإشارة إلى أنه صدر في هذا الشأن المرسوم الرئاسي رقم 07/304 المؤرخ في 29 سبتمبر 2007 وينص في المادة 11 منه على كيفية الترقية في الدرجة المطبقة على الموظفين الذين ينتمون على الأسلاك المشتركة.

      أما المادة 107 فتبين الترقية في الرتب وهي تقدم الموظف في مساره المهني وذلك بالانتقال من رتبة إلى رتبة أعلى مباشرة في نفس السلك أو في السلك الأعلى مباشرة حسب الكيفيات الآتية:

      - على أساس الشهادة من بين الموظفين الذين تحصلوا خلال مسارهم المهني على الشهادات والمؤهلات المطلوبة.

      - بعد تكوين متخصص.

      - عن طريق امتحان مهني أو فحص مهني.

      - على سبيل الاختيار عن طريق التسجيل في قائمة التأهيل ، بعد أخذ رأي اللجنة   

         الإدارية المتساوية الأعضاء، من بين الموظفين الذين يثبتون الأقدمية المطلوبة.

      غير أنه في المادة 109 تنص على شرط متابعة مسبقة منصوص عليه في القوانين الأساسية الخاصة أو الحصول على الشهادات المطلوبة في حالة الترقية من فوج إلى فوج آخر أعلى مباشرة كما هو منصوص عليه في المادة 08 من الأمر 06/03 والتي تصنف أسلاك الموظفين حسب مستوى تأهيل مطلوب لكل فوج، وعليه فالترقية من فوج إلى فوج آخر متوقفة على شرط الحصول على المستوى أو الشهادة المطلوبة لكل فوج أو في إطار تكوين تنص عليه بعض القوانين الخاصة[12].

      أما بالنسبة للتقييم الذي يهدف من ورائه إلى منح أوسمة شرفية ومكافئات فنجد الأمر 06/03 نص على نوع جديد من التحفيزات وبعض المكافآت التي لم يكن منصوصا عليها من قبل حيث خصص فصلا كاملا لها، ومن خلال المادة 112 فالمشرع بين إمكانية تسليم أوسمة شرفية ومكافآت للموظفين في شكل ميداليات استحقاق أو شجاعة أو شهادات وزارية، وعليه نصت المادة 113 على أنه :<<يمكن للموظف الذي قام أثناء تأديته مهامه بعمل شجاع مثبت قانونيا أو قام بمجهودات استثنائية ساهمت في تحسين أداء المصلحة أن يستفيد من أوسمة شرفية أو مكافئات بعد استشارة لجنة خاصة تنشأ لدى السلطة الوزارية المختصة>>.

      نلاحظ أن الأمر 06/03 جاء بالجديد في إطار تقييم الموظف وذلك بتشجيعه بهذه الأوسمة الشرفية، ولكن تبقى أمور معنوية أكثر منها مادية ملموسة فالواقع العملي يقرر الأوسمة والمكافئات الشرفية بالنسبة للموظف الذي قام بمجهودات استثنائية لا تكتسي أهمية كبيرة إذا نظرنا إلى بعض الصعوبات التي تواجهه في تطبيق هذا الأمر وخاصة إذا رأينا أن تشكيل اللجنة المشرفة على الأوسمة والمكافئات تصدر عن طرق التنظيم وهذا ما يؤدي حتما إلى التأخر الكبير في إنشائها.

      3-           تنظيم وضعية الموظف تجاه الإدارة.

      إن تنظيم وضعية الموظف وحركات نقله تجاه الإدارة لها أهمية بالغة لكل من الموظف من جهة والإدارة المستخدمة من جهة أخرى، حيث يسمح للإدارة أن تتابع كل ما تملكه من عناصر بشرية ومواردها وما تحوزه على رتب ووظائف ومؤهلات، ومن جهة تضمن حقوق الموظفين مثل العطل طويلة الأمد، والتكوين الخارجي أو تحسين مستواهم أو عطلة أمومة مثلا للمرأة الموظفة...الخ.

      وهكذا فاستفادة الموظف من بعض الوضعيات القانونية كالاستيداع والانتداب وخارج الإطار لحقوقه وله في المقابل واجبات معينة وتختلف من وضعية لأخرى وعلى هذا الأساس فالأمر 06/03 المتعلق بالقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية اهتم بهذا الأمر ولما كانت هناك بعض الحوادث والوقائع التي من شأنها أن تجعل الموظف ينقطع عن عمله فإن المشرع قد نظمها في حالتين:

      الحالة الأولى: وهي حالة المزاولة العادية من طرف الموظف داخل إدارته الأصلية.

      الحالة الثانية: وهي حالة الانقطاع عن الوظيفة بسبب من الأسباب التالية:

      *  الانتداب.

      * خارج الإطار.

      * الإحالة على الاستيداع.

      * الخدمة الوطنية.

      وعلى أساس هذا التقسيم سنتطرق للوضعيات القانونية الأساسية للموظف وحركات نقله كالآتي:

       

      أولا- حالة القيام بالخدمة:

      خص المشرع هذه الحالة بفصل كامل متكون من أربعة مواد (128 إلى 132) فتعرفها المادة 128 على أنها وضعية الموظف الذي يمارس فعليا الخدمة داخل المؤسسة أو الإدارة العمومية التي ينتمي إليها، والملاحظ أن الأمر 06/03 لم يأت بالجديد في تعريفها إذ أنها لا تختلف عما جاءت به مختلف التشريعات في مجال الوظيفة العمومية، فالمرسوم 85/59 نص على وضعية القيام بالخدمة تحت تسمية (الخدمة الفعلية)، وذلك في الفصل الأول من الباب السادس والمتعلق بحالات العمال وحركات نقلهم. إذ تنص المادة 87 على أن:<<يكون العامل في حالة الخدمة الفعلية إذا كان يمارس فعلا الوظائف المطابقة لمنصب العمل الذي عين فيه.

      واعتبر المشرع ضمن الأمر 06/03 بعض الحالات التي تشكل وضعية القيام بالخدمة بالرغم من أن الموظف يكون غائبا عن وظيفته ونذكر منها:

      - الموظف الموجود في عطلة سنوية.

      - الموظف الموجود في عطلة مرضية أو حادث مهني.

      - الموظفة الموجودة في عطلة أمومة.

      - المستفيد من رخصة غياب.

      - الموظف الذي تم استدعائه لمتابعة فترة تحسين المستوى أو الصيانة في إطار الاحتياط.

      - الذي تم قبوله لمتابعة فترة تحسين المستوى[13].

      أما المادة 131 من الأمر 06/03 فنجد أن القانون الجديد أدرج وضعية جديدة تتمثل في فتح باب العمل أمام الموظفين العموميين ضمن الجمعيات الوطنية المعترف بها بالصالح العام وقد حددت مدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة شريطة أن يكون الموظف متمتعا بمؤهلات ذات علاقة بموضوع الجمعية، وخلال فترة العمل هذه يمارس الموظفين مهامهم تحت سلطة مسؤول الجمعية التي وضعوا تحت تصرفها، ويستمر دفع رواتبهم من مؤسستهم أو إدارتهم الأصلية[14].

       

      وهكذا من خلال تحليلنا للنصوص القانونية التي أدرجها المشرع في الأمر 06/03 والمتعلقة بوضعية القيام بالخدمة نجد أن الأمر الجديد جاء ليكرس حقوق كبيرة للموظف والتحسين من أدائه وفعاليته داخل وأثناء القيام بالخدمة، وذلك بالنظر إلى اعتبار الموظف في وضعية خدمة بالرغم من غيابه وهذا ما جاء في المادة 208 و 212 و 215 التي رخص فيها القانون الجديد للموظف بالغياب وهي كالآتي:

      - متابعة دراسات ترتبط بنشاطاته لممارسته في حدود 4 أربعة ساعات في الأسبوع.

      - للقيام بمهام التدريس.

      - المشاركة في دورات المجالس التي يمارس فيها عهدة انتخابية.

      - لأداء مهام مرتبطة بالتمثيل النقابي

      - للمشاركة في التظاهرات الدولية والثقافية والرياضية.

      ومنه فالأمر 06/03 يكرس الحقوق والضمانات الدستورية المنصوص عليها لاسيما التعددية السياسية والنقابية والثقافية والتعليم وتحسين المستوى...الخ.

      أما من الناحية الاجتماعية فنجد الأمر 06/03 اهتم بها كثيرا، إذ نص في المادة 212 على الحق في الغياب مدفوع الأجر لمدة ثلاثة (03) أيام في المناسبات التالية:

       - زواج الموظف.

      - ازدياد طفل للموظف.

      - ختان ابن الموظف.

      - زواج أحد فروع الموظف.

      - وفاة زوج الموظف.

      - وفاة أحد الفروع أو الأصول أو الحواشي المباشرة للموظف أو الزوجة.

       

      ثانيا- حالة الانقطاع عن الوظيفة:

      باستقراء النصوص المنظمة للوظيفة العمومية بالجزائر، نجد اهتمام كبير بحالات انقطاع الموظف على العمل لدى إدارته ،فبالرجوع إلى الأمر 66/133 والمتضمن للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية نجد أنه صدر بشأنها مرسوم تحت رقم 66/150 مؤرخ في 02 يونيو 1966 يتعلق بنظام بعض الأوضاع الخاصة للموظفين ونظم المشرع في هذا المرسوم حالتين تتعلق الأولى بالالتحاق (الانتداب)، وتتعلق الثانية بإحالة الموظف على الاستيداع، وقد  ورد في المادة 66 من القانون رقم 78/12 والمتعلق بالقانون الأساسي العام للعامل، حالة الاستيداع مثلا التي أقرت على أن الاستيداع حالة تؤدي إلى تعليق علاقات العمل ويمكن اعتبارها امتياز وفرصة تمنحها الإدارة المستخدمة للموظف أو العامل قصد قضاء أمور شخصية.

      وهكذا فقد جاء الأمر 06/03 ليركز على هذا الجانب بسبب حساسية الوضعية التي يسببها الانقطاع عن العمل والسير العادي للمرفق العام وعليه، فتنظيم هذا الجانب من الوضعيات القانونية يكتسي أهمية كبيرة ، وعليه سنرى فيما يلي الحالات والوضعيات القانونية للموظف وهو في حالة انقطاع عن الوظيفة، وكيف نظمها الأمر 06/03 ،وهل أتى بالجديد فيما يخص ذلك ودورها في تكريس حقوق الموظفين، والتأثير على مردوديتهم وفعاليتهم على أساس أن هذه الوضعيات تعود بالفائدة الكبيرة على الموظف من حيث تحسين مستواه التعليمي والتكويني، وعلى مستوى الإدارة من جهة أخرى، إذا نظرنا بالفائدة التي تعود إليها من حيث تكوين الموظفين واكتسابهم لمهارات جديدة من خلال انتدابهم لأعمال جديدة وتمثيلهم لوظائف حكومية ووظائف سامية قد تعود بالفاعلية والمردودية على أداء الإدارة والمنفعة العامة.

      *وضعية الانتداب:

       وهي من بين الوضعيات التي تؤدي على تعليق علاقة العمل وقد نظمها الأمر 06/03 في 07 مواد ويمكننا توضيحها كما يلي:

      أ - تعريف الانتداب: عرفته المادة 133 على أنه حال الموظف الذي يوضع في خارج سلكه الأصلي أو إدارته الأصلية، مع مواصلة استفادته في هذا السلك من حقوقه في الأقدمية وفي الترقية في الدرجات وفي التقاعد في المؤسسة أو الإدارة العمومية التي ينتمي إليها.

       

      ب - الحالات التي يكون فيها الانتداب بقوة القانون: بينتها المادة 134 وهي:

      - لتمكين الموظفين من ممارسة وظيفة عضو في الحكومة.

      - لتمكين الموظفين من ممارسة عهدة انتخابية دائمة في مؤسسة وطنية أو اجتماعية     

         إقليمية.

      - لتمكين الموظفين

      -  من ممارسة وظيفة عليا في الدولة أو منصب عال في مؤسسة إدارية عمومية غير

         تلك التي ينتمي إليها.

             - لتمكين الموظفين من ممارسة ومتابعة تكوين أو تمثيل الدولة في مؤسسات أو هيئات   

              دولية.

      ج - الحالات التي يكون فيها الانتداب بطلب من الموظف نفسه:

      تبينها المادة 135 وذلك لتمكينه من ممارسة نشاطات لدى مؤسسة أو إدارة عمومية أو في رتبة غير رتبته الأصلية، وفي حالة وظائف تأطير لدى مؤسسات أو الهيئات التي تمتلك الدولة كل رأسمالها أو جزء منها أو في إطار التعاون أو لدى المؤسسات أو الهيئات الدولية.

      د - مدة الانتداب: وتحدد نسبة الانتداب حسب المادة 94 من المرسوم 85/59 بـ 5% من تعداد الموظفين في الإدارة المستخدمة إلى قطاعات عمل أخرى عمومية، ونسبة 10% في الحالات التالية، من أسلاك الوظائف المشتركة أي أسلاك الوظائف النوعية والعكس بالعكس ،ومن سلك الوظائف النوعية إلى سلك آخر لوظائف نوعية. ومن أجل ممارسة وظائف في بلد أجنبي في إطار التعاون التقني أو لدى منظمة دولية أو لمتابعة دورة تكوينية تتجاوز 06 أشهر توافق عليها الإدارة المستخدمة أو تصادق عليها كما يمكن أن يعوض الموظف المنتدب حين انتدابه.

      وكما توضح المادة 136 أن مدة الانتداب هي ستة (06) أشهر كحد أدنى وخمس 05 سنوات كحد أقصى قابلة للتجديد، وهذا حسب ما تقتضيه الضرورة سواء لأسباب قانونية أو المنفعة العامة، وقد تكون لفترات متساوية عندما تطلب المؤسسة صراحة أو الهيئات المعنية التي ينتدب لديها الموظف أو الضرورة ملحة من أجل تحقيق المنفعة العمومية، وهذا بعد أخذ رأي اللجنة المتساوية الأعضاء أو عندما ينتدب الموظف لدى منظمة دولية أو لدى إدارة أجنبية، كما يمكن أن يكون الانتداب محل إلغاء ولاسيما في حالة زواله وهذا ما تبينه الفقرة الأخير من المادة 133 من الأمر 06/03.

       

      *الإحالة على الاستيداع:

             تعتبر هذه الحالة واحدة من الحالات التي تؤدي إلى تعليق علاقة العمل أو توقفها ، وقد وردت في قوانين عدة منها ما جاء في المادة 66 من القانون رقم 78/12 والتي أقرت على أنها حالة تؤدي إلى تعليق علاقات العمل. ويمكن اعتبارها بمثابة امتياز وفرصة تمنحها الإدارة المستخدمة للموظف أو العامل قصد قضاء أمور شخصية ، أو يفرضها القانون والتي تتطلب منه الانقطاع لفترة زمنية معينة حسبما أقره القانون وقد ورد ذكرها أيضا في المرسوم رقم 85/59 المؤرخ في 21 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية أما فيما يخص القانون رقم 06/03 فقد نظمها في الفصل الرابع من الباب السادس.

      أ/تعريفها: هي تلك الوضعية القانونية التي يتوقف فيها الموظف عن أداء مهامه مؤقتا مع احتفاظه برتبته ، إلا أنه لا يستفيد من حقوقه في الترقية، والدرجات وفي التقاعد، ولا يتقاضى الموظف المتواجد في هاته الحالة أي راتب ولا يمكنه أن يمارس أي نشاط مربح[15]. ويكون للإدارة خلالها أن تقوم بإجراء تحقيقات حول الموظف المعني للتأكد من تطابق الإحالة على الاستيداع مع الأسباب التي أحيل من أجلها الموظف على هذه الوضعية إلا أنه يحتفظ الموظف المعني بالأمر بالحقوق المكتسبة في الرتبة التي يكون  فيها يوم قبول الإحالة على الاستيداع.

      وبالتالي نجد أن الطرفان (الموظف والإدارة المستخدمة) في بعض الحالات التي يتعذر فيها على الموظف ولأسباب موضوعية مؤقتة الاستمرار في تنفيذ التزاماته المهنية والقيام بأداء العمل الموكل، أو لأغراض شخصية خاصة به وكانت هذه الأغراض تستدعي من الموظف التفرغ الفعلي لها مؤقتا فتعلق علاقة العمل بالاتفاق المتبادل بين الطرفين.

      ب/ حالات الإحالة على الاستيداع: إن هذه الوضعية القانونية تختلف باختلاف الأسباب المؤدية إليها، فتعد الإحالة على الاستيداع حق قانوني للموظف ويتحصل عليها بقوة القانون في الحالات التالية:

      1.   حالة مرض خطير أو حادث أصاب الزوج أو أحد الأصول أو الفروع.

      2. للسماح للموظف بالالتحاق بزوجه إذا عين في ممثلية جزائرية بالخارج أو هيئة دولية أو كلف بمهمة تعاون ولم يتمكن من الاستفادة من وضعية الانتداب فإنه يستفيد من وضعية الاستيداع إلى حين انتهاء المهمة[16].

      3.   السماح للزوجة الموظفة بتربية ولد يقل سنه عن خمسة (05) سنوات .

      4.   للقيام بدراسات أو أبحاث فيها منفعة عامة وذلك بطلب من الموظف نفسه.

      إن حالات الاستيداع التي نص عليها المشرع في القانون 06/03 لا تكرس إلا بواسطة قرار إداري فردي من السلطة المؤهلة[17]، وهنا يلاحظ إغفال دور اللجنة متساوية الأعضاء التي كانت تدلي برأيها في المسألة خاصة إذا كانت الإحالة على الاستيداع لأغراض شخصية وهو ما نجده منصوص عليه بصفة خاصة في المرسوم 85/59 والمتعلق بالقانون الأساسي لعمال الإدارات والمؤسسات العمومية.

      هذا يؤدي بنا إلى التحدث عن المدة القانونية لها: فهي تمنح مبدئيا لمدة دنيا قدرها 06 أشهر قابلة للتجديد في حدود أقصاها خمس سنوات في الحياة المهنية للموظف فيما يخص حالة الاستيداع ضمن الحالات رقم واحد وثلاثة المذكورين أعلاه ويمكن أن تكون هذه الحالات متتالية أو منفصلة حسب ما تقتضيه الضرورة، أما فيما يتعلق بالإحالة على الاستيداع والتي تكون لأغراض شخصية (الحالة الرابعة) فإنها تكون لمدة دنيا قدرها ستة أشهر قابلة للتجديد في حدود  سنتين خلال الحياة المهنية للموظف بعد سنتين أقدمية عامة.

      فتجديد الإحالة على الاستيداع للاستفادة من فترة ثانية مدتها سنة على الأكثر لنفس السبب أي لأغراض شخصية لا يمكن إقرارها إلا بعد مضي خمس سنوات ممارسة فعلية للمهام ولا يمكن أن تتجاوز النسبة القصوى للموظفين المحالين على الاستيداع 5% من العدد الحقيقي للسلك ما عدا من يحالون على الاستيداع قانونا، كما أن الموظفين المعينون لدى الممثلات الجزائرية في الخارج أو المنتدبين لدى هيئات دولية أو للقيام بمهمة تعاون يوضعون قانونا في هذه الوضعية وتساوي مدتها مدة مهمة الموظف.

      3/ الخدمة الوطنية:

      فهي وضعية قانونية أخرى ، والتي تم ذكرها في المادة 114 من المرسوم 85/59 والمادة 154 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية 06/03 فأداء الخدمة الوطنية هو واجب يحظى باهتمام كبير من قبل الدول وخاصة المعاصرة منها ، والتي تعتمد على الجيش الاحتياطي كالجزائر وبالتالي فالفترة التي يقضيها الموظف في الخدمة الوطنية أو في إعادة تجنيده تعتبر وكأنها فترة عمل فعلي في الإدارة المستخدمة الأصلية، ففي السابق لا سيما في المرسوم 85/59 المذكور سابقا كان الموظف يوضع بمجرد التحاقه بصفوف الجيش الوطني الشعبي في وضعية الانتداب بقوة القانون لكن في الأمر 06/03 أصبحت هذه الوضعية مستقلة بحد ذاتها .

      فهي واجب على كل شاب جزائري البالغ من العمر 18 سنة كاملة والمتمتع بالجنسية الجزائرية صحيح البدن والعقل. وهي مساهمة فعلية في احتياجات الدفاع الوطني وبالتالي نجد أن الموظف المحال إلى الخدمة الوطنية يوضع في وضعية خاصة تدعى  الخدمة الوطنية ويفقد عندها أجره وملحقاته ، وفي هاته الفترة لا يأخذ الموظف إلا المنحة المخصصة حسب الرتبة.

       

       

      4/وضعية خارج الإطار:

      تعتبر هذه الوضعية مستحدثة ضمن الأمر 06/03 حيث عرفتها المادة 140 منه على أنها :" الحالة التي يمكن أن يوضع فيها الموظف بطلب منه بعد استنفاذ حقوقه في الانتداب في إطار أحكام المادة 135 في وظيفة لا يحكمها هذا القانون الاساسي ".

      وللإشارة فإن هذه الوضعية تم التعرض عليها ضمن مرسوم تنفيذي رقم 90/230 في المادة 17 منه ، وقد تم بموجبها اعتماد هذه الوضعية للولاة فقط إذ أنه في حالة إنهاء مهامه فإنه يمكن أن يوضع في وضعية خارج الإطار يتابع بموجبها مهاما لدى إدارة مركزية أو هيئة عمومية وفي هذه الحالة فإن الأجر يحتسب من لدن الإدارة أو الهيئة المستحدثة ويمكن أن يعين الوالي على رأس ولاية أخرى.

      إن وضع الموظفين في وضعية خارج الإطار لا يمكن أن تكون إلا لصالح الموظفين الذين ينتمون إلى الفرع ) ويتعلق الأمر بسلك الموظفين الحائزين على مستوى التأهيل المطلوب لممارسة نشاطات التصميم والبحث والدراسات أو كل مستوى تأهيل مماثل فيمكن أن نلاحظ أن الاستفادة من هذه الوضعية لا تكون إلا لموظفين يمتازون بمؤهلات عالية ووضعهم ضمن وضعية خارج الإطار من شأنه أن يسمح للإدارة باستغلال كفاءتهم وخبرتهم لصالح سير الإدارات والمرافق العمومية[18].

      إنهاء الخدمة:

      لقد نظم المشرع الجزائري الحالات التي تنتهي بها علاقة العمل ، فنص على سبعة (07) حالات ينتج عنها إنهاء الخدمة ويفقد شاغل الوظيفة صفة الموظف تبعا لذلك والحالات السبعة التي ينتج عنها إنهاء الخدمة التامة التي نص عليها الأمر 06/03 في الباب العاشر تحت عنوان إنهاء الخدمة هي[19]:

      1.   فقدان الجنسية الجزائرية أو التجريد منها:

      إذا فقد الموظف جنسيته الأصلية أو المكتسبة لتنازله عنها سواء بإرادته أو في حالات سحبها منه، أو إسقاطها عنه ، فإنه في هذه الحالة يصبح غير أهل للاستمرار في شغل الوظيفة ، وتنتهي خدمته بقوة القانون[20].

      2. فقدان الحقوق المدنية:

      لقد اعتبر المشرع الجزائري فقدان الحقوق المدنية من الحالات التي تنتهي بسببها العلاقة الوظيفية ، وفقدان الحقوق المدنية تعتبر من العقوبات الجزائية التبعية، وقد اعتبرها المشرع من الحالات التي تفقد صفة الموظف حرصا منه على الحفاظ على هذا المركز القانوني الهام الذي يعكس صورة الدولة من خلال الأداء الوظيفي الذي يقوم به الموظف.

      3. الاستقالة المقبولة بصفة قانونية:

      تعد الاستقالة حقا من حقوق الموظف وهذا حسب نص المادة 217 من الأمر 06/03 بالإضافة إلى ذلك فهي تعد أيضا من الحالات التي ينتج عنها إنهاء الخدمة التامة، ولقبول الاستقالة يشترط أن تتوفر فيها شروط هي:

      ·                    أن تكون الاستقالة في شكل طلب كتابي صادر عن الموظف ، يعلن فيها إرادته الصريحة في قطع العلاقة التي تربطه بالإدارة بصفة نهائية.

      ·                    أن يرسل الموظف طلبه الكتابي إلى السلطة المخولة لها صلاحية التعيين.

      ·       مواصلة أداء الوظيفة إلى حين صدور قرار قبول الاستقالة وذلك احتراما لمبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد[21].

      لقد أحدث الأمر 06/03 تغييرا فيما يخص الآجال المخصصة لقبول الاستقالة وهذا عما كان عنه الأمر في المرسوم 85/59، إذ حدد الأجل الأقصى لقبول الاستقالة بشهرين من إيداع الطلب وهي مدة قابلة للتأجيل لمدة شهرين وهذا ابتداء من انقضاء الأجل الأول وهو أمر تقتضيه الضرورة القصوى والمصلحة العامة وبانقضاء هذا الأجل تصبح الاستقالة فعلية، وغير قابلة للرجوع فيها[22]

      4. العزل:

      وهو الحالة الرابعة التي يتقرر بموجبها إنهاء الخدمة وفقدان صفة الموظف، والعزل هو نتيجة لإهمال المنصب من طرف الموظف العمومي لمدة 15 يوم كاملة بدون أي مبرر أو مسوغ مقبول قانونا ، وفي هذه الحالة يفقد الموظف كل حقوقه في التعويض[23].

      5. التسريح:

      يعد التسريح أقصى الجزاءات التأديبية التي قد يتعرض لها الموظف العام، والتسريح يعد عقوبة من الدرجة الرابعة تنتهي بموجبها العلاقة الوظيفية[24]. ويفقد الموظف تبعا لذلك صفة الموظف، والتسريح يكون في غالب الأحيان نتيجة لـ:

      -      فقدان القدرة البدنية؛

      -      عدم الكفاية المهنية؛

      -      القيام بخطأ مهني خطير[25].

      6. الإحالة على التقاعد:

      والتقاعد أحد الأسباب الرئيسية لإنهاء خدمة الموظف العام بحكم القانون، وهذا عند بلوغه سن التقاعد المحددة قانونا، والإحالة على التقاعد من الحقوق المقررة قانونا للموظف العام[26]، وهذا حسب نص المادة 33 من الأمر 06/03 التي تنص على أن :"للموظف الحق في الحماية الاجتماعية والتقاعد في إطار التشريع المعمول به"

      7. الوفاة :

      طبيعيا تنتهي خدمة الموظف العام بوفاته وهي أحد الحالات التي بموجبها تنتهي الخدمة وتفقد تبعا لذلك صفة الموظف[27].

       

      وقد قرر المشرع من خلال الأمر 06/03 على أن الإنهاء التام للخدمة يكون بنفس الأشكال والإجراءات التي يتم إتباعها واعتمادها في التعيين.

       



      [1] عمر بايو، مداخلة حول المساواة للالتحاق بالوظائف العمومية، رئيس مفتشية الوظيف العمومي لولاية الجزائر، ص 2، ملتقى يومي 29 و30 ماي 2000، مكتبة الحامة ، الجزائر.

      [2] نفس المرجع، ص 3.

      [3] التعليمة رقم 06 مؤرخة في 06 ماي 2008 تتضمن تعديل التعليمة رقم 02 المؤرخة في 25 جانفي 1997 المتعلقة بإثبات الوضعية إزاء الخدمة الوطنية.

      [4] أ/عمر بايو، المرجع السابق، ص 05.

      [5] نفس المرجع والصفحة

      [6] عمر بايو، نفس المرجع، ص 06.

      [7] نفس المرجع، ص 06.

      [8] نفس المرجع، ص 08.

      [9] نفس المرجع، ص 09.

      [10] نفس المرجع والصفحة.

      [11] المرسوم التنفيذي رقم 08/04 مؤرخ في 11 محرم 1429 الموافق لـ 19 يناير 2008 يتضمن القانون الأساسي الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك المشتركة في المؤسسات والإدارات العمومية.

      [12] المادة 08 من الأمر 06/03.

      [13] المادة 129 من الأمر 06/03.

      [14] المادة 131 نفس المرجع.

      [15] أنظر المادة 150 من القانون 06/03

      [16] أنظر المادة 147 من القانون 06/03 .

      [17] أنظر المادة 149 من نفس القانون الفقرة الأخيرة.

      [18] Taib essaid, droit de la fonction publique, edition distrubtion HOUMA, 2003.

      [19] أنظر المادة 216 من الأمر 06/03.

      [20] د/ مازن ليلو راضي، المرجع السابق ، ص 310.

      [21] نفس المرجع ، ص 307-308.

      [22] أنظر المادة 220 من الأمر 06/03.

      [23] د/يحي قاسم علي سهل، فصل الموظف العام، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه دولة في القانون، إدارة مالية، كلية الحقوق ، جامعة الجزائر، 2004-2005، ص 118.

      [24] أنظر المادة 163 من الأمر 06/03.

      [25] أنظر المادة 181 من نفس الأمر.

      [26] د/مازن ليلو راضي، المرجع السابق، 307.

      [27] نفس المرجع، ص 311.


  • الموضوع 3

  • الموضوع 4

  • الموضوع 5