Topic outline

  • الدرس الاول

    • أهداف الدرس:

      يهدف هذا الدرس إلى الاطلاع على مفهوم الهبة والإلمام بخصائصها ثم تمييز الهبة عن الوصية باعتبارهما من طائفة واحدة وهي التصرفات التبرعية.

      حرصت الشريعة الإسلامية الغراء ،ومن وراءها القوانين الوضعية التي حذت حذوها كقانون الأسرة  الجزائري على إطلاق حرية الشخص في التصرف في أمواله كيف شاء ولمن شاء ،مادام أن التصرف ينتج أثره القانوني حال حياته وليس لورثته المحتملين اعتراض عليه في ذلك حتى لو كان تصرفه تبرعا عن طريق الهبة..


    • الدرس الأول :الهبة وأركانها

      • أهداف الدرس:
      • يهدف هذا الدرس إلى الاطلاع على مفهوم الهبة والإلمام بخصائصها ثم تمييز الهبة عن الوصية باعتبارهما من طائفة واحدة وهي التصرفات التبرعية.
      • حرصت الشريعة الإسلامية الغراء ،ومن وراءها القوانين الوضعية التي حذت حذوها كقانون الأسرة  الجزائري على إطلاق حرية الشخص في التصرف في أمواله كيف شاء ولمن شاء ،مادام أن التصرف ينتج أثره القانوني حال حياته وليس لورثته المحتملين اعتراض عليه في ذلك حتى لو كان تصرفه تبرعا عن طريق الهبة..
      • المطلب الأول: مفهوم الهبة وخصائصها
      • الفرع الأول :تعريف عقد الهبة
      • عرف المشرع الجزائري عقد الهبة في المادة 202 ق،أ بنصه على ما يلي :(الهبة تمليك بلا عوض
      • ويجوز للواهب أن يشترط على الموهوب له القيام بالتزام يتوقف تمامها على انجاز الشرط).
      • ونص في المادة 206 ق،أ على أنه (تنعقد الهبة بالإيجاب والقبول ويتم  بالحيازة ومراعاة أحكام قانون التوثيق في العقارات والإجراءات الخاصة في المنقولات وإذا اختل أحد القيود السابقة بطلب الهبة)[1]
      • ويستفاد من نص هاتين المادتين :
      • من جهة أن الهبة عقد يقع بين الأحياء ،يتحقق وجوده بإيجاب وقبول متطابقين وبموجبه تنتقل ملكية الشيء الموهوب من الواهب إلى الموهوب له بلا عوض وعلى سبيل التبرع ،فيترتب على ذلك افتقار من جانب الواهب الذي تنازل عن ماله كله ،أو بعضه على سبيل التقرب إلى الله عز وجل ،وإثراء من جانب الموهوب له.
      • وتعريف الهبة بهذا المعنى يشمل الصدقة والهدية فكلاهما تمليك للمال في الحياة دون عوض.
      • ومن جهة أخرى ،أن يجوز للواهب أن يشترط على الموهوب له القيام بأن إلتزام يتوقف إنعقاد وتمام الهبة على انجاز سواء كان هذا الالتزام يتوقف لمصلحه الواهب نفسه أو لمصلحة الموهوب له أو لصلحه أجنبي أو للمنفعة العامة [2].
      • الفرع الثاني: خصائص عقد الهبة
      • أولا :الهبة عقد بين الأحياء
      • نصت المادة 206 من قانون الأسرة على ما يلي (تنعقد الهبة بالإيجاب والقبول) الأمر الذي يستفاد منه أن الهبة عقد بين الأحياء ،وذلك أن تبادل الإيجاب والقبول في عقد الهبة لا يمكن إلا في حياة كل من الواهب والموهوب له فيحوز للواهب تمليك الشيء الموهوب في الحال للموهوب له وفي المستقل شريطة أن يبقى الواهب حيا.
      • وبما أن الهبة عقد بين الأحياء ،فإنه يخرج عن نطاقها الهبة لما بعد الموت ومن ثم لا يجوز للواهب أن يعقد هبة يهدف من ورائها إلى نقل ملكية الشيء الموهوب إلى الموهوب له ما بعد وفاته ،ففي هذه الحالة يعتبر التصرف  وصية لا هبة [3].
      • وهذا ما أكد عليه القضاء الجزائري بحيث قضت المحكمة العليا في القرار الصادر عنها بتاريخ 17 مارس 1998 بما يلي من المقرر أن الهبة لما بعد الموت تكون باطلة لأنها لا تنفذ إلا بموت الواهب ،وتأخذ حكم الوصية وما قررته أيضا في قرار لاحق بتاريخ/19 أكتوبر 2005 والذي أكدت فيه بأن التصرف على أساس الهبة المنفذ بعد وفاة المورث في تركته يأخذ حكم الوصية.
      • ثانيا :الهبة تصرف في المال بلا عوض
      • اشترط المشرع الجزائري في المادة 202 ق،الأسرة أن تكون الهبة بلا عوض فالهبة افتقار من جانب الواهب يقابله إثراء من جانب الموهوب له بحيث يترتب هذا الإثراء على حساب الافتقار،ولإثراء هنا يكون سببه عقد الهبة لا إلا ثراء بلا سبب ،ومن ثم لا يستطيع الواهب أن يسترد الهبة إلا في حالات الرجوع المقررة قانونا .
      • والقول أن الهبة تكون دون عوض لا يحول من قيام الهبات المتبادلة كأن يهب شخص شيئا لآخر يهب هذا الآخر للموهوب له شيئا ثان للواهب ،فتكون بينها الهبات متبادلتين وتكون كل منهما بدون عوض لأن كلا من الهبتين ليست عوضا عن الهبة الأخرى بل كل واهب وهب بنية التبرع غير ناظر للهبة الأخرى كعوض عن هبته ولما كانت الهبة تصرفا في المال بدون عوض فإنها لا تتحقق إلا إذا ألتزم الواهب بأن ينقل إلى الموهوب له ملكية عقار أو منقول أو أي حق عيني آخر متفرع عن الملكية كحق انتفاع أو حق استعمال أو حق ارتفاق أو أن يلتزم الموهوب له بحق شخصي كإعطائه مبلغا من النقود أو إبرائه  من الدين [4]
      • تعتبر هذه الخاصة عنصرا جوهريا في الهبة إذا لا يكفي لانعقادها أن يتصرف الواهب في ماله بلا عوض بل لابد من وجود نية التبرع لديه وقت إبرام هذا العقد.
      • فإذا انتفت هذه النية انتفت الهبة معها ومثال ذلك أن يقوم شخص بالوفاء بالتزام طبيعي نحو شخص آخر ،فلا يكون متبرعا وإنما موفيا لدين وإن كان غير مجبر على الوفاء به ويكون عندئذ تصرف وفاء لا هبة ، وأن يقوم الأب بتجهيز إبنته العروس تحضيرا لزفافها أو تعطي الشركة لمستخدميها وعمالها مكافآت متنوعة على الجهد الذي بذلوه طول السنة .
      • وتنتفي نية التبرع أيضا إذا أعطى شخص لآخر مالا بغير قصد التبرع المحض وإنما بقصد تحقيق منفعة مادية وأديبة منه لا يكون التصرف هبة ،كان يعطي شخص مالا لآخر لإنشاء مدرسة شريطة أن تسمي بإسمه.
      • ثالثا :الهبة عقد شكلي وعيني
      • أوجب المشرع الجزائري إفراغ الهبة في شكل رسمي إن كان محلها عقارا ومن ثم تعتبر الهبة من العقود الشكلية التي لا يكفي لانعقادها وجود التراضي بين الواهب والموهوب له بل لابد من إفراغها في عقد رسمي يحرره الموثق ،واحترام الإجراءات اللاحقة لهذه الرسمية ، والهبة في ذات الوقت عقد عيني لا تتم بمجرد تبادل الإيجاب والقبول و توافر الشكلية بل يجب زيادة على ذلك تسليم الشيء الموهوب إلى الموهوب له لحيازته.[5]
      • الفرع الثالث :تمييز الهبة عن الوصية
      • الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد موت المتبرع وهي بهذا المعنى تبرعا محضا ،ومن ثم فإن الوصية تتفق مع عقدا الهبة في صفة التبرع إلا أنهما يختلفان في وجوه أهمها
      • أ-من حيث الأركان :الهبة عقد وليست تصرفا بالإرادة المنفردة تتم بتوافق إرادتي الواهب والموهوب له و تطابقهما ،أما الوصية فليست عقدا وإنما تصرفا بالإرادة المنفردة للموصي.
      • ب-من حيث الشكل :الهبة عقد شكلي إشترط فيه المشرع الرسمية إذا كان محل الشيء الموهوب عقارا والإجراءات الخاصة إذا كان منقولا أما الوصية فهي تصرف رضائي والكتابة المتطلبة فيها قانونا ما هي إلا وسيلة لإثبات الوصية لا ركنا لانعقادها.
      • جـ-من حيث الرجوع : الهبة عقد تبرع لازم والرجوع فيها أمر إستثنائي لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه ،أما الوصية فتنعقد بإرادة الموصى وحده ومن أجل ذلك يجوز لهذا الأخير أن يرجع قيد حياته متى شاء بدون شرط ولا قيد.
      • د-من حيث التنفيذ :إن الهبة في التشريع الجزائري مطلقة وغير مقيدة بقدر معين يجوز فيها شرعا وقانونا للواهب أن يهب كل أمواله إلى الموهوب له مالم تكن الهبة صادرة عنه في مرض الموت، أما الوصية فتتقيد بالثلث من التركة دائما ولا تنفذ إلا في حدود هذه النسبة وما زاد عنها يتوقف على إجازة الورثة .
      • هــ:من حيث الأثر :إن الهبة تنتج آثارها في الحال فهي عقد تمليك في الحال ما لم تقترن بشرط أو أجل ويترتب عنها إنتقال ملكية الشيء الموهوب إلى الموهوب له قيد الحياة ،أما الوصية فتصرف في التركة مضاف إلى ما بعد الموت ومن ثم ينعدم أثرها في القترة الممتدة بين صدورها عن الموصى ووفاته بحيث لا يترتب عنها انتقال ملكية الشيء الموصى به إلا بعد وفاة الموصي.
      •  
      •  
      •  
      •  
      •  
      •  


      • [1]-قانون رقم 84-11 مؤرخ يونيو 1984 المتعلق بقانون الأسرة المعدل والمتمم .
      • [2]-شيخ نسيمة ،أحكام الرجوع في التبرعات ،الهبة ،الوقف ،الوصية ،ص20.
      •  
      • [3]- مرجع سابق ،ص:20
      • -حمدي باشا عمر ،عقود التبرعات الهبة ،الوصية ،الوقف ،ص30 .[4]
      • -حمدي باشا عمر ،مرجع سابق،ص: 31 ،32 .[5]


    • Opened: Sunday, 19 March 2023, 12:00 AM
      Due: Sunday, 26 March 2023, 12:00 AM
  • Topic 2

    • أهداف الدرس:

      يهدف هذا الدرس إلى الاطلاع على أركان الهبة المتمثلة في التراضي المحل والسبب والشكل والحيازة لذلك سنتناول هذه العناصر تباعا في خمسة أجزاء

    • Opened: Sunday, 19 March 2023, 12:00 AM
      Due: Sunday, 26 March 2023, 12:00 AM
    • الدرس الثاني: أركان الهبة وشروط صحتها

      أهداف الدرس:

      يهدف هذا الدرس إلى الاطلاع على أركان الهبة المتمثلة في التراضي المحل والسبب والشكل والحيازة لذلك سنتناول هذه العناصر تباعا في خمسة أجزاء .

      الفرع الأول : أركان الهبة

      أولا: التراضي في عقد الهبة

      الهبة عقد استلزم المشرع لانعقاده توافر ركن التراضي ،فإذا انعدام هذا التراضي بين المتعاقدين كانت الهبة باطلة ويقصد بالتراضي تطابق إرادتي المتعاقدين وتوافقهما وانصرافها إلى إحداث أثر قانوني معين ألا وهو إنشاء عقد الهبة .

      ولقد أختلف فقهاء الشريعة الإسلامية حول ركن التراضي في عقد الهبة فذهب بعضهم إلى القول أن ركن التراضي في عقد الهبة يتمثل في الإيجاب الصادر من الواهب فقط دون إشتراط قبول الموهوب  له كركن للهبة شأنها شأن أي عقد آخر وهما يكونان معا ركن التراضي، فالهبة عقد والعقد هو توافق الإيجاب مع القبول لا مجرد الإيجاب.

      وبالرجوع إلى قانون الأسرة الجزائري نجده قد أعتمد رأي جمهور فقهاء الشريعة الإسلامية و أعتبر الإيجاب والقبول ركنان من أركان الهبة فنص صراحة في المادة 201 ق، الأسرة على أنه تنعقد الهبة بالإيجاب والقبول......،وإذا اختل أحد القيود السابقة  بطلت لهبة [1]

      يستفاد من هذه المادة أنه لابد من قبول الموهوب له للهبة حتى تنعقد والسبب في ذلك أن الهبة عقد وليست تصرفا بالإدارة المنفردة كالوصية فهي وإن كانت تبرعا إلا أنها تثقل عنق الموهوب له بالجميل وتفرض عليه واجبات أديبة نحو الواهب وقد يؤثر الموهوب له رفض الهبة إذا ما اكتشف من ورائها غايات الواهب لا يحبذها كما أن ملكية الشيء الموهوب لا تنتقل إلى الموهوب له ما لم يقبلها.

      ثانيا :المحل في عقد الهبة

      الهبة عقد يلتزم بمقتضاه الواهب أن يهب كل ممتلكاتها أو جزء منها إلى الموهوب له دون مقابل ،ومن ثم تكون الهبة أصلا ملزمة لجانب واحد هو الواهب بحيث يكون محل إلتزامه فيها هو الشيء الموهوب ،غير أنه يجوز طبقا للمادة 202 الفقرة الثانية من قانون الأسرة الجزائري أن يشترط الواهب  في الهبة عوضا أو إلتزامات أخرى على الموهوب له فتصبح الهبة عقدا ملزما للجانبين ويكون محل التزام له فيها هو العوض المشترط.

      إذن الهبة يكون لها دائما محل يتمثل في الشيء الموهوب ،وقد يكون لها محل ثان وهو العوض وهذا ما نتعرض إليه فيما يلي :

      أ/ الشيء الموهوب

      الشيء الموهوب هو ما تقع عليه الهبة من الواهب إلى الموهوب له ويسرى عليه في عقد الهبة ما يسرى على محل العقد بوجه عام ،ومن ثم يجب أن يكون موجودا وقت التعاقد أو قابلا للوجود مستقبلا ،وأن يكون معينا أو قابلا للتعيين وأن يكون معلوما علما نافيا للجهالة الفاحشة للمتعاقدين وبأن يكون صالحا للتعامل فيه بأن لا يكون مستحيلا في ذاته أو مخالفا للنظام العام أو الآداب العامة ،وأن يكون مملوكا للواهب فلا يجوز له هبة ما ليس من ممتلكاته [2]

      ب/ العوض في الهبة

      للهبة محل هو الشيء الموهوب لكن قد يكون لها محل آخر وفقا لمقتضات المادة202 الفقرة الثانية من قانون الأسرة هو العوض.

      فقد تقترن الهبة بمقابل أو بشرط أو إلتزامات تفرض على الموهوب له فتكون الهبة عندئذ ملزمة للجانبين بحيث تقوم إلتزامات في جانب الموهوب له مقابلة للالتزامات القائمة في جانب الواهب.

      ثالثا :السب في عقد الهبة

      تسري نظرية السبب في القانون المدني على عقد الهبة كما تسرى على غيره من العقود ويجب أن يفهم السبب هنا بمعناه الحديث لا التقليدي ،أي الباعث الدافع للواهب على التبرع بماله دون مقابل ،لأن السبب حسب النظرية التقليدية يقصد به التبرع وفي الهبة تكون هذه النية موجودة  حتما في جانب الواهب لمجرد التراضي وعليه وصف هذه النية بأنها السبب في عقد الهبة لا يقدم شيئا .

      رابعا :الشكل في عقد الهبة

      بالرجوع لأحكام القضاء الجزائري بتبين أنه استقر على اعتماد الرضائية في الهبة المبرمة قبل صدور قانون الأسرة إذ أنه لم يشترط شكلا معينا سواء كانت الهبة واردة  على عقار أو منقول فلم يقض إذن يبطلان الهبة إذا تخلف الشكل الرسمي فيها ،غير أنه اشترط حيازة الشيء الموهوب من أجل تمام عقد الهبة فصورة الشكلية في الهبة تنحصر في القبض.

      خامسا :الحيازة في عقد الهبة

      يقصد بالحيازة في عقد الهبة تمكين الموهوب له من وضع يده على الشيء الموهوب قصد السيطرة المادية عليه بغية الظهور بمظهر صاحب الحق ولا تتم الحيازة بهذا المعنى إلا بتسليم المال إلى الموهوب له.[3]

      الفرع الثاني :شروط صحة الهبة

      أولا: الأهلية في عقد الهبة

      شدد القانون الجزائري في أهلية الواهب ويتطلب أهلية التبرع لأنه يقوم بعمل ضاربه ضررا محضا ،ويخفف من أهلية الموهوب لأنه يقوم بعمل نافع له نفعا محضا .

      فبالنسبة لأهلية الواهب يشترط المشرع الجزائري في المادة 203 ق،أ أن يكون الواهب حائزا أهلية التبرع ،وذلك بأن يكون سليم العقل أي متمتعا بكل قواه العقلية ،وأن يكون بالغا سن الرشد القانوني أي 19 سنة كاملة ،وأن يكون غير محجور عليه لسفه أو دين.

      ثانيا: عيوب الرضا في عقد الهبة

      لقيام الهبة صحيحة يشترط أن يصدر التصرف من ذي أهلية وإرادة سليمة خالية من أي عيب ،فإذا شاب رضا الواهب أو الموهوب له عيب من عيوب الإدارة كان العقد قابلا للإبطال لمصلحه من شاب إرادته العيب .

      وتنحصر عيوب الرضا في عقد الهبة في الغلط والتدليس والإكراه  والاستغلال.

      أما الغلط الذي يعيب إرادة الواهب ويؤدي إلى إبطال الهبة فيجب أن يكون جوهريا سواء وقع في الشيء الموهوب كأن يهب شخص لآخر قطعة أٍرض على أساس أنها زراعية ثم يتبين بعد ذلك أنها أرض بناء أو أن يقع في شخص الموهوب كأن يهب الواهب لآخر معتقدا أنه محمد فإذا هو أحمد أو أن يقع الغلط في قيمة الشيء الموهوب ،أو في الباعث الدافع على التعاقد .[4]

      أما التدليس الذي يفسد إرادة الواهب ويترتب عنه ابطال الهبة فيجب أن يتم من الموهوب له نفسه أو باشتراكه مع أجنبي ،وأن يكون هو الدافع إلى إبرام عقد الهبة كأن يكتم الموهوب له عن الواهب أسرارا لو علمها هذا الأخير لما اندفع إلى إبرام الهبة .

      وأما الإكراه المعيب للإرادة في عقد الهبة فأكثر ما يكون عن طريق النفوذ الأدبي فيقع غالبا بين الأزواج أو من الأب على أبنه ،أو من الرئيس على مرؤوسه .

      وأما الاستغلال فيعتبر من أبرز عيوب الإرادة في عقد الهبة لأنه كثيرا ما يستغل الموهوب له طيشا بينا وهوى جامحا في جانب الواهب فيعيب إرادته كان تستغل فتاة شابة دلالها على زوجها الهرم وتحمله بذلك على أن يهبها ماله بغية التودد إليها نظرا للهوى الجامح الذي رتبه دلال زوجته في نفسه.

       

       

       

       

       

       



      -شيخ نسيمة،مرجع سابق ،ص35 ،36 .[1]

      [2]-شيخ نسيمة،مرجعسابق ، ص 36 -37 .

      [3]-المرجع السابق، ص:38 .

      [4]-محمد بن أحمد تقية، دراسة عن الهبة في قانون الأسرة الجزائري مقارنة بأحكام الشريعة الإسلامية والقانون المقارن –الديوان الوطني للأشغال التربوية الجزائر الطبعة الأولى –سنة 2003.

       


  • Topic 3

    • أهداف الدرس:

      سنتعرض في هذا الدرس لمدى جواز الرجوع في الهبة في الفقه الإسلامي مقارنا بما نص عليه المشرع الجزائري، لما للهبة من أهمية ملفتة في الحياة العملية والقانونية فهي تصرف خطير يتطلب جرأة من الواهب للتنازل عن جزء من ماله قد يكون ذا تأثير كبير في وضعيته المالية و بما قد يلحق بورثته كحرمانهم من الميراث.

      سنتناول الرجوع في الهبة في الفقه و الرجوع في الهبة في التشريع

    • Opened: Sunday, 19 March 2023, 12:00 AM
      Due: Sunday, 26 March 2023, 12:00 AM
    • الدرس الثالث : مدى جواز الرجوع في الهبة

      أهداف الدرس:

      سنتعرض في هذا الدرس لمدى جواز الرجوع في الهبة في الفقه الإسلامي مقارنا بما نص عليه المشرع الجزائري، لما للهبة من أهمية ملفتة في الحياة العملية والقانونية فهي تصرف خطير يتطلب جرأة من الواهب للتنازل عن جزء من ماله قد يكون ذا تأثير كبير في وضعيته المالية و بما قد يلحق بورثته كحرمانهم من الميراث.

      سنتناول الرجوع في الهبة في الفقه و الرجوع في الهبة في التشريع .

      الفرع الأول :الرجوع في الهبة في الفقه الإسلامي

      أولا :في الفقه الحنفي

      يصح للواهب أن يرجع في هبته بعد أن يقبضها الموهوب له ومن باب  أولى الرجوع قبل القبض لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض، وإن كان الرجوع في الهبة مكروها يجوز بها على الراجع ،وإن أسقط الواهب حقه في الرجوع ثم رجع في ذلك صح رجوعه، وحقه في الرجوع لا يسقط بإسقاط ، والرجوع في الهبة على قول أبي حنيفة وأصحابه يتم برضا الموهوب له أو بقضاء القاضي وعلل بأن  في غرض الواهب خفاء إذ لا يريد  ما مراده في الهبة ولأن جواز الرجوع  مختلف فيه فكان لا الرجوع متوقفا  على القضاء عند عدم رضا الموهوب له ولا يزال الشيء الموهوب بعد القبض وبعد إعلان الواهب إرادته في الرجوع حتى يحكم القاضي به للواهب

      ثانيا :في الفقه المالكي

      ليس للواهب حق الرجوع لأن الهبة حق لازم لكن بعضهم يقول إنها تتم وتلزم بمجرد العقد  فلا يشترط في إتمامها القبض وهذا المشهور وبعضهم  يقول لا تتم إلا بالقبض شرط في تمامها فإن لم تلزم كان للواهب حق الرجوع إلا الأب والأم فإن لهما حق الرجوع في هبتهما لولدهما الحر سواء كان ذكرا أو أنثى صغيرا أو  فقيرا بعد أن يقبضها الولد  ويضع عليها يده وصيغة الرجوع أن يقول رجعت فيما وهبت أو أخذته منه أو اعتصرته (أي أخذته  قهرا عنه) وبعضهم يقول اعتصرته والأولى أظهر لأن العامة لا تعرف لفظ اعتصرته والحديث الوارد في هذا الموضوع لا يشترط هذا اللفظ (لا يحل لأحد أن يهب هبة ثم يعود فيها إلا الوالد ) ولكن يشترط لصحة رجوع الأب في الهبة شرطان:

      1-أن يريد بالهبة الصلة والعطف على الولد لكونه محتاجا أو جملا بين الناس أو نحو ذلك فإن أراد  ذلك فإن له الرجوع

      2-أن يريد بالهبة مجرد ثواب الآخرة  لا ذات الولد فإن أراد ذلك كان صدقة بلفظ الهبة فلا يصح له الرجوع

      *وللام حق الرجوع في هبتها بالشرطين المكورين في الأب مع زيادة شرط ثالث وهو أن لها حق الرجوع بشرط أن يكون ولدها كبيرا أو صغيرا له الأب أما إذا كان الولد بيتها ووهبت  له فليس لها حق الرجوع.

      ثالثا:في الفقه الشافعي

      متى تحاز الهبة بالقبض أو تسليمه للشيء الموهوب فإن الهبة تلزم لا يصح الرجوع فيها إلا للأب وإن علا فيصح للأب أن يرجع في هبته ومثله الجد وإن علا وكذلك الأم والجدة وهكذا فللوالد أن يرجع في هبته على ولده سواء كان الولد ذكرا أو أنثى صغيرا أو كبيرا ،ويشترط في الرجوع:

      -أن يكون الولد حرا.

      -أن يكون الموهوب عينا.

      -أن الموهوب في سلطة الولد .

      -أن لا يحجر على الولد

      -أن لا تكون العين الموهوبة مستهلكة

      -أن لا يبيع الولد العين الموهوبة

      رابعا :في الفقه الحنبلي

      يشترط لصحة رجوع الوالد فيما وهب لولده أربعة شروط:

      -أن يظل الشيء الموهوب باقيا في ملك الموهوب له

      -أن تكون العين باقية في تصرف الولد[1].

      -ألا يتعلق بها رغبة لغير .

      الفرع الثاني :الرجوع في الهبة في التشريع الجزائري

      بالرجوع إلى التشريع الجزائري نجد قانون الأسرة ينص على أن الأصل في الهبة أنها عقد ملزم ، فلا يجوز الرجوع فيها بإرادة الواهب المنفردة إلا استثناء وفي حدود  ما أوردته المادة 211 ق،أ التي تقضي بأن للأبوين حق الرجوع في الهبة لولدهما مهما كانت سنة إلا في الحالات التالية :

      -إذا كانت الهبة من أجل زواج الموهوب له

      -إذا كانت الهبة لضمان قرض أو قضاء دين .

      إذا تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب ببيعه أو تبرع به أو دخل عليه ما غير طبيعته .

      وجاءت م 212 بمنع الرجوع في الهبة إذا كانت بقصد المنفعة العامة تأكيدا للزوم عقد الهبة ولمبدأ عدم الرجوع في الهبة في غير الحالات المستثناة  وهذا المبدأ جاء قرارا وحربا على مبدأ عدم الرجوع عند جمهور الفقهاء وهم المالكية الشافعية والحنابلة ما عدا الحنفية فالجمهور مع المنع أما الحنفية والأصل عندهم الحق للواهب في الرجوع عن هبته فهي عقد غير لازم ويستدلون في ذلك بحديث الرسول (صلي الله عليه وسلم) الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها).

      إن ما جاءت به م 212 من أن الهبة بقصد المنفعة العامة لا رجوع فيها فالذي تعنيه هذه المادة هو عدم جواز الرجوع بإرادة الواهب المنفردة  لكنها لا تمنع من طلب الفسخ قضاء إذا كان الواهب إشترط على الموهوب له القيام بعمل بغرض المنفعة  العامة ولم ينفذ هذا الشرط ففي هذه الحالة نكون أمام هبة بعوض تقبل الفسخ لعدم أداء العوض المشترط كأن يهب شخص مبلغ من المال لجمعية خيرية لإقامة مستشفى فعدم قيام الجمعية الموهوب لها بتنفيذ شرط  الواهب يبرر طلب الفسخ .

      *تقدير الفسخ يرجع إلى سلطة القاضي حسب القواعد العامة ولا معقب على الحكم من قبل المحكمة العليا [2]

       

       



      [1]-محمد أحمد تقية ،المرجع السابق ص:220 .

      [2]-خليل أحمد حسن قدادة (الوجيز في شرح القانون المدني) عقد البيع ،ديوان  المطبوعات الجامعية الطبعة الثالثة ج4،سنة 2003،ص:95 .


  • Topic 4

    • أهداف الدرس:

      سنتعرض في هذا الدرس لموانع الرجوع في الهبة في الفقه الإسلامي مقارنا بما نص عليه المشرع الجزائري، بالنظر للمذاهب الفقهية الأربع.


    • الدرس الرابع : موانع الرجوع في الهبة

      أهداف الدرس:

      سنتعرض في هذا الدرس لموانع الرجوع في الهبة في الفقه الإسلامي مقارنا بما نص عليه المشرع الجزائري، بالنظر للمذاهب الفقهية الأربع.

      الفرع الأول : موانع الرجوع في الهبة في الفقه الإسلامي

      أولا: في الفقه الحنفي

      يبطل حق الرجوع في الهبة لسبعة أمور:

      -أن يزيد الموهوب له في العين زيادة متصلة بها كما إذا وهب له نعجة عجفا ،فعلفها حتى سمنت فليس للواهب أن يرجع في هذه الحالة حتى ولو عادت عجفاء كما كانت ، وموت أحد العاقدين بعد القبض فإذا وهب شخص داره لأخيه ثم مات الموهوب له فلا حق للواهب في الرجوع وكذا إذا مات الواهب فلاحق لورثته .

      العوض :فإذا وهب له دار لشرط أن يعطيه عوضا  فإنه  يمتنع الرجوع .

      -يشترط في المرجع عن الملك أن يكون  تاما من كل وجه بقي له به إختصاص فإن الرجوع لا يسقط ومثال ذلك إذا وهب له شاة فضحى بها وصارت لهما فإن له أن يرجع ويأخذ اللحم فإنه في هذه الحالة لم يخرج عن ملكه بالكلية.

      -الزوجية فإذا وهب الزوج لزوجته شيئا فإنه لا يصح له الرجوع فيه.

      -القرابة :فلو وهب لذي رحم منه ولو كان ذميا أو مستأمنا فإنه لا يصح الرجوع.

      -هلاك العين الموهوبة (وذلك ظاهرة فإذا ادعى الموهوب له الهلاك صدق بدون حلف وإذا قال الواهب إن العين باقية وهي هذه وأنكر الموهوب له حلف المنكر أنها ليست هذه ولا يصح الرجوع إلا بتراضيهما أو يحكم الحاكم وإذا رجع بالرضا أو القضاء كان ذلك فسخا لعقد الهبة من الأصل وإعادة لملكه القديم لا هبة  للواهب فلهذا لا يشترط فيه قبض الواهب ولو كان هبة جديدة لإ يشترط فيها القبض.

       

       

      ثانيا :في الفقه الشافعي

      إن وهب لغير الولد أو ولد الولد شيئا وأقبضه لم يملك الرجوع فيه لما روى عن إبن عباس رضي الله عنه  رفعناه إلى النبي لا يحل الرجل أن يعطي العطية فيرجع الولد فيها أعطى لولده.

      لا يجوز للولدين وإن علو الرجوع في الهبة لولدهما إلا في الحالات التالية:

      -أن يكون الولد رقيقا لأن الهبة للرقيق هبة وهو أجنبي لا رجوع عليه.

      -ـأن يكون الموهوب دينا للولد على الوالد فوهبه الوالد فإنه لا يصح الرجوع فيها .

      -إذا كانت العين الموهوبة مستهلكة كبيض الدجاج ونحوه فلا رجوع فيها [1]

      ثالثا:في الفقه المالكي

      يسقط حق الوالدين في الرجوع في الهبة إذا وجدت أحد الموانع الآتية:

      -أن يزيد الشيء الموهوب أو أن ينقص في ذاته كأن يكبر الصغير ويسمن الهزيل أو يهزل السمين أما  إذا تغيرت قيمة الشيء الموهوب لتغير الأسواق لا يمنع الرجوع على المشهور.

      ألا يتداين الابن .

      أن يمرض الولد الموهوب له مرض الموت وذلك لتعلق حق ورثته بالهبة فيمنع الرجوع فيها،أن تفوت الهبة عن الموهوب له بما يخرجها من ملكه من  بيع أو هبة ونحو ذلك أو يصبح فيها ما يغيرها لجعل الدنانير حليا.

      رابعا :في الفقه الحنبلي

      الأصل أن إذا قبض الموهوب له الهبة فلا حق للواهب في الرجوع إلا إذا كان أبا فقط واستثناء يمنع الأب في الرجوع هبته لولده إلا في الحالات الآتية:

      -إذا خرج الشيء الموهوب عن ملك الولد بأي سبب بيعا أو هبة أو وقفا أوارثا أو غير ذلك لم يكن له الرجوع فيما وهب لأنه إبطال لطلبك غير الموهوب له وإن عاد إليه بسب جديد كبيع أو هبة أو وصية أو لنحو ذلك لم يملك يستفده ومن قبل أبيه.

      الفرع الثاني :موانع الرجوع في الهبة في التشريع الجزائري

      يستفاد من م 211 ق،الأسرة الجزائري أن للأبوين حق الرجوع عن الهبة التي يهبانها لولديهما مهما كانت سنه صغيرا أو كبيرا بالغا أو غير بالغ ،إلا أن نص المادة قيد حق الرجوع الأبويين في الحالات الثلاثة الآتية:

      الحالة 01 :إذا وهب الأب من أجل زواج إبنه الموهوب له فليس له حق الرجوع في هبته ولو لم يتزوج في الوقت المطلوب مادام المقصود الزواج الذي هو المطلوب شرعا من الموهوب له أنه يقوم به

      الحالة 02 :إذا وهب الأب لإبنه مالا يقصد به ضمان قرض أو قضاء دين فليس له الرجوع في هبته مادام الدين لم يسدد بها، وأصبح المال الموهوب ضامتا للدين والواهب بمثابة الكفيل الضامن مادام قد إلتزم بإرادته المنفردة يقصد ضمان الدين أو قضاءه  وهذا ما نصتا عليه (فقرة 02 من م211 القانون المدني).

      الحالة 03:التي قيد حق رجوع الواهب فيها ما نصت عليه فقرة 03 بقولها :إذا تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب يبيع أو تبرع أوضاع منه ،أو دخل عليه ما غير طبيعته ،فإذا تصرف الموهوب له يبيع الشيء الموهوب أو تبرع به ،فإن هذا يمنع الواهب من استعمال حقه في الرجوع لأن المال خرج من تحت يد الموهوب له بالبيع أو التبرع والنص في هذه الحالة لا يخول له حق الرجوع كما أن تضييع الشيء الموهوب من الموهوب له ،أو هلاكه يمنع الواهب من الحق في الرجوع في هبته[2].

      وإذا قام الموهوب له بإدخال التعديلات على شيء الموهوب بالزيادة أو بالنقصان إن كان أرضا عارية وبناها غير من طبيعتها أو أصبحت أرضا مشجرة صرف عليها أموالا باهظة فأحياها وأوجد بها تشجيرا وأجرى بها الماء ،كل ذلك إذا غير من طبيعتها فهذا الأمر هو الآخر يمنع الواهب من حق  الرجوع عن هبته ويحرمه من استعمال هذا الحق بمقتضى نص م 211 ق،م

       

       



      [1]- عبد الفتاح تقية ،(محاضرات في قانون الأحوال الشخصية ، موجهة لطلبة الكفاءة المهنية المحاماة –مطبعة –دار هومة الجزائر ،سنة 2000 . السنهوري، (الوسيط في شرح ق،المدني الجديد ) منشورات كلية الحقوقية ،لبنان –الطبعة الثالثة الجديدة –سنة 1998 .

      -السنهوري (الوسيط في شرح القانون المدني ،منشورات كلية الحقوقية ،لبنان ج05 ،الطبعة الثالثة سنة 1998 .[2]


  • Topic 5

    • الدرس الخامس :الآثار التي تترتب على الهبة- التزامات الواهب

      أهداف الدرس:

      سنتعرض في هذا الدرس للآثار التي تترتب على الهبة ، مع الإشارة إلى أن الآثار التي تترتب على الهبة المقصود بها أحكام عقد الهبة .

      الأصل أن عقد الهبة ملزم لجانب واحد وهو الواهب الذي تسري على إلتزاماته القواعد العامة التي تسري على البائع .

      *أما الموهوب له فالأصل أنه لا يلتزم بشيء إذ أن عقد الهبة عقد تبرع محض غير أنه في الكثير من الأحيان يتحمل نفقات عقد الهبة ونفقات التسلم كما قد يلتزم الموهوب له بأداء العوض أو المقابل في حالة الهبة بعوض أي عندما تكون الهبة عقد ملزم لجانبين وبهذا تكون إلتزامات الموهوب له على نحو ما يلتزم به المشتري في عقد البيع.

      الفرع الأول: الالتزام بنقل ملكية الشيء الموهوب :

      يستفاد من نص م،202 و206 ق،أسرة،م 324 مكرر1 ق،مدني أن عقد الهبة ينشئ إلتزام في ذمة الواهب بنقل ملكية الموهوب إلى الموهوب له وهذا الإلتزام ينفذ فورا بحكم القانون،ويلزم الواهب بأن يقوم بالأعمال التمهيدية الضرورية لنقل الملكية كتقديم  الشهادات  اللازمة للتسجيل والكف عن أي عمل يعترض نقل الملكية ، ولا يجوز للواهب أن يتصرف بعد الهبة في الشيء الموهوب إلا إذا أجاز الرجوع في الهبة ،كما يلتزم الواهب المحافظة على الشيء الموهوب والالتزام بتسليمه إلى الموهوب له  ويترتب على نقل الملكية إلى الموهوب له أن يكون لهذا الأخير حق التصرف في الموهوب حتى قبل قبضه .

      ويستوي في ذلك العقار والمنقول وإذا أفلس الواهب بعد الهبة جاز الموهوب له أن يأخذ عين الموهوب ولا يزاحمه دائنو الواهب وتنقل الملكية لا في حق المتعاقدين وحكما بل أيضا في حق الورثة والدائنين.

      إلا أن الهبة إذا كانت قد صدرت من الواهب المعسر إضرارا بدائنيه فإن هؤلاء لهم الحق في الطعن في الهبة بالدعوى البولصية ولم يكن الموهوب له على لما باعتبار الواهب فتصبح الهبة غير نافذة في حقهم ويستطيعون أن  ينفذوا على الشيء الموهوب بحقوقهم  وفق للقواعد المقررة في الدعوى البولصية .

       

      أولا:هبة المنقول

      تنقل الملكية في المنقول بالقبض والحيازة التامة فالشيء الموهوب إذا كان منقولا ومعينا بالذات.

      تنعقد بالإيجاب والقبول وبالحيازة وفقا لما تقضي به م 206 ق،أ إذ أن هذا النص يعني أن الهبة عقد عيني تتم فيه الحيازة يدا بيد أي القبض أما إذا كان المنقول غير معين بالذات ومعين بالنوع فلا تنتقل الملكية إلا بعد عملية الافراز وفقا لم تنص عليه م 166 ق،م (إذا ورد الالتزام بنقل حق عيني على شيء لم يعين إلا بنوعه فلا ينتقل  الحق إلا بإفراز هذا الشيء.

      إذا لم يقم المدين بتنفيذ إلتزامه جاز للدائن أن يحصل على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين بعد استئذان القاضي كما يجوز له أن يطلب قيمة الشيء من غير إخلال بحقه في التعويض (باعتبارها قاعدة عامة يسوغ الأخذ بها في الهبة مادام في قانون الأسرة لم ينص على هذا الحكم .

      أما المنقول الذي يتطلب إجراءات خاصة لنقل الملكية لا تتم هبته إلا بمراعاة هذه الإجراءات مثل الأسهم والسندات في حالة الأسهم تنص م 700 ق تجاري عن حوالة الأسهم  بدون  مقابل عن بطريق الهبة وثمة  مثال آخر للإجراءات الخاصة في المنقول فقد  ورد في القانون البحري المادة 49 أن العقود المنشئة أو الناقلة أو المسقطة لحق الملكية أو  الحقوق  العينية الأخرى المترتبة على السفن أو حصصها يجب أن تثبت تحت طائلة البطلان بسند رسمي صادر عن الموثق يتضمن نوع السفينة وسعتها ومداخلها ومخارجها وأسماء مالكها السابقين وبقدر الإمكان طابع وتاريخ عمليات نقل الملكية المتعاقبة ويكون قيدها إلزاميا في سجل السفينة .

      ثانيا: هبة العقار

      إن الهبة الواردة على عقار لا تنعقد إنعقادا صحيحا إلا إذا استوفت الشكلية كركن رابع بالإضافة إلى الأركان الأخرى المعروفة من رضا ومحل وسبب فهي ليست عقدا رضائيا كما هي في هبة المنقول بل هي عقد شكلي أي عقد رسمي حسب ما تنص عليه م206 ق أ،و 324 مكر1 ق م هذه الشكلية تتمثل في التوثيق إذ يجب تحرير هبة العقار في وثيقة  رسمية من طرف محرر العقود  أي الموثق وإذا إستوفت هذه الأركان إنعقدت صحيحة وإلا كانت باطلة بطلانا مطلقا وحتى إنعقادها صحيحا فإن نقل الملكية لا يتم إلا بإجراءات التسجيل لدى مصلحة التسجيل والطابع وأخيرا شهره في مجموعة البطاقات العقارية لكي ترتب آثارها العيني وهو نقل الملكية (م15 ،16 ق السجيل العقاري ).

      الفرع الثاني: الالتزام بتسليم الشيء الموهوب

      أن إلتزام الواهب بتسليم الشيء الموهوب من مقتضيات عقد  الهبة بل هو من أهم إلتزامات الواهب التي تترتب  لمجرد العقد ولو لم ينص عليه فيه، لا يكفي أن تنقل ملكية الشيء الموهوب إلى الموهوب بل لابد من وضعه تحت تصرف الموهوب له بحيث يتمكن من حيازته والإنتفاع به من دون مانع  ومن أمثلة  الموانع التي تعيق حيازة الموهوب له والانتفاع به وجوده في حيازة الغير الذي يدعي حقا عليه أو يمانع من تسليمه وكذلك عدم إخلاء الواهب للعين الموهوبة والاستمرار في سكنها أو زراعتها.[1]

      الفرع الثالث :الالتزام بضمان التعرض والاستحقاق

      إن هذا الالتزام يفرض على الواهب أن يمتنع عن كل عمل من شأنه التعرض للموهوب له ،كإتلاف الشيء الموهوب أو التصرف فيه لمصلحة شخص آخر ،أو قبض قيمة الدين ينزل عنه إلى الموهوب له ،وهذا يخص كل تعرض صادر عنه ما لم يكن له حق الرجوع في الهبة في الأحوال التي يجبرها له القانون ،كما أن عليه أن يضمن التعرض الصادر عن الغير ،على نص 222 ق،أ الذي يحيل إلى أحكام الشريعة الإسلامية وبالرجوع إلى أحكام  هذه الشريعة العزاء نجدها  تقضي دائما  بأن لا ضمان على الواهب في حالة الاستحقاق إلا إذا كان بنص شرط خاص أو إتفاق، أو كان الاستحقاق راجعا إلى فعل الواهب ،مثلما في عقد البيع ابتداء فتسري عليها من أحكام الضمان ما يسري على البيع .

      الفرع الرابع :الالتزام بضمان العيوب الخفية

      لا يتعرض ق،أللالتزام بضمان العيوب الخفية وسكت عنها فلا بد من الرجوع إلى الأحكام الموضوعية في الفقه الإسلامي وفق ما أحالت عليه م 222 ق،أ وبالرجوع إلى أحكامها نجد أن الأصل في الفقه الإسلامي أن الواهب لا يضمن العيوب الخفية ،غير أنه في حالة الهبة بعوض تطبق أحكام الشريعة وبالأخص الفقه المالكي الذي جرى العمل به وأخذ قانون الأسرة أغلب أحكامه منه وهو يطبق على الهبة أحكام البيع في هذه الحالة .

       



      [1]-خليل أحمد حسن قدادة (الوحيز في شرح القانون المدني ) عقد البيع ،ج4 ،ديوان المطبوعات  الجامعية  ط03 ،سنة 2003 ،ص112 . -محمد أحمد تقية ،المرجع  ،ص243 .


  • Topic 6

    • الدرس السادس :الآثار التي تترتب على الهبة- التزامات الموهوب له

      أهداف الدرس:

      سنتعرض في هذا الدرس التزامات الموهوب له ، فبالرجوع إلى قانون الأسرة نجده لم يفرض أي التزام على الموهوب له ويبدو أن ذلك راجع إلى أن الأصل في الهبة أنها تبرع محض  ولذا فالتزام على الموهوب له بأي شيء مادام عقد الهبة عقدا ملزما لجانب واحد ولكن مع ذلك فقد يتفق كل من الواهب والموهوب له على أن يلتزم الموهوب له بنفقات عقد الهبة ونفقات  التسليم ،وإذا لم يتفق الطرفان على ذلك ،فيمكن أن يلزم الموهوب له بتحمل تلك النفقات على غرار ما يلتزم به المشتري قياسا على البيع وفقا ما تقضي به المادتان 393 -395 ق،م.

      الفرع الأول :الالتزام بأداء العوض

      يكون الالتزام بأداء العوض في هبة يشترط فيها الواهب على الموهوب له أن يلتزم بتقديم عوض مقابل مال الموهوب  ومثال ذلك ما نصت عليه فقرة الثانية من م202 ق الأسرة التي جاء فيها أنه يجوز الواهب أن يشترط على الموهوب له القيام بالتزام يتوقف على إنجاز الشرط استحقاق الهبة، ويستفاد من هذا النص أنه يجوز تعليق الهبة على شرط واقف  أو فاسخ يلتزم به الموهوب له ،فلا تكون الهبة نافذة إلا بتنفيذ الموهوب له هذا الشرط وقد يكون  العوض المشترط لمصلحة  الواهب أو للمصلحة العامة  على أن  يكون العوض أقل من قيمة المال الموهوب حتى يكون الفرق بين القيمتين هبة محضة فنصت م497 ق المدني المصري(يلتزم الموهوب بأداء ما اشترط عليه من عوض ،سواء اشترط هذا العوض لمصلحة الواهب أم لمصلحة أجنبي  أم المصلحة العامة .

      *جزاء الإخلال بالتزام الوفاء بالعوض:

      سبق أن تحدثنا على أن المشرع الجزائري أجاز للواهب بمقتضى الفقرة2 من م 202 أن يشرط على الموهوب له القيام بإلتزام بتعهد بالوفاء به فمثلا إذا اشترط الواهب على الموهوب له عوضا عما وهبه لمصلحته لنقصها هذا العوض يتمثل في أن الموهوب له قبل أن يدفع ديونا على الواهب مقابل الهبة وامتنع الموهوب له عن أداء ما إلتزم به من عوض فما هو الجزاء الذي يمكن أن يوقع على الموهوب له لعدم القيام بتنفيذ إلتزامه ؟هل المطالبة بالتنفيذ العيني أو القيام بطلب فسخ الهبة ؟ بالرجوع إلى ق الأسرة للجواب على ذلك نجده سكت على الجزاء ؟ وما يترتب عليه ولعدم النص على ذلك يتعين الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني لمعالجة هذا الموضوع وذلك وفقا لما تقضي به م 164 ق المدني وطبقا للقواعد العامة بهذا الشأن وبناءا على ذلك فالواهب له الحق المطالبة بالتنفيذ العيني ومن بعده ورثته سواء كان العرض مشترط لمصلحه الواهب أو لمصلحة أجنبي أو لمصلحة عامة لأن الهبة بعوض عقد ملزم للجانبين يرد عليه الفسخ طبقا للقواعد المقررة في هذا الشأن ولكن يستطيع الموهوب له الوفاء بالعوض عينا إن كان ممكنا وللأجنبي كذلك أن يطالب بالتنفيذ وفقا لأحكام الاشتراط لمصلحة الغير ،لأنه هو المستفيد  وله حق مباشر ،أما المصلحة العامة فيمثلها الواهب طول حياته وهو الذي ينوب عنها في المطالبة بالتنفيذ ،فإن مات تولت السلطة المختصة ذلك ولها المطالبة  بفسخ الهبة وحدها دون غيرها.

      أما الأجنبي والمصلحة العامة فليس لها لهما إلا المطالبة بالتنفيذ والواهب بطالب بالفسخ هو ورثته من بعده إن كان العوض لمصلحته ،وله هو دون ورثته هذا الحق إذا كان العوض لمصلحة عامة لأن ورثته سوف يؤثرون غالبا مصلحتهم  في هذه الحالة .

      أما بمحض العوض  لمصلحه الأجنبي فلا يجوز للواهب المطالبة بفسخ عقد الهبة ولا يبقى إلا التنفيذ  بطلب الواهب أو الأجنبي.

      الفرع الثاني:الالتزام بنفقات الهبة

      الأصل أن تكون نفقات الهبة على الموهوب له وذلك باعتبار ألا يجمع الواهب بين التجرد من ماله دون مقابل وببن تحميله مصروفات نقل الأموال الموهوبة ونفقات التسليم ذلك تفسير للهبة في أضيق حدودها ولكن يجوز الإتفاق على أن تكون هذه النفقات على الواهب ولكن الغالب في الهبة المحضة أن يكون الواهب قد أراد أيضا أن يتحمل هذه النفقات بنقل المال الموهوب إلى الموهوب له خالصا من كل تكاليف ومن أيه نفقة أو مصروفات ولذلك يجوز الاتفاق على أن يتحمل الواهب مصروفات العقد ونفقات تسليم  المال الموهوب [1]

       



      -محمد بن أحمد تقية ،(دراسة عن الهبة في ق،أ،ج مقارنة بأحكام الشريعة اٌلإسلامية والقانون المقارن ،ص255 ،ص256 .[1]


  • Topic 7