صعوبات البحث العلمي:
تختلف صعوبات أو عقبات البحث العلمي بين العلوم الاجتماعية وبين العلوم الطبيعية، فالأولى تدرس السوك البشري، والذي يتأثر بالعديد من الجوانب كالعواطف والأحاسيس، والذهنيات والطبيعة الفكرية للمجتمع، وتتميز بالمرونة والتغير المستمر وعدم الثبات ونتائجها نسبية وغير مضبوطة بدقة، لأنها لا تحكمها قوانين ثابتة ومعايير قياس دقيقة، وعليه فإن الصعوبات التي تواجه البحوث في العلوم الاجتماعية عديدة وأكثر صعوبة منها في البحوث العلمية في العلوم الطبيعية التي تدرس لغة الأرقام، والتي تتحكم فيها قوانين ثابتة مهما تغير الزمان أو المكان، فهي أكثر دقة وأقل صعوبات.
وتتمثل الصعوبات التي تواجه البحث العلمي في العلوم الاجتماعية في التالي:
تعقد الظواهر الاجتماعية: بما أن البحوث العلمية في العلوم الاجتماعية تدرس الإنسان وسلوكه البشري وفي ظل التنوع القافي والاجتماعي للمجتمعات فإنه من الصعب على الباحث دراسة المواضيع الاجتماعية بالدقة المطلوبة، خاصة وأن الظاهرة الاجتماعية تتميز بالتنوع والتشابك والتغير المستمر، ولا توجد معايير وقوانين دقيقة تقاس بها بشكل ثابت، فهناك نجد بعض المجتمعات معقدة في تركيبتها العرقية والدينية والثقافية واللغوية مثل المجتمع الصيني والهندي، بالإضافة إلى التشابك والتعقد الموجود في أنظمتها السياسية والإدارية والاقتصادية.
فقدان التجانس في الظواهر الاجتماعية: ويقصد بهذه الصعوبة عدم وجود تشابه تام للأفراد في الظاهرة الاجتماعية المدروسة، فقد يغلب على مجتمع معين طابع معين لكن نجد فيه اختلافات كبيرة بين أفراده، فرغم التشابه بين العديد من الأفراد إلا أن هناك اختلاف كبير بين شخصية وسلوك وأخلاق معظم الأفراد، وبالتالي من الصعب جدا التوصل إلى نتائج بحثية يمكن تعميمها بشكل دقيق على مختلف أفراد الظاهرة المدروسة، كما لا يمكن تحديد أو ضبط قواعد عامة معينة تطبق على الجميع.
صعوبة استخدام الطرق المخبرية: رغم إمكانية إخضاع معظم الظواهر أو القضايا الاجتماعية للدراسة والبحث في المخابر العلمية البحثية، لكن لا يمكن قياسها بشكل دقيق وثابت، فالإنسان الواحد يعيش تقلبات نفسية ومادية مستمرة، بالإضافة إلى تعدد المشاكل الاجتماعية وتطور بعضها إلى قضايا مجتمعية لها تأثير وصدى كبير أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، ومنها ما يدرج ضمن القضايا العالمية مثل الفقر والهجرة غير الشرعية والجريمة، فهناك قضايا لا يستطيع الباحثين إخضاعها إلى الاختبارات المخبرية، ومنه فإن نتائجها نسبية وصعبة الاختبار والتعميم.
التحيز والميول الشخصي: تعد البيئة التي يعيش فيها الباحث عنصرا فعالا في التأثير على نتائج بحثه العلمي، فالباحث رغم تحليه بالموضوعية في العديد من المواضيع العلمية إلا أنه قد لا يتحلى بها في مواضيع علمية أخرى، فالإنسان تتحكم فيه العديد من القيم الاجتماعية والسياسية، فسلوكياته وميولاته وقراراته هي نتيجته قيمه المجتمعية المكتسبة، والتي تؤثر بشكل مباشر على انحاز البحث العلمي، وهذا ما جعل المجتمع يصدر أحكاما على الباحث العلمي تصنفه ضمن جهة أو أيديولوجية معينة.